أحدث المقالات
لم يتوقف الهجوم على السيد كمال الحيدري -حفظه الله- منذ شهر رمضان في العام الماضي، رغم أنه تجدد في شهر رمضان لهذا العام بحدة أكبر، فالعديد من المشائخ ورجال الدين بعدما كانوا يُجلونه ويقرون بمكانته العلمية الرفيعة أضحوا الآن يهاجمونه ويتهمونه في نيته، ويشككون في علمه وفي ذمته، وكل ذلك بسبب أنه اتجه للنقد الذاتي (النقد الداخلي الشيعي الشيعي) بعدما كان نقده خارجياً (موجهاً للآخرين من خارج المذهب)، وهذا النقد الداخلي -إن صح التعبير- لا يروق للكثير من رجال الدين مما سبب له الكثير من المشاكل.

ومن هؤلاء الذين لم يرق لهم كلام السيد الحيدري –حفظه الله- الشيخ علي الدهنين (الأحسائي)، فهو الآخر بعدما كان يثني على السيد الحيدري وعلى تمكنه وسعة علمه ومعرفته، وبعدما كان أيضاً يصفه (بالأستاذ) أخذ يكيل له التهم وينصح بمقاطعته وبعدم الإصغاء له، لأن في غيره غني وكفاية كما يقول[1]. وليس مشكلتي مع هؤلاء ومنهم الشيخ الدهنين أنهم ينقدون السيد الحيدري؛ فهذا الأمر نريده ونطالب به ونفرح بوجوده، لأنه يدل على فعالية المجتمع وحركيته وعدم جموده أمام الأفكار والرؤى التي تعرض عليه، ولكن المشكلة هي في التعدي على حرمة الأشخاص ومهاجمتهم والتحريض عليهم، ومحاولة إسقاطهم، بدلاً من نقدهم والحوار معهم بمنهجية علمية رزينة ومحكمة.

ولهذا سيكون لي عدة وقفات مع الشيخ الدهنين في محاضرته التي تعرض فيها للسيد الحيدري، والتي انتشرت عبر وسائل الاتصال الحديثة بعنوان: ((دور المرجعية وأهميتها وشؤونها))[2]، لأنني أختلف مع الشيخ –هداه الله- فيها، وبالخصوص من ناحية الأسلوب والطريقة واللهجة المستخدمة.

مع الشيخ علي الدهنين في محاضرته حول المرجعية الدينية

تحدث الشيخ علي الدهنين في هذه المحاضرة عن ثلاثة مطالب:

· المطلب الأول: تحدث فيه عن شهادة الحمزة رضوان الله عليه.
· المطلب الثاني: تحدث حول مرور ذكرى هدم قبور أئمة البقيع (ع).

· المطلب الثالث: تحدث حول ذكرى وفاة السفير الرابع وانتهاء الغيبة الصغرى وبداية الغيبة الكبرى. وفي هذه النقطة بالتحديد تحدث الشيخ الدهنين بشيء من التفصيل، لأنها كما يبدو المحور الرئيس في محاضرته، حيث جاء في حديثه قوله ما يلي: ((ينبغي أن نعرف أهمية المرجعية بوقوع الغيبة الكبرى، فبوفاة السمري أذن الله بوقوع الغيبة الكبرى والدور فيها –أي في الغيبة- يكون للمراجع العظام، المراجع الذين نصبهم الإمام الحجة (ع) في الحديث المروي عنه: "وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله")).

ومن ثم علق الشيخ الدهنين على هذا الحديث بقوله: ((هذه أساس المرجعية منصب خبروي جعله الأئمة الأطهار –(الصادق، الباقر)- يقول الإمام لأبان اجلس في مسجد المدينة وأفتي الناس فإني أحب أن يرى في شيعتي مثلك، فتصدى أصحاب الأئمة للمرجعية. أبان، يونس بن عبدالرحمن، زكريا ابن آدم الذي عبر عنه الإمام (ع) بالمأمون على الدين والدنيا والحلال والحرام)).
ماهي المناصب التي جعلها الأئمة للفقيه؟!

بعد طرحه لهذا السؤال ذكر الشيخ علي الدهنين ثلاثة مناصب وهي:

1. منصب الإفتاء: وقال: ((الفقيه الجامع للشرائط يحق له أن يفتي ويقول هذا حلال وهذا حرام)).
2. منصب القضاء: وقال فيه: ((بل الروايات أكدت أنه لا يجوز الترافع لغيرهم، لغير من نصبهم الأئمة (ع)، لا في حلال ولا في حرام، الترافع يكون للفقهاء)).
3. منصب الولاية: وقال فيه: ((يقول الإمام الصادق (ع): "فإني جعلته عليكم حاكماً"، ولهذا الفقهاء كلهم يؤمنون بولاية الفقيه، ولكن يختلفون في سعتها وضيقها، بعضهم يراها واسعة، وبعضهم متوسطة، وبعضهم شوي –قليل- ضيقة، وإلا فالكل يرى الولاية)).

