أحدث المقالات

د. السيد رضا مؤدّب(*)

د. حميد رضا يونسي(**)

ترجمة: السيد حسن مطر

مقدّمةٌ

من الموضوعات الهامة في أبحاث العلوم القرآنية موضوع «كيفية نزول القرآن الكريم» من حيث اللفظ أو المعنى، حيث توصَّل الدكتور عبد الكريم سروش ـ في نظرية «بسط التجربة النبوية»([1])، وبعد ذلك في لقاءٍ له بعنوان «كلام محمد»([2]) ـ إلى إحدى النظريات الجَدَلية في موضوع كيفية النزول. وتقول هذه النظرية في مضمونها: إن القرآن الكريم من حيث المعنى والمفهوم قد نزل من عند الله سبحانه وتعالى، وأما من حيث الألفاظ فقد تمّ تأليفه بمجهودٍ من النبيّ الأكرم|.

بَيْدَ أننا من خلال جولةٍ في الروايات نصل إلى رؤيةٍ مغايرة لما طرحه الدكتور سروش؛ فإن الروايات تقول صراحةً: إن القرآن قد نزل بلفظه ومعناه من عند الله سبحانه وتعالى، وإن النبي الأكرم| لم يكن سوى بشيرٍ ونذير، وإنه في هذه البشارة والإنذار قد نقل الآيات إلى الناس كما كانت في الأصل، ونزلت عليه من قِبَل الله سبحانه وتعالى.

ومن هنا فقد سعَيْنا في هذه الدراسة إلى نقد ومناقشة هذا الرأي، بالنظر إلى نصّ مقالة «بسط التجربة النبوية» ومقابلة «كلام محمد»، واستناداً إلى الأحاديث والروايات.

لقد سبق لكاتبَيْ هذه المقالة أن ردّا على هذه النظرية في دراسةٍ مستقلّة من خلال الأدلة القرآنية([3]). ولكنْ حيث تُعَدّ الروايات والأحاديث المأثورة عن النبيّ الأكرم| والأئمّة المعصومين^ أحد المستندات الهامّة والأساسية في أبحاث العلوم الإسلامية فقد تمّ السعي في هذه الدراسة إلى نقد نظرية بسط التجربة النبويّة استناداً إلى الروايات أيضاً.

نظريّة بسط التجربة النبويّة، قراءةٌ وتحليل للروايات النافية

إن كلّ مَنْ ينظر إلى أسلوب وطريقة القرآن الكريم بدقّةٍ يدرك أنه بألفاظه وعباراته وَحْي الله وكلامه، وأنه نازلٌ من عند الله سبحانه وتعالى، وأن النبيّ الأكرم| حاملٌ للوحي ومأمور بإبلاغه إلى الناس. وبالنظر إلى عصمة النبيّ الأكرم فإنه لم يكن له من دَوْرٍ سوى الوساطة في إبلاغ كلام الله سبحانه وتعالى، ولم تكن ألفاظ القرآن الكريم من تأليف النبيّ الأكرم. وسوف نأتي على إثبات مدَّعانا بأدلةٍ من الروايات؛ كي نثبت أحقِّية هذا المدَّعى، ونعتبر هذه النظرية مرفوضةً بالنظر إلى هذه الأدلة. ولكنْ قبل الدخول في هذه الأدلة سوف نأتي على ذكر بعض الأمور الكلِّية في نظرية الدكتور سروش في إطار التعريف.

إذا أرَدْنا أن نعمل على بيان جميع وجوه نظرية بسط التجربة النبوية في بيانٍ موجَزٍ، ويكون هذا البيان في الوقت نفسه جامعاً وكاملاً، فعلينا القول: إن رأي سروش يقول: إن النبيّ الأكرم| هو خالق الوحي بنحوٍ ما، بمعنى أن الذي يحصل عليه من قِبَل الله هو مضمون الوحي، وإن هذا المضمون لا يمكن عرضه على الناس بهذا الشكل؛ لأنه يفوق فهمهم، بل هو وراء الكلمات أيضاً. إن هذا الوحي يفتقر إلى الصورة، وإن مهمة النبيّ تتلخَّص في إضفاء الصورة على هذا المضمون؛ لكي يصبح قابلاً للعَرْض على الناس وجعله في متناول أيديهم. ومن هنا يقوم النبيّ كما يفعل الشاعر بنقل هذا الإلهام إلى لغةٍ يعرفها، وبأسلوبٍ يُتقنه، وبصُوَرٍ وعلوم يمتلكها، بحيث إن شخصيته أيضاً تلعب دَوْراً هامّاً في بلورة هذا النصّ؛ وإن لتاريخ حياته، وأبيه وأمّه ومرحلة طفولته، وحتّى حالاته الروحية، دَوْراً في القرآن، وهذا ما نشاهده عند قراءتنا للقرآن؛ إذ نجد النبيّ تارةً جَذِلاً وطروباً وفي غاية الفصاحة، وتارةً أخرى سئماً ويكون في بيان كلامه اعتيادياً وبسيطاً جدّاً. إن هذه الأمور بأجمعها قد تركَتْ تأثيرها على نصّ القرآن الكريم، وهذا يعكس البُعْد البشري من القرآن الكريم بشكلٍ كامل.

وفي ما يلي ننتقل إلى بيان ومناقشة الأدلّة الواردة في الردّ على هذه النظرية.

1ـ التصريح بنزول القرآن بلغةٍ خاصّة

لقد تمَّت الإشارة في الكثير من الروايات إلى وصف القرآن الكريم بأمرَيْن، وهما: «الكتاب»؛ ونزوله بـ «لغةٍ خاصّة»، وإن الالتفات إلى هذه الطائفة من الروايات توصلنا إلى نتيجة مفادها: إن لفظ ومعنى هذا الكتاب كلاهما قد نزل من عند الله سبحانه وتعالى.

