قال رسول الله : «من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منا»، وقال «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته».
طرح بعض الأساتذة الشيعة من المهاجرين العراقيين في أوربا ومن تخصصات مختلفة مشروعا عن الكيانية الشيعة في العالم وستجد أهداف المشروع وطبيعته كما سيأتي.
وأتمنى من جميع الإخوة أن يقرؤوه جيدا ويناقشوا الأفكار المطروحة وأن يبذلوا جهدا في قراءة الموضوع لحيويته وأهميته فيما يتصل بنا كطائفة شيعية في العالم.
الأهداف العامة
مقدمة عامة
مركز التخطيط الشيعي هيئة علمية مستقلة تهدف إلى النهوض بالشيعة في كل العالم، وذلك على المستوى الاجتماعي والفكري والمادي، وسيلتها الكلمة والرقم والدليل، مستعينة بذوي الكفاءات العلمية والفكرية من العلماء والمفكرين والفنانين وأهل الاختصاص، بصرف النظر عن طبيعة الانتماء الديني والمذهبي والقومي، وإن كانت طبيعة المركز تستدعي الاعتماد في الدرجة الأولى على المسلمين الشيعة.
ينطلق المركز من تقدير الواقع الفعلي للشيعة، في ضوء الدراسات التي يقدمها المشاركون، ويعمل على تطوير الواقع نحو الأحسن والأفضل، مؤمناً بفلسفة الإصلاح، ومبدأ التدرج، ويرفض فكرة القفز على المراحل، ويراعي الظروف الواقعية، ويحترم قانون تراكم الخبرات.
وضع المركز في خطاطة سريعة جملة أهداف معينة، وضع لها عناوين واضحة، وكلها تنطلق من فكرة جوهرية هي تنمية الفرد الشيعي على صعيد الوعي بالذات والحقوق والواجبات، في سياق التطلع إلى عالم تسوده قيم الحرية والحق والعدل، وفي سياق تشوف مخلص باتجاه اجتماع إسلامي تحكمه ذات القيم، حيث تشتد الحاجة إلى ذلك في وقت تتصاعد فيه ــ للأسف الشديد ــ قيم الحذف والتعصب والأنانية، خاصة في عالمنا الإسلامي، ذلك أن الفرد الشيعي جزء من هذا العالم، وإن كان مشدوداً إلى تاريخ خاص به، ويتمتع بصيرورة تخصه تشكَّلت عبر مئات السنين، مزدحمة بالفكر والمعاناة.
ينطلق المركز بطبيعة الحال من التكوين الفكري للتشيع بالدرجة الأولى، ومن عطاء الفكر بشكل عام، ومن إفرازات التجربة البشرية، ومن تفاعلات العالم، وتطور الأحداث، وحركة التاريخ العالمي، ومن طبيعة الحاجات الآنية والمستقبلية، واضعا في نظر الاعتبار تحديات المستقبل، بالاستناد إلى صنع حاضر مشع بالحركة والقوة والنماء.
يتعرض المسلمون الشيعة اليوم ــ للأسف الشديد ــ إلى حملة تشويه فكري وسياسي، وهناك دعوات للتعاطي مع المسلمين الشيعة من منطلق الحذف، الحذف العقدي والوجودي، ولذا سوف يولي مركز التخطيط الشيعي هذه القضية أهمية كبيرة في مشاريعه.
لا يتناول المركز القضية العقدية سواء عرضاً أو تحقيقاً أو دفاعاً، فتلك من اختصاصات خبراء العقيدة، ولكن بطبيعة الحال لا مساس بالثوابت «التوحيد، النبوة، الإمامة، المعاد، الضرورات الشرعية، القيم الأخلاقية»، بل لابد من تكريسها على طريق تنمية الفرد الشيعي على مسار القوة الخيرة، ومسار الوعي بالذات ودورها وحقوقها وواجباتها، ومن الطبيعي يمكن الاستفادة القصوى من المتغير على صعيد الشريعة والمواقف السياسية للتكيف مع متطلبات الواقع، وما يستتبع ذلك من خطوات وتصورات وأفكار وممارسات على طريق النماء الخير، والتقدم، ومواجهة التحدي.
أن الاستفادة من الثوابت تكون بتفعيلها على شكل واقع اجتماعي، حركة داخل التاريخ، كما هي محاولة كثير من الفقهاء المعاصرين، مصرين على عدم الفصل بين المجرد العقدي والتجسيد الاجتماعي لهذا المجرد، ومن ثم تأتي معادلة الحركة الفاعلة من خلال المتغير، فإنها ستعطي للفرد الشيعي قوة هائلة على الالتحام بالواقع والحياة، وستهبه قوة هائلة على التغيير والتحويل الايجابيين، بشرط أن يكون ذلك كله في إطار الثوابت المقدسة.
الثابت والمتغير
يهدف المركز الشيعي للتخطيط إلى تحويل مسار المقدس من محور ندور حوله إلى طاقة فعالة تحركنا إلى الأمام، كما هو مفروض في منطق الدين الحنيف، فالتوحيد جاء لرفع الأسر، وبناء الذات، وتشييد مجتمع الخير والبركة، وهكذا النبوة والإمامة وما يتعلق بهما، وبذلك ننقذ المقدس من تحجيمه، وحصره في معادلات ذهنية مجردة، وهذا يحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة، وقد كانت هناك محاولات جادة على هذا الطريق العظيم، ولكن بودنا الإشارة إلى نقطتين جوهرتين، هما: ــ
الأولى: أن أكثر هذه المحاولات كانت ضمن معادلات ثورية سياسية شمولية، في حين المطلوب أن تكون هذه المحاولات على صعيد العمل الاجتماعي العادي، ضمن مشاريع بسيطة، ضمن مشاريع محلية.
الثانية: إن ما طرح كان في أغلب الأحيان نظريا، فيما كان المهم أن يأخذ مسرى عمليا، مسرى على مستوى التطبيق، أي تكون هناك ما يشبه ــ تقريبا ــ مؤسسات المجتمع المدني الخدمية داخل الكيان الشيعي، على نطاق واسع من التعاون وتبادل الخبرات، لا ننكر هناك بعض المحاولات الجميلة في هذا الخصوص، ولكن ضمن مشاريع مزاجية أو حزبية أو عائلية، في حين كان الواجب أن تكون ضمن خطة مرسومة من أهل الاختصاص والفكر في سياق عملي حي.
هنا يدعو مركز التخطيط الشيعي إلى تدريب الشباب الشيعي على هذه المهمة، أي كيف نحول المقدس من محور ندور حوله، إلى طاقة دفع وإنتاج، طاقة تحركنا إلى ألأمام، ليس على صعيد التكريس الفكري وحسب، وإنما إلى جانب ذلك يجب بذل محاولات تمرين على ذلك، ومن الطبيعي أن يتصدى لذلك مختصون في علم النفس والاجتماع والإدارة.
الأفق العقدي الإسلامي الشيعي يتسم بالتنزيه، تنزيه الله تعالى من كل ما يورط العقل بالشرك من قريب أو من بعيد «صفات الله عين ذاته»، كذلك يحرص هذا الأفق على تجنيب أي إساءة محتملة للأنبياء وأوصيائهم، والمطلوب تحويل هذا التنزيه العقدي إلى طاقة لتخليق الواقع النظيف، لتخليق الأمة الوسط، لتخليق الطائفة ا لمتكافلة المتحركة إلى الأمام.
هذه المحاولة تحتاج إلى فكر يكرسها كنظرية، ويحتاج إلى تدريب عملي عليها، يحتاج إلى مران على شكل ممارسات يشرف عليها مفكرون واختصاصيون، من خلال مشاريع صغيرة مدروسة، فرسانها العمليون شباب يافع، ومخطوطها أهل اختصاص وخبرة.
أن الربط بين الواقع والمقدس على شكل ممارسات ومشاريع عملية إنمائية تطويرية كان من صلب العمل الذي قام به رسول الله ، كذلك الأئمة الطاهرون.
إن فكرة تغير الأحكام بتغير الزمان والمكان يجب توظيفها بقوة لهذا الهدف العظيم، ينبغي توظيفها على طريق تنمية الفرد الشيعي، ولكن كيف يكون ذلك؟ ينبغي أن يكون هناك رصد للتغيرات الزمنية المحتملة قبل وقوعها ثم التخطيط لها في نطاق اشتقاق فقهي يتناسب مع الوضع الذي سوف يتحقق، ومن هنا نحتاج إلى العلماء المدنيين الذين يمكن أن يطرحوا علينا حزمة التغيرات المحتملة.
أن التصدي للتغيرات بعد حصولها عمل غير جذري، وقد يفتقد إلى الكثير من الحكمة، وكثيراً ما يكون فاقدا لقيمته، يجب الاستعداد لها، كم كان أروع لو كنا مستعدين لكل هذه التغيرات التي طرأت على حركة المرأة في ا لتاريخ؟
المركز الشيعي للتخطيط يدعو إلى استيعاب التغيرات قبل حدوثها، ويدعو إلى وضع الحاجات التي تلبي هذه التغيرات، ليس على شكل أحكام جاهزة بل على شكل طرح ثقافي شامل، وبالإضافة لذلك تمرين الأمة على تلقي هذه التغيرات قبل حصولها.
يتولى مختصون بتزويد الفقهاء، وصناع القرار الشرعي من علماء الشيعة، وأصحاب الكلمة القيادية في الوسط الشيعي… تزويدهم بخارطة مفصلة عن محتملات التاريخ الجديدة على صعيد الاجتماع والسياسة والاقتصاد وغيرها من المجالات، ومن ثم يتولى الآخرون صياغة الموقف الشرعي والقانوني، ويتولى مختصون تدريب شبابنا على تلقي الجديد على صعيد الحدث والموقف.
مركز التخطيط الشيعي سوف يسهم بهذا بقدر من الفكر في هذا المجال بالاعتماد على أهل الاختصاص، ويقدمه للصناع القرار الشرعي والسياسي والاجتماعي.
الفرد الشيعي هو الأساس
ننطلق من الفرد الشيعي، هو الأساس، هو الجوهر، هو الغاية، ولكن ضمن شبكة علاقته بالشيعة كدائرة أولى، ومن ثم ضمن شبكة علاقته بالمسلمين كدائرة ثانية، وأخيرا ضمن شبكة علاقته بالأفق البشري العام
هذا الفرد يجب أن يتوفر على المقتربات التالية: ــ
أولاً: انتماء عقدي في سياق اقتناع علمي مركز، بعيد عن التفاصيل والتفريعات والتشقيقات، والانتماء هو التشيع الذي يعبر عن فهم خاص للإسلام.
ثانياً: مصدر رزق كريم، يحقق له حياة وسطية قياسا إلى مجمل الوضع المعيشي والاقتصادي في الوسط الذي يعيش فيه.
ثالثاً: مستوى ثقافي يمكنه من شق طريقه في الحياة.
رابعاً: رعاية روحية تهتم بتربية جانبه المعنوي.
خامسا: وسط اجتماعي يتحرك من داخله بنشاط وحيوية، كأن تكون جمعية أو نادي أو حزب.
هذه أهم المقتربات التي يعمل مركز التخطيط الشيعي على بحثها، والعمل على توفيرها على صعيد خلق الفرد الشيعي الفاعل، الفرد الذي يشعر بكرامته، ويساهم في بناء المجتمع، ويشارك في بناء الوطن، ويعتز بانتمائه الديني والمذهبي، لا يكون نهباً للفرق الضالة، والفكر المخرب.
مركز التخطيط الشيعي يناشد مفكري الشيعة وأهل الاختصاص بدراسة هذه المقتربات وكيفية تحقيقها، وليس من شك أن الاعتماد على ممكنات الكيان الذاتية، وبالاستفادة من قيم الفكر الحديث، وبالاستفادة من دعوات الإقرار بحقوق الآخر، ودور الدولة في رعاية أبنائها… كل هذه الممكنات سوف تكون في خدمة هذا الهدف العظيم.
أن الفرد الشيعي هو قوام الكيان الشيعي، يقوم فيه، وتجسد فيه، ومن هنا يجب العمل على تنميته وترقيته، وتهذيب طاقاته، وتمكينه من الثقافة، وفسح المجال لإبداعه وخلقه، وبالتالي فإن الكيان الناجح إنما في أفراده الناجحين.
المؤسّسات، والمنابر، والكتب، والعلم، والسياسة، والأحزاب، والجمعيات، والمال، والأحكام الشرعية، والحوزة.. كل هذه الممكنات والتشكيلات يجب أن تكون في خدمة الفرد الشيعي، بلا تمييز، بلا تفضيل، بلا تحيز.
الفرد الشيعي الناجح على مستوى الانتماء العقدي، على مستوى تعامله مع الحياة والطبيعة، على مستوى تعاطيه قضايا الساعة السياسية، على مستوى ارتباطه بأبناء أرومته، مذهبه، وطنه، على مستوى هواياته، على مستوى صحته… هذا الفرد هو سر نجاحنا. مركز التخطيط الشيعي يدعو المفكرين والكتاب الشيعة إلى وضع البرامج والمقترحات والمناهج التربوية والتمرينية في هذا المجال، وهو مجال رحب خصيب.
الاتجاه للداخل/ 1
يتولى المركز ــ بإذن الله تعالى ــ تعريف الفرد الشيعي على وسطه الذي ينتمي إليه عقديا بتفصيل وبيان وشرح، فالشيعي العراقي ـ مثلا ـ ينبغي أن يحيط بوسطه الشيعي داخل العراق وخارج العراق، على صعيد العدد، على صعيد الوضع الاقتصادي، على صعيد العلاقة بين الشيعة والسلطة، على صعيد عملهم الاجتماعي، على صعيد العلاقة بينهم وبين الآخر… يعني لابد من توعية شيعية بالواقع الشيعي، الواقع الشيعي على الأرض.
هذا التعريف يجب أن يكون وصفيا بالدرجة الأولى، وهذا يعني الاعتماد على الأرقام، وعلى المعلومات الدقيقة، ولكن ليس للوصف بحد ذاته، بل كجزء من الثقافة الضرورية للمسلم الشيعي، ومن ثم ينبغي تحليل هذه المعلومات في ضوء ثقافة الحقوق، وفلسفة الحرية، وكرامة الإنسان، ليس ذلك لأن هناك غبنا عاما للمسلم الشيعي، بل لأن ذلك جزءً ضروريِاً لوعي حقيقة هذا الغبن، وأسبابه، ومستحقاته، ومن ثم العمل على رفعه، وهي ثقافة مهمة وعاجلة على طريق طرح القضية الشيعية العامة.
إن الاتجاه للداخل بهذا المعنى حالة موجودة بالنسبة للكثير من الطوائف، خاصة بالنسبة للطوائف والقوميات المظلومة المضطهدة، سواء كانوا أقلية أو أكثرية.
إن مركز التخطيط الشيعي يهدف إلى تزويد الفرد الشيعي في أنحاء العالم بالمعلومات المتاحة عن الواقع الشيعي بالمعادلات التي مضت، وفي سياق من الرؤى التحليلية والتشريحية، مصحوبة بتصورات عن كيفية توظيف ذلك لخدمة كل الشيعة في العالم، ومن الطبيعي أن يكون ذلك بالاعتماد على أهل الاختصاص وأصحاب المعرفة والخبرة في ذلك.
ترشيد المال الشيعي
لا نريد الحديث هنا عن أهمية المال ودوره في عملية الإنماء البشري، فتلك قضية مفروغ منها، ولكن نريد ترقيم بعض التصورات عن كيفية التعاطي مع الرأسمال الشيعي، باعتباره من عناصر القوة الجوهرية في بنية هذا الكيان الكريم، ويكفي أن نعلم أن هذا الرأسمال الزكي ساهم مساهمة فعالة في تأسيس وحفظ وصيرورة واستمرارية الحوزة العلمية، هذا الصرح العلمي العظيم، الذي تكفل بجدارة وإخلاص حفظ التشيع والدفاع عنه، ونشره، وتثبيت دعائمه، وترويجه، بل وفي دوره الإنساني الرائع في معالجة الكثير من الحاجات والمقتربات البسيطة.
البداية الأولى في ترشيد الرأسمال الشيعي الزكي تكمن في إخضاعه لخطط إنمائية، خطط تولده باستمرار، تخلقه باستمرار، تضاعفه، تنميه، وذلك بإشراف أهل الاختصاص في هذا المجال، وفي الوسط الشيعي كفاءات رائعة يمكنها أن تتولى هذه المهمة الكبيرة
نريد للرأسمال الشيعي أن يتحول من عطاء وقتي غير مخطط لآماد محسوبة وفق تصورات إنمائية وتطورية إلى عطاء دائم، إلى عطاء حاضر، عطاء يستوعب الزمن المفاجئ، يستوعب الحاجات الملحة لهذه الطائفة، يتعامل مع الكيان برمته، من كسرة خبز إلى فرن، من قطعة قماش إلى معمل خياطة، من صدقة إلى حرفة، من فرصة عابرة إلى منجز متحرك.
مركز التخطيط الشيعي يتبنى هذه الفكرة، يستعين بأهل الخبرة والعلم لتقديم تصوراتهم حول هذا الموضوع، يطرح أفكاراً تضطلع بتوعية الوسط الشيعي بأصل الفكرة، ومن ثم يطرح تصورات تتعلق بتحويلها من أفق النظر إلى أفق التطبيق، وذلك بتقنينها شرعيا وموضوعيا، ويطرح خططا سريعة محددة، والإحالة الأساسية في كل ذلك هو الرجوع إلى أحكام الشريعة كما يزودنا بها علماؤنا الطيبون.
آن ترشيد المال الشيعي مطلب ملح في هذه المرحلة بالذات، خاصة على صعيد التعاطي مع المشكلة المعيشية لشيعتنا، فقد أصبح هذا العوز من مداخل الغزو العقدي، والسياسي، والفكري.
ترشيد الرأسمال الشيعي بهذه الآفاق لها مستندها الشرعي في القرآن الكريم، وفي السنة الشريفة، بل في تجربة قادة الشيعة من الأئمة ، خاصة الأئمة الأواخر منهم، حيث كانت الأخماس والزكاة والصدقات والكفارات والحق المعلوم وكل ما يرد في خزانة هؤلاء الأئمة يدخل ضمن مفهم التكافل الاجتماعي، وبذلك أنقذوا شيعتنا من الفقر والعوز والحرمان، بل ساهموا بذلك في إنقاذ التشيع من الانحسار والتراجع، مركز التخطيط الشيعي يسعى إلى استعادة تلك التجربة الرائعة، وذلك باسترشاد بحوث ودراسات يقوم بها العلماء والمختصون.
مركز التخطيط الشيعي يرى أن ترشيد ألرأسمال الشيعي يستوجب أربع مقتربات جوهرية، الأولى حصر مصادره الشرعية المعروفة، والثانية تخليق واقترح مصادر أُخرى بعناوين ثانوية يمكن تعليلها عقلا، وبالاستناد إلى قيم إنسانية، كالهبات والتبرعات، بل وبتشريع ضريبة خاصة، تسمى باسم خاص، في سياق نظم مالي إنمائي يهدف خدمة الكيان، خاصة على صعيد تنمية الفرد الشيعي، وتمكينه من حياة تليق به كإنسان أولا، ومن ثم كمسلم شيعي ثانيا، والثالثة تنظيم هذا الرأسمال، تنظيم جمعه وجبايته، وعدم ترك ذلك للوقت، أو لمزاج المكلف، وذلك فيما وُضعت هذه الفكرة موضع التنفيذ، فإن تحويل الرأسمال الشيعي إلى مشروع إنمائي يخص الكيان برمته يسترعي تنظيمه من هذه الناحية، وأخيرا تنميته، أي تحويله إلى مشروع إنمائي إحيائي كبير، وذلك في سياق مفهوم التكافل الاجتماعي.
يعمل مركز التخطيط الشيعي على تحويل المشروع من مجرد فكرة إلى حقيقة واقعة على الأرض ولكن البداية تجارب بسيطة، نشتق منها طبيعة وخبرة التعاطي مع المشروع على مستويات اكبر وأوسع وكل ذلك بالتعاون بين العلماء الأعلام وآهل الاختصاص بالمال وتنميته وتطويره.
تفكيك الخطاب المضاد
يتعرض الشيعة إلى خطاب ليس تشويهيا، بل نافيا، يعمل على إخراجهم من الدائرة المسلمة، بل ويعمل على تشويه أصالتهم الإنسانية، ويهدف إلى الطعن حتى بهويتهم الأخلاقية، وقد أبدع الشيعة في الرد على كل محاولات تزييف التشيع كطريقة رائعة في فهم الإسلام، ولكن لم يألوا الفكر الشيعي جهدا في تفكيك هذا الخطاب لاكتشاف مكوناته الباطنية، لاكتشاف جذوره البعيدة، وغاياته القصوى التي تركز على نفي المسلم الشيعي نفيا قاطعا، بل تركز على حرمانه من حق الحياة.
لم تعد التسميات كلمات بسيطة، تأتي صدفة، بل هي خزين من الموقف المحدد، وخزين من الموقف المرسوم بدقة، والمطلوب من حملة الفكر الشيعي تفكيك هذه التسميات لمعرفة ما تخبئه في جوفها العميق، أن الدفاع عن الإمامة مطلب عقدي ملح، ولكن هناك عمل مواز يجب أن نقوم به، ذلك هو تفكيك وتحقيب التقنيات على صعيد التسمية «الرافضة، أحفاد ابن العلقمي، السبئيون…» إلى غيرها من التسميات الدقيقة، والتي وصلت إلى درجة التعاطي مع حرف «الشين» بمنظور عقدي غريب.!
مركز التخطيط الشيعي يدعو المفكرين إلى تحليل هذه التسميات من أجل اكتشاف المستحقات التي تترتب عليها تجاهنا من قبل الآخر.
إلى جانب التسميات المذكورة هناك أحكام حاذفة أخرى، أحكام تقود إلى عزل المسلم الشيعي، إفراده، تطويقه، إشعاره بالغربة، فذبيحة الشيعي نجسة، يحرم أكلها، ولا يجوز تزويجه، ولا الصلاة خلفه، وإلى ما هنالك من أحكام ترسم مواقف سلبية تجاه المسلم الشيعي، قد تصل إلى حد القتل.!
هذه الناحية منسية، ولم تول درجة من الاهتمام رغم أنها ترسم معالم موقف باطني محدد، ينطوي على خميرة التاريخ الثابت، تؤسس لموقف مستمر، من الصعب تغييره، وتفرز سياسة معينة، من الصعب تجاهلها.
مركز التخطيط الشيعي لا يهتم هنا بتفنيد هذه التسميات والأحكام في ضوء العقل والشريعة، بل يهتم بتحليل المقولات والمصطلحات والتسميات ليكشف عن فلسفتها، عن هدفها، عن دورها في خلق موقف الأخ المشارك لي في الدين، على الصعيد الإنساني والتاريخي والحقوقي.
التوظيف الاجتماعي للعاطفة الشيعية
خلق الله الإنسان وزوَّده بالعاطفة كجزء جوهري من تكوينه، وبطبيعة الحال لابد من موضوع تتجه إليه هذه العاطفة، لا تبقى مجرَّدة، وقد اتجهت عاطفة المسلم الشيعي في قسم كبير من نشاطها وفاعليتها باتجاه أهل البيت ، لإيمانه بإمامتهم وكونهم قدوة حسنة في الدين والأخلاق والسلوك، ومن ثم كان ما تعرض له هؤلاء الأئمة من ظلم، وما جرى عليهم من قهر واضطهاد، وما لحق شيعتهم تبعا… كان كل ذلك من العوامل والأسباب التي أدت إلى شحن العاطفة الشيعية من حيث المبدأ، من حيث التكوين والصيرورة، فلعل من نافلة القول أن الذات الشيعية أقرب من غيرها من المسلمين للتفاعل مع القضايا الإنسانية، وأكثر من غيرها انفعالا بالشعر الحزين والأغنية الحزينة، فهو عاطفي بتعبير عام، وليس سرا أن الحزن يحتل مكانة شخصية من زمن المسلم الشيعي، فشهر عاشوراء هو شهر حزين من عمر المسلم الشيعي، يشهد مظاهر متأججة بالعاطفة الجياشة، الشعر الحزين، والبكاء الحار، وضرب الرؤوس، ولطم الصدور، تأسيا بمصاب سيد الشهداء .
هذه العاطفة تجاه أهل البيت ينبغي أن تبقى وتستمر، وإن كان هناك خلاف حول بعض صورها وصيغها، لكونها تعبر عن الولاء والحب، ولأنها تساعد على التعريف بهؤلاء الأطهار، ولأنها تشد الذات الشيعية إليهم برابط قوي محكم. ولكن سوف تتحول هذه العاطفة إلى ثورة اجتماعية رائعة لو أنًها وظفت في الوقت ذاته لخدمة الإنسان، وفي الصميم المسلم الشيعي، عملا بمبدأ «الأقربون أولى بالمعروف» وانطلاقا من الفلسفة القائلة أن مفهوم سبيل الله إنما هو سبيل العباد، فحب الحسين يمر عبر حب الناس، وخدمة الحسين تمر عبر خدمة الناس، والإخلاص للحسين يمر عبر الإخلاص للناس… بل لا معنى لحب الحسين وحب الأئمة إذا لم يوازيه حب الإنسان ذاته، لأن الحسين وكل هؤلاء القادة الأطهار كرَّست جهودها لتنقية الضمير، وترقية الذات، والارتفاع بالأنا من نطاقها الضيق إلى نطاقها الواسع الرحب.
لحقيقة إن تحويل هذه العاطفة إلى طاقة عمل اجتماعي تحتاج إلى حملة ثقافية شعبية واسعة، يقوم بها علماء الدين في الدرجة الأولى.
إن مفكري الشيعة وعلمائهم مدعوون إلى وضع خطة فكرية وعملية تهدف استثمار هذه العاطفة باتجاه خدمة الإنسان وبالخصوص المسلم الشيعي، وذلك كما فعل رسول الله عندما تعامل مع نزعة الغزو التي كانت متأصلة في الطبع العربي، حيث قام سلام الله عليه بتوظيف هذه النزعة باتجاه الخير، باتجاه هدف نبيل، ذلك هو تحرير الإنسان في ضوء القيم الجديدة، قيم السماء العظيمة.
بلورة مشروع الكيانية الشيعية
لم يعد هناك مفر من مشروع شيعي توافقي عالمي متضامن يقوم على جملة أهداف معقولة ومبررة في سياق ما تفرزه الوقائع اليوم في كل العالم، فليس سرا أنّ هناك صراعا وتنافسا قوميا وطائفيا، بدرجة وأخرى وبشكل وآخر، وان هذا الصراع أو التنافس تخطى الحدود الجغرافية للدول، وتجاوز الخطوط الوطنية للأسف الشديد في كثير من الحالات، وقد تراخى الاختلاف اللغوي واللوني خي على أرض الواقع بقوة وسطوع وفاعلية، نعيشها بشكل يومي، ولذا ليس بدعاً ولا خروجاً على منطق الواقع التفكير في مشروع كياني شيعي توافقي في سياق خطوط عريضة، تهدف إلى الدفاع عن حقوق الشيعة، وتذب عن كل المحاولات الجارية لحذفهم وتمزيقهم وإفقارهم وحرمانهم من حقوقهم الدينية والاقتصادية والاجتماعية، أليست هناك كيانية سنية غير معلنة؟ ومثلها درزية مثلا؟ ومثلها مارونية تخطت الحدود والسدود والموانع؟ وقبطية تتجاوب كل عناصر تكوينها من مصر إلى كل أنحاء العالم؟.
يتحسس كثير من الشيعة تجاه هذا المشروع، فيما يرى بأم عينه أنها من حيث المبدأ مشروع سبقنا إليه الآخرون، فلماذا هذا الخوف والتحسُس؟.
في زمن تتقلص فيه سيادة الدولة، وتتجاذب فيه الطوائف والقوميات والإثنيات رغم الفواصل الجغرافية واللونية واللغوية، وفي زمن تمازجت وتحالفت فيه الطائفية الدينية مع الطائفية السياسية… في مثل هذا الزمن لا مندوحة من مشروع شيعي كياني توافقي، يأخذ بنظر الاعتبار الواقع كمعلم ودليل على التحرك والتفكير في هذه القضية.
لا مندوحة من مشروع شيعي كياني نعمل في إطاره على رفع مستوى هذه الطائفة في كل أنحاء العالم، في كل مجالات الحياة، ننتصر من خلاله لبعضنا، نتبادل من خلاله الخبرات والمعلومات والتجارب، نسعى من خلاله لدفاع عن الشيعة في المحافل الدولية والإقليمية.
يرى مركز التخطيط الشيعي أن عناصر الكيانية الشيعية متوفرة، نبدأ على مستوى هذا البلد وذاك، على مستوى العراق، على مستوى لبنان، على مستوى البحرين، ثم تتجاذب وتتكامل خطوة خطوة، ليس هذا ضرب من الخيال، بل هو واقع يتحرك الآن، ولاحظنا بشكل صريح بعض معالمه تتحرك عفويا، فكيف إذا كان هناك تخطيط مدروس وإرادة حرة على هذا الطريق؟.
مركز التخطيط الشيعي يسعى إلى طرح وبلورة هذا المشروع عبر إسهامات المفكرين والعلماء من السائرين على سنة أهل البيت .
مركز التخطيط الشيعي سوف يولي هذا المشروع كثير اهتمام وينتظر من كل شيعي قادر على الإسهام النظري بذلك إلى مد يد التعاون والله الموفق لكل خير.
مشكلة القيم
تحتل قضية القيم مكانة مهمة في مشروع مركز التخطيط الشيعي، ونقصد بالقيم هنا القيم الأخلاقية التي بشر بها الأنبياء، وأقرتها الفطرة و/ أو التجربة البشرية، وذلك باختلاف الرؤى التي حاولت تقديم تفسير مريح لهذه القضية، والمرجع النهائي لدينا هو القرآن الكريم وسنة أهل البيت ، وهي القيم والأخلاق التي تعارفنا عليها بشكل عام، مثل الإحسان، والتعاون، وحفظ الذمم، والإخلاص في العمل، والوفاء بالوعد، وإغاثة الملهوف، ونقد الذات، والعمل الجماعي، وصيانة المال العام، والصدق، والأمانة، وحفظ السر، وتمتين الأواصر الاجتماعية، والإحساس بالمسؤولية، واحترام الآخر، والنصح في الوقت المناسب، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب الشروط الشرعية والموضوعية، وتوقير الكبير والعطف على الصغير، والشجاعة الأدبية، والشجاعة الحربية في مجال الحق والعدل، وترقية الحس الجمالي، وغيرها من القيم الرائعة التي تعتبر الرسالة الأولى للدين، وتعتبر عماد العمل الديني في فلسفة الدين الجديدة.
ليس من مهمات المركز في هذا المجال الخوض بقضايا ميتافيزيقية أو غيبية أو عقدية على نحو الإثبات أو النفي، المهمة الكبيرة التي يضطلع بها هنا هي وضع فكر وخطط تهدف إلى حماية الوسط أو الجسم الشيعي من التفكك الأخلاقي، العمل على تكريس تلك القيم في السلوك الشخصي والسلوك العام، ولم تعد هذه المهمة في هذا الزمن تعتمد على تجلية الفكر الأخلاقي، وتحبيذ الأخلاق، ودعمها بالدين والغيبيات، بل تحتاج إلى خطة عملية، يقوم عليها مربون ومجربون وتربويون، تحتاج إلى مران، وتمرين، وممارسة، مقترنة بالنصح والإرشاد والتوجيه، نحتاج إلى ممارسة عملية لهذه القيم عبر مشاريع عملية جماعية، ومركز التخطيط الشيعي يولي هذه القضية بالغ اهتمامه، لأنها تتصل بمصير الإنسان على مفترق طرق، بين الخير والشر، بين السعادة الروحية أو الشقاء الروحي، ولان ضياعها يعني ضياع الأمم والتاريخ، بل لأنها مهمة الأنبياء في الدرجة الأولى، وهي قيم معرضة اليوم إلى الخطر بسبب عوامل كثيرة لا مجال لبيانها الآن، وننطلق من العمل عليها في الوسط الشيعي لأنه الوسط الأقرب لقدراتنا وممكناتنا.
لم تكن المهمة الأولى لأئمة الشيعة استلام الحكم، ولا بيان النظام الاقتصادي والسياسي في الإسلام، ولا تقنين الثورات، ولا تكتيل البشر ضد الحكومات، ولا سن قوانين فلسفية، بل كانت مهمتهم الجوهرية هي الأخلاق، وبناء المسلم الشيعي نفسياً ووجدانيا، بنائه على أسس متينة من التدين والورع، بناءه على طريق خدمة الإنسان، وهي المهمة ا لتي يجب أن يلتزم بها رجال الدين اليوم، هي أهم من هذا الذي يسمونه عملا سياسيا، أو يسمونه أقامة حكم الله في الأرض، هناك إنسان يتهاوى الآن من الداخل، ومركز التخطيط الشيعي يسعى على هذا الطريق، باسترشاد بحوث ومشاريع الخيرين، من العلماء والمفكرين والتجار والطلاب وكل شريف من السائرين على هذا الخط السليم من شيعة آل محمد.
تماسك المسلم الشيعي من الآخر، من أعماقه الوجدانية هي الغاية القصوى التي يجب أن نكرس لها كل جهودنا الفكرية والسياسية والتربوية، فإن الموج جارف، وأخلاقيات المنفعة الضيقة هي التي تسود اليوم ساحة الفكر الأخلاقي، ولا قيمة لصلاة ولا لصوم ولا لحج إذا تهاوى المسلم الشيعي من الداخل.
إصلاح الوعظ الشيعي
الوعظ الأخلاقي مهمة إنسانية نبيلة، تبغي تقوم الضمير وشحنه بالقيم الخيرة، وتهدف إلى ترقية الحس الأخلاقي الذي قد لا يخلو من جذور فطرية، وقد أولى القرآن الكريم موضوعة الوعظ مساحة مركزة من اهتماماته الفكرية والروحية، سواء على صعيد المنهج أو المضمون، فقد بسط الكتاب الكريم أُصول الوعظ، ومستلزماته وأساليبه، وأهدافه، كما انه كان في كثير من مضامينه واعظا، وهو أمر طبيعي لأن كتاب الله تعالى منهج أخلاقي تعبدي بالدرجة الأولى، أي أكثر من كونه كتاب علم وشريعة وفكر فلسفي، وقد امتاز الشيعة بنزعتهم الوعظية، وهذه كتب الأدعية شاهد على ذلك، ولعل الصحيفة الإمام السجاد شاهد على عمق الجانب الوعظي لدى هذه الطائفة من أمة الإسلام، وروايات أهل البيت مليئة بالنزعة الوعظية الشفافة، ولا يضر بذلك كونه نتيجة الأوضاع الاستثنائية التي مر بها الشيعة وقادتهم، فقد يكون لذلك أثرا، ولكنه بالتأكيد ليس الأثر الوحيد، وليس السبب الحاصر، على أن الاهتمام بالنتيجة هو المقصود هنا، وهي نتيجة طيبة على كل حال. وليس من شك أن للوعظ دوره الرئيسي في ترشيد مسيرة البشر، وتقنين سلوك الفرد أو بالأحرى توجيهه وتطعيمه بما يحسن في لغة الدين، والخلق الرفيع، والقيم الجمالية التي هي مدار قبول واستحسان الحس الإنساني العام.
الوعظ في الحقيقة ليس إملاءً، ولا خطبة بليغة، ولا أوامر، بل هو حوار، ومن هنا يدعو مركز التخطيط الشيعي إلى التحول في سنة الوعظ من الإلقاء والتلقي إلى الحوار، من الإلقاء إلى السجال الهادئ الشفاف، ليس هناك واعظ ومتعظ، بل هناك فضاء وعظي، هناك أخذ وعطاء وعظيان، ليس هناك اختصاص وعظي، ليس هناك إملاء وعظياً بل هناك تفاهم وعظي، حوار وعظي، وبذلك ننقذ الوعظ من خطورة البيع والشراء، ونحوله إلى رسالة، ومن ثم يجب إنقاذ الوعظ من الشكلية الفردية الضيقة، القرآن الكريم يعظ أمما، يعظ شعوبا، جماعات، فضلا عن وعظه هذا وذاك، ومن ثم ينبغي الدخول إلى عمق الحياة بالوعظ، فإن التقوقع على صيغ وعظية متوارثة تقتل مهمة الوعظ، وتحوله إلى روتين ممل، فإن إزالة الأذى من الطريق، وزيارة المريض، والأخذ بأيدي الأعمى، كل هذه الصيغ جميلة، وشفافة، ولكن هناك الوعظ الذي يتصل بالعطاء الكبير، العمل على تخليق المجتمع المتقدم، العمل على تطوير الحياة، فإن ذلك يجب أن يكون من مقتربات الوعظ، ينبغي تجاوز المفردات البسيطة، لا نقصد تجاوزها بلغة الإهمال، بل تجاوزها بلغة المرتبة.
إن من أخطر ما يهدد الوعظ أن يكون هناك اختصاص بهذه الوظيفة الأخلاقية الإنسانية، هذه خطورة لا تبقي أي قيمة جوهرية للوعظ.
أن مركز التخطيط الشيعي يسعى للاستعانة بعلماء ومفكرين وكتاب لتقديم صورة جديدة للوعظ، سواء على صعيد المفهوم أو الموضوع أو الوسائل أو الغايات أو الممارسة، مستفيدين في ذلك من فكر القرآن الكريم، وتراث أهل البيت ، والتجربة البشرية على اختلاف مشاربها واتجاهاتها.
تصويب منبر الجمعة
يتعامل مركز التخطيط الشيعي مع قضية منبر الجمعة من خلال المقترات التالية:
المقترب الأول: إنَّ منبر الجمعة ليس مُلكاً لمُرْتقيه، يُدْلِيْ مِنْ عليه بوجهة نظره السياسية الخاصة، بل وحتى الفكرية، فهو منبر الشيعة وليس منبر هذا الخطيب أو ذاك، منبر هذا الإمام أو ذاك، ولذا ينبغي أن لا يُستغل لترويج رأي فردي، ولا حزبي، ولا عشائري، ولا أُسري، ولا مرجعي، لأنه منبر الشيعة.
المقترب الثاني: إنَّ منبر الجمعة منصة مقدسة، طرحها بالدرجة الأولى أخلاقي ديني وعظي توجيهي في سياق الإصلاح العام، وما أوسع هذا المجال وما أخصبه بالممكنات، فمنبر الجمعة يعالج القضايا الأخلاقية والمسؤوليات الاجتماعية قبل أي قضية أخرى، يعالج مشاكل الأسرة، مشاكل الصحة، مشاكل البطالة، مشاكل الأمية، مشاكل العوز في مجال الخدمات الوظيفية والمدنية، نعم، لا شك في أهمية منبر الجمعة في طرح القضايا الخطيرة التي تتحول إلى هاجس سياسي يهم الأمة والشيعة بشكل صارخ، ولكن ينبغي التزام الرأي المشترك بدرجة قريبة، وليس من الصحيح أن يكون جريدة الخطيب الخاصة.
المقترب الثالث: موضوع خطبة الجمعة ينبغي أن يكون محل اتفاق مسبق بين الخطيب وثلة من المثقفين ووجهاء المنطقة، كي تأتي معبرة عن هموم الناس، ومتواصلة مع الحاجات التي تلامس أكبر مساحة من مستمعي الخطبة.
المقترب الرابع: أن مادة الخطبة مشتقة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأحاديث أهل البيت ، والأحكام الشرعية المتفق عليها.
مركز التخطيط الشيعي يدعو المفكرين والكتاب الشيعة إلى وضع تصوراتهم ضمن هذه الأُطر الكبيرة، على أن الأُطر المذكورة مجرد مقترحات، وليست بمثابة ثوابت لا تقبل النقد والتعديل والتغيير.
أن خطبة الجمعة ينبغي أن تنصبَّ على المشاكل اليومية الملحة، على الحاجات اليومية التي تتصل بمصير الشيعة، ومستقبلهم، نعتقد أن معالجة الخطبة للتدني الدراسي مسألة مهمة، ومعالجة الخطبة للمغالاة بالمهور مسألة هي الأخرى مهمة، ومعالجة الخطبة لارتفاع نسبة الطلاق مسلة مهمة… إنَّ غياب مثل هذه الموضوعات من متن خطبة الجمعة يشكل نقطة ضعف مميتة، نقطة ضعف قاتلة، فإن معالجة القضايا القريبة أهم من القضايا البعيدة، إن المساهمة في إطفاء النار القريبة أهم من إطفاء النار البعيدة.
مسح الواقع الشيعي
يتولى مركز التخطيط الشيعي بمسح الواقع الشيعي، أي تشخيص نقاط الضعف ونقاط القوة، ومن ثم العمل على معالجة نقاط الضعف، وتعزيز نقاط القوة، وبطبيعة الحال الذين يقومون بذلك اختصاصيون وخبراء.
ما هي نقاط الضعف في الأداء الشيعي؟ ما هي نقاط الضعف في معادلة العلاقات بين عناصر الكيان الشيعي؟ ما هي نقاط الضعف في خارطة التعاطي الشيعي مع الآخر؟ ما هي نقاط القوة لدى الشيعة؟ عددهم، فكرهم، تاريخهم، أعلامهم…
مسح كبير يتناول الساحة الشيعية بالتفصيل، على مستوى الفكر، على مستوى النظم، على مستوى التعليم، على مستوى الإعلام، على مستوى العلاقات الداخلية، وفي تصورنا أن هذه الفقرة من أهم ما يجب أن يوليه مركز التخطيط الشيعي عرضاً وبحثاً وعلاجا.
تعزيز العلاقات بالآخر
الآخر حقيقة قائمة، وهو ضرورة قائمة، ولا يمكن التعاطي مع الآخر بلغة السلب المطلق، تلك خرافة اجتماعية كانت سبب موت روحي ومعنوي، وكل محاولة من هذا النوع قادت إلى فشل إنساني مدمر، لا يمكن التعاطي مع الآخر بلغة النفي، بلغة الإقصاء، وليس من شك أن التعاطي مع الآخر من منطلق إيجابي، من منطلق الشراكة بالإنسانية سوف يعزز من موقعنا في صلب الوجود التاريخي، سوف يطعمنا بعطاء التجربة البشرية العريضة، والدين الإسلامي يعد الآخر مشروع تعاون وتعارف وتآزر «يا أيها الناس إنَّا خلقناكم من ذكر وأُنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم»، هذا هو المنطلق المبدئي في معادلة التعاطي مع الآخر، مهما كان دينه، ومهما كان مذهبه، ومهما كان توجهه الفكري والروحي والوجداني.
تعزيز العلاقة بالآخر مشروع مهم في صلب مهمات مركز التخطيط الشيعي، خاصة وهناك محاولة لعزل المسلم الشيعي، من دائرة انتمائه الديني، ومن دائرة انتمائه الإنساني، ومن دائرة القيم والمثل الإنسانية، هناك محاولة لعزله على كل الأصعدة، وبالتالي فإن تعزيز العلاقة بالآخر مطلب بلحاظ مقتربين، المقترب الإنساني الطبيعي، والمقترب الثاني يتمثل بالرد على تلك المحاولات التافهة.
ولكن كيف نعزز هذه العلاقة؟
لم يكن هناك عمل على هذا الهدف النبيل، لم يكن هناك تخطيط للعمل في هذا المجال، متروك لفرص عابرة، متروك للقاءات هامشية، فيما يجب أن تكون هناك خطة مبرمجة للتعزيز العلاقة بالآخر، سواء كان مسلما أو غير مسلم، الآخر بالمعنى العريض، بالمعنى الكلي، بالمعنى التاريخي.
نعزز العلاقات الفكرية، والعلاقات الاقتصادية، والعلاقات الاجتماعية، والعلاقات السياسية، والعلاقات العلمية، يجب أن تتوفر هيئة علمية اختصاصية على مد جسور التعارف والتلاقي والتفاهم مع الآخر بعنوانه الكلي، بصرف النظر عن الهوية والدين والقومية، نعم المسلم هو الدائرة الأقرب، ولكن ذلك لا يمنع من أن يكون ذلك على كل مستويات الانتماء.
ولكن هل يكون ذلك بلا شروط؟ بلا ضوابط؟ عشوائياً؟ لا يخضع لدراسة وتتدبر ونقاش؟
لا يمكن تعزيز العلاقة بالآخر إذا كان هذا الآخر يفكر بنفيك، يجب أن يبدأ العمل في هذا المشروع من الاعتراف بك، الاعتراف بحقك الفكري والحياتي والاقتصادي، وليس من الصحيح أن نعقد علاقة سببية بين الأمرين، فنضيع في دوامة أيهما الأسبق، بل ننطلق من مبدأ التضايف، عملية متوازية، عملية مزدوجة، في آن واحد.
أن البداية هي الاعتراف المتبادل في حق الحياة، في حق الوجود، وكل ما يترتب على ذلك من استحقاقات، ومن ثم لابد من تجلية الواقع بين الطرفين، الواقع العقدي، الواقع التاريخي، فليست هناك علاقة تقوم على فراغ.
تعزيز العلاقة مع الآخر ضمن مشاريع إنسانية، مشاريع حضارية، بالاسم الصريح، بالانتماء الصريح، باللغة الصريحة، من خلال مشاريع تهم البشر، تهم الإنسان، سلام العالم، سلام الفرد، سلام المجتمع، سلام القيم …
أن تعزيز العلاقة بالأخر مطلب حضاري، بل هو مطلب طبيعي، والقرآن الكريم، وسنة النبي العظيم، وسيرة أهل البيت قائمة على ذلك.
تعزيز العلاقات الشيعية بالآخر من أهداف مركز التخطيط الشيعي، وذلك باستنهاض جهود المفكرين والسياسيين، والعلماء، ضمن خطة استراتيجية تأخذ بنظر الاعتبار المبدأ الإنساني، ومبدأ حفظ الهوية، ومبدأ الانتصار للذات وحمايتها من العزلة والعزل.
الطفل الشيعي
نريد طفولة شيعية تشعر وجدانياً وروحياً بقيمة الحياة، تنفعل بجمال الكون، نريد طفولة شيعية لا تشعر بالغربة، لا تشعر بالعزلة، نريد طفولة شيعية لا تعيش الحزن، لا تعيش المأساة، لا نريد طفولة شيعية تتغذى من صبحها إلى مسائها على قصص القتل، والدم، والحزن، والألم. لا نريد طفولة يُدجًن سمْعُها بالذكريات ألحزينة، الذكريات المأساوية، الذكريات الدامعة. لا نريد طفولة شيعية ترى في لبس السواد قدرا، وفي الفقر قدرا. نريد طفولة تتغنى بأناشيد الفرح، أناشيد الحياة الجميلة. نريد طفولة تنعم بحنان الأسرة المطمئنة، الأسرة التي تشعر بالقوة، والإيجابية، والثقة بالنفس والأمل.
مركز التخطيط الشيعي يدعو أهل الاختصاص والخبرة والعلم بوضع مناهج تربوية لطفولة شيعية مرحة، حالمة، مطمئنة، طفولة شيعية متفائلة، طفولة شيعية متطلعة، وليس طفولة تندب الحياة، وتشيع التاريخ إلى قبر أبدي، عبر أغاني وأناشيد ومظاهر مشبعة بالحزن والألم والقدر الجافي.
نريد طفولة شيعية تهيم بحب الحسين في سياق تربية تضع كل مفردة من مفردات الحياة في موقعها الطبيعي، كل مفردة من مفردات الحياة في موقعها الطبيعي من جسد الحياة. نريد طفولة شيعية تشتعل ذاكرتها ببطولة الحسين، وزيد بن علي، تشع روحها بشفافية السجاد، تتوهج طاقتها العقلية بعلم الصادق، وترفل روحها بالأمل، الأمل اليوم، وليس الأمل المؤجَّل، بالأمل الواقعي وليس بالأمل النظري وحسب، نريد مناهج وبرامج تخلق طفولة شيعية تفتخر بتاريخها، تجعل منه نقطة انطلاق نحو الأمام، نقطة انطلاق تقدمية، وليس تربية تشحنه بالسلبية تجاه الحياة.
لا نريد طفولة شيعية تتغذى على مائدة من الخرافات والأساطير التي من شأنها تحجيم الفاعلية العقلية، قمع الرغبة بالمشاركة الوجدانية والعضلية والعقلية في معركة الحياة، في معركة الوجود.
لقد عاشت الطفولة الشيعية بين اللون الأسود واللون الأحمر، ليس هناك مساحة رمادية، ليس هناك نقطة وسط، أليس هذا غريبا؟ عانت الطفولة الشيعية من القمع، قمع فكري، قمع روحي، قمع مادي، قمع معنوي، قمع شمولي، كانت الأسرة الشيعية وما زالت في العراق والبحرين والكويت وباكستان تعاني من قمع ديني، قمع سياسي، وقد ترك هذا القمع الظالم بظلاله على نفسية الطفل الشيعي، على وجدان هذا الطفل المسكين، على روحية هذا الطفل البريء، وقد ساهمت بعض المواقف الشيعية في تكريس هذه الحالة، بعض ألأدبيات المحسوبة على التشيع، ساهمت في تكريس هذه النتيجة، وذلك عبر تعاطي خاطئ، تعاطي سلبي، تعاطي مخدر، وذلك مع أهم وأعز مفردات التاريخ الشيعي، مع مفردات الفكر الشيعي الحي، مع تراث أهل البيت .
مركز التخطيط الشيعي يرى أن الطفولة الشيعية من أخطر مفردات «الهم» التي يجب أن تكون في مخطط كل العاملين من علماء الشيعة ومفكريهم واختصاصيهم وخبرائهم في هذا الزمن الحرج. زمن التطلع إلى الحياة الحرة الكريمة، الديمقراطية، حقوق الآخر، المشاركة في صناعة القرار السياسي.
نريد طفولة شيعية جديدة، نريد طفولة شيعية ممتلئة بالحيوية والجاذبية والقوة والشجاعة، ننتظر القصة الشيعية التي من شأنها خلق طفولة شيعية مقدامة، ننتظر النشيد الشيعي الذي من شأنه خلق طفولة شيعية متطلعة، ننتظر الروضة والمدرسة والنادي والمسرح والسينما… ننتظر كل هذه الممكنات والمؤسسات التي من شأنها خلق طفولة شيعية شجاعة… منفتحة… متحركة في زخم الحياة…
العلماء والمفكرون والخبراء من شيعة أل البيت أهل مدعون لوضع خطط من شأنها خلق طفولة تحب القلم، والريشة، والكرة، واللعبة البريئة، واللوحة، وأقلام الرسم،، المسرح الهادف، والشعر الجميل
مركز التخطيط الشيعي يتبنى شعار طفولة شيعية واثقة من دينها، من مذهبها، من تاريخها، من نفسها، من مستقبلها.
الاتجاه للداخل / 2
يخطأ من يقول أن الأخوة السنة لا يملكون مرجعية، نعم، لا يملكون مرجعية دينية على غرار المرجعية الدينية لدى الشيعة، ولكن الأخوة السنة يملكون مرجعية تتمثل في الكيان السني كله، فهناك كتلة سنية متشكلة تاريخيا، متفاهمة ضمنا، متعاضدة بلا ضجيج، لأنها حالة متوارثة بسب توارث الحكم، وبسبب وحدة الموقف من الشيعة، من الحكم، من الوظيفة المدنية المهمة، من الوظيفة العسكرية، هناك توارث بالاتجاه، تكرس عبر عقود ومن السنين، ولا نستبعد تلقينها بشكل وآخر، نتحدث عن السنة في قبال الشيعة حيث التواجد المشترك في العراق أو البحرين أو ألكويت أو قطر…
مرجعية السنة هم السنة، بضباطهم، بتجارهم، بسياسيهم، بحزبيهم، بفقرائهم، بفلاحيهم، بشرطيهم، بموظفهم الكبير…
الضابط السني لا ينتظر الرجوع إلى العالم الديني ليستفتيه بتجنيد كل قواه من أجل أن يثبت قانوناً، أو إجراءً حكوميا لصالح جندي سني مثلا، تلك قضية متوارثة، لا تحتاج إلى فكر، إلى مراجعة، إلى فتوى، إلى إذن شرعي، هناك توارث في هذا الموقف، بالمران، بالتجربة، بالهمس، بالتربية، بالتعاهد الضمني، وبالتالي لا معنى لمرجعية شخص لدى إخواننا السنة، ذلك بوجه عام.
المرجعية الشيعية تتجسَّد بربط الشيعة فقهياً وأخلاقياً ووجدانياً وسلوكيا وسياسيا بمصدر واحد، ذلك هو المرجع، المرجع الديني، المرجع الجامع للشروط، ولانعدام التواصل الداخلي بين الشيعة لأسباب لا مجال لشرحها وبيانها الآن، وهي نقطة قوة بطبيعة الحال، ولكن ذلك يتوقف على مقتربات كثيرة كي تكون نقطة قوة، منها نوعية وعمق وسعة هذه العلاقة، ومنها مقدار ما يتمتع به المرجع من سعة أفق، ومن استعداده الفعلي لتبني مسؤولية الشيعة على جميع الأصعدة، فقد يرفض تحميله هذه المسؤولية الشمولية، ومن ثم، أن هذه العلاقة، أو هذا الارتباط بمرجع عال، لا يغني عن تشكيل شبكة علاقات قوية مصيرية داخل الكيان بالذات، هناك تشرذم، أو هناك جهل بهذه الحقيقة الكبيرة، هناك غفلة بهذه النقطة الحساسة، فإن الارتباط بمرجع أعلى كأنما نفى، غيب مثل هذه العلاقة، مثل هذه الهيكلية المترابطة المتداخلة المتفاعلة.
أن الشيعة بالإضافة إلى مرجعيتهم الدينية التي تعبر عن علاقة شعبية جماهيرية عريضة بقائد أو بالأحرى بفقيه جامع للشرائط، يحتاجون إلى بنية داخلية من العلاقات، بنية علاقات مصير، وتعاون، وتبادل خبرات، وتنسيق مواقف.
مركز التخطيط الشيعي يسعى لطرح مثل هذه الروية المهمة على الحس الشيعي، وذلك عبر طروحات وأفكار وتصورات يدلي بها، ويساهم بصياغتها الخبراء والسياسيون والإداريون الشيعة.
إن الاتجاه إلى الداخل عملية مهمة حساسة، تحتاج إلى فكر وتربية ومران، تبدأ من تجارب بسيطة، على مستوى قرية، على مستوى ناحية بسيطة، على مستوى عشيرة، على مستوى مجال عمل…
هذه من أهم المسائل المصيرية التي لم تأخذ لحظة واحدة من تفكير زعماء وعلماء ومفكري الشيعة.
تنظيم الخطاب الشيعي
لم يخضع الخطاب الشيعي إلى عملية ترشيد، عملية تقنين، عملية توجيه، بل تركت لتقديرات المزاج، وتحكمات المواقف الشخصية، والمصالح الآنية، لابد من وضع خطة عامة للخطاب الشيعي، نقصد الخطاب الذي يتصل بعلاقاتنا بالعالم، بالمنطقة، بالحكومات، بالآخر، ببعضنا، وليس المقصود هنا الخطاب العقدي أو الشرعي.
نعتقد أن الهدف الكبير للخطاب الشيعي على هذا المستوى هي مصلحتنا، وذلك في نطاق مصالح الوطن، ومصالح الآخرين، ولا نعتقد أن الجمع بين هذا وذاك مستحيل أو صعب.
لقد أهمل الخطاب الشيعي مصالح الشيعة بشكل مثير، بل لا يوجد خطاب من هذا النوع، رغم ما لحق هذه الطائفة من ظلم وقهر وحرمان واستخفاف، لا ندعو إلى خطاب شيعي طائفي، بل ندعو إلى خطاب شيعي يراعي حقوق الشيعة ضمن حقوق الآخر، وليس في ذلك ضير، ولا في ذلك طائفية، ولا في ذلك خروج عن الناموس الاجتماعي العام.
مركز التخطيط الشيعي يدعو إلى خطاب شيعي حقوقي، يعتمد على الرقم، ويتوسل بالحوار، ويتكأ على الشواهد العلمية. يثقف الشيعة على ثقافة الحقوق، الحقوق الطبيعية والمدنية، في سياق الدعوة إلى احترام حقوق الآخر، والدفاع عنها. يدعو مركز التخطيط الشيعي إلى خطاب شيعي معتدل، متسامح، متوازن، ينتصر لحقوقنا ولكن في نطاق الحق العام.
مركز التخطيط الشيعي يدعو إلى خطاب يكشف عن معاناة المسلم الشيعي عبر التاريخ، يكشف عن دور الشيعة في بناء الدولة الإسلامية والحضارة الإسلامية، في محاربة الاستعمار، في محاربة العدو الغازي.
مركز التخطيط الشيعي يدعو المفكرين والإعلاميين إلى وضع خطاطة أولية عن مشروع الخطاب الشيعي الحقوقي، الموسوم بالاتزان والموضوعية والعلم.
الخطاب الشيعي هنا حجاجي، جمالي، علمي، رقمي، بعيد عن الديماغوجية والتشهير والمسكنة والتظلم والضعف والاستجداء. يثير الذاكرة لأجل تنشيط العقل باتجاه الإبداع، يثير الشجون من أجل تجاوزها، يثير المظالم ليس من أجل الانتقام، ومن اجل أن ننسى الحقوق، بل من أجل السلام الاجتماعي، السلام القائم على الحب والعدل واحترام الحقوق.
نرفض الخطاب الطائفي الذي يدعو إلى القتل، والعزلة، والحذف، خطاب بعيد عن التشنجات والاتهامات والتشكيك والتمويه، نرفض الخطاب التحريضي، الخطاب المتعنت، الخطاب الجزافي. دليلنا في ذلك أدب القرآن الكريم، وسنة النبي العظيم، وسيرة أهل البيت.
لقد ساد خطاب بعض الطوائف الإسلامية وغير الإسلامية لغة التحريض ولغة إذكاء الحقد والكراهية والتحريض، وقد كان ذلك من أسباب الكثير من المشاكل التي أبتلى بها العالم، وفي المقدمة المسلمون من ذلك.
الخطاب الشيعي ينأى عن ذلك، لا ينأى عن ذلك لأن الخطاب الشيعي مشتق من أدب القرآن وأدب الصحيفة السجادية، تلك هي مصادر الخطاب الشيعي، هو خطاب الإسلام بالصميم.
مركز التخطيط الشيعي يدعو إلى وضع منهج أولي لخطاب شيعي يراعي الظروف التي يمر بها العالم، وهي ظروف معقدة للغاية، تحتاج إلى سبر دقيق وعميق كي نختط خطاباً دقيقاً بطبيعة الحال، خطاباً يمكننا من السير وسط هذا الصخب العالمي بسلام.
المدرسة الشيعية الخاصة في عصر العولمة، وتسيد قيم الاقتصاد الحر، وشيوع ثقافة حقوق الأقليات، وترسيخ مفهوم حرية الفكر، والاعتراف بحق الآخر، وتقلص سيادة الدولة، وتراجع سلطة الأنظمة الشمولية… في ظل هذه التحولات السريعة العميقة الكبيرة، سوف يكون للمدرسة الخاصة مساحتها الكبيرة في تصميم الحياة التعليمية وتوجيهها، سيكون لها دور كبير في الحياة التعليمية ومسيرتها، وسوف نجد هناك تجاه قوي لدى الطوائف والأقليات والمذاهب في تبني مشروع المدرسة الخاصة، ومن الطبيعي أن المدرسة الخاصة التي تنشأ بجهود وتخطيط ونظارة مذهب معين، أو طائفة معينة، إنما تهدف إلى تنشئة أبنائها من الطائفة أو القومية أو المذهب على متبنيات فكرية ودينية خاصة، فضلا عن محاولة تحصيل أبنائها على تعليم متقدم، قوي، مشرق، يؤهلهم للدخول بالأقسام العلمية والتقنية والفنية والأدبية العالية.
مركز التخطيط الشيعي يدعو أهل الاختصاص إلى وضع مشروع ثقافي تعليمي أخلاقي لمدرسة خاصة شيعية، تهدف إلى تعزيز انتماء الطالب الشيعي إلى الدين والمذهب والوطن والإنسانية، بالتوازي مع العمل لأعداد طالب شيعي متفوق في التحصيل الدراسي الذي يؤهله لدخول أرقى الجامعات، وأهم الفروع المطلوبة.
المدرسة الشيعية الخاصة يجب أن تتحول إلى حاضنة ثقافية، إلى ساحة تلقي الفكر والعلم والفن في وقت واحد، على أن المدرسة الخاصة الشيعية لابد أن تهتم بتأصيل الثقافة الشيعية الحقوقية في سياق ثقافة حقوق الإنسان، يعني أن تتحول إلى مغذية بمفاهيم استرداد الذات، حيث مارس الآخرون على الذات الشيعية عمليات التشطير والتفتيت والتغريب.
المدرسة الشيعية الخاصة مران وفكر، تاريخ وعمل، حضور وتفرد في الوقت نفسه، فهي كبناء توحي وتبني وتؤسس العقلية الإنسانية الإسلامية الشيعية، فإن تراث الإنسانية ملك لكل الناس، والإسلام دعوة عامة للبشر، والتشيع نموذج راق لفهم الإسلام، تاريخ من العطاء والمعاناة، فلابد للمدرسة الخاصة من دور يسعى على ترسيخ هذا الانتماء بعز وفخر، من خلال الخطاب والمران العلميين الواقعيين. وهي كمضمون ترسي داخل الفرد الشيعي الوضوح والاستقرار والقوة والعزة، وضوح الفكر، واستقرار الذات، وقوة العزيمة، وعزة الانتماء، وهي كمضمون علمي يعمق تعاطي الطالب الشيعي مع مادة الحياة والعلم والدرس والتحصيل.
المدرسة الشيعية الخاصة تمارس أداة تواصل بين أبناء اللحمة، وبين الشيعة والآخر، هي وسيلة تعريف وتعارف، وسيلة تواصل وتوافق، وسيلة تفاهم وتعاون.
مركز التخطيط الشيعي يسعى لتوظيف الطاقات العلمية والفكرية والفنية الشيعية لوضع خطة ناضجة على هذا الطريق، وبالمثل الروضة الشيعية، والجامعة الشيعية.
توثيق المواقف الشيعية
للشيعة مواقف تاريخية رائعة تجاه الأحداث الكبيرة التي مر بها المسلمون والعرب تجاه الاستعمار والصهيونية وكل ألون العدوان على شعوبنا الكريمة، هذه المواقف المشرفة للأسف الشديد لم تسجل في متن التاريخ على شكل دراسات وبحوث، وبقيت حبيسة الذاكرة أو بقيت في ظل الكتابة العمومية الضبابية، بل كثيرا ما حرِّفت بكل وقاحة وصلف، وللشيعة مواقف مشرفة رائعة تجاه الأخر النظير، فنحن في العراق وقفنا إلى جانب أخواننا الأكراد في الفتوى والعمل، ونحن استنكرنا إعدام سيد قطب، ونحن دعمنا بالمال والدم والفعل الأخوة الفلسطينيين، ونحن الذين عقدنا المؤتمرات والمهرجانات لتعزيز الثورة الليبية، ونحن الذين وقفنا تلك الوقفة الكبيرة تجاه الاعتداء الثلاثي على مصر… واليوم نحن الذين ناضلنا وحاربنا الديكتاتورية والفاشية في العراق، وقد نالنا من ذلك ما نالنا من الضيم والموت والقتل والتشريد.
هذه المواقف وغيرها لم توثق تاريخيا في سياق نظرة بحثية، في سياق الدراسات الاجتماعية، في سياق القراءة السياسية، في سياق القراءة الشمولية للإسلام والتشيع والظروف والاجتماع الشيعي.
مركز التخطيط الشيعي يدعو إلى توثيق هذه السيرة الرائعة، المشرفة، الناصعة، وذلك تحت إشراف مختصتين، تحت إشراف علماء، مفكرين. مركز التخطيط الشيعي يدعو أن تكون هناك خطة مفصلة على هذا الطريق.
تطوير الطاقات والممكنات
الشيعة كأي طائفة، كأي وسط بشري، فيهم الطاقات المبدعة، فيهم الطاقات الخلاقة، وهذه الطاقات ملك الإنسانية، ملك الحياة، وينبغي تطويرها وتنميتها، بل يجب إخراجها من فضاء القوة إلى فضاء الفعل. وقد لاقت هذه الطاقات إهمالا مقصودا، أو نتيجة سياسة متوارثة بشكل ميكانيكي، هذه الطاقات تحتاج من يرعاها، من يهتم بها، وفي تصورنا أن الطائفة ذاتها هي المعنية بذلك بالدرجة الأولى، فينا طاقات فنية عالمية، وفينا طاقات علمية، وطاقات فكرية… فيجب الاهتمام بهذه الطاقات، بتقديم العون لحامليها، للذين يتمتعون بهذه الطاقات، الدعم المادي والمعنوي، وينبغي وضع برامج تنمية وتطوير هذه الطاقات والكفاءات، برامج مكثفة، تعتمد العلم والمران، يشرف عليها مختصون، وأهل الخبرة. مركز التخطيط الشيعي يسعى لتوفير مثل هذه البرامج تحت إشراف المبدعين والمفكرين.
رصد الإعلام المعادي والجاهل والمغرض
يتبنى مركز التخطيط الشيعي رصد الخطاب المعادي للشيعة والتشيع، والخطاب الجاهل، والخطاب المغرض، يعمل على رصد هذه النماذج من الخطابات السلبية، ويسعى إلى تحليلها بدقة وموضوعية، لاكتشاف دلالاتها السياسية والفكرية والاجتماعية، واكتشاف الأغراض الكامنة وراءها، هناك جدب شيعي في هذا المجال، بل هناك خواء كامل، بالمطلق، وقد ساهم ذلك في الكثير من المفارقات السلبية بحق الشيعة، فلم يعرفوا ما يحاك ضدهم، ولم يعرفوا حجم العمل على طريق حذفهم ونفيهم، لقد فاجأتهم الأحداث والوقائع والمواقف، وذلك يعود لأسباب كثيرة، منها هذا الجهل المطبق بالخطاب المعادي.
مركز التخطيط الشيعي يرصد هذه الظاهرة ويدرسها ويحللها وبين الموقف منها، الموقف الفكري والسياسي والنظمي، وذلك بالعودة إلى أهل الاختصاص والعلم.
الشيعة كما يبدو سوف يتعرضون لتصاعد إعلامي إرهابي، خاصة بعد سقوط نظام صدام، وبعد دبيب الوعي البسيط الذي بدأ يراود الشعور الشيعي، وما تلك الفتاوى التي تدعو إلى قتل الشيعة في كل مكان، وتجدد عمليات التكفير والتشويه العقدي، سوى حلقة، أو علامة على ما نقول، ومن هنا يجب أن نتوفر على وضع برنامج عمل متطورة، تسعى إلى تتبع هذا النوع من الخطاب المخجل والمؤلم بحق شيعتنا، وتحليله بدقة وعلم، وتزويد كل مصادر القرار الشيعي بها، مع تقديم اقتراحات بناءة مدروسة لمواجهة الظاهرة الظالمة.
القرية الشيعية
عموما، وبالاعتماد على إحصاء بصري، تعاني القرية الشيعية من إهمال متعمد، تفتقر إلى المدرسة الحديثة، وإلى المؤسسات الصحية السليمة، والشارع النظيف، والمكتبة النموذجية، والمؤسسات الحيوية، والمساجد العصرية… هناك إهمال متعمد، وقد كان ذلك من أسباب التخلف والقهر بل من أسباب تردي القيم، من هنا ندعو إلى طرح موضوع القرية الشيعية بقوة على مائدة الاهتمام، من خلال حوار جاد بين كل ممكنات الشيعة، من مهندسين وفنانين وعلماء ومفكرين لوضع هيكلية عامة للقرية الشيعية، وفي الحقيقة ينبغي هنا مراعاة القيم الإسلامية والشيعية في عملية التخطيط لهذه القرية.
أن الذاكرة الشيعية يجب أن يكون لها حضور في عمران وتخطيط القرية الشيعية، ذلك حق، وذلك جزء من تقييم التراث، بالطبع بالتفاعل مع الذكريات الوطنية، والقيم الإنسانية…
مشروع القرية الشيعية النموذجية مطلب حيوي، مطلب جوهري، فليس سرا، أن القيم والأخلاق والعادات تتواصل مع العمارة، مع الشكل، مع المضمون، مع توفر مقومات الحياة الكريمة الطيبة.
التحليل السياسي الدوري
السياسة اليوم خبز يومي، الاستماع إلى الأخبار السياسية، متابعة أحداث العالم، تحليل الواقع السياسي، المشاركة في الحياة السياسية، اتخاذ المواقف السياسية، العمل السياسي… السياسة اليوم خبز يومي، دخلت في العلم، في الفن، في العلاقات بين الأديان والمذاهب والقوميات، في المودة، في السينما، في المسرح، في الأدب، في الأخلاق، في الفلسفة… حتى يمكن القول بأن الصبغة العامة لوصف عالمنا هي الصبغة السياسية، لقد تغلب السياسي على العقدي، على الفلسفي، على العلمي… ومن هنا يجب التواصل مع السياسة، قراءة، تحليلا، عملا، موقفا، رغم أن مركز التخطيط الشيعي يفرق بين السياسة كواقعة، بين السياسة كقيمة، الشيعة يجب أن يمارسوا العمل السياسي، علماءهم الزمنيين، قواعدهم الشعبية، مفكريهم، ممارسة حسية، أي ممارسة تتصل بالسياسة كواقع، كحدث، يخلقون هذا الواقع، يخلقون هذا الحدث، يمارسونها كأي سياسي، ولكن هناك القيمة السياسية، أي القيمة الذاتية للسياسة، تهذيب العملية السياسية، توجيهها للخير، توظيفها للحق والعدل، مراقبتها أخلاقيا، روحيا، نعتقد أن هذه مهمة علماء الدين، الروحانيين، تلك هي رسالتهم، وليس السياسة كواقعة، كحدث، كفعل، فإن السياسة على هذا المستوى خطرة، ربما تطيح بهيبة العالم، بهيبة الروحاني الجليل، فيخفت صوته، فيما هو خزين الشيعة والتشيع من الجلال والجمال.
ومهما كان الأمر فمما لا شك فيه أهمية تزويد صناع القرار السياسي والروحي من شيعتنا بتحليل سياسي دوري وعند الحاجة، تحليل علمي موضوعي يعتمد الأرقام والتصورات الرصينة، وذلك للاستفادة منه في إدارة العملية السياسية والروحية عن علم ووعي ودراية.
يفتقر صناع العملية السياسية والروحية من الشيعة إلى مثل هذا المشروع، فيما هو مشروع حيوي جوهري أساسي اليوم، أن الكثير من المواقف والسياسات الخاطئة التي أبتلى بها الشيعة ربما ناتجة من عدة أسباب، منها الافتقار إلى مثل هذا المشروع العلمي.
مركز التخطيط الشيعي يعمل على تلخيص القراءات السياسية التي سوف يزوده بها مفكرون ومحللون وسياسيون شيعة، ليزود بها صناع القرار السياسي والروحي، بل لتثقيف القواعد الشيعية بشكل عام.
رصد الواقع العام
لابد من رصد الواقع العام وتقديم خلاصة وافية لصناع العملية السياسية والروحية، فلابد من تزويدهم بمعلومات عامة عن الوضع الاقتصادي والسياسي والأخلاقي والتربوي، بما في ذلك الإشاعة والتطلعات، وحركة الأسواق، ووضع القيم، والأنشطة الاجتماعية… هذه الخلاصة ضرورة ملحة على طريق التخطيط لتحرك شيعي ناجح، يحقق لنا حضوراً فاعلا.
مركز التخطيط الشيعي يقوم ويضطلع بجزء من هذه المهمة الكبيرة، بالتعاون مع أهل العلم والاختصاص، وبالاستفادة من المصادر التي تهتم بمثل هذه القضايا.
مشكلة الفقير الشيعي
ليس سراً أن المسلم الشيعي يعاني من حرمان اقتصادي واضح، توارث هذا القدر من زمن قديم، فقد حاربه الأمويون والعباسيون والعثمانيون برزقه، فعاش فقيراً معدما قاسيا إلى أخيه السني الذي كان لا يعاني من هذه الحالة بشكل عالم. وفي عهد ما يعرف بالحكم الوطني بقيت المشكلة ذاتها بالنسبة للمسلم الشيعي، بل دخلت طور التخطيط المقصود، وكانت ظاهرة واضحة فاقعة، وليس من شك ألشيعة يتحملون بعض المسؤولية هنا، وليس الآن محل تفصيل الأسباب، ولكن بدون ريب كان هناك موقف مقصود، تابع لمسألة الانتماء.
الفقير الشيعي مشكلة قائمة في الحقيقة، وكان لهذه الظاهرة تبعاتها ومستحقاتها الخطيرة بالنسبة للشيعة، نجدها في العراق والبحرين والسعودية وغيرها من البلدان والأقطار الإسلامية، وعليه يجب تكثيف الجهود على طريق حل هذه المشكلة الكبيرة، فإن الفقر لا يرحم، وقد كان له نتائجه القاسية، وسوف تكون نتائجه أقسى في هذه الأيام التي أصبح فيها الدخل الاقتصادي الفردي الذي يمكن الإنسان من العيش بكرامة ورفاهية من أهم مقومات الحياة المحترمة.
حل مشكلة الفقير الشيعي يجب أن تكون مهمة الشيعة ككل، يشترك فيها كل الشيعة، ليس من شك أن الخطوة الأولى هي تحميل الحكومات والأنظمة مسؤولية ذلك بالدرجة الأولى، هذه هي الخطوة الأولى بطبيعة الحال، ولكن ألا يمكن وضع خطة تكافل اجتماعي شيعي؟ آلا يمكن وضع خطة لتشغيل آلاف الشيعة العاطلين عبر تعاون مشروعي مبرمج؟ ألا يمكن التوسل بإمكاناتنا الاقتصادية والتجارية والعلمية لوضع بعض المقترحات ووضع بعض الحلول هنا؟
نستطع ذلك فيما إذا توفرت الإرادة والتخطيط، وفي تصورنا أن كل شيعي سوف يساهم في هذا المشروع الحيوي، كل شيعي سوف يساهم بشكل وآخر، ولكن نحتاج إلى دراسة علمية فنية، يقوم بها المفكرون الله
مركز التخطيط الشيعي يولي هذه القضية كبير اهتمامه وجهده، ويجند له كل طاقة ممكنة، مستعينا بطبيعة الحال بدراسات أهل الاختصاص والعلم والدين، يدعو إلى وضع برنامج عملي علمي لهذه القضية الحساسة، وستكون خطوة جبارة في تاريخ التشيع والشيعة الحديث، خاصة والفكرة ليست بدعا في تاريخ التشيع، فقد سبق لائمة أهل البيت .
تربية صنوف قيادية شيعية
يتولى المركز مهمة إعداد كوادر قيادية شابة، تمارس عملية توجيه وترشيد النشاطات الشيعية، الدينية منها، والاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، وسوف يقدم المركز خطاطة أولية في هذا المجال.
وفي الحقيقة لم يكن هذا العمل جديدا لدى الطوائف والقوميات والجماعات الأخرى، بل هو أمر معمول به بشكل مركز وعميق وواسع، بل ذلك من أسباب قوتها وديمومتها وفاعليتها.
الشيعة في حاجة إلى كوادر نظمية تخطيطية قادرة على خوض النشاطات الفاعلة، وذلك في سياق غمار الحياة المعقد.
الأمن الشيعي
كما أن هناك أمن الدولة، وأمن المجتمع، وأمن الاقتصاد، هناك أمن الحزب، هناك أيضاً أمن الطائفة، مهما كان اتجاه هذه الطائفة، مهما كانت هويتها الدينية. أمنها من الاختراق العقدي، أمنها من التحريف الفكري، أمنها الحياتي، من البطش، من القتل، من التغييب، من التزييف، من التشويه…
الأمن الشيعي قضية مصيرية كبيرة تحتاج إلى خطط علمية عملية معقولة، تحتاج إلى عقول جبارة، عقول متمرسة بالعمل الأمني والفكر الأمني…
الفن الشيعي
هل هناك فن شيعي؟
نعم، فإن تراجيديا الحسين، وملحمة زيد بن علي، وبطولة زينب، ومأساة القبور الجماعية في العراق… كل هذه المقتربات يمكن أن تتحول إلى مصدر ونبع ألهام فني لا ينضب، مركز التخطيط الشيعي يدعو الفنانين من المسلمين الشيعة إلى إحياء هذه المسيرة الثرة بالدم البريء والفكر الشامخ والعطاء الروحي… إحيائها فنيا، والفنان الشيعي طاقة عاطفية جياشة، كما يدل عليه أبسط تماس بفكر روح وأحاسيس هذا الفنان، ولذلك أسباب كثيرة ليس الآن محل التفصيل بها.
المجتمع المدني الشيعي
نقصد بذلك أن يتحول الوسط الشيعي إلى حركة جمعيات ومؤسسات ونوادي وتجمعات، وذلك وفق الأسس الحديثة والمتطورة لتأسيس مثل هذه الوحدات، أي قائمة على تحديد منطلقات وأهداف ووسائل، تستمد قوتها من خدمة الناس، وتراعي قيم الديمقراطية في علاقتها ببعض وفي علاقتها بالأخر، فإن مثل هذه الحالة تنمي الوجود الشيعي فكرياً وسياسياً واجتماعيا، وتفعل علاقته بالوسط العام الذي يعيش في كنفه وفي مناخه، وتعطيه قوة كبيرة على صعيد ثقته بنفسه، وعلى صعيد كونه رقماً فاعلاً في تصميم مسيرة الحياة المدنية بكل أبعادها السياسية والحقوقية والفكرية.
فكرة المجتمع المدني الشيعي تساهم في حل الكثير من مشاكل المسلم الشيعي، الاقتصادية منها والسياسية والحقوقية.
أن جمعيات ذات هوية اقتصادية وهوية تربوية وهوية حقوقية وهوية فنية وهوية رياضية وهوية علمية وهوية فكرية ــ وذلك على نحو الغلبة بطبيعة الحال لان لا توجد هوية خالصة ــ سوف تحدث انقلابا جذريا في بنية الوسط الشيعي، خاصة إذا خضعت أو بالأحرى استنت بسنن الديمقراطية. وخاصة إذا دخلت في ملحمة التنافس الشريف.
نفضل أن تكون هذه الجمعيات صغيرة الحجم، متواضعة الأهداف، واضحة الأساليب، علنية العمل، ديمقراطية التداول…
إن هذه النقطة من شأنها تدريب المسلم الشيعي على فكرة المؤسسة، على فكرة الانتخاب، على فكرة التداول على صعيد المسؤولية، بل تنمي فيه الروح النشطة المتفائلة، تنتقل به من السلبية إلى الايجابية، من الخوف إلى الأمن، من العزلة إلى الألفة، من الجدب الفكري إلى الخصب الفكري.
مركز التخطيط الشيعي يدعو أصحاب الاختصاص وأصحاب الفكر الديمقراطي من الشيعة لوضع خطاطة مفصلة عملية لمثل هذا المشروع الحساس المهم. حاجة تعادل الخبز والماء والهواء، لم تعد الجريدة الشيعية ترفا، هذه حقيقة شاخصة لا تحتاج إلى برهان ونقاش وسجال.
جريدة تتناول الشأن الشيعي العام بصرف النظر عن أمور جانبية تتعلق بشخص أو عالم أو أسرة أو دولة أو حزب أو جمعية… وفي المقدمة الشأن الحقوقي.
جريدة تثقف الشيعة على فكرة الكيانية الشيعية ضمن الوطن والشعب، في سياق الانتماء للإنسانية، في سياق العمل من أجل الحق، من أجل العدل.
جريدة تقدم تحليلات سياسية عامة…
جريدة تعالج المشاكل الشيعية / الشيعية بموضوعية وفن وحكمة… ولأن هذه النقطة حساسة جدا، سوف نفرد لها دراسة خاصة بها.
التنظيم الأكاديمي الشيعي
نحتاج إلى منظومة مرنة، عملية، تضم اكبر قدر من الأكاديميين الشيعة، منظومة حرة، تتولى هذه المنظومة إدارة الأزمات الشيعية الداخلية، وتقدم الدراسات الرقمية التي تهدف إلى صيانة الجسم الشيعي، إلى إنقاذه من التشرذم والتصدع، وتعزيز العلاقات بالأخر من موقع القوة والعلم والثقة بالكيان والتاريخ والذات، ودراسة حاجات الكيان، وتقديم النصائح والدراسات في سياق خلق جيل شيعي أكاديمي مسئول.
مركز التخطيط الشيعي يهيب بأهل الاختصاص من السائرين على طريق أهل البيت بتقديم ما عندهم من فكر، وبما تجود فيه قريحتهم العلمية والتجريبية لإغناء وإثراء هذا المشروع بمباركة الجهات الروحية الطيبة.
توسيع القاعدة التجارية الشيعية
نعني بذلك التكثير العددي لتجار الشيعة، وتفعيل العلاقة التجارية فيما بينهم، وتفعيل العلاقة بينهم وبين الآخرين، خاصة وأن للتجار دورا كبيرا من الآن، لان معايير السوق الاقتصادية الحرة هي التي سوف تسود.
أن من أسباب قوة الطوائف هي اتساع القاعدة التجارية في صفوفها، ينشطون الطائفة، ويرممون الكثير من نقاط الضعف في الجسم، ويكونون عونا مهما في المواقف الحرجة.
مركز التخطيط الشيعي يسعى لوضع أفكار وتصورات مهمة على هذا الطريق اللاحب، ويستعين لذلك بالتجار وذوي المال، وأصحاب التجربة في المال.
الكتاب الشيعي
ينبغي تحديث الكتاب الشيعي، على مستوى الإخراج، على مستوى النص، على مستوى التوزيع، على مستوى الموضوع.
نريد كتاباً شيعياً يجمع بين الإيجاز والعمق، يجمع بين أصالة الفكرة وحداثة الأسلوب، كتاب جميل مشوق محفز، مضمون قوي دقيق، سهل اللغة، سريع العطاء، يعالج القضايا الملحة، بعيد عن التعقيد، خالي من الإثارة الغريزية، يحفز الطاقات، يشيع الأمل، يهذب الطباع، يثير السؤال، يركز النقد…
مركز التخطيط الشيعي يدعو المفكرين الشيعة للإسهام بهذا المشروع العظيم، الذي نتجاوز فيه الثرثرة والسذاجة، نتجاوز فيه العجز والاتكال، نتجاوز فيه المحلية التقاليد البالية، والقوانين التقليدية التي تقاوم التجديد والخلق والإبداع.
المرأة الشيعية
عاشت المرآة الشيعية بشكل في سياق من الحالة العامة للشيعة، أي الظلم، والطغيان، والقهر، والتشكيك، والاستلاب، بل كان المرآة الشيعية أكثر نصيبا من هذه المفارقات الإنسانية المحزنة، ولابد من الخروج من هذه الحالة المزرية، رغم أنها خطت خطوات رائعة في هذا المجال، كما في إيران ولبنان والبحرين.
إن النهوض بالمرأة الشيعية يبدأ من تحرير العقل، وتحرير المجتمع من العقد والتقاليد البالية التي لا تنسجم مع روح الدين الإسلامي، ولا مع تجارب هذا الدين عبر مئات السنين.
تحرر المرأة إنما يتم على يد المرأة نفسها، بفكرها، وشجاعتها، ومراسها القوي الناجح، ولابد من إسهام العلماء والمفكرين والأدباء والشعراء من المسلمين الشيعة في هذا المضار الطيب.
مركز التخطيط الشيعي يتولى تنظيم المؤتمرات واللقاءات بهذا الاتجاه الكريم، نريد إمرأة مسلمة شيعية تساهم في تطوير الحياة، وتهذيب السيرة، ودفع عملية التنمية بالاتجاه الصحيح، وتبني جيلا نشطاً، ايجابياً.