المناقشة:

السؤال هنا: إذا كانت هذه المناصب الثلاث ثابتة للمراجع بأجمعهم، فلماذا لم يعلق الشيخ الدهنين على كلام السيد الخوئي الذي نقله السيد الحيدري، وبالأخص وهو بصدد الرد عليه؟! حيث أن السيد الحيدري قد شرح اتجاهين للمرجعية الدينية، وعند ذكره للإتجاه الأول قال: ((الإتجاه الذي يرى أن دور المراجع هو أن يصدروا رسالة عملية، وكل دورهم يتلخص في الرسالة، فإذا اصدروا رسالة عملية انتهى دورهم)).

وبعدها ذكر السيد الحيدري شاهداً على كلامه هو ما ذُكر في كتاب التنقيح في شرح العروة الوثقى، وهو تقرير لأبحاث آية الله العظمى السيد الخوئي رحمه الله، تأليف الحجة الميرزا علي الغروي التبريزي الجزء الأول، ص 234 حيث يقول السيد الخوئي رحمه الله فيه، وهو يريد أن يبين دور علماء الدين والمراجع الدينية في عصر الغيبة كما يقول السيد الحيدري: ((أن الولاية لم تثبت للفقيه في عصر الغيبة بدليل، وإنما هي مختصة بالنبي والأئمة عليهم السلام، بل الثابت حسبما يستفاد من الروايات أمران: نفوذ قضائه وحجية فتواه…)).

وكذلك ما نقله السيد الحيدري عن السيد الخوئي أيضاً بقوله في كتاب مستند العروة الوثقى- كتاب الصوم ج2 ص 88: ((وملخص الكلام في المقام ان اعطاء الإمام عليه السلام منصب القضاء للعلماء أو غيرهم لم يثبت …))[3]. أي حتى القضاء هنا ينفيه السيد الخوئي بحسب ما نقله السيد الحيدري، فإذا كان كذلك، فلماذا لم يعلق الشيخ الدهنين على ما أورده السيد الحيدري عن السيد الخوئي؟! هل ما نقله صحيح أم خاطئ؟ ! وإذا كان نقله –أي السيد الحيدري- وفهمه صحيح، فلماذا يذكر الشيخ الدهنين ما يسميه بمناصب الفقهاء، وكأنها أمور متفق عليها بين جميع الفقهاء؟ ! أما إذا كان نقله أو فهمه خاطئ، فلماذا تجاهل الشيخ الدهنين هذه النقطة ولم يرد عليها؟! فنحن في الحالتين نحتاج لإجابة الشيخ الدهنين !

ويواصل الشيخ الدهنين حديثه قائلاً: ((أقول المرجعية التي جعلها الأئمة (ع) هي صمام أمان المذهب، والتفاف الشيعة حول المراجع العظام هو صمام أمان. لماذا؟ أولاً: لأن المرجعية أساسها الأئمة (ع). ثانياً: من صفات المرجعية التي عند الشيعة هي الإستقلالية، تراهم –يعني المراجع- مستقلين لا يخضعون لحكام أينما كانوا، والمرجع عندنا ما عنده جنسية، ما نقول يشترط أن يكون أحسائياً أو عراقياً أو إيرانياً، كل من كان جامعاً للشرائط المعتبرة يقلد سواءً كان إيرانياً أو كان عراقياً أو أحسائياً)).

ويضيف بقوله: ((مرت فترة على الأحساء فيها مراجع، فالمراجع هم مستقلون، ولهذا فالمرجعية الموجودة عند الشيعة ليست موجودة عند غير الشيعة، قرأت أنا عن اليهود والنصارى ما عدهم، يعني علماء الدين الذي عندهم يتأثرون بالحُكام، ورجل الدين يمثل موظف ما عنده قدرة على أن يصنع القرار إذا كان يصطدم مع الحُكام، وكذلك المسلمون غير الشيعة ما عدهم كلهم هالمرجعية، فالمرجعية بهذا الترتيب من مختصات المذهب الشيعي، والمرجع هو الذي يصنع القرار في الحلال والحرام وفي المواقف السياسية)).

المناقشة:

ذكر الشيخ الدهنين أن المرجع هو الذي يصنع القرار في الحلال والحرام وفي المواقف السياسية، ولا أدري هل أن الشيخ هنا ملتفت إلى دلالة كلامه هذا أم لا؟ لأن هناك فرقاً بين صنع القرار وإتخاذ القرار، فهما ليسا مصلحين مترادفين كما يظن البعض، ففي العلوم الإدارية تستخدم مفردة صناعة القرار في حال الإشارة إلى الإجراءات والأنشطة المرتبطة بتشخيص المشكلة أو الموقف وجمع البيانات وتطوير البدائل وتقييم هذه البدائل والتوصية بأفضلها. أما اتخاذ القرار فهي العملية التي يقوم بها الشخص لتقييم البدائل واختيار أفضلها وتنفيذه وتقييمه، فهل يمكن أن نقول بأن جميع مراجعنا الدينية يصنعون القرارات بهذا المعنى؟!.. هذا أولاً. وثانياً: هل المراجع الذين يصنعون القرارات (بمعنى تشخيص المشكلة أو الموقف وجمع البيانات وإيجاد البدائل وتقييمها) يصنعونها أيضاً في المواقف السياسية؟! وإذا كانوا يصنعونها في المواقف السياسية، فهل يصنعونها في كل المواقف السياسية أو في بعضها؟! إن هذا الكلام يحتاج إلى تأمل وتحقيق وإثبات وتفصيل!!

ويواصل الشيخ الدهنين كلامه السابق ويقول: ((ولهذا الأعداد أعداء التشيع سواءً كانوا مسلمين أو غير مسلمين عندما يأتون يحاربون التشيع وين يحاربون؟ أين يوجهون ضرباتهم؟ على مكمن القوة عند الشيعة، ومكمن القوة وين تحصله؟ في الشعائر الحسينية وفي المرجعية الدينية، فيأتون للشعائر فـيقولون أشفيكم يا شيعة؟ الحسين له ألف سنة من مات ولا تزالون تبكون وتلطمون على الصدور، هذه ظاهرة مو حضارية، وهذا الكلام إلي كل يوم تسمعه، ولكن الحمد لله الشيعة تبعاً للمراجع مصرين على تعظيمه، وعندهم إصرار لأنهم أدركوا أن استمرار المذهب بالمحافظة على الشعائر الحسينية)).

ويتابع حديثه بقوله: ((والضربة الثانية التي يوجهونها العدوان على المرجعية (لماذا؟) لأنه إذا أمكن أن يضرب هذا النظام ويفصل بين الشيعة والمراجع ووجدت الفجوة بين الشيعة والمراجع أبداً يصل الأعداء إلى هدفهم. نعم، لإيجاد الفجوة ويصير انفصال فيبقى الشيعة محتارين وما يدرون وش يسوون ما يدرون، فيتصلون على هذا، ويتصلون على هذا، ويتصلون على هذا، ما فيه مركزية في القرار، ما يصير مركزية، وتصير حيرة وضيعة، ويذوب المذهب ويذوب الشيعة. عرفتوا الخطر وين، فالمرجعية صمام أمام وعندنا خط أحمر، وما نقبل من أي أحد أن يتجاوز المراجع أو أن يقدح في المراجع)).

المناقشة:

أولاً: إن الشيخ الدهنين بقوله: ((ولكن الحمد لله الشيعة تبعاً للمراجع مصرين على تعظيمه -يعني الشعائر الحسينية أو الحسين (ع)-)) قد أعطى معنى سلبي للتقليد، لأنه ينبغي أن يكون عند الشيعة قناعة ذاتية بالأدلة والبراهين على ما يفعلونه وما يعتقدونه، لا أنهم يتبعون مراجعهم بهذه الكيفية حتى في الشعائر أو العقائد أو غيرها، لأن هذا المعنى كما أرى هو أحد المعاني السلبية للتقليد، وهو الإتباع من غير بصيرة وعلم، وهذا منهي عنه في الروايات، فلقد جاء في شرح قوله تعالى: ((إتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله))، أنه قال (ص): «إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً إستحلوه وإذا حرموا عليهم شيئاً حرّموه»، إذ أن الرواية تشير إلى الطاعة العمياء دون وعي وعلم، والتقليد بالكيفية التي ذكرها الشيخ الدهنين ليس ببعيد عن ذلك.

ثانياً: المبالغة في قوله: ((فيبقى الشيعة محتارين، وما يدرون وش يسوون، ما يدرون، فيتصلون على هذا، ويتصلون على هذا، ويتصلون على هذا، ما فيه مركزية في القرار ما يصير مركزية وتصير حيرة وضيعة ويذوب المذهب ويذوب الشيعة)).

لا بد أن نبني الفرد الشيعي بالإعتماد على نفسه من خلال الأدلة والبراهين لا بالإعتماد على التقليد السلبي بهذه الطريقة كما قلنا آنفا، لأن التقليد بهذه الصورة منهي عنه في الروايات، ولدى الكثر من العلماء، ومنهم الشيخ الطوسي (شيخ الطائفة)، وذلك في كتابه تلخيص الشافي، حيث يقول: «إن العامي لا يجوز أن يقلّد غيره، بل يلزمه أن يطلب العلم من الجهة التي تؤدي إلى العلم»، وغيره من الأعلام الآخرين[4].

ثالثاً: في قوله: ((المرجعية صمام أمام وعندنا خط أحمر)). عن أي مرجعية يتكلم الشيخ الدهنين؟! فهو من أبرز الشخصيات التي تمارس التهجم والتحريض على بعض المرجعيات الدينية، تارة بحجة التشكيك بأصل اجتهادها وكفائتها العلمية، وتارة بحجة إنحرافها وضلالها، وتارة بحجة عدم ثبوت أعلميتها، فالشيخ له تاريخ طويل في الوقوف ضد بعض المرجعيات الدينية، فكيف يقول بأن المرجعية عنده خط أحمر؟! لقد كان ينبغي عليه أن يقول رأيه بصراحة ويبين من هؤلاء المراجع الذي يعترف بهم والذين هم عنده خط أحمر، وعليه بعدها أن يستثني الباقي، لأنه يعلم عن وجود تهجمات على بعض المراجع الدينيين الذين لا يميل إليهم ومع ذلك لا نراه يتكلم، وكمثال على كلامنا هذا نذكر كتاب الجنازة الماسونية في تشييع وتأبين السيد محمد حسين فضل الله رحمه الله لكاتبه المدعو محمد كاظم الغزوي، والذي أساء فيه للعديد من المراجع بأقبح الكلمات، منهم: السيد علي الخامنائي، والشيخ ناصر مكارم شيرازي، والشيخ يوسف الصانعي وغيرهم من العلماء والمراجع، ومع ذلك نجد أن الشيخ الدهنين لم يستنكر ولم يبين استياءه من هذا الكتاب وصاحبه؟!

الشيخ علي الدهنين وحديثه عن نظام المرجعية:

ويتحدث الشيخ الدهنين عن نظام المرجعية قائلاً: ((وهالنظام –المرجعية- الائمة (ع) هم من وضعوا مواصفاته)). ثم يعدد هذه المواصفات التي وضعها الأئمة بحسب قوله: ((عليك باختيار الفقيه، العادل، المأمون على الحلال والحرام، المعرض عن الدنيا. (إذا رأيتم الفقيه مكباً على الدنيا فاتهموه في دينكم) ..

بعدها يقول: ((نحن ينبغي أن نأخذ هذه المواصفات من الأئمة ولا نزيد فيها ولا ننقص (ما نزيد ولا ننقص) بعضهم نقص شرط الأعلم. لا، ما يجوز الأخذ بها مهم جداً، وهو أحوط للدين (الاحوط للدين الأخذ بالأعلمية) ومنصوصة في بعض الروايات على بعض المباني كما يختار السيد السيستاني -الله يحفظه- في قول الإمام: "خد بقول الأفقه حين التعارض"، "حين تعارض الأقوال خذ بقول الأفقه" هذا شرط من الأئمة (ع)، والعقل يدركه ويقول هو الأحوط، ولا شك ولا ريب في ذلك)).

ويقول: ((ولا يجوز نزيد –يقصد على شروط المرجعية ومواصفاتها- كـ يشترط أن يكون فيلسوفاً، يشترط أن يكون كيت وكيت، هذه مالها شغل.. هذه الشروط التي سمعتموها ما أنزل الله بها من سلطان (غير صحيحة)، وهي في ضرب المرجعية، وفي فصل الشيعة عن المراجع، فشروط المرجعية معروفه وضعها الأئمة الأطهار سلام الله عليهم، والآن بها كم؟ من بدأ الغيبة الصغرى إلى الآن أكثر من ألف سنة (ألف سنة تقريباً ومئة) والمراجع الحمد لله يقظون وليسوا نائمين، نعم ويسهرون على مصالح الشيعة والتشيع، ويضحون بأموالهم وأولادهم وبأوقاتهم الثمينة)).

ويقول أيضاً: ((مراجعنا العظام لهم سيرة عظيمة تكشف عن مدى اهتمامهم بالمؤمنين مو أنه بس بكتب الرسالة ويروح ينام. يكتب الرسالة ويروح ينام ! يعني في الحوزة يقعد يطبع منهاج الصالحين أربعة ويروح ينام! يعني ما يهتم بشأن الشيعة ! مو صحيح علماؤنا مهتمون جداً)).

المناقشة:

أولاً: كيف يقول الشيخ الدهنين بأن المرجعية عنده خط أحمر، وهو يسيء هنا لبعض العلماء والمراجع؟! وذلك في قوله: ((ينبغي أن نأخذ هذه المواصفات من الأئمة ولا نزيد فيها ولا ننقص (ما نزيد ولا ننقص) بعضهم نقص شرط الأعلم. لا، ما يجوز الأخذ بها مهم جداً، وهو أحوط للدين)).

السؤال: هل كل مراجعنا وعلمائنا يرون بضرورة تقليد الأعلم؟! كيف يقول الشيخ الدهنين بأن تنقيص شرط الأعلم لا يجوز لأنها الأحوط للدين مع أن هناك علماء ومراجع لا ترى ذلك؟ هل هؤلاء المراجع والعلماء الذين لا يرون وجوب تقليد الأعلم قد فعلوا المحرم وتركوا الإحتياط لدينهم؟ ! وهل يمكن أن نقول بأنهم لم يأخذوا بقول الأئمة (ع) وبأنهم أنقصوا أو حذفوا ؟! استغفر الله .. إن كون الشيخ الدهنين يؤمن بضرورة تقليد الأعلم لا يبرر له أن يقول مثل هذا الكلام، فهناك من علمائنا من لا يرى ذلك، وفي ذلك يقول الشيخ محمد مهدي شمس الدين: «القول المشهور باشتراط أعلمية الفقيه، فقيه التقليد، هو قول مشهور عند متأخري المتأخرين، وأكاد أقول عند المعاصرين، وهو قول موافق للإحتياط لمن استطاع. لا أقول هو قول لا قيمة له من الناحية العملية، ولكنه قد يكون غير مستطاع وهذا بحث آخر. يوجد ارتباط غير واع بين مصطلح مرجع أعلى الذي اخترعناه نحن، وبين وجوب تقليد الأعلم. نحن لا نرى أساساً لهذا الربط على الإطلاق. اشتراط وجوب الأعلمية في الفقيه الذي هو قول فقهي محترم ومشهور عند متأخري المتأخرين أمر آخر غير ما اخترعناه من مصطلح مرجع أعلى»[5]. فالمشكلة ليست في تقليد الأعلم، وإنما هي في كيفية تشخيصه والوصول إليه، وهناك تساؤلات وإشكالات كثيرة حول هذا الأمر، ولكن ليس هاهنا محل الحديث عنها.

ثانياً: الإتهام ومحاولة التحريض: نرى في كلام الشيخ الدهنين إتهام صريح ومحاولة للتحريض على السيد كمال الحيدري وذلك في قوله: ((ولا يجوز نزيد –يقصد على شروط المرجعية ومواصفاتها- كـ شرط أن يكون فيلسوفاً، يشترط أن يكون كيت وكيت، هذه مالها شغل.. هذه الشروط التي سمعتموها ما أنزل الله بها من سلطان (غير صحيحة)، وهي في ضرب المرجعية وفي فصل الشيعة عن المراجع، فشروط المرجعية معروفه وضعها الأئمة الأطهار سلام الله عليهم)). فهو في هذا المقطع وجه اتهامين للسيد الحيدري وهما:

· أنه يزيد في شروط المرجعية الدينية على ما وضعه الأئمة (ع) من شروط ومواصفات، منها قوله: أن يكون فيلسوفاً، وهذا ما أنزل الله بها من سلطان كما يقول الشيخ الدهنين.
· أنه يرى رأي السيد الحيدري لضرب المرجعية الدينية ولفصل الشيعة عن المراجع.

وهذا في الحقيقة تجني على السيد كمال الحيدري، فالسيد قد أشار في بداية حديثه قائلاً: ((لا يزاود علي أحدٌ أنك تريد أن تضعف الحوزات والمرجعيات الدينية والمؤسسات الدينية، لا أبداً لأني أعتقد بنفسي أني ثمة صغيرة من ثمرات هذه المؤسسات الدينية، فاليكن في علم الأعزة، أنني أعتقد بأن المؤسسات الدينية والحوزات العلمية تشكل هوية التشيع، لأني أعتقد بأن أئمة أهل البيت (ع) هم الذين هندسوا للارتباط بهم عن طريق المؤسسة الدينية… أعزائي لا يتبادر إلى ذهن احد أني بصدد تضعيف المؤسسة الدينية أو المرجعية الدينية. أتكلم في المفهوم، ولا أتكلم في الأشخاص. لماذا؟ لأني أعتقد بأن أهم رابط يربط الشيعة في عصر الغيبة بالإمام الثاني عشر إنما هي المؤسسة الدينية)).

ويواصل كلامه متسائلاً: ((إذاً هذا الحديث لماذا؟ الجواب هذا من قبيل النقد الذاتي والنقد الداخلي الذي هو للإثراء وللنظر إذا كانت هناك نواقص، فإذا كانت هناك إشكاليات لابد أن نصلح نحن تلك الإشكاليات، لا أن يأتي شخص من الخارج ليصلحها)). إذاً كان كلام السيد الحيدري للإثراء وللنظر ولإصلاح النواقص كما يقول وليس لضرب المرجعية الدينية كما يقول الشيخ الدهنين، بالإضافة إلى أن السيد الحيدري يرى بضرورة الفلسفة والعرفان لفهم النص الديني وليس ليكونا بديلاً عنه، فهو يرى أن الفلسفة والعرفان من الأدوات الأساسية لفهم النص الديني، ولقد تكلمنا عن ذلك بالتفصيل في مقال سابق[6].

