العلاقة والارتباط من وجهة نظر كوربان([1])
د. شهرام بازوكي(*)
تمهيد ــــــ
بالنسبة لمنشأ مذهب التشيُّع والتصوّف فقد بزغ فجرهما في إيران، وهما من صنع وإتقان الإيرانيّين. وهذا القول هو أحد الأقوال الرائجة في أوساط المستشرقين في الداخل والخارج على حدٍّ سواء. وهذا يعني أن الإيرانيين إنما لجأوا إلى ابتكار هاتين الطريقتين اللتين هما من بنات أفكارهم؛ من أجل الوقوف في وجه الإسلام الأموي والعباسي الحاكمين؛ في سبيل الحفاظ على القومية الإيرانية. ويترتَّب على هذا القول أن التشيُّع والتصوُّف لا يمتّان إلى الإسلام بصلةٍ. كما أن الملفت للنظر هو أن الأدلّة التي أوردتها هذه المجموعة من المستشرقين في مقام سلب الطابع الإسلامي عن التصوُّف هي نفس الأدلة التي ذكروها في مقام سلب الأصالة الإسلامية عن مذهب التشيُّع.
ويظهر بشكلٍ جليّ وواضح لدى كلّ مَنْ تتبَّع آثار هنري كوربان، وبالخصوص في الجزء الرابع من كتابه المهم En Isalam iranien (الإسلام في إيران)، أنه اعتمد على منهج قد أخذه من الظاهراتية والهرمنوطيقية، خلافاً للغالبية العظمى من المستشرقين الإسلاميين والإيرانيين. أوّلاً: إن التصوف والتشيع جزء من الإسلام، بل يعتبران جوهر الإسلام وحقيقته الباطنية، بل إنهم مطلعون على أحواله الباطنية وحقيقته المعنوية.
ثانياً: يعتقد بوجود عالم معنوي وحكمة لدى الإيرانيين كان موجوداً منذ العصور القديمة، وقد استمرّ إلى الفترة الإسلامية. ولذلك نجد أن الإسلام عندما دخل إلى بلاد فارس لم يدخل كضيفٍ في بلاد غريبة تملؤها العجائب والغرائب، بل دخل إليها كما يرد صاحب الدار إلى داره. دخل تلك الدار وكأنّه قد عرفها وأنس بها من قبل. فمن هذه الجهة العالم الإيراني المعنوي استعاد مع ظهور الدين الإسلامي الحياة مرة أخرى، واكتسب روحاً جديدة. وتلك الجذوة التي كانت متوقّدة ستبقى مشتعلة، ولن تموت وتخمد، وتشتعل من جديد في قلب كلّ شخص، وتصدح على كل لسان، أمثال: حافظ:
سيبقى الإسلام في ديارنا عزيزاً، وتشتدّ شعلته التي كانت من قبلُ في قلوبنا
وعلى ضوء هذه المقدّمات فإن العرب من وجهة نظر كوربان لم يفتحوا بلاد فارس، بل كانت قلوب الإيرانيين مستعدّة لتلقّي وقبول الإسلام الحقيقي الأصيل، ومبادئه السامية.
ومن وجهة نظري يرى كوربان أنه يجب البدء والشروع من التشيُّع أوّلاً، ويغلب عادة على تلك المعلومات العلمية التي اكتسبت في القرنين الأخيرين عن الإسلام عن طريق المستشرقين أنها كانت تتمحور كلّها حول المذاهب السنية، ولذلك فإنهم يرَوْن حكماً بأن الشيعة فرقةٌ منحرفة عن الإسلام، أو كما هو المشهور لديهم بأنهم يعتبروننا رافضة([2]).
يعتبر بعض علماء أهل السنة ومجموعة كبيرة من المستشرقين أن التشيُّع حركة سياسية مناهضة للخلفاء([3])، وخاصّة من جانب الإيرانيين، وقد اتَّخذت شكل التيارات الشعوبية في نفس القرن الأول للإسلام، أو ـ كما قيل ـ في القرون التي تلي تلك الحقبة الزمنية، كما هو الحال ـ من باب المثال ـ في عهد حكّام آل بويه المناهضين للحكم العباسي في القرن الرابع الهجري، أو في عهد حكم الصفوية أيضاً المناهضين لخلفاء العثمانيين، وقد كان التشيُّع حربة سياسية في وجه تطلعاتهم في العالم الإسلامي([4]). كما أن مجموعة أخرى منهم أيضاً أدرجت التشيُّع في عداد المذاهب الفقهية السنّية الأربعة، وجعلوا المذهب الشيعي الكلامي في عداد المعتزلة والأشاعرة. ومن الواضح أنهم كانوا يرونهم أقرب إلى المعتزلة. إن جميع هذه التفسيرات لمصطلح وظاهرة التشيُّع ليست إلاّ عبارة عن تصوّرات وأحكام مسبقة([5])، فمن أوّلها إلى آخرها بعيدة عن الواقع ومجانبة للحقيقة (urphenomen)، كما أنها تتمحور حول بعض الأمور الفرعية (reduction). ولكنْ من وجهة نظر كوربان يجب أن نبحث المسألة ونتناولها بطريقةٍ علمية وموضوعية، وذلك بأن نبدأ بالأفكار الأولية والأساسية للشيعة([6]). صحيحٌ أنه يغلب على علماء الشيعة الاهتمام بالجانب الفقهي والكلامي، وخاصّة بعد الشيخ المفيد والشيخ الطوسي، ولكنّ الواقع أن التشيُّّع هو أصل وجوهر الإسلام الباطني والمعنوي، ونعني بذلك الولاية([7]).
