أحدث المقالات
تمهيد
من المسائل التي تثار حول الشيعة _ إلى جانب عشرات التُّهم التي انهالت عليها خلال العصور التاريخية _ مسألة تأثرها بأفكار المعتزلة في المذاهب الكلامية وفقدانها الاستقلالية في هذا المجال. وسوف نرى، من خلال هذا البحث، كيف يثبت عكس ذلك، فضلاً عن نفي الادّعاء نفسه، بمعنى أن المعتزلة أنفسهم هم الذين أفادوا من الفكر الشيعي وتأثروا به.
بداية، سنرصد آراء بعض المفكرين المسلمين من معتزلة وأشاعرة، إضافة إلى جملة من الغربيين، وذلك من خلال المسار التاريخي للموضوع. وسيتضح كيف أن التشيُّع بوصفه تياراً، وقف بوجه المعتزلة ومنذ بداياتهم الأولى في مختلف المجالات، ما قد يجعل الباحث يعزو توجيههم للتهمة السابقة إلى تلقيهم هزائم على يديه. وسنبرهن من خلال البحث على تأثر المعتزلة بالشيعة. وهنا علينا أن نذكِّر بمسألتين:
1- إنهُ لا نقاش في أصل التأثر والتأثير، فإن جميع الأفكار في المجتمع، وبمختلف أطيافها، ستخضع لمرحلتي التأثر والتأثير بشكل مباشر أو غير مباشر. لكنّ موضوعنا يُعنى بما هو فوق التأثر المتقابل الطبيعي، أي مؤثرات الاتجاه العام في علم الكلام الشيعي.
2- إن مرادنا من المعتزلة هو ذلك المذهب الذي أسس من قبل "واصل بن عطاء" في أوائل القرن الثاني (وذلك لأن بعض الباحثين قد ينسب تاريخ الاعتزال لعهد عثمان أو الإمام علي × وغير ذلك مما هو خارج عن بحثنا).
 
إدِّعاء تأثّر الشيعة بالمعتزلة
لعل "الخيّاط المعتزلي (م/300 هـ) هو أول القائلين([1]) بتأثر الشيعة بالمعتزلة؛ حيث يقول في كتابهِ الانتصار:
أمَّا جملة قول الرافضة فهو: "إن الله عز وجل ذو قد وصورة وحد يتحرك ويسكن ويدنو ويبعد ويخف ويثقل… هذا توحيد الرافضة بأسرها إلا نفراً منهم يسيراً صحبوا المعتزلة واعتقدوا التوحيد، فنفتهم الرافضة عنهم وتبرَّأت منهم، فأمّا جملتهم ومشايخهم مثل هشام بن سالم وشيطان الطاق وعلي بن ميثم وهشام بن الحكم وعلي بن منصور والسكاك فقولهم ما حكيت عنهم"([2]).
ويقول في عبارة أخرى: "فهل على وجه الأرض رافضي إلاّ وهو يقول "إنّ للهِ صورة، ويروي في ذلك الروايات ويحتج فيه بالأحاديث عن أئمتهم إلاّ من صحبت المعتزلة فقال التوحيد، فنفتهُ الرافضة عنها"([3]).
ثم يذكر في مقابل ذلك أفكار المعتزلة، وهي عبارة عن:
"إن الله واحد ليس كمثلهِ شيء، لا تدركهُ الأبصار ولا تحيط بهِ الأقطار وأنه لا يحول ولا يزول ولا يتغير ولا ينتقل، وإنه الأول والآخر والظاهر والباطن وإنه في السماء إله وفي الأرض إله، وإنه أقرب إلينا من حبل الوريد، وما يكون من نجوى ثلاثة إلاّ هو رابعهم ولا خمسة إلاّ هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلاّ هو معهم أينما كانوا، وإنه القديم وما سواه محدث، وإنه العدل في قضائهِ، الرحيم بخلقهِ، الناظر لعبادهِ، وإنه لا يحب الفساد ولا يرضى لعبادهِ الكفر ولا يريد ظلماً للعالمين… وهذهِ الأقاويل الأمة مجمعة عليها مصدقة قول المعتزلة فيها"([4]).
ومن الطريف أن يدَّعي إجماع الخوارج والمفوضة والجبريين والمشبهة والإخباريين وكأنهُ لا يوجد نزاع بين الإخباريين والمعتزلة، ولا شيء من الأزمات التي دارت في عصر المأمون والمعتصم والواثق. وكذلك نفي الخلاف بين حسن البصري وواصل، وأن يقول: ليس من أحد سوى الشيعة انحرف في معتقداته، حيث إن الادعاء يفرض تصديق الأمة جمعاء لكلام المعتزلة، أما الشيعة فلها طريق منحرف عن ذلك!
وكان أبو الحسن الأشعري ثاني شخص، بعد الخياط، ينسب ذلك للشيعة _ لكن ليس بتلك الجرأة _ فكتب يقول:
"الفرقة السادسة من الرافضة يزعمون أنّ ربهم ليس بجسم ولا بصورة، ولا شبيه الأشياء ولا يتحرك ولا يسكن ولا يماس، وقالوا في التوحيد بقول المعتزلة والخوارج، وهؤلاء قول من متأخريهم وأوائلهم فإنهم كانوا يقولون ما حكينا عنهم من التشبيه"([5]).
ثم أعقب الاشعري ابن تيمية فواصل، في هذا الموضوع، وقال فيه:
"ولكن في أواخر المئة الثالثة دخل من الشيعة في أقوال المعتزلة كابن النوبختي، صاحب كتاب الآراء والديانات، وأمثاله، وجاء بعد هؤلاء المفيد بن النعمان وأتباعهُ، ولهذا نجد المصنفين كالأشعري لا يذكرون عن أحدٍ من الشيعة إنهُ وافق المعتزلة في توحيدهم وعدلهم إلا عن بعض متأخريهم، وإنما يذكرون عن قدمائهم التجسيم وإثبات القدر وغيرهِ، وأول من عرف في الإسلام إنهُ قال إن للهِ جسم هشام بن الحكم"([6]).
وقد كرر هذا الكلام من المعاصرين "أحمد أمين":
"بعض الشيعة يزعم أن المعتزلة أخذوا عنهم، وأن واصل بن عطاء من المعتزلة تلميذ لجعفر الصادق، وأنا أرجِّح أن الشيعة هم الذين أخذوا من المعتزلة تعاليمهم"([7]).
ونقل عبد القاهر البغدادي، في الفرق بين الفرق، عن ابن الراوندي والجاحظ وأبي عيسى الوراق قول هشام بن الحكم في التجسيم،([8]) وجميعهم كانوا معتزلة لمدّةٍ من عمرهم، وكذلك الدكتور علي عبد الفتاح أعاد كلام ابن تيمية مرة أخرى([9]).
ونسب ابن حزم الأمر نفسه للشيعة في كتاب الفصل:
"وجمهور متكلميهم، كهشام بن الحكم الكوفي وتلميذه أبي علي الصكاك وغيرهما، يقولون بأن الله تعالى محدث، وأنه لم يكن يعلم شيئاً حتى أحدث لنفسهِ علماً، وهذا كفر صريح. وقد قال هشام هذا في حين مناظرته لأبي الهذيل العلاف: إنّ لربهِ سبعة أشبار بشبر نفسهِ([10]).
وكتب القاضي عبد الجبار الهمداني في المنية والأمل يقول:
وتفردوا بأن قالوا: علم الله حادث وأطبقوا إلاّ من عصم الله على الجبر والتشبيه([11]).
أما الشيخ إسحاق بن عقيل، مؤلِّف كتاب الفرق الإسلامية، فقد عدّ التشيع منحازاً للمعتزلة أو أنه يرجع للمشبهة، وهو مما لا تقول به المعتزلة ولا المصادر الشيعية([12]).
إلى جانب هذا الكم من كتب المسلمين، يضاف بعض المستشرقين الذين كان لهم رأي مشابهٌ في الموضوع، لاسيما من يعدّ منهم الصراع السياسي عاملاً في ظهور التشيع نافياً وجود العوامل الدينية عنهُ([13]).
فقد ذكر "مكدرموت" هذا الموضوع في جوانب عديدة من كتاب الفكر الكلامي للشيخ المفيد، منها بُعيد نقله لكلام ابن تيمية من دون تتمة، فذكر يقول:
"كانطباع أولي عن الإمامية هذا صحيح (أنهم كانوا من المشبهة) لكنهُ لم يشر لبعض وثائق نهايات القرن الثالث عندما أخذوا تعاليم مهمَّة من المعتزلة، فكلامه بحاجة لتتمة"([14]).
نعم، لا يوجد خلاف بين "مكدرموت" وابن تيمية في أصل تأثر الشيعة بالمعتزلة. ويقول "آدم متيز":
"من ناحية الأفكار الكلامية وأسلوبها هم ورثة للمعتزلة، وكان تهميش المعتزلة للأدلة النقلية عاملاً مواتياً مع مآرب الشيعة، ولم يكن لهم مدرسة كلامية تذكر في القرن الرابع"([15]).
ويقول ( مونتغمري وات ) في هذا السياق:
ليس هناك فرق ملحوظ بين الشيعة وبعض المعتزلة، فمن طريقة التفكير فهم يعدّون القرآن مخلوقاً _ مثلاً _، لكن الذي بقي غامضاً هو مدى تأثير المعتزلة ومن أين نشأ([16]).
الاستقلال الفكري (الشيعة والإمامة)
يعدّ بحث الإمامة أول أوجه الإستقلال في التفكير الشيعي. ونظراً لكون الإمامة هي ما يخلف الرسالة إلا في وحيها، فقد شكَّلت هذهِ المسألة وحدها الكثير من نقاط الافتراق. فقال بعض الباحثين: إن خلاف الشيعة الوحيد مع المعتزلة هو في باب الإمامة. ويظهر أن هذا الكلام من قبيل قولهم: إن الخلاف بين المسلمين والمسيحيين، هو في نبوة رسول الإسلام. فإن لهذا الخلاف نتائج عديدة ومؤثرة. فإن اتخذت الشيعة موقفاً من القياس أو إجماع أهل السنة أو قولها بالأمر بين الأمرين فهو عائد لتوجيهات الإمام وآرائهِ. إذن فمجرد الخلاف في مسألة الإمامة يولّد بطبيعة الحال قضايا كثيرة لها مدخليتها على النتائج. فلو سلمت الشيعة بالإمامة، فلن يختص ذلك في باب الأخلاق والأحكام، بل لا بد من العمل بقول الإمام حتى في مجال العقائد أيضاً، وعلى هذا الأساس يتكون الاستدلال والبرهان.
لذا يجب أن تأخذ الأحكام الصادرة بحق الشيعة بعين الاعتبار إلتزامها باتباع الإمام في جميع المجالات.
 
بحوث الشيعة الكلامية بعد الرسول
"فأفحم أبو بكر على المنبر حتى لم يحر جواباً، ثم قال: وليتكم ولست بخيركم أقيلوني أقيلوني. فقال لهُ عمر بن الخطاب: انزل عنها… إذا كنت لا تقوم بحجج قريش لم أقمت نفسك هذا المقام!؟ والله لقد هممت أن أخلعك وأجعلها في سالم مولى أبي حذيفة".
وهكذا بالنسبة لاحتجاجات سلمان الفارسي([19]) والسيدة الزهراء([20]) في الإمامة.
 
أئمة الشيعة وتنشئة المتكلِّمين
على الرغم مما يقال من تبلور علم الكلام الشيعي في القرن الرابع في عهد الشيخ المفيد، إلاَّ أنَّ أئمة الشيعة كانوا في أزمنتهم يدعون لبحوث الكلام ويدرسون في هذا المجال، فكان قيس بن الماصر متكلماً شيعياً قبل ظهور المعتزلة، وقد تتلمذ على يد الإمام السجاد ×([21]).
كما تلقى هشام بن الحكم الكثير عن الإمام الصادق × وجاء في سفينة البحار أن مناظرةً جرت بينه وبين رجلٍ شامي.
وحتى المخالفين كانوا على علمٍ بتبعية علم الكلام الشيعي للأئمة([22]).
ولم تقتصر بحوث الشيعة على موضوع الإمامة بل شملت جميع الجوانب، فلهشام ثلاث رسائل في الرد على أرسطو والثنوية وأصحاب الطبائع([23]).
لقد كانت دعوة الأئمة ^ لأصحابهم في تعلم علم الكلام([24])، ومنها حديث يونس "يا يونس لو كنت تحسن الكلام كلمته"([25]) جميعها تدل على حرصهم على الخوض في تفاصيل علم الكلام وإتقان بحوثهِ.
 
أئمة الشيعة وبحوث الكلام
إن من أهم الأمور التي سقطت من بحوث خصوم الشيعة الأمر المتمثل بالرؤية الخاصة والبعد المتميز في نصوص الأئمة وبياناتهم الفلسفية والكلامية، لاسيما في أحاديث الأئمة علي والسجاد والصادق والرضا ^. لقد كانت تلك الأحاديث تعبر عن أصالة علم الكلام الشيعي ونظرياتهِ ومما يجدر ذكرهُ هنا هو أن الحاجة لوجود متكلم شيعي تنتفي حيثما وجد الإمام (في المحيط الذي يقطنهُ في أقل تقدير)، لذا عندما كان الإمام الصادق في المدينة كان هشام بن الحكم في الكوفة يتابع نشاطهُ في علم الكلام. ثم إن سيرة الأئمة الأربعة، المتقدم ذكرهم آنفاً تدلّ على أن سائر الأئمة إن لم يتعرضوا لبحوث الكلام _ بغض النظر عن الضغوط السياسية _ فذلك لأنها لم تكن مطروحة في أزمانهم بشكل ملحوظ.
تأسيساً على ما تقدم، يكون أئمة الشيعة متقدمين على المعتزلة في طرح البحوث الكلامية. فبالإضافة لنهج البلاغة وما يزخر بهِ من نصوص كلامية، فالصحيفة السجادية أيضاً لها أهميتها من الناحية الكلامية، فإن افترى بعضهم في حق نهج البلاغة ونسبهُ للشريف الرضي، فإن ذلك لا يصدق بحق الصحيفة السجادية فلا يعتري شك في أنها من آثار الإمام السجاد × القيمة.
وقد أثبت السجاد × في صحيفتهِ بعض ما يتعلق بالإلهيات والكلام، ومما قاله في هذا الصَّدد:
1 ـ نفي الصفة عن الباري
اللهم يا من لا يصفهُ نعتٌ الواصفين([26]).
عجزتْ عن نعتهِ أوصاف الواصفين([27]).
ضلّتْ فيك الصفات وتفسخت دونك النعوت([28]).
لا يبلغ أدنى ما استأثرت بهِ من ذلك أقصى نعت الناعتين([29]).
2 ـ استحالة رؤية الباري
الذي قصرت عن رؤيتهِ أبصار الناظرين([30]).
يا من تنقطع دون رؤيتهِ الأبصار([31]).
ولم تدرك الأبصار موضع أينيتك([32]).
3 ـ نفي الضد والشبيه عنه
فقد قدمت توحيدك ونفي الأضداد والأنداد والأشباه عنك([33]).
أنت الذي لا ضد معك فيعاندك، ولا عدل لك فيكاثرك، ولا ندّ لك فيعارضك(34).
لقد نفى الإمام السجاد × في أدعيتهٍ شبيه الباري، قبل أن ينفصل واصل بن عطاء عن حلقات درس البصري ويعتزم تأسيس الاعتزال، إذن فالشيعة ليسوا بحاجة لأن يأخذوا ذلك من المعتزلة. (وقد كان استشهاد الإمام السجاد × سنة 95 هـ, في أعلى التقادير، في حين كان عمر واصل آنذاك خمسة عشر عاماً تقريباً).
4 ـ إدراك كنهه فوق مدارك البشر
أنت الذي قصرت الأوهام وعجزت الأفهام عن كيفيتك([34]).
حارت في كبريائك الأوهام([35]).
5 ـ لا يحد وغير متناهٍ
أنت الذي لا تحد فتكون محدوداً([36]).
لا حد له بأولية ولا منتهى له بآخرية([37]).
ومجدك أرفع من أن يحد بكنههِ([38]).
6 ـ نفي التجسيم والبشرية عنه
سبحانك لا تحس ولا تمس، ولا تكاد ولا تماط ولا تنازع ولا تجارى ولا تمارى ولا تخادع ولا تماكر([39]).
وبجـلال وجهـك الكـريم الـذي لا يبلى ولا يتغير ولا يحول ولا يغنى([40]).
أنت الذي لا يحويك مكان([41]).
7 ـ أزلية الرب وأبديته
الحمد لله الأول بلا أول قبلهُ والآخر بلا آخر يكون بعده([42]).
أنت الله الأول في أوليتك وعلى ذلك أنت دائم لا تزول([43]).
8 ـ توحيده
وجنبنا الإلحاد في توحيدك والتقصير في تمجيدك([44]).
ليس كمثلهِ شيء، ولا يعزب عنهُ شيء، وهو بكل شيء محيط، وهو على كل شيء رقيب. أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد المتوحد المفرد المنفرد. وأنت الله لا إله إلا أنت الكريم المتكرم العظيم المتعظم الكبير المتكبر. وأنت الله لا إله إلا أنت العلي المتعال الشديد المحال. وأنت الله لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم العليم الحكيم. وأنت الله لا إله إلا أنت السميع والبصير القديم الخبير. أنت الله لا إله إلا أنت الكريم الأكرم الدائم الأدوم. وأنت الله لا إله إلا أنت الأول قبل كل أحد والآخر بعد كل عدد. وأنت الله لا إله إلا أنت الداني في علوهِ والعالي في دنوه. وأنت الله لا إله إلا أنت ذو البهاء والمجد والكبرياء والحمد. وأنت الله لا إله إلا أنت الذي أنشأت الأشياء من غير سنخ، وصوَّرت ما صوَّرت من غير مثال وابتدعت المبتدعات بلا أضداد. أنت الذي قدرت كل شيء تقديراً، وسيرت كل شيء تيسيراً، ودبرت ما دونك تدبيراً. أنت الذي لم يعنك على خلقك شريك ولم يوازرك في أمرك وزير، ولم يكن لك مشاهد ولا نظير. أنت الذي أردت فكان حتماً ما أردت…([45]).
وقبل أن نلجأ إلى نصوص نهج البلاغة، بإمكاننا أن نستوحي حديث الإمام علي × في الإلهيات ومعرفة الله من المصادر الآتية: فكتاب المعيار والموازنة للإسكافي (م. 240) الذي يعود تأريخ تأليفهِ لقرن قبل ولادة الشريف الرضي، ذكرت فيه خطبة للإمام علي × هذا نصها:
"الحمد لله وأستعينهُ وأؤمن بهِ وأتوكل عليهِ، الأول لا شيء قبله والآخر لا غاية له، علا فدنا، دنا فعلا، لا تقع الأوهام له على صفة ولا تنعقد القلوب منه على كيفية، ولا تحيط له بذات ولا تنالهُ التجزئة ولا يدركهُ التبعيض الذي لا من شيء كان ولا من شيء خلق ما كان قدرهُ، بان بها الأشياء وبانت الأشياء منه، فليست لهُ صفة تنال ولا حدّ تضرب لهُ فيهِ الأمثال، كل دون صفاته تحبير اللغات وضل في ما هنا لك تصاريف الصفات، وحار في ملكوتِهِ عميقات مذاهب التفكير وانقطع دون الرسوخ في عملهِ جوامع التفسير، وحال دون غيبهِ المكنون حجب الغيوب وتاهت في أدنى أدانيها طامحات العقول، فتبارك الذي لا يبلغهُ بعد الهمم ولا ينالهُ غوص الفطن وتعالى الذي ليس لهُ وقت معدود ولا أجل ممدود ولا نعت محدود([46]).
وكان لكلمات الإمام علي × الانتشار الواسع على ألسن الناس، ما دعا مؤلف المعيار والموازنة لأن يقول:
"إن عامة ما ذكرنا من كلامهِ، ولم نذكرهُ من خطبهِ في التوحيد والثناء على الله وتذكيرهِ ومواعظهِ قد تحلى بها أكثر المتكلمين، وتزين بها الواعظون، وتكسب بها القصاص، ورددها في مجالسهم أهل الذكر"([47]).
وقد تكون هذهِ المواضيع متوافرة في نصوص سائر الأئمة
كالحسين×([48]) والباقر ×([49]) وبكمٍّ أكبر في أحاديث الصادق ×.
كان للإمام الصادق × نقاشات عديدة، فتارة مع الزنديق المصري([50]) وأخرى مع ابن أبي العوجاء أو عبد الله بن المقفع، أو محمد بن علي الكوفي،([51]) حيث أن الأول من تلامذة حسن البصري والثاني من بلاد فارس والثالث من الكوفة.
يعدّ الإمام الرضا × رابع أئمة الشيعة ممن خاضوا في لجج علم الكلام وتفاصيلهِ وكانت جل بحوثهِ في هذا المجال خلال تواجده في إيران، ومنها:
1.الاستدلال بالمبادئ العقيلة([52]).
2.في التوحيد([53]).
3.في البرهان على أن الله سبحانهُ موجود وأنه موجد للعالم([54]).
4.في البرهان على أن الله سبحانه واحد لا شريك له([55]).
5.في البرهان على أن صفات الله عين ذاتهِ، وأن الصفات الزائدة مسلوبة عنه تعالى([56]).
6.في البرهان على أن صفات الفعل خارجة عن ذات الله سبحانهُ ومنتزعة عن مقام الفعل([57]).
7.في البرهان على القضاء والقدر، وأنه لا يوجد شيء في العالم إلا بقضاء الله تعالى([58]).
8.في الجبر والتفويض وضرورة الأمر بين الأمرين([59]).
في الواقع يمكن اعتبار نهج البلاغة من أهم مصادر أفكار علماء الشيعة، وخصوصاً علماء القرن الرابع. ويمكن إدراك هذا التأثر من عدة جوانب. فالترتيب المنطقي للمصطلحات، والاستنتاج السليم، إضافة إلى بعض المفردات المستجدة نظراً لثراء اللغة العربية ومن دون الحاجة لترجمة النصوص اليونانية، تلك الفقرات جميعها وُظّفت في لغة أدبية فلسفية معمقة. وقد حظيت بعض الجوانب الفلسفية من كلام الإمام الأول باهتمام ملا صدرا ومدرسته.
 
رواد الشيعة في علم الكلام من البداية وحتى عصر المفيد
1- كميل بـن زياد([60]). 2- سليم بـن قيس الهلالي([61]). 3- حارث العوار الهمداني([62]). 4- أبو هشام بن محمد بن الحنفية([63]). 5- ميثم بن يحيى التمار([64]). 6- أويس القرني (إبن عامر) سيد التابعين([65]) 7- صعصعة بن صوحان([66]). 8- أصبغ بن نباتة([67]). 9- علي بن إسماعيل بن ميثم([68]). 10- زرارة بن أعين([69]). 11- أبو طالب الحضري([70]). 12- محمد بن عبد الله الطيار([71]). 13- أبو جعفر الأحول مؤمن الطاق([72]). 14- محمد بن الحكيم الخثعمي([73]). 15- هشام بن الحكم([74]). 16- يونس بن عبد الرحمن([75]). 17- محمد بن إسحاق القمي([76]). 18- مظفر الدين محمد الخراساني([77]). 19- علي بن عباس الجزايني الرازي([78]). 20- الفضل بن شاذان النيشابوري([79]). 21- أبو الطيب الرازي([80]). 22- أبو منصور صرام النيشابوري([81]). 23- ابن أبي عقيـل العمـاني([82]). 24- أبو عبدك الجرجاني([83]). 25- ابن مملك الإصفهاني…([84]). 26- محمد بن أبـي جعفـر الـرازي([85]). 27- إسماعيل بـن محمد بن إسماعيل بن هلال المحزومي([86]). 28- حديد بن حكيم الوجه المتكلم([87]). 29- إسماعيل بن إسحال أبو سهل النوبختي([88]). 30- محمد بن بشر أبو الحسين السوسنكَردي([89]). 31- أبو الحسين علي بن وصيف([90]). 32- حسن بن موسى النوبختي([91]).
 
الصِّدام بين المعتزلة والشيعة في مختلف المجالات
وهذا دليل آخر على استقلال الشيعة عن المعتزلة، فالمواجهة حاصلة منذ بدايات تكوين مذهب الاعتزال.
خلافات علم الكلام بين الشيعة والمعتزلة
هنالك خلاف كبير، في وجهات النظر، بين الشيعة والمعتزلة، فإن كانت الشيعة قد أخذت عن المعتزلة أفكارها، إذن فما هو المسوِّغ لهذا الكم من الخلافات بينهما. وهنا سنشير إلى بعض نقاط الافتراق بين الاتجاهين:
1- إتفق أهل الإمامية على أنهُ لا بد في كل زمان من إمام موجود…، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك وجواز خلو الأزمان الكثيرة من إمام موجود([92]).
2- اتفقت الإمامية على أن الإمامة لا تثبت مع عدم المعجز لصاحبها إلا بالنص على عينه والتوقيف، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك([93]).
3- اتفقت الإمامية على ان الإمامة بعد النبي |. في بني هاشم خاصة…، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك([94]).
4- اتفقت الإمامية على أن رسول الله | استخلف أمير المؤمنين × في حياته ونصّ عليه…، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك…([95]).
5- اتفقت الإمامية على ان النبي | نص على إمامة الحسن والحسين بعد أمير المؤمنين ×…، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك([96]).
6- اتفقت الإمامية على أن الإمام لا يكون إلاّ معصوماً من الخلاف لله تعالى…، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك([97]).
7- اتفقت الإمامية على أن رسول الله | نص على علي بن
الحسين ×…، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك([98]).
8- اتفقت الإمامية على ان الأئمة بعد الرسول | أثنا عشر إماماً، وخالفهم في ذلك كل من عداهم من أهل الملة([99]).
9- اتفقت الإمامية على أن المتقدمين على أمير المؤمنين ضلال فاسقون…، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك([100]).
10- اتفقت الإمامية والزيدية والخوارج على أن الناكثين والقاسطين من أهل البصرة والشام، أجمعين، كفار ضلال ملعونون بحربهم أمير المؤمنين ×… وأجمعت المعتزلة سوى الغزال وعمر بن عبيد وابن باب على خلاف ذلك([101]).
11- اتفقت الإمامية والزيديـة وجماعـة مـن أصحـاب الحديث على أنّ الخوارج في النار بذلك مخلدون، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك([102]).
12- اتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى من فرض الطاعة هو كافر ضال مستحق للخلود في النار، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك([103]).
13- اتفقت الإمامية على أن العقل محتاج في علمه ونتائجه إلى السمع، وأنه غير منفك عن سمع ينّبه العاقل على كيفية الاستدلال، وأنه لا بد في أول التكليف وابتدائه في العالم من رسول، ووافقهم في ذلك أصحاب الحديث وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك([104]).
14- اتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة، وإن كان بينهم في معنى الرجعه اختلاف، واتفقوا على إطلاق لفظ البداء في وصف الله تعالى وأن ذلك من جهة السمع من دون القياس، واتفقوا على أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا عن موجب التنزيل وسنة النبي |، وأجمعت المعتزلة على خلاف الإمامية في جميع ما عددناه([105]).
15- اتفقت الإمامية على أن الوعيد بالخلود في النار متوجه إلى الكفار، خصوصاً من دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة بالله تعالى والإقرار بفرائضه من أهل الصلاة…، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك، وزعموا أن الوعيد بالخلود في النار عام في الكفار وجميع فساق أهل الصلاة([106]).
16- اتفقت الإمامية على أن من عُذّب بذنبه من أهل الاقرار والمعرفة والصلاة لم يخلّد في العذاب وأخرج من النار إلى الجنة…، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك([107]).
17- اتفقت الإمامية على أن رسول الله | يشفع يوم القيامة لجماعة من مرتكبي الكبائر من أمته، وأن أمير المؤمنين × يشفع في أصحاب الذنوب من شيعته، وأن أئمة آل محمد ^ يشفعون كذلك…، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك، وزعمت أن شفاعة رسول الله | للمطيعين من دون العاصين وأنه لا يشفع في مستحق العقاب من الخلق أجمعين([108]).
18- اتفقت الإمامية على أن مرتكب الكبائر من أهل المعرفة والإقرار لا يخرج بذلك عن الإسلام…، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك([109]).
19- اتفقت الإمامية على أن الإسلام غير الإيمان… وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك([110]).
20- اتفقت الإمامية على أن قبول التوبة تفضّل من الله عز وجل وليس بواجب في العقول إسقاطها لما سلف من استحقاق العقاب…، وأجمعت المعتزلة على خلافهم، وزعموا أن التوبة مسقطة لما سلف من العقاب على الوجوب([111]).
21- ارتأى المعتزلة التفويض فقالوا: "أفعال العباد غير مخلوقة فيهم وأنهم المحدثون لها"([112])، و… إن العبد قادر خالق لأفعالهِ خيرها وشرها([113])، وإن الله تعالى ليس له في أفعال العباد المكتسبة صنع ولا تقدير لا بإيجاد ولا نفي"([114]) بينما تقول الشيعة بأنه أمر بين أمرين([115]).
22- تعتقد الشيعة بأنه لا بد من تأويل النصوص الشرعية المخالفة لحكم العقل القطعي، أما المعتزلة فقد تطرفوا لجانب العقل كثيراً حتى أنهم أنكروا بعض النصوص الشرعية لعدم توافقها مع العقل([116]).
23- قالت الإمامية بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفقاً للكتاب و السنة، واستند المعتزلة في وجوبهما لحكم العقل خصوصاً([117]).
24- ذهب المعتزلة للقول بوجود مرحلة وسطى بين الوجود والعدم أسموها الحال، بينما لا يعتقد الإمامية بوجود أي حد فاصل بينهما([118]).
 