ثالثاً: تحريف الكلام عن مواضعه: والأمر الآخر الذي وقع فيه الشيخ الدهنين هو تحريف كلام السيد الحيدري عن مواضعه، وذلك بمحاولة جعل كلامه ضد علماء محددين ومعروفين مع أن السيد أكد في مستهل حديثه أنه لا يقصد أحداً بعينه، وكرر ذلك خلال حلقة برنامجه الأخيرة رقم 25 في شهر رمضان أكثر من مرة، ومما جاء في حديثه قوله: ((أن الكلام ليس موجهاً إلى شخص أو أشخاص معينين، بالكم وإياكم.. يحاول البعض أن يقول أن السيد الحيدري يوجه كلامه إلى شخص أو أشخاص بعينهم، أبداً الأشخاص والشخوص لهم إحترامهم الخاص، الرموز الدينية لها إحترامها… إنما الكلام موجه إلى القراءة، إلى الفهم، إلى النظرية التي يقدمها المراجع الدينية في عصر الغيبة الكبرى. إذن القضية مربوطة بماذا؟ بالمفهوم، مربوطة بالقراءة، وليس مربوطة بالأشخاص)). ومع ذلك نجد الشيخ الدهنين يذكر بعض العلماء، ويحاول الإيحاء بأن السيد الحيدري كان يقصدهم دون غيرهم كما سنرى ذلك فيما سيأتي.

مهما يكن، فإنه الشيخ الدهنين بعد الذي ذكره في السابق ذكر بعض نشاطات السيد السيستاني حفظه الله والسيد الخوئي -رحمه الله- وذكر أن السيد الخوئي كانت له مواقف سياسية، وذكر مثال عليها، وذكر بعدها قضية التنباك وقال: ((هذا ناتج من قوة إلتفاف الشيعة حول مراجعهم، ويدل على أن مراجعنا غير نائمين)).

بعدها تكلم عن السيد السيستاني ومقتدى كما عبر، وتحدث عن أزمة العراق بعد تفجير قبة الإمامين العسكريين (ع)، وقال متسائلاً: ((من هدأ الشعب العراقي عن قتل السنة، لولاه –يقصد السيد السيستاني حفظه الله-لكانت العراق تعيش الفتن الطائفية. من الذي هدأ هذا الهيجان؟ المراجع الأربعة الراقدين، الراقدين في فراشهم، والله العظيم هذا كلام لا يرضاه صاحب الزمان، لا يرضاه صاحب العصر والزمان، هذا هتك لمقام المرجعية، هتك عظيم)).

وبعد ذكره لهذه الأمثلة قال الشيخ الدهنين: ((هذا بس أكل ونوم، هذا مو صحيح هذا الذي تسمعون فيه، صار فيه هتك للمرجعية ويجب أن تتخذوا موقفاً، وتتأثرون ولو تراسلون هذه القناة الفضائية التي تتيح –لهؤلاء- لهذا الشخص الذي يهتك المراجع، وتقولون نحن نستنكر ما صدر، هذا ما يضرك أن ترسل للقناة نحن نستنكر ما صدر من هتك للمراجع العظام. نعم، والمرجعية خط أحمر، أيه مطلوب منكم موقف، مطلوب منكم موقف وأن لا تصغوا لهذا الشخص وفي غيره غنى وكفاية، لأن المرجعية عندنا خط أحمر وهي صمام الأمان وأكبر نعمة)).

المناقشة:

أولاً: استغلال الهفوات: ذكر السيد الحيدري في كلامه عبارة يروح ينام، وهذه العبارة وإن كنت لا أتفق مع السيد في استخدامه لها وأخطأه فيها، ولكنه استخدمها وكان يقصد منها –كما أعتقد- معنى آخر غير ما وظفها الشيخ الدهنين لأجله، فالسيد الحيدري كما هو واضح من كلامه كان يقصد بها الإشارة إلى أن هناك إتجاه من المراجع لا يرون لهم واجبات ولا مسؤوليات شرعية إلا إصدار الفتاوى، بمعنى أنهم حتى لو تركوا المجتمع والقضايا السياسية وانعزلوا، فإنهم يرون بأنهم غير مسؤولين عن ذلك مسؤولية شرعية، وبأنهم غير مأثومين شرعاً عليه، إذ لا يتوجب عليهم أي دور سوى إصدار الفتوى ((الرسالة العملية))، أي مسؤوليتهم وواجباتهم ودورهم الواجب عليهم في الأمة هو هذا فقط، أما غير ذلك فسواءً عملوا به أم لم يعملوا فإنهم غير مأثومين عليه.

وشاهدي على كلامي أن السيد الحيدري وبعد طرحه لهذا السؤال: ما هو دور المراجع الدينية في عصر الغيبة الكبرى؟ أجاب بقوله: ((هذا يحدده الإتجاه الذي يتبناه، فإذا كان المرجع الديني يتبنى الإتجاه الأول يكتب الرسالة العملية ويذهب إلى البيت وينام. خلاص ما عنده دور آخر، لا لأنه واقعاً لا يعمل بمسؤوليته، لا لأنه يعتقد بأنه لا توجد عنده مسؤولية)). "دليله أوصله إلى هذا". ويردف قائلاً: ((لذا نحن قلنا بالأمس لابد أن نحترم الآخر، بيني وبين الله أنا لست بصدد لا سمح الله الازدراء بالآخر أو التنقيص من الآخر أو الإستهزاء بالآخر أو.. أو …أو …)). إلى آخر كلامه، وهذا يدلل على ما قلناه من أنه كان يقصد بأنهم يعتقدون بأنه لا مسؤولية ولا دور واجب عليهم وجوباً شرعياً تجاه الأمة غير إصدار الفتاوى.

أما الشيخ الدهنين فاستخدم عبارة "يذهب إلى البيت وينام" وكررها ووظفها على نحو آخر، أي عرضها وكأنه يريد أن يقول بأن قائلها –السيد الحيدري- يريد أن يقول بأن مراجعنا يكتبون الرسالة العملية، ولا يحسون ولا يتحسسون آلام المجتمع ومعاناته، ولا يهتمون بقضاياه ومشاكله، ولا يقومون بأي دور أو مهمة أخرى، وهذا باعتقادي يختلف عن ما قصده السيد الحيدري كما أعتقد.

ثانياً: إن قول الشيخ الدهنين: ((والله العظيم هذا كلام لا يرضاه صاحب الزمان، لا يرضاه صاحب العصر والزمان، هذا هتك لمقام المرجعية، هتك عظيم)) خطير خطير!! ولا أدري هل كان كلام الشيخ الدهنين عن السيد الحيدري وتجنيه والتحريض عليه، وحرفه لكلامه عن مواضعه، وإساءته للظن به يرضى بها الإمام صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه؟!!

إن ما فعله الشيخ الدهنين هو إتهام وتحريض ومحاولة إسقاط للسيد الحيدري، وماذا تتوقعون من أنصار هذا الشيخ وبمن يثق به عندما يرونه منزعجاً أشد الإنزعاج، ويقسم بالله بأن كلام السيد الحيدري لا يرضاه صاحب العصر والزمان (ع)؟! بالله عليكم ما تظنون أن يفعل هؤلاء؟ وما تظنون أن يفكروا به نتيجة للمشاعر السلبية التي من الممكن أن يشعروا بها ضد السيد الحيدري نتيجة لهذا الكلام؟ وما هي الصورة الذهنية التي سوف تتكون في أذهانهم عنه؟ فضلاً عن الممارسات الأخرى التي من الممكن أن يفعلوها ضده تقرباً إلى الله سبحانه وتعالى. إن هذا المسألة تحل وتعالج بالنقاش والحوار، ولا تحل بمثل هذه الطريقة الهزيلة والمفلسة !

ثالثاً: إن كلام الشيخ الدهنين وقوله بأن كلام السيد الحيدري "صار فيه هتك للمرجعية" غير صحيح، لأن السيد الحيدري لم يقصد مراجع وعلماء محددين كما وضح ذلك في حديثه أكثر من مرة، ولهذا إن كان في هذا الكلام هتك للمرجعية فهو بسبب الشيخ الدهنين، فهو من هتك المرجعية، وحاول تطبيق كلام السيد الحيدري عليها، وكأنه غير واثق بانطباق الشروط والمواصفات التي بينها السيد الحيدري على المراجع.

رابعاً: قوله: ((هذا مو صحيح هذا الذي تسمعون فيه، صار فيه هتك للمرجعية، ويجب أن تتخذوا موقفاً، وتتأثرون ولو تراسلون هذه القناة الفضائية التي تتيح -لهؤلاء- لهذا الشخص الذي يهتك المراجع، وتقولون نحن نستنكر ما صدر)). وهنا نجد أن الشيخ الدهنين يقول مخاطباً الناس يجب أن تتخذوا موقفاً، ولا أدري هل يتكلم عن الوجوب بمعناه الشرعي أم الوجوب بمعنى آخر؟ ولكن من يسمعه وبالخصوص وهو رجل دين أول ما يتبادر إلى ذهنه أنه الوجوب بالمعنى الشرعي، فهل من لم يمتثل لأوامره ولم يتخذ موقفاً كما طالب يعد مأثوماً شرعاً؟!

خامساً: في قوله: ((مطلوب منكم موقف وأن لا تصغوا لهذا الشخص وفي غيره غنى وكفاية، لأن المرجعية عندنا خط أحمر وهي صمام الأمان وأكبر نعمة)). نجد هنا أن الشيخ الدهنين يطالب بعدم الإصغاء للسيد كمال الحيدري، لأن في غيره غنى وكفاية كما يقول، ولا ندري من هذا الغير الذي يقصده؟! والأمر الآخر، لماذا يطالب الشيخ الدهنين بعدم الإصغاء للسيد الحيدري؟ لقد كان من المفترض عليه، وإن كان يختلف معه في هذا الرأي أن لا يتكلم عنه بهذه اللهجة البعيدة كل البعد عن العقلانية والمنهجية العلمية، لأنه بهذا الكلام يمارس إسقاطاً لشخصية السيد الحيدري، ولا يمارس نقداً علمياً، وهذه هي الحقيقة سواءً شعر بها هذا الشيخ أم لم يشعر. وأما بالنسبة لقوله أن المرجعية خط احمر، فلقد علقنا على هذه المقولة من قبل ولا حاجة للإعادة ثانية.
كلمة أخيرة للشيخ الدهنين:
كان من المفترض على شخص مثل الشيخ علي الدهنين أن يناقش أطروحات السيد كمال الحيدري مناقشة علمية هادئة ومتزنة لا بهذه الطريقة العاطفية والانفعالية التي رأيناها، وكان ينبغي منه كذلك أن يحسن الظن به ولا يشكك في نواياه، ولا يحرف كلامه عن مواضعه، ولا يحمل كلامه أكثر مما يحتمل، فنحن وللأسف لاحظنا كيف مارس ذلك كله، فبدلاً من حمل كلام السيد الحيدري على أحسنه -كما تحث بعض الروايات الشريفة- حمله على أسوئه، واستخدم عبارات من قبيل: هذا ضرب للمرجعية، هذا هتك للمرجعية، هذا لا يرضاه الإمام الجحة (ع)، هذا زيادة لما وضعه الأئمة (ع)، هذه لم ينزل الله بها من سلطان، لا تصغوا لكلامه وفي غيره غنى وكفاية… وهكذا.

بالإضافة إلى ذلك، كان من المفترض من الشيخ الدهنين أيضاً مناقشة جميع الأفكار والأطروحات التي تناولها السيد الحيدري بشكل شمولي منظم، وبعيد عن العشوائية في الطرح، كما كان ينبغي منه تجنب الانتقائية واستغلال الهفوات، فمن يدقق في محاضرته يلاحظ جلياً كيف أنه أنتقى بعض عبارات السيد وترك عبارات أخرى لم يذكرها، وللأسف أنه لم ينتقي إلا تلك العبارات التي تثير الناس وتوجههم ضده، وهذا لعمري خطأ فادح وفاضح!

والغريب في الأمر أنه إذا انتقد أحد الأشخاص من غير رجال الدين بعض الأمور والظواهر والرؤى الدينية لدى رجال الدين، رُفض كلامه بحجة أنه ليس من المختصين، وإذا تكلم أحد المختصين كالسيد الحيدري وانتقد بعض تلك الأمور لم يقبل منه وقوبل بالتشكيك في علمه ونزاهته، وبالتحريض عليه وبمحاولة إسقاطه، فإنا لله وإنا إليه راجعون !

_____________________________________________________

[1] راجع نهاية محاضرة الشيخ علي الدهنين –بعنوان دور المرجعية وأهميتها وشؤونها على الرابط التالي:

http://www.youtube.com/watch?v=Ij_zJXRAuqI.
[2] راجع نفس المحاضرة السابقة.
[3] راجع حلقة السيد كمال الحيدري في الليلة 25 في شهر رمضان المبارك على الرابط التالي:
http://www.youtube.com/watch?v=DXzrnXcU68s

[4] لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع راجع كتاب الإجتهاد والتقليد والاتباع، تأليف يحيى محمد.
[5] راجع كتاب التجديد في الفكر الإسلامي للشيخ محمد مهدي شمس الدين ص48، دار المنهل اللبناني الطبعة الأولى 1997 – 1418.
[6] للمزيد من التفاصيل راجع مقالنا المُعنون بـ ((مع السيد كمال الحيدري في مشروعه للمرجعية الدينية)) والمنشور على شبكة راصد الإخبارية
http://rr9.webhop.net/artc.php?id=46136#a20

YouTube – Videos from this email

 
 
Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً