دراسة في ضوء الفقه الإسلامي
السيّد كاظم مصطفوي(*)
مقدمة
إن معاملة التأمين التي هي عبارة عن التعامل بين الطرفين المؤمن (الشركة) والمستأمن (طالب الأمن) أصبحت معاملة بارزة إيجابية تلعب دوراً بنّاءً في مجتمعنا اليوم.
إن تلك المعاملة لم تكن موجودة في زمن المشرع الإسلامي بهذه الصياغة. وتكون بحسب المصطلح الفقهي من المعاملات المستحدثة. ولم يتحدث عنها من الفقهاء إلا قليلاً.
وتدرس معاملة التأمين في الجامعات الكبيرة المعتبرة (كجامعة طهران) كمادة دراسية خاصة. وعليه يجدر بنا أن نتحدث عن التأمين وما يتصل به بالمنهج الفقهي القويم، فيبدأ البحث عن تعريف التأمين وشاكلته الخاصة، ثم نتعرّض لأدلة اعتباره من المنظور الفقهي، ثم نرى هل أن عنوان التأمين ضمني يندرج في معاملات شرّعت من قديم الزمن أو أنه مستقل كتعامل صحيح عقلائي مشروع؟ ولكلٍّ أثر يخصّه.
نشوء التأمين وتطوره
قال المحقق اللغوي الأستاذ دهخُدا: كان التأمين (بيمِه) في مختلف أرجاء العالم وثيق الصلة بتدفق الأخطار المستوجبة للخسائر الفادحة. وبما أن الخطر الجاد، من قديم الزمن، كان متعلقاً بالتجارة المالية من الطرق البحرية كان أول نوع من أنواع التأمين هو التأمين البحري، الذي انعقد بين رهط التجّار المارين من البحر.
والذي يتبيّن لنا بعد التتبع في ذلك الحقل هو أن عقد التأمين كان من المستجدات الحضارية في إيطاليا أو إسبانيا، في القرن الرابع عشر الميلادي، وعليه كان التأمين من الإبداعات الأوروبية.
وأوّل سند دوّن في مجال التأمين كان في عام 1347 و1370م في بلدة ژن، وبورگ، وهذه هي نشأة التأمين التاريخية.
وتوجد هناك شواهد ترشدنا إلى تحقق التأمين البحري بشكل طفيف في إيران قبل ظهور الإسلام، بين القبائل المواطنين في ساحل الخليج الفارسي([1]). وتطوّر التأمين بعد نشوئه يوماً فيوماً إلى أن سيطر على العالم كله.
ومن الفقهاء مَن بادر إلى التحقيق بالنسبة إلى تأريخ التأمين، وهو الشيخ حسن الحلي&، حيث يقول: وكان أقدم التاريخ هناك التأمين البحري يرجع تاريخه إلى سنة 1361م. وأول شركة أسست في لدن كانت في سنة 1666م.
وأما تأمين الحوادث فهو تحقق في سنة 1845([2]).
فكرة التأمين البدائية
قال الشيخ الحلي&: التأمين بنظرته البدائية لم يكن وليد الأيام المتأخرة، بل هو موجود منذ زمن بعيد. مثلاً: المساعدات التي تصل إلى الإنسان من أقاربه وأصدقائه عند مرضه أو حلول كارثة به لهي نفسها فكرة التأمين بشكلها البدائي. وكذلك العادات العشائرية القاضية بجمع الدية لذوي القتيل لو صدر اعتداء من أحد أفراد العشيرة على الغير هي نفسها فكرة التأمين أيضاً، إلى غير ذلك من الالتزامات المؤدية لنفس النتائج التي تؤديها فكرة التأمين([3]).
والتحقيق أن المساعدات المالية بين الأقرباء والأصدقاء لا زالت مستمرة من قديم الزمن حتى الآن، ولا صلة لها بالتأمين؛ ذلك لأن تلك المساعدات تـنطلق من منطلق العادة والأخلاق، فأصبحت كسنّة حسنة، وعلاقة ودّية بين الناس، وهذا هو التعاون على البرّ لا المعاملة العقلائية القائمة بين التجار وأولي الصناعة.
من «بيمه» إلى التأمين
إن اسم معاملة التأمين في الأصل هو (بيمه). وهو لغة أوردو الهندي. بيمه ضمانت([4]). وبما أن أول التعامل في هذا الحق كان متعلقاً بالبحر، وكانت الهند أبسط حدوداً بالبحر والمحيط الهندي أعظم بحر في المنطقة، كان (بيما) أقدم وجوداً هناك.
وبما أن لغة الأردو مشتقة من اللغة الفارسية([5]) يمكن أن يكون لفظ (بيما) بالأصل الفارسي (بيم آئي) الخطر المتوقع، فينطبق على المعنى المصطلح. ومهما يكن فالتأمين ترجمة عربية عن اسم العقد الأصلي الذي هو (بيمه).
والعقد بواقعه لا يختلف بحسب الأركان والشروط في شتى البقاع ومختلف الأسماء.
إن صياغة العنوان في المقالة وهيكليتها اللفظية تتكون من كلمتين والنسبة، وهي: العقد، والتأمين، والنسبة الربطية. فيجدر بنا أن نتحدث عن تلك الكلمات المفردة واحدة بعد أخرى من منظور اللغة والمصطلح الفقهي حتى يتبين لنا ما هو واقع المعنى في ذلك الحقل. والتفصيل بما يلي:
العقد لغةً وإصطلاحاً
إن التعهدات التي توجد عند الناس تجاه المعاملات المالية تسمى بالعقود. ولها في فقه آل البيت^ آثار إيجابية كبيرة.
والعقد لغة هو العهد المؤكَّد، كما قال اللغوي المعروف الفيومي: عاقدته على كذا، وعقدته عليه، بمعنى عاهدته([6]).
وهذا هو المعنى العرفي والشرعي؛ لتبادر هذا المعنى الى الذهن عند إطلاق اللفظ، ولعدم ثبوت النقل، كما قال المحقق النائيني&: إن معنى العقد لغة وعرفاً هو العهد المؤكد([7]).
ويؤكِّده ما ورد في صحيحة ابن سنان عن الإمام الصادق× بأن العقود في الآية {أَوْفُواْ بِالعُقُودِ} العهود([8]).
أقسام العقد
إن تقسيم العقد ـ موجزاً ـ هو تقسيمه باللازم والجائز، وهذا هو التقسيم الأصلي. وأما تقسيمه ـ بالتفصيل ـ فقد قال المحقق النائيني&: إن العقود تنقسم ـ باعتبار المنشأ ـ إلى إذنيه وعهدية، والمراد بالإذنية ما يتوقف على الإذن حدوثاً وبقاءً بحيث يرتفع بارتفاع الإذن، ولو لم يعلم المأذون، كالوكالة الإذنية، والأمانية، ونحوهما. وفي إدراجها في العقود مسامحة؛ لأن العقد عبارة عن العهد المؤكد، ولا عهد في العقود الإذنية؛ لأن قوامها إنما هو بالإذن فقط.
والمراد بالعقود العهدية ما يشتمل على العهد والالتزام. وهي تنقسم إلى تعليقية وتنجيزية. والمراد بالتعليقية ما كان المنشأ معلَّقاً على أمرٍ، كالجعالة، بناءً على كونها من العقود لا من الإيقاعات، وكذا المسابقة، والوصية. والمراد بالتنجيزية ما لم تكن كذلك. وكلُّ واحد منهما ينقسم إلى ما يتعلق بالأعيان وإلى ما يتعلق بالمنافع. وكل واحد منهما إما معوّضة أو غير معوضة. فالمعوَّضة المتعلقة بالأعيان مثل: البيع، والصلح؛ وغير المعوضة المتعلِّقة بها مثل: الهبة. وأما العقود التمليكية المعوَّضة المتعلقة بالمنافع فمثل: الإجارة، فإنها من العقود المعاوضية وإن كانت من جهة أخرى تعد في باب العقود الأمانية؛ وأما غير المعوَّضة المتعلقة بالمنافع فكالعارية([9]).
التأمين لغةً واصطلاحاً
إن التأمين من مشتقات الأمن، وهو ضد الخوف، كما قال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ} (النساء: 83).
وقال الفيومي: أمن زيد الأسد أمناً سلم منه. وأمن البد اطمأنّ به أهله فهو آمن، وأمنت الأسير أعطيته الأمان([10]).
أما التأمين بحسب الاصطلاح فله معنيان: القديم؛ والحديث. أما المعنى القديم فهو يتعلق بالفقه والعبادة، فيطلق في المصطلح الفقهي على قول آمين عند الدعاء. كما نقل الشيخ الحرّ العاملي& عدّة روايات تتصل بهذا الحقل في باب سماه بباب استحباب التأمين على دعاء المؤمن([11]).
ومن الروايات التي تصرح بالتأمين ما نقله الشيخ الكليني& من أن ملكاً بالركن اليماني ليس له عمل إلا التأمين عند دعائكم([12]).
وقد تستعمل تلك الكلمة في قول آمين في الصلاة بعد قراءة الحمد. قال العلامة الحلي&: ورد في النبوي المشهور أن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين، والتأمين من كلامهم([13]).
وأما المعنى الحديث من التأمين فهو يتعلق بالمعاملات المالية والقضايا التجارية، وهذا هو الذي نستهدف توضيحه. فالتأمين بهذا المعنى عبارة عن التعاهد القائم بين المتعاملين المؤمن والمستأمن. قال الفقيه الكبير الشيخ الحلي&: إنّ التأمين اتفاق بين المؤمِّن (الشركة) من جهة، ويعبر عنه بالمؤمِّن، وبين شخص من جهة أخرى، ويعبر عنه بالمؤمَّن له. وبمقتضى هذا الاتفاق يتعهد المؤمن (الطرف الأول) بأن يدفع لـ (الطرف الثاني) مبلغاً معيناً من المال بمجرد وقوع حادث معين في وثيقة العقد، وذلك كله بشرط أن يدفع المؤمن له أقساطه المعينة إلى المؤمن([14]).
وأما شاكلة العقد وخصائصه فهي على النهج التالي:
ذكر الشيخ الحلي& بأن للتأمين أركاناً وشروطاً.
أما أركان التأمين فهي ثلاثة:
1ـ الإيجاب والقبول.
2ـ المؤمَّن عليه من شخص أو ثروة.
3ـ مبلغ التأمين.
وأما شروط التأمين فهي أيضاً ثلاثة:
1ـ بيان الخطر من حرق أو سرقة أو وفاة…
2ـ القسط الذي يدفعه الطالب للأمن.
3ـ مدة العقد: تاريخ ابتدائه وانتهائه.
ويكون الإيجاب من قبل طالب التأمين، بينما يكون القبول من قبل المؤمن بتصدير الوثيقة التي تؤدي وجود التعاقد([15]).
وللوثيقة أهمية تجارية بنظر العرف التجاري بين الجانبين([16]).
ومن المعلوم أن الوثيقة ليست من أركان العقد وشروطه، وإنما هي من شؤون التعامل الإدارية.
قال الإمام الخميني&: التأمين عقد واقع بين المؤمِّن والمستأمن ـ المؤمن له ـ بأن يلتزم المؤمّن جبر خسارة كذائية إذا وردت على المستأمن ـ المؤمّن له ـ بأن يلتزم المؤمّن جبر خسارة كذائية إذا وردت على المستأمن في مقابل أن يدفع المؤمّن له مبلغاً، أو يتعهد بدفع مبلغ يتفق عليه الطرفان([17]).
وذكر في القانون المدني الإيراني بأنه لابد في عقد التأمين ـ بيمه ـ من الخصائص التالية: 1ـ تعيين المؤمِّن بالاسم. 2ـ تعيين المؤمَّن له بالاسم. 3ـ تاريخ انعقاد التأمين. 4ـ تعيين المدة. 5ـ تعيين موضوع التعامل. 6ـ تعيين الخطر المحتمل. 7ـ تعيين مقدار المال الذي يعطى كقسط هناك. 8 ـ تعيين مقدار تدارك الخسارة([18]).
وذكر في القانون المدني المصري أن التأمين عقد بين طرفين، أحدهما يسمّى المؤمّن، والثاني المؤمّن له أو المستأمن، يلتزم فيه المؤمن بأن يؤدي إلى المؤمّن له؛ لمصلحته، مبلغاً من المال مرّة واحدة أو إيراداً مرتباً ـ شهرية ـ أو أي عوض مالي آخر، في حالة وقوع حادث، أو تحقق خطر مبيّن في العقد، وذلك في مقابل قسط أو أيّة دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له إلى المؤمن([19]).
فتبيّن لنا أن التأمين هو المعاهدة القائمة بين المتعاملين تجاه الحوادث التي تثمر خسائر فادحة في الأموال والأنفس.
فتلك المعاهدة العقلائية تستهدف تحقيق الأمن في قبال مبلغ من المال بحسب التوافق المتحقق بين الطرفين.
فالتأمين هو التأمين بكل معنى الكلمة؛ لأن التأمين مصدر من باب التفعيل من مادة الأمن، ويكون معناه تحصيل الأمن، وهذا هو معناه المصطلح بين الناس كمعاملة عقلائية. وعليه أصبح من المعاملات المالية التي لها آثار إيجابية كثيرة في مجتمعنا اليوم. ولا شك في أنّ التأمين من أجمل المستجدات الحضارية دوراً ونطاقاً.
مكانة التأمين الفقهية
لا شبهة في أن عقد التأمين من العقود المعاملية، وله صياغة ذات ميزات خاصة. وفي ضوء هذه الميزات يختلف عن سائر العقود المعاملية. ومع هذا الوصف هل يمكن اندراجه في باب من أبواب المعاملات، كمصداق من مصاديق الباب، أو لا؟
اختلفت أنظار الفقهاء بالنسبة إلى ماهية التأمين من حيث الاستقلال والاندراج. وتبيين المطلوب بحاجة إلى البحث والتحقيق.
توجد هناك عدّة احتمالات بالنسبة إلى تطبيق التأمين على بعض المعاملات الشرعية المسطرة في الكتب الفقهية، وهي كما يلي:
التأمين والصلح
بما أن الصلح عبارة عن مطلق التسالم بين المتصالحين يمكننا أن نقول:
إن التأمين نوع من التسالم المتحقق بين المؤمن والمؤمّن له. وعليه كان التأمين مصداقاً من مصاديق الصلح، ويترتب عليه أحكام الصلح. كما قال الشيخ الحلّي&: من جملة ما يعرض عليه معاملة التأمين الصلح، فيتصالحان على أن تتحمل أحدهما خسارة بشرط أن يدفع الآخر مقداراً معيناً([20]).
والتحقيق أن التأمين يختلف عن الصلح اختلافاً مبدئياً؛ وذلك لأن صياغة الصلح لا تتلاءم مع التأمين، فإن حكمة التشريع في الصلح هي دفع التنازع، والحكمة وإن لم تكن شاملة لكافة الأفراد، فيصح الصلح بدون المنازعة؛ لعموم الدليل، إلا أنها ـ أي الحكمة ـ تستوجب توضيحاً بالنسبة إلى ماهية الصلح.
وكما قال المحقق الحلي&: الصلح عقدٌ شُرِّع لقطع التجاذب([21]).
وقال المحقق صاحب الجواهر&: إن الصلح شرع لقطع التنازع بين المتخاصمين، إلا أن ذلك فيه من الحِكم التي لا يجب اطّرادها، مثل: المشقة في القصر، وغيرها من الحِكم التي لا تقتضي تخصيصاً أو تقييداً لعموم الدليل([22]).
وأمّا الدفاع الأساسي لنشوء التأمين فهو جبران الخسارة. وعليه فلا تلاؤم بين العقدين في المبدأ بحسب الذات والصياغة الأصلية.
وأما تطبيق التأمين على تسالم الطرفين كمصداق من مصاديق الصلح فهو أيضاً مما لا يمكن المساعدة عليه؛ وذلك لأن الصلح يستهدف التسالم والتراضي، فإن الهدف المنشود من الصلح هو تحقيق السلام، فالصلح سبب للتسالم. كما قال أستاذنا السيد الخوئي&: الصلح عقدٌ شرِّع للتراضي والتسالم بين شخصين في أمر([23]). فالغرض الوحيد للصلح هو حصول التسالم. وعليه يمكننا أن نقول بأن الصلح عبارة عن التسالم في سبيل تحقق التسالم، لا أنه تسالم في طريق استهداف شيء آخر، كالتسالم بين المؤمن والمستأمن لغرض التأمين تجاه الخسائر.
وفي ضوء ذلك يتبين لنا الفرق بين الصلح والتأمين بكل وضوح. أضف إلى ذلك أن التأمين هو إعطاء الأمن بعوض معين كمبادلة حقيقية، والصلح لم يكن من المبادلة الحقيقية، على نسق المقابلة. ويؤكِّده ما أفاده الشيخ الأنصاري& حيث قال: التملك على جهة المقابلة الحقيقية ليس صلحاً([24]).
وبالتالي فالتأمين يختلف عن الصلح اختلافاً تاماً. فلا صلة للتأمين بالصلح في نشوئه وانطلاقه، كما لا علاقة له به في دوره ونطاقه.
التأمين والهبة المعوَّضة
قد يقال: إنه يمكن تطبيق التأمين على الهبة المشروطة (المعوضة)، بأن يهب المؤمن له مبلغاً للمؤمن، ويشترط عليه تحمل الخسارة لو حدثت. كما قال الشيخ الحلّي&: ومن جملة ما يعرض عليه التأمين الهبة، بأن يقول طالب التأمين: وهبتك مقداراً معيناً شهرياً على أن تتحمل خسارة لو حدث حادث خاص([25]).
والتحقيق أن التأمين يختلف عن الهبة المشروطة اختلافاً ذاتياً؛ وذلك لأن كل عقد تابع للقصد، على أساس القاعدة الفقهية: العقود تابعة للقصود([26]). والمقصود الأصلي في الهبة هو إعطاء الواهب المال الموهوب المتَّهب مجاناً مع الاشتراط بعوضٍ، فالعوض هناك شرط ضمن العقد؛ وأما في عقد التأمين فالمقصود الأصلي هو تحقيق الأمن، نتيجةً لتعهد المؤمن بجبران الخسارة المحتملة، في قبال إعطاء المؤمن له مبلغاً من المال، وكان ذلك بحسب قصد المتعاقدين، ولم يكن في التأمين قصد الهبة جزماً.
فتبين لنا أن عقد الهبة بحسب القصد والمقصود يختلف عن عقد التأمين، فلا علاقة بين العقدين هناك.
كما قال الإمام الخميني&: ليس التأمين صلحاً ولا هبة معوضة بلا شبهة([27]).
