رصدٌ للتكوّن والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية
ـ القسم الثاني ـ
الشيخ أحمد بن عبد الجبّار السميِّن(*)
أوّلاً: مصنَّفات القرن الثاني الهجري
قلنا فيما مضى إنه لم يصلنا الكثير من المدوَّنات الشيعية في القرون الأولى؛ لذا سيكون المنهج هنا هو تتبُّع آثار المدوّنات في كتب الفهارس والرجال، التي تُعَدّ المصدر الأساس لإعطائنا الصورة العامّة للتأليفات الشيعية آنذاك.
1ـ كتاب من الأصول في الرواية على مذاهب الشيعة، لأبان بن تغلب الكوفي(141هـ)
صحب أبان الأئمة زين العابدين والباقر والصادق^، وله عندهم منزلةٌ وقرب؛ فلمّا بلغ خبر وفاته الإمام الصادق× قال: (أما والله لقد أوجع قلبي موت أبان). ويُعَدّ من أعيان الشيعة الإمامية.
كان علماً بالقرآن والفقه والحديث والأدب واللغة والنحو([1]).
ذكر له ابن النديم(438هـ) في فهرسته مجموعة من الكتب، منها: هذا الكتاب([2])، والذي يبدو من عنوانه أنّه ذَكَرَ فيه القواعد العامّة للرواية عند الشيعة بمذاهبهم، ولم يذكر الشيخان النجاشي(450هـ) والطوسي(460هـ) لأبان كتاباً بهذا العنوان، وإنما ذكر الطوسي في (الفهرست) أن لأبان (أصلاً)([3])، وقد عرَّف النجاشي أبان بأنّه من أشهر الرواة، وروى بإسناده عن الصادق×، مخاطباً أحد الرواة، قائلاً: (إن أبان بن تغلب روى عنّي ثلاثين ألف حديث، فارْوِها عنه)([4])، وهذا يعني أنه عُرف في الأوساط العلمية بكونه أحد أكبر الرواة؛ بشهادة الإمام، ولامتلاكه أصلاً روائيّاً.
لهذا ذهب كلٌّ من: السيد حسين المدرِّسي الطباطبائي([5]) والشيخ عبد الهادي الفضلي([6])(1434هـ) إلى أن هذا الكتاب الذي نسبه ابن النديم هو نفس الأصل الذي ذكره الطوسي لأبان([7]). ولعلّهما ذهبا إلى هذا من عنوان الكتاب، الذي هو أقرب لأصول الرواية منه إلى أصول الفقه.
ويبقى احتمال انتماء الكتاب لأصول الفقه وارداً.
2ـ هشام بن الحكم الكوفي(199هـ) بين دائرتَيْ أصول الفقه والكلام
كان هشام بن الحكم من خواصّ الإمام الكاظم×، وعُرف ببراعته في علم الكلام والمناظرات المذهبية([8]).
وقد ذكر له علماء الفهارس والمصنَّفات مجموعةً من الكتاب، منها:
أـ كتاب الألفاظ ، وحديث الانتماء الأصولي
ذكر الشيخان النجاشي والطوسي([9]) هذا الكتاب لهشام. وذهب كثيرون إلى أن الكتاب مصنَّفٌ أصولي([10]). وهو وإنْ لم يصلنا حتّى نعرف محتوياته، إلاّ أن عنوانه واضحٌ في ذلك؛ فمباحث الألفاظ من الموضوعات الأولى والأساسية في هذا العلم.
ولكنْ مع هذا، فمجرّد توافق عنوان الكتاب مع مباحث الألفاظ التي تُبْحَث في أصول الفقه لا يبرِّر عَدَّ الكتاب ضمن المدوّنات الأصولية. وقد شكَّك مجموعةٌ من العلماء في انتماء الكتاب إلى أصول الفقه، ومنهم: السيد محسن الأمين العاملي(1370هـ)([11])، والشيخ عبد الهادي الفضلي(1434هـ)([12]) والسيد حسين المدرِّسي الطباطبائي([13]).
إن هذا العنوان لم يُذكر في الكتب الأصولية المتقدّمة، والتي من المفترض أن ينتمي إليها (كتاب الألفاظ). ولو رجعنا إلى كتاب (الرسالة)، للإمام الشافعي(204هـ)، وهي من أقدم ما وصلنا أصولياً من تلك الفترة، لن نجد فيها عنوان (مباحث الألفاظ) أو ما يقرب من هذا العنوان، وكذلك الكتب الأصولية القديمة من بعده، ككتاب (التذكرة بأصول الفقه) للشيخ المفيد(413هـ)، و(الذريعة إلى أصول الشريعة) للسيد المرتضى(436هـ)، و(العدّة في أصول الفقه) للشيخ الطوسي(460هـ)، وغيرها. ولعلّنا لن نجد عنوان (مباحث الألفاظ) إلاّ في القرن السابع الهجري أو قبله بقليلٍ.
كما أن هناك محاولات تحتمل اندراج (كتاب الألفاظ) في علوم أخرى غير أصول الفقه، ومنها:
1ـ محاولة الدكتور حسين المدرِّسي الطباطبائي، الذي يرى أن عنوان (الألفاظ) جاء مصحَّفاً من (الألطاف). فبمراجعة فهرست الشيخ الطوسي لا نجده يذكر لهشام كتاباً بعنوان (الألفاظ)، بل يذكر كتاباً بعنوان (كتاب الألطاف)([14]). وهذا العنوان مناسبٌ لمباحث علم الكلام الذي عُرف به هشام، وخصوصاً في مجال المناظرات مع المعتزلة.
كما يذكر المدرِّسي احتمالاً آخر يمكن حمل عنوان (كتاب الألفاظ) عليه، ليصنِّفه ضمن المدوَّنات الكلامية. فبحث الألفاظ مرتبطٌ بجذور معرفة الألفاظ، وهذا بحثٌ كلامي، ولا علاقة له بالجانب اللفظي الذي يهمّ الأصولي.
ويضيف المدرِّسي الطباطبائي إلى ذلك: إننا لا نجد أيَّ إشارةٍ لهذا الكتاب عند متقدِّمي أصوليّي الشيعة الذين وصلتنا كتبهم، فضلاً عن النقل عنه، ولا حتّى نسبة بعض الآراء الأصولية لهشام من هذا الكتاب([15])!
2ـ محاولة العلاّمة الفضلي، الذي استبعد أن يكون هذا الكتاب منتمياً إلى أصول الفقه؛ فعنوان (الألفاظ) من العناوين المستعملة قديماً في مدوَّنات علمَيْ المنطق والفلسفة، كمدخلٍ لتحديد مصطلحات العلم قبل الدخول في مباحثه. ولأن هشاماً عُرف بتخصُّصه في الحكمة استقرب الفضلي أن يكون الكتاب في مصطلحات الحكمة.
إذن، لا توجد مؤشِّرات جزميّة لاعتبار (كتاب الألفاظ) لهشام بن الحكم أحد المدوَّنات الأصولية. وتبقى كلّ الاحتمالات مفتوحةً للأخذ والردّ. ويُحتمل أن يكون الكتاب في مسألة اللفظ الإلهي والكلام الإلهي؛ لمناسبة ما عُرف به هشام بن الحكم من تخصُّصه في علم الكلام الإسلامي.
ب ـ كتاب الأخبار وكيف تصحّ؟
وهو الكتاب الآخر لهشام. وقد ذكره ابن النديم في فهرسته([16]). وأما الشيخان الطوسي والنجاشي فقد ذكرا لهشام كتاباً بعنوان (الأخبار)([17]). ولا يبعد أن يكون العنوانان لكتابٍ واحد، وهو كما ذكره ابن النديم الذي عرف بدقّته في الفهرست؛ لأنه كان يعمل ورّاقاً.
وعنوان الكتاب يزيد من احتمال أن يكون حديثه في موضوعات أصول الفقه. فلعلّ حديثه حول المعايير في تصحيح الأخبار.
وما يؤكِّد هذا الاحتمال ما نقله السيد المدرِّسي الطباطبائي، من أن السيد الشريف المرتضى(436هـ) نقل عن هشام رأياً في (حجّية الخبر المتواتر)([18]). ومن المناسب أن يكون النقل من هذا الكتاب دون بقيّة كتب هشام؛ لمناسبة المنقول لعنوان الكتاب.
3ـ كتاب اختلاف الحديث، ليونس بن عبد الرحمان(208هـ)
صحب الإمامين موسى الكاظم وابنه عليّ الرضا’، وكان مميَّزاً عند الإمام الرضا×، ويشير إليه في العلم والفتيا. وفي حديثٍ أن الإمام وصفه بأنه ممَّنْ يُؤْخَذ عنه معالم الدين([19]).
ذكر له الشيخ الطوسي هذا الكتاب([20]). والعنوان يجعله في أصول الفقه؛ إذ يبدو أن موضوعه تعارض الأحاديث، والذي هو من مهمّات أصول الفقه.
واحتمل بعضهم أن يكون عنوان الكتاب: (كتاب اختلاف الحديث ومسائله عن أبي الحسن موسى بن جعفر’)، فيكون الكتاب عبارةً عن مسائل في اختلاف الحديث، دوَّنها يونس عن الإمام الكاظم×.
ما هو أوّل تصنيفٍ في أصول الفقه الإسلامي؟
وقع هذا الموضوع مورداً للبحث بين المؤرِّخين لأصول الفقه الإسلامي عموماً، وتضاربت الآراء ووجهات النظر فيه. ونحاول هنا أن نضيء على الموضوع من خلال استعراض الاتجاهات في تحديد أوّل مدوَّن لأصول الفقه عند المسلمين.
وأبرز هذه الاتجاهات التي يمكن استعراضها، هي:
الاتجاه الأوّل: أو اتجاه المدرسة الشيعية الإمامية، والذي يرى أن الشيعة هم الروّاد الأوائل في التصنيف في أصول الفقه.
وهذا الاتجاه انقسم إلى رأيين أساسيين في تحديد هذا المصنَّف الأوّل:
الرأي الأوّل: الذي يذهب إلى أن (كتاب الألفاظ) لهشام بن الحكم هو أوّل مؤلَّف في أصول الفقه.
صحيحٌ أننا لا نعلم متى كان تصنيف الكتاب؟ ولكنْ من المؤكَّد أنه دُوِّن قبل سنة (199هـ)، وهي السنة التي توفي فيها هشام.
ويبدو أن أوّل مَنْ رأى هذا الرأي هو السيد حسن الصدر(1354هـ)([21])، وتبعه فيه مجموعةٌ، منهم: السيد علي نقي الحيدري(1403هـ)([22])، الشيخ محمد مهدي شمس الدين(1421هـ)([23])، السيد علي الموسوي الجزائري([24])، السيد محمد صادق الروحاني([25])، وغيرهم.
ومن الواضح أن أصحاب هذا الرأي يقولون بأن هذا الكتاب أوّل مصنَّفٍ في بعض مباحث أصول الفقه، لا أنه أوّل مصنَّفٍ جامع لمباحث هذا العلم، بل هذا ما نصَّ عليه السيد الصدر بقوله: (وأوّل مَنْ أفرد بعض مباحثه بالتصنيف هشام بن الحكم…)([26]).
الرأي الثاني: يرى أن كتاب (اختلاف الحديث ومسائله)، ليونس بن عبد الرحمان(208هـ)، هو أوّل مؤلَّف صُنِّف في أصول الفقه.
ومستنده هو أن صاحب هذا الرأي، وهو السيد محسن الأمين العاملي(1371هـ)، شكَّك في كون (كتاب الألفاظ) المؤلَّف قبل سنة (199هـ) في موضوعات أصول الفقه([27]). فعليه يكون كتاب (اختلاف الحديث ومسائله) قد أُلِّف قبل سنة وفاة يونس، وهي (208هـ).
ويعزِّز هذا الرأي ما ذكره بعض الباحثين، من أن عنوان الكتاب هو (اختلاف الحديث ومسائله عن أبي الحسن موسى×)، فيكون الكتاب قد دُوِّن في حياة الإمام الكاظم، أي قبل (182هـ)، وهي سنة شهادة الإمام([28]).
الاتجاه الثاني: أو اتجاه المدرسة السنّية، والذي يرى أن السنّة هم السابقون في التصنيف في أصول الفقه.
وانقسم هذا الاتجاه إلى الآراء الأربعة التالية:
الرأي الأوّل: الذي يرى أن كتاب (الرسالة)، للإمام محمد بن إدريس الشافعي(204هـ)، هو أوّل مصنَّف إسلاميّ في أصول الفقه.
فالمرويّ في سبب تأليفها هو أن الحافظ عبد الرحمان بن المهديّ(192هـ أو 198هـ) التمس من الشافعي، وهو شابّ، أن يضع له كتاباً يذكر فيه شرائط الاستدلال بالقرآن والسنّة والإجماع والقياس، وبيان الناسخ والمنسوخ، ومراتب العموم والخصوص؛ فوضع الشافعي له كتاب (الرسالة)([29]).
وكان تأليفه لها أوّل مرّة في مكّة، عندما كان شابّاً([30])؛ وقيل: إنه ألَّفها في بغداد([31])، أي بين سنتي (195هـ و197هـ)؛ لأنهما السنتان اللتان أقام فيهما الشافعي في بغداد([32]). إلاّ إن هذا مستبعدٌ؛ بملاحظة وفاة عبد الرحمان بن المهدي.
ثم أعاد تأليفها في مصر([33])، أي في سنة (199هـ) أو في سنة (201هـ) وما بعدهما؛ لأنه في إحدى هاتين السنتين وصل إلى مصر([34]).
وهذا الرأي هو الغالب في الوسط العلمي السنّي، كالفخر الرازي من المتقدِّمين، الذي عبَّر بـ(اتّفق الناس على أن أوّل مَنْ صنَّف في هذا العلم هو الشافعي)([35])؛ والزركشي في (البحر المحيط في أصول الفقه)؛ وابن خلدون في (المقدمة)؛ وأبو حامد الغزالي في (المنخول من تعليقات الأصول)؛ ومن المتأخِّرين: عبد الغني الدقر في (الإمام الشافعي فقيه السنّة الأكبر)؛ والشيخ محمد سليمان الأشقر في (الواضح في علم أصول الفقه)؛ والشيخ عبد الكريم زيدان في (الوجيز في أصول الفقه)؛ والشيخ عبد الوهّاب خلاّف في (علم أصول الفقه)؛ الشيخ محمد العثيمين في (شرح الأصول من علم الأصول)؛ والأستاذ أحمد محمد شاكر في (تقديم رسالة الشافعي)([36])؛ وغيرهم.
الرأي الثاني: ويرى أصحابه أن ما صنَّفه أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم(182هـ)، صاحب أبي حنيفة، هو أوّل مصنَّف في أصول الفقه، وإنْ لم يذكروا عنوان الكتاب الذي صنَّفه. ولكنّ ابن خلكان ذَكَرَ أن أبا يوسف هو أوّل مَنْ صنَّف في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة([37]).
واحتمل هذا الرأي كلٌّ من: الشيخ مصطفى عبد الرزاق([38])؛ والدكتور محمود الشهابي([39])، الذي اعتمد على كلامٍ لابن خلّكان السابق، بالإضافة إلى أن وفاة أبي يوسف متقدّمة على وفاة الشافعي، وهذا يعني أن تصنيفه للكتاب المنسوب إليه كان قبل سنة (182هـ).
الرأي الثالث: الذي يرى أن مصنَّفات محمد بن الحسن الشيباني(182هـ أو 189هـ) هي أولى المصنَّفات الأصولية، وهي ـ كما نسبها له ابن النديم ـ: (أصول الفقه) و(كتاب الاستحان) و(كتاب اجتهاد الرأي)([40]). وقد كانت وفاته سابقة على وفاة الشافعي بأكثر من عشر سنين.
وذهب لهذا الرأي الدكتور محمود الشهابي([41]).
الرأي الرابع: هو أن أوّل مصنََّف في أصول الفقه هو ما صنَّفه أبو حنيفة النعمان(150هـ)؛ فقد ذكر السيوطي(911هـ) أن أوّل مَنْ صنَّف في أصول الفقه هو أبو حنيفة([42])، وتبعه على هذا أبو الوفا الأفغاني([43])، ولم يذكر أحدٌ ـ بحَسَب التتبُّع ـ ما هي طبيعة هذا المصنَّف الأصوليّ لأبي حنيفة.
هذه أبرز الآراء في تحديد أوّل مصنَّف في أصول الفقه على مستوى الاتجاهين الشيعي والسنّي.
مداخلاتٌ وملاحظات
1ـ إن كون (كتاب الألفاظ) لهشام بن الحكم هو أوّل مصنَّف في أصول الفقه متوقِّفٌ على أن يكون موضوع الكتاب في أصول الفقه. وهذا ما تمَّتْ مناقشته فيما سبق. فليس هناك ما يدلّ بشكلٍ واضح على انتماء الكتاب للمصنَّفات الأصولية، فلا يمكن اعتباره المؤلَّف الرائد.
2ـ وأما كون (كتاب اختلاف الحديث)، ليونس بن عبد الرحمان، المصنَّف الأوّل فهو بهذا العنوان لا يكون الكتاب السابق في هذا المجال؛ إذ الآراء الآتية تُثْبِت تقدُّم غيره عليه؛ بملاحظة سنوات الوفيّات.
وبخصوص الصيغة الثانية لعنوان لكتاب، وهي: (كتاب اختلاف الحديث ومسائله عن أبي الحسن موسى بن جعفر’)، فهي وإنْ كانت محتَمَلة؛ إلاّ أنه بالرجوع إلى نسخة فهرست الطوسي المحقَّقة نجدها ذكرت هذا العنوان كعنوانين مستقلَّين: الأوّل: (اختلاف الحديث)؛ والآخر: (مسائله عن أبي الحسن موسى بن جعفر’)([44]).
ومع هذا، حتّى لو كان عنوان الكتاب بالصياغة الثانية فلعلّ يونس قد سمع هذه المسائل من الإمام الكاظم× في حياته، وألَّف الكتاب بعد شهادته؛ فيكون تأليف الكتاب بعد سنة (183هـ).
فهذا الرأي مستبعدٌ أيضاً.
3ـ من الواضح أن الرأي المشهور بين علماء أهل السنّة أن كتاب (الرسالة) هو أوّل مصنَّف أصوليّ. ولكنْ؛ بملاحظة الرسالة، سوف نرصد ظاهرتين لا يمكن بعدهما تصحيح هذا الرأي والقبول به:
الظاهرة الأولى: القارئ لكتاب (الرسالة) سيلاحظ في أوَّلها قوله: (أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إدريس…)([45])، بل وتكرُّر عبارة (قال الشافعي) في كثيرٍ من مقاطعها([46])، وهذا يعني أن الكتاب من إملاءات الشافعي، لا من مدوَّناته. وإلى هذا ذهب محقِّق (الرسالة) الأستاذ أحمد محمد شاكر([47]).
فإذا كانت كذلك ـ أي إنها من إملاء الشافعي ـ فحقَّ أن نعتبر الإمامين الباقر(114هـ) والصادق(148هـ) هما أوّل مَنْ دوَّنا في أصول الفقه؛ فقد أمليا على طلاّبهما الكثير من النصوص الأصولية. وقد جُمِعَتْ في أكثر من كتابٍ، ككتاب (الأصول المهمّة في أصول الأئمة) للشيخ الحرّ العاملي، وكتاب (أصول آل الرسول) للسيد هاشم بن زين العابدين الخوانساري، وكتاب (الأصول الأصيلة) للشيخ الفيض الكاشاني، وكتاب (الأصول الأصلية) للسيد عبد الله شُبَّر.
ولكنْ تبقى ملاحظةٌ في هذا السياق، وهي: إن هذه الإملاءات من الإمامين الباقر والصادق’ لم يتمّ تدوينها في القرن الثاني الهجري، أي لم تُجْمَع أقوالهما في عصرهما، إنما تمّ ذلك بعد القرن الثاني بقرونٍ، وكلامُنا في التدوين.
الظاهرة الثانية: من الملاحظ أن (الرسالة) حَوَتْ موضوعات غير الموضوعات الأصولية، مثل: (باب فرض الصلاة التي دلّ الكتاب ثم السنّة على مَنْ تزول عنه بالعذر وعلى مَنْ لا تُكتب صلاته بالمعصية)، و(وباب الفرائض التي أنزل الله نصّاً)، و(جملة الفرائض: الزكاة والحجّ والعِدَد ومحرَّمات النساء و…)([48])، فورود أمثال هذه الموضوعات في (الرسالة) لن يجعلها مدوَّناً خالصاً في أصول الفقه، وإنْ اعتُبِرَتْ من أصول الفقه بالمعنى القديم، وقبل أن تتبلور القواعد الأصولية كما نعرفها اليوم.
ومع الأهمِّية المميَّزة لرسالة الإمام الشافعي؛ لكونها أحد أقدم النصوص الواصلة إلينا في الفكر الإسلامي، ولكنْ؛ بحَسَب ما بأيدينا من معطيات، لا يمكن أن تكون هي المدوَّن الأوّل في أصول الفقه الإسلامي.
3ـ إذا صَحَّ ما ذكره العلاّمة السيوطي، من أن أبا حنيفة النعمان هو أوّل مَنْ صنَّف في أصول الفقه، فبالتأكيد سيكون هو السابق؛ إذ إن وفاته سنة (150هـ) متقدّمةٌ على جميع مَنْ ذُكر.
إلاّ أن السيوطي لم يذكر لنا ما هو عنوان المصنَّف، ولم يصلنا ـ مع شديد الأسف ـ المصنَّف؛ ليُلاحَظ ويُدرَس؛ فلعلّ هذه النسبة كنسبة سَبْق التصنيف إلى رسالة الشافعي.
ولو كان مقصود السيوطي من أسبقيّة أبي حنيفة في التصنيف الأصولي هو ما أُثِر عنه من قواعد استنباطية كان يمارسها فهذا خارجٌ عن بحثنا؛ فبحثنا ـ كما ذكرنا ـ حول بدء التصنيف، لا المساهمة في التأسيس، التي تجاوزناها.
لهذا لا يمكن الاطمئنان بما ذكره العلاّمة السيوطي، من أن أبا حنيفة هو الرائد في التصنيف الأصولي.
4ـ والملاحظة السابقة تأتي على ما ذكره ابن خلّكان، من أن أبا يوسف هو أوّل مَنْ صنَّف في أصول الفقه؛ فلم يذكر لنا ما هو عنوان هذا المصنَّف؛ ولم يصلنا شيءٌ من هذا التصنيف. ولو صحَّت هذه النسبة لأبي يوسف فلا يضرّ أن يكون تصنيفه على وفق مذهب أستاذه أبي حنيفة. فالمهمّ أن ما ذكره من قواعد وموضوعات تصبّ في حريم أصول الفقه، ولو لم تُقْبَل آراؤه عند آخرين.
وعليه فليس من الواضح أن أبا يوسف هو رائد التصنيف الأصولي.
5ـ يبقى الرأي الأقوى من بين الآراء المطروحة من الاتجاهين هو الرأي القائل بأن الشيباني هو أوّل مَنْ صنَّف في أصول الفقه؛ فعناوين الكتب التي ذكرها له ابن النديم واضحة الانتماء إلى دائرة العلم، ووفاة الرجل متقدِّمة على غيره ممَّنْ يُحتَمَل في حقَّهم السبق في التدوين.
إلاّ أن ثمّة احتمالٌ يمكن أن يُطْرَح سيُبْعِد الشيباني عن الصدارة، وهو أن يكون كتاب أبان بن تغلب المعنون بـ (كتاب من الأصول في الرواية على مذاهب الشيعة) هو المصنَّف الأصولي الأوّل؛ فالعنوان ـ كما ذكرنا آنفاً ـ يناسب أن يكون موضوعاً أصولياً ـ مع تجاوز ما احتمله الدكتوران الفضلي والمدرِّسي ـ، ووفاته كانت في سنة (141هـ)، وهي متقدّمة على وفاة الشيباني.
6ـ ويمكن هنا طرحُ رأيٍ آخر غير ما طُرح سابقاً، وهو أن يكون (كتاب الأخبار وكيف تصحّ؟)، لهشام بن الحكم، هو أوّل تصنيفٍ في أصول الفقه عند المسلمين؛ فعنوان الكتاب لا تَرِدُ عليه تلك الملاحظات المسجَّلة على غيره من الكتب التي احتُمل في حقِّها أن تكون المصنَّف الرائد؛ لوضوح عنوان الكتاب في انتمائه إلى الدائرة الأصوليّة؛ إما في البحث عن حجّية الأخبار؛ أو في البحث عن تعارض الأخبار. ويؤكِّد هذا ما نقله الدكتور المدرِّسي، فراجِعْ.
وكانت وفاة هشام في أواخر القرن الثاني الهجري في سنة (199هـ)، فهو متقدِّم على كثيرين ممَّنْ قيل: إنهم روّاد التصنيف الأصولي.
ثانياً: مصنَّفات القرن الثالث الهجري
4ـ كتاب اختلاف الحديث، لمحمد بن أبي عُمَيْر(217هـ)
وهو ممَّنْ صحب وروى عن الإمامين الكاظم والرضا’. وصفه الشيخ النجاشي بأنه (جليل القدر، عظيم المنزلة فينا وعند مخالفينا)([49]). وذكر له هذا الكتاب في (الفهرست)([50]).
والكتاب وإنْ لم يصلنا، إلاّ أنَّ عنوانه يناسب مباحث تعارض الأحاديث، وهو من الموضوعات الأساسية في أصول الفقه.
5ـ كتاب الناسخ والمنسوخ، للحسن بن عليّ بن فَضّال(224هـ)
كان من القائلين بإمامة عبد الله الأفطح ابن الإمام جعفر الصادق×، ثم أقرّ بإمامة الإمام الكاظم×. روى عن الإمام الرضا×. وكان ثقةً، ووُصف بأنه جليل القدر، عظيم المنزلة([51]).
ذكر له النجاشي هذا الكتاب([52]).
وعنوان الناسخ والمنسوخ وإنْ كان من موضوعات علوم القرآن الكريم، إلاّ أنه يُعَدّ من موضوعات أصول الفقه أيضاً. ولنا أن نراجع الكتب الأصولية المتقدّمة الواصلة إلينا، كتذكرة الشيخ المفيد([53]) وذريعة السيد المرتضى([54])، وعدّة الطوسي([55])، وغيرها، لنرى أنها كانت تناقش هذا الموضوع ضمن أصول الفقه. فعَدُّ الكتاب من أصول الفقه وجيهٌ جدّاً.
6ـ أبو يوسف يعقوب بن إسحاق السِّكِّيت(246هـ)، والانتماء إلى علماء أصول الفقه؟
ذكر الشيخ النجاشي أن السِّكِّيت من أصحاب الإمامين الجواد والهادي’، وممَّنْ روى عن الإمام الجواد×، وعَدَّه من الثقات الذين لا يطعن عليهم([56]).
ذكر له المفهرسون مجموعةً من الكتب، منها: (كتاب الألفاظ)([57])، و(كتاب ما اتّفق لفظه واختلف معناه)([58]). وقد اعتبرهما الأستاذ محمد رضا ضميري، في كتابه (دانشنامه أصوليان شيعه)، من المصنَّفات الأصولية للسِّكِّيت، فقال ما ترجمته: (…وقد كتب في الأصول كتاب الألفاظ؛ وكتاب ما اتّفق لفظه واختلف معناه. والكتابان غير موجودين)([59]).
ولنا وقفةٌ مع الأستاذ ضميري في اعتباره السِّكِّيت من الأصوليين، وعدّه الكتابين من المدوَّنات الأصولية:
1ـ أما في ما يخصّ (كتاب الألفاظ) فقد وصلتنا نسخةٌ من الكتاب، وهو مطبوعٌ بتحقيق: الدكتور فخر الدين قبَاوَة.
ومن خلال مطالعة الكتاب لم نجِدْ أيّ ارتباط للكتاب بعلم أصول الفقه، وإنما هو في (معاجم المعاني)، ومن أقدم المصادر الواصلة إلينا في هذا المجال([60]). فهو مقسَّمٌ إلى مائة وسبعة وأربعين باباً؛ مثلاً: باب الفقر والجدب، باب الجماعة من الإبل، باب حِدَّة الفؤاد والذكاء، باب رفعك الصوت بالوقيعة في الرجل والشَّتْم له، باب أسماء القمر وصفته، و…
فالكتاب بالتأكيد ليس في أصول الفقه، وإنما في علم اللغة.
2ـ وأما كتابه الآخر (كتاب ما اتّفق لفظه واختلف معناه) فالكتاب لم يصلنا حتّى نتعرَّف على مضمونه، ومن ثم الحكم عليه؛ لإدخاله ضمن الدائرة الأصولية أو إخراجه منها. ولكنْ يمكننا ملاحظة مجموع القرائن التالية؛ للخروج بنتيجةٍ عامّة حول الكتاب:
القرينة الأولى: لم نجِدْ، بحَسَب ما بأيدينا من عناوين للكتب الأصولية، مع التركيز على الفترة التي عاصرها السِّكِّيت وما بعدها، أيَّ كتابٍ أصولي بهذا العنوان؛ حتّى يمكن أن نستقرب أن يكون هذا الكتاب للسِّكِّيت كتاباً في أصول الفقه.
القرينة الثانية: الملاحَظ أن مجموعةً من الكتب حملت نفس هذا العنوان، وكلّها تنتمي إلى المجال اللغوي، أو أن مؤلِّفيها من اللغوين المعروفين. مثلاً: أبو العميثل عبد الله بن خليد له كتابٌ بنفس العنوان([61])، الأصمعي(213هـ) الشاعر العربي المعروف له كتابٌ بنفس العنوان([62])، المبرَّد اللغوي البارز(285هـ) له كتاب (ما اتّفقت ألفاظه واختلفت معانيه في القرآن الكريم)([63])، الأحول بن العباس من علماء اللغة والشعر له كتابٌ بنفس العنوان([64])، وغيرهم. وهذا أيضاً ممّا يزيد احتمال أن يكون كتاب السِّكِّيت هذا في اللغة، لا في أصول الفقه.
القرينة الثالثة: عُرِفَتْ شخصية ابن السِّكِّيت في الأوساط العلمية والثقافية كشخصيّةٍ لغوية؛ فقال عنه الشيخ النجاشي: (…وكان وَجْهاً في علم العربية واللغة…)([65])؛ وعبَّر عنه ابن النديم: (…وكان يعقوب يكنّى بأبي يوسف، من علماء بغداد ممَّنْ أخذ عن الكوفيين… وكان عالماً بنَحْو الكوفيين وعلم القرآن والشعر، وقد لقي فصحاء الأعراب، وأخذ عنهم، وحكى في كتبه ما سمعه منهم…)([66])؛ وعدّه أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي الأندلسي من علماء اللغة، وذكره في كتابه (طبقات النحويين واللغوين) وترجم له([67]).
مجموع هذه القرائن الثلاث يسلمنا إلى الاطمئنان ـ أو على الأقلّ إلى الاحتمال القويّ ـ بأن (كتاب ما اتّفق لفظه واختلف معناه) كتابٌ في اللغة، لا ما ذهب إليه الأستاذ ضميري، من أنه في أصول الفقه.
قد يأتي إلى الذهن هذا الاحتمال، وهو: صحيحٌ أن هذه القرائن المتقدِّمة قد أنهتنا إلى الاطمئنان بأن الكتاب في اللغة، ولكنّ هذا لا يعني أن لا يكون للكتاب نحو ارتباطٍ بأصول الفقه في مباحثه اللغوية.
ويمكن دفع هذا الاحتمال من خلال الاطّلاع على نماذج من محتويات الكتب التي تتناول ما اتّفق لفظه واختلف معناه، ومنها ـ مثلاً ـ: ما دوَّنه إبراهيم بن أبي محمَد يحيى اليزيدي(225هـ)، يقول في مفردة (الدين): (واحد الأديان. والدين: الطاعة. يُقال دِنْتُ له: طِعْتُ له. والدين: الدأب، يُقال: ما زال ذلك دِينه، أي دَأْبُه ودَيْدَنُه…)([68]). فالكتب التي تحمل هذ العنوان هي معاجم في (المشترك اللفظي)، ولا يمكن عدُّها من المدوَّنات الأصولية بالمعنى الذي نقصده هنا.
7ـ رسالة اجتماع الأمر والنهي، للفضل بن شاذان(260هـ)
أحد أشهر المتكلِّمين الشيعة في عصره. روى عن الإمام محمد بن عليّ الجواد×.
ذكر له الباحث محمد رضا ضميري هذه الرسالة، وبهذا العنوان([69]). ولكنْ لم يذكر مصدراً لهذه الرسالة، ولم نجِدْ مصدرها، بحَسَب التتبُّع.
8ـ أبو سهل إسماعيل بن عليّ النوبختي(بعد 260هـ)، والتعدُّد في التصنيف الأصولي
وصفه الشيخان النجاشي والطوسي بأنه شيخ المتكلِّمين من الشيعة([70]).
وقد تميّّز أبو سهل بوفرة مصنَّفاته في موضوعات أصول الفقه. وهذا ما يعطي مؤشِّراً عالياً على تنامي البحث الأصولي في الوسط الإمامي وبدء نضجه في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري.
ومصنَّفات النوبختي في هذا المجال هي:
أـ كتاب الخصوص والعموم والأسماء والأحكام. وقد ذكر له الشيخان النجاشي([71]) والطوسي([72]) هذا الكتاب. وموضوع الخصوص والعموم من الموضوعات الأصولية الأساسية، كما هو واضحٌ.
ب ـ كتاب إبطال القياس. ذكره ابن النديم في (الفهرست)([73]). وتصنيف كتاب بهذا العنوان يعطي الحجم الكبير الذي بدأ يأخذه موضوع القياس في الوسط الإسلامي قبولاً ورفضاً، بعد أن كانت مواجهته مقتصرة على الأحاديث المرويّة عن الأئمة، وخصوصاً الإمام الصادق×.
ج ـ كتاب النقض على عيسى بن أبان في الاجتهاد. ذُكر في فهرستي النجاشي([74]) والطوسي([75]).
وموضوع الاجتهاد من الموضوعات التي كان موقف الأئمة حاسماً منه؛ لأن بعض المذاهب الفقهية السنّية كانت تعتبره مصدراً من مصادر التشريع في بعض الحالات. وقد تناول الأصوليون هذا الموضوع في كتبهم. وهذا ما سيقودنا إلى اعتبار هذا النقض من المدوَّنات الأصولية.
د ـ كتاب نقض اجتهاد الرأي على ابن الراوندي. ذكره الطوسي([76]) وابن النديم([77]).
وهو كسابقه في اعتباره من مدوّنات أصول الفقه.
هـ ـ كتاب نقض رسالة الشافعي. ذكره ابن النديم في (الفهرست) بهذا العنوان([78])؛ ولكنّ الطوسي لم يذكر له كتاباً بهذا العنوان، وإنما ذكر كتاباً بعنوان (كتاب نقض مسألة الشافعي)([79]). ومن المرجَّح أن يكون هو نفس الكتاب المذكور في فهرست ابن النديم مصحَّفاً.
ومن المظنون أن الكتب الأربعة الأخيرة جاءت في سياق السجال المذهبي بين الشيعة وخصومهم في بعض مباني التشريع واستنباط الأحكام الشرعية؛ فهذه الموضوعات كانت مادّةً خصبة للمناظرات المذهبية. ولكنْ من المؤكَّد أن مثل هذا النوع من الردود والنقوض كان له دورٌ في فتح نافذة بدائية للبحث الأصولي المقارِن فيما بعد. ولهذا يمكن عَدُّ هذه المرحلة مرحلةً ساهمت في تأسيس أصول الفقه المقارِن بين المذاهب الإسلامية فيما بعد.
9ـ كتاب اختلاف الحديث، لأحمد بن محمد بن خالد البرقي(274هـ)
وصفه الشيخان النجاشي([80]) والطوسي بالوثاقة. قد ذكر له الطوسي في (الفهرست) هذا الكتاب([81]).
10ـ كتاب ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه، لسعد بن عبد الله الأشعري(299هـ)
وُصف بأنه شيخ الطائفة وفقيهها في وقته. صنَّف الكثير من الكتب، ومنها: هذا الكتاب في أصول الفقه، الذي ذكره الشيخ النجاشي في (الفهرست)([82]).
11ـ كتاب الناسخ والمنسوخ، لدارم بن قبيصة
ممَّنْ روى عن الإمام الرضا×. وقد ذُكر له هذا الكتاب في فهرست الشيخ النجاشي([83]).
ثالثاً: مصنَّفات القرن الرابع الهجري
12ـ أبو القاسم عليّ بن أحمد الكوفي(352هـ)، والتنوُّع والتعدُّد في التدوين الأصولي
قيل في حقّه: إنه ممَّنْ غلا في آخر حياته. صاحب مصنَّفات كثيرة([84]).
للكوفي مجموعةٌ من التأليفات في أصول الفقه، وهي:
أـ كتاب الفحص عن مناهج الاعتبار. ذكره الشيخ النجاشي في (الفهرست)([85]).
وعنوان الكتاب مناسبٌ جدّاً لموضوعات أصول الفقه. ولعلّه يتناول المناهج التي يمكن من خلالها اعتبار الحديث أو الأدلّة. ومع هذا تبقى بقيّة الاحتمالات في مادّة الكتاب مفتوحة.
ب ـ كتاب معرفة ترتيب ظواهر الشريعة. ذكره الشيخ النجاشي أيضاً في (الفهرست)([86]).
وعبارة (ظواهر الشريعة) توحي بأن الموضوع المتناوَل في هذا الكتاب موضوعٌ أصولي؛ إذ لعلّه تناول فيه شيئاً مرتبطاً بظواهر الكلام أو الأدلّة.
والجزم في هذا صعبٌ.
ج ـ كتاب الردّ على أهل القياس. ذكره الشيخ النجاشي في (الفهرست)([87]).
ونستطيع أن نعتبر هذا الكتاب امتداداً لما بُدئ في القرن السابق من البحث في الأدلّة الشرعية عند المذاهب الإسلامية الأخرى، والتي وجدنا بدايتها مع أبي سهل النوبختي.
د ـ كتاب الردّ على أصحاب الاجتهاد في الأحكام. وهذا ممّا ذكره الشيخ النجاشي في فهرسته([88]).
ويمكن أن نعتبر هذا الكتاب أيضاً امتداداً لما وجدنا بدايته عند النوبختي في القرن السابق. فموضوع الاجتهاد بوصفه مصدراً للتشريع موضوعٌ أصوليّ، وسنجد له حضوراً واضحاً إلى القرون المتأخِّرة.
13ـ كتاب الحديثين المختلفين، لمحمد بن أحمد بن داوود(368هـ)
كان شيخ الطائفة الشيعية وعالمها، وعُرِف كفقيهٍ وعالم في الحديث([89]).
ذكر له هذا الكتاب الشيخُ النجاشي في فهرسته([90]).
14ـ كتاب في إبطال القياس، لأبي منصور الصرّام(370هـ تقريباً)
وصفه الشيخ الطوسي بأنه (من جملة المتكلِّمين من أهل نيسابور. وكان رئيساً مقدَّماً). وذكر له هذا الكتاب في (الفهرست)([91]).
15ـ كتاب الناسخ والمنسوخ، للشيخ أبي جعفر محمد بن عليّ الصدوق(381هـ)
أحد أهمّ أعلام المذهب الشيعي، وصاحب الكتاب الحديثي المعروف (كتاب مَنْ لا يحضره الفقيه)، وغيره من المصنَّفات كثيرة، والتي منها هذا الكتاب، الذي ذكره الشيخ النجاشي في الفهرست([92]).
16ـ الحسن بن موسى النوبختي(بعد 300هـ)، وريادة التدوين في خبر الواحد
المتكلِّم الإمامي البارز في زمانه، وصاحب المصنَّفات الكثيرة. له في أصول الفقه:
أـ كتابٌ في خبر الواحد والعمل به. ذكره الشيخ النجاشي في (الفهرست)([93]).
لم نجِدْ فيما سبق من مصنَّفات عنواناً مخصَّصاً للبحث في خبر الواحد؛ فالكتاب يُعَدّ الأوّل من نوعه في هذا المجال.
والكتاب وإنْ لم يصلنا؛ حتّى نتعرَّف على محتوياته، وما هو موقف النوبختي من حجّية خبر الواحد تأييداً أو رفضاً؟ ولكنْ على مستوى المنهج من المحتمل جدّاً أن يكون تناوله لموضوع الخبر من الجهة العقلية وبمنهجٍ عقلي؛ فالنوبختي كان متكلِّماً، وقد عبَّر عنه النجاشي بقوله: (شيخنا المتكلِّم المبرَّز على نُظرائه في زمانه، قبل الثلاثمائة وبعدها)([94]).
وثمّة قرائن عامّة يمكن من خلالها الميل إلى أنه كان في هذا الكتاب منتصراً لحجّية الخبر، وهي:
أوّلاً: لو كان الكتاب في رفض خبر الواحد لعبَّر عنه مثلاً ـ كما هو الغالب ـ (كتابٌ في ردّ خبر الواحد والعمل به).
ثانياً: قد نُسِبَتْ إلى النوبختي ـ كما سيأتي قريباً ـ ردودٌ على أبي جعفر بن قِبَة، الذي أثار موضوع (جواز التعبُّد بالظن) في الوسط الإمامي، وكان من القائلين ـ على ما نُسِبَ إليه ـ بعدم جواز التعبُّد بالظنون، فالردُّ عليه سيكون في جواز التعبُّد بالظنون، والتي منها خبر الواحد.
لهاتين القرينتين يمكن الميل إلى أن الحسن النوبختي كانت منتصِراً لحجّية خبر الواحد في هذا الكتاب.
ب ـ كتاب الخصوص والعموم، ذكره الشيخ النجاشي في (الفهرست)([95]).
ج / د ـ مجموعتان بعنوان: جواباته لأبي جعفر بن قِبَة&. ذكرهما الشيخ النجاشي في فهرسته([96]). ومن المحتمل أن تكون هذه الجوابات حول الرأي المنسوب لابن قِبَة من عدم جواز التعبُّد بالظنّ عقلاً، وهو الموضوع الذي كان ضمن موضوعات الساعة آنذاك.
17 / 18ـ كتاب الحديثين المختلفين وكتاب القياس، لعبد الله بن جعفر الحِمْيَري(300هـ تقريباً)
ذكرهما الشيخ النجاشي في (الفهرست)([97]).
وقد ذهب بعض الباحثين([98]) إلى احتمال أن يكون عنوان الكتاب هو (كتاب ما بين هشام بن الحكم وهشام بن سالم في القياس والأرواح والجنة والنار والحديثين المختلفين)، فيكون موضوع الكتاب استعراض ما دار بين الهشامين في هذه الموضوعات، والتي منها: الموضوعان الأصوليان: القياس؛ والحديثان المختلفان.
وبهذه الصيغة يمكن اعتبار الكتاب من المدوَّنات الأصولية بالمعنى العامّ، من خلال وصفه للاختلاف بين هشام بن الحكم وهشام بن سالم الجواليقي.
ولكنْ ما هو مثبَتٌ في النسخة المحقَّقة من قِبَل السيد موسى الزنجاني كالتالي: كتاب ما بين هشام بن الحكم وهشام بن سالم، والقياس، والأرواح، والجنّة والنار، والحديثين المختلفين([99]). فهي مجموعةٌ من الكتب، منها: (ما بين هشام بن الحكم وهشام بن سالم)؛ و(القياس)؛ و… وعليه يكون لعبد الله بن جعفر الحميري كتابان أصوليان بالمعنى الخاصّ للكتب الأصولة، أحدهما: بعنوان (القياس)؛ والآخر: بعنوان (الحديثان المختلفان).
19ـ كتاب الناسخ والمنسوح، لأبي الحسن عليّ بن إبراهيم بن هاشم القمّي(بعد 300هـ)
المحدِّث المعروف بوثاقته، والذي روى عنه الشيخ الكليني كثيراً في كتابه (الكافي).
ذكر له الشيخ النجاشي هذا الكتاب في (الفهرست)([100]).
20ـ كتاب الناسخ والمنسوخ، لأبي عبد الله محمد بن العبّاس (ابن الحجّام)(بعد 328هـ)
من الثقات، كثيري الحديث([101]). ذكره الشيخ الطوسي في (الفهرست)([102]).
نتائج واستخلاصات
1ـ كانت البدايات الأولى لتأسيس علم أصول الفقه مع الممارسات العملية الأولى للاجتهاد الشرعي، والتي مورست منذ عصر حضور المعصوم، كما أكَّدت عليها مجموعة من المؤشِّرات؛ خلافاً للرأي النافي للاجتهاد في عصر المعصوم.
2ـ لا يمكن وصف أيّ شخصيةٍ أو جماعة بأنها هي المؤسِّسة لعلم أصول الفقه؛ لأن تأسيس العلم قائمٌ على عامل التراكم التاريخي وامتداده الزمني. فللكثير من الشخصيات الإسلامية مساهماتها في التأسيس للقواعد الأصولية. فليس الشافعي هو المؤسِّس، كما ذهب لذلك غالبية أهل السنّة وبعض الشيعة؛ وليس الإمام الباقر× هو المؤسِّس ـ بالمعنى الذي نقصده من التأسيس ـ، كما ذهب إليه بعض علماء الشيعة. ولاحظنا كيف وقع بعض الباحثين في خلطٍ بين مرحلتي التأسيس والتدوين.
3ـ من الملحوظ أن البدء بالتصنيف الأصولي بدأ متأخِّراً، بالمقارنة بينه والعلوم الأخرى العقلية. وأوضحنا أن هذا يرجع إلى انتماء أصول الفقه إلى العلوم النقلية، التي انتهجت منهجاً خاصّاً في التصنيف، أعاق بدء وسرعة التصنيف فيها.
4ـ بعد مرحلة التأسيس بدأت مرحلة التدوين أو التصنيف، والتي كانت في القرن الثاني الهجري، مع أصحاب أئمة أهل البيت^. ورأينا كيف كانت حركة التصنيف في تصاعدٍ؛ فبالرصد تمّ التوصُّل إلى 4 عناوين من مصنَّفات القرن الثاني الهجري، أما في القرن الثالث الهجري فقد تمّ رصد 10 عناوين، لتتصاعد في القرن الرابع الهجري إلى 15 عنواناً، وجدنا أن بعضها يمكن الاطمئنان إلى انتمائه إلى دائرة أصول الفقه، وبعضها يمكن النقاش في انتمائه إلى أصول الفقه.
5ـ الملاحَظ من خلال الرصد عدم وجود أيّ مصنَّفٍ جامع وشامل لكل الموضوعات الأصولية المبحوثة في هذه الفترة، وإنما كانت الموضوعات متفرِّقة. ويمكن تحديدها في الموضوعات التالية:
أـ الموضوعات المرتبطة بالحديث، والتي تناولت تصحيح الأخبار، والاختلاف في الحديث، والتعارض بينها، وخبر الواحد.
ب ـ الموضوعات المرتبطة بالقياس، واجتهاد الرأي، والنقوض على أصول المذاهب الإسلامية الأخرى.
ج ـ الموضوعات المرتبطة بالمباحث اللفظية، كالعموم والخصوص.
د ـ موضوع الناسخ والمنسوخ الذي وجدنا له حضوراً بارزاً في هذه الفترة.
6ـ يمكن اعتبار هذه القرون مرحلة بذر بدايات أصول الفقه المقارن بين المسلمين، وذلك من خلال الكتب الردود على بعض مبادئ الاجتهاد عند المذاهب الإسلامية الأخرى، كنقض النوبختي على رسالة الشافعي، وغيره.
7ـ لوحظ وجود العديد من الآراء حول أوّل مصنَّفٍ في أصول الفقه الإسلامي بشكلٍ عام. ووجدنا أن كثيراً من الآراء المطروحة لم تسلم من الملاحظات الأساسية التي لا يمكن تبنّيها. ولكنْ تبقى الاحتمالات دائرةً بين: (كتاب الأصول في الرواية على مذهب الشيعة) لأبان بن تغلب، ومجموعة كتب الشيباني، التي ذكرها له ابن النديم في (الفهرست)، و(كتاب الأخبار وكيف تصح؟) لهشام بن الحكم.
8ـ الملامح العامّة للبحث الأصولي في هذه المرحلة يمكن إيجازه في التالي:
أـ من المتوقَّع أن تكون أبحاث هذه المرحلة بسيطةً وخالية من البحث المعمَّق. وهذه طبيعة البدايات، فهي تميل إلى بذر أسس المسائل والموضوعات التي سوف تتبلور فيما يأتي، مع علماء هذا العلم.
ب ـ لم تتشكَّل رؤية عامّة لعلم أصول الفقه في هذه الفترة. فكما ذكرنا لم نجِدْ أيَّ كتابٍ جامع لمباحث موضوعات هذه المرحلة، وبالتالي لن يكون هناك قابليةٌ لتشكيل رؤية نظرية لهذا العلم.
ج ـ من المحتمل جدّاً أن يكون أصول الفقه في هذه المرحلة متأثِّراً بعلم الكلام والعلوم العقلية في الموضوعات ودراستها ومعالجها، وإنْ كانت عناوين البحوث ليست كذلك. وما يوجِّه هذا الاحتمال هو أن الكثير من المصنِّفين في هذه المرحلة هم من المتكلِّمين، كالنوبختيين وابن الحكم وغيرهم. ولعله لهذا اعتبر السيد الشهيد محمد باقر الصدر(1400هـ) علم الكلام أحد مصادر الإلهام للفكر الأصولي، والتي تموِّنه وتمدّه بالأفكار والنظريات([103]). وقد ذهب لهذا أحمد باكتجي، الذي اعتبرهم تياراً أصوليّاً ـ متكلّماً، له امتداده في علم أصول الفقه([104]).
وقد خالف في هذا الدكتور أبو القاسم كرجي(1432هـ)، الذي ذهب إلى أن المباحث الكلامية والمنطقية لم تدخل إلى أصول الفقه إلاّ متأخِّرةً، وليس في البدايات([105]).
9ـ لا يمكننا تحديد الأسلوب الذي سار عليه الإمامية في هذه الفترة من تاريخهم الأصولي؛ فهل اعتمدوا الأسلوب الهجومي في معالجة القضايا الخلافيّة المذهبية، بمعنى أنهم يقومون ـ بدون الدفاع عن وجهة نظرهم ـ برفض الموضوعات التي اعتمدتها أغلب المذاهب السنّية آنذاك، كالقياس واجتهاد الرأي، أم كان أسلوبهم دفاعياً؟! لا يمكننا تحديد الأسلوب الذي ساروا عليه؛ نظراً لعدم امتلاكنا هذه المصنَّفات التي دوِّنت في هذه الفترة.
الهوامش
(*) أستاذٌ في الحوزة العلميّة، من المملكة العربيّة السعوديّة. وهذا البحث في عُمدته عبارةٌ عن مجموعة من سلسلة محاضرات ألقاها سماحة الشيخ حيدر حبّ الله في الحوزة العلميّة في قم عام 2004م.
([1]) أحمد بن علي النجاشي، الفهرست: 10 ـ 11، تحقيق: السيد موسى الشبيري الزنجاني، مؤسسة النشر الإسلامي، ط9، 1429هـ.
([2]) ابن النديم، الفهرست: 276.
([3]) محمد بن الحسن الطوسي، الفهرست: 59، تحقيق: الشيخ جواد القيومي، ط3، 1429هـ.
([5]) السيد حسين المدرِّسي الطباطبائي، ميراث مكتوب شيعه أز سه قرن نخستين هجري: 164، ترجمة: سيد علي قرائي، رسول جعفريان، نشر مؤرخ، ط1، 1386هـ.ش.
([6]) الشيخ عبد الهادي الفضلي، تأريخ التشريع الإسلامي: 143، مركز الغدير، ط2، 1432هـ.
([7]) ذكر السيد المدرِّسي الطباطبائي عنوان الكتاب: كتاب [يُعَدّ] من الأصول على مذاهب الإمامية. ولكنّ النسخة المتوفِّرة من كتاب ابن النديم بدون ما بين [].
([8]) الطوسي، الفهرست: 258 وما بعدها.
([9]) النجاشي، الفهرست: 433؛ الطوسي، الفهرست: 259.
([10]) محمد باقر الصدر، المعالم الجديدة للأصول: 65؛ الشيخ فاضل القائيني، علم الأصول: تاريخاً وتطوّراً: 72، دار الزهراء للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، 1399هـ، الشيخ محمد مهدي الآصفي، مقدّمة أصول المظفّر: 14، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرِّسين بقم، ط5، 1430هـ؛ الشيخ عباس الزارعي، مقدّمة أصول المظفّر: 10، مؤسسه بوستان الكتاب (منشورات مكتب الإعلام الإسلامي في الحوزة العلمية بقم)، ط5، 1429هـ؛ السيد صادق الشيرازي، بيان الأصول 3: 151، دار الأنصار، ط2، 1427هـ؛ الشيخ محمد رضا الأنصاري، مقدّمة العدّة في أصول الفقه: 66، مؤسسه بوستان كتاب، ط1، 1432هـ؛ السيد محمد جواد العلوي الطباطبائي، مدخل الحاشية على الكفاية للسيد البروجردي 1: 141، أنصاريان، ط1، 1412هـ؛ الشيخ جعفر السبحاني، تقديم مناهج الوصول إلى علم الأصول 1: 13، مؤسّسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني، ط1، 1415هـ؛ الشيخ علي آل كاشف الغطاء، النور الساطع في الفقه النافع 1: 107، مطبعة النجف، ط1، 1381هـ، الشيخ محمد علي الأنصاري، الموسوعة الفقهية الميسّرة 1: 57، مجمع الفكر الإسلامي، ط3، 1424هـ؛ الشيخ عبد الله نعمة، هشام بن الحكم: 68، ط2، 1405هـ؛ محمد رضا ضميري، دانشنامه أصوليان شيعه 1: 73، مؤسسه