جاء في تفسير نور الثقلين، في تفسير الآيات 16 إلى 18 من سورة القيامة، ما يلي: «عن جعفر بن محمد، عن أبيه’ قال: ما أنزل الله تبارك وتعالى كتاباً ولا وحياً إلاّ بالعربية؛ فكان يقع في مسامع الأنبياء^ بألسنة قومهم، وكان يقع في مسامع نبينا| بالعربية، فإذا كلَّم به قومه كلَّمهم بالعربية، فيقع في مسامعهم بلسانهم»([4]).

وفي الخصال: عن الإمام الصادق× أنه قال: «تعلَّموا العربية؛ فإنها كلام الله الذي تكلّم به خلقه»([5]).

بيانٌ ورصد

نرصد الروايات أعلاه من زاويتين، وهما: أوّلاً: وصف القرآن الكريم بـ «الكتاب»، وثانياً: نزوله بـ «اللغة العربية». كما ورد في الرواية بيانه فإن هذا الشيء (القرآن الكريم) كتابٌ، وحيث هو كتابٌ يجب أن يكون بحَسَب القاعدة ملفوظاً، وأن يشتمل على لغةٍ أيضاً، وإن المكتوب لا يكون ممكناً إلاّ إذا كان هناك شيءٌ ملفوظ؛ وذلك لأن المعنى لا يحتاج إلى لغةٍ. والأمر الآخر أن هذا اللفظ والكتاب قد نزلا جميعاً باللغة العربية من قِبَل الله سبحانه وتعالى بواسطة جبرائيل. وعليه لا يمكن العثور هنا على دليلٍ يضطرّنا إلى نسبة لفظ القرآن الكريم إلى النبيّ الأكرم|.

كما أن كلمة «بالعربية»، الوارد ذكرها في هذه الرواية، تدلّ على أن الألفاظ قد نزلت من قِبَل الله سبحانه وتعالى، وإلاّ فما هي الضرورة إلى ذكر هذه العبارة؟ إذ لو كان الأمر كما قال صاحب مقالة «بسط التجربة النبوية»، من أن الله تعالى لم يُنزل على النبيّ الأكرم| سوى المعاني، إذن لم يكن هناك لفظٌ في البين؛ لكي يتمكَّن من التعبير عنه بأيّ تسميةٍ، عربية أو أعجمية؛ إذ يذهب الدكتور سروش إلى الاعتقاد بأن الألفاظ من عند شخص النبيّ الأكرم، وأنه قد صبّ هذه المعاني في بوتقة الألفاظ. وعليه نقول: ما هو مفهوم هذه الجملة القائلة بأن النبيّ قد أخذ المعنى من الله، ثم يقول في بيان اللفظ: «إن هذا القرآن نزل بالعربية»؛ وذلك لأن القرآن لم يكن لفظاً لكي ينزل بلغةٍ، وأن النبيّ الأكرم| هو الذي ألبسه رداءً لفظياً؟!

وعليه فإن اتِّصاف القرآن الكريم بـ «الكتاب»، والاشتمال على «لغةٍ» خاصة، مثل: اللغة العربية، يتعارض مع نظرية الدكتور سروش تعارضاً ذاتياً.

2ـ نسبة الإنزال إلى الله تعالى

من خلال البحث في الروايات نصل إلى هذه النتيجة، وهي أن نزول القرآن الكريم قد نُسب إلى الله سبحانه وتعالى، ورُبَما لا يَرِدُ نقدٌ على نظرية الدكتور سروش في هذا الشأن.

بَيْدَ أن هذه الطائفة من الروايات تشتمل على عباراتٍ ترفض النزول المعنوي البَحْت الذي يؤكِّد عليه سروش في نظريته.

وفي ما يلي سوف نبحث هذا الموضوع في ضوء نقل هذه الروايات([6]).

ورد في المأثور: «…وأنزل الله بذلك قرآن [قرآناً] في قوله: ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ (الحاقّة: 12) فقال:….»([7]).

وكذلك: «عن محمد بن مسلم، عن أحدهما’: …ما هو قرآن، ولكنّه كلام من كلام الله أنزل عليها، إملاء رسول الله وخطّ علي×»([8]). (المراد: إنه قرآن كريم محفوظٌ عندنا أهل البيت بوصفه تراثاً)!([9]).

وكذلك في معاني الأخبار روايةٌ تقول: «عن الحسن بن زياد العطّار قال: قلتُ لأبي عبد الله×… وما وعد الله ـ عزَّ وجلَّ ـ عليه النار في قرآنٍ ولا أثرٍ، ولا تسمِّهم بالإيمان بعد ذلك الفعل»([10]). وفي روايةٍ أخرى أيضاً: «عن مرازم، عن أبي عبد الله× قال: إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كلّ شيءٍ، حتّى ـ والله ـ ما ترك الله شيئاً يحتاج إليه العباد، حتّى لا يستطيع عبدٌ يقول: لو كان هذا أنزل في القرآن، إلا وقد أنزله الله فيه»([11]).

وفي روايات أخرى:

ـ «عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله× قال: قال أمير المؤمنين×: أيها الناس، إن الله ـ تبارك وتعالى ـ أرسل إليكم الرسول|، وأنزل إليه الكتاب بالحق…»([12]).

ـ «عن محمد بن مسلم قال: سمعتُ أبا جعفر× يقول: إن في بعض ما أنزل الله من كتبه…»([13]).

إشاراتٌ محكمة

تمَّتْ نسبة نزول القرآن في هذه الروايات إلى الله سبحانه وتعالى، ولم يؤخذ للنبيّ الأكرم أيّ دَوْرٍ في مرحلة النزول (سوى تقبُّل الوحي فقط). إلى هنا لا يوجد أيّ إشكالٍ على النظرية مورد البحث؛ إذ في هذه النظرية يتمّ القبول بمسألة النزول من عند الله تعالى، وإنما الاختلاف يكمن في كيفية هذا النزول؛ إذ يرى صاحب هذا الرأي أن اللفظ وليد ذهن النبيّ الأكرم|.

إلاّ أن الذي يُستفاد منه في هذه الروايات في الردّ على نظرية الدكتور سروش هو عباراتٌ من قبيل: «بعض ما أنزل الله من كتبه»، «إن الله ـ تبارك وتعالى ـ أرسل إليكم الرسول| وأنزل إليه الكتاب بالحقّ»، «إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن»، «…وما وعد الله ـ عزَّ وجلَّ ـ عليه النار في قرآن»، «ما هو قرآنٌ، ولكنه كلام من كلام الله أنزل عليها»([14])، «…وأنزل الله بذلك قرآن [قرآناً]».

تمّ التأكيد في العبارات المتقدِّمة على ثلاث نقاط، وهي:

أـ إن الذي تمّ إنزاله كان على شكل كتابٍ، وكما سبق أن ذكَرْنا فإن المكتوب يستلزم الاشتمال على الألفاظ؛ وعليه فإن القرآن الكريم قد نزل من عند الله تعالى في قالبٍ لفظي.

ب ـ إن الذي تمّ إنزاله سُمّي بمصطلحٍ خاصّ، وهو «القرآن». وإن القرآن كان طوال التاريخ الإسلامي اسماً يطلق على كتابٍ تمّ جمعه بين الدفَّتين، وله عددٌ مضبوط من السُّوَر والآيات، وقد تداولها المسلمون عبر الصدور على مرّ الأجيال؛ وعليه فإن هذا المصطلح بدَوْره صريحٌ في إثبات لفظية القرآن الكريم أيضاً.

ج ـ إن الاعتقاد بنزول القرآن الكريم من عند الله سبحانه وتعالى من قِبَل الدكتور سروش يُشكِّل بدَوْره دليلاً على نزول الألفاظ من قِبَل الله سبحانه وتعالى.

وفي ما يلي من المناسب أن نقدِّم بحثاً لغوياً حول مادة «نزل» وفعلَيْ «الإنزال» و«التنزيل» بما يتناسب مع الموضوع مورد البحث.

إن النزول في الأصل هو الحركة من الأعلى إلى الأسفل. وهذا النزول يمكن أن يكون في المنزلة، وفي المكان أيضاً.

قال ابن فارس: «كلمةٌ صحيحة تدلّ على هبوط شيءٍ…»([15]).

وقال الراغب الإصفهاني: «النزول في الأصل هو انحطاطٌ من علوٍّ، يُقال: نزل عن دابّته. ونزل في مكان كذا: حطّ رحله فيه، وأنزله غيره، قال تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبَارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ﴾ (المؤمنون: 29). ونزل بكذا وأنزله بمعنى. وإنزال الله تعالى نعمه ونقمه على الخلق، وإعطاؤهم إيّاها، وذلك إمّا بإنزال الشيء نفسه، كإنزال القرآن، وإما بإنزال أسبابه والهداية إليه، كإنزال الحديد واللباس، ونحو ذلك، قال تعالى:

ـ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً﴾ (الكهف: 1).

ـ ﴿اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ﴾ (الشورى: 17).

ـ ﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ (الحديد: 25).

ـ ﴿وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ (الحديد: 25).

ـ ﴿وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ (الزمر: 6).

ـ ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً﴾ (الفرقان: 48).

ـ ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً﴾ (النبأ: 14).

ـ ﴿يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ﴾ (الأعراف: 28).

ـ ﴿اللهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ﴾ (المائدة: 114).

ـ ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ (البقرة: 90).

ومن إنزال العذاب قوله: ﴿إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ (العنكبوت: 34)»([16]).

قال الراغب الإصفهاني بشأن «الإنزال والتنزيل»: «والفرق بين الإنزال والتنزيل… أن التنزيل يختصّ بالموضع الذي يشير إليه إنزاله مفرّقاً ومرّةً بعد أخرى، والإنزال عامّ [أي أعمّ من التنزيل؛ فيشمل النزول التدريجي والدفعي]»([17]).

وجاء في كتاب (أقرب الموارد): «التنزيل ـ على قولٍ ـ تدريجيّ ومرّة بعد أخرى، والإنزال أعمّ».

وفي (الصحاح) تمّ اعتبار الترتيب من معاني التنزيل.

بَيْدَ أن جماعةً من اللغويين فرَّقَتْ بين الإنزال والتنزيل، ويمكن استفادة الفرق بين هاتين الكلمتين من بعض آيات القرآن الكريم، كما في قوله تعالى مثلاً: ﴿وَقُرْآَناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً﴾ (الإسراء: 106). وإن كلمتي «فَرَقْناه» و«على مُكْثٍ» قرينةٌ على أن المراد من «نزَّلناه» هو الإنزال التدريجي([18]).

وعليه فإن مادة «نزل» تدلّ على مسألة هبوط شيءٍ أو معنىً من الأعلى إلى الأسفل.

إن الدكتور سروش في بحث النزول لا يقبل سوى النزول في المعنى، ويرى أن اللفظ مرتبةٌ متدنِّية من تلك المعارف التي حصل عليها النبيّ الأكرم|. والسؤال هنا: ما هو جواب الدكتور سروش عن الآيات التي تشير في القرآن الكريم إلى نزول الآيات بلغةٍ خاصة؟! وبعبارةٍ أخرى: هناك في القرآن الكريم آياتٌ تقول: يا أيها النبيّ لقد أنزلنا إليك هذا القرآن أو الكتاب بلغةٍ عربية؛ أي إن هناك لغةً في البين، واللغة لا يكون لها معنى إلاّ حيث يكون هناك ألفاظٌ. وبعبارةٍ أخرى: نحن لا نستطيع القول بأننا قد أنزلنا إليك هذا المعنى بلغةٍ عربية؛ لأن المعنى لا يدخل ضمن نطاق اللغة، فهو أمرٌ يفوق اللغة، وإن الذي يدخل ضمن إطار اللغة هو اللفظ فقط.

3ـ التمييز بين القرآن والسنّة

في التعاليم الدينية لدى المسلمين يتمّ الاهتمام بشكلٍ عامّ بمصدرين هامين، وهما: القرآن الكريم، والسنّة المطهَّرة (وهي فعل وقول وتقرير النبيّ الأكرم|، مع إضافة المعصومين^ عند الشيعة). إن هذا الفصل بين المصدرَيْن يؤكِّد أن هناك فرقاً واختلافاً بين القرآن والسنّة؛ إذ نقول في السؤال: أليس كلام النبيّ الأكرم| جزءاً من السنّة؟ الجواب هو: نعم. ومن ناحيةٍ أخرى فإن الله سبحانه وتعالى قد وصف نبيّه بقول: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾ (النجم: 3 ـ 4). وعليه فإن ما جاء عنه في مجال الدين والشريعة في الحدّ الأدنى هو جزءٌ من الوحي، وليس هناك فرقٌ بين نصّ القرآن والروايات.

فإذا أرَدْنا أن نمضي قُدُماً في ضوء هذه النظرية، والقول بنماء الشريعة بعد النبيّ الأكرم|، وجب اعتبار كلّ ما نقل عن رسول الله| جزءاً من هذا الكلام الإلهي. وبطبيعة الحال ليس المراد هو القول بأن هذه الأحاديث والسنّة المأثورة لا تحظى بتأييد الله سبحانه وتعالى، وأنه ليس لها جذورٌ إلهية، وإنما الكلام يقع في المقارنة بين آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية. وعلى الرغم من ذلك فإن جميع ما صدر عن النبيّ الأعظم| مشهود له، سواء في ذلك آيات القرآن الكريم أو الروايات المذكورة، وطبقاً لقوله تعالى: ﴿لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ﴾ (الواقعة: 79) لا يمكن لغير المطهَّرين أن يلمسوه. ولا شَكَّ بطبيعة الحال في وجوب احترام كلام النبيّ الأكرم|، بَيْدَ أن ما يتمّ فرضه بالنسبة إلى القرآن الكريم من باب الطهارة يقع في منزلةٍ أعلى.

طبقاً لهذا البيان يجب ـ على رأي الدكتور سروش ـ أن نأتي بجميع الأحاديث والروايات المأثورة عن النبيّ الأكرم| أيضاً، وبذلك نعمل على إعداد كتابٍ شهوديّ ضخمٍ من عدّة مجلداتٍ عن النبيّ الأكرم! ومن ناحيةٍ أخرى كيف يروم الدكتور سروش تفسير بحث السنّة والقرآن الكريم؟ إذ لا يمكن لنا القول: إن آيات القرآن الكريم شهود النبيّ الأعظم، ولا نبدي اهتماماً بالروايات المأثورة عنه|!

إشكالان وجواب

ورُبَما أشكل القائلون بهذه النظرية بأن هذا النوع من الروايات إنما هو تفصيلٌ وشرح لتلك الآيات، ولا دَخْل له بهذه النظرية.

وفي الجواب نقول: صحيح أن هذه الروايات تفصيلٌ لتلك الآيات؛ ولكن أيُّ عقلٍ سليم يمكنه التصديق بأن الله تعالى قد أنزل المعاني الكلِّية، ثمّ قام النبيّ الأكرم| بعد ذلك بإنزال مستوى هذه المعاني وقدَّمها إلى الناس، ثم يقوم بعد ذلك بتفصيلها وتبسيطها مرّةً أخرى ليمكن فهمها بشكلٍ أفضل. إذا كان النبي الأكرم| هو الذي صاغ هذه الآيات، وهي كلامُه، كان يتعيَّن عليه تفصيلها وتبسيطها منذ البداية.

كما يمكن القولُ في الجواب عن هذا الإشكال القائل بأن المستوى الفكري ومقتضيات الزمان والمكان لم يكن يسمح بذلك: رُبَما كان هذا الإشكال وارداً في المرحلة المكِّية، وأما في المرحلة المدنية؛ حيث كان رسول الله| قائداً للجميع، لماذا صاغ هذه الآيات بشكلٍ عامّ، ثم بيَّن تفصيلها في الروايات المختلفة؟!

4ـ التصريح بوجود المُحْكَم والمتشابِه في القرآن

جاء في الروايات أن آيات القرآن الكريم تنقسم ـ من ناحية ـ إلى قسمين، وهما: المُحْكَم؛ والمتشابِه([19])، فقد ورد في الأثر: «عن الرضا× قال: مَنْ رَدَّ متشابِه القرآن إلى مُحْكَمه فقد هُدي إلى صراطٍ مستقيم، ثمّ قال×: إن في أخبارنا مُحْكَماً كمُحْكَم القرآن، ومتشابِهاً كمتشابِه القرآن، فردّوا متشابِهها إلى مُحْكَمها، ولا تتبعوا متشابِهها دون مُحْكَمها…»([20]).

ورُوي أيضاً: «عن أبي عبد الله× قال: سمعتُه يقول: إن القرآن فيه مُحْكَم ومتشابِه، فأما المُحْكَم…»([21]).

إثاراتٌ عميقة

إن الروايات في هذا الباب كثيرةٌ، وقد اكتفَيْنا منها بالروايتين المتقدّمتين فقط. وعليه نقول هنا: إن تقسيم آيات القرآن الكريم إلى المُحْكَم والمتشابِه في الكثير من الروايات، واعتبار المُحْكَمات مرجعاً ومصدراً لفهم المتشابِهات، يُثبت بدَوْره نزول القرآن من عند الله سبحانه وتعالى في إطار النصّ الموجود.

وتوضيحه: إن التشابه والإحكام من صفات دلالة القرآن وتابعٌ إلى أسلوب بيان وكلمات وعبارات القرآن، وإن هذه الخصوصية ـ طبقاً للآية 7 من سورة آل عمران ـ كانت موجودةً في مرحلة النزول التدريجي للقرآن الكريم. وعلى هذا الأساس ليس هناك من شكٍّ في أن ما أنزله الله تعالى في هذه المرحلة كان من سنخ الألفاظ والعبارات([22]).

يذهب الدكتور سروش إلى الاعتقاد بأن النبيّ الأكرم| قد صبّ تلك المعاني ـ التي أوحاها الله تعالى له ـ في قالبٍ من الألفاظ؛ لكي يسهل على الناس البسطاء فهم تلك المعاني النازلة بشكلٍ أفضل([23]). فإذا كان النبيّ الأكرم| هو الذي قام بذلك فلماذا عمد لاحقاً إلى تقسيم الآيات إلى: مُحْكَمات ومتشابِهات؛ بمعنى أن النبيّ صبّ المعاني والمعارف في بيانٍ مبسَّط، ثم عمد ثانيةً إلى صياغة ذات تلك الألفاظ فجعل بعضها مُحْكَماً وبعضها متشابِهاً!

والسؤال الذي يَرِدُ هنا هو: لماذا يعمد النبيّ ـ الذي كان مأموراً بصبّ تلك التعاليم والمعارف المعنوية العالية التي أُوحِيَتْ إليه في إطار لفظٍ يفهمه المخاطَب ـ إلى العودة مجدَّداً إلى ذات هذه الألفاظ التي سبق له أن صاغها بهدف أن تتناسب مع فهم المخاطَب، فيصبّها في قالبٍ من الألفاظ المتشابِهة التي لا يفهمها غير الله سبحانه والراسخون في العلم فقط؟! ومن الضروريّ بطبيعة الحال التذكير هنا بهذه النقطة أيضاً، وهي: إنه على القول بأن «الواو» التي تسبق كلمة «الراسخون» في الآية 7 من سورة آل عمران هي «واو العطف» لا يكون حتّى الراسخون في العلم على درايةٍ بهذا المتشابِه، وعليه فهل من الحكمة أن يصدر هذا الأمر من النبيّ الأكرم|؟!

5ـ تقابل وتضادّ بعض الروايات مع النزول المعنوي البَحْت

إن عبارة ﴿وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ﴾ (طه: 114) تنهى عن الاستعجال في قراءة القرآن، ومعنى قوله تعالى: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ﴾ في ذات هذه الآية هو النهي عن الاستعجال في قراءة الوحي قبل أن ينتهي جبرائيل من قراءة هذا الوحي عليه. وعليه يُفْهَم من هذه الآية أن النبيّ الأكرم| عندما كان ينزل عليه الوحي كان يستعجل قراءته قبل إتمامه، وفي هذه الآية ورد النهي له عن فعل ذلك. وعليه فإن هذه الآية بمعنى تلك الآية الأخرى التي يقول فيها الله سبحانه وتعالى: ﴿لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ (القيامة: 16 ـ 18).

ويؤيِّد هذا المعنى العبارة اللاحقة؛ إذ يقول تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾، وذلك لأن عبارتي: «لاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ…» و«قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً» يُفْهَم منهما أن المراد هو الاستبدال؛ أي اطلب المزيد من العلم بَدَلاً من العجل في قراءة الوحي قبل أن يُقضى إليك وَحْيه؛ وذلك لأن الاستبدال بمعنى إحلال شيءٍ محلّ شيءٍ آخر، فيعود المعنى إلى أنك إذا استعجلت قراءة آيةٍ لم تنزل عليك بعد فهذا لأنك حصلت على علمٍ بها إلى حدٍّ ما، في حين عليك أن لا تكتفي بهذا المقدار من العلم فقط، وعليك أن تطلب من الله علماً جديداً، واسأل الله أن يمنحك الصبر؛ كي تسمع تتمّة الوحي.

إن هذه الآية الكريمة من جملة الأدلة التي تؤيِّد مضمون الروايات القائلة بالنزول الدفعي والتدريجي للقرآن الكريم، وقال العلامة الطباطبائي: «هذه الآية مما يؤيِّد ما ورد من الروايات أن للقرآن نزولاً دفعةً واحدة غير نزوله نجوماً على النبيّ|؛ فلولا علمٌ ما منه بالقرآن قبل ذلك لم يكن لعجلته بقراءة ما لم ينزل منه بعد معنىً»([24]).

وهناك روايةٌ في تفسير هذه الآية، أوردها صاحب تفسير نور الثقلين، على النحو التالي: «وقوله: ﴿وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾ قال: كان رسول الله| إذا نزل عليه القرآن بادر بقراءته قبل تمام نزول الآية والمعنى، فأنزل الله: ﴿وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ﴾»([25]).

وكما يظهر من الرواية فقد ورد التأكيد على لفظين: أحدهما: لفظ «الآية»؛ والآخر: لفظ «المعنى». وقد نسب الإمام× النزول إلى كلا الأمرَيْن.

إن العبارة التي كان يقرأها جبرائيل× كان النبيّ الأكرم| يكرِّرها بعينها أيضاً، بل كان النبيّ في بعض الأحيان يسبق جبرائيل في قراءة الآيات، الأمر الذي يُثبت اتحاد النصّ لديهما؛ في حين أن جبرائيل× لم يكن يقوم بأيّ تدخُّلٍ أو تصرُّف في الوحي، وكان يقتصر دَوْره على مجرّد الوحي، دون زيادة أو نقيصة.

ومن ناحيةٍ أخرى فإن القراءة إنما يكون لها معنى حاصلٌ إذا كان هناك لفظٌ في البين؛ فإذا لم يكن هناك لفظٌ في ذلك المقام، كما هي وجهة نظر الدكتور سروش، ولم يكن في البين سوى المعاني، فما هو المراد من النهي عن العجلة في قراءة الآيات؟! لأن الاستعجال في القراءة إنما تكتسب مفهومها إذا كان ما عند جبرائيل× وما كان عند النبيّ الأكرم| متطابقاً. في حين يذهب الدكتور سروش إلى الاعتقاد بأن النبيّ الأكرم في اتصاله مع السماء لم يحصل على غير المعاني، وأما الألفاظ فقد ظهرَتْ في مرحلةٍ لاحقة عند تواصله مع المجتمع، وبذلك لا يكون لمفهوم التعجيل معنى محصّلٌ.

6ـ تناقض نظريّة بسط التجربة النبويّة مع روايات تعريف «الرسول» و«النبيّ»

سوف نتعرَّض في هذا الموضع إلى بحث عبارةٍ في نظرية بسط التجربة النبوية، حيث إن النطق بهذه العبارة يفتح الطريق لنصل في نهاية المطاف إلى النزول المعنوي البَحْت. قال الدكتور سروش في مقالة بسط التجربة النبوية: «من الضروري التأكيد على هذه النقطة، وهي أن ذات التجربة الدينية لا تجعل من الشخص نبيّاً، وأن مجرّد رؤية المَلَك أو ما بعد حجاب عالم الشهادة لا يُحقِّق النبوّة… إن مفهوم النبوّة يتضمَّن مفهوماً وعنصراً من المهمّة ليس إلاّ، وهذا ما لا يوجد في التجارب المتعارفة عند العرفاء. وهذه المهمة تنتهي في الخاتمية، بَيْدَ أن أصل التجربة والمكاشفة تبقى على حالها»([26]).

إن هذا التعبير يخالف تماماً ما عليه التعريف المذكور في رواياتنا عن الرسول والنبيّ. وإليك هذه الرواية: «عن زرارة قال: سألتُ أبا جعفر× عن قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً﴾ (مريم: 51، 54)، ما الرسول؟ وما النبيّ؟ قال: النبيّ الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين المَلَك، والرسول الذى يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين المَلَك»([27]).

لقد ذكرَتْ هذه الرواية للنبيّ ـ في ما يتعلَّق بالوحي ـ مزيّتين، وهما: الرؤية في المنام، وسماع الصوت، في حين أنها رأَتْ للرسول مزيّةً ثالثة ـ بالإضافة إلى المزيتين السابقتين ـ، وهي مزية رؤية المَلَك أيضاً.

كما أن هذه الرواية تدلّ على سماع النبي الأعظم| لصوت المَلَك؛ الأمر الذي يُثبت إلقاء المَلَك للألفاظ على مسامع النبيّ الأكرم، وهذا يعني بطلان التعريف الذي ذكره الدكتور سروش.

وكما يتّضح من العبارة السابقة فإن الدكتور سروش يرى أن الاختلاف بين مقولة الوحي والنبوّة وبين الشهود والإلهام عند العارف يكمن في وجود الإذن بالدعوة ومهمّة التبليغ وعدم وجودها.

هذا في حين أن الرواية تفرِّق حتّى بين النبيّ والرسول، والإمام بعدهما، مع أن الإذن بالمهمّة والدعوة والتبليغ ثابتةٌ لهم بتعاريف خاصّة. وعليه كيف يمكن القول بعدم وجود الفرق بين النبيّ الأكرم| والعارف؟!

إن القول بأن مجرّد التجربة الدينية لا تصنع نبوّةً لا يصحّ من هذا الباب؛ حيث يقوم المحقِّق باعتبار كلّ نوعٍ من تعاطي الإنسان الأرضي بالعالم الأعلى تجربةً دينية، وذكر في هذا السياق قصّة أمّ النبيّ عيسى×.

في حين أن الأمر ليس كذلك؛ بمعنى أنه ليس كلّ تعاطٍ مع العالم الأعلى تجربةً دينية؛ فإن قوم لوطٍ كانوا يضمرون الشرّ والسوء بحق المَلَكين، على ما يقول الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ * قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ﴾ (هود: 78 ـ 79)، فهل يمكن القول: إن قوم لوط برؤيتهم المَلَكين قد حصلوا على تجربةٍ دينية؛ وذلك لأن هذين المَلَكين من كائنات العالم الأعلى؟!

وعليه ليس كل ارتباط بالعالم الأعلى يُعَدّ تجربةً دينية؛ وإنما التجربة الدينية تستدعي مفهوماً متعالياً، وليس عدواناً على الملائكة.

كما أن السامري قد رأى المَلَك، وأخذ قبضة من الأثر الذي تركه على التراب، ونثره على الثور الذي صنعه؛ فكان له خوارٌ، وقد قال الله تعالى في ذلك حكاية عنه: ﴿قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾ (طه: 96).

وجاء في كتب التفسير الروائي، في تفسير هذه الآية: «﴿بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا﴾، يعني من تحت حافر رمكة جبرئيل في البحر، فنبذتها أي: أمسكتها»([28]).

قراءةٌ تحليلية في هذه الروايات

لقد تمّ تفسير الرسول في جميع هذه الروايات بجبرائيل× (المَلَك المقرَّب إلى الله سبحانه وتعالى)، ومع ذلك هل تُعَدّ رؤية السامري لجبرائيل تجربةً دينية؟! وهي التجربة التي كان من تداعياتها وإرهاصاتها نزول الآية 97 من سورة طه؛ إذ يقول الله سبحانه عن لسان النبيّ موسى×: ﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً﴾ (طه: 97).

كما يذهب الدكتور سروش إلى القول بأن التجربة الدينية تشتمل حَتْماً على عنصرٍ من المهمّة والدعوة؛ حيث يزعم أن امتلاك التجربة الدينية تكون على الدوام مقرونةً بالإذن والدعوة بالنبوة. فإذا كان البناء على قيام صاحب التجربة بالمهمة فإن أمّ النبي عيسى× كانت بدَوْرها مأمورةً ببعض المهامّ بعد ولادة ابنها؛ وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً﴾ (مريم: 26).

يقول الدكتور سروش: «إن أدنى مراتب التجارب الدينية هي الرؤيا الصادقة، والمراتب العليا تتمثَّل في الأذواق والمواجيد والمكاشفات العرفانية. فاطلب اليقين بالنبوة من خلال هذه الطُّرُق، وليس من طريق تحويل العصا إلى حيّةٍ تسعى، أو شقّ القمر؛ لأن هذه الطُّرُق إذا لم تقترن بقرائن أخرى قد تكون من أعمال السحر والأوهام»([29]).

وعليه فإن الدكتور سروش قد عمد إلى تبويبٍ خاص من قِبَله لأنواع الإلهام، واعتبر أن الرؤيا الصادقة من أدنى مراتب التجربة الدينية، وأن المكاشفات العرفانية من أعلى مراتب التجربة الدينية.

في حين أننا نقرأ في تعريف الرسول والنبي على ما ورد في الروايات ما يلي: «عن بريد، عن أبي جعفر وأبي عبد الله’، في قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ [ولا محدَّث]﴾ (الحجّ: 52)، قلتُ: جُعلت فداك، ليست هذه قراءتنا؛ فما الرسول والنبيّ والمحدَّث؟ قال: الرسول الذي يظهر له المَلَك فيكلمه، والنبيّ هو الذي يرى في منامه، ورُبَما اجتمعت النبوة والرسالة لواحدٍ…»([30]).

وعليه فإن النبيّ ـ كما ورد في هذه الرواية ـ يحصل على النداء والخطاب الإلهي من طريق الرؤيا، فكيف يمكن لمثل الدكتور سروش أن يجعلها في أدنى مراتب الوحي، ويذهب في الوقت نفسه إلى وضع شطحة عارفٍ لا يوقن هو نفسُه بحجِّية كلامه في أعلى مراتب التجارب الدينية؟!

وهل كانت بشارة النبي إبراهيم× بالولد على كِبَر سنِّه هي الأهمّ، أم أمره بذبح إسماعيل×؟ في حين أن المَلَك والوحي قد تجلّى له في الأولى على شكل بَشَرٍ؛ إذ يقول الله تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ * وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ (هود: 70 ـ 73)، وفي القسم الثاني يتمّ توجيه الأمر للنبيّ إبراهيم× بذبح ابنه إسماعيل× في المنام؛ إذ قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ (الصافّات: 102).

إن ما ذكرناه من القول بأن ذبح النبيّ إسماعيل× كان أهمّ من بشارة النبيّ إبراهيم× بولادة النبي إسحاق× يأتي من باب أن البشارة بولادة إسحاق كانت من بين المكافآت التي كافأ الله بها النبيّ إبراهيم× في ذبح إسماعيل×؛ وذلك إذ يقول تعالى: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاَءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ * سَلاَمٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ * وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ (الصافّات: 103 ـ 112).

وعليه، هل يمكن القول بأن التجربة الدينية الحاصلة من الرؤيا الصادقة في مرتبةٍ أدنى من التجربة الدينية التي يحصل عليها الإنسان العادي من خلال الشهود أو الارتباط المباشر مع حامل الوحي؟! رُبَما كانت أهمية نداء الشهود المباشر في موضعٍ آخر أكبر من الرؤيا الصادقة، ولكنْ لا يمكن الادعاء بضرسٍ قاطع أن هذه أهمّ من تلك، بل الأهمِّية تكمن في حكم المهمّة، لا في نوع الوحي.

وفي الحقيقة إن الدكتور سروش؛ لكي يُثبت النزول المعنوي للقرآن الكريم، قد افترض أن مقام النبوّة هو ذات مقام الكشف الشهودي ـ الذي يحصل للعرفاء  أيضاً ـ، وأن الاختلاف الوحيد بينهما يكمن في الإذن الصادر للنبيّ بالدعوة والتبليغ في مقام النبوّة. وقد أدّى به هذا الاعتقاد إلى التوصُّل إلى هذه النتيجة، وهي أن القرآن الكريم قد نزل بشكلٍ معنوي؛ بمعنى أن النبيّ الأكرم| في مقام شهود عالم المعنى قد حصل على أمورٍ أفاضها الله سبحانه عليه، وبعد إبلاغ المهمة عمد إلى صبّ تلك المعاني العظيمة في إطار الألفاظ؛ من أجل هداية البشر. والحال أنه قد صار واضحاً وفق الروايات أن حركة النبوة محدَّدةٌ ومعيَّنة، ويكون لها تعريفٌ خاصّ، وفي الأساس لا يمكن مقارنتها بالشهود العرفاني والأذواق والأخبار الصوفية أبداً.

استنتاجٌ

أشَرْنا سابقاً إلى أن القرآن الكريم ـ في ضوء تصريح الروايات ـ قد نزل بلغةٍ خاصة، وأن مسألة لغة القرآن إنما تطرح نفسها إذا كان هناك لفظٌ أو ألفاظ في البين. ويكتسب قوام هذا الدليل قطعيّته بالنظر إلى تصريح الروايات القائل بأن هذا النزول كان من الله سبحانه وتعالى. ومن ناحيةٍ أخرى فإن مسألة التمييز بين القرآن الكريم والسنّة النبوية المطهَّرة تُشكِّل في حدّ ذاتها دليلاً آخر على النزول اللفظي؛ وذلك لأن ما جاء في السنّة النبويّة كان بدَوْره من عند الله سبحانه وتعالى الذي علّم النبيّ الأكرم| وأحاطه معرفةً بها، ولذلك فإن كلّ ما يصدر عن النبيّ الأكرم، من قولٍ وفعل أو تقرير، إنما هو صادرٌ من منبع الفيض الإلهي. وعليه فلو قال شخص: إن النزول المعنوي كان من عند الله، وأما الإطار اللفظي فكان بجهودٍ من النبيّ الأكرم|، فسوف يتوجَّه إليه هذا السؤال القائل: ما هو الدليل على التمييز بين السنّة والقرآن والأحاديث القُدْسيّة؟ كما أن تقسيم الروايات لآيات القرآن الكريم إلى المُحْكَم والمتشابِه يُشكِّل بدَوْره دليلاً على هذا المدَّعى أيضاً؛ إذ لا يبدو من المنطقيّ أن يقوم النبيّ الأكرم| في البداية بصبّ تلك المعاني في إطارٍ لفظيّ ليُصبح مفهوماً للبشر، ثمّ يعمل في الوقت نفسه مجدَّداً على تقسيم الآيات إلى: مُحْكَمات؛ ومتشابِهات، ثم يحيل الناس مرّةً أخرى إلى نفسه من أجل فهم هذه المُحْكَمات والمتشابِهات. وكذلك فإن تقابل الروايات في تفسير قوله تعالى ﴿وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ﴾ مع النزول المعنوي البَحْت يمثِّل بدَوْره دليلاً آخر على إثبات النزول اللفظي والمعنوي أيضاً.

وعلى أيّ حال فإن نظريّة الدكتور سروش تواجه تحدِّياتٍ كثيرة، وهي في حدّ ذاتها من مصاديق الكلام العامّ في مورد نصٍّ إلهيّ مقدَّس. كما أنه لم يدخل في الجزئيات اللفظية والمعنوية للآيات، حتّى يكون قد استوفى البحث من جميع جوانبه وأبعاده، وإنما اكتفى في بيان المسائل بنظرةٍ عامّة وكلِّية فقط.

الهوامش

(*) أستاذٌ مساعِدٌ، وعضو الهيئة العلميّة، في جامعة قم.

(**) أستاذٌ في الجامعة الإسلاميّة الحُرّة في الرّيّ ـ إيران.

([1]) مقالة «بسط التجربة النبوية»، نصٌّ مكتوب لمحاضرة الدكتور عبد الكريم سروش، ألقاها بتاريخ: 24 / 7 / 1997م، بمناسبة مولد النبيّ الأكرم|.

([2]) بالإضافة إلى نظرية «بسط التجربة النبوية»، أجرى ميشيل هوبينك (في القسم العربي من الإذاعة الهولندية العالمية) حواراً مع الدكتور عبد الكريم سروش، في أواخر عام 2007م، وقد عُرف هذا اللقاء الإذاعي لاحقاً بـ «كلام محمد».

([3]) لقد نشرت هذه الدراسة في مجلة: پژوهش نامه قرآن وحديث (العدد 7، السنة الثالثة، صيف وخريف عام 1389هـ.ش).

([4]) عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي، تفسير نور الثقلين 4: 65، نشر إسماعيليان، قم، 1415هـ؛ الملا محسن الفيض الكاشاني، الصافي في تفسير القرآن 4: 51، نشر صدر، ط2، طهران، 1415هـ.

([5]) الصدوق، الخصال 1: 237، نشر كتابجي، ط11، طهران، 1387هـ.ش؛ الحُرّ العاملي، وسائل الشيعة 17: 327، ح22680، مؤسّسة آل البيت^ لإحياء التراث، قم، 1409هـ.

([6]) للمزيد من القراءة التفصيلية بشأن بحث سماوية القرآن الكريم نحيل القارئ الكريم إلى كتاب (مباني تفسير قرآن)، لمؤلِّفه: السيد رضا مؤدّب، تعريب: السيد حسن مطر، تحت عنوان (مناهج تفسير القرآن).

([7]) محمد باقر بن محمد تقي المجلسي، بحار الأنوار 69: 183، ح: 10، نشر كتابجي، ط4، طهران، 1383هـ.ش.

([8]) محمد بن حسن بن فروخ الصفّار، بصائر الدرجات: 156، ح: 14، مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم، 1404هـ.

([9]) ملاحظة: لقد ورد هذا الحديث في التعريف بمصحف فاطمة الزهراء÷ كما هو واضحٌ من الضمير في كلمه (عليها) في الرواية، ومن الواضح أن مصحف فاطمة غير القرآن، وعليه لا نرى وجهاً للاستشهاد بهذه الرواية في هذا الموضع. (المعرِّب).

([10]) الصدوق، معاني الأخبار: 413، ح105، جماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم، 1361هـ.ش.

ملاحظة: لم نعثر عليه في المصدر، (المعرِّب).

([11]) محمد بن يعقوب الكليني، الكافي 1: 59، باب الردّ إلى الكتاب والسنة، وأنه ليس شيء من الحلال والحرام وجميع ما يحتاج الناس إليه إلا وقد جاء فيه كتاب أو سنّة، ح1.

([12]) المصدر السابق 1: 60، باب الردّ إلى الكتاب والسنّة وأنه ليس شيء من الحلال والحرام وجميع ما يحتاج الناس إليه إلا وقد جاء فيه كتاب أو سنة، ح7.

([13]) المصدر السابق 1: 154، باب الخير والشرّ، ح2.

([14]) تقدَّم الإشكال على هذه العبارة في هامشٍ سابق، فراجِعْ. (المعرِّب).

([15]) أبو الحسن أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة: 986، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1429هـ.

([16]) الراغب حسين بن محمد الإصفهاني، المفردات في غريب ألفاظ القرآن: 509، دار العلم ـ دار الشامية، بيروت، 1412هـ.

([17]) انظر المصدر نفسه.

([18]) انظر: السيد علي أكبر قرشي، قاموس قرآن (قاموس القرآن) 7: 48، دار الكتب الإسلامية، ط6، طهران، 1371هـ.ش.

([19]) لا يخفى أن القرآن الكريم قد سبق الروايات في تقسيم الآيات إلى مُحْكَمات ومتشابِهات، وذلك في صريح قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ (آل عمران: 7). (المعرِّب).

([20]) الشيخ الحُرّ العاملي، وسائل الشيعة 27: 115، ح33355، 1409هـ.

([21]) المصدر السابق 27: 198، ح33583.

([22]) انظر: محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 3: 75، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1417هـ؛ ومجلة قرآن شناخت، مقالة: إلهي بودن متن قرآن أز منظر علاّمه طباطبائي ونقش آن در تفسير الميزان (سماوية نصّ القرآن من وجهة نظر العلاّمة الطباطبائي ودوره في تفسير الميزان).

([23]) مقابلة كلام محمد.

([24]) العلامة الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 14: 174، دار إحياء التراث العربي، ط1، بيروت، 2006 م.

([25]) العروسي الحويزي، تفسير نور الثقلين 3: 396؛ عليّ بن إبراهيم القمّي، تفسير القمّي 2: 65، دار الكتاب، ط4، قم، 1367هـ.ش.

([26]) عبد الكريم سروش، بسط تجربه نبوي (بسط التجربة النبوية): 5 ـ 6، نشر صراط، ط5، طهران، 1378هـ.ش. (مصدر فارسي).

([27]) الكليني، الكافي 1: 59، باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدّث؛ 1: 176، 1385هـ.ش.

([28]) عليّ بن إبراهيم القمّي، تفسير القمّي 2: 63؛ العروسي الحويزي، تفسير نور الثقلين 3: 391؛ السيد هاشم البحراني، البرهان في تفسير القرآن 3: 773، مؤسسة البعثة، طهران، 1416هـ.

([29]) عبد الكريم سروش، بسط تجربه نبوي (بسط التجربة النبوية): 7.

([30]) الكليني، الكافي 1: 59، باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدّث؛ 1: 177.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً