أحدث المقالات

الشيخ عبد الهادي المسعودي(*)

ترجمة: وسيم حيدر

 

مدخلٌ

تمثِّل الروايات الطبيّة حقيقةً تاريخية وعلمية وأحيائية في الحضارة الإسلامية. ولا يمكن تجاهل وجودها، ولا يمكن إنكار تأثيرها في الثقافة الصحية والغذائية والعلاجية في المجتمعات الإسلامية. إن القبول بهذه الروايات وتوظيفها في مجال الصحّة والعلاج ـ مثل سائر الروايات الأخرى ـ يحتاج إلى اجتياز ثلاث مراحل أساسية في إطار ثلاثة أبحاث تفصيلية، وفي طول بعضها. ففي البداية لا بُدَّ من تشخيص أصول هذه الروايات وجذورها؛ بمعنى التعرُّف على مناشئها ومصادرها الأصلية وكيفية تشخيصنا لهذه الروايات. ثمّ يجب بعد ذلك تحديد معانيها؛ لكي ندرك مفهوم النصّ، والمراد الدقيق لكلّ رواية من هذه الروايات. وفي المرحلة الثالثة يجب الخوض في تقييم اعتبار هذه الروايات، والعمل على نَقْد مضمون الرواية، من خلال الاستعانة بمعايير نَقْد الحديث، ومن بينها: التجارب البشرية، والمعطيات العلمية.

ولا يخفى أن هذا مسارٌ طويل، ويحتاج إلى أبحاث بيبليوغرافية، وبحث في الأسانيد وعلم الرجال في المرحلة الأولى فقط؛ وفي المرحلة الثانية؛ ونعني بها الوصول إلى مفاهيم الروايات، نحتاج إلى توظيف منهج فَهْم الحديث وسلوك مساره؛ وفي المرحلة الثالثة نحتاج أيضاً إلى جمع المعطيات الناظرة إلى الموضوع، أو القيام بالاختبارات والتجارب السريرية.

 

المرحلة الأولى: معرفة الأصول والمصادر

لقد شهدنا في مجال الحديث الشيعي أعمالاً في سياق التعرُّف على كتب الروايات الطبِّية، وتمّ بحث بعض المصادر الأصلية الخاصّة والموجودة في المتناول([1])، من قبيل: الرسالة الذهبية المنسوبة إلى الإمام الرضا×([2])؛ كما تمّ بحث كتاب طبّ الأئمّة^، من تأليف ابنَيْ بسطام النيسابوريَّيْن، وهما: أبو عتاب عبد الله؛ وحسين([3])، إلى حدٍّ ما أيضاً([4]).

إن حصيلة هذه الأبحاث لا تقدِّم لنا ما من شأنه أن يجعل من هذه الكتب موضع وثوقٍ واعتمادٍ؛ إذ لا يمكن إثبات انتساب جميع رواياته إلى المعصومين^، وتارةً يتمّ التشكيك في صحّة واستقامة جمع رواياتها. يُضاف إلى ذلك أن جانباً من محتويات هذه الكتب ـ ولا سيَّما منها طبّ الأئمّة^ ـ عبارة عن نصائح أخلاقية، وتعويذات وأدعية، حيث يمكن التعبير عنها بالطبّ المعنويّ والروحيّ. كما أن من هذه الكتب ـ مثل: طبّ النبيّ| ـ ما هو في غاية الاختصار، ومفتقرٌ إلى السند. ومن هنا فإننا غير قادرين على بحث اعتبارها السنديّ([5]).

بَيْدَ أن هذه الوضعية أفضل حالاً في الكتب المشتملة على الأحاديث الطبِّية؛ وهي الكتب التي لا تختصّ بالروايات الطبِّية، خلافاً للكتب الثلاثة المتقدِّمة، ولكنها قد اشتملَتْ في الوقت نفسه على عشرات، وفي بعض الأحيان على مئات، الروايات الطبِّية. ومن أشهر هذه الكتب: كتاب الكافي، للشيخ الكليني(329هـ)؛ وكتاب مَنْ لا يحضره الفقيه، للشيخ الصدوق(381هـ)؛ وكتاب المحاسن، للشيخ البرقي(290هـ)؛ وكتاب مكارم الأخلاق، للشيخ الطبرسي(548هـ). إن الكتابين الأوَّلين هما من الكتب الأربعة المعتبرة والمعتمدة، والكتابين الأخيرين بدَوْرهما معروفين ومقبولين إلى حدٍّ ما([6]). وهذا، بطبيعة الحال، لا يعني أننا في غنىً عن البحث السنديّ، والتعرُّف على هويّة وشخصيّة كلّ واحدٍ من الرواة الموجودين في سلسلة سند الرواية. وفي بحثٍ وتحقيقٍ واسع يجب أن نعمل على تقييم اعتبار أسناد هذه الرواية ورواتها واحداً واحداً. ولحسن الحظّ فإن برنامج «دراية النور» الضخم، والذي هو من إعداد مركز التحقيقات الكمبيوترية للعلوم الإسلامية (نور)، قد وضع بين أيدينا هذه الإمكانية، التي تجعلنا قادرين على إدراك الوضع العامّ للسند وكذلك آحاد رواة الأحاديث الطبِّية في كتابَيْ (الكافي) و(مَنْ لا يحضره الفقيه). في ضوء معطيات هذا البرنامج يمكن الوقوف على تنوُّع وتفاوت اعتبار أسناد الروايات الطبِّية؛ الأمر الذي يجعل البحث المضموني أكثر ضرورةً.

النقطة الأخرى هي أن روايات الكتب المشتملة على الأحاديث الطبية ـ وغير المختصّة بها ـ، من قبيل: المحاسن؛ والكافي، إنما تنظر في الغالب إلى الخصائص الغذائيّة للأطعمة والأشربة، وبعض الآداب الصحّية والأخلاق الطبِّية، وقلَّما تعرَّضَتْ إلى الوصفات العلاجية المشابهة للطبّ السينائي([7]) والتقليدي. وإن هذا الأمر على العكس ممّا في الكتب المختصّة بالروايات الطبِّية، من قبيل: الرسالة الذهبيّة، وطبّ الأئمّة^. مع النظر إلى أن التقدُّم الزمني للشيخ البرقي(274هـ)، والشيخ الكليني(329هـ)، والشيخ الصدوق(381هـ)، على ابن سينا(428هـ) وغيره من كبار الأطبّاء في العصر الذهبيّ من الحضارة الإسلامية (القرنين الرابع والخامس الهجريّين) يشكِّل قرينةً على تأييد أصالة هذا النوع من الروايات، وهي نقطةٌ مُجْدِيةٌ لبداية التحاور بين الحديث وعلم الطبّ، وإخضاع الروايات الطبيّة للاختبار والتجربة. وبعبارةٍ أخرى: إن الاعتماد على أحاديث هذا النوع من الكتب الروائية أكثر من الروايات التي هي نصائح وتوصياتٌ مشابِهة لكتاب القانون [في الطبّ]، لأبي عليّ بن سينا، وغيره من الكتب الطبِّية الأخرى، التي يخلو مصدرها من السند، وتعاني من قلّة الاعتبار.

وجديرٌ بالذكر أن كتاب بحار الأنوار، للعلاّمة المجلسي(1110هـ)، يشتمل على رواياتٍ طبِّية، وإن كتاب طبّ الأئمّة^، للسيد عبد الله شبّر(1242هـ) بدَوْره من المصادر الخاصّة للروايات الطبِّية، إلاّ أن روايات هذين الكتابين منقولةٌ عن المصادر السابقة. ومن هنا فإن بحث اعتبارها وتقييمها تابعٌ لتقييم وبحث اعتبار المصادر السابقة. ومن ذلك، على سبيل المثال: لو أن شخصاً كان يقول باعتبار الرسالة الذهبيّة، إلاّ أنه يرى أن المضامين الموجودة في هذه الرسالة تحتاج إلى بحثٍ وتحقيق، فإن الروايات المنقولة عنها في بحار الأنوار سوف تفتقر بدَوْرها إلى البحث والتحقيق أيضاً؛ أو إذا كان يُعْرِض عن الروايات غير المُسْنَدة في كتاب طبّ النبيّ|، للمستغفري، ويسقطها عن الاعتبار، فإن الروايات المنقولة عنه سوف تكون ساقطةً عن الاعتبار أيضاً.

المرحلة الثانية: بيان المفاهيم

ينطلق توقُّعنا في بداية الأمر من تعلُّمنا لقواعد اللغة العربية؛ لكي نتمكَّن من فَهْم الأحاديث، ونعمل على الاستفادة منها. وإذا شَدَدْنا الهمّة أكثر فسوف نضيف إلى ذلك التعرُّف على المعاجم اللغوية القديمة في اللغة العربية أيضاً. بَيْدَ أن علم فقه الحديث يقول لنا: إن الوصول إلى معنى المتن، والوصول بعد ذلك إلى مراد المتكلِّم وقائل الحديث، يحتاج إلى اجتياز العديد من المراحل.

وفي ما يلي نذكر بعض أهمّ هذه المراحل:

أـ تحصيل النصّ الأصليّ

ندرس في علم فقه الحديث أننا بعد الاطمئنان والوثوق من صحّة انتساب المتن إلى المعصوم×، والفراغ من كون المتن حديثاً صحيحاً([8])، نطمئنّ أوّلاً من صوابية وتماميّة متنه. إن بعض الكلمات والعبارات في الروايات؛ بسبب الأخطاء البشرية، لم يتمّ نقلها بشكلٍ صحيح، أو أنها في الحدّ الأدنى تحتمل عدّة قراءاتٍ.

والمثال التالي يبيِّن هذه النقطة بوضوح:

عن أيّوب بن نوح: حدَّثني مَنْ حضر مع أبي الحسن الأوّل× المائدة؛ فدعا بالباذروج، وقال: «إني أحبّ أن أستفتح به الطعام؛ فإنه يفتح السُّدد، ويُشهِّي الطعام، ويذهب بالسَّبَل…»([9]).

طبقاً لهذا النصّ، وعلى أساس قول الجوهري ـ اللغويّ الكبير في القرن الرابع الهجريّ ـ فُسّر «السَّبَل» على أنه نوعٌ من الأمراض التي تصيب العين. قال الجوهري في تفسيره: «داءٌ في العين، شبه غشاوةٍ، كأنها نسج العنكبوت، بعروقٍ حُمْرٍ»([10]). والمشكلة أن هذه الرواية نُقلت في كتاب مكارم الأخلاق، ولكنّها اشتملت على كلمة «السَّل» بَدَلاً من «السَّبَل»([11]). وقد نقل العلاّمة المجلسي هذه النسخة، وعمل على توجيهها أيضاً([12]).

ومن الجدير ذكره أننا نواجه آفاتٍ أخرى، من قبيل: التقطيع، والتحريف، والإسقاط، والإدراج، والاضطراب أيضاً، بَيْدَ أننا نترك البحث التخصُّصي لهذه الأمور إلى مظانِّه([13]).

ب ـ الفصل بين المعنيَيْن اللغويّ والاصطلاحيّ

إن الخطوةَ اللازمة الأخرى لفَهْم المتن بشكلٍ صحيح عدمُ المَزْج بين المعنى العُرْفي البسيط والمعنى الاصطلاحيّ؛ إذ قد يؤدّي المَزْج البسيط بين المعنى العُرْفي والاصطلاحي إلى قرصنة الحقيقة في طريقنا.

ويكفي أن نشير إلى المثال التالي لبيان ضرورة هذا الاهتمام بهذه المسألة، والتأكيد على آفة الرؤية الساذجة في فَهْم المفردات:

إن الوضوء مصطلحٌ فقهيّ؛ وأما في الحديث التالي فنجد أن الوضوء قد استعمل في معناه اللغويّ: «عن هشام بن سالم، عن جعفر بن محمد [الصادق×]، عن آبائه^، عن علي× قال: قال رسول الله|: مَنْ سرّه أن يكثر خير بيته فليتوضَّأْ عند حضور طعامه، ومَنْ توضَّأَ قبل الطعام وبعده عاش في سَعَةٍ من رزقه، وعُوفي من البلاء في جسده». قال هشام بن سالم: قال لي الصادق×: «يا هشام بن سالم، الوضوء هاهُنا غسل اليد قبل الطعام وبعده»([14]).

ج ـ تجميع الأحاديث المتشابهة

إن الخطوة الأهمّ تتمثَّل في جمع كافّة الأحاديث الناظرة إلى موضوعٍ واحد، أو ما يمكن تسميته بتكوين أسرةٍ متماسكة من الروايات. إن جمع كافّة أقوال وأفعال المعصومين^ حول موضوعٍ محدَّد يعمل على إيصالنا إلى توصيفٍ دقيقٍ عن المسألة والنقطة المتَّفق عليها في جميع الروايات، التي تبدو مختلفة بحَسَب الظاهر.

إن أحاديث أكل البيض نموذجٌ واضح لبيان هذه المسألة؛ فإن هناك روايات تنصح بتناول البيض لمَنْ يحبّ النَّسْل والذُّرِّية:

ـ عن سعد، عن الأصبغ، عن عليٍّ× قال: «إن نبيّاً من الأنبياء شكا إلى الله قلّة النَّسْل في أمّته فأمره أن يأمرهم بأكل البيض، ففعلوا فكثر النَّسْل فيهم»([15]).

ـ عن موسى بن بكر قال: سمعتُ أبا الحسن [موسى الكاظم]× يقول: «أكثروا من البيض؛ فإنه يزيد في الوَلَد»([16]).

وهناك من الروايات ما أوصى بإضافة تناول البصل إلى ذلك، مع الاستغفار([17]): عن عمر بن أبي حسنة الجمّال قال: شكَوْتُ إلى أبي الحسن× قلّة الوَلَد، فقال×: «استغفر الله، وكُلْ البيض بالبصل»([18]).

وهناك من الروايات ما أوصى بأكل البيض مع اللحم: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله [الصادق]× قال: إن نبيّاً من الأنبياء شكا إلى الله قلّة النَّسْل فقال له: كُلْ اللحم بالبيض»([19]).

وفي روايةٍ اعتبار أكل البيض من خفيف الطعام، وأنه بديلٌ مناسبٌ للحم، مع عدم اشتماله على الأضرار الموجودة في اللحم: عن يونس بن مرازم، قال: ذكر عند أبي عبد الله× البيض؛ فقال: «أما إنه خفيف يذهب بقرم اللحم…، وليست له غائلة اللحم»([20]).

في حين أن بعض الروايات الأخرى إنما تصف صفار البيض بالخفّة، وتصف بياضه بالثقل: عن ميسر بن عبد العزيز، عن أبي عبد الله [الصادق]× قال: «مخّ البيض خفيف، والبياض ثقيلٌ»([21]).

وهناك من الروايات ما تذكر مساوئ الإكثار من أكل البيض، وأنه يؤدّي إلى الضعف والهزال: عن الإمام الصادق×: «ثلاثة يُسمنّ، وثلاثة يهزلن…؛ وأما التي يهزلن فإدمان أكل البيض والسمك والطلع»([22]).

وعن الإمام الرضا×: «مداومة أكل البيض يعرض منه الكَلَف في الوجه»([23]).

وعن الإمام الرضا× أيضاً: «كثرة أكل البيض وإدمانه يورث الطحال، ورياحاً في رأس المعدة، والامتلاء من البيض المسلوق يورث الرَّبْو والابتهار»([24]).

ويتّضح من روايةٍ سابقة، ومن هذه الرواية، أنه لا ينبغي أكل البيض مع السمك: «ينبغي أن تحذر… أن تجمع في جوفك البيض والسمك في حالٍ واحدة؛ فإنهما إذا اجتمعا ولَّدا القولنج، ورياح البواسير، ووَجَع الأضراس»([25]).

وعليه لا يمكن في ضوء هذه الروايات النصح بأكل البيض بشكلٍ مطلق، ولا بُدَّ من تحليل مجموع الروايات، والعمل على بيان معانيها، والمقارنة فيما بينها بشكلٍ جادّ، كما هو حاصلٌ في علم الفقه. وفي هذا النوع من الموارد يكون الاقتصار على روايةٍ واحدة أو مجموعةٍ واحدة من الروايات مشكلاً، ويُعَدّ نسبةً غيرَ دقيقةٍ وغيرَ صحيحةٍ إلى المعصوم×.

د ـ النظر في الاختلافات الحضاريّة والعصريّة

إن الكثير من الروايات الإسلامية ناظرةٌ إلى الطبيعة والجِبِلّة العامّة للإنسان والبشر. إن هذا النوع من الروايات قابلٌ للعمل والاتِّباع دائماً وأبداً؛ ولكنها لا يمكن أن تكون نافيةً لوجود بعض الروايات الناظرة إلى وضعٍ خاصّ من الحياة، في برهةٍ محدَّدة. والنموذج الجدير بالمطالعة روايات الإكثار من أكل السمك، التي اعتبرَتْ ذلك موجباً للهزال والإضرار بالبدن([26])؛ في حين أن الطبّ الحديث ينصح بأكل السمك على نحوٍ أكيد.

والآن لو أخَذْنا بنظر الاعتبار ضرورة الحفاظ على الطاقة الجسدية الكبيرة؛ للقيام بالأعمال الشاقّة في العصور السالفة، سوف نجد الروايات الناظرة إلى أكل السمك صحيحةً. ففي تلك الحقبة كان النشاط الجسدي للناس كثيراً، وكان الأشخاص لذلك يحتاجون إلى أطعمةٍ زاخرة بالطاقة؛ في حين أن الناس في الفترة الراهنة أصبح نشاطهم قليلاً، وشاعَتْ الأمراض الناجمة عن البدانة والسُّمْنة المفرطة، ولذلك أخذ العلم الحديث يحثّ الناس على الإكثار من أكل السمك، ولا يرَوْن في ذلك ما يؤدّي إلى الإضرار بالبدن.

سوف نذكر بعض الروايات الواردة في هذا الشأن، ونعلِّق البيان النهائي حولها على التحقيقات الميدانية والسريرية والمخبرية؛ إذ يُحتَمَل أن تكون التوصية الصادرة عن علم التغذية المعاصر للأشخاص البدناء بأكل السمك في حدود الاعتدال، ودون الإدمان عليه. كما لا بُدَّ من الالتفات إلى القيود المأخوذة في هذه الروايات، من قبيل: «الطريّ» أو «الإدمان»، بشكلٍ تامّ أيضاً. وجميع هذه الروايات موجودةٌ في كتاب (دانشنامه أحاديث پزشكي)([27]):

ـ روي عن الإمام الصادق× أنه قال: «أكل الحيتان يُذيب الجسم»([28]).

ـ وعن الإمام الكاظم× قال: «السمك الطريّ يُذيب الجسد»([29]).

ـ وعن الإمام الصادق×: قال أمير المؤمنين×: «إدمان أكل السمك الطريّ يُذيب الجسد»([30]).

هـ ـ الالتفات إلى الاختلافات الجغرافيّة

النقطة الأخرى الجديرة بالاهتمام في فَهْم الحديث هي احتمال تأثير المخاطب والبيئة والاختلافات الجغرافية في تعميم وشمولية الحديث. ويتجلَّى هذا الأمر في الأحاديث الطبِّية أيضاً؛ بمعنى أن الرواية قد تبدو في ظاهرها عامّةً وشاملةً، ولكنْ من الممكن؛ بالنظر إلى الروايات الأخرى، أن نصل إلى نتيجةٍ مفادها: إن كلام المعصوم× كان ناظراً إلى منطقةٍ خاصّة أو عصرٍ بعَيْنه. وقد ذهب الشيخ الصدوق في شرح بعض الروايات الطبِّية ـ التي تبدو عامّةً في ظاهرها، ولكنْ لم تثبت جدوائيتها في بعض الموارد ـ إلى القول بأن هذا الاحتمال هو الاحتمال الأوّل الذي يخطر على الذهن، وقال في ذلك: «اعتقادنا في الأخبار الواردة في الطبّ أنها على وجوه: منها: ما قيل على هواء مكّة والمدينة، فلا يجوز استعماله في سائر الأهوية»([31]).

وعلى أساس هذه الرؤية، وبالنظر إلى تناول الإمام الرضا× للخَلّ، بَدَلاً من الملح في المناطق الباردة في خراسان الشمالية([32])، يمكن حمل الأمر بتناول الملح قبل الطعام وبعده بوصفه أمراً يخصّ المناطق الحارّة، ولا يشمل المناطق الباردة([33])؛ ومع ذلك لا ينبغي أن نغفل عن حديث الإمام الصادق×؛ لأن المنطقة التي كان يعيش فيها تُعَدّ من المناطق الحارّة أيضاً: «إنا لنبدأ بالخلّ عندنا، كما تبدأون بالملح عندكم؛ فإن الخلّ ليشدّ العقل»([34]).

المرحلة الثالثة: تقييم الاعتبار

إن الروايات الطبِّية ـ مثل سائر الروايات الأخرى ـ تحتاج إلى تقييمٍ لاعتبارها؛ لغرض التعبّد والعمل بها أو الاعتقاد بها. وتكمن ضرورة ذلك في أن الروايات الموجودة بين أيدينا لم تصل إلينا من المعصوم× مباشرةً، ومن دون واسطةٍ. فإنها في مسار النقل والعبور عبر عشرات الأجيال قد تعرَّضَتْ في المجموع، وعلى نحو الإجمال، إلى بعض الآفات الكبيرة والصغيرة، من قبيل: التحريف، والإدراج، والوضع، والتقطيع. ومن هنا فإن تقييم اعتبار الروايات الطبِّية يُعَدّ خطوةً هامّة في جواز الاستفادة منها، ويمكن نَقْد هذا الأمر ضمن قسمين: «تقييم اعتبار الحديث من الداخل»؛ و«تقييم اعتبار الحديث من الخارج».

أـ تقييم اعتبار الحديث من الداخل

يقع على عاتق علماء الحديث والرجال أوّلاً أن يعملوا على معرفة مصادر الحديث، وأن يحدِّدوا هويّة واعتبار المؤلِّف، وأن يطَّلعوا على النُّسَخ وطُرُق وصولها إلى العصر الراهن، ثمّ العمل على معرفة آحاد الآشخاص الواقعين في سلسلة السند. وأن يطمئنوا كذلك إلى اتصال حلقات سلسلة السند ببعضها، وحيثما واجهوا شَرْخاً وانفصالاً بحثوا في تأثير ذلك على اعتبار السند والحديث. إن علمَيْ نَقْد الحديث والرجال يتكفَّلان ببحث هذا الجانب من النَّقْد. وقد تعرَّضوا في الكثير من الكتب إلى بيان مناهج ومعايير ذلك([35]).

وعلى هذا الأساس، سوف نشير هنا في الغالب إلى القسم الثاني.

ب ـ تقييم اعتبار الحديث من الخارج (التقييم التجريبيّ)

القسم الثاني من النَّقْد يقع خارج مجال الحديث، ويتعرَّض إلى تقييم محتوى الحديث بواسطة الحقائق والوقائع الخارجية. إن هذا القسم يحتاج إلى عملٍ وفَهْم مشترك مع العلماء، ويمكن تسمية ذلك بتقييم الاعتبار التجريبي. إن تقييم الحديث بواسطة الاختبار الخارجيّ، ومن خلال المقارنة بين قضيتين من منشأين مختلفين، يبدو أمراً صعباً. وبعبارةٍ أخرى: إن تقييم قضيّةٍ علميّة وقضيّة روائية يحتاج إلى طريقةٍ للعثور على لغة تواصلٍ وإيجاد أرضيّةٍ للحوار والتخاطب. وقد عملنا في موضعٍ آخر على تقييم هذا الإمكان، وأشَرْنا إلى طريقتين متداولتين، وهما: التأليفية؛ وصنع القضايا المتناظرة. واقترحنا أسلوب «الحوار المشترك خطوةً بخطوةٍ»([36]).

وفي ما يلي نطبِّق ذات الأمر، ولكنْ من خلال التوجُّه إلى الروايات الطبِّية:

1ـ الجَمْع الكامل

طبقاً لهذا المنهج يعمل المحقِّق في مجال الحديث، والباحث العلميّ ـ الذي هو الطبيب أو الصيدلاني وغيرهما من المختصِّين في المجالات ذات الصلة الأخرى ـ، على جمع معطياتهم ونتائج أبحاثهم وتحقيقاتهم في موضوعٍ محدَّد، ثمّ يتشارك كلّ واحد من الطرفين مع الآخر في النتائج التي توصَّل إليها. وحيث إن الخطوة اللاحقة من البحث سوف تقوم على أساس هذا الحوار المتبادل بين الطرفين يجب علينا الحَذَر من الوقوع في آفات الجمع الناقص، بمعنى أن يعمل كلُّ واحدٍ من الطرفين على جمع كافّة القضايا والوثائق والأسانيد المرتبطة بموضوع البحث في موضعٍ واحد. ومن ذلك  ـ على سبيل المثال ـ: لو جمعنا كافّة الروايات الطبِّية بشأن أسباب الهزال لا يمكن الاكتفاء بمجرّد الروايات الناظرة إلى الهزال على نحوٍ مباشر، بل علينا كذلك أن نجمع الروايات التي تشير بدَوْرها إلى أساليب الحياة التي تؤدّي إلى الهزال في موضعٍ واحد أيضاً، من قبيل: عدد مرّات الذهاب إلى الحمّام، وكيفيّته. وكذلك يجب جمع الروايات التي تعمل على التعريف بالأطعمة التي تسبِّب السُّمْنة، وتلك التي تحول دون السُّمْنة أيضاً. وفي علم طبّ الأسنان علينا أن نبحث عن الأسباب المختلفة لذلك أيضاً. وهذا يعني أن علينا أن لا نكتفي بقضيّةٍ روائيةٍ واحدةٍ عن الإمام الصادق×، من قبيل: «أكل الحيتان يُذيب الجسم»([37])، دون أن نضعها أمام الروايات الأخرى المرتبطة بقضيّةٍ طبِّية بشأن أكل السمك؛ إذ يحتمل أن يكون الأكل المستمرّ للسمك هو السبب في حدوث الهزال، على ما تقدَّم ذكره([38]).

2ـ سؤالٌ وجيه

إن السؤال الوجيه يمثِّل منصّةً ينطلق منها الباحث، ويعمل من خلاله على توجيه حركته، وهو الذي يُعَدّ نصف العلم([39]). ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ: لو أننا سألنا المختصّ في علم الحديث: كيف يمكن لنا أن نرسم نظام التغذية أو صحّة الإنسان من وجهة نظر الإسلام؟ رُبَما نكون قد طَرَحْنا سؤالاً صحيحاً؛ بَيْدَ أنه سيكون من السعة والتشعُّب بحيث لا تبدو الإجابة عنه مقدورةً للمختصّ والباحث في علم الحديث. يجب تقسيم الأسئلة الكلِّية إلى أسئلةٍ جزئية، بحيث يمكن اعتبار جزءٍ من التراث الروائي ناظراً إليها. وفي غير هذه الصورة فإن سؤالنا لا يرسم خارطة البحث والتحقيق، ولا يمكن لنا أن نحدس مأخذ وموضع بحث الأحاديث ذات الصلة. يجب علينا أن نتمكَّن من إحداث جزئيّات الموضوعات، التي إما أن تكون من مصاديق المفهوم المطروحة في الأحاديث بواسطةٍ واحدة أو بواسطتين، ضمن العناوين الجامعة المطروحة في الحديث. ومن هنا تتجلّى الحاجة الماسّة إلى التحاور الدقيق والمتأنِّي بين الباحثين والمتخصِّصين في مجالَيْ الحديث والعلوم البشرية.

يجب على الباحث والمحقِّق في العلوم الإنسانية أن يشطر السؤال؛ ليصل إلى العناصر البسيطة التي يتألَّف منها. كما يجب على الباحث في علم الحديث أن يتمكَّن من وضع كلّ واحد من العناصر ضمن مفهومٍ روائيّ قديم، وفي دائرة مصاديقه. ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ: لا يمكن أن تضع مسألةً عامّة، مثل: الصحّة أو البيئة أو النظام الغذائي، بشكلٍ غير مجزَّأ في التعاطي مع الحديث. إن هذا الأمر يشبه الازدحام المروريّ([40]) والإداريّ وسائر حاجات المجتمعات المعاصرة، فهي من المسائل المركَّبة والمعقَّدة والمتشابكة. لو لم نعمل على تحديد أجزاء هذه المسائل العامّة لن تكون هناك إمكانيّةٌ لإقامة الحوار الفعّال مع الأحاديث الناظرة إلى هذه المسألة.

3ـ صنع الفَرَضيّات على أساس معطيات الحديث

إن الفرضية مفتاحٌ لبداية البحث، وتلعب دَوْر المرشد في مسار التحقيق. إن النواة المركزيّة للعلم تكمن في تحديد الأحداث والوقائع المترابطة، وتشخيص المتغيِّر المستقلّ من المتغيِّر التابع. يمكن اعتبار الفرضية حَدْساً عقلانياً واحتمالاً علمياً للباحث؛ حيث تبدو له بعد الكثير من التفكير في سؤاله، ومن خلال القراءة المركَّزة حوله، فيبدو له على أساس ذلك أنه قد عثر على النواة الأصلية للمشكلة، وأنه قد تجلَّتْ له طريقة حلٍّ، وإنْ كانت بَدْويّةً. ويمكن لهذا الحلّ المفترض أن يكون حَدْساً، كما يمكن أن يكون مستمدّاً من الحديث أيضاً. نحن أحرارٌ في أن نحوِّل كلّ حَدْسٍ إلى فرضيّةٍ، وأن نخضعها للاختبار، بَيْدَ أننا لا نمتلك التكلفة والفرصة الكافية لاختبار كلّ شيءٍ يقع تحت اختيارنا، ولذلك سوف نضطرّ إلى تحديد فرضيّاتنا، ولا نخضع منها للاختبار إلاّ تلك التي تحظى بالمقبوليّة النسبيّة والاحتمال العقلائي للصحّة. ومن هنا يمكن للأحاديث أن تقدِّم لنا يد العَوْن والمساعدة. فإذا أمكن لنا أن نحمل الأحاديث المرتبطة بالمسألة على التحاور في ضوء منهج وأسلوب المرحلة السابقة عندها يمكن لنا، من خلال تبويبها، أن نحدث فَرَضيّات من داخل الحديث، وليس من خارجه. ويمكن لهذا التبويب أن يكون مختلفاً بما يتناسب وكلّ علمٍ ومسألةٍ.

ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ أن تلك الطائفة من الروايات الطبِّية الواردة في المصادر القديمة والمعتبرة ـ مثل: المحاسن للبرقي، والكافي للكليني ـ تحظى بقيمةٍ أكبر بالقياس إلى أحاديث طبّ النبيّ، للمستغفري، التي تفتقر إلى السند. فلو قبلنا ذلك عندها سوف يتركَّز البحث وصنع الفَرَضيّات في الطبّ المستند إلى الحديث على خصائص الأطعمة، وليس على التعاليم والنصائح العلاجية الخاصّة، الشبيهة بالطبّ التقليدي والسينائي؛ الأمر الذي تكون نتيجته كثرة الروايات الناظرة إلى خصائص الأطعمة في الكتب الروائية المعتبرة. ولاختبار هذه الأطعمة سريرياً يمكن الاستفادة من العناصر المكوِّنة والمقادير (doze) المطلوبة في الطبّ التقليدي([41]).

4ـ صحّة الانتساب

عند الإتيان بالمعطيات من أجل إقامة الارتباط والتناظر بين القضايا الدينية والعلمية يجب على كلّ واحدٍ من الطرفين أن يتمكَّن من أن ينسب رؤيته ـ باطمئنانٍ نسبيّ ـ إلى مجاله المعرفي. ومن هنا تجب الاستفادة في مجال الدين من أسلوب تحديد الآيات المتناظرة والقريبة من الأحاديث. وفي هذه الصورة إذا تمَّ إعداد مجموعةٍ ذات مضامين متماهية ومتناغمة يمكن لنا أن نعمل على تقديمها وعَرْضها للتحليل والاختبار. وفي هذه المرحلة يجب علينا اجتناب المفاهيم المتكلَّفة، ومتعدِّدة الوسائط، والبعيدة في سلسلة الاستنباط والتحليل، بحيث إنه مع امتلاك القدرة على فَهْم النصوص، والتفات المخاطب إلى الأحاديث المشابهة والمتماهية في مضامينها، يخطر المعنى المدَّعى إلى ذهن المخاطب أيضاً.

