أحدث المقالات
من الامور التي تدعوا الى الدهشة والتعجب الموقف السلبي للمسلمين عموما عدا الشيعة من عاشوراء واسمحوا لي ان اعتبره سلبيا ، فعلى الرغم من انه لا خلاف بين المسلمين اجمع على عظم وهول الجريمة المرتكبة الا اننا نلاحظ ان هناك اهمالا غير مفهوم من اصحاب المذاهب الاخرى لقضية عاشوراء ولا نعلم السر وراء ذلك ، فعندما نرجع الى أقوال جملة كبيرة من علماء المسلمين نجدهم يذكرون ويقرون بأن النبي (ص) بكى وحزن على مقتله فقد اورد أحمد بن حنبل في مسنده ( حدثنا ‏ ‏محمد بن عبيد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏شرحبيل بن مدرك ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله بن نجي ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏أنه ‏‏سار مع ‏ ‏علي ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏وكان صاحب مطهرته فلما حاذى ‏ ‏نينوى ‏ ‏وهو منطلق إلى ‏ ‏صفين ‏ ‏فنادى ‏ ‏علي ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏اصبر ‏ ‏أبا عبد الله ‏ ‏اصبر ‏ ‏أبا عبد الله ‏ ‏بشط الفرات قلت وماذا قال قال دخلت على النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ذات يوم وعيناه تفيضان قلت يا نبي الله أغضبك أحد ما شأن عينيك تفيضان قال ‏ ‏بل قام من عندي ‏ ‏جبريل ‏ ‏قبل فحدثني أن ‏ ‏الحسين ‏ ‏يقتل بشط الفرات قال فقال هل لك إلى أن أشمك من تربته قال قلت نعم فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا) وقد صحح الحديث جملة من علماء المسلمين من أهل السنة ، وهناك عدد كبير من الاحاديث التى تتضمن نفس المعنى ، كما أن هناك جملة من العلماء ذكروا عاشوراء في كتبهم وأشعارهم وتجد لغة الحزن والاسى طافية عليهم يقول الألوسي في ( روح المعاني- ج 19 )
 )لا توقف في لعن يزيد لكثرة أوصافه الخبيثة وارتكابه الكبائر في جميع أيام تكليفه ويكفي ما فعله أيام استيلائه بأهل المدينة ومكة فقد روى الطبراني بسند حسن " اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل " والطامة الكبرى ما فعله بأهل البيت ورضاه بقتل الحسين على جده وعليه الصلاة والسلام واستبشاره بذلك وإهانته لأهل بيته مما تواتر معناه )
ويقول ابن كثير في (البداية والنهاية – ج 8) :(فكل مسلم يبنغي له أن يحزنه قتله رضي الله عنه، فإنه من سادات المسلمين، وعلماء الصحابة وابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي أفضل بناته، وقد كان عابدا وشجاعا وسخيا(
كما ان هناك ابيات تنسب للامام الشافعي معروفة يرثي الحسين قائلا
تأوه قلبي والفؤاد كئيب وأرق نومي فالسهاد عجيب
ومما نفى نومي وشيب لومتي … تصاريف ايام لهن خطوب
فمن مبلغ عني الحسين رسالة … وان كرهتها انفس وقلوب
ذبيح بلا جرم كأن قميصه … صبيغ بماء الارجوان خضيب
فاللسيف إعوال وللرمح رنة … وللخيل من بعد الصهيل نحيب
تزلزلت الدنيا لآل محمد … وكادت لهم صم الجبال تذوب
وغارت نجوم واقشعرت كواكب … وهتك استار وشق جيوب
يصلى على المبعوث من آل هاشم … ويغزى بنوه إن ذا لعجيب
لئن كان ذنبي حب آل محمد …. فذلك ذنب لست عنه أتوب
هم شفعائي يوم حشري وموقفي … اذا مابدت للناظرين خطوب
بل ان ابن تيمية المعروف بمواقفه المتشددة من أهل البيت يصف واقعة كربلاء وما جرى فيها على الامام الحسين (ع) بالمصيبة العظمى حيث يقول (جامع المسائل – ج3) (فقد علم الله أن مثل هذه المصيبة العظمى سيتجدد ذكرها مع تقادم العهد) وقال أيضا( ويستحب صوم التاسع والعاشر ولا يستحب الكحل والذين يصنعون من الكحل من أهل الدين لا يقصدون مناصبة أهل البيت وان كانوا مخطئين في فعلهم ، ومن قصد منهم أهل البيت بذلك أو غيره أو فرح أو استشفى بمصائبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)
وأمام كل هذه النصوص نجد المسلمين يقفون موقفا سلبيا ولا يحيون عاشوراء بل ولا يتذاكرون أحداثها مطلقا.
قد يقول قائل كما أشار بعضهم بان هناك شهداء كثر في تاريخ المسلمين فلماذا الحسين بالذات نطالب باحياء استشهاده ؟
والجواب انه لا توجد شخصية بمثل مقام الحسين ع تعرض الى هذا الوحشية التي تعرض لها الحسين ، لذا فالجانب العاطفي واضح جدا في هذه الثورة المباركة ، اضافة الى ان واقعة كربلاء جسدت القيم النبيلة تمثيلا لا تجد له نظيرفي تاريخ المسلمين ولذا فهي فرصة لربط المسلمين بالقيم السامية من خلال شخصية كبيرة لها  تواجد واحترام ومحبة وتعاطف كبير جدا لدى كل المسلمين باعتبار ان الحسين هو ريحانة المصطفى وامتداده الطبيعي فلا يختلف اثنان من المسلمين على ذلك وان نسل النبي المصطفى قد انحصر به وباخيه الحسن (ع).
ان المجتمعات البشرية عموما تحاول دوما استغلال حوادث كهذه لربط مجتمعاتها بقضايا معينة ، فلماذا نحن المسلمين لا نقوم بالعمل نفسه ، فالثورة الحسينية تمتلك كل المقومات التي تجعلها ثورة عالمية لا تقف عند مذهب معين.
كما أن بعض المسلمين قد يشكل على ما أرودته بان الشيعة الامامية تحي مراسم العزاء بطريقة لا ترتضيها المذاهب الاخرى ، فكيف لنا ان نحيها ونحن لا نعتقد بصحة المراسيم التي تقومون بها  ، والجواب اننا لا نطالب الأخوة من المذاهب الأخرى أن تحي عاشوراء بالطريقة التي تحي بها الشيعة ، بل ما نطالبه أن تحيا عاشوراء لديهم بالطريقة التي يرونها مناسبة وبالمراسيم التي يرتأونها.
أخيرا علينا أن نعلم جميعا أن للحسين (ع) ديّنا في رقبتنا جميعا فلقد أحيا دين جده المصطفى بدمه الشريف وكلماته المباركة التي عبر عن موقفه من حكم الطاغية يزيد بن معاوية (فعلى الاسلام السلام أن بليت الأمة براع مثل يزيد) مازال صداها يرن على مر العصور.
أن الأمة الاسلامية تمر بمرحلة خطيرة جدا ، ونحن في أمس الحاجة الى اظهار الامور التي نجتمع حولها ونتفق عليها ، وعاشوراء تمتلك كل هذه المقومات فلتكن عاشوارء بوابة من بوابات التقارب بيننا ، ولتكن عاشوراء لكل المسلمين.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً