د. محمد سعيد فياض(*)
د. محمد كاظم شاكر(**)
ترجمة: حسن مطر
تمهيد ــــــــ
لقد دأب أعداء الإسلام منذ نزول القرآن وإلى يومنا هذا على تعريف القرآن الكريم بوصفه نتاجاً بشرياً، وأنه مستقى من المصادر الدينية السابقة. إنّ فرضية اقتباس القصص القرآني من نصوص الأديان السابقة قد شكلت مفردة من مفردات الصراع الذي نشط فيه المستشرقون. بل إنهم، بالإضافة إلى اتهام النبي الأكرم بالتطفل على موائد الكتب السماوية السابقة، اتهموه أحياناً بارتكاب الكثير من الأخطاء التاريخية. ومن ذلك ما يرتبط بقصة هامان وشخصيته؛ إذ قالوا بأنّ النبي الأكرم|؛ ونتيجة لسوء فهمه للمصادر اليهودية، تصور هامان الذي هو وزير خشايار شاه([1]) وزيراً لفرعون المعاصر للنبي موسى×. وهذا الافتراض مرفوض بأدلة متقنة؛ إذ ذهب الكثير من المحقِّقين إلى القول بأن سفر أستير الذي ورد فيه القول بتولي هامان الوزارة لخشايار شاه ليس سوى أسطورة لا صحّة لها إطلاقاً. ومن ناحية أخرى ليس هناك أي إشكال في محتوى تقرير القرآن الكريم لقصة هامان، ولا تناقض فيها للحقائق التاريخية أبداً، بل إنّ التحقيقات والتنقيبات الأثرية ـ التي قام بها الغربيون أنفسهم ـ قد أثبتت وجود الكثير من الشواهد المحكمة في تأييد الرواية التاريخية القائلة بوجود هامان في بلاط فرعون المعاصر للنبي موسى×.
مقدمة ـــــــ
يجدر بنا قبل الخوض في تفاصيل المسألة، والبحث في سابقة التحقيق حول هذا الموضوع، أن نتعرّف ـ باختصار ـ على تقريرات الكتاب المقدّس والقرآن الكريم بشأن هذه الشخصية المعروفة باسم هامان [haman]. لقد ورد ذكر هامان باسمه في القرآن الكريم في ستة مواطن، وذلك على النحو التالي:
1ـ ﴿وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ (القصص: 6).
2ـ ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ﴾ (القصص: 8).
3ـ ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إلى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾(القصص: 38).
4ـ ﴿وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ﴾(العنکبوت: 39).
5ـ ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إلى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ﴾(غافر: 23 ـ 24).
6ـ ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إلى إِلَهِ مُوسَى﴾(غافر: 36 ـ 37).
وهكذا فإنّ اسم هامان في جميع هذه المواطن الستة قد جاء بعد اسم فرعون. ويتضح من بعض الآيات أنه كان من ذوي المناصب العالية في البلاط الفرعوني؛ وذلك لأنّ القرآن الكريم ينسب إليهما قيادة الجيوش([2]). كما أن هناك آيتين أضافت لهما شخصية قارون([3])، مما يثبت أنّ هامان وقارون كانا إلى جانب فرعون شخصيتين بارزتين، وأنّ لهما مناصب كبيرة في قيادة الناس وإدارة الدولة، بحيث إنّ فرعون لم يكن وحده هو المخاطَب لموسى×، بل إنّ موسى قد أرسل من قبل الله بمعجزاته وآياته لمواجهة هامان وقارون أيضاً، بالإضافة إلى فرعون([4]). ومهما كان فإنّ هامان كان في مرتبة أدنى من مرتبة الفرعون. وهذا واضح من خلال الأوامر التي يصدرها فرعون إلى هامان([5]). ومع ذلك فإنّ القرآن الكريم لا يصرِّح بنوع المنصب الذي يحتله هامان، فليس هناك ما يثبت أنه كان وزيراً أو غير ذلك. ولكن يتضح من خلال قيادته للجيوش، وتوجيه فرعون أوامره مباشرة إليه، أنه كان يحتل منصباً متقدّماً في الدولة الفرعونية. من هنا فقد ذهب الكثير من المفسرين إلى اعتبار هامان وزيراً أو مستشاراً كبيراً في بلاط فرعون المعاصر للنبي موسى×([6]). ومهما كان فقد نسب الشيخ الطوسي وزارة هامان لفرعون بلفظ (قيل)، المشعر بعدم قوّة هذا الرأي عنده([7]).
سعى بعض المستشرقين إلى تطبيق شخصية هامان المذكور في القرآن على إحدى الشخصيات المذكورة في التوراة؛ إذ يبرز هامان كواحد من أبطال سفر أستير [Esther]. تبدأ قصة هذا السفر بغضب الملك الفارسي (خشايار شاه) على زوجته الملكة (وشتي)[Vashti]؛ لأنها لم تحضر حين أرسل الخصيان وراءها؛ لتمثل بين يديه ـ في اليوم السابع من المهرجان الكبير الذي أقامه احتفالاً بالسنة الثالثة من جلوسه على العرش ـ؛ لينظر الشعب والرؤساء إلى جمالها، فاستبدل بها فتاة يهودية تدعى (أستير)؛ لتكون زوجة له. وكان لأستير ابن عم لها يدعى (مردخاي)[Mordacai]، قد تولى حمايتها والقوامة عليها، فأوصاها أن لا تخبر الملك الفارسي عن حقيقة هويتها وهوية شعبها. وكان لخشايار شاه رئيسٌ للوزراء يدعى (هامان)، وهو رجل متكبّر، يسجد له جميع عبيد الملك في مملكته. وحدث ذات يوم أن مرّ هامان هذا بباب القصر، فسجد له الجميع، وجثوا على الركب، إلا مردخاي أبى أن يجثو له، فامتلأ هامان غضباً، ولم يكتفِ بالانتقام منه لوحده، وإنما حثّ الملك على أن يُهلِك جميع اليهود، فعمد الملك خشايار إلى إصدار أمر بقتل جميع اليهود، وهو لا يدري أن زوجته أستير من اليهود أيضاً. فبادر هامان إلى نصب خشبة؛ ليصلب عليها مردخاي، فهرع مردخاي وبعث برسالة إلى أستير يعلمها بالخبر، فما كان من أستير إلا أن جازفت بنفسها، وكشفت للملك عن هويتها، وأن قرار الملك بإهلاك اليهود، الذي صدر عنه بتشجيع هامان، سيشملها أيضاً. ولما كانت أستير أثيرة عند الملك فقد غضب من هامان، وأمر بصلبه على الخشبة التي كان أعدّها لمردخاي، ومن ثمّ أعطى منصب هامان، الذي شغر بعد مقتله، لمردخاي؛ إرضاءً لأستير([8]).
وبذلك يتضح أنّ هناك تشابهاً اسمياً بين شخصين ورد ذكرهما في كلٍّ من القرآن الكريم والعهد القديم، في قصتين مختلفتين، وفي ظلّ ثقافتين، وحضارتين، ودينين، متفاوتين كلّ التفاوت، وتفصل بينهما مدة زمنية طويلة، تقدّر بحدود ألف سنة. وقد ذهب بعض المستشرقين والمطلعين على التوراة إلى ادعاء عدم وجود شخص اسمه هامان في البلاط الفرعوني، وأنّ حضوره في قصة موسى× وفرعون الواردة في القرآن الكريم ناتجٌ عن توهم النبي محمد|، ووقوعه في اشتباه تأريخي بحت، وأنه نقل شخصية من شخصيات سفر أستير من بلاط خشايار شاه ووضعها في البلاط الفرعوني؛ بوحي الغفلة. وهنا نتساءل: هل كان هناك شخصٌ يُدعى هامان في عصر خشايار شاه؟ وألا يمكن أن يكون هناك شخصٌ باسم هامان في البلاط الفرعوني؟
نحاول في هذا المقال أن نثبت أنّ هامان المذكور في القرآن ينسجم مع الوقائع التاريخية، المدعومة من قبل المصادر، والتنقيبات الأثرية، خلافاً لهامان المنتحل في التوراة، وغيره من الشخصيات المذكورة في سفر أستير، فإنّ تلك الشخصيات لا تعدو كونها شخصيات وهمية وأسطورية، وهي مقتبسة من أسماء لآلهة كان يعبدها البابليون والعيلاميون. ويحتمل أن تكون الحضارة البابلية والعيلامية قد أخذت تلك الأسماء من الحضارة المصرية.
وقد أجاب الفخر الرازي في معرض تفسيره الآية السادسة والثلاثين من سورة غافر عن إشكال اليهود بشأن هامان الوارد في القرآن الكريم؛ إذ قالوا: إنّ الذين درسوا تاريخ بني إسرائيل وفرعون يجمعون على عدم وجود شخص اسمه هامان في عهد موسى وفرعون، وإنما ظهرت شخصية هامان بعد ذلك بقرون طويلة، وعليه فإنّ القول بوجود هامان في عصر فرعون خطأ تاريخي فاضح. وأضاف المستشكلون: لا ينبغي القول: إنّ وجود شخص باسم معين في زمن لا ينفي أن يكون له سميّ في زمن سابق عليه؛ إذ لو كان مثل هذا السميّ موجوداً في عصر فرعون، ويحتل المكانة المرموقة في بلاطه ـ على نحو ما هو مبيّن في القرآن ـ، لما خفي وجوده. ثمّ مثَّل المستشكلون لذلك بمثال، فقالوا: يعلم الجميع بظهور شخص اسمه أبو حنيفة بعد رحيل النبي الأكرم بسنوات، فلو ادعى شخص وجود سميّ له في عصر النبي الأكرم|، وأنه غير أبي حنيفة المعروف، لما قبل منه ذلك. وبعد أن ذكر الفخر الرازي هذا الإشكال بالتفصيل أجاب عنه باختصار، فقال: إنّ المدّة الزمنية التي تفصلنا عن عصر النبي موسى× وفرعون ضاربة في القدم، وإنّ الأخبار والمعلومات التي قطعت غبار القرون لتصل إلينا مشوّشة ومضطربة للغاية، ولا يمكن الركون إليها، والوثوق بها. وعليه لا يمكن الأخذ بقول المؤرخين في هذه الناحية، فيكون الأخذ بكلام الله عزّ وجلّ الوارد في القرآن الكريم هو الأَوْلى. ثم قال: إنّ قياس هامان على أبي حنيفة قياس مع الفارق؛ وذلك لأنّ عهد أبي حنيفة قريب من عصر النبّي جداً، وإن المعلومات التي بأيدينا عنه واضحة وغير مضطربة، بخلاف هامان الذي تفصله عن عصرنا كلّ هذه المدّة الموغلة في القدم([9]).
ويلاحظ على ذلك أنّ جواب الفخر الرازي، حيث يقول: «فيكون الأخذ بكلام الله عزّ وجلّ الوارد في القرآن الكريم هو الأَوْلى»، إنما يتناسب وفرضية المسلمين الذين يؤمنون بكون القرآن وحياً نازلاً من عند الله سبحانه وتعالى، ولكنه لا يقنع غير المسلمين الذين لا يؤمنون بالقرآن. وأما ما ذكره من عدم انضباط التاريخ الذي بلغنا عن مرحلة موسى× وفرعون فهو صحيح، ولا يمكن لشخص؛ بمجرد عدم عثوره على شخصية باسم هامان في المصادر المتعلِّقة بعصر فرعون، المبادرة إلى نفيها وإنكارها؛ وذلك بسبب قلة وشحّة المعلومات التي وصلتنا عن تلك الحقبة البعيدة. وقد بحث الشيخ محمد هادي معرفت هذه المسألة في باب (شبهات وردود) من موسوعته الموسومة بـ «التمهيد في علوم القرآن»([10]).
وأما في هذا البحث فقد توصَّلنا ـ ضمن الاستعانة بالتحقيقات المنجزة، وتوظيف أسلوب التحليل التأريخي ـ إلى ردّ ادّعاء المستشرقين، وإثبات رؤية القرآن الكريم.
من هنا فإننا نؤكّد على مسألتين في قصّة هامان:
الأولى: تشريح سفر أستير، وبيان الشواهد التي تثبت أنّ هامان الوارد في العهد القديم لا يمكن أن يكون شخصية تأريخية.
الثانية: بيان الأدلة والشواهد التأريخية التي تثبت أنّ هامان الوارد في القرآن الكريم شخصية تأريخية متّصلة بعصر النبي موسى× وفرعون.
دعوى مَنْ ينسب الخطأ التأريخي إلى القرآن الكريم ــــــــ
إنّ الذي يدّعون وقوع الأخطاء التأريخية في القرآن يذهبون إلى القول بأنّ شخصية (هامان بن هَمَداثا[Hammadatha] الأجاجي) شخصية تأريخية، برزت أوّل ما برزت من خلال حضورها في سفر أستير، بوصفه وزيراً لخشايار شاه الملك الفارسي (486 ـ 460 ق.م)، المنتمي إلى السلسلة الإخمينية. وتعود أحداث سفر أستير تاريخياً إلى 1100 سنة بعد عصر فرعون. من هنا فإنّ هؤلاء يتساءلون: كيف تسرّب اسم هامان إلى القرآن؟ يدّعي المستشرقون أنّ النبي وجد اسم هامان إلى جانب قارون، فتصوّر خطأً أنه معاصر لقارون وموسى، ومن هنا أقحم اسمه في القرآن إلى جانب فرعون المعاصر لموسى. إنّ المحققين الغربيين لم يستطيعوا تحديد الهوية التأريخية لهامان الوارد في القرآن، فاستنتجوا لذلك أنّ النبي محمد| قد قرأ أو سمع مطالب من التوراة والعهد القديم، ولكنه أساء فهمها، فخلط بين هامان وزير خشايار شاه وبين وزير فرعون.
وقد أشار إلى هذا الموضوع الأسقف لودفيكو ماراتشي [Ludovico Maracci] (1612 ـ 1700م)، المترجم الثاني للقرآن الكريم إلى اللغة اللاتينية([11]). وقال في هذا الشأن: «لقد خلط محمد بين قصص الكتاب المقدّس. من ذلك أنه اعتبر هامان وزيراً لفرعون، في حين أنه لم يكن في الواقع سوى وزيراً لخشايار شاه»([12]).
وادعى (جورج سيل)([13])، مترجم القرآن إلى اللغة الإنجليزية، ذات هذا الادّعاء في ترجمته للقرآن الكريم([14]).
وقال (ثيودور نولدكه) [Theodor Noldeke]، عالم اللغات الألماني، في مقالة له ـ نشرت عام 1891م في دائرة المعارف البريطانية ـ بأسلوب فجّ: «حتى أغبى الأغبياء من اليهود لا يخلط بين هامان [وزير خشايار شاه] وبين وزير فرعون»([15]).
وجاء في دائرة المعارف الإسلامية، في هامش مدخل (هامان): «هامان اسم وزير لخشايار شاه وارد في سفر أستير، وقد أخطأ القرآن؛ لسبب لم يعلم حتى الآن، فنسبه إلى فرعون»([16]).
وقد كرر هذا الادّعاء مستشرقون آخرون، أمثال: هنري لامانس[Henri Lammens] (1862 ـ 1938م)، وجوزيف هوريوتس[Joseph Hurwitz]، وتشارلز كالتر توري [Charles Culter Torrey] (1863 ـ 1956م)، وابن ورّاق([17]) أيضاً([18]).
وقال آرثر جيفري [Arthur Jeffrey]، صاحب كتاب «المصطلحات الدخيلة في القرآن الكريم»، في هذا الشأن: «إنّ هامان في القرآن بدلاً من أن يدرج في قصة أستير يبرز بوصفه واحداً من كبار حاشية البلاط الفرعوني في مصر إبان عهد النبي موسى. وقد سعى بعض المفسِّرين إلى القول بأن هامان هذا هو غير هامان الوارد في قصّة أستير. ولكن ليس هناك من شكّ في أنّ المراد من هامان في القرآن هو نفس هامان الوارد ذكره في الإصحاح الثالث من سفر أستير. وإننا نرى هذا الخلط في الآية التاسعة والثلاثين من سورة العنكبوت، والآية الرابعة والعشرين من سورة غافر، حيث يذكر هامان إلى جانب قارون، والسبب في ذلك يعود إلى أن الأساطير التلمودية غالباً ما تربط هامان بقارون»([19]).
يجب في مناقشة هذه الدعوى ملاحظة بعض الأمور؛ إذ يفهم من مسار تبلور هذه الفرضية أن الذين يذهبون إلى هذه الدعوى قد توصّلوا إليها اعتماداً على عدة فرضيات مسبقة؛ ظناً منهم ببداهتها. وإنّ تلك الفرضيات على النحو التالي:
1ـ لما كان الكتاب المقدّس سابقاً للقرآن الكريم من الناحية الزمنية فلا بدّ من البحث عن أصل المطالب ذات العناصر المشتركة بين هذين الكتابين في نصوص الكتاب المقدّس حصرياً. وبعبارة أخرى: إنّ الكتاب المقدّس والنصوص القديمة بوصلة لا تقبل الخطأ في تقييم القرآن الكريم.
2ـ إنّ النبي محمد| إنما ألَّف القرآن بالاعتماد على التراث المكتوب والمنقول شفهياً عن الأديان والحضارات الأخرى، وخاصة اليهودية، والمسيحية.
3ـ إنّ الشخص الذي يحمل اسم هامان ليس له إلا مصداق خارجي واحد في جميع التاريخ، وهو وزير خشايار. وعليه فإنّ أي افتراض آخر يربطه بعصر آخر لا يمكن قبوله بحال من الأحوال، وإنّ قائله مخلط ومخطئ من الناحية التأريخية.
بالاعتماد على هذه الفرضيات ذهب هؤلاء إلى القول بتأثُّر القرآن في قصة هامان بالشخصية الواردة في سفر أستير من التوراة والعهد القديم.
وفي قبال هذه الفرضيات ـ التي لم يثبت أيٌّ منها ـ يذهب المسلمون إلى القول بأنّ القرآن كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ومن هنا فإن تقريراته التأريخية هي عين الحقيقة والواقع. ومن جهة أخرى فإنّ مجرّد التشابه الاسمي بين بعض الشخصيات الواردة في القرآن الكريم والكتاب المقدّس لا يقوم دليلاً على اقتباس القرآن لها من الكتاب المقدّس أو أي كتاب آخر. وهكذا فإنّ أقدمية النصّ لا تنهض دليلاً على عصمته من الخطأ، واعتباره مقياساً لتقييم النصوص اللاحقة؛ إذ قد يكون النص قديماً، ولكنه يخضع في الوقت نفسه للكثير من عمليات الدسّ والتزوير والتحريف والتغيير، أو يكون مخدوشاً فيه وباطلاً من الأساس.
إننا هنا لا نستطيع الاعتماد على فرضيات المستشرقين. وكذلك لا نروم الإجابة عن هذه الشبهة انطلاقاً من الاعتقاد الصرف للمسلمين القائم على أحقّية القرآن الكريم، بل نسعى إلى ردّ هذه الدعوى، وإثبات الرؤية القرآنية، بالاستناد إلى الأسلوب التحليلي التأريخي؛ ليكون ذلك حجّة على المسلمين وغير المسلمين على السواء.
هامان وسفر أستير في مواجهة التحدّيات التاريخية ــــــــ
لما كانت إحدى فرضيات دعوى وقوع القرآن في الأخطاء التأريخية تقوم على اعتبار هامان شخصية تاريخية تعود إلى عصر السلالة الإخمينية في البلاط الإيراني فإنّ التشكيك في هذه الفرضية وتقويضها سيهدي طلاّب الحقيقة إلى أنّ مؤلف سفر أستير قد استعار هذا الاسم من الثقافات والحضارات الأخرى، وربما انتهت إلى الحضارة والثقافة المصرية، وبالتالي تكون نتيجة ذلك إثبات هامان كشخصية تاريخية تعود إلى التراث المصري، وبالتحديد إلى الفترة المعاصرة لموسى× وفرعون.
قبل بيان التشكيك في تاريخية سفر أستير يجدر بنا التنويه إلى أنّ هذا السفر ينفرد بذكر هامان بوصفه وزيراً لخشايار شاه، فلم يرِدْ ذكرٌ له في أي موضع آخر من الكتاب المقدّس، كما لم يرِدْ في أي مصدر مستقلّ آخر. ولم يرِدْ في أي مصدر من المصادر التأريخية الإيرانية اسم لهامان بوصفه وزيراً لخشايار شاه، وإعدامه على يده وبأمر منه على النحو المذكور في سفر أستير([20]). وهكذا فقد توصلت دائرة المعارف البريطانية إلى هذه النتيجة: إنّ قصّة أستير وأبطالها لم ترِدْ في المصادر التأريخية، وبذلك أقفلت قضية هذا السفر وشخصية هامان الواردة فيه، وحكم عليها بوصفها أسطورة من صنع خيال مؤلِّفها([21]).
من هنا لا بدّ من الإجابة عن هذا السؤال: ما هي الدعامة التأريخية التي يستند إليها هذا النصّ اليتيم الذي يسمّي هامان بوصفه وزيراً لخشايار شاه؟ يجب القول: إن هناك شكوكاً كثيرة تحوم حول تأريخية سفر أستير. فقد اعترف الكثير من المحقِّقين الغربيين بأنّ سفر أستير لا يتمتَّع بوجود تأريخي وخارجي، وهو أقرب إلى الرواية الخيالية.
كما أقرّت دائرة المعارف اليهودية بالقول: هناك نزر يسير من المحققين المعاصرين الذين يرون لسفر أستير حاضنة تأريخية. وهناك بالمقارنة مع هؤلاء جمع غفير من مفسِّري وشرّاح العهد القديم توصّلوا إلى نتيجة مفادها أنّ سفر أستير لا يعدو كونه أسطورة وقصة خيالية، رغم محاولة بعض المؤلِّفين نقد هذه الرؤية من خلال القول باعتبار هذا السفر رواية تأريخية([22]).
وقد ذكرت دائرة المعارف اليهودية العالمية بعض الأمثلة التي لفتت انتباه المحققين في شأن المحتوى التأريخي لسفر أستير على النحو التالي: يذهب أكثر المحقِّقين إلى القول بأن سفر أستير أسطورة ورواية تعكس آداباً وسنناً معاصرة، ألبست ثوباً تأريخياً وطابعاً تراثياً؛ لتنجو من النقد والهجوم عليها. وذكروا أنّ هناك مفارقة واضحة وعجيبة، إذ هناك فرقٌ كبير بين أن يحكم خشايار شاه على مئة وسبعٍ وعشرين كورة، كما يذكر سفر أستير، وبين ما يثبته التأريخ الإيراني نفسه لخشايار شاه، وأنه حكم على عشرين كورة فقط. كما أنه من المحيّر والمدهش أن تتمكن أستير من التكتّم على هويتها ويهوديتها، مع معرفة الجميع بيهودية مردخاي، وكونه ابن عمها والقيّم عليها في الوقت نفسه. يضاف إلى ذلك أنه من غير الممكن لغير الفارسي أن يصبح وزيراً في البلاط الإيراني، ولا لغير الفارسية أن تغدو ملكة على الإيرانيين. هذا ولو كانت أحداث هذه الرواية قد وقعت بالفعل فمن المستحيل أن تغيب عن أعين المؤرِّخين الذين رصدوا تلك المرحلة بحذافيرها، ودقَّقوا في كلّ واردة وشاردة منه. وبالتالي فإنّ أسلوب هذا السفر وبناءه الأدبي أقرب إلى الصياغة الأدبية، والقصة العاطفية والرومانسية، منه إلى الوقائع والحقائق التأريخية. بل إن هناك من المحقِّقين من ذهب إلى القول بأنّ جذور هذا النصّ الأدبي تعود إلى مصادر أجنبية، وبعيدة كلّ البعد عن اليهودية([23]).
قال صموئيل كندي إدي، معلِّقاً على سفر أستير: «يمكن لسفر أستير أن يكون أي شيء باستثاء التأريخ، فهو قصّة أسطورية كان الهدف الظاهري منها تبرير الاحتفال في أيام الفوريم([24])، وإحداث حقيقة تأريخية لهذه الأعياد… كما يزوّدنا سفر أستير بمعلومات جغرافية خاطئة عن بلاد فارس. فقد جاء في هذا السفر أنّ خشايار شاه قد ملك على مئة وسبعٍ وعشرين كورة، في حين أنه لم يملك ـ بحسب المصادر التأريخية الفارسية المستقلّة ـ إلاّ على سبع وعشرين كورة فقط»([25]).
كما يذهب (صموئيل كندي) إلى القول بأنّ سفر أستير مفعم بالأفكار والصور المقتبسة من الأساطير والأدبيات البابلية؛ ذلك أنّ فكرة غلبة الأنثى على ملك أجنبي أقرب إلى المزاج البابلي في القرن الخامس بعد الميلاد منها إلى النزعة الفكرية عند اليهود([26]). يضاف إلى ذلك أننا لا نجد أي شخص من أبطال سفر أستير يحمل اسماً يهودياً حقيقياً خالصاً. فإننا إذا استثنينا الملك الفارسي إخشويروش (خشايار شاه) سنجد جميع الأسماء الأخرى مقتبسة من أسماء آلهة بابلية وعيلامية. فأستير هي (عشتار). بل حتى التسمية الأخرى لأستير وهو (هَدَسّة) [Hadassah]، الذي يرد في الفقرة السابعة من الإصحاح الثاني من سفر أستير، هي من الألقاب الخاصة بربّ الأنواع البابلية. ومردخاي هو (مردوخ)([27])، الإله البابلي. من هنا فإنّ أستير ومردخاي ليسا سوى إلهين بابليين ألبسا ثوباً يهودياً. وأما عدوهما اللدود (هامان) فيمكن ربطه لغوياً بـ (هومان)، أحد آلهة العيلاميين([28])، أعداء البابليين التقليديين. وأما (وشتي)، الملكة الفارسية التي أخذت أستير مكانها ومنزلتها، فيمكن بنفس الطريقة أن نربطها بـ (مشتي)، ربّة الأنواع العيلامية([29]).
من هنا يذهب (صموئيل كندي إدي) إلى الاعتقاد جازماً بأنّ سفر أستير الوارد في العهد القديم ليس سوى أسطورة بابلية تعود إلى القرن الخامس من الميلاد، وهي تصوّر الجدل المحتدم بين كل من مردوخ (مردخاي) وعشتار (أستير) وخشايار شاه (أخشويروش). إنّ هذا التطابق من الكثرة والقوّة بحيث لا يمكن حمله على مجرّد الصدفة. وحيث إنّ الغلبة في هذا الصراع تكون في نهاية المطاف لمردخاي (مردوخ) وأستير (عشتار) البابليين على هامان (هومن) ووشتي (مشتي) العيلاميين يذهب الترجيح إلى صياغة هذه الأسطورة في بابل([30]). ويعترف قاموس الكتاب المقدّس بأنّ الأسماء الواردة في سفر أستير أسماء بابلية وعيلامية، فمردخاي هو مردوخ، ربّ الأرباب عند البابليين، وهِمان أو هُمّان هو أحد الأرباب الرئيسين عند العيلاميين([31]).
لقد كانت العلاقات بين الحضارة العيلامية والحضارات العريقة قائمة في مراحل متقدّمة جداً. وإنّ الآثار التي تمّ العثور عليها في مصر قبل مرحلة الأُسر والسلالات الفرعونية تثبت هذا الارتباط بينها وبين شوش ـ عاصمة السلالة الإخمينية في عهد خشايار شاه ـ بشكل واضح. وهذا ما أكّد عليه علماء التأريخ والمحقِّقون في تأريخ الفنّ مراراً وتكراراً([32]). وبملاحظة التحقيقات والتنقيبات التي أنجزت من قبل علماء الآثار في القرنين الأخيرين ـ وهو ما سنشير إلى نموذج منه في الصفحات الآتية ـ يقوى احتمال تسرّب شخصية هامان إلى الحضارة العيلامية من الحضارة المصرية. وعليه يجب القول ـ بالالتفات إلى الأدلة والشواهد التي تثبت عدم تأريخية شخصية هامان في الكتاب المقدّس، والالتفات من جهة أخرى إلى تأثر الحضارة العيلامية بالحضارة المصرية ـ بأنّ الثابت علمياً هو أنّ الواقع في الخطأ التأريخي هو الكتاب المقدّس، وليس القرآن الكريم.
هناك من المفكِّرين مَنْ يذهب إلى الاعتقاد بأنه حيث لا يوجد في اللغة الفارسية لفظ يقرب من هامان، ولم يُعهد وجود شخص في بلاط خشايار شاه بهذا الاسم، يمكن القول بأنّ اليهود قد أطلقوا تسمية هامان على أحد وزراء خشايار شاه؛ لوجود شبه بينه وبين هامان وزير فرعون؛ لأنه كان يظلمهم، كما كان هذا الأخير يظلمهم في أعمال السُّخْرة وما إلى ذلك([33]).
كما توجد شواهد أخرى تثبت عدم تأريخية سفر أستير وبعض الأبطال الآخرين في روايتها، الأمر الذي يخرج هذا السفر من دائرة النصوص التأريخية لدى اليهود. فمنذ عام 1947م وحتى عام 1956م، حيث عثر على حدود مئة قطعة من رقائق البحر الميت في مدينة قمران، أجريت عملية مقارنة بين هذه الرقائق والأسفار الموجود في العهد القديم، فظهر أنّ جميع الأسفار التوراتية موجودة في تلك الرقائق، ما عدا سفر أستير([34]). ومن الجدير بالذكر أنّ رقائق البحر الميت تعود إلى الفرقة الأسينية([35]) من الفرق اليهودية، وقد تمت ترجمة هذه الرقائق والمخطوطات، وهي الآن متوفّرة، وفي متناول الجميع([36]).
الأمر الآخر أننا لا نجد أية إشارة في العهد الجديد، أو أية إحالةٍ من الإنجيل إلى سفر أستير. يقول حبيب سعيد: ليس هناك من دليل يثبت نسبة سفر أستير إلى مؤلفٍ أو كاتب بعينه، أو متى تمّ تأليفه. ولكن حيث يجد بعض المحقِّقين أنّ آراء المكابيين قد انعكست فيه فإنه يرجع تأريخ كتابته إلى حدود مئة وثلاثين سنة قبل الميلاد([37]).
ومن جهة أخرى يذهب بعض مفسِّري الكتاب المقدّس إلى القول بعدم تأريخية هذه القصة، وعدم وقوعها أو تحقُّقها على المستوى الخارجي والواقعي؛ مستنداً في ذلك إلى عدم ورود أي ذكر للملكة وشتي، أو أستير، أو مردخاي، أو هامان، في مصادر التأريخ الإيراني والفارسي. ويضيفون أيضاً: إنّ سفر أستير هو السفر الوحيد بين سائر الأسفار الأخرى الذي لا يوجد فيه أيُّ ذكر لله سبحانه. من هنا ذهب بعض المتقدّمين إلى التشكيك في اعتبار هذا السفر، ولذلك فإنه لم يدرجه ضمن الأسفار الشرعية([38]).
تأريخية وجود هامان في قصّة موسى وفرعون في القرآن الكريم ـــــــ
يقول الذين يذهبون إلى دعوى وجود الخطأ التأريخي في القرآن: إننا إذا استندنا إلى النصوص الدينية اليهودية لا نجد إلا هامان واحداً، وهو ذلك الذي يحتل منصب الوزارة في بلاط خشايار شاه. من هنا يجب أن يكون هامان المذكور في القرآن بوصفه شخصية بارزة في عصر موسى وفرعون ناتجاً عن خطأ تأريخي؛ سببه سوء فهم النبي محمد عند اقتباسه هذه الشخصية من المصادر الدينية اليهودية.
ومن المناسب لدراسة هذه الدعوى أن نعيد قراءة الآيات القرآنية التي تتحدّث عن هامان، وهي قوله تعالى: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إلى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ (القصص: 38). وقوله تعالى: ﴿وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ (القصص: 6). وقوله تعالى: ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ﴾(القصص: 8).
وهنا نواجه ثلاثة أمور أساسية في هذه الآيات في شأن فرعون وهامان، وهي:
1ـ ادّعاء فرعون للألوهية والربوبية، وهو ما نشاهده في سورة القصص: 38.
2ـ أمر فرعون لهامان ببناء الصرح، وهو ما نشاهده في سورة القصص: 38.
3ـ وجود شخص بارز في بلاط فرعون المعاصر للنبي موسى× اسمه هامان، كما هو ملاحظ في سورة القصص: 6 و8.
وطبقاً لدائرة المعارف البريطانية فإنّ الجذور اللغوية لكلمة فرعون تعود إلى الكلمة المصرية فيرا (per’aa)، بمعنى البيت الكبير أو مقرّ الملك في مصر القديمة. ثمّ أطلقت هذه الكلمة فيما بعد كعنوان على سلسلة الملوك المتعاقبين على حكم مصر. وقد استمرّ حكم هذه السلالات من عام 1539 إلى عام 1292 قبل ميلاد المسيح. وكان المصريون يعتقدون بربوبية الفراعنة، فالفرعون يبقى إلهاً حتى بعد موته، بل إنه يرتقي حينها إلى مرتبة الأب لآلهة السماء والشمس، ويمنح سلطته المقدّسة للفرعون الجديد، المتمثِّل بوريثه، الذي هو ابنه([39]).
كما يتحدث المعجم المصوَّر للكتاب المقدّس عن فرعون، ويقول: «كان المصريون يعتقدون بأنّ فرعون هو الله. فإنّ الفرعون طوال حكمه هو ابن رَع (Ra) إله الشمس، وممثِّلاً لـ(هوروس)([40]). فالفرعون مبعوث من قبل الآلهة؛ لينوب عنها في حكم الأرض، فكانت كلمته قانوناً، وكان مالكاً فعلياً لكلّ شيء»([41]).
وفي ما يتعلق بأمر فرعون القاضي ببناء صرح عملاق من الطوب والآجر تُظهِر التنقيبات الأثرية على ضفاف النيل وشواطئه وجود جبانات وأبنية مصنوعة من الطوب([42]). وجاء في الشروح الروائية أنّ البناء بالآجر حدث للمرّة الأولى في عصر الفرعون([43]). إلا أنّ هذا الكلام لا يبدو صحيحاً، بل يجب القول: إنّ البناء بالطوب والآجر كان شائعاً في عصر فرعون؛ وذلك لأنّ معرفة المصريين بتقنية البناء بالآجر تعود إلى خمسة آلاف سنة قبل الميلاد([44]).
وقد أدلى المحقِّق الفرنسي موريس بوكاي[Maurice Bucaille] (1920 ـ 1998م) بدلوه في هذا البحث أيضاً، فقد ذهب إلى القول: لما كان هامان يعيش في عصر موسى× وفرعون فإنّ أفضل الطرق لتتبع آثاره والعثور على اسمه يتمّ عبر الرجوع إلى المتخصِّصين بالخطوط الهيروغليفية (والخطوط المصرية القديمة). من هنا فقد بدأ تحقيقه مع أحد أبرز المختصّين بالشؤون المصرية، والذي كان إلى جانب ذلك ملمّاً باللغة العربية القديمة أيضاً، فقال: «لقد بدأت العمل باستنساخ كلمة (هامان) كما هي موجودة في نسخة من القرآن يعود تاريخها إلى القرن الهجري الأول، وأريتها لذلك المختص، وقلت له: إنّ هذه الكلمة وردت في نصّ عربي يعود إلى القرن السابع للميلاد، وهي ترتبط بشخص ينتمي إلى تاريخ مصر. فقال لي: في مثل هذه الحالة يجب أن تكون منقولة بعينها ولفظها عن الهيروغليفية، ولكن في الوقت نفسه قال: إنه على يقين من أنه لا يمكن لنصّ يعود إلى القرن الميلادي السابع أن يكون مشتملاً على اسم باللغة الهيروغليفية؛ إذ إنّ هذه اللغة كانت قد اندثرت في تلك الفترة، ولم يبقَ منها شيء. ولكي يثبت صحّة استنتاجه نصحني بالرجوع إلى معجم أعلام الشخصيات التي كانت تعيش في أيام الفراعنة، لمؤلِّفه هيرمن رانك(Herman Rank)، حيث يحتمل العثور على هذا الاسم مكتوباً بالخط الهيروغليفي، فعثرت هناك على كلّ ما احتمله ذلك المتخصِّص، ورأيت كلمة هامان منقولة في ذلك المعجم بالخط الهيروغليفي، مع ترجمته إلى اللغة الألمانية، كما أدهشني أن أرى إلى جانبه شرحاً بالوظيفة والصفة التي كان يشغلها في البلاط الفرعوني، حيث كان يشغل منصب «مدير العمال في المعادن الحجرية»، وقد ترجمها (والتر رسينسكي) إلى الألمانية على النحو التالي: (Vorsteherder Steinbruch arbeiter)([45]). وهو ما يبدو بوضوح من خلال الأمر الذي يصدره له الفرعون ببناء الصروح، على ما هو مبيّن في القرآن الكريم. وعندما رجعت إلى المتخصِّص الفرنسي، وأريته صورة الصفحة المتعلِّقة بمعجم الأعلام المصرية المرتبطة بهامان، وقارنها بالصفحة القرآنية التي تحمل اسم هامان، لم يكن عنده ما يقوله، فبقي واجماً، واستولى عليه الذهول»([46]).
بقي الخط الهيروغليفي ـ شأنه شأن الخط المسماري ـ مهجوراً، مدّة طويلة من الزمن حتّى طواه النسيان. وظل الناس قروناً لا يعرفون الخطوط الهيروغليفية المحفورة على مختلف الصخور في المعابد والقصور والقبور الفرعونية، وكانوا يتصوّرونها طلاسم وأسحاراً يراد منها صيانة الأماكن المقدّسة. ومن هنا فقد ظل كنه أسرار مصر القديمة لغزاً محيِّراً لسنوات طويلة، حتى تمّ العثور صدفة على مفتاح الباب الذي يفضي إلى معرفة حقائق مصر القديمة. ففي عام 1798م زحف نابليون بونابرت بجيوشه على مصر، وبعد عامٍ من ذلك كان بعض الجنود الفرنسيين مشغولين بحفر موضع في مواجهة القوات الإنجليزية في قرية رُزتا (الرشيد)، فعثروا على حجر أسود كبير، أطلقوا عليه اسم (حجر رُزِتا)[Rosetta Stone] أو حجر الرشيد([47]). وكان هذا الحجر يحمل نصّاً واحداً مكتوباً بثلاث لغات مختلفة، وهي: الهيروغليفية؛ والديموطيقية؛ واليونانية. وحيث كانت اللغة اليونانية معروفة فقد اكتشفوا من خلالها أنّ هذا الحجر يعود إلى 2200 سنة خلت، وأنه يعود إلى فترة بطليموس الخامس. وقد أشاد النص المكتوب بالأعمال التي أنجزها الملك الشاب، والخدمات التي قدّمها للمعابد والشعب المصري، بثلاث لغات مختلفة([48]). ومن خلال هذا الحجر تمكن المختص بالتراث المصري العالم الفرنسي الشهير «جان فرانسوا شامبوليون» (1790 ـ 1832م)([49]) من فكّ رموز الخط الهيروغليفي، وأضحى بعدها من السهل ترجمة النصوص الهيروغليفية الأخرى أيضاً([50]).
من هنا يمكن القول بأنّ (حجر الرشيد) كان المفتاح إلى فك شيفرة الخط الهيروغليفي.
إنّ النص الذي يذكر اسم هامان موجود في المعجم الذي صنَّفه (هيرمن رانك)، مع صورة كتابته بالخط الهيروغليفي. وقد أخذه المؤلف من كتاب (والتر رسينسكي)[Walter Rasinski]. وهذا الأخير محقِّق في لغات مصر القديمة، وقد ألَّف كتابه عام 1906م عن كتابات مصر القديمة في متحف (هاف)[HAF museum] في فيينا([51]).
وفي رؤية أخرى، كانت قبل ذلك محطّ تحقيقات واهتمامات بعض المحقِّقين، فإنّ لفظ (هامان أو هامون) معرَّب لـ (آمون)[Amun]. وهي كلمة رائجة في التاريخ والثقافة المصرية القديمة، وتعني إله مدينة تيبس([52]) غير المرئي، والذي صار فيما بعد إله آلهة مصر، وبنيت الكثير من المعابد للتضرّع والصلاة له.
وقد ذهب الشيخ معرفت إلى الاعتقاد بأنه كما أنّ إبراهيم معرَّب أب رام، بمعنى (الجد الأكبر)، والسامري معرّب شمروني (نسبة إلى قبيلة شمرون)، يمكن لهامون أن يكون معرَّباً لآمون. ومن الطبيعي جداً أن يطلق اسم معبد آمون على كبير كهنة هذا المعبد، الذي كان يحظى بمكانة مرموقة لدى فرعون. كما كانت كلمة فرعون نفسها في الأصل اسماً لمكان وموضع بعينه، وهو (البيت الكبير). وحتى في العصر العثماني كان يطلق على بعض الخلفاء لقب الباب العالي([53]).
كما ذهب أبو منصور الجواليقي (465 ـ 540هـ)، مؤلِّف كتاب المعرَّب، إلى القول بأنّ هامان كلمة معرّبة؛ إذ قال: «هامان: اسم أعجمي، وليس هو على وزن فَعْلان من فعل هوّم، بمعنى النوم الخفيف، أو هام يهيم، بمعنى عشق»([54]).
وقال الخزاعلي: في المدراش[Midrash] أطلق اسم (يام) على كبير سحرة فرعون. وعليه فإنّ أقرب الاحتمالات هو أن نجعل هامان شكلاً متطوّراً عن (يام)([55]).
وأما دائرة المعارف القرآنية ـ طبعة ليدن في هولندا ـ؛ بوصفها آخر المصادر الغربية المعتبرة، فقد حافظت ـ بالمقارنة مع سائر المصادر الأخرى ـ على جانب الإنصاف. فقد ذكرت ـ بعد استعراض ما عليه مشهور المحقِّقين الغربيين ـ الرأي المذكور، فاحتملت أن يكون لفظ هامان معرَّب الكلمة المصرية (آمون)، الذي كان لقباً لأعلى شخصية روحية، ويأتي في الأهمية بعد فرعون([56]).
بالالتفات إلى ما تقدم يتضح أنّ الشواهد التأريخية والمصادر التراثية تثبت أن كلمة هامان أو ما يشبهها كانت مستعملة في التراث المصري القديم، وأنّ موارد استعمالها تنطبق على ما حكاه القرآن الكريم عن مسؤوليات هامان بشكل كامل.
خلاصة واستنتاج ــــــ
1ـ ذهب المستشرقون؛ انطلاقاً من فرضيات مسبقة لم تقم الأدلة على إثباتها، إلى القول بأنّ هامان المذكور في القرآن إنما هو خطأ تأريخي بحت؛ إذ تمّ تحويله من شخصية تخدم في قصر خشايار شاه الفارسي إلى شخصية مرتبطة بقصّة النبي موسى× وفرعون تخدم في البلاط المصري.
2ـ ذهب التصوّر بمن ادّعى اقتباس القرآن وتأثُّره بالتوراة إلى القول بأنّ هامان المذكور في العهد القديم شخصية تأريخية ترقى إلى عصر السلالة الإخمينية في شوش. في حين أنّ هذا لم يثبت في المصادر التأريخية الفارسية المستقلة.
3ـ إنّ المصادر التأريخية تثبت أنّ هامان ومردخاي وأستير ووشتي المذكورون في قصة خشايار شاه هي مجرّد شخصيات أسطورية، مقتبسة من أسماء حقيقية تعود إلى الحضارات الأخرى، كالبابلية، والعيلامية.
4ـ إنّ العلاقات التي كانت قائمة بين الحضارة المصرية والحضارتين البابلية والعيلامية من جهة، والنتائج الحاصلة من الاكتشافات الحديثة في ما يتعلق باسم هامان المكتوب على الصخور بالخط الهيروغليفي من جهة ثانية، تقوّي احتمال تسرّب اسم هامان إلى الحضارتين البابلية والعيلامية من الحضارة المصرية. وبالتالي فإنّ مؤلِّف سفر أستير قد استلهم هذه الأسماء واختارها ليبرز من خلالها شخصيات أبطال قصّته.
5ـ بعد ملاحظة ما تقدّم من الأدلة والشواهد التأريخية يتضح أن الذي وقع في هذا الخطأ التأريخي الكبير هو مؤلِّف قصّة أستير، وليس القرآن الكريم.
الهوامش:
(*) أستاذ جامعي متخصّص في علوم القرآن والدراسات الغربية، وعضو الهيئة العلمية في جامعة پيام نور.
(**) أستاذ جامعي متخصّص في علوم القرآن والدراسات الغربية.
([1]) يعرف الملك خشايار شاه في العالم العربي بالملك أحشويروش، وهو من السلالة الإخمينية.
([3]) انظر: العنكبوت: 39؛ وغافر: 23 ـ 24.
([4]) انظر: العنكبوت: 39؛ وغافر: 23 ـ 24.
([5]) انظر: القصص: 38؛ وغافر: 36.
([6]) انظر: الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن 8: 668، 674 (تفسير الآيتين 24 و36 من سورة غافر)؛ محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 17: 327، 331؛ وهبة الزحيلي، التفسير المنير 20: 62، (تفسير الآية 8 من سورة القصص)، 239 (تفسير الآية 39 من سورة العنكبوت)، 24: 103 ـ 104 (تفسير الآية 24 من سورة غافر)؛ الزمخشري، الكشاف 3: 180 (تفسير الآية 38 من سورة القصص).
([7]) محمد بن الحسن الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 9: 78 (تفسير الآية 36 من سورة غافر).
([8]) انظر: الكتاب المقدس، التوراة، سفر أستير: 779. وكذلك انظر: بطرس عبد الملك، قاموس الكتاب المقدّس: 63 ـ 64؛ مستر هاكس، قاموس الكتاب الكتاب المقدّس: 918.
([9]) فخر الدين الرازي، التفسير الكبير 9: 516 (تفسير الآية 36 من سورة غافر).
([10]) انظر: محمد هادي معرفت، التمهيد في علوم القرآن 7: 376 ـ 378 (شبهات وردود).
([11]) محمد رضا رحمتي، ترجمه هاي قرآن به زبانهاي ديگر (ترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الأخرى)، دائرة المعارف القرآنية 7: 459.
([12]) – Saifullah، M. S. & Others، “Historical Errors Of The Qur’an: Pharaoh & Haman”، Ex Correctioribus Arabum Exemplaribus Summa Fide، p. 526.
([14]) – G. Sale، The Koran Commonly Called Alcoran Of Mohammed Translated Into English، V. II، London، p. 239، footnote ‘h’.
([15]) – Noldeke، Theodor، “The Koran”، Encyclopedia Britannica، V. 16، p. 600.
([16]) – G. Vajda، “Haman” in Encyclopedia of Islam (New Edition). V. III، p. 110.
([17]) ابن وراق اسم مستعار لكاتب معاصر شديد التهجّم والتحامل على الإسلام.
([18]) انظر: آرثر جيفري، واژه هاي دخيل در قرآن مجيد (المصطلحات الدخيلة في القرآن الكريم): 391 ــ 392 ترجمة: فريدون بدره أي.
([20]) انظر: محمد خزاعلي، أعلام القرآن: 660؛ محمد هادي معرفت، التمهيد في علوم القرآن 7: 377.
([21]) See “Haman” in Encyclopedia Iranica، p. 629.
([22]) The Jewish Encyclopedia، “Esther”، Volume V. 5، pp. 235- 236.
([23]) See “Esther” in The Universal Jewish Encyclopedia، V. 4، p. 170.
([24]) الفوريم كلمة عبرية تعني القرعة. ويطلق الفوريم على يومين من أيام السنة، وهما: اليوم الرابع عشر من شهر آذار؛ واليوم الخامس عشر منه، في كلّ سنة. وقد اتخذ اليهود هذين اليومين عيداً لهم؛ لمناسبة رفع خطر الإبادة عنهم بموجب مؤامرة حاكها لهم هامان بن همداثا الأجاجي. والوجه في تسمية هذا العيد بـ (فوريم) أنّ هامان قد ضرب القرعة لتحديد اليوم الذي يباشر فيه الملك إبادة الشعب اليهودي، فوقعت القرعة على اليوم الثالث عشر من الشهر الثاني عشر، أي شهر آذار. إلا أنّ ذلك ـ بحسب رواية سفر أستيرـ ارتد إلى نحره؛ إذ أرسل مردخاي ـ بعد أن قربه الملك منه، وأحلّه محل هامان ـ رسائل إلى جميع اليهود في مملكة خشايار شاه يوجب عليهم أن يعيِّدوا في اليومين التاليين لليوم الثالث عشر من شهر آذار، وهما اليومان اللذان استراح فيهما اليهود من أعدائهم، والشهر الذي تحوّل عندهم من حزن إلى فرح، ليجعلوهما يومي عيد وابتهاج.
([25]) صموئيل كندي، آئين شهر ياري در شرق (أسلوب إدارة المدن في الشرق): 177ـ 180.
([27]) في ما يتعلق بمردوخ (Mardukh) الإله البابلي راجع: جان بي. ناس، تاريخ جامع أديان أز آغاز تا إمروز (التاريخ الجامع للأديان منذ النشوء اليوم): 46 ـ 47.
([28]) للاطلاع على آلهة العيلاميين انظر: والتر هينتس، دنياي گمشده عيلام (عالم العيلاميين المفقود): 51.
([30]) انظر: المصدر السابق: 183ـ 197.
([31]) بطرس عبد الملك، قاموس الكتاب المقدّس: 64.
([32]) موسى سيادت، تاريخ خوزستان أز دوره أفشاريه تا دوره معاصر (تاريخ خوزستان منذ السلسلة الأفشارية؛ إلى المرحلة المعاصرة) 1: 8. وكذلك يمكن الرجوع في هذا الشأن إلى: بيير آميه، التأريخ: 29، 52.
([33]) محمد خزاعلي، أعلام القرآن: 660.
([34]) صموئيل كندي إدي، المصدر السابق: 179.
([35]) الطائفة الأسينية: فرقة يهودية تكوّنت قبل حوالي قرنين من الميلاد. كانت ترجو شفاء نفسها من الأدران والذنوب. ويقال: إن النبي يحيى بن زكريا (المعمدان) كان واحداً من أعضائها (انظر: حسين توفيقي، آشنائي با أديان بزرگ (معرفة الأديان الكبرى): 97ـ 98).
([36]) انظر: التوراة كتابات ما بين النهرين: مخطوطات قمران ـ البحر الميت 1: 5 ـ 6.
([37]) يقول مؤلف كتاب (أسلوب إدارة المدن في الشرق): طبقاً لرأي بعض المحققين ـ وهو رأي يحظى بقبول الغالبية ـ يعود تأريخ كتابة سفر أستير إلى حوالي العام 125ق.م، (صموئيل كندي إدي، المصدر السابق:177).
([38]) انظر: حبيب سعيد، المدخل إلى الكتاب المقدّس: 159 ـ 160:
- W. Anderson، Interpreter’s Bible. V. iii. Pp. 827-8.
([39]) “Pharaoh” in Encyclopedia Britanica، 2010/04. 03at: http: //www. Britannica. Com /Ebchecked/topic/455117/pharaoh.
([40]) هوروس (Horus): أحد أقدم وأهم الآلهة في مصر القديمة.
([41]) “Pharaoh” in Nelson’s Illustrated Bible Dictionary، p. 828.
([42]) محمد هادي معرفت، التمهيد في علوم القرآن 7: 379 ـ 380.
([43]) انظر: الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن 18: 255 (تفسير الآية 38 من سورة القصص)؛ الدرّ المنثور 6: 416 (تفسير الآية 38 من سورة القصص)، 7: 288 (تفسير الآية 36 من سورة غافر).
([44]) فريد وجدي، دائرة معارف القرن العشرين 9: 18.
([45]) M. S. M. Saifullah & Others، p. 130.
([46]) M. Bucaille، Moses and Pharaoh: The Hebrews In Egypt، p. 192.
([47]) نسبة إلى قرية الرشيد التي وجد فيها الحجر.
([48]) انظر: ثقافة وحضارة مصر القديمة: 29.
([49]) جان فرانسوا شامبوليون (1790 ـ 1832م): عالم ولغوي ومستشرق فرنسي. أولع حلّ الرموز الهيروغليفية، فعمد لذلك إلى تعلم اللغات الشرقية، فتعلم اليونانية، والرومية، والعبرية، والقبطية، والعربية، والسريانية. وفي شهر سبتمبر من عام 1822م تمكن من حل شفرة الخطوط الهيروغليفية، وكان له من العمر 32 سنة. ومن حينها أطلق على شامبوليون لقب مؤسِّس ابتدائية التراث المصري (انظر: Hutchinson Encyclopedia. P. 2).
([50]) Harun Yahya، The Prophet Musa، p. 60.
([51]) M. Bucaille، p. 192- 193.
(52) تيبس أو تيب: مدينة مصرية قديمة كانت تبعد حوالي 800 كيلو متر جنوب البحر الأبيض المتوسّط، إلى الشاطئ الغربي من نهر النيل، وكانت عاصمة لعدد من سلالات الفراعنة (نقلاً عن: ويكي بيديا).
([52])
([53]) انظر: محمد هادي معرفت، التمهيد إلى علوم القرآن 7: 377.
([54]) أبو منصور الجواليقي، المعرّب من الكلام الأعجمي: 637.
([55]) محمد خزاعلي، أعلام القرآن: 660.
([56]) See: A. H. Jones، “Haman”، in Encyclopedia Of The Qur’an. V. II، p. 399.