مناظرات الشيعة والمعتزلة
لقد احتدم صدام الشيعة مع المعتزلة منذ باكورة تأسيس الاعتزال. وكانت المشاركة في المناظرات، إما من قبل الأئمة ^ أو من ينوب عنهم من تلامذتهم، كمحاججة الإمام الصادق × لأحد المعتزلة التي ذكرها فخر الرازي في المطالب العالية([119]).
وكذلك حوار الإمام الصادق × مع واصل بن عطاء([120]) أو مناظرات هشام بن الحكم مع عمرو بن عبيد([121]) وأبي الهذيل العلاف([122])، ونقاشات ابن مملك الأصفهاني مع أبي علي الجبائي([123]) في باب الإمامة.
يقول الدكتور سامي النشار في هشام:
تهاجم المعتزلة هشاماً وتنبذه بالزندقة…، فهذا دليل واضح على أنهُ أكبر مناقض للمعتزلة، بل إنهُ نجح إلى حد كبير في قطعهم.
تضاف إلى تلك المناظرات بحوث علي بن إسماعيل، وهو من علماء كلام الشيعة مع أبي الهذيل والنظّام([124])، وهناك بحوث عديدة للشيخ المفيد مع المعتزلة، جاء ذكر بعضها في الفصول المختارة.
ردود الشيعة على المعتزلة
1- المجالسة مع أبي علي الجبائي بالأهواز ( أبو سهل النوبختي )([125]).
2- كتاب الرد على المعتزلة (هشام بن الحكم)([126]).
3- كتاب الرد على المعتزلة في طلحة والزبير (هشام بن الحكم)([127]).
4- كتاب الرد على من قال بإمامة المفضول (هشام بن الحكم)([128]).
5- كتاب الرد على المعتزلة في إمامة المفضول (مؤمن الطاق)([129]).
6- كتاب النقض على الإسكافي (الفضل بن شاذان النيشابوري)([130]).
7- النقض على أبي الهذيل في المعرفة (محمد بن حسن النوبختي)([131]).
8- الرد على أصحاب المنزلة بين المنزلتين والوعيد (محمد بن حسن النوبختي)([132]).
9- كتاب فضائح المعتزلة (إبن الراوندي)([133]).
 
ردود المعتزلة على الشيعة
1 ـ كتاب الرد على الرافضة (بشر بن المعتمر)([134]).
2 ـ كتاب الرد على هشام بن الحكم (بشر بن المعتمر)([135]).
3 ـ كتاب الإمامة على هشام (أبو الهذيل العلاف)([136]).
4 ـ كتاب إمامة أبي بكر (قاسم بن خليل الدمشقي)([137]).
5 ـ كتاب التوحيد على أصناف المشبهة والجهمية والرافضة (جعفر بن المبشر)([138]).
6 ـ كتاب الجامع على الرافضة (الأصم)([139]).
7 ـ كتاب الجامع على الرافضة والحشوية (ضرار بن عمرو)([140]).
8 ـ كتاب على هشام (أبو جعفر الإسكافي)([141]).
9 ـ كتاب المسائل على الهشامية (إبن الرواندي)([142]).
 
تهم المعتزلة ضد الشيعة
يظهر أن فكرة تأثر الشيعة بالمعتزلة، ونسبة القول بالتجسيم لهشام، تعود بالدرجة الأولى للمعتزلة، ثم شقت طريقها إلى مصادر علم الكلام، ومن ثم وصلت للمستشرقين. ولم يثبت حتى الآن مصدر آخر ادعى تأثر الشيعة بالمعتزلة أو اتهمها بالقول بالتشبيه سواهم. ومن الغريب هنا أننا نجد الأخباريين والأشاعرة يوافقون المعتزلة في ذلك مع أنهما يصنفان الاعتزال في عداد الكفر وارتكاب الكبائر([143])، فأبو الحسن الأشعري، وهو من أكبر المعاندين للمعتزلة والرواد في ذلك من أبناء العامة، لم يذكر دليلاً على نسبة التشبيه للشيعة، بل إنَّه كان يكتفي أحياناً بالنقل عن مجموعة من المعتزلة كالجاحظ، وأبي الهذيل، وابن الراوندي، والوراق([144])، فبعد مقالات الإسلاميين جاء مصدر آخر نقل قول الشيعة بالتشبيه عن أولئك الأربعة([145]) هو الفرق بين الفرق للبغدادي. ونقل كلامه الشهرستاني في الملل والنحل. ويقول: قال فخر الرازي في كتاب الملل والنحل:
من أشهر الكتب في هذا الموضوع "الملل والنحل"؛ إنهُ كتاب ذكر فيه مذاهب أهل العلم بزعمهِ إلا أنهُ غير معتمد عليه، لأنهُ نقل المذاهب الإسلامية من الكتاب المسمى بالفرق بين الفرق من تصانيف الأستاذ أبي منصور البغدادي، وهذا الأستاذ كان شديد التعصب على المخالفين ولا يكاد ينقل مذهبهم على الوجه الصحيح. ثم إن الشهرستاني نقل مذاهب الفرق الإسلامية من ذلك الكتاب"([146]0).
وقد اتَّبعت المصادر التي أتت بعد ذلك تلك الكتب المذكورة نفسها، فابن تيمية نقل في عبارتهِ – في بداية هذا المقال – عن شخص حمل اسمهُ أشعريتهُ، ويكتب عبد الرحمن بدوي في مذاهب الإسلاميين يقول: إن أبا الهذيل قال: وذهب هشام للقول بالتشبيه. وأضاف صاحب كتاب أصول العقيدة بين المعتزلة والشيعة الإمامية إلى تلك المصادر دعوى وجود نسبة ذلك لهشام في المصادر الشيعية:
تذكر المصادر التي تؤرخ للشيعة الإمامية أن من قدمائهم من كان يذهب إلى التجسيم صراحة، مثل هشام بن الحكم وهشام الجورالقى، فقد اشتهر كل منهما بالقول بالتشبيه والتجسيم، وتكاد تتفق المصادر الإمامية أيضاً مع المصادر الأخرى في نسبة التجسيم إليها…، بل أن تبرُّؤ الأئمة من قول هشام بالتجسيم نص صريح في كتبهم([147]).
لكن، وإن كان موضوع البت في قضية هشام يحتاج إلى بحث مستقل، فإنّ مصادر الشيعة قد احتوت رأياً مخالفاً للمؤلف، إذن فلا بد من استقراء جميع الآراء في أقل تقدير.
في تفسير علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن نصر، عن علي بن موسى الرضا × قال: قال لي: يا أحمد ما الخلاف بينكم وبين أصحاب هشام بن الحكم في التوحيد؟
فقلت: جعلت فداك قلنا نحن بالصورة للحديث الذي روى أن رسول
الله | رأى ربهُ في صورة شاب، وقال هشام بن الحكم بالنفي للجسم…([148]).
وينقل عن هشام بن الحكم قوله:
الأشياء كلها لا تدرك إلا بأمرين… تعالى الله أن يشبههُ خلقهُ([149]).
ويقول أيضاً:
فعلمت أن لها (الأشياء) خالقاً خلقها ومصوراً صورها مخالفاً لها على جميع جهاتها([150]).
ويضاف إلى ذلك وجود كتاب من بين كتب هشام يحمل عنوان: "الدولة على حدوث الأجسام"([151]).
يظهر من ذلك أن ما نسب لهشام هو من صنع المعتزلة فقط، لأنه توجد لديه كتب عديدة ذكرها الشيخ في الفهرست وابن النديم وابن شهر آشوب في معالم العلماء… الخ…، ولم تستند التهم الموجهه إليه لواحدٍ من مصادره، بأن يذكر مثلاً أنهُ قال بالتجسيم والتشبيه في واحد من تلك الكتب.
إنّ تلك التهم جميعها تمخضت عن صداماته مع المعتزلة فاتهموه بذلك لإلزاماتهِ عليهم كما قال الشهرستاني: "لا يجوز أن يغفل عن إلزاماتِهِ على المعتزلة"([152]).
فهو احتمال في أقل تقدير.
ويعلل ابن الراوندي _ المعتزلي سابقاً _ عداء الجاحظ لهشام في فضيلة المعتزلة بسبب مناظرات هشام مع العلاف، فدفع ذلك بالجاحظ كي يكتب ضد هشام "فيكون بذلك قد ثأر لأستاذهِ من هشام: إن الذي حمل الجاحظ على ذلك العصبية وطلب ثأر أستاذهِ من هشام بن الحكم"([153]).
ورأى سامي النشار هشاماً من أبرز علماء علم الكلام في القرن الثاني وعرَّفهُ بوصفه كبير نقاد المعتزلة؛ الأمر الذي علل به سبب اتهامهم له باتصاله بالثنوية([154]× قال فيها: "إن روايات الجبر والتشبيه المنسوبة للشيعة هي من وضع المناوئين([156]).) وغيرها من التهم التي لا أساس لها من الصحة([155])، وينقل الصدوق رواية عن الرضا
الحسين بن خالد عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا×، قال قلت له: يا ابن رسول الله، إن الناس ينسبوننا إلى القول بالتشبيه والجبر لما روي من الأخبار في ذلك عن الأئمة، فقال: يا ابن خالد أخبرني عن الأخبار التي رويت عن آبائي في التشبيه والجبر أكثر أم الأخبار التي رويت عن النبي في ذلك؟ فقلت: بل ما روي عن النبي في ذلك أكثر. قال: فليقولوا: إن رسول الله | كان يقول بالتشبيه والجبر إذاً فقلت لهُ: إنهم يقولون: إن رسول الله | لم يقل من ذلك شيئاً وإنما روي عليه، قال: فليقولوا في آبائي ^: إنهم لم يقولوا من ذلك شيئاً وإنما روي عليهم، ثم قال: من قال بالتشبيه والجبر فهو كافر مشرك…
وعلى الرغم من موقف الأئمة الحازم من التشبيه، لا يزال المعتزلة يعدون الشيعة من المشبهة([157]). لذا فلا يستبعد أن تلصق هكذا تُهم بهشام بن الحكم. وفي الوقت الذي كانت، في زمن الأشعري على الأقل، تعج فيه مصادر الشيعة بالروايات النافية للجبر والتشبيه، إلاّ أن هؤلاء لا يعتنون بالمصادر. ولم يكن هناك سوى ما كان يردده الخياط من عبارات "الوحي المنزل" في ما يخص الشيعة، فقلما نظروا إلى لشيعة من واقعها من دون نظرتهم العدائية. في حين لو أصبح رأي الخصوم هو الملاك المعين لما بقي لأي جهة في العالم رأي صائب وقرار ثابت.
من هنا قال المفيد & في هشام: "لسنا نعرف ما حكاهُ المعتزلة عن هشام بن الحكم في خلافه، وعندنا أنهُ تخرُّص منهم عليه وغلط ممن قلدهم فيه فحكاهُ من الشيعة عنهُ ولم نجد له كتاباً مصنفاً ولا مجلساً ثابتاً، وكلامهُ في أصول الإمامة ومسائل الامتحان يدل على ضّدِ مَا حكاه الخصوم عنه"([158]).
وكان الشاهد على كلام المفيد هو ما نقلهُ الخياط في الانتصار بخصوص هشام والسكاك وعلي بن الميثم. حيث تضمن تقريراً حوارياً بحضور المعتزلة جاء فيه:
لقد جمع بينهُ [هشام] وأبي الهذيل بمكة وحضرها الناس، فظهر من انقطاعهِ وفضيحته وفساد قوله ما صار به شهرة في أهل الكلام… وكذلك علي بن الميثم بالبصرة كان في أيدي أحداث المعتزلة، وكذلك كان السكاك به الأمس وهو أحد أصحاب هشام لم يكلمهُ معتزلي قطّ إلاّ قطعهُ([159]).
وقد وافق السيد معروف الحسني رأي المفيد فقال: "هذهِ النسبة جاءتهُ [هشام] من أخصامهِ المعتزلة، كانوا يرونهُ من أنكر أخصامهم الأقوياء ويتبع المتأخرون منهم على منوالهم"([160]).
 
تأثيرات الشيعة في المعتزلة
كل ما مرّ كان إثباتاً لاستقلالية الفكر الشيعي في علم الكلام، في مقابل أولئك الذين قالوا: إن الشيعة تأثروا بالمعتزلة. أما هنا فلن نكون في صدد ذلك وحسب، بل سنثبت العكس من ذلك ونبيِّن أن المعتزلة هم الذين أخذوا من أسس علم الكلام الشيعي.
 
التأثير العام
تعدّ مسألتا العدل والتوحيد من أهم ركائز الفكر الاعتزالي. وخلافاً لادعاء الخياط في أن الشيعة في هذهِ المسائل قد أخذت عن المعتزلة، فإن المعتزلة هم الذين تأثروا في هذه البحوث بكلام الإمام علي ×([161]). "فأما أمير المؤمنين فخطبهُ في بيان نفي التشبيه وفي إثبات العدل أكثر من أن تحصى"([162]). وكان السيد المرتضى هو من بين المفكرين الشيعة الذين تطرقوا لهذا الموضوع، قال في الأمالي:
اعلم أن أصول التوحيد والعدل مأخوذة من كلام أمير المؤمنين علي × وخطبهِ، إنها تتضمن من ذلك ما لا زيادة عليه ولا غاية وراءه، ومن تأمل المأثور في ذلك من كلامهِ علم أن جميع ما أسهب المتكلمون في تصنيفهِ وجمعه هو تفصيل لتلك الجمل وشرح لتلك الأصول([163]).
لقد رأى بعض المعتزلة علياً × منشأ فرقتهم. وقد يذكرون أيضاً
أئمة ^ آخرين غيرهُ. فقد صنف صاحب طبقات المعتزلة، الإمام علي والحسن والحسين ^ في الطليعة من أتباع الاعتزال([164]× والحسن والحسين والإمام الخامس من رواد الاعتزال ضمن تصنيف طبقات المعتزلة([165]).). فالقاضي عبد الجبار يعدّ الإمام علي
أما في السند فتارة يذكرون أن أفكار المعتزلة نقلت عن طريق أبي هشام عن الإمام علي ×؛ كما يذكر ابن النديم في الفهرست([166])، وهو سند مستقل وليس بوساطة البلخي.
أخبرني عمي أحمد وعمي هارون قالا: حدثنا أبو يعلى زرقان، واسمهُ محمد بن شداد صاحب أبي الهذيل، قال: حدثنا أبو الهذيل، العلاف محمد بن الهذيل قال: أخذت هذا الذي أنا عليهِ من العدل والتوحيد عن عثمان بن الطويل وكان معلم أبي الهذيل، قال أبو الهذيل، وأخبرني عثمان أنّه أخذ عن واصل بن عطاء وأن واصلاً أخذهُ عن أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنيفة وأن عبد الله أخذهُ من أبيه محمد بن الحنيفة وأن محمداً أخبرهُ أنهُ أخذهُ عن أبيه علي × وأن أباه أخذهُ عن رسول الله | أخبرهُ أن جبرئيل نزل به عن الله جل وتعالى([167]).
تأسيساً على ذلك يكون ما ذكرهُ السيد جعفريان: إن وجود هذا السند في جملة من كتب المعتزلة ليس دليلاً على تعددهِ([168]). منطبقاً في موضع اتصالهِ بالبلخي، لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد له سند آخر، فكما لاحظنا أن ابن النديم لم ينقل عن البلخي وذلك سند مستقل بذاتهِ.
أما ما قيل في بعض النصوص من أن واصلاً قد أخذ عن محمد بن الحنفية، وأن محمداً هو الذي ربى واصلاً وعلمهُ، ومحمد أخذ عن أبيه علي بن أبي طالب([169])، فهذا ما يرفضهُ السيد المرتضى، لأن ولادة واصل كانت عام (80) ومحمد متوفى عام (81)([170]) لذا لا يمكن لواصل أن يأخذ عن محمد بن الحنفية، ومن الغريب أنّ مؤلف أصول العقيدة كتب يقول: أما نشأة واصل بن عطاء على يد محمد بن الحنفية فهي حقيقة تاريخية ثابتة وقد أثبتها البلخي أيضاً([171]).
ومن جملة الذين حاولوا نفي اتصال المعتزلة بالإمام علي × الدكتور أحمد فؤاد الأهواني. يقول في مقدمة شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار المعتزلي:
وقد نظر القاضي في قضية الاعتزال… وانتهى إلى رأي ذكرهُ في ابتداء هذا الكتاب من أن أصل الاعتزال هو علي بن أبي طالب ×، باعتبار أنهُ أول من بحث في دقائق علم الكلام، وأخذ عنهُ ابنهُ محمد بن الحنفية، ثم ابنه أبو هاشم بن محمد بن الحنفية، وعنه أخذ واصل بن عطاء، ولكن هذه الرواية تعوزها الأسانيد والأدلة التاريخية، ولو أنها تفسر الصلة بين الشيعة والمعتزلة، والحق أن هذا يتنافى مع ما ذكره مؤلفو كتب الفرق مثل البغدادي والإسفرائيني وغيرهم من أن علي بن أبي طالب × نهى عن الخوض في أمر القدر، وقال للسائل الذي سألهُ: إنّه طريق دقيق لا ينبغي الخوض فيهِ، فكيف يتلاءم هذا الخبر مع ما ذكرهُ القاضي من أن علياً أول من بحث في دقائق علم الكلام([172]× هو رغبته في نفي افتراض تأثر المعتزلة بالشيعة، ولم يتأمل في ظروف الرواية وأهمية مضمونها. ويدل على ذلك تعقيب الإمام في إحدى جمل نهج البلاغة([173]) بهذهِ العبارة([174]): ويحك لعلك ظننت قضاءً لازماً وقدراً حاتماً، ولو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب وسقط الوعد والوعيد. وأكثر من ذلك احتواء المصادر الشيعية على هذهِ المسألة بشكل مفصل، وتشير إلى أن الإمام مهّد للموضوع بشرح خطورته إشعاراً منه بذلك، ثم فصَّل القول فيه. )؟ يظهر أنّ دافع الدكتور من وراء تمسكه بعبارة البغدادي عن الإمام
جاء رجل إلى أمير المؤمنين × فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر، قال: بحر عميق فلا تلجهُ، قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر، قال ×: طريق مظلم فلا تسلكه، قال يا أمير المؤمنين: أخبرني عن القدر قال ×: سر الله فـلا تكلفهُ([175]×: أما إذا أبيت، فإني سائلك: أخبرني أكانت رحمة الله للعباد قبل أعمال العباد…([176]× لا غير، فقد صرح في الفرق بين الفرق معبراً عن رأي أهل السنة بقوله: فأول متكلميهم من الصحابة علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) ناظر الخوارج في مسائل الوعد والوعيد وناظر القدرية في المشيئة والاستطاعة والقدر… ثم زيد بن علي زين العابدين وله كتاب في رد القدرية… ومن بعد هذهِ الطبقة جعفر بن محمد الصادق ولهُ كتاب الرد على القدرية([177]). وللسيد أحمد أمين كلام في هذا السياق يقول فيه: إن بعض الشيعة زعموا أن المعتزلة أخذوا عنهم وأن واصلاً بن عطاء رأس المعتزلة تتلمذ لجعفر الصادق، أنا أرجح أن الشيعة هم الذين أخذوا من المعتزلة تعاليمهم وتتبع نشوءِ مذهب الاعتزال يدل على ذلك([178]). لكن لم يذكر الكاتب أين قالت بعض الشيعة ومتى، ولم يحدد مصدراً لذلك، ولم نعثر عليه في كتاب من الكتب، وإن يرجح تلقي الشيعة من المعتزلة فهذا يحتاج إلى دليل وإثبات للجانب الخاضع للتأثير، وإن ذكر أن تتبع نشوء مذهب الاعتزال دال على ذلك، لكن هذهِ كلمات بإمكان الشيعي قولها. فالكلام وحدهُ لا يثبت شيئاً. )، زدْ على ذلك لو أن الدكتور قد اطلع على كتاب البغدادي نفسه، ولم يَكتف بما يتناسب مع أفكارهِ خصوصاً، لعلم أن غرض البغدادي من نقل هذا الخبر هو بيان أهمية القدر عند الإمام ). قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر فقال أمير المؤمنين
ثم يعرج على حكاية فيقول: إن زيد بن علي، زعيم الفرقة الشيعية الزيدية التي تنتسب إليه، تتلمذ لواصل، وكان جعفر يتصل بعمه، ويقول أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين: كان جعفر بن محمد يمسك لزيد بن علي بالركاب يسوي ثيابه على السرج فإذا صح ما ذكرهُ الشهرستاني وغيره عن تتلمذ زيد لواصل فلا يعقل أن يتتلمذ واصل لجعفر. فكان يبغي من وراء سرد هذهِ القصة نفي أن يكون الإمام الصادق معلماً لواصل. فنحن أشرنا في البداية إلى أن مصادر الشيعة لم تذكر تتلمذ واصل عند الصادق ×، وكذلك مصادر المعتزلة ذكرت ذلك بنحو الحوار المتقابل بينهما، هذا أولاً، وثانياً: نقول في تمسك الصادق × بركاب زيد بن علي، فهذا ما رواه أبو الفرج الأصفهاني وهو زيدي لا يمكن الاعتماد عليه في هذا المجال، لأنه يتضمن علواً في عظمة مذهبه.
ثالثاً: فإن كان الإمام يكرم زيداً وهو تلميذ واصل، فهذا بلا شك يدل على أن واصلاً لم يأخذ شيئاً من الإمام ×.
رابعاً: إن فرضنا صحة الرواية برمتها، فما هو الدليل فيها على إثبات أخذ الشيعة عن المعتزلة، نعم، عقبَ على كلامهِ بقوله: كثير من المعتزلة كان يتشيع فالظاهر أنهُ عن طريق هؤلاء تسرَّبت أصول المعتزلة إلى الشيعة. فقوله بالظاهر لا يدل على الإثبات إطلاقاً.
أما قول الدكتور أحمد محمود صبحي: إن المعتزلة وشيخهم واصل بن عطاء (المتوفى في عام 131) هو أول من فتق الحديث في الكلام([179]× في المسائل الكلامية من عدل ونفي التشبيه. ويوجد هناك حلقة وصل أخرى – باستثناء ما ورد في وثائق المعتزلة للاتصال بالشيعة – وهو اتصالهم بأهل البيت × عن طريق حسن البصري. وهناك رواية في تحف الحقول تنص على أن حسن البصري سأل الإمام الحسن في باب القدر والاستطاعة وأجابه الإمام([180]).) فهو مردود لما تقدم من كلام المعتزلة وأنهم يتصلون بعلي
تأسيساً على ذلك يمكن القول:
1- كانت هنالك بحوث عديدة في علم الكلام قبل ظهور المعتزلة.
2- إن أئمة الشيعة هم الأفضل في بحوث علم الكلام (ولو عند بعضهم في أقل تقدير).
3- كانت بحوث الكلام تنقل عن الأئمة للمعتزلة بوساطة الحسن البصري، وهو أستاذ واصل بن عطاء، وبالنتيجة تكون المعتزلة هي المتأثرة بالشيعة.
ومما ورد في مصادر الشيعة أيضاً رسالة الحجاج بن يوسف إلى كلٍ من حسن البصري وعمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وعامر الشعبي سائلاً إياهم عن القضاء والقدر، وكان رد كل واحد منهم ما مضمونهُ: "أحسن ما سمعت في القضاء قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فلما وصلت كتبهم إلى الحجاج ووقف عليها قال: لقد أخذوها من عين صافية"([181]×، ثالثاً: توفي الحجاج سنة 95 هـ.([182]) وكانت ولادة عمرو بن عبيد([183]) وواصل بن عطاء([184]) سنة 80 هـ. فهل تعقل مكاتبة الحجاج لمن كان في سن الخامسة عشرة، فهذا بعيد جداً. ) إلا أن ذلك مرفوض من عدة جوانب، أولا: ما هو مدى إلمام الحجاج ببحوث علم الكلام؟، ثانياً: هل كان يسهل عليه مدح علي
 
المعتزلة وتفضيل علي ×
بما أن موطن الاعتزال كان في البصرة، وأن واصل بن عطاء هو المؤسس الأول، وله رأي في أصحاب الجمل وصفين قال فيه: أن أحدهما مخطئ لا بعينه([185]× على الخطأ، لذا مبدئياً لن تكون هناك مسألة تفضيل وحسب، بل قد يتوافر ما هو العكس من ذلك. طبعاً، هذا لا يتنافى مع ما مرّ آنفاً كي يستنتج منهُ الدكتور أحمد محمود صبحي أن واصلاً كان على خلاف مع علي × بخصوص الجمل وصفين، إذن لا يعقل أن يكون قد أخذ عن الشيعة شيئاً. فلم يدّع أحد أن واصلاً من الشيعة كل ما في الأمر هو أن المعتزلة قد تكون أفادت من مفاهيم الشيعة لا أنْ يكون المعتزلة هم من الشيعة. كي يقال لسبب تعلم واصل من أبي هاشم، والحال أنّ له رأياً مخالفاً لأستاذه في الإمامة وغيرها من المسائل([186]× رئيس المعتزلة، ومبدأ الطريقة في أعلام الصحابة وأئمة العترة". وبناءً على كون واصل مؤسس المعتزلة وعلى رأيهِ المتقدم في تفضيل علي ×، إذن ما هو المانع من أن تقول معتزلة بغداد قاطبة بتفضيل علي، وكذلك أن يتأثر متأخرو معتزلة بغداد، ومن ثم البصرة في باب التفضيل بالفكر الشيعي. ). أو أن يقول الشهرستاني بعد نقلهِ لكلام واصل في خصوص الخليفة الثالث والإمام علي: "هذا قوله، وهو علي ) وجوز أن يكون عثمان وعلي
ويسلم الدكتور بمدى التأثر الحاصل لمعتزلة بغداد، فيقول:
مدرسة بغداد ذات المنبت الكوفي حتى تسلل التشيع إلى الاعتزال، حتى أطلق على معتزلة بغداد المعتزلة تمييزاً لهم عن معتزلة البصرة. ولقد فضلوا
علياً × على أبي بكر، وأدانوا أصحاب الجمل، وتبرأوا من معاوية وعمرو بن العاص وخاضوا في مبحث الإمامة([187]).
إذن فلمجرد كون الكوفة مركزاً شيعياً في زمن الإمام علي ×، أو عند ما كان عمار بن ياسر حاكماً هناك يستنتج تأثير الفكر الشيعي على الاعتزال، والغريب أنه عندما يقال: التشيع خضع لتأثيرات الاعتزال فلا يقصد منهُ سوى معتزلة بغداد وذلك لوجود المفيد([188]) والمرتضى([189]) والرضي([190]) هناك، وحتى عندما سافر الصدوق([191]) للعراق فالجميع في بغداد (كذلك النوبختيون)([192]) فلا علاقة لهم بالبصرة إطلاقاً. بعبارة أخرى، لم يقل أحد بالتأثير المباشر من قبل معتزلة البصرة على الفكر الشيعي، في حين شهد اعتزال البصرة وبغداد مرحلة فاصلة تمثلت بمسألة التفضيل، ومن ثم انتقلت الفكرة إلى البصرة إذن، هل أخذت الشيعة أفكارها من المعتزلة أو الأمر على العكس من ذلك؟ لم يذكر المؤلفون مورداً واحداً يثبت تأثر مفهوم من مفاهيم التشيع بأفكار المعتزلة في مرحلة ما. وليس ما تقدم من مسألة التشبيه إلا اتهام لا أكثر خالٍ من التوثيق التاريخي، بل إن هناك العديد من مصادر التشيع تثبت خلاف ذلك إلا أن الخصم لم يتكلف جهد متابعتها ودراستها.
في المقابل تقر المعتزلة برفض معتزلة البصرة لمقولة التفضيل.
كتب القاضي عبد الجبار في شرح الأصول الخمسة: "فاعلم أنّ المتقدمين من المعتزلة ذهبوا إلى أن أفضل الناس بعد رسول الله | أبو بكر وعمر ثم عثمان ثم علي ×([193]).
مع استثناء واصل بن عطاء بقولهِ: "إلا واصلاً فإنه يفضل أمير المؤمنين على عثمان" إلاّ أن هذا يتضمن تضاداً مع ما نقل عن واصل حين قال: "لم يجز قبول شهادة علي × وطلحة والزبير على باقة بقل"([194]).
 
المعتزلة وعصمة الأنبياء
يعدّ الدكتور أحمد محمود صبحي من جملة الذين لا يقولون بتأثر المعتزلة بالشيعة. ومع ذلك، يقر في بحث العصمة بالتأثير نفسه في هذا المجال:
هناك عقائد أخرى للشيعة شارك فيها المعتزلة، وأثاروا جانب التشيع على الجانب السني، ولعل أهم هذهِ العقائد ما يتعلق بالعصمة([195]).
 
جنوح بعض المعتزلة إلى التشيع
ثمة شاهد آخر على أصالة الفكر الشيعي وتأثر الاعتزال به، وهو جنوح بعض المعتزلة نحو التشيع. في حين لم يسبق أن يقضي أحدهم عمرهُ في التشيع ثم ينجذب للمعتزلة.
كتب صاحب المعيار والموازنة يقول: "إنك لم تر شيعياً قط رجع القهقرى بل يزداد في الإفراط ويغلو في القول، ولا يرجع إلى التقصير حتى يسير بالإفراط رافضياً كبيراً …"([196]).
أما العلماء الذين جذبوا نحو التشيع فهم:
1- ابن قبة الرازي، كان معتزلياً في بداية أمره ثم تشيع([197]) وقد سبقت وفاته عهد المفيد والشريف الرضي والمرتضى.
2- محمد بن عبد الملك بن محمد التبان([198]).
3- محمد بن عبد الله بن مملك الاصفهاني([199]). ويظهر أن ما نقلهُ السيد جعفريان في خصوص عبد الرحمن بن أحمد([200]) بأنه كان معتزلياً ثم تشيَّع نقلاً عن النجاشي ليس صحيحاً، وهذهِ هي عبارة النجاشي: "عبد الرحمن بن أحمد بن جبرويه… متكلّم من أصحابنا حسن التصنيف جيد الكلام، وعلى يدهِ رجع محمد بن عبد الله بن مملك الاصفهاني من مذهب المعتزلة إلى القول بالإمامة([201]).
4- علي بن محمد بن عباس.
5- علي بن عيسى الرماني البغدادي؛ ومن قصتهُ أنه قد عرف عنه الثبات في الرأي والمذهب والصمود أمام النوازع الفكرية والزعازع المذهبية، وإن قصتهِ مع السري الرفاء لتعكس هذهِ الناحية من خلقهِ النفسي والعلمي، فالرماني المتصف بهذه الصفات يقولون: إنه رافضي.
6- النظام هو من جملة الأفراد الذين قيل: إن بعض أفكارهم خضعت لتأثير التشيع، ويعود هذا التأثر نظراً لاتصاله وحواراتهِ مع هشام بن الحكم([202]).
فرفض القياس توافقاً مع الشيعة، وقد اشتملت غالبية أمثلتهُ في رد القياس على كلام الإمام الصادق × رداً على أبي حنيفة([203]).
بقي موضوع ابن الراوندي وأبي عيسى الورام، وهو يتطلب بحثاً مستقلاً بذاتِهِ. فهما من المعتزلة ثم تشيَّعا، لا سيما ابن الراوندي الذي وجه انتقادات لاذعة جداً على المعتزلة، ما أثار حفيظة الخياط في الانتصار فوجه له مختلف التهم، لكن هل ابن الراوندي العائد من الاعتزال انتهى على التشيع أو أنه تشيَّع أولاً ثم ألحد. فقد اختلف كلام العلماء في شأنه، فاتهموه بالزندقة بوجهٍ أو بآخر، وتريث من الشيعة الشريف المرتضى في اتهامهِ وبرَّأه([204]).
 
 
* * *
 
الهوامش
 


(*) باحث من إيران.
([1]) لم تثبت المصادر المتوافرة وجود أحد سابق على الخياط في هذا الادعاء. وإن كان كتابهُ قد ألِّف سنة 269 هـ. بينما كانت مبادرة الجاحظ في تفضيل المعتزلة على الشيعة قبل ذلك بأعوام. إلاّ أنه في الوقت الحاضر لا يوجد الكتاب ولا ملاحظات الجاحظ.
([2]) الانتصار، ص. 36.
([3]) م. ن.، ص. 214.
([4]) م. ن.، ص. 35 و36.
([5]) مقالات الإسلاميين، ج. 1، ص. 105.
([6]) منهاج السنة، ج. 1، ص. 16.
([7]) ضحى الإسلام. ج. 3، ص. 268.
([8]) م. ن.
([9]) الفرق الكلامية الإسلامية، ص. 158.
([10]) الفصل، ج. 5، ص. 40.
([11]) المنية والأمل، ص. 96.
([12]) الفرق الإسلامية، ص. 29.
([13]) من مقدمة السيد حسين نصر على كتاب الشيعة في الإسلام للطباطبائي.
([14]) وقد تقدم كلام ابن تيمية سابقاً.
([15]) تمدن إسلامي در قرن جهارم. ج. 1، ص. 78.
([16]) فلسفة وكلام إسلامي، ص14، يظهر أن وات لا يرى من الممكن أن تكون بعض أفكار الشيعة والمعتزلة في موازاة بعضها بعضاً.
([17]) الشيعة في التاريخ، ص. 24، 25.
([18]) الاحتجاج، الطبرسي، ج. 1، ص. 104.
([19]) م. ن.، ص. 153 _ 157.
([20]) م, ن.ص 131 _ 149: بلاغات النساء، ص. 23 (نقلاً عن سيرة الزهراء، ص. 122).
([21]) أصول الكافي، ج. 1، ص. 174: جامع الرواة، ج2 ص26: سفينة البحار، ج2 ص458: تأسيس الشيعة، ص358.
([22]) مثالاً لذلك راجع: التوحيد للصدوق، ص. 123 و 133: أصول الكافي، ج. 1، ص. 79.
([23]) الفهرست لشيخ الطائفة، ص355، رجال النجاشي، ص. 304، معالم العلماء، ص. 128.
([24]) رجال الكشي، ص. 276، 277.
([25]) أصول الكافي، ج1، ص. 171.
([26]) الصحيفة السجادية، الدعاء 31، 15.
([27]) الدعاء الأول.
([28]) الدعاء 32، ب. 2.
([29]) م. ن.، ب. 6.
([30]) م. ن.، ب. 6.
([31]) الدعاء الخامس.
([32]) الدعاء 47، ب. 18.
([33]) – م. ن.، ب 72.
([34]) م. ن.، ب. 18.
([35]) الدعاء 32، ب7.
([36]) الدعاء 47.
([37]) الدعاء 32.
([38]) الدعاء 46.
([39]) الدعاء 47.
([40]) الدعاء 52.
([41]) الدعاء 47.
([42]) الدعاء الأول.
([43]) الدعاء 32.
([44]) الدعاء الأول.
([45]) الدعاء 32.
([46]) المعيار والموازنة، ص. 254و 255.
([47]) م. ن.ص. 294.
([48]) موسوعة كلمات الإمام الحسين ×، ص 529.
([49]) أصول الكافي، ج. 1، ص. 82 (الحديث الأول).
([50]) م. ن.، ج. 1، ص. 72.
([51]) م., ن.ص 74، وتوحيد الصدوق، ص253.
([52]) توحيد الصدوق، ص 450، 451، 453، 445.
([53]) م. ن.، ص 439و 283.
([54]) م. ن.، ص35 و 251.
([55]) أمالي المفيد، ص157.
([56]) م., ن.، ص57، 130، 138.
([57]) م. ن.، ص436.
([58]) م. ن.، ص70 و 369.
([59]) م. ن.، ص. 56 و57.
([60]) الشيعة الامامية، ص55؛ تأسيس الشيعة، ص356.
([61]) م. ن.، وتأسيس الشيعة، ص357.
([62]) م. ن.، وتأسيس الشيعة، ص357.
([63]) تأسيس الشيعة، ص 355.
([64]) تأسيس الشيعة، ص 355.
([65]) م. ن.، ص 357.
([66]) م. ن.، ص 355.
([67]) م. ن.ص 358.
([68]) الفهرست، ص223.
([69]) م. ن.، ص 276.
([70]) رجال الكشي، ص278.
([71]) م. ن.، ص217.
([72]) الفهرست، ص224، فهرست الشيخ، ص. 323؛ ص 355، رجال النجاشي، ص. 228.
([73]) رجال الكشي.
([74]) الفهرست، ص223، معالم العلماء، ص128، فهرست الشيخ، ص355، رجال النجاشي، ص. 305.
([75]) رجال الكشي، ص 498.
([76]) فهرست الشيخ، ص 265.
([77]) م. ن. ص 331.
([78]) م. ن. ص 223.
([79]) م. ن. ص 254 و 255.
([80]) م. ن. ص 376.
([81]) م. ن. ص 381.
([82]) م. ن. ص 368.
([83]) م. ن. ص 368.
([84]) م. ن. ص 369.
([85]) م. ن. ص 297.
([86]) م. ن. ص 60.
([87]) م. ن. ص 84.
([88]) م. ن. ص 57.
([89]) م. ن. ص 279.
([90]) م, ن.ص 226.
([91]) م, ن.ص 225.
([92]) الشيخ المفيد، أوائل المقالات. ص4.
([93]) ن. م.
([94]) ن. م.
([95]) ن. م.
([96]) ن. م.
([97]) م. ن.، ص4 و 5.
([98]) م. ن.، ص 5.
([99]) م. ن.، ص6.
([100]) ن. م.
([101]) م. ن.، ص 7.
([102]) ن. م.
([103]) ن. م.
([104]) م. ن.، ص 7 و 8.
([105]) ن. م.
([106]) ن. م.
([107]) ن. م.
([108]) م, ن.، ص 9 و 10.
([109]) م. ن.، ص 10.
([110]) ن. م.
([111]) م. ن.ص10.
([112]) شرح الأصول الخمسة، ص. 323.
([113]) المنية والأمل، ص149.
([114]) الفرق بين الفرق، ص94.
([115]) اعتقادات الصدوق، ص69.
([116]) معالم الفلسفة الإسلامية، ص173.
([117]) م, ن.ص171 – 172.
([118]) م, ن.ص 172.
([119]) المطالب العالية، ج9، ص250.
([120]) فضل الاعتزال، ص239، طبقات المعتزلة لابن المرتضى، ص33؛ المنية والأمل، ص25 و 26 (وإن نقلت الحكاية في مصادر المعتزلة بشكل لا يخلو من الانحياز لجانبهم، ما يحتاج إلى بحث وتحقيق في ذلك، إلا أن القدر المتيقن هو إعترافهم بمخالفة الشيعه لهم).
([121]) أصول الكافي، ج1، ص 169، 170؛ مروج الذهب، ج ع، ص104
([122]) راجع: نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام.
([123]) مروج الذهب، ج4، ص 104؛ مذاهب الإسلاميين، ج1، ص 127.
([124]) رجال النجاشي، ص 176. دائرة المعارف بزرك إسلامي، ج5، ص528.
([125]) دائرة المعارف بزرك إسلامي، ج5، ص528.
([126]) رجال النجاشي، ص 305.
([127]) الفهرست، ص224.
([128]) الفهرست، ص224.
([129]) م. ن.، 223.
([130]) رجال النجاشي، ص217.
([131]) فرق الشيعة، النوبختي (المقدمة).
([132]) م. ن.
([133]) الفهرست، ص217، كان الراوندي في بداية حياته من المعتزلة ثم هجرهم وكتب هذا الكتاب رداً عليهم.
([134]) م. ن.، ص. 185.
([135]) م. ن.، ص. 185.
([136]) م. ن.، ص204.
([137]) م. ن.، ص206.
([138]) م. ن.، ص208.
([139]) م. ن.، ص. 214.
([140]) م. ن.، ص. 215.
([141]) م. ن.، ص. 213.
([142]) م. ن.، ص217.
([143]) ثورة العقل، 237.
([144]) مقالات الإسلاميين، ج1، ص 103، 105، 257، الوراق أيضاً كان من المعتزلة ونبذوه (جامع الرواة، ج2، ص 408).
([145]) الفرق بين الفرق، ص41.
([146]) مناظرات فخر الرازي في بلاد ما وراء النهر، ص39.
([147]) أصول العقيدة بين المعتزلة والشيعة الإمامية، ص 195، 197.
([148]) تفسير نور الثقلين، ج5، ص155.
([149]) أصول الكافي، ج1، ص 99و 100.
([150]) توحيد الصدوق، ص289.
([151]) معالم العلماء، ص128؛ فهرست الطوسي، ص355؛ الفهرست، ص224؛ سوى أن ابن النديم عبر بالحدث بدل الحدوث.
([152]) الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص165.
([153]) الانتصار، ص212.
([154]) مع أننا قد أشرنا سابقاً إلى أن أحد كتب هشام كان في الرد على الثنويين.
([155]) نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام. ج2، ص 172.
([156]) توحيد الصدوق، ص363 و 364.
([157]) انتصار الخياط، نقلاً عن الغدير، ج3، ص90.
([158]) أوائل المقالات، ص14.
([159]) الانتصار، ص212.
([160]) الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة، ص151.
([161]) راجع: البلخي، ذكر المعتزلة، ص64؛ القاضي عبد الجبار، فضل الاعتزال وذكر المعتزلة، ص146، 147، 163، 214، 215؛ المنية والأمل، ص17 و 18؛ البحر الزخار، ج1، ص44؛ نشوان الحميدي، الحور العين، 260.
([162]) فضل الاعتزال، القاضي عبد الجبار، ص 150.
([163]) آمالي السيد المرتضى، ج1، ص148.
([164]) القاضي عبد الجبار الهمداني، طبقات المعتزلة، ص1 و 15؛ المنية والأمل، ص17 و 22.
([165]) طبقات المعتزلة، ص214.
([166]) الفهرست، ص202.
([167]) م. ن، ص202.
([168]) مناسبات فرهنكَي بين معتزلة وشيعة، ص22.
([169]) أحمد بن يحيى، طبقات المعتزلة، ص7.
([170]) آمالي السيد المرتضى، ج1، ص165.
([171]) أصول العقيدة بين المعتزلة والشيعة الإمامية، ص28.
([172]) شرح الأصول الخمسة، ص7.
([173]) شرح نهج البلاغة، ص526.
([174]) م, ن.ص481.
([175]) وقد حذفت الأسئلة من نهج البلاغة فورد فيه: مثل عن القدر فقال طريق مظلم فلا تسلكوه وبحر عميق فلا تلجوه وسر الله فلا تتكلفوه. فيظهر أن الشريف الرضي اختار الاختصار وحذف المتبقي.
([176]) توحيد الصدوق، ص365.
([177]) الفرق بين الفرق، ص 220.
([178]) ضحى الإسلام. ج3، ص 268.
([179]) في علم الكلام (المعتزلة)، ص19.
([180]) تحف العقول، ص162.
([181]) بحار الأنوار، ج5، ص58؛ ميزان الحكمة، ج2، ص5.
([182]) تتمة المنتهى، ص108.
([183]) تاريخ فلسفة در إسلام. ج1، ص290؛ آمالي المرتضى، ج1، ص114.
([184]) مجلة تراثنا، عدد 30، ص117.
([185]) الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص52.
([186]) تأريخ فلسفة در إسلام. ج1، ص290.
([187]) في علم الكلام المعتزلة، ص 262.
([188]) مبر حامد حسين، ص43، 44.
([189]) مقدمة الذخيرة في علم الكلام.
([190]) نهج البلاغة وجامعهُ.
([191]) مقدمة معاني الأخبار، ص21، 22.
([192]) مقدمة فرق الشيعة، النوبختي.
([193]) شرح الأصول الخمسة، ص 767.
([194]) نظرية الإمام لدى الشيعة الإثنى عشرية، ص457.
([195]) نظرية الإمام لدى الشيعة الإثنى عشرية، ص457.
([196]) المعيار والموازنة، ص32.
([197]) فهرست الشيخ الطوسي، ص 297، 298؛ وسائل الشيعة، ج20، ص332؛ دائرة المعارف بزرك إسلامي، ج4، ص 446؛ حسين المدرسي، مكتب در فرآيند تكامل، ص 161؛ رجال العلامة، ص143؛ رجال أبي داوود، ص 321.
([198]) نضد الايضاح، ص 300؛ رجال أبي داوود، ص322؛ جامع الرواة، ج2، ص 146؛ رجال العلامة ص 164.
([199]) رجال النجاشي، ص 269؛ رجال أبي داوود، ص321 و 320؛ جامع الرواة، ج2، ص 144، رجال العلامة، ص 161.
([200]) مناسبات فرهنكَي بين شيعه ومعتزلة ص 61.
([201]) رجال النجاشي، ص164.
([202]) الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، نقلاً عن مجلة تراثنا، عدد 30، ص180 ومقالات الإسلاميين، ج1، ص201.
([203]) نظرية الإمامة لدى الشيعة الإثنى عشرية، ص459.
([204]) الشافي، ج1، ص 87 وحتى ص 89، بالنقل عن مناسبات فرهنكَي، ص76؛ مهدي محقق، بيست كَفتار، ص28.
Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً