د. حسن قنبري(*)
1ـ المقدّمة ــــــ
إن البحث بشأن ماهية ومنشأ الدين يُعَدّ واحداً من أهمّ المباحث وأوسعها مساحة في المرحلة الراهنة. فبعد ظهور التفكير الحديث والمرحلة التي يُصطلح عليها «مرحلة الحداثة» في تاريخ الفكر البشري، والتي تقوم على أساس مرجعية العقل بمعناه الجديد، وغلبة الفكر العلمي، أضحَتْ ظاهرة الدين عُرضة للنقد ولمختلف الأبحاث والدراسات. وفي هذا الإطار دخل البحث عن الدين في محور وصُلب أبحاث أغلب المفكرين، وتحول الكلام عمّا إذا كان الدين أمراً بشرياً أو إلهياً إلى أهمّ مسألة في هذه المرحلة التاريخية.
وفي معرض الإجابة عن هذا السؤال تبلورت مختلف الاتجاهات في مجال البحث الديني، وسعى كلّ واحد من هذه الاتجاهات إلى الإجابة عن هذا السؤال من زاوية خاصة. وربما أمكن القول: إن الاتجاهات الثلاثة المتمثلة في: الدراسات الاجتماعية([1])، والدراسات النفسية([2])، والدراسات الفينومينولوجية([3])، تمثِّل أهمّ الاتجاهات في هذا المجال، حيث أبدع كلّ واحد منها علماء بارزون ومبدعون.
وسوف نتعرّض في هذا المقال إلى نظرية أحد الباحثين الكبار في هذه المرحلة، حيث بذل جهوداً كبيرة في إطار توصيف وبيان ظاهرة الدين من خلال الاتجاه الفينومينولوجي.
ولد ميرتشا إلياده([4]) (1907 ـ 1986م) في العاصمة الرومانية بوخارست. وكان أبوه ضابطاً في الجيش الروماني. وقد أحبّ في صغره الركون إلى الدَّعة وطلب العلم والقصص والكتابة. وقال كاتب سيرته الذاتية: لقد احتفل بكتابة مقاله المئة عندما كان له من العمر ثمانية عشر عاماً فقط… وفي تلك المرحلة دخل بيتاً مهجوراً، حيث شاهد نوراً يتسلل إلى الداخل عبر ستائر خضراء، محدثاً فضاءً امتزجت فيه أطياف زمرّدية ذهبية غير أرضية، فشعر وكأنه انتقل إلى عالمٍ متعالٍ ومختلف تماماً. ليطلق فيما بعد على هذه الحادثة مصطلح التجربة الدينية، واصفاً إياها بـ «الحنين»([5]) العميق؛ ويعني به الحنين والشوق إلى موضعٍ جميل يتّسم بكمالٍ لا دنيوي.
وفي جامعة بوخارست وإيطاليا شرع بدراسة المفكرين الإفلاطونيين في عصر النهضة الإيطالية. وفي أثناء هذه الدراسة توصّل إلى اكتشاف التفكير الهندي وتأكيده على الاتحاد المعنوي مع روح العالم الأسمى. وفي عام 1928م شدّ الرحال إلى الهند لدراسة الثقافة والأديان الهندية في كلكوتا، ومن هناك توجّه إلى الهيمالايا لممارسة اليوغا. وفي الهند اكتشف ثلاثة أمور، وهي: إمكان العمل ـ من خلال التجربة الدينية ـ على تغيير الحياة، وإن الأمثلة والنماذج تمثل المفتاح لحياة مفعمة بالمعنويات الحقيقية، والأهمّ ـ على ما يبدو ـ هو القول: يمكن للفرد أن يتعلَّم الكثير من الأشياء في البيئة الهندية، ومن بينها أن الهند تمثل تراثاً كبيراً وقوياً من الدين الجماهيري، حيث يستحوذ على المرء شعور عميق بالحياة المعنوية الضاربة بجذورها في عمق التاريخ العريق.
وفي عام 1931م عاد إلى رومانيا؛ لأداء خدمة العلم. وبعد ذلك توجَّه إلى فرنسا ليحصل هناك على منصب جامعي لفترةٍ من الزمن.
وفي عام 1950م سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وأصبح أستاذاً في جامعة شيكاغو([6]). وبوصفه باحثاً متقدّماً وبارزاً في مجال المعرفة الدينية، كانت له دراسات مقارنة ومؤثّرة في مجال الأديان المختلفة، فقد عمل لسنواتٍ طويلة في مجال التحقيق والتدريس في مختلف مجالات المعرفة الدينية، وكانت ثمرة جهوده العلمية الكثير من المؤلَّفات الهامّة واسعة الانتشار، ومن أهمِّها ما يلي:
ـ رواية ليلة البنغال.
ـ اليوغا: رسالة في جذور اللاهوت العرفاني الديني([7])، (1958م).
ـ نماذج في مقارنة الأديان([8])، (1958م).
ـ أسطورة العودة الخالدة([9])، (1954م).
ـ المقدَّس واللامقدَّس([10])، (1959م).
ـ الأسطورة والحقيقة([11])، (1963م).
ـ البحث والتحقيق، التاريخ والمعنى في الدين([12])، (1969م).
ـ دائرة المعارف الدينية([13]).
2ـ فينومينولوجيا إلياده ــــــ
يمكن القول: إن رؤية إليادة إلى الدين تشتمل على أصلين هامين، وهما:
أوّلاً: مخالفته للاتجاهات التحويلية، حيث وصل من خلال دراسة ونقد هذه الاتجاهات إلى نتيجةٍ مفادها أن السعي للحصول على الدين من خلال علم الأحياء وعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد أو اللغة والفنّ أو أيّ مجال علميّ آخر تقضي على استقلال الدين، ويفقد الدين عنصره الفذّ والثابت المتمثّل بقداسته([14]). نعلم أن الاتجاهات التحويلية تستند في الغالب إلى الرؤية التاريخية، التي تؤمن بمنهج النقد التاريخي للدين، بوصفه ظاهرةً بشرية. إن هذه الرؤية هي في واقع الأمر حصيلة العقلانية الحديثة التي تعمل على معالجة وتحليل جميع الظواهر من خلال أسلوب ومنهج العلم التجريبي. وفي مجال الدين يصل إلى نتيجةٍ مفادها أن منشأ الدين بوصفه ظاهرةً بشرية في المجتمع (نظرية إميل دوركهايم)؛ وفي نفس الإنسان والتذرّع الإنساني (نظرية فويرباخ)؛ وعُقَد الكبت الجنسي (نظرية فرويد)؛ وفي المعاملات الاقتصادية (نظرية كارل ماركس)([15]). وكما سيأتي فإن «ميرتشا إلياده» لا يرتضي هذه الرؤية في مجال البحث الديني من الأساس.
وثانياً: الرؤية الظاهرية التي تقف في الواقع في مقابل الاتجاهات الانتقالية. وإن أهمّ دعوى في هذا الاتجاه هي أن بالإمكان الوصول إلى ماهية الدين وجوهره دون الاضطرار إلى تقليص الدين وخفضه إلى الأمور الأخرى. يذهب «ميرتشا إلياده» إلى الاعتقاد بأننا إذا نظرنا إلى الدين بشكلٍ مستقلّ فإنه سوف يُبرز معناه ومضمونه بشكلٍ أعمق ممّا لو تمّ تقليله إلى الأبعاد الثانوية والخلفيات التاريخية([16]). وفي هذا السياق فإنه ينوِّه بطبيعة الحال إلى أن هذا لا يعني إمكان قراءة الدين من خارج نسيجه الثقافي والسياسي والاقتصادي، فإنّ كلَّ تجربةٍ دينية يتمّ بيانها ونقلها ضمن نسيجهاالتاريخي الخاصّ، إلا أن القبول بتاريخ التجربة الدينية لا يعني تحويله إلى الأشكال غير الدينية من سلوك الإنسان([17]). وقد صرَّح «ميرتشا إلياده»، ضمن إشارته إلى تقابل اتجاه المؤرِّخين للدين والمختصّين في ظواهر الدين، قائلاً: إن الدين من وجهة نظر المؤرِّخين ينحصر في حقيقة تاريخية لا تنطوي على أيّ معنىً أو قيمة ما فوق تاريخية، وإن البحث للعثور على ماهيته ينطوي على خطر السقوط في ذات الخطأ الإفلاطوني القديم([18]). إنه من خلال هذا البيان يثبت في الواقع تقابله مع الاتجاهات التحويلية، مؤكِّداً على المنهج والأسلوب الظواهري للدين. أما المسألة الأخرى التي تبرز في منهج «ميرتشا إلياده» بوضوحٍ تامّ فهي تأكيده على «المقارنة». وفي هذا الشأن يعمل على توظيف العبارة الشهيرة لـ «غوته»([19])، إذ يقول: «إن الذي يريد معرفة شيء واحد فقط لن يعرف شيئاً أبداً»، قائلاً: ليس هناك علمٌ في البين ما لم تكن هناك مقارنة([20]).
وفي الحقيقة فإن المحقق في هذا الأسلوب والمنهج يعمل من خلال المقارنة بين مختلف العناصر الدينية للوصول إلى النقاط المشتركة ما فوق الزمانية وما فوق التاريخية، التي توصله في نهاية المطاف إلى جوهر الدين وماهيّته. ويقول في هذا الشأن: إن المؤرِّخين ـ ولا سيَّما عند البحث للعثور على مواطن التشابه ـ يُصابون بسوء الظنّ. فالذهن المتشكِّك لدى المحقِّق يميل دوماً إلى الاعتقاد بعدم مشابهة شي لشيء تمام الشبه، فكل زمان ومكان يختلف عن الزمان والمكان الآخر. ولكن الذي يجب معرفته هو أن الإشكال العامّ يكمن في أن النماذج الكثيرة لظاهرة الدين يمكن المقارنة بينهما خارج نطاق الزمان والمكان الرئيس؛ فإن الزمان والمكان مختلفان، إلاّ أن المفاهيم واحدة. إن سؤال زيوس (الإله السماوي) في زمان ومكان خاص من التاريخ كان متعلّقاً بالسكان الإغريقيين، إلاّ أن ظاهرة الإله السماوي لا تتعلَّق بقوم دون قوم، وإن بالإمكان مقارنته بجميع صفاته بإلهٍ سماوي آخر لأقوام آخرين([21]).
3ـ مفهوم الدين ــــــ
ولكي نفهم تصوُّر «ميرتشا إلياده» للدين لا بُدَّ لنا من التعرُّف أوّلاً على مفرداته الرئيسة.
إن (الدين الأولي، أو الأصلي، أو الابتدائي)([22]) من بين المفردات الرئيسة والأصلية والجوهرية لدى «ميرتشا إلياده» في بيان مراده من الدين. فهو يرى ضرورة البحث عن المعنى والمحتوى الأصلي والرئيس للدين عند المجتمعات الأولى والضاربة في القدم؛ وبين الناس الذين كانوا يعيشون في المراحل التاريخية القديمة أو في المجتمعات القبلية الراهنة، حيث يرى «ميرتشا إلياده» أن منهج حياتهم يقوم على عنصرين، وهما: (المقدَّس؛ واللامقدَّس)([23]). إن مجال الأمور الروتينية عادي ومبتذل وسريع الزوال ومشوّش ومضطرب، وهو بشكلٍ رئيس غير مهمّ، ويقع على الطرف النقيض من الأمور ما وراء الطبيعية وغير العادية، والتي تخلّدها الذاكرة ويُكتب لها البقاء، في دائرة النظم والكمال في دار الصالحين والأبطال والآلهة. وحيثما نظرنا نجد أن الدين يبدأ من هذه الاختلافات الجوهرية([24]).
وقد عمد «ميرتشا إلياده» في معرض بيان تصوُّره للدين إلى استعراض هذا الاختلاف بشكلٍ تفصيلي، وخصَّص لذلك مساحة واسعة من مؤلَّفاته. ولكي نفهم تصوُّره للدين سوف نعمل في هذا المقال على دراسة هذا الأمر في أعماله المختلفة.
يُشير «ميرتشا إلياده» ـ في معرض بيان مراده من هذين المجالين في مستهلّ كتابه «المقدَّس واللامقدَّس» ـ إلى مكانة وموقع المكان والزمان في فكر الأوائل من الناس، أي أولئك الذين يراهم المتدينين الحقيقيين. «إن المكان بالنسبة إلى الفرد المتديّن ليس أمراً متناظراً ومتشابهاً، فبعض الأمكنة تختلف عن الأمكنة الأخرى من الناحية الكيفية، من قبيل: قصّة النبيّ موسى× وطور سيناء([25]). إذن هناك للإنسان المتدين موضع ومكان مقدَّس ومكان هامّ وعجيب»([26]). وفي المقابل يُعتبر المكان في التجارب العادية أمراً متجانساً ومتشابهاً، وهذا هو ذات التعريف الذي يقدِّمه علماء الهندسة للمكان([27]). وهنا يطرح «ميرتشا إلياده» مفردتين رئيستين أخريين، وهما: (chaos)([28]) و(cosmos)([29])، وهما في الحقيقة تعبير آخر عن المقدَّس واللامقدَّس. يقصد «ميرتشا إلياده» من مفردة (cosmos) العالم المنتظم، في مقابل مفردة (chaos) التي تعني الاضطراب والتشتُّت.
«إن تجربة المكان المقدّس تجعل الوصول إلى نقطة ثابتة أمراً ممكناً، ومن هنا فإنها تجعل الوصول إلى مخرج من الفوضى، وبالتالي الوصول إلى بناء العالم، أمراً ممكناً… وفي المقابل فإن التجربة العادية تحتفظ بتجانس المكان ونسبيته، وبالتالي لا يوجد هناك أيُّ مخرجٍ، ولن يكون هناك عالم في البين، وإنما هناك مجرد قطع متفرّقة ومشتَّتة يعيش فيها الإنسان حالة من التِّيه والضياع»([30]). «كلّ ما هو خارج عن الـ (cosmos) (عالمنا) لا يعود من الـ (cosmos) في شيءٍ، بل هو عالم آخر أجنبي وغير منظَّم، وسكانه غير منضبطين، بل هم شياطين وغرباء»([31]). ومن هنا يتحدَّث «ميرتشا إلياده» عن بناء عالم على يد الإنسان المتديِّن؛ فإن الإنسان المتديِّن من خلال قوله بالمكان المقدّس إنما يعمل في واقع الأمر على استبدال الـ (chaos) إلى الـ (cosmos). وإن هذا السلوك من الإنسان المتديِّن هو في الحقيقة إعادة لأعمال الآلهة، وبعبارةٍ أخرى: إن الإنسان المتديّن من خلال القول بالمكان المقدَّس يقلِّد ويعيد صياغة العمل الأوّل للآلهة، والمتمثّل بتنظيم الأمور المشتَّتة وغير المنظمة. «إنّه بعمله، ومن خلال الأديان، يقوم بصنع هذا المكان، ويقوم في الحقيقة بإعادة صياغة عمل الآلهة»([32]).
يرى «ميرتشا إلياده» أنّ كل عالم هو من عمل الآلهة؛ لأنه إمّا أن يُخْلَق من قبل الآلهة، أو أن الناس يعيدون صياغته، حيث يكرِّرون عمل الخلق من خلال الأعمال الدينية. ومن هنا يُقال: إن الإنسان المتديّن إنما يعيش في عالم واحد مقدَّس؛ لأنه إنما يُشارك في الوجود في هذا العالم… إن الإنسان المتديّن متعطّش إلى الوجود، وإن خشيته من انعدام النظم المحيط به تعدل الخشية من الفناء والعدم. إن المكان غير المقدَّس المحيط بهذا الإنسان تعبيرٌ آخر عن الفناء والخواء([33]). إن الإنسان المتديِّن يضع نفسه في قلب العالم، حيث يمكن الاتصال بالآلهة، وحيث يكون أقرب إلى الآلهة. وزبدة القول: إنه يميل إلى الحياة في عالم خالص ومقدَّس، وكأنه في العالم الأول الذي خرج فيه الإنسان من بين أيدي الإله([34]).
يرى «ميرتشا إلياده» أن تقدُّس المكان المقدَّس من وجهة نظر الإنسان المتديّن يعود إلى تجلّي وظهور الأمر المقدَّس فيه: «إن العالم إنما هو عالم [مقدَّس]؛ لأن الأمر المقدَّس قد سبق له أن تجلَّى وأظهر نفسه فيه»([35]).
كما أن للزمان بالنسبة إلى الفرد المتديّن مثل هذا الحكم أيضاً، بمعنى أنه ليس أمراً متجانساً أو متشابهاً. «إن الشخص المتديِّن يجتاز اللحظات العادية نحو الزمان المقدَّس دون أدنى خطر. إن كل زمان مقدَّس عبارة عن تحقُّق متجدِّد لحدث مقدَّس تحقَّق في الماضي المكتنف بالغموض والأسرار، والذي يتلخَّص بـ (البداية)»([36]). وإن الذين يُشاركون في الاحتفالات الدينية إنما يُلاقون الظهور الأول لذلك الزمان المقدّس، وعلى هذا الأساس فإن الإنسان المتديّن في الحقيقة يعيش ضمن نوعين من الزمن… وهو يسعى إلى الحصول على ذلك الزمان المقدَّس ثانية، وهو الزمان الذي يمكن ـ من زاويةٍ ـ أن يتَّحد مع الأبدية([37]). وعلى هذا الأساس فإن الميل والرغبة الموجودة لدى الإنسان الأوّل إلى الحياة في المكان الأقرب إلى الآلهة موجودٌ لديه بالنسبة إلى الزمان أيضاً، بمعنى التزامن مع الآلهة، وممارسة الحياة في حضورها([38]). وأساساً فإن الطبيعة برمَّتها تحتوي على هذه الحالة بالنسبة إلى الإنسان الأوّل. «إن الطبيعة بالنسبة إلى الإنسان الأوّل ليست طبيعية فحَسْب، بل إنها تقترن بمقدَّس ديني أبداً. من السهل فهم هذه المسألة؛ لأن العالم خلقة إلهية، بمعنى أنه من صنع الآلهة. وقد أظهرت الآلهة الحالات المتنوِّعة للأمر المقدَّس في بنية العالم، فالعالم يشتمل على وجود ونظام، وليس مضطرباً أو مشوَّشاً، ومن هنا فإن ما يتجلّى بوصفه من الخلق إنما هو من صنع الآلهة»([39]).
4ـ أنطولوجيا أوائل البشر ــــــ
ولكي يضفي «ميرتشا إلياده» مزيداً من التوضيح على الموضوع يعمد إلى بيان الواقع الوجودي للبشر الأوائل. وقد ألَّف كتاب «عودة الخلود» لهذه الغاية… فقد صرّح في بداية هذا الكتاب بأن الهدف منه هو التحقيق في أبعاد وجود البشر الأوائل، وبعبارةٍ أدقّ: التحقيق بشأن مفاهيم الوجود والحقيقة التي يمكن استشرافها من خلال سلوك الإنسان في المجتمعات المتقدّمة على الحداثة([40]). كما نوَّه في مقدمة هذا الكتاب إلى أن الاختلاف الجوهري بين الإنسان الأول والإنسان في المجتمعات الحديثة يكمن في أن الإنسان الأول كان يشعر بالارتباط والصلة الوثيقة بينه وبين العالم وتناغماته، في حين أن الإنسان الراهن يؤكّد على ارتباطه بالتاريخ فقط، وبطبيعة الحال فإن العالم بالنسبة إلى الإنسان الأول يشتمل على تاريخ أيضاً، ولكنْ بمعنى أن الآلهة هي التي خلقته، وأن الكائنات الأسطورية والأبطال الخارقين عملوا على تنظيمه. إن هذا التاريخ مقدَّس، ويمكن تكراره إلى ما لا نهاية([41]). وهنا يعتمل هذا التمايز أيضاً، حيث يقوم «ميرتشا إلياده» بإبرازه بشكلٍ أوضح من خلال بيان المعرفة الوجودية للبشر الأوائل.
«من خلال مشاهدة السلوك العام لأوائل البشر ندرك أن الأشياء الخارجية في العالم والأعمال الإنسانية لا تنطوي على أيّ قيمةٍ ذاتية في نفسها، وإنما تكتسب قيمتها عندما تشارك بنحوٍ من الأنحاء في حقيقة أبعد منها… وإن الأعمال الإنسانية إنما تكتسب قيمتها عندما تعمل على إعادة صياغة عمل خالد، وتقوم بتكرار نموذج أسطوري([42]).
يرى «ميرتشا إلياده» أن حركات وأعمال الإنسان الأولى هي تكرار وتقليد دقيق للحركات والأعمال الأولى للآلهة، لا يُصادقون على أيّ عمل لم يتمّ تثبيته سابقاً، ولم يتعايش الآخرون معه. وإن ما يقوم به تكرارٌ لا ينتهي للحركات التي بدأها الآخرون([43]). يذهب «ميرتشا إلياده» إلى الاعتقاد بأن هذا التكرار والتقليد يحكي عن وجود أنطولوجي رئيس وراسخ في أذهان أولئك البشر، وهو يختلف اختلافاً جوهرياً عن الوجود الأنطولوجي للإنسان الحديث. إن جميع المعطيات والأعمال في هذا الوجود الأنطولوجي إنما يكون لها معنى بمقدار مشاركتها في صياغة حقيقة متعالية. وإن كلّ حركة إنما تكتسب مفهومها عند تكرارها للعمل الأول([44]). وعلى هذا الأساس فإن الشيء إنما يكون حقيقة في الوجود الأنطولوجي للبشر الأوائل إذا كانت له مشاركة في صنع الحقيقة المتعالية. وإن الحقيقة إنما تغدو حقيقة من طريق تكرار المشاركة في الواقعية المتعالية، وإن كلّ شيء يفتقر إلى النموذج المثالي يكون فاقداً للمعنى، ولا تكون له أيّ واقعية أو حقيقة([45]). إن الحقائق الأسمى (الآلهة والأسلاف والأبطال الأسطوريين، إلخ…) وكذلك الأحداث المرتبطة بهذه الحقائق الأسمى تتقدَّم في أفكار البشر الأوائل على الحقائق العادية. وقد عبّر «ميرتشا إلياده» عن هذه المسألة في موضعٍ آخر بعبارة تقدُّم الـ (essential) على الـ (existence)([46]).
5ـ السؤال عن المنشأ ــــــ
بعد بيان وشرح اتّجاه «ميرتشا إلياده» ورؤيته إلى الدين نصل في نهاية المطاف إلى أهمّ مسألةٍ في المرحلة المعاصرة، ألا وهي البحث عن منشأ الدين.
يمكن القول: إن ما تقدّم من المسائل يمثِّل المدخل للوصول إلى النقطة النهائية من تحليل وتوصيف «ميرتشا إلياده» للدين، والذي ينطوي في الوقت نفسه على الجواب عن ذلك السؤال الأساسي المحتدم في المرحلة المعاصرة.
إن هذه المسألة وإنْ كانت تحظى في الغالب باهتمام الباحثين في الشأن الديني، ولا سيَّما القائلون منهم بالاتجاه التحويلي، إلاّ أنها بحَسَب الظاهر لا تحظى بتلك الأهمِّية من وجهة نظر «ميرتشا إلياده». يبدو أن البحث عن منشأ الدين لا يحظى أساساً بأهمِّية كبيرة في الاتجاهات الفينومينولوجية. وقد بحث «ميرتشا إلياده» هذا الموضوع بشكلٍ تفصيلي في كتابه (بحث في التاريخ والمعنى). وعمد هناك إلى ردّها ضمن الخوض في الاتجاهات التحويلية (من قبيل: تصوّر الروح، وتصوّر النفس، وما إلى ذلك)، حيث نصل إلى بحثٍ آخر من البحوث الجوهرية لـ «ميرتشا إلياده»، وهو البحث عن الأسطورة.
يذهب «ميرتشا إلياده» إلى القول بضرورة البحث في الأساطير؛ للعثور على منشأ الدين، وهو ما قام به الديموغرافيون قبل نصف قرنٍ في ما يتعلَّق بالمجتمعات الأولى. وقد عمد «ميرتشا إلياده» إلى بيان موقفه من حقيقة الدين من خلال تحليل مفهوم وموقع الأسطورة في ثقافة البشر الأوائل. وقال بشأن تعريف الأسطورة: لقد تمّ تعريف الأسطورة من قبل الفلاسفة واللاهوتيين منذ عصر إفلاطون إلى عصر بولتمان، إلاّ أنهم بأجمعهم قد أقاموا تعاريفهم للأسطورة على أساس الأساطير الإغريقية. يرى «ميرتشا إلياده» أنه إذا تمّت ترجمة مفردة (myth) «الأسطورة» في اللغات الأوروبية إلى (fiction) «الخيال» فيعود السبب في ذلك إلى أن هذا هو ذات الشيء الذي قام به الإغريقيون قبل خمسة وعشرين قرناً من الزمن. إن هذا المعنى من الأسطورة لا يصدق على الأديان الشرقية والآسيوية؛ فالأسطورة هنا لا تعبّر عن الخيال والوَهْم، وإنما تتحدّث عن أمر حيّ و«حقيقة كاملة»([47]). إن الأسطورة لا تبلور التاريخ المقدّس لقبيلة من القبائل فحَسْب، بل تعكس مجموعة من الأحداث العجيبة والخيالية أيضاً. إن الأسطورة تحكي عن كيفية خلق وإيجاد الكون والإنسان والحيوان([48]). هناك على الدوام «تاريخ أولي»، وإن لهذا التاريخ «بداية»… إن لهذا التاريخ أهمِّية جوهرية وأساسية؛ لأنه يُفسّر وجود الكون والإنسان والمجتمع، وبذلك يتمّ اعتبار علم الأساطير تاريخاً واقعياً([49]).
ومن هنا يصل «ميرتشا إلياده» ـ في إطار تمييزه الرئيس بين المقدَّس واللامقدَّس ـ إلى رؤيتين متقابلتين تماماً بشأن الحقيقة، وهما: رؤية الإنسان ما قبل الحديث، أي الإنسان المتديِّن بالدين الأولي؛ والإنسان في المرحلة الحديثة.
يبادر «ميرتشا إلياده» إلى نفي القول بوَهْمية وتخيلية التفكير ما قبل الحديث (الدعوى الهامّة للفكر الحديث)، ويقول: إن رغبة الإنسان المتديّن في العيش والحياة في مكان مقدَّس يعني أنه يميل إلى بناء مسكنه ومنزله في واقعية عينية وخارجية متحقّقة، لا أنه يريد وضع نفسه في نسبية متواصلة من التجارب الذهنية بشكلٍ كامل؛ فهو يريد أن يعيش في عالم واقعي ومؤثر، ولا يريد العيش في ضباب التوهُّم([50]). وعليه فإن رؤية الإنسان ما قبل الحديث ليس توهُّماً أو مغايراً للحقيقة، ولكنْ يجب علينا أن نفهم العينية والواقعية بشكلٍ مغاير لما يتصوّره الإنسان الحديث. وعلى هذا الأساس فإن «ميرتشا إلياده» يقول في موقفٍ مضادّ لتفكير الإنسان الحديث ـ القائل بجعل العقل الحديث منطقاً لفهم الأمور ـ: إن هذه الأمور لا يمكن الحصول عليها من خلال النشاط المنطقي والعقلي، وإنما تظهر وتتجلّى لجميع وجود الإنسان وعقله وروحه وكيانه([51]). إن تجربة الإنسان الأوّل لا تفتقر إلى العمق والأصالة… ولذلك علينا أن لا نفسِّرها بأنها إنكارٌ للواقع وهروب إلى عالم الوَهْم والخيال، يمكن لنا أن نتفهَّم همومه الوجودية، فهي همومٌ خاصّة بالإنسان الأوّل والمجتمعات الأولية([52]).
وعلى هذا الأساس نصل في المنهج الفكري لـ «ميرتشا إلياده» إلى منطقٍ للفهم مغاير لمنطق العقل السائد في المرحلة الحديثة. والذي يريده «ميرتشا إلياده» منا في هذا الشأن هو التفكير بـ «رودولف أوتو». حيث أشار في مقدّمة كتابه (المقدَّس واللامقدَّس) إلى الشهرة العالمية التي حقَّقها أوتو، قائلاً: إن أوتو، بدلاً من التحقيق بشأن مفاهيم من قبيل: الله والدين، عمد إلى تحليل حالات التجربة الدينية، وقد نجح في تحديد خصائصها ومضامينها. كان قد قرأ «لوثر»، وفهم معنى الإله الحيّ عند المؤمنين؛ إن إلهه هو إله الفلاسفة، ولم يكن مجرّد مفهوم انتزاعي، وإنما هو قوّة تثير الرَّهْبة. وقد تمكَّن من اكتشاف هذه التجربة المثيرة للرَّهبة والمنافية للعقل([53]). وعلى هذا الأساس فإن الأمر المقدَّس من وجهة نظر «ميرتشا إلياده» يمثِّل الكلّي «الآخر»([54])، كما هو عند أوتو. يحدث للناس في حياتهم أحياناً أن يواجهوا شيئاً حقيقياً وغير عادي، فيشعرون أنهم يواجهون شيئاً آخر بالمرّة. «صحيحٌ أن اللغة الطبيعية كفيلةٌ ببيان هذا النوع من التجارب، بَيْدَ أنّنا نعلم أن مفردات هذه اللغة عاجزة عن بيانها»([55]).
6ـ التحقيق ــــــ
يتَّضح مما تقدَّم أن الصورة التي يقدِّمها «ميرتشا إلياده» للدين في رؤية البشر الأوائل هي ذات الصورة التي يقدّمها القائلون بـ «التجربة الدينية»، بمعنى التجربة التي لا تحصل من خلال الجهود العقلية، بل هي متباينة بحَسَب الواقع مع جنس التجارب العقلية بشكلٍ كامل. وعليه فإن السؤال الرئيس هنا: هل يمكن القول بقوّةٍ أخرى في مقابل العقل، أو ـ بعبارةٍ أخرى ـ مصدرٍ آخر للفهم، أم لا؟
نعلم أن طرح هذا البحث من قبل القائلين بالتجربة الدينية إنما كان في الأساس لأجل إثبات هذه المسألة، وهي أنهم لكي يعملوا على صيانة الدين من آفة نقد العقلانيين في المرحلة الحديثة قالوا بأن جنس التجربة الدينية يختلف عن التجارب العادية (العقلية) اختلافاً كاملاً. نعلم أن نقطة بداية هذا البحث تأتي في سياق التمايز الأساسي ـ الذي قال به الفيلسوف الكبير في عصر التنوير (عمانوئيل كانْت) ـ بين العقل النظري والعقل العملي، حيث أخرج مجال الدين من متناول العقل النظري، وأدخله في دائرة العقل العملي. وفي سياق هذا التمايز عمد اللاهوتي الكبير (فريدريك شلايرماخر) للمرّة الأولى إلى اعتبار جوهر الدين تجربةً مختلفة ومتباينة عن التجربة العادية. «إن ماهيّة الدين لا تكمن في التفكير والعمل، بل في الشهود والإحساس… وإن الدين إنما يحافظ على مفهومه وحدوده الخاصّة من خلال الابتعاد الكامل عن دائرة النظر والعمل. إن الدين يُظهر نفسه بوصفه دائرةً ضرورية، ولا يمكن اجتنابها، ومستقلّة عن الدائرة النظرية والعملية. فالعمل نوعٌ من الفنّ، والنظر نوعٌ من العلم، وأما الدين فهو شعور وإحساس وتذوُّق لأمرٍ لا متناهٍ»([56]). ومنذ ذلك الحين تمّ اعتبار جنس التجربة الدينية من جنس الشعور والإحساس الباطني، وتمّ نقلها من مجال العقل العام إلى الدائرة الشخصية للفرد الذي يعيش التجربة. ومن هنا ينفتح الطريق أمام نوعٍ من الإيمان في اللاهوت المسيحي الجديد، وعلى أساسه يخرج الدين تماماً عن مجال الفهم والعقل بشكلٍ كامل.
وكما هو واضح فإن الإشكال الرئيس والجوهري لهذه الرؤية إلى الدين يكمن في جعله أمراً فردياً، مع غياب معيار عامّ لتحليل ودراسة صحّة وعدم صحّة الادعاءات المتنوّعة والمتناقضة أحياناً للتجارب الدينية. وفي هذا الشأن ربما أمكن فهم مبنى الفيلسوف وعالم النفس الكبير (وليم جيمز) في مجال منشأ التجربة الدينية، وفي تفسير التجارب المختلفة إلى حدٍّ ما. فهو في كتابه الهامّ والقيِّم (تنوّع التجارب الدينية)، وضمن قبوله برأي (كانْت) القائل بأن المفاهيم الدينية خارجة بالكامل عن مجال المعرفة العقلية، قال: إن هذه المفاهيم تشتمل على معنى في مجال عملنا ونشاطنا بشكلٍ كامل([57]). ثم استطرد قائلاً: إنّ منشأ التجربة الدينية، وفي الواقع منشأ صياغة المفاهيم الدينية، يكمن في قوّة روح الإنسان، بمعنى أن روح الإنسان تستطيع أن تعتبر الأمور الانتزاعية وغير العينية أموراً واقعية، وبالتالي فإن الشيء الذي لا يكون له حضور وتواجد في الذهن والفاهمة يمكن للحسّ أن يؤمن بوجوده، ويجعل حياتنا منقسمة إلى قطبين([58]). كما قال بشأن تمييز التجارب الدينية الإلهية من التجارب الشيطانية (على حدِّ تعبيره): إن بالإمكان معرفة ذلك بواسطة ثمار التجارب… نحن لا نمتلك طريقاً إلى الجذور والدوافع الكامنة في فضائل إنسانٍ ما… وما عملنا وسلوكنا غير شاهد يدعو إلى الاطمئنان([59]). وعلى هذا الأساس إذا كان عمل شخصٍ ما دينياً (أخلاقياً / إنسانياً)، كان ذلك العمل معبِّراً عن تجربة دينية أصيلة.
يبدو مما تقدّم أن الصورة التي يرسمها «ميرتشا إلياده» للدين هي من قبيل هذه الصورة أيضاً. فهو على الرغم من حديثه الصريح عن أصالة التجربة الدينية، إلاّ أنه لا يتحدّث عن منشأ التجربة الدينية؛ إذ إنه ـ كما تقدَّم ـ لا يرى أهمِّية للمنشأ والجذور في الاتجاه الفينومينولوجي له. إنّما المهمّ هو أن يقوم المحقِّق في الدين بالتجرُّد عن الأحكام المسبقة، ليراقب ظهور وبروز الظواهر الدينية، ليصل إلى جوهر الدين من خلال المقارنة بين تلك الظواهر. وهو ما يدَّعي «ميرتشا إلياده» أنه قام به. وعلى هذا الأساس ـ كما قال ذلك بنفسه ـ فإن سلوك الإنسان المتديِّن يعبر عن أنطولوجيا خاصة، لا يمكن أن يراها أو يصفها إلاّ فينومينولوجي مثل: «ميرتشا إلياده»، ولا شأن له بمنشأ وجوده وتكوينه. وعلى هذا الأساس، فبالإضافة إلى الإشكال الوارد على جميع القائلين بالتجربة الدينية، يَرِدُ على ما قام به «ميرتشا إلياده» إشكالٌ آخر أيضاً، وهو القول بأن تجريد الذهن من جميع الفرضيات أو الأحكام المسبقة يوشك أن يكون مستحيلاً.
الهوامش
(*) أستاذ فلسفة الدين في كلِّية الإلهيّات في جامعة طهران.
([3]) بمعنى الدراسات ذات العلاقة بالظاهرات (phenomenological).
([6]) Pals Daniael L, 1996, Seven theories of Religion, New York Oxford, Oxford University Press.
([7]) Yoga: An Essay on the origins of Indian mystical theology.
([8]) Patterns in Comparative Religion.
([9]) The Myth of the Eternal return.
([10]) The Sacred and the Profane.
([12]) The quest, history and meaning in Religion.
([13]) Encyclopedia of Religion.
([14]) Eliade,mircia, 1958, Pattern in comparative Religion, Sheed and Ward Ltd, London and Sydney, p. xi.
([15]) للوقوف على تفاصيل هذه النظريات انظر: كونغ هانس، خدا در أنديشه فيلسوفان غرب، ترجمه إلى الفارسية: حسن قنبري، انتشارات دانشگاه أديان ومذاهب، قم، 1389هـ.ش.
([16]) Eliade,mircia, 1969, quest; history and meaning in Religion, Chicago and London, the University of Chicago press, p. 6.
([19]) يوهان فولفغانغ فون غوته (بالألمانية: Johann Wolfgang von Goethe) (1749 ـ 1832م): أحد أشهر أدباء ألمانيا المتميِّزين، ترك إرثاً أدبياً وثقافياً ضخماً للمكتبة الألمانية والعالمية، وكان له بالغ الأثر في الحياة الشعرية والأدبية والفلسفية. وعرف باحترامه للإسلام كدين يحمل الكثير من القِيَم العظيمة، وقد انعكس ذلك على الكثير من أشعاره وأعماله الأدبية. المعرِّب.
([20]) Pals Daniael L, 1996, Seven theories of Religion, New York Oxford, Oxford University Press. P. 162.
([21]) Eliade,mircia, 1959, The sacred and profane. P. 120.
([24]) Eliade, mircia, 1959, The sacred and profane. p. 8 – 113.
([25]) إشارة إلى ما ورد في الفقرة الخامسة من الإصحاح الثالث من سفر الخروج: قَالَ: «لاَ تَقْتَرِبْ إِلَى هاهُنَا. اخْلَعْ حِذَاءَكَ مِنْ رِجْلَيْكَ؛ لأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ».
([26]) Eliade, mircia, 1959, The sacred and profane. P. 20.
([28]) الشّواس (chaos): اللاتكوُّن: حالة الكون المختلطة قبل تكوّنه. المعرِّب.
([29]) الكون (بوصفه نظاماً متناغماً). المعرِّب.
([30]) Eliade, mircia, 1959, The sacred and profane. P. 23.
([40]) Eliade, Mircia, 1954, the myth of the eternal or cosmos and history, Princeton University Press. P. 3.
([46]) Eliade, Mircia, 1963, myth and Reality. Harper and Row, New York.
Eliade, mircia, 1969, quest; history and meaning in Religion, Chicago and London, the University of Chicago press, p. 36 – 37.
([50]) Eliade, mircia, 1959, The sacred and Profane, p. 28.
([56]) Schleirmacher, Friedrich, 1996, On Religion, Cambredge University Press, p. 22 – 23.
([57]) James, Wiliam, 1984, Varieties of religious experience, , penguin books, p. 55.