ويمكن الجزم والبتّ أن أحداً من المستشرقين الغربيين لم يتعمّق في موضوع الولاية ويفهمها بالمقدار الذي نجده عند كوربان، وذلك من خلال إظهاره لمدى ارتباطها الأساسي بالتصوُّف والتشيُّع([8]). فطريقة الخوض والولوج في التصوف والتشيع وتنقيحهما لا يكون إلاّ عبر هذه النقطة الحسّاسة المهمة نفسها، التي لم تقع عادةً عينُ أحدٍ من المستشرقين عليها.
فمن وجهة نظر كوربان إن هذه الكلمة بما لها من معانٍ متعدِّدة وواسعة لا يمكن ترجمتها إلى اللغات الأوروبية([9]). فكوربان يرى أن هناك فرقاً بين الولاية بمعنى الحكومة والولاية بمعناها الأصيل والعرفاني([10]). فالولاية بمعناها الأصلي عبارة عن باطن الرسالة. صحيحٌ أنه قد انتهى عهد النبوّة برسالة النبي الأكرم|، ولكنْ «بالنسبة إلى التشيع فقد بدأ بانتهاء النبوّة عهدٌ جديد، ألا وهو عهد الولاية أو الإمامة»([11]). فالنسبة بين الولاية والرسالة هي النسبة بين الظاهر والباطن([12]). فإذا حصرنا الإسلام بالظاهر والشريعة فإن النبوّة قد انتهى أمدها مع ارتحال النبيّ الأكرم| إلى الملكوت الأعلى، ولكنْ إذا قلنا بالولاية فالشيعة يرَوْن الحقيقة الولوية أو الولائية مستمرّة وجارية في ذوات الأئمّة والأولياء المعصومين^. وبناء على هذا الاعتقاد فإن الولاية حيّةٌ دائماً وبشكلٍ مستمرّ، ولا ينحصر الإسلام في الحقبة التاريخية الممتدة على طول 1400 سنة. وبالتالي ـ كما يقول كوربان فإنّ «الشيعة خاصة يرَوْن أن شخص عليّ بن أبي طالب× وأوصيائه هو بعنوان فاتح الولاية والإمامة، كاستمرار لدور النبوّة»([13]) .
لقد عبر كوربان من الجوهر الحقيقي للولاية إلى التصوُّف؛ لأن جوهر التصوف هو الولاية والاعتقاد بباطن الدين أيضاً، ولذلك يقول: «إن التشيع والتصوف تجاوزا التفسير الفقهي الصرف، بمعنى العمل بظاهر الشريعة، وقبول العمل بباطنها. ولكنّ هذين الاصطلاحين وإنْ كانا تعبيرين متعدِّدين ومختلفين، وهناك تفاوتٌ بينهما بلحاظ المعنى، ولكنّهما يرجعان إلى أمرٍ واحد، وإنْ شئتَ قلتَ: إنهما في الواقع وجهان لعملةٍ واحدة»([14]). ولكن قد تمّت الغفلة عن هذا الاتحاد. ولذا يقول: «من اللائق أن يتخذ البحث في العلاقات والروابط بين التصوف والتشيع شكل البحث التحقيقي»([15]).
فمن وجهة نظر كوربان إن واحداً من الأدلة الأساسية التي تحكي عن ماهية الشيعة وهويتهم هو التصوُّف، فهو كالشجرة التي ترجع الصوفية في كثير من طرقها إلى واحدٍ من الأئمة^، وكان أغلب مشايخ الطبقة الأولى من الصوفية مريداً لأحد من الأئمة^، ومأذوناً من قبله. ويذكر من باب المثال العطّار، الذي يشرع ـ رغم كونه من أهل السنة، كما هو المشهور عنه ـ، في مقدّمة كتابه المسمّى بـ (تذكرة الأولياء)، باسم الإمام السادس من أئمّة الإمامية([16]).
فالنسبة إلى شجرة النسب التي تنتمي إليها طرق الصوفية، وينتسب إليها كبار المشايخ، أمثال: معروف الكرخي، لدى الإمام الرضا×، أو يزيد البسطامي، المعروف لدى الإمام الصادق×. فكثير من متصوِّفي المحقِّقين الغربيين والإيرانيين يشكِّكون في هذا الانتساب، ويخدشون فيه، ويقولون بأنه أوّل ما وجد في القرن السادس([17]).
وقد قال كوربان: عندها التفت إلى أن الملاكات والأدلّة التي استندوا إليها في مقام الحكم على جذور التصوف، والتشكيك في انتسابهم إلى الأئمة^، هو اقتصارهم على مجرَّد النظرة القاصرة غير الوافية إلى التاريخ. فالذين شكَّكوا في الأصالة التاريخية لهذه الشجرة لم يلتفتوا إلى أنّه يكفي ولو مجرَّد نظرة موضوعية مستوفية إلى التاريخ لإثبات صحة انتسابهم إلى الأئمة^، وخصوصاً أنهم يقرّون بانتسابهم إلى أئمّة الشيعة^([18]).
وهناك شاهدٌ آخر من الشواهد الأخرى القائمة على اتّحاد التصوف والتشيع، من وجهة نظر كوربان، وهو الرجوع إلى معرفة العالَم ومعرفة المعاد عند الصوفية([19])، بحيث إننا نجد تشابهاً تامّاً بين الرؤية الكونية ومعرفة المعاد عند الصوفية مع الروايات الباطنية التي وصلتنا عن الأئمة^. يقول كوربان: «لعله لا يوجد ولو بحث باطني واحد لم يتحدّث عنه أئمة الشيعة^، ويشيروا إليه في محاوراتهم ومواعظهم وخطبهم، ولم يتطرقوا لبحثه ومعالجته»([20]).
ويتابع في استعراض الأمثلة على ذلك، فيقول: «فمن هذا المنطلق يمكننا أن نقرأ كثيراً من الصفحات في مؤلّفات ابن عربي كما لو كنا نقرأها في كتاب تمت كتابته من قبل مؤلّف شيعي([21]). ويذكر كوربان مثالاً آخر، وهو الشيخ علاء الدولة السمناني، الذي يعلم الباحثون الغربيون حول الإسلام بأنه كان ينتمي إلى المذهب السنّي، ولكن معتقداته حول الأبدال تتشابه بشكلٍ كامل مع تصوُّر الإمام الثاني عشر لدى الإمامية الشيعة. فسؤال كوربان حول هذا المورد للعلاّمة الطباطبائي هو كما يلي: «إذن إلى أيّ حدٍّ يمكن اعتبار علاء الدولة السمناني من أهل السنّة»([22])؟ وهل يمكن تصوّر الطبقات المعنوية والباطنية من دون أن يتمّ فهم ومعرفة التشيُّع؟
أما الأدلة الأساسية التي كانت سبباً وباعثاً لتوهُّم فصل التصوّف عن الشيعة فهي متعدِّدة. ونذكر واحداً منها على سبيل المثال: إنّ التشيُّع بدأ وبشكل تدريجي يبتعد عن مبدأ الولاية، وينفصل عنها([23])، ويغلب عليه طابع الجانب الظاهري الفقهي والكلامي([24])، ممّا تسبَّب في رفض وذم علماء الشيعة. فمن وجهة نظر كوربان يمكن رؤية الإسلام باعتباره ظاهرة عرفية (laicisasation) أو اجتماعية (socialization)، وكيف تحوّل الإسلام إلى دينٍ محدّد([25]). وقال حول التصوُّف أيضاً: «إنه بالإمكان رؤية ومشاهدة الغياب المؤقَّت للتصوف الشيعي من خلال بعض التأثيرات الواضحة في الحقبة التي اقترنت مع ظهور قدرة السلاجقة في بغداد في أوائل القرن الرابع القمري، الموافق للقرن التاسع الميلادي، والتي تظهر أن الشيعة كانوا مجبورين على اعتماد التقيّة، التي جوَّز لهم أئمتهم^ العمل بها»([26]).
ولكنْ مع سقوط الخلافة العباسية، وظهور مشايخ وأتباع نجم الدين، أمثال: سعد الدين الحموي، وعزيز الدين النسفي، وعلاء الدولة السمناني، والكبار من أمثال: شاه نعمة الله وليّ، بدأت الحياة تدبّ في التصوُّف من جديد، وتستعيد عافيتها وبشكلٍ تدريجي ابتداءً من القرن السابع، وصارت الولاية مسألة محورية، وشرع اتحاد التصوف والتشيع يظهر إلى العلن إلى حدٍّ تمكن معه العالم الشيعي والصوفي السيد حيدر آملي في القرن الثامن الهجري من التصريح بذلك في مؤلَّفاته، كما في (جامع الأسرار). وهذا السبب نفسه دعا الطرفين، أي الشيعة والمتصوِّفة، إلى الرجوع والعودة إلى أصلهم القائم على الإيمان بالولاية([27]). وأحد الأسباب الأساسية التي تربط كوربان بالسيد حيدر آملي، وتدعوه إلى إحياء تراثه، هو أيضاً نفس التفات السيد حيدر آملي إلى مسألة اتّحاد التصوُّف بالشيعة.
فمن وجهة نظر كوربان إن هذه الحقبة الثالثة من أصل الحقب الأربعة من تاريخ الشيعة التي تجدَّدت معها، واستمرّت فيها، حياة الصفوية في إيران في عهد الصفويين. وهذه الحقبة كانت غنيّة إلى حدٍّ كبير. وقد واجهت الصوفية في هذه الحقبة مشكلة خطيرة، وذلك عندما سرَتْ السياسة إلى أهل التصوُّف، بحيث لا حسيب ولا رقيب([28])، فلذلك انبرى الملاّ صدرا، الذي كان واحداً من المتصوِّفة، فألَّف أيضاً كتاباً في ذمّ مجموعة من الصوفية([29]).
استمر رفض وذمّ التصوّف منذ أواخر عهد الزنديين إلى بدايات وأوائل عهد القاجاريين، إلى أن أعاد رجلان من كبار مشايخ الصوفية الحياة إليها من جديد في إيران([30])، وهما: نعمة الله، الملقب بمعصوم علي شاه؛ ونور علي شاه الإصفهاني، المتولد في عام (1170هـ ـ 1756م)([31]). واستمرّ إحياء الصوفية شيئاً فشيئاً، وبهذا النحو، إلى يومنا الحاضر.
إنّ كل ما تقدَّم إلى الآن كان عبارة عمّا نقله كوربان من العلاقة والارتباط العضوي بين التصوُّف والتشيُّع، والخطّ البياني الذي يبيِّن سير قوتهما وضعفهما بحسب الظروف المتغيِّرة من حينٍ إلى آخر. وقد كان لكوربان في حياته ارتباطاً وتواصلاً مع معظم كبار المتصوِّفة في إيران، وعلاوة على ذلك فقد قرأ جميع مؤلَّفاتهم.
ومضافاً إلى أنه كان من المختصّين بالدراسة والبحث حول الإسلام كان أيضاً من المختصّين بالدارسة والبحث حول إيران. فهو، مقارنةً مع أترابه المختصّين بالدراسة حول إيران، يعتبر في عداد العلماء المرموقين والمتميِّزين. وكانت تهتم هذه الدراسات في المحافل الأكاديمية الغربية غالباً بمجال الدراسات المتعلّقة باللغة وعلم الآثار، كمنفذ ووسيلة للاطلاع على تاريخ الصوفية، والمراحل التي مرَّت بها، والظروف والملابسات المحيطة بها. فهذا النوع من الاطّلاع والاستكشاف يستند إلى المنهجية التاريخية، وغالباً ما يغفل عن معرفة نوعيّة تفكير الأقوام السابقة، وتبقى مجهولة لدينا إلى أن يأتي مَنْ يتصدّى لدراستها والتحقيق حولها، فلا بُدَّ أن ننظر فيها؛ لتكتمل الصورة، ويتّضح المشهد، أمامنا بشكلٍ جليّ([32]).
فنظرة كوربان إلى إيران لم تكن نظرةً تاريخية (historicism) عابرة على الإطلاق، وإنما كانت متفاوتة مع نظرة المختصين بالدراسة حول إيران؛ لأن السبب الرئيس وراء ذلك يعود إلى أن السهروردي كان المرشد الروحي لكوربان في تحقيقاته الروحية في الشرق، التي أوصلته إلى إيران. فقد التفت إلى أنه عالمٌ إيراني يتمتع بشخصيّة مستقلّة. فهو على العكس من المختصّين بالدراسة حول إيران الذين اعتمدوا في دراستهم على المنهج التاريخي فقط، فحصروا نظرهم على الرؤية التاريخيّة، ولذلك لم يتمكَّنوا من إيجاد رابطة وعلاقة بين الإيرانيين الذين عاشوا قبل الإسلام والإيرانيين الذين اعتنقوا الإسلام فيما بعد، فتوصَّل إلى نتيجة مفادها أن الإسلام عندما دخل إلى قلوب الإيرانيين، وآمنوا به، وجد لنفسه مكاناً في عالمهم الباطني والروحي، فلذلك لم يجِدْ عالماً غريباً عنه، بل اكتسب رونقاً جديداً قد أُضفي عليه. صحيحٌ أنه لا يوجد أيّ فرقٍ على الإطلاق بين سلمان الفارسي وبلال الحبشي وصهيب الرومي، من حيث الإيمان والتفاعل القلبي، رغم الاختلاف بينهم بلحاظ اللغة والقومية. ولكنْ من وجهة نظر كوربان لا يوجد قومٌ من الأقوام التي اعتنقت الإسلام مؤخَّراً مثل الإيرانيين، من حيث ارتباطهم الروحي به، ولم يصلوا إلى الدرجة التي وصلوا إليها من القرب الإلهي والمعنوي، ولا إلى الترابط الروحي الذي أشار إليه النبيّ| بقوله: «سلمان منّا أهل البيت»، ولا إلى حريمه والقرب منه.
والحقيقة أن الإسلام في أبعاده الروحية يعني اندماج التصوُّف والتشيّع مع العالم الإيراني الروحي والحكمة الروحية لحكماء بلاد فارس القدماء([33])، وأعطى هذا العالم ومنحه حياةً وروحاً جديدة. ولذا ظهر هذا الاقتران في إيران أكثر ممّا ظهر في سائر الأمم والأقوام الأخرى. ولكنّ كوربان قام برفع الشبهة التي وقع فيها بعض المستشرقين، فيقول: إن هذا الرأي لم يكن اعتباطيّاً وبلا منشأ، «هذه الحكمة هي من إبداع الإيرانيين، ونتاجٌ لعقولهم، وتنمّ عن نوعٍ وطور من أطوار تفكيرهم. لقد كان هذا الرأي أقرب إلى الخيال منه إلى الحقيقة، وتبسيطاً للأمور، فلا بُدَّ من معرفة هذه النظرة والتأكيد عليها. إنها نظرةٌ متميِّزة لدى الباحثين في علمَيْ النفس والاجتماع. ولابُدَّ لعلماء الآداب والاجتماع في وقتنا الحاضر من الاطّلاع على هذه النظرة الصحيحة، والالتفات إليها، وتبيينها، والإفصاح عنها، وقبولها. نظرتنا هي في حقيقتها نظرة غيبيّة… هناك مسائل يجب على بعض الجماعات أو الأفراد كشف اللثام ورفعه عنها، لا ابتكارها وإيجادها، وإنّما إزاحة الستار عنها. وعلى مدى القرون المتعاقبة كان يوجد بين الشعب الإيراني ثلّةٌ من أولياء الله، يتمتَّعون بالموهبة والاستعداد الحقيقي للاطّلاع على عالم الغيب والحقائق الغيبية ومشاهدتهما، ولكنْ لا يمكن أن نفصل ونفكِّك بين ظهور التشيُّع ونشأته وبين هذه الحماسة والوعي الذي كان يوجد لدى الإيرانيين، ولا يمكن اختزال النبوغ الإيراني بهذه الحماسة، بل هو تعوّد هؤلاء القوم الأوفياء والملتزمين بمسؤوليتهم ودورهم، بل كان لسان حالهم هو الشعور بالمسؤولية والدور الملقى على عاتقهم»([34]).
والحقيقة أن الإيرانيين استطاعوا أن يصنعوا من الاستعداد الروحي الثابت لديهم، والذي لا يتزلزل، نمط التفكير الشيعي([35]). يقول كوربان: «إن الآدميين عندما يتعلَّق وجودهم بشيءٍ ويرتبط به، يعبِّرون عن ذلك في أكثر الأحيان بأنه سحرهم، وسيطر على عقولهم وحواسهم، حتّى يقولون بأنه تملَّكهم. والأصحّ أن يقال: إن هذه الحقيقة المعنوية تملَّكتنا، وتجعلنا نتفانى فيها، حتّى نعتقد بأننا نحن أفنينا أنفسنا فيها. فإذا نظرنا إلى حقيقة العرفان من داخله حينئذٍ نستطيع أن نفهم حقيقة الرابط والميثاق بين التشيُّع والإيرانيين. إنه ميثاق متين، ولا بديل له. نستطيع حينئذٍ في هذه الصورة أن ندرك ما قدَّمه الحكماء وأهل المعرفة من الإيرانيين، وما وقفوا أنفسهم على تحقيقه، وربطوا قلوبهم به. إنهم ربَّوْا أنفسهم وهذبوها بالنحو الذي يقتضيه الإسلام قبل وصول رسالته إليهم، وكان لهم ارتباط به قبل أن يدخل بلادهم([36]).
فلذلك نرى السهروردي، وهو المرشد الروحي لكوربان أيضاً، عندما يتحدث عن الحكمة الخالدة، أي حكمة الإشراق المشرقية، يقول: إن حَمَلة هذه الحكمة في إيران هم حكماء الفرس، أمثال زردشت، وجاما سف، وبزرجمهر. ولكنْ لا نجد هذه الحكمة في العالم الإسلامي، ولا في فلسفة الفلاسفة، أمثال: الفارابي وابن سينا، بل نجدها قد أحييت من جديد واستعادت حيويتها في التصوُّف الإسلامي([37]). وهنالك آخرون أيضاً من ورثتهم، وحَمَلة علومهم، من قبيل: أبي يزيد البسطامي، وأبي الحسن الخرقاني، وسهل التستري([38]).
وكما رأينا فإن حقيقة التشيع والتصوف من وجهة نظر كوربان حقيقة واحدة. وبناء على هذه المقدمات والملاحظات السابقة يظهر أن الشعب الإيراني قد تلقى كلَيْهما بالقبول أكثر من سائر المجموعات العرقية الأخرى. وعندما يتحدَّث كوربان عن الحكمة الإيرانية (philosophie iranienne) الخالدة يريد هذه اللطيفة والنكتة الروحية والمعنوية التي اقتضَتْ استمرار الحكمة الخالدة في إيران، فقسمٌ منها في التصوف والتشيع الذي يتجلَّى بشكلٍ واضح في جميع شؤون حياة الإيرانيين ـ ابتداءً من الروابط الاجتماعية وانتهاءً إلى الفنون ـ إلى الحدّ الذي جعلت معه الفلسفة اليونانية التي وصلَتْ إلى هذا العالم تتبدَّل إلى حكمةٍ نبوية (philosophie propropre) بالنحو المشاهد بوجهٍ جليّ في ابن سينا، على حدِّ تعبير كوربان. طبعاً لم يكن ابن سينا معروفاً كفيلسوف مشّائي محض، وأهل استدلال في الفلسفة المدرسية في القرون الوسطى، بل يعتبر ابن سينا المتأخِّر زماناً كمؤلّف لرسائل عرفانية رمزية، لم تكن معروفة لدى الغرب بعد([39]).
فمن وجهة نظر كوربان ليست الحكمة الإيرانية حكمةً مربوطة بالماضي، بل هي استمرارٌ للحكمة الماضية الحيّة والمستمرّة، والتي يمكن أن تكون مصدراً ومنشأً للأثر الذي قد يترتَّب عليها. فهو يقول: «إيران والعرفان ليسا كميزانٍ يجب أن يعتمد عليه في تنظيم العصور السابقة فقط. إنه رابطٌ حيّ يظهر في تصرُّفات الإيرانيين وفي خزانة قلوبهم ومكنوناتها، حتّى صاروا كمحافظين وحرّاس عليه من قرنٍ إلى قرن، ومن جيلٍ إلى جيل، ومن سلفٍ إلى خلف. فلذلك ترى له مدلولاً من حيث دلالته التاريخية، حيث يظهر أنّ له أهمية وحضوراً في العصور السابقة. وهناك وعدٌ بالتجديد في يومنا الحاضر، ولذلك فلا مجال لطروّ النقص عليه»([40]).
لم يكن توجّه كوربان والتفاته إلى هذه الحكمة عن طريق التحقيقات الفلسفية، والتتبُّعات التاريخية المعهودة عند الاستشراقيين، بل له مقالةٌ حول ذلك، يظهر فيها اهتمامه بها([41])، يقول فيها متسائلاً: «كيف تغيب الحكمة الإيرانية عن أفق الفلسفة السائدة في العالم؟ أو الأفضل أن نقول: كيف تغيب الرسالة المعنوية للحكمة الإيرانية، التي كان يجب أن تكون واحدة من تلك الفلسفات، وأن يصل صداها إلى مسمع كلّ إنسان؛ ليظهر بذلك حجم الخسارة التي تلحق بالعالم كلّه؟»([42]).
وكان كوربان يتحدَّث مراراً وتكراراً عن الأزمة التي يعيشها العالم، وسيطرة الفراغ والضياع المدمِّر التي ابتلي بها الغرب، مما يكشف عن غياب (disorientation) الشرق (orien)، وخسرانه، وعدم الاستفادة من نبوغه الفكري([43]). طبعاً لم يقصد من الغرب المكان الجغرافي؛ فإنه قد قُدِّر للشرق والغرب من وجهة نظر كوربان الرضوخ تحت سيطرة الفلسفة الغربية، بل المقصود من الغرب المعنى الذي يذكره السهروردي، وهو غروب الحقيقة([44]).
ومن هذه الجهة لو سألنا متفكِّراً ما، ولم نسأل محقِّقاً: «هل نجد مستشرقي هذا اليوم بالمعنى الذي يريده السهروردي، هؤلاء ليس لديهم أدنى ارتباط وتعلُّق بشرق هذا العالم وغربه»([45])، فيجيب هو بنفسه، وبلا ترديد: «لا شكَّ أن مستشرقي اليوم إلى الآن هم فئةٌ قليلة يتواجدون في الشرق والغرب، ولا يمتاز أحدهم عن الآخر بشيء»([46]). فمن وجهة نظر كوربان قامت هذه المجموعة المشرقية بإحياء السنّة. وهو يقول: «إن السنّة انتقلت إلينا دون أن يطرأ عليها أيّ تجديد. ولو قارنّا تجديد حياة السنّة المشرقية في العالم الشرقي نجد أنها اكتشفت بجهود علماء الشرق والغرب خاصّة. فاصطلاح «المشرقيين» يُراد به الحكمة أو الفلسفة، والمشرقيّون يعرفون ذلك، فلا حاجة إلى ذكره»([47]). ولهذا فلنتقلَّد الشعار المعروف الذي رفعه ماركس: «يا عمّال العالم، اتَّحدوا»، وخطابه الخاص بالمشرقيّين في العالم: «يا أيّها المشرقيّون، اتَّحدوا»([48]).
فالمشرقيون بنظره هم عارفون، وعلاوة ًعلى ذلك فإنّ توجّههم كان متعلِّقاً فقط بشرق هذا العالم وغربه. أولئك حفنة من المجهولين الذين لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد([49]). يريد كوربان في الحقيقة أن يعرِّف للعالم الحكمة المشرقية الإيرانية. ويضيف: إن المستقبل في أيدي هذه المجموعة، ويعتمد على جهودهم. وكان يقول أيضاً، في مقام التعبير عن شغفه بالفلسفة الإيرانية، وتعلُّقه بها: نحن إيرانيون، ونحن شيعة([50]). ولكنْ بحسب الظاهر لم يكن إيرانياً، ولا شيعياً. وإنّما ينقل كوربان كلّ ما عرفه من الحكمة الشرقية الإيرانية؛ ليبقى محفوظاً في ذاكرة الأجيال القادمة([51]). وهو يعتقد أن ذلك تكليفٌ على عاتقه، وأن هذه رسالة لا بُدَّ من إيصالها إلى مسامع الآخرين؛ لتبقى حيّةً وحاضرة في خضمّ المسائل المطروحة في كلّ زمان([52]).
الهوامش
(*) أستاذٌ جامعيّ بارز، وعضو الهيئة العلميّة لمركز دراسات العلوم الإنسانية. متخصِّصٌ في الفلسفة والعرفان. له مجموعة أعمال علميّة، كان منها: ترجمته لكتابين من كتب آتين جلسون و….
([1]) أقيم المهرجان الكبير بمناسبة الذكرى المئوية لولادة هنري كوربان، الفيلسوف الفرنسي الشهير، والمتخصِّص بالدراسة حول الإسلام وإيران، في مؤسسة الحكمة والفلسفة الإيرانية، في شهر آذر من العام 1383هـ.ش. وبهذه المناسبة ألقيت هذه المقالة، وتبنّى تحريرها القيِّمون على المهرجان.
([2]) فكوربان في أغلب مؤلفاته حول الشيعة، كما في المجلد الأول من كتابه (في الإسلام الإيراني)، أو في محاوراته ومكاتباته مع العلاّمة الطباطبائي، كان يتحدَّث حول مظلومية التشيع في العالم الاستشراقي (الشيعة، مذاكرات ومكاتبات البروفسور هانري كوربان مع العلامة الطباطبائي، تهران، 1382: 10). ويدافع هو بنفسه عن ذلك. فيقول مثلاً: «أعتقد، خلافاً لعقيدة جميع المستشرقين الماضين، بما يلي: إن مذهب التشيّع هو مذهب حقيقي وأصيل، وله جذور ثابتة وعريقة، ويتمتع بمشخصات وسمات المذهب الحقيقي. وأما الصورة التي قدمها المستشرقون المتقدِّمون عن التشيُّع إلى العالم الغربي فلا أساس لها من الصحة، وتنمّ عن جهلٍ وعدم معرفة وإحاطة بالواقع».
([3]) يراجع حول ظهور مذهب التشيع وما يتعلَّق به من الآراء والتعليقات المختلفة التي ذكرت في هذا الصدد: الشيعة: 18 ـ 19.
([4]) هذا القول الذي تبنّاه بعض علماء أهل السنة في ذلك الوقت، وأظهر إلى العلن، كان بنفسه باعثاً ودافعاً لكبار علماء الشيعة أن يتصدّوا لإثبات هويّة مذهب التشيُّع وأصالته، كأمثال: القاضي نور الله التستري. ولذلك فإن التستري عرَّف الشيعة في كتابه مجالس المؤمنين الشيعة بالخصائص الأساسية والحقّة التي يتّصفون بها. هذا على عكس ما هو شائعٌ عنه، من أنه لم يبدع في التعريف بهم، والكشف عن تميّزهم. وبهذا يظهر أن الذين كتبوا حول مذهب التشيُّع ليس لديهم أدنى اطّلاع حولهم، ومعرفة بهم.
([5]) تناول كوربان في كتابه (الإسلام في إيران 1: 15 ـ 22)، في فصل تحت عنوان «الأفكار المسبقة حول التشيُّع» (ترجمة فارسية، السيدة مرسده همداني، عرفان إيران 11: 55 ـ 65)، الأفكار والتصوُّرات المسبقة والرائجة لدى المحقِّقين الغربيين التي ذكروها، نقداً وتحقيقاً.
([6]) ذكر كوربان مراراً وتكراراً أفكار الشيعة الأولية والأساسية في مسألة تطوُّر الشيعة. فلذلك من أراد معرفة تلك الأفكار عليه أن يراجع مسألة تقدُّم الشيعة في كتاب الشيعة: 58، 64. والملفت للنظر أن العلامة الطباطبائي قد تنبَّه إلى هذه النكتة الميتولوجية في محاوراته، وأكَّد على ضرورة الرجوع إلى أصل التشيع.
([7]) هانري كوربان، تاريخ الفلسفة الإسلامية: 42، ترجمه: جواد طباطبائي، انتشارات كوير، تهران، 1373هـ.ش.
([8]) بالمقدار الذي اطّلع عليه المؤلِّف فإنه يوجد كتابٌ واحد مستقلّ تحت عنوان: (الولاية). وقد ترجم إلى اللغات الأوروبية، وهو الكتاب الذي ألّفه راتكه (Radtke) وأكين (Kane، O) تحت عنوان: The concept of sainthood in Early Islamic Mysticism محقِّقو المتصوّفة، وهو عبارة عن ترجمة وتعليقة على رسالتين للحكيم الترمذي. فهذا الكتاب الذي يحمل عنوان مفهوم الولاية في عهد بداية العرفان الإسلامي (ترجمة: مجد الدين كيواني، طهران، 1379هـ.ش) قد ترجم إلى اللغة الفارسية. والمشكلة التي واجهت المستشرقين، وبالخصوص محقِّقي المتصوِّفة، حول مسألة الولاية هي أن هؤلاء لم يرجعوا إلى مؤلَّفات الشيعة وأحاديثهم المرويّة عن أئمّة الشيعة. أضِفْ إلى ذلك أنهم أخرجوا مذهب الشيعة عن الدين الإسلامي منذ البداية، فإنهم عجزوا عن إيجاد بحث الولاية في التصوُّف، فلذلك تلحظ بشكلٍ واضح الإبهام في هذا الكتاب.
([9]) تاريخ الفلسفة الإسلامية: 44.
([10]) وقد قال هو نفسه لأحد كبار العرفاء المعاصرين: إن رسالة ولاية الفقيه (تهران، انتشارات حقيقت، 1381هـ.ش)، للمرحوم الحاج ملاّ سلطان محمد كنبادي، هو من أهم الكتب الفارسية التي تناولت هذا الموضوع، فإنّ هذا التفاوت بين هذه المعاني قد اتَّضح له بشكلٍ جليّ وواضح.
([11]) تاريخ الفلسفة الإسلامية: 44.
([13]) تاريخ الفلسفة الإسلامية: 49.
([17]) يراجع حول هذه الشجرة مقالة الكاتب، بعنوان: «التصوف العلوي، مقالٌ في باب انتساب طبقات الصوفية إلى الإمام عليّ×»، عرفان، إيران، العدد 17، خريف سنة 1382.
([18]) تاريخ الفلسفة الإسلامية: 269. يقول العلامة الطباطبائي: إن إحدى الدلائل المهمة والأساسية لهؤلاء على أنّ هذه الطوائف قد استوحَتْ أفكارها واستلهمتها من علوم آل البيت^، باستثناء طائفةٍ واحدة منها، وهي الطائفة التي أخذت تعاليمها من الإمام الأوّل، وهو أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب×. فمن وجهة نظر العلامة الطباطبائي كان الانتساب إلى أهل البيت ومحبّتهم في تلك الحقبة الزمانية ذنباً لا يغتفر، ويعاقَب عليه من قبل السلطة الحاكمة، المتمثِّلة بالخلفاء وأتباعهم من الظَّلَمة. فما هي الفائدة والثمرة التي ترجوها هذه الطوائف وتصبو إليها من دعوى انتسابها إلى الأئمّة^؟ (الشيعة: 24).
([20]) تاريخ الفلسفة الإسلامية: 47.
([23]) تاريخ الفلسفة الإسلامية: 77.
([25]) تاريخ الفلسفة الإسلامية: 78.
([30]) بالنسبة إلى المرحوم نور علي شاه فقد أقدم ميشل دوميرا (miras Mihel de) المتولِّد في سنة 1973م، وهو أحد تلامذة كوربان، على تأليف كتابٍ باللغة الفرنسية، تحت عنوان: الطريقة المعنوية للعارف الإيراني نور علي شاه. وأما عنوانه بالفرنسية فهو كالتالي: dun maire du soufisme Nur Alishah La method spirituelle. وقد كتب كوربان نفسه تعريفاً حول المرحوم نور علي شاه في مقدّمة الكتاب. ومن أجل التعرُّف على هذا الكتاب، ولمزيدٍ من الاطلاع حوله، يراجع الكتاب الذي يحمل العنوان التالي: «الطريقة المعنوية للعارف الإيراني نور علي شاه»، السيدة مرسده الهمدانية، عرفان إيران 13: 122.
([31]) تاريخ الفلسفة الإسلامية: 48 ـ 444.
([32]) لم يكن كوربان متفائلاً لوضع الدراسات الشرق أوسطية التي قام بها الباحثون الغربيون، ولذا كان يسعى ـ كما صرَّح بذلك ـ إلى جعل الرسالة الروحية للحكمة الإيرانية، بدلاً من الخبراء المختصين بالدراسات الشرق الأوسطية، لتكون متاحة للفلاسفة (الفلسفة الإيرانية: 8). فعدم اعتماد وثقة كوربان بدراسات المحقِّقين حول الشرق الأوسط وإيران خلقَتْ لديه روحاً وإرادة نضالية ومعارضة لهم.
([33]) ومن أكثر الأشعار عذوبة وحلاوة التي تدلّ على هذا الرابط المعنوي في الشعر الفارسي العرفاني هو ما تجده في مؤلَّفات صوفيّي إيران الكبار، ابتداء من سناي وانتهاءً بمولوي وحافظ. وقد أعجب كوربان كثيراً بالأشعار الحماسية والعرفانية لكبار الصوفية، أمثال: الفردوسي، والعراقي، والعطّار، وحافظ. ولذلك قام بترجمة بعض أشعارها، وتفسيرها إلى اللغة الفرنسية. وقد حاول من خلال هذا الطريق العبور إلى حريم الشعر العرفاني الفارسي المقدَّس، ولكنْ تمحور أكثر اهتمامه حول حلّ الرموز العرفانية لهذه الأشعار، والمقارنة بينها وبين المفاهيم الدينية لبلاد فارس القديمة وحكايات ابن سينا والسهرودري الاستعارية والكنائية.
([34]) La philosophie iranienne, pp.11 – 12 تمّت الترجمة مع قليلٍ من التصرُّف. وقد نقلت من مقالةٍ تحت عنوان: «في ضيافة العالم المعنوي»، تأليف: يحيى بونو، ترجمة: غلام رضا ذات عليان، من فصل تحت عنوان: أحوال وأفكار كوربان، طهران، 1379: 96.
([35]) 1. 1. p. x En Islam iranien vol.
)[36]) En Islam iranien. Vog. 1. p. 12.
([37]) المشارع، مجموعة مصنَّفات شيخ الإشراق2: 503، تصحيح: هنري كوربان.
([38]) علماً أن هذه الطائفة كانت تمثِّل تاريخياً عرفاء ومشايخ الصوفية أيضاً، إلى أن وصل مدى تأثيرهم وقدرتهم حدَّ تأثير السيف البتّار، بل تمكَّنوا من خلال جذب القلوب من نشر الإسلام وإشاعته في البلاد، كالهند وأوروبا الشرقية والصين، ما يعني أن التصوّف الإسلامي الإيراني كان مقتضياً وموجباً لبسط الإسلام وانتشاره وتوسعته.
([39]) فمن أجل التعريف بابن سينا الحكيم والعارف المتأخِّر ترجم كوربان رسائله الرمزية إلى اللغة الفرنسية وشرحها. وكان هدفه من اهتمامه بذلك إظهار هذه الرموز، والتعريف بالوجه الآخر لابن سينا، حتى أنّ أتين زيلسون ـ أستاذ كوربان ـ والمحافل الأكاديمية لم يكن لديهم أدنى اطّلاع ومعرفة بهذا الوجه الآخر لابن سينا.
([40]) En Islam iranien. Vol. p. 122. منقولة من ترجمة فارسية لأحوال وفكر كوربان: 95.
([41]) الفلسفة الإيرانية والفلسفة التطبيقية: 131 إلى آخر الكتاب.
([44]) والأساس في فصل تحت عنوان: «قصّة الغرب في السابق وقصّته اليوم» في كتاب الفلسفة الإيرانية والفلسفة التطبيقية: 49 ـ 44.
([45]) الفلسفة الإيرانية والفلسفة التطبيقية: 23.
([47]) تاريخ الفسفة الإسلامية: 364.
([48]) ذكر كوربان هذه العبارة في آخر كتاب الفلسفة الإيرانية والفلسفة التطبيقية: 138. وفي أواخر محاوراته (خاطرة من خواطر كوربان): 168.
([49]) الفلسفة الإيرانية والفلسفة التطبيقية: 49.
([50]) ذكر كوربان هذه العبارة تكراراً في محاوراته ((خاطرة من خواطر كاربن)، شهرام بازوكي، تهران، 1382: 168 ـ 157). وقد أشار أيضاً الأستاذ السيد حسين نصر في أكثر من موقع إلى أن كوربان قبل أن يشرع بكلامه كان يقول عبارةً مفادها «نحن شيعة». (المصدر السابق: 44).
([51]) وهذا عنوان الفصل الموجود في أواخر كتاب الفلسفة الإيرانية والفلسفة التطبيقية: 114 ـ 109.