التأمين وضمان العهدة
قال الإمام الخميني&: ويحتمل أن يكون التأمين ضماناً بعوض، من باب ضمان العهدة([28])، فيمكننا أن نقول: إن المؤمن يبادر إلى الضمان هناك، فيتعهد بجبران الخسارة عند وقوع الحوادث الخاسرة، في قبال مبلغ من المال يلتزم به المؤمن له، فيصبح التأمين ضماناً معوضاً من باب ضمان العهدة. وهذا هو ضمان الأعيان، ويكفي فيه التعهد والالتزام.
كما قال أستاذنا السيد الخوئي&: والضابط أن الضمان في الأعيان الخارجية بمعنى التعهد، لا بمعنى الثبوت في الذمة([29]).
ويؤيده ما سطّر تفسيراً للتأمين في معاجم اللغة بأنه عبارة عن التضمين. كما قال المحقق اللغوي الأستاذ دهخدا: إن التأمين هو ضمان خاص بالنسبة إلى الأموال والأنفس في قبال مبلغ من المال([30]).
وقال لويس معلوف: أمّن على ماله عند فلان تأميناً، أي جعله في ضمانه([31]).
ويؤكده ما هو المصطلح عرفاً. فإن التأمين بحسب فهم العرف العربي المعاصر بمعنى الضمان([32]).
ويؤيد ذلك التعبير عن المؤمِّن بالمتعهد وعن المؤمن له بالمتعهد له([33]).
والتحقيق أن ضمان العهدة لا يشمل الأعيان، والتأمين يتعلق بالأعيان الخارجية. وقد قال الشيخ الحلي في هذا الحقل بعدم شمول الضمان بالأعيان الخارجية([34]).
التأمين والمشارطة
إن واقع التأمين ـ بحسب ما نرى ـ اشتراط قائم بين الطرفين، فإن المستأمن يدفع قسطاً معيناً بشرط أن يدفع المؤمن خسارة معينة، وكذلك العكس (المؤمن يدفع الخسارة بشرط دفع القسط). وعليه يكون التأمين في الواقع مشارطة خاصة، فنرى بكل وضوح أن المتعاملين هناك يشترطان التدافع بالتصريح أو بالارتكاز الذي يدركه العرف بلا شك.
ومن حسن الحظ أن نطاق الشرط واسع، يشمل الشرط الضمني (ضمن العقد) والشرط المستقل.
ودليل قاعدة الشرط (المؤمنون عند شروطهم) عام شامل لكافة الشروط الإيجابية العقلائية، فيصح الاشتراط بكل ما يتم لصالح الفرد أو الجماعة. ويؤكد ذلك كله قول الإمام الصادق× في الخبر الصحيح: «المؤمنون عند شروطهم، إلا كل شرط خالف كتاب الله»([35]).
وفي رواية أخرى: إلا ما حرّم الحلال أو حلّل الحرام([36]).
ومن المعلوم أن التأمين لا ينتهي إلى الشرط المنهي، فيشمله دليل الصحة، ويتم المطلوب.
التأمين عقد معاملي مستقل
قال الإمام الخميني&: الظاهر أن التأمين عقد مستقل من باب الالتزام بجبران الخسارة([37]).
وذلك أولاً: إن الأصل في كل عقد هو الاستقلال، وأما الاندراج في عقد آخر فهو بحاجة إلى الإثبات، فمقتضى الأصل هو الاستقلال.
وثانياً: إن للتأمين صياغة خاصة تأبى عن الاندراج. وعليه يمكننا أن نقول: إن ماهية التأمين مستقلة بحسب الواقع. وكل من يقول بالاندراج هناك يبادر إلى التأويل على خلاف الواقع. ولا مبرّر له.
وبعبارة واضحة: إن الاستقلال ثابت بالوجدان على ما نشاهده. ولا دليل على الاندراج. فلم يكن هناك اندارج؛ لعدم الدليل عليه. وبالتالي نصل إلى هذه النتيجة، وهي: إن التأمين عقدٌ مستقلٌّ، له شاكلة خاصة ترشدنا إلى امتيازه عن كافة العقود.
قال الشيخ الحلّي&: لعل هذا ـ أي كون التأمين عقداً مستقلاً ـ أصح الوجوه([38]).
وقال السيد السبزواري&: مقتضى الأصل عند الشك في كونه تابعاً لعقد آخر أو من صغرياته عدم التبعية وكونه منها. وما يتوهم من أن هذا الأصل معارض بأصالة عدم الاستقلالية مدفوعٌ بأنه مع قصد أصل العقد وذاته وجداناً ينطبق عليه عنوان الاستقلالية قهراً. فلا شك يجري الأصل فيها حينئذٍ. فمقتضى الأصل والوجدان كونه عقداً مستقلاً، ويكفي في صحته آية التراضي، ولا شبهة فيه([39]).
والتحقيق أن استصحاب عدم التبعية لم تكن له حالة سابقة بنحو العدم النعتي، وأما العدم الأزلي فهو محل خلاف بين الأعلام([40]).
وأضاف السيد السبزواري&: ويمكن أن يقال: أن التأمين عقد مستقل برأسه، وإن أفاد فائدة جملة من العقود، كالصلح، والإجارة، والجعالة، والهبة المعوضة. فكما أن الصلح عقد مستقل برأسه، ويفيد فائدة هذه العقود، فليكن التأمين كذلك أيضاً، لأنه بعد فرض إمكان انطباقه على كل واحد من هذه العقود يشمله إطلاق {أَوْفُواْ بِالعُقُودِ}، وفي ظرف هذه الاستفادة أيضاً، كما لا يخفى([41]).
والتحقيق أن اعتبار التأمين الشرعي إذا كان ضمن استفادة الصلح عنه مثلاً يصبح التأمين مندرجاً في الصلح بحسب الاعتبار الشرعي، وهذا هو الاعتراف بالاندراج من حيث الاعتبار، والاستقلال خارج حدود الاعتبار لا اعتبار له.
فالصحيح أن عقد التأمين بكيانه الخاص كمشارطة عقلائية مستقلة على اعتباره الشرعي أدلة العقود والشروط بكل وضوح.
إشكالية الجهالة في المعاملة
قد يواجه عقد التأمين مشكلة الجهالة والغرر؛ لأن التأمين لم يكن معاوضة واقعية، بحسب واقعه الموضوعي، بل هو عبارة عن معاوضة فرضية، فإن المؤمّن يلتزم بإعطاء الخسارة على فرض وقوع الخطر المحتمل، وإذا لم يتحقق الخطر فلا مجال لإعطاء الخسارة. وعليه فيكون أحد العوضين ـ إعطاء الخسارة ـ مجهولاً.
أضِفْ إلى ذلك أن كمية الأقسام التي يلتزم بها المؤمن له مجهولة أيضاً؛ فإن الأقسام هناك لم تكن محدّدة بحدٍّ خاص رافع للجهالة.
والتحقيق أنه لا مجال للإشكال على التأمين من ناحية الجهالة والغرر؛ لأن المعاوضة هناك تتحقق بين الأمنية المالية وبين مبلغ من المال، فإن المؤمن له يعطى مبلغاً كي يُحصِّل الأمن المالي، والمؤمن يلتزم بإعطاء التأمين المالي، الذي هو عبارة عن صيانة مالية المال المعيّن من الدار، والسيارة، وغيرهما، في مقابل ذلك المبلغ المعين، فتصبح مالية المال محفوظة، وهي تنطبق على أصل المال وبدله.
وعلى هذا الأساس كان الالتزام بإعطاء مبلغ معين شهرياً مثلاً التزام على الشيء المعلوم بحسب فهم العرف، وإن التقسيط سنين متطاولة، ولم يكن فيه أية جهالة.
والالتزام بالصيانة المالية هو أيضاً التزام على الشيء المعلوم الذي له ـ بلا أية شبهة ـ واقع بحسب فهم العرف والعقلاء؛ فإن الصيانة المالية في حياتنا اليوم من الأمور الهامة التي تلعب دوراً بارزاً في المعيشة الإنسانية.
ويؤكد صحة التأمين ما يقال: إنّ التأمين من ناحية إعطاء الخسارة المحتملة يتَّحد مع الأمانة المضمونة مع الأجرة، فالالتزام بإعطاء الخسارة في التأمين عند الخطر هو نفس الالتزام بإعطاء البدل في الأمانة المضمونة عند التلف. فلا فرق بين هاتين المعاملتين من هذه الجهة. وبالتالي كما أنه لا إشكال في صحة الأمانة المضمونة مع الأجرة فكذلك لا إشكال في صحة التأمين. ولا يوجد أية جهالة في المعاملتين.
شروط التأمين
توجد في التأمين شروط أكثر من الشروط الموجودة في العقود الأخرى، وهي كما يلي:
قال الإمام الخميني&: يشترط في التأمين ـ مضافاً إلى الشروط المعتبرة في العقود اللازمة ـ أمور:
الأول: تعيين المؤمّن عليه، من شخص أو مال أو مرض ونحو ذلك.
الثاني: تعيين طرفي العقد، من كونهما شخصاً أو شركة أو دولة مثلاً.
الثالث: تعيين المبلغ الذي يدفعه المؤمن له إلى المؤمن.
الرابع: تعيين الخطر الموجب للخسارة، كالحرق، والغرق، والسرقة، والمرض، والوفاة، ونحو ذلك.
الخامس: تعيين الأقساط التي يدفعها المؤمن له لو كان الدفع أقساطاً، وكذا تعيين أزمانها.
السادس: تعيين زمان التأمين ابتداءً وانتهاءً([42]).
وفي ضوء هذه الشروط لا توجد أية جهالة في المعاملة.
أدلة اعتبار التأمين
إذا كان عقد التأمين من مصاديق الضمان فيكفي في صحته أدلة الضمان، ولا نحتاج إلى دليل آخر. وقد ألمحنا بأنّ التأمين ينطبق على ضمان العهدة، كصدق المفهوم على المصداق، إلا أن ضمان العهدة لا يشمل الأعيان الخارجية.
والتحقيق أن التأمين عقد مستقل كسائر العقود المعاملية، ويمكننا أن نستدل على صحته بآية: {لا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلاّ أَن تَكُونَ تجارةٍ عَنْ تراضٍ}، فإن هذه الآية بصياغتها الخاصة تدلّنا على صحة المعاملة المالية التي تنبثق عن تراضي الطرفين. والتأمين عبارة عن المعاملة المالية المتجسدة عن تراضي الطرفين. وبما أن التأمين من المشارطة العقلائية السائغة يثبت اعتباره من أدلة الشروط الشرعية أيضاً، كما أشرنا لدى البحث عن مكانة التأمين.
ويمكن الاستدلال على الصحة هنا بآية {أَوْفُواْ بِالعُقُودِ}([43]). فبما أن التأمين عقد معاملي يشمله عموم الوفاء بالعقود، ويحكم بوجوب الوفاء به على ضوء الآية. وتوهم انصراف العقود إلى العقود المتحققة في زمان الشارع لا أساس له، ولا دليل عليه؛ لأن صياغة الآية لم تكن صياغة القضية الخارجية، بل هي قضية حقيقية ذات رسالة خالدة، فتشمل كافة العقود. أضِفْ إلى ذلك أن التأمين هو المشارطة.
وقد قال الشيخ الحلي& بأنه يمكن أن يكون التأمين عقداً مستقلاً؛ لشمول العمومات من {أَوْفُواْ بِالعُقُودِ} و{تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ}، فيعتبر معاملة شخصية جامعة للشروط([44]).
وقد يشكل بأن آية {أَوْفُواْ بِالعُقُودِ} إنما تدل على وجوب الوفاء، وهو يساوق اللزوم. وعليه أصبحت الآية أبرز دليل على اللزوم. فالآية تدل على اللزوم الذي هو فرع الصحة، وعقد التأمين بحاجة إلى دليل الصحة.
والتحقيق أنه لا مجال لهذا الإشكال؛ لأن العقد ـ أي التأمين ـ له شأن كبير في مجتمعنا اليوم، وبعدما تحقق عقداً تاماً بين الناس، ولم يكن مخالفاً للكتاب والسنة، يصبح موضوعاً للحكم، أي وجوب الوفاء، فيشمله عموم العقود.
وبالتالي تدل آية {أَوْفُواْ بِالعُقُودِ} على وجوب الوفاء بما يفيده عقد التأمين. فيستفاد من تلك الدالة اللزوم بالأصالة، والصحة بالتبع؛ لأن دلالة الآية على اللزوم تتضمن الدلالة على الصحة، فإثبات اللزوم هناك يكشف عن الصحة، ويتم المطلوب.
وعليه يمكننا أن نقول: إن آية {أَوْفُواْ بِالعُقُودِ} تدل على صحة التأمين بالدلالة التضمنية. أَضِفْ إلى ذلك أنَّ إثبات اللزوم يكفينا في إثبات المشروعية للتأمين، وهذا هو الهدف المنشود.
شبهة الربا
في التأمين على الحياة تدفع شركة التأمين إلى المستأمن أزيد مما أخذت منه، وإعطاء الزيادة يمكن أن ينتهي إلى الربا.
قال الشيخ الحلي&: إن دفع المال لم يكن على الظاهر قرضاً حتى يفسح المجال لشبهة الربا، بل يكون من قبيل: المضاربة، ويمكن تصحيحها من طريق الهبة([45]).
وقال السيد السبزواري&: ما تدفعه الشركة إلى المستأمن في تأمين الحياة من الفائدة بعنوان الترغيب يجوز أخذه([46])؛ لأصالة الإباحة، والتراضي الواقع بينهما على ذلك، فتشمله آية التراضي([47]). وتوهُّم أنه من الربا المحرّم؛ لوقوع هذه الزيادة في مقابل ما أعطاه المستأمن للمؤمّن، فاسدٌ؛ لأن المقام ليس من الربا المعاملي بالضرورة (وجداناً)، ولا من الربا القرضي؛ إذ لم يقصد القرض، بل قصد الأمانة أو الحفظ عند الشركة. ولو فرض أنه بعنوان القرض أيضاً فليس كل ما يدفعه المقترض للمقرض ربا محرم؛ إذ لو أعطاه بعنوان الترغيب أو غيره والتشويق أو غير ذلك من الأغراض الصحيحة الشرعية العقلائية لم يكن من الربا المحرم([48]).
ما له صلة بالتأمين
من أبرز الأمور التي لها صلة بمعاملة التأمين ما يلي:
1ـ قد تقدم منا أن الإيجاب يتم من قبل المستأمن والقبول من المؤمِّن، فهل يمكن أن يكون التعامل بالعكس؟ الصحيح أنه لا مانع من ذلك؛ لعدم الدليل على اختصاص الإيجاب بالمستأمن والقبول بالمؤمِّن، ولا يكون التأمين كعقد البيع الذي ثبت فيه الاختصاص، فيكفينا ها هنا الإيجاب والقبول من دون تقييد صدورهما من طرف خاص، ويشمله عموم آية {أَوْفُواْ بِالعُقُودِ}.
وقد قال السيد السبزواري&: يصح وقوع الإيجاب والقبول عن كل من المستأمن والمؤمِّن([49]).
2ـ هل أن التأمين من العقود اللازمة؟ الصحيح أنه لازم من الطرفين؛ لقاعدة اللزوم الفقهية([50])، إلا ما ثبت جوازه بدليل يخصّه.
قال السيد السبزواري&: التأمين من العقود اللازمة من الطرفين؛ لما أثبتناه غير مرة من أصالة اللزوم في كل عقد إلا ما خرج بالدليل، وهو مفقود في المقام.
نعم لو انشأناه بعنوان الجعالة يجري عليه حكمها، وهو الجواز، إجماعاً([51]).
3ـ قال السيد السبزواري&: لا يجري في هذا العقد من الخيارات إلا خيار الشرط وخيار الاشتراط وخيار الغبن([52])؛ لعموم أدلة تلك الخيارات الثلاثة لكافة العقود المعاملية. وأما الذي تبقّى من خيار المجلس وخيار الحيوان وخيار تأخير الثمن فهو يختص بالبيع. وأما خيار العيب، الذي نشك في شموله هنا، فتمنعه أصالة اللزوم.
4ـ هل يصح التأمين بالمعاطاة؟ الصحيح أنه يجوز أن يتحقق التأمين بالمعاطاة؛ لصدق العقد عليه، ويشمله عموم {أَوْفُواْ بِالعُقُودِ} بلا أي مانع. وقد قال سيدنا الأستاذ&: لا ريب في قيام السيرة بين المسلمين، بل بين عقلاء العالم، على صحة المعاملة المعاطاتية، وترتب آثار الملكية على المأخوذ بها([53]). والأمر كما أفاده.
5ـ هل يخص التأمين بالشركات المعدة لعملية التأمين أم لا؟
الصحيح أنه لا اختصاص بها؛ لعدم الدليل على الاختصاص من جانب؛ ولعموم أدلة العقود من جانب آخر.
وقد قال السيد السبزواري&: لا يختص التأمين بالشركة المعدة لذلك، بل يصح التأمين بين أشخاص بعضهم مع بعض([54]).
6ـ قال السيد السبزواري&: ويجوز تعدد المؤمّن ووحدة المستأمن، كما يجوز العكس([55])؛ للعمومات، وقاعدة السلطنة.
أضِفْ إلى ذلك عدم الدليل على اشتراط الوحدة في الموجب والقابل في كافة المعاملات المالية.
خلاصة واستنتاج
معاملة التأمين من أبرز المعاملات المستحدثة. وهي تستهدف تحقيق الأمن لدى المخاطرة. وعقد التأمين عبارة عن الإيجاب والقبول، مع تعيين المدة، وتعيين مقدار القسط، ومقدار الخسارة. ويمكن عرضها على المعاملات المشروعة العقلائية، كالضمان العهدي، والهبة، والصلح، والمشارطة. وتطبيقها على كل واحدة منها بحاجة إلى البحث. والصحيح أن التأمين معاملة مستقلة ذات خصائص بارزة. وهي معاملة عقلائية ذات آثار إيجابية هامة، وتشملها أدلة العقود المعاملية العامة، كآية {أَوْفُواْ بِالعُقُودِ} وآية {تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ}، مضافاً إلى شمول دليل الشرط لها.
الهوامش
(*) أستاذ في الحوزة العلمية، وباحث في الفقه الإسلامي، له مؤلفات فقهية متعدّدة.
([1]) فرهنگ دهخدا 4: 5280، النقل بالمضمون.
([8]) تفسير القمي، أول سورة المائدة.
([9]) تقريرات المكاسب 1: 81 ـ 83.
([18]) قانون مدني إيران، مادة 3.
([19]) القانون المدني المصري، مادة 713.
([24]) المكاسب، قسم البيع: 80.