ومن خلال تشكيل أسرة الروايات وجمع الأحاديث ذات الصلة يمكن إعداد المخطَّط الأوّلي لنا، وتصوير رؤيةٍ إجمالية وغير شفّافة بما يكفي عن المتغيِّرات المستقلّة والتابعة. إن هذه الفَرَضيّة الأوّلية والابتدائية تتمتَّع بهذا المقدار من الاعتبار، بحيث تجعل من جمع المقالات العلمية، وحتى الدخول إلى المسار طويل الأمد والمكلف من الاختبار والتحقيقات الميدانية ـ من أجل جعل القضايا الحديثية قابلة للتطبيق ـ، أمراً موجّهاً.

5ـ التجزيء، لا التنظير

يحكي تاريخ العلم في إيران عن بعض التجارب غير الناجحة في إعداد مشروعٍ جامع في العلوم البشريّة. فلم نتمكَّن حتّى الآن من الوصول إلى مشروعٍ عامّ في السلامة والصحّة الإسلاميّة؛ كما لم نتمكَّن من تقديم نظام السلامة النفسية أو الاقتصاد الإسلاميّ العامّ. إن هذا الأمر يعلِّمنا أن نبدأ من المسائل الأقلّ جزئيّةً، وهي المسائل التي تتوفَّر بشأنها النصوص الدينية، ولا سيَّما الروائية منها، وقد تعرَّضَتْ لها العلوم الحديثة أيضاً، وقدَّمَتْ لها بعض النظريّات؛ من قبيل: الأطعمة النافعة والضارّة في علم التغذية، أو المفاهيم الصحّية. ثم في الخطوة اللاحقة، ورُبَما بواسطة الأجيال القادمة، ومن خلال وضع معطيات ونتائج هذه التحقيقات وضمِّها إلى بعضها، نتَّجه نحو فرضيّةٍ جامعةٍ، وليس من اللازم أن تكون فرضيّةً واحدةً أو ثابتةً ومستقرّةً إلى الأبد.

إن هذا المسار العلمي يتناغم مع الجذور السابقة الأخرى للحركات العلمية. في بعض المجالات تمّ الانطلاق من المسائل الجزئية والخارجية، وفي المرحلة اللاحقة، وبعد سنواتٍ من الربط بين المسائل الجزئية، تمّ التوجُّه إلى التنظير العامّ والجامع. وهذا الأمر لا يعني عدم أخذ الأصول العامّة والأساسية في معرفة الإنسان من زاوية الدين أو العلم البشريّ بنظر الاعتبار؛ وأما في علم الطبّ فيمكن العمل ـ من خلال النظرة الإجمالية والكلِّية إلى الإنسان ـ على معالجة المريض، أو نصحه بما يأكل أو يشرب، وكيف يأكل أو يشرب. إن شكل أكثر الأحاديث الطبِّية، في كتابَيْ الكافي والمحاسن، متماهٍ مع هذه الرؤية. لقد تمّ التعرُّض في هذين الكتابين إلى بيان خصائص بعض الأطعمة، وتمّ الحديث على نحو القضيّة العلمية عن تأثيرها على كلّ مستهلكٍ. وقد تمّ النظر في هذه الروايات إلى المريض، دون أن يتمّ الحديث عن معتقده وانتمائه.

وفي ما يلي نذكر بعض النماذج ـ من العشرات ـ في هذا الشأن:

ـ رُوي عن الإمام الصادق× أنه قال: «أطعموا المبطون خبز الأرزّ؛ فما دخل جَوْف المبطون شيءٌ أنفع منه؛ أما إنه يدبغ المعدة، ويسلّ الداء سلاًّ»([42]).

ـ وعن الإمام الرضا× أنه قال: «ما دخل جوف المسلول شيءٌ أنفع له من خبز الأرزّ»([43]).

6ـ اختبار الفَرَضيّة

بعد القبول بالصحّة المحتملة للفرضية، والقول بتأثيرها الاحتماليّ للمقترح المبيَّن في الروايات، نكون بحاجةٍ إلى تجريبها واختبارها. وفي دائرة التجارب الفردية، وعلى أساس التحاور مع بعض الأطبّاء، تُعَدّ الاختبارات السريرية لتقييم الفرضيات هي الطريقة الأفضل، ويتمّ ترجيحها على التجارب المخبرية. وكذلك بالنظر إلى نشر الكثير من المقالات حول خصائص النباتات والأطعمة يمكن لنا أن نقتصر طريق البحث والاختبار. ومن هنا من الأفضل اختبار كلّ واحدٍ من الأدوية النباتية والأطعمة، مع الأخذ بنظر الاعتبار الخصائص المدَّعاة، والتجارب العلمية المنشورة في المقالات، مع رعاية الاحتياطات الضرورية في ما يتعلَّق بإجراء الاختبارات على المتطوِّعين، وهم المرضى الذين لا أَمَلَ لهم بأساليب العلاج المتداولة، وقالت روايةٌ مقبولةٌ في الحدّ الأدنى بعلاج مرضه بنباتٍ أو طعامٍ خاصّ ومتوفِّر.

ومن ذلك، على سبيل المثال: رُوي عن الإمام الصادق× أنه قال: «البطيخ يُذيب الحصى في المثانة»([44])؛ ورُوي عن الإمام الرضا×، قوله: «أكل الباقلى يُمخِّخ الساقين، ويولِّد الدم الطريّ»([45]). وعليه يمكن لنا أن نصف البطيخ لشخصٍ يعاني من وجود الحصى في مثانته، والباقلاء لمَنْ يعاني من هشاشة العظام، وننصحهما بتناول البطيخ والباقلاء على مقادير متفاوتة ومقدَّرة، وعلى مدى فترةٍ علاجيّة محدَّدة، ونجري هذا الاختبار على عددٍ من المتطوّعين، ثمّ نعمل ـ بأسلوب التجزئة والتحليل الإحصائي وغير ذلك من الأساليب المتداولة في علم الطبّ ـ على تقييم تأثير ونجاح الدواء في علاج المريض. وهذا موضعٌ آخر يكون فيه طرف التحاور هو الخبير الصيدليّ والطبيب؛ حيث يُبْدي وجهة نظره في اختيار الأسلوب المناسب، ويعمل على تجزئة وتحليل النتائج.

 

مشاكل تقييم اعتبار الحديث من الخارج (الأسلوب التجريبيّ)

ما تقدَّم ذكره في القسم السابق يواجه بعض الموانع؛ فإن أنواع الغَفْلة والنقص وبعض الإخفاقات يعمل على تضييق الطريق، ويحول دون الاستفادة من كلام المعصومين^.

وفي ما يلي نشير إلى بعض هذه الموارد، مع إبداء الحلول المقتَرَحة من قِبَلنا، في حدود الوسع والإمكان.

1ـ قداسة المعطيات الدينيّة

إن البحث والتحقيق يبدأ بسؤالٍ وشكٍّ؛ إذ اليقين بصحّة قضيّةٍ أو خطئها يمثِّل نقطة انتهاء البحث والتحقيق، وليس بدايته. وعلى هذا الأساس، فإن القضايا التي تمّ افتراض صحّتها سَلَفاً لا يمكن أن تدخل في دائرة التجربة والاختبار؛ لتقييم صحّتها وخطئها. وهذا هو أصل الإبطال في الاختبار التجريبي للفرضيات، حيث يجب أن يحظى بمورد الصدق في بحثنا أيضاً. هذا في حين أن نظرتنا إلى الأحاديث والقضايا الدينية ليست كذلك. فنحن نقدِّس ونحترم كلام الأئمّة^ كما نقدِّسهم ونحترمهم، وبناءً على الأدلة الكلامية المقبولة نضع أحاديثهم فوق العقل والوجود، ونفسِّر الخلق بهم. إن هذه الهالة من التقديس تحول دون قابليّة الأحاديث للإبطال أو الدخول في مسار اختبار الخطأ والصواب. إن القضايا الدينية في هذه الرؤية من المعتقدات الصادقة من دون دليلٍ([46])، وليست من القضايا الصحيحة المُبَرْهَنة والموجَّهة([47]). بهذه الرؤية يتمّ تتويج جميع الأحاديث بتاج القداسة، وتتحوَّل إلى وصايا أخلاقيّةٍ وإرشاديّةٍ، ولا تدخل ضمن مجال التجربة والاختبار. فما هو الحلّ؟

لا بُدَّ في الإجابة عن هذا السؤال من الإشارة إلى نقطتين:

النقطة الأولى: الالتفات إلى المفهوم الحقيقيّ للرواية، واختلافها عن السُّنَّة. إن الروايات في العصر الراهن عبارةٌ عن تقرير كلام المعصوم^ وحكاية فعله، وليست هي ذات كلامه أو فعله. فنحن لا نسمع كلام المعصوم× مباشرةً، ولا نرى أفعاله. إن هذه التقريرات ـ المنقولة بواسطة الرواة ـ ليست بمأمنٍ من الأخطاء البشرية في السماع والكتابة، رغم قبولنا بتقريرات الرواة الذين يندر فيهم الخطأ. والكلام هو أن هناك طريقةً واحدةً لمعرفة أخطائهم ـ وإنْ كان على نحوٍ قليل جدّاً ـ، وهي الاختبار وإجراء التجربة على منقولاتهم.

والنقطة الأخرى هي تبويب أحاديثهم. إن الأحاديث تنقسم من الناحية السندية إلى: روايات قوية؛ وروايات ضعيفة. والحديث القوي غير قابلٍ للإنكار؛ وأما الحديث الضعيف فإنه لا يُلْحَق بالروايات القويّة، إلاّ بمساعدةٍ من القرائن، والعمل على تقوية المحتوى. ومن هنا فإنه في الروايات الضعيفة يكون هناك متَّسَعٌ للبحث، ويمكن للقرائن، من قبيل: المعطيات التاريخية، والتجارب القطعيّة والعلميّة، أن تعمل على تقوية الرواية، وتزيد من اعتبارها.

كما يتمّ تقسيم الروايات من حيث الدلالة إلى: الروايات الصريحة؛ والروايات الظاهرة. إن الروايات الصريحة لا تحتمل الكثير من الاحتمالات؛ إلاّ أن الروايات الظاهرة تشتمل على عدّة احتمالاتٍ مفهوميّة، وإنْ كان أحد المعاني له قابليّة الإسناد إلى المتن بشكلٍ أكبر من الاحتمالات الأخرى.

إن بعض الروايات الطبِّية لا تشتمل على إسنادٍ قويّ، ولا تحتوي على تلك الصراحة أيضاً، إلاّ أن هذه الروايات تكتسب الاعتبار من خلال احتفافها بالقرائن المتنوِّعة، أو كثرة النقل. وفي النتيجة لا شيء من هذين الطريقين يؤدِّي إلى القطعيّة الحَتْميّة ووجوب العمل. وهذا يعني جواز نَقْدها وردّها من طريق جمع القرائن المخالفة؛ حيث يكفي ذلك للانطلاق في البحث الميداني والاختبارات التجريبية. يمكن الادِّعاء بأن هناك الكثير من الروايات التي تصمد في دائرة الاختبار، إلاّ أن التكهُّن بصحّة فرضيّةٍ ما ليس له تأثير في سلوك المسار المنطقي لاختبارها.

يُضاف إلى ذلك أن امتزاج الروايات الخاطئة بالصحيحة يُعَدّ الأرضيّة المناسبة للبحث عن القرائن الدالة على صحّة واعتبار الحديث. وهذا لا يعني عدم اعتبار الروايات، بل دليلٌ روائي للتشكيك في كلّ حديثٍ بوصفه قضيّةً مستقلّةً؛ حيث يكون ردّها وإثباتها تابعاً للبحث والنقاش الموردي. وبهذه الرؤية لا يكون اختبار الرواية تشكيكاً في عصمة الأئمّة^، كما لا يعني رفضها وعدم القبول بها نَفْياً لقداسة الحديث. وكذلك كلما عجزَتْ الرواية المذكورة عن الصمود في مسار التحقيق، ولم يكن هناك شكٌّ في صحة أسلوب ونتيجة الاختبار العلمي، فسوف يتمّ التخلّي عنها. وفي مثل هذه الحالة يمكن اعتبار خطأ الرواة أمراً محتملاً، أو القول بعدم صحّة نسبة الحديث إلى المعصوم^، أو اعتبار دلالته أمراً مُبْهَماً، وهناك حاجة إلى المزيد من القرائن لفَهْم المتن بشكلٍ صحيح. وهي قرائن قد لا يمكن الحصول عليها من خلال سلوك الطرق العادية، من قبيل: جمع الخلفيّات وأسباب صدور الحديث، أو جمع الأحاديث المشابهة. وفي هذه الحالة يمكن للتجربة العملية والمخبرية أن تقدِّم لنا يد العَوْن في هذا الشأن. وهنا لا توجد خشيةٌ من اختبار الخطأ والصواب؛ لأن الظهور أمرٌ مطّاط، ويمتدّ من قمّة الصراحة إلى قعر الإبهام والغموض، وإن فرض تغيير المعنى الأوّلي، وتحوُّله إلى المعنى الثانوي، لا يساوق رفع اليد عن ظهوره.

وبعبارةٍ أخرى: إن اختبار الخطأ والصواب يمكن أن يعمل على تغيير فَهْمنا، لا أن يعمل على تغيير الحديث. ومن هنا فإنه لا يحصل تغييرٌ في معنى الحديث؛ لكي نخشى من أداء ذلك إلى انتهاك المقدَّس، وإنما هذا الأمر بمنزلة العثور على رواياتٍ معارضة؛ حيث يكون من شأنها في بعض الموارد أن تعمل على تغيير فَهْمنا لمعنى الحديث ومفهومه الابتدائي. إن الذي تجب رعايته هو التمسُّك بالأسلوب الصحيح لفَهْم الحديث؛ بمعنى أن المعطيات التجريبية والعلمية يجب أن تندرج ضمن المسار الذي تمّ تعريفه لعملية فَهْم الحديث، وأن تنسجم مع قواعد اللغة العربية، وما إلى ذلك من الضوابط والأصول الحاكمة على فَهْم النصوص الدينية.

إن النموذج التاريخي يتمثَّل في بعض الأحاديث الطبِّية التي ذهب الشيخ الصدوق إلى عدم عدِّها من الأحاديث القانونية والكلِّية، بل عدَّها من نوع الأحاديث الخاصّة. ورُبَما أنه لم يقِفْ على جدوائية هذه الروايات من الناحية العمليّة، أو قد تقرَّر لديه أنه لا بُدَّ من الالتفات إلى الشرائط والظروف الزمانية والمكانية أيضاً. وهكذا لا بُدَّ من النظر إلى الحالات الخاصّة بالمخاطبين أيضاً([48]).

ومن بين الموارد العمليّة يمكن أن تتمثَّل في بحث الأحاديث والروايات المأثورة عن الإمام الصادق× بشأن العلاقة بين أكل العنب والتغلُّب على الحزن.

1ـ عن الإمام الصادق×: «شكا نبيٌّ من الأنبياء إلى الله ـ عزَّ وجلَّ ـ الغَمَّ فأمره الله ـ عزَّ وجلَّ ـ بأكل العنب»([49]).

2ـ وعنه× أيضاً: «إن نوحاً شكا إلى الله الغَمَّ فأوحى الله إليه: كُلْ العنب الأسود؛ فإنه يذهب بالغَمّ»([50]).

3ـ وعنه× أيضاً: «لمّا حسر الماء عن عظام الموتى، فرأى ذلك نوح×، جزع جَزَعاً شديداً واغتمَّ لذلك، فأوحى الله ـ عزَّ وجلَّ ـ إليه: هذا عملُكَ بنفسكَ، أنتَ دعَوْتَ عليهم، فقال: يا ربّ، إني أستغفرك وأتوب إليك، فأوحى الله ـ عزَّ وجلَّ ـ إليه أن كُلْ العنب الأسود؛ ليذهب غَمُّك»([51]).

إن الرواية الأولى نسبَتْ ذهاب الغمّ إلى مطلق العنب؛ بينما ذهبت الرواية الثانية [والثالثة] إلى نسبة ذلك إلى خصوص العنب الأسود فقط. وهنا نحتاج إلى اختبارٍ لنعلم ما إذا كان الذي يُذهب الغَمَّ والحُزْنَ هو مطلق العنب وعمومه أو أن الذي يُذهب الغَمَّ هو العنب الخاصّ والمقيَّد بالأسود. وهنا، حتّى إذا لم تخرج جميع أنواع العنب من الاختبار بنجاحٍ لن يكون هناك ما يدعو إلى القلق؛ إذ من الممكن في ضوء الرواية الثالثة أن نعتبر التوصية بأكل العنب لإذهاب الغمّ توصيةً شخصيّةً من الله سبحانه وتعالى للنبيّ نوح× في حادثة الطوفان، بمعنى أن الملحوظ هم أفرادٌ بأعيانهم أو في زمنٍ خاصّ. وفي ما يتعلَّق بالصورة الأخيرة نكون قد فَتَحْنا أمام الباحث والمحقِّق باباً واسعاً، يتمثَّل في استعادة اكتشاف الشرائط والظروف والخَلْفيات، يجعل طرق العلاج المقترحة من قِبَل المعصوم× مبرَّرةً ومعقولة.

ومن الجدير ذكرُه أنه في حالة التأييد والنجاح في المختبر نكون قد حصلنا على دواءٍ قيِّمٍ للغاية؛ فهو دواءٌ رخيصٌ، وفي متناول الجميع؛ للقضاء على الحزن والغَمّ.

2ـ عدم العلم بالأساليب التجريبيّة

إن تطبيق الأساليب التجريبية لتحقيق القضايا الدينية يحتاج إلى باحثين ومحقِّقين قد تعلَّموا واختزنوا التجارب بأسلوبٍ مدرسي في كلا مجالي العلم والدين. وهذا الأمر غير متحقِّقٍ في الوقت الراهن على نطاق واسع. ومن هنا علينا أن نهتمّ بإعداد الباحثين والمحقِّقين المطَّلعين والمتخصِّصين في كلا هذين المجالين.

3ـ الطُّرُق المغلقة

إن الإقبال غير المدروس والمفاجئ؛ من أجل تأسيس نظامٍ جامعٍ ومتكاملٍ لكلّ علمٍ من العلوم الإسلامية، دون أدنى التفاتٍ إلى شُحِّ المعطيات والأدوات والموادّ الأساسية، لم يحقِّق لنا الوصول إلى نظريّةٍ جامعةٍ في هذا المجال. كما أن بعض المشاريع العامّة وغير الدقيقة كانت تعاني من عدم التناغم والانسجام، وفشلَتْ في إعداد الأرضيات للأبحاث والتحقيقات التطبيقية، ولم تتمكَّن من الإجابة عن الأسئلة الجزئيّة والعمليّة. إن هذا المسار قد فاقَمَ من النظرة المحبطة لدى اليائسين، ودقَّ جرس الإنذار للفصل بين العلماء في مجالي العلم والدين.

النتيجة

إن الاستفادة من الروايات الطبِّية تحتاج إلى معرفة المصادر وفَهْم معانيها بشكلٍ صحيح، بالإضافة إلى العمل على نَقْدها. وفي العصر الراهن يبدو أن تقييم الاعتبار التجريبي لهذه الروايات أمرٌ ممكن ومتوفِّر. ويمكن لنا، من خلال إقامة حوارٍ علمي بين علماء الحديث والمتخصِّصين في مجال الطبّ والتغذية، والبدء من المسائل الجزئية والتي تمسّ الحاجة إليها على كلا الطرفين، أن نشهد توظيفاً واستفادةً من الأحاديث والروايات الطبِّية. وهذا الأمر يحتاج إلى تخصيصِ وقتٍ، وتفكيرٍ مستنيرٍ، وتحمُّل كلّ واحدٍ من طرفي الحوار للآخر. وعلى كلا طرفي الحوار في هذا الشأن أن يفكِّرا في مجالَيْ اختصاصهما بشكلٍ عميق ودقيق، وأن يتجنَّبا التسرُّع والعَجَلة في الوصول إلى النتائج. وبالإضافة إلى ذلك، من المستحسن أن يستفيدوا من أبحاث الغربيِّين في التحقيقات البينيّة أيضاً([52]). ولو تمّ توطين هذه المعطيات والنتائج سوف تكون مُجْدِيةً إلى حدٍّ ما. واليوم يمكن لوَعْي طلاب الحوزة والجامعيين، وإدراكهم لقدرات الطرفين، والشعور بالوَجَع المزمن، الناجم عن تخلُّف المجتمع الإيراني، رغم ما يتمتَّع به من الماضي الحضاري المشرق والعريق، والقابليّات القومية والثقافية، أن يعيد التأكيد على ضرورة التلاقح الفكريّ والتعاون العلميّ المشترك بين هذين الجناحين، ومن هنا فقد تمّ إحياء الأَمَل بازدهار هذا النوع من التعاون بين الطرفين.

الهوامش

(*) أستاذٌ في الحوزة والجامعة، ورئيس جامعة القرآن والحديث. من إيران.

([1]) إن بعض المصادر الروائية في الطبّ لم تصِلْ إلينا، ولكنْ ورد ذكر أسماء مؤلِّفيها في كتب الفهارس. (انظر: مقدّمة الأستاذ محمد مهدي الخرسان على كتاب طبّ الأئمة^، لابنَيْ بسطام النيسابوريّين (القرن الرابع الهجري)؛ فرهنگ كتب حديثي شيعه (معجم كتب الحديث الشيعية) 1: 476؛ 2: 962).

([2]) انظر: «پژوهشي در اعتبار رساله ذهبيه» (بحث في اعتبار الرسالة الذهبية): 3 ـ 21. لقد تمّ في هذه المقالة بحث وتقييم النُّسَخ الموجودة عن هذه الرسالة، والشواهد التاريخية، وأسانيدها وطرقها، بالإضافة إلى محتوى هذا الكتاب. وقد ذهب كُتّاب هذه المقالة إلى عدم ثبوت كتابة هذه الرسالة بخطّ الإمام الرضا×.

([3]) في عام 1396هـ.ش تعرَّض الأستاذ ملكيان والدكتور مجاهدي في مقدّمة وبداية تصحيح الكتاب إلى بيان جذوره واعتباره.

([4]) انظر: ابنا بسطام النيسابوريّان (القرن الرابع الهجريّ)، طبّ الأئمّة 2: 683، منشورات الشريف الرضي، ط 2، قم، 1370هـ.ش.

([5]) المراد من ذلك هو كتاب جعفر بن محمد الحنفي، المعروف بـ «أبي العبّاس المستغفري» (350 ـ 432هـ)، محدِّث أهل السنَّة في نسف من مدينة سمرقند. وأكثر كتبه في الحديث والرجال والتاريخ، من قبيل: الخطب النبويّة، وتاريخ نسف وسمرقند وكشّ، ومعرفة الصحابة، وشمائل النبيّ، وفضائل النبيّ، وما إلى ذلك. ويشتمل كتاب طبّ النبيّ على ما يقرب من 150 رواية عن رسول الله|، كلّها فاقدةٌ للسند. (انظر: محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار 62: 290 ـ 303، مؤسسة الوفاء، ط 2، بيروت، 1403هـ).

([6]) إن روايات كتاب مكارم الأخلاق فاقدةٌ للسند، إلاّ أن الكثير منها موجودٌ في الكتب الأخرى أيضاً.

([7]) نسبة إلى أبي عليّ ابن سينا. (المعرِّب).

([8]) من الأمثلة على الاطمئنان من صحّة انتساب روايةٍ إلى المعصوم×: محمد بن الفيض: أكلْتُ عند أبي عبد الله× مرقةً بعَدَسٍ، فقلتُ: جُعلتُ فداك، إن هؤلاء يقولون: إن العدس قدَّس عليه ثمانون نبيّاً، قال: «كذبوا، لا والله، ولا عشرون نبيّاً». (محمد بن يعقوب الكليني، الكافي 12: 4، ح11965).

([9]) الكليني، الكافي 6: 364، ح3؛ المجلسي، بحار الأنوار 66: 215، ح14.

([10]) إسماعيل بن حمّاد الجوهري، تاج اللغة وصحاح العربية (الصحاح) 5: 1724، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطّار، دار العلم للملايين، ط 4، بيروت، 1407هـ.

([11]) انظر: حسن بن فضل الطبرسي، مكارم الأخلاق 1: 389، ح1312، منشورات الشريف الرضي، ط 6، قم، 1392هـ.

([12]) انظر: المجلسي، بحار الأنوار 66: 216.

([13]) انظر: عبد الهادي مسعودي، آسيب شناسي حديث (معرفة آفات الحديث)، انتشارات سمت، طهران، 1391هـ.ش. (مصدر فارسي).

([14]) محمد بن الحسن الطوسي، الأمالي: 590، ح1225، دار التعارف، ط 1، بيروت، 1401هـ. وانظر أيضاً: محمد بن الحسن الطوسي، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة 9: 97، ح423، دار التعارف، ط1، بيروت، 1401هـ؛ الكليني، الكافي 6: 290، ح1؛ المجلسي، بحار الأنوار 66: 364، ح40.

([15]) أحمد بن محمد البرقي، المحاسن 2: 275، ح1882، تحقيق: السيد مهدي الرجائي، المجمع العالمي لأهل البيت^، ط 1، قم، 1413هـ؛ المجلسي، بحار الأنوار 66: 46، ح8.

([16]) البرقي، المحاسن 2: 276، ح1886 ـ 1887. وانظر أيضاً: ابنا بسطام النيسابوريّان، طبّ الأئمة: 130؛ الطبرسي، مكارم الأخلاق 1: 352، ح1148؛ المجلسي، بحار الأنوار 66: 46، ح8.

([17]) في إشارة إلى آياتٍ من سورة نوح؛ إذ يقول تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً﴾     (نوح: 10 ـ 12).

([18]) الكليني، الكافي 6: 324، ح2؛ البرقي، المحاسن 2: 276، ح1885؛ المجلسي، بحار الأنوار 66: 46، ح11.

([19]) الكليني، الكافي 6: 325، ح3؛ البرقي، المحاسن 2: 276، ح1884؛ المجلسي، بحار الأنوار 66: 46، ح10.

([20]) الكليني، الكافي 6: 324، ح1؛ البرقي، المحاسن 2: 276، ح1888؛ المجلسي، بحار الأنوار 66: 46، ح14 و15.

([21]) الكليني، الكافي 6: 325، ح5؛ البرقي، المحاسن 2: 277، ح1890؛ المجلسي، بحار الأنوار 66: 47، ح16.

([22]) محمد بن عليّ الصدوق، الخصال: 155، ح194، 1413هـ؛ الطبرسي، مكارم الأخلاق 1: 127، ح309؛ ابنا بسطام النيسابوريّان، طبّ الأئمة: 4، وفيها: «والضلع بدل «والطلع»؛ المجلسي، بحار الأنوار 66: 45، ح5؛ 76: 73، ح10.

([23]) المجلسي، بحار الأنوار 62: 321، نقلاً عن: طبّ الإمام الرضا×.

([24]) طبّ الإمام الرضا× المعروفة بـ (الرسالة الذهبية)، المنشورة في كتاب بحار الأنوار: 28؛ المجلسي، بحار الأنوار 62: 321.

([25]) المجلسي، بحار الأنوار 62: 321؛ طبّ الإمام الرضا× المعروفة بـ (الرسالة الذهبية)، المنشورة في كتاب بحار الأنوار: 63.

([26]) قال الإمام الصادق×: «أما علمت أن الهزال من المضرّة». (الكليني، الكافي 6: 315، ح7؛ البرقي، المحاسن 2: 254، ح1890؛ المجلسي، بحار الأنوار 66: 308).

([27]) انظر: دانشنامه احاديث پزشكي (موسوعة الأحاديث الطبية) 2: 485، مدخل: خوردن ماهي (أكل السمك).

([28]) البرقي، المحاسن، ج2؛ وانظر أيضاً: المجلسي، بحار الأنوار 62: 208؛ الصدوق، الخصال: 155.

([29]) المجلسي، بحار الأنوار 62: 190؛ البرقي، المحاسن، ج2.

([30]) المجلسي، بحار الأنوار 62: 190؛ 103: 204؛ 109: 204؛ وانظر أيضاً: البرقي، المحاسن، ج2؛ الطبرسي، مكارم الأخلاق 1: 159.

([31]) محمد بن عليّ الصدوق، الاعتقادات: 115، تحقيق: عصام عبد السيّد، دار المفيد، ط2، بيروت، 1414هـ.

([32]) انظر: الكليني، الكافي 6: 329، ح4؛ البرقي، المحاسن 2: 286، ح1931؛ المجلسي، بحار الأنوار 66: 303، ح14.

([33]) رُوي عن رسول الله| أنه قال لعليٍّ×: «يا عليّ، افتتح بالملح في طعامك، واختم بالملح؛ فإنه مَنْ افتتح طعامه بالملح وختمه بالملح دفع الله عنه سبعين نوعاً من أنواع البلاء، أيسرها الجذام». (الكليني، الكافي 6: 329، ح4؛ البرقي، المحاسن 2: 286، ح1931).

([34]) عن محمد بن علي الهمداني، أن رجلاً كان عند الرضا× بخراسان، فقدِّمت إليه مائدة عليها خلّ وملح، فافتتح× بالخلّ؛ فقال الرجل: جُعلتُ فداك، أمرتنا أن نفتتح بالملح؟ فقال: «هذا مثل هذا ـ يعني الخلّ ـ، وإن الخل يشدّ الذهن، ويزيد في العقل». (الكليني، الكافي 6: 329، ح5؛ البرقي، المحاسن 2: 283، ح1915).

([35]) لقد سبق للكاتب أن تعرَّض إلى هذا الموضوع في كتابه «وضع ونقد حديث» (وضع ونقد الحديث)، وكذلك في كتابه «آسيب شناسي حديث» (معرفة آفات الحديث).

([36]) انظر: «تعامل حديث ودانش هاي بشري» (التعاطي بين الحديث والعلوم البشرية)، مجلة حديث حوزه، العدد 4، 1393هـ.ش. (مصدر فارسي).

([37]) الكليني، الكافي 6: 323، ح6.

([38]) انظر: الصفحات السابقة: الاختلاف الحضاري؛ الكليني، الكافي 6: 324.

([39]) انظر: يحيى بن سعيد الحلي، نزهة الناظر: 32، ح99.

([40]) ومن ذلك، على سبيل المثال، أن مشكلة إغلاق الطرق المضيّعة للفرص هي نتيجة انعدام النظم، وعدم رعاية حقوق الآخرين، والتسرُّع، وعدم الصفح والتسامح، وكثرة الوسائط النقلية، وشحّ الإمكانات، والجهل بالقوانين والمحدوديات، وما إلى ذلك.

([41]) هناك الكثير من الأحاديث التي يمكن لنا أن نستخرج منها القضايا القابلة للاختبار. والنموذج المجرَّب في هذا الشأن، تقييم أثر «الإثمد أو الكحل» على البصر. (انظر: دانشنامه أحاديث پزشكي (موسوعة الأحاديث الطبية): 21 ـ 23).

([42]) الكليني، الكافي 6: 305، ح2؛ المجلسي، بحار الأنوار 66: 274، ح2.

([43]) الكليني، الكافي 6: 305، ح1.

([44]) الصدوق، الخصال: 155، ح36.

([45]) الكليني، الكافي 6: 344، ح2.

([46]) Unjustified.

([47]) knowledge propositional.

([48]) انظر: الصدوق، الاعتقادات: 115.

([49]) الكليني، الكافي 6: 351، ح4؛ البرقي، المحاسن 2: 362، ح1256؛ المجلسي، بحار الأنوار 66: 149، ح9.

([50]) الطبرسي، مكارم الأخلاق 1: 377، ح1255؛ المجلسي، بحار الأنوار 66: 149، ح10.

([51]) الكليني، الكافي 6: 350، ح2؛ المجلسي، بحار الأنوار 66: 149، ح11.

([52]) من قبيل: سلسلة «يادگيري وتدريس ميان رشته إي در آموزش عالي: نظريه وعمل» (التعليم والتدريس البيني في نظام التعليم العالي: النظرية والعمل)، لمؤلِّفها: بالاساب رامانيام تشاندرا موهان، ترجمه إلى اللغة الفارسية: د. محمد رضا دهشيري، نشر پژوهشكده مطالعات فرهنگي واجتماعي، العدد الأول، 1389هـ.ش.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً