أحدث المقالات

خرافات واساطيرمتواترة في الصحاح والمسانيد..

حول النبوة…!!!

هلال آل فخرالدين

 

ان معلوماتنا عن التاريخ في حاجة ماسة الى مراجعة نقدية موضوعية جادة ودراستها دراسة دقيقة شاملة في ضوء رؤية تتسم بالامانة العلمية بعيدة عن الصخب والتضخيم وتسليط الانوار الكشافة فقط على ما هو ايجابي وتهويله بهالات التقديس واقصاء السلبي او اخفائه سواء ماكان له علاقة بالاشخاص او مجريات الاحداث وان لاتقتصر الدراسات التاريخية فقط على المصادر التاريخه والتراثه وان كانت تلك المصنفات قيمة وكذلك ضرورية واساسية للكاتب اوالباحث في تحقيقه اوالاكاديمي في رسالته الاانه يجب عليه ان لايقتصر عليها ان اراد ان يكون باحثا اكاديميا واعيا منقبا عما خفي وابهم يرنوا لاظهار الحقائق بعيدا عن المؤثرات الخارجية والداخلية فيلزمه الاطلاع على الشريعة الاسلامية بمصدريها الاساسيين – القران والسنة – لكونهما المعيار الصحيح والغني بالمعلومات ولا اعني هنا ان يكون الكاتب فقيها او قاضيا اومفتيا او مفسراً بمقدار ما يرفد بحثه بالكثير من المعلومات التي لاغنى عنها مما لاتتوفر في المصادر التاريخية المعتبرة وهذا بدوره يحتم على الباحث في هذا السياق ان يكون على حذر وبالخصوص في الحديث لكثرة الكذب والافتراءات فيه حتى في زمن النبي(ص) حتى قال: (من كذب علي متعمدا فاليتبوأ مقعده من النار).. وذلك لكثرة ما استغل هذا المصدر من قبل الاطراف المتصارعة سياسيا وعقائديا وما عبث به لتثبيت مركزها وتسفيه اوتسقيط الاخرى سواء من الحكام والفئات اوالمذاهب..

ولما كانت الاحداث التاريخية الخطيرة والشخصيات الاسلامية الفاعلة لاتلم بها المصادر التاريخية الالمام الكافي المستوفي لمسيرتها وخصوصياتها مما يلقى على كاهل الباحث الفطن ان يطلع  على مدونات الادب والفقه والسيرة والرجال والجرح والتعديل والفضائل والخراج والجغرافية (المسالك والممالك) والاحكام السلطانية وغيرها لما لها من الاثر الكبير لاثراء البحث وتماسكه وابداعه بالجديد وكلا حسب فترته الزمنية وخصوصيات بحثه…

ولأجل ان يحرص الكاتب على موضوعية بحثه ونفاسته عليه ان ينأى بعيداً عن النظرات الضيقة طائفية اوالعنصرية وان يتخلى كليا عن كل الاحكام المسبقة وهذا يحتم على الباحث او الدارس والاكاديمي ان لايحطب حطبا عشوائي وياخذ كل ما وجده في التراث من روايات واخبارعلى علاتها وان كانت مصادرها موثوقة او صحيحة بل عليه ان يفحص ويمحص ويلتقط الصحيح ويدع السقيم (نعوذ بالله من سبات العقول).. وان ينوع مصادر البحث ويقراء اراء ونظريات الاخرين لاجل المقارنة والتميز والتقيم وفرز الغث من السمين لان كل مذهب او مدرسة لها رؤيا مغايرة للمذهب الاخر او المدرسة الاخرى حتى ان المدرسة المخصصة والمذهب الواحد لغير من افكاره ونظرياته تبعا لتغير الظروف وتبدل الازمان ..ونحن لازلنا ولحد الان متاخرين في هذه الجوانب ومع كل الاسف لاياخذ كتابنا واكاديمينا بهذه المعطيات الاستراتيجية في البحث …وهنا لابدا ان اشير الى بعضا ماهو مشهور ومتعارف وما هو بصحيح على الاطلاق ولايصمد امام البحث المنهجي العلمي

كثيرا ما نقرأ اخباروروايات في تاريخنا تاخذ شكل التواتر والصحة والقطع في مدونات الصحاح والاسانيد ومراجع السيرة ومصادر التاريخ المعتبرة.. لكن عندما نضعها على طاولة التشريح والبحث نلاحظها غير سليمة وفاقدة لادنى معاييرالصحة بل انها تتعارض مع ما هو ثابت الصحة ومقدس المصدروليس فقط تاريخنا زاخر بالخرافات والموضوعات بل ومقدساتنا كذلك مدسوس فيها الكثير من الاساطير كاسطورة (الغرانيق) أو (النبي مسحور) و(وشق صدرالنبي واخراج علقة سوداء منه) التفاسير والصحاح تعج بالاسرائليات كحديث (الجساسة) و(العمالقة) و(سفينة نوح) وغيرها وهي روايات مكذوبة وساقطة وموضوعة كشخصية (ابن سبأ) وقضية (ارينب) وان اخذت طريقها الى كتب القوم المعتبرة واستقرت في صحاحهم ومسانيدهم كاخبار متواترة وينافحون بالدفاع عنها وانت كانت سقيمة وضارة ومسيئة …فمثلاً يزعم الزاعمون ان النبي ماكان يعرف منزلة النبوة أو مستوى الوحي وانه ما اصبح خاتم الانبياء وصاحب الناموس الاكبرحتى هدأت من روعه زوجته ومااخبرت سيدتنا خديجة العراف اوالراهب اوالعالم (ورقة بن نوفل) وقال لها:ان زوجك نبي وذاك الناموس الاكبر الذي نزل على الانبياء السابقين…الى ماهنالك من هذه المزاعم وهذا لايصمد امام الدليل العقلي والنقلي.. فالنقلي :كما يذكر القران ان (محمد) هو دعاء سيدنا ابراهيم بارسال رسول منهم اي من اهل الحجاز او من اهل الحرم من ذرية ابراهيم ويؤكد ذلك قول النبي:انا دعوة ابي ابراهيم  والعقلي: فالمتفق عليه والثابت علميا وتجريبيا ان الشخص كلما حسنت اخلاقه وسمى سلوكه كان ذلك معيارا على رجاحة عقله ونابعا من سعة فكره فلم يحدثنا التاريخ ان شخصية رفيعة رقيقة متكاملة في عالم الاخلاق وشمائل النفس مثل شخصية (محمد) والباري سبحانه يجعل من اخلاق حبيبه المصطفى(ص) نموذجاً فريداً لا يرقى اليه احد على الاطلاق (وانك لعلى خلق عظيم)… ويامرسبحانه بالاقتداء بسيرته والاخذ بسنته (ولكم في رسول الله اسوة حسنة) وبالاضافة الى ذلك هو الرحمة الالهية لكافة البشرية (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين) فهو صياغة الاهية متميزة ومن عيارغيراعتيادى فالتاريخ والسيرة تؤكد لنا ان النبي(ص) كان ومنذو طفولته مميزا بشكل غير طبيعي ويبعث على الاعجاب بقدراته المميزة عن اقرانه وفضاء بيئته وعادات قومه فقد كان طورا اخر… تشهد له قضية خطيرة بعبقريته الفائقة وعقليته الجبارة وهي بحل نزاع القوم في بناء الكعبة ورفع (الحجر) مع حظور نوابغ قريش وشيوخ الدهاء…

فهل تلك الاقاويل والترهات تتساوق بما هو واقع حقيقي من سيرته المباركة..؟ ان تلك الترهات ماهي الا اساطير وضرب من الاسرائيليات لتنتقص من النبي(ص) واعطاء الاخر بعد المعرفة والحكمةوالعمق الاهوتي..واذا كان النبي(ص) لايعرف الوحي وخاصية النبوة فإن ابن نوفل يعرفها ويدرك حقيقة الوحي وكنه التنزيل ..؟ وهنا نتسائل عمن اعلم الانبياء الذين قبله بنبوتهم ..؟فلم يتحفنا التاريخ اسم واحدا قط من الانبياء قبل النبي محمد ان عرافا او لاهوتيا عرف ان هذا سيكون نبي وينزل عليه الناموس… وما ارى هذه الرواية وامثالها الا من صنع مدرسة الاحبار لاجل الطعن بنبوة محمد وما سوف تؤكده لما يتبعها من اقاويل وطعون للتشكيك برسالته وانه اخذ معرفته الدينية واسالب التبليغ من الكهان والاحبار امثال الراهب (بحيرى)..

وما سترفده بعد ذلك مدرسة السقيفة من اكاذيب للتقليل من منزلة العصمة النبوية كـ (النسيان والخطأ) للتتوافق مع سلوكيات الخلفاء من الاختلاف والخطأ في الفتاوى من جهة وتبرر لهم اجتهاداتهم المجانبة للصواب وانهم في مستوى النبي(ص) ولافرق بينهم وبينه في (الفتيى) كقول الخليفة عمر: (انا اخو محمد) انظر المصنف للامام عبد الرزاق ولم يتوقف هذا المنحى الخطير عند هذا الحد بل استمربتصاعد وتائره في مدرسة السقيفة ويتطورهذا المنحى الخبيث  حتى ليصل الى ان النبي(ص) كان (يشرب النبيذ ويطىءنسائه وهن في الحيض).. ليتوائم وسيرة الخلفاء الخليعة لاجل التغطية عليها والتماس المعاذير لها من السيرة النبوية وكما لايستبعد من ان اياد البعض واقلامهم قد امتدت وسرت للتشويه والعبث بالسيرة النبوية الشريفة وللطعن بها واخيرا انصبت جهود معممي مدرسة السقيفة بسحب جرائم الخلفاء ومجازرهم واستباحتهم لكل محرم على  النهج النبوي والصاقها به (ص) كما في تخريفات ابن عربي  واضرابه من زعمهم  بان سيد شباب اهل الجنة الامام الحسين قتل بسيف جده رسول الله(ص) لخروجه على حزب الطلقاء الدعي يزيد  وهذا المبداء السافل الذي سار عليه السلف الطالح ليجعل كذلك من ثورة المدينة على ظلم يزيد الفجور وما ارتكبه جيش الامويين بقيادة ابن عقبة المري الذي استباح المدينة ثلاثة ايام وافتض اكثرمن الف عذراء واخذ البيعة من الصحابة والتابعين كعبيد ليزيد وبعدها رمي الكعبة بالمنجنيق وحرقها وتهديمها نابعة من سيرة سيد المرسلين وا مستمدة من صلب الدين حسب نظرية ابن عربي ومن ينسج على منوالها من مرتزقة المعممين.. ليستمر مسلسل تأويل كل جريمة يرتكبها الخلفاء أو السلاطين بأنها صحيحة وعير منافية للشرع بل ومن مسلمات الشرع وحفظ الدين… اذن كل هذه الطامات والاكاذيب والشنائع التي ابتدعتها عقول الشياطين من السلف هي الوسائل التي ينفذ منها الان الاستشراق والطاعنين فيه لغاياتهم  الماكرة الحاقدة ويجعل منها بضاعة رائجة ويستمدون منها مادة دسمة للطعن في نبوة النبي(ص) والتشهير به وبالرسالة واخيرا الاساءة اليه ورميه (بالارهاب) ومن مصادرنا كماوان تأويل نصوص العصمة وجعلها في خانة البلاغ فقط في مدرسة السقيفة تلقى هى الاخرى بظلالها على تلك الاراجيف والاساطير الموضوعة يمكن النفوذ منها للمئارب الخبيثة…

وكل هذه وغيرها من الاقاويل ما هي الا دعاوى باطلة وافتراءات زائفة بنص: (وما ينطق عن الهوى * ان هو الا وحي يوحى) النجم: 3-4 أو (ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين) الحاقة: 44 و(وإنك لعلى خلق عظيم) القلم: 4.. وقوله (ص) (إنما بعثت لاكمل مكارم الاخلاق).. والملاحظ ان كل تلك التخريفات  تصب في جعبة حزب طلقاء مكة الذين ناصبوا محمدا واهل بيته العداء السافر منذوا اليوم الاول لبعثته سواء بالطعون (ساحراو شاعراو مجنون..) ام بالحصار والمقاطعة واخير اعلان الحرب الضروس الطاحنة التي لم تنتهي بانتقال محمد(ص) الى الرفيق الاعلى بل ظلت مستعرة حتى اليوم من قبل مدرسة السقيفة واحبارها ومن يدور في فلكها..

 

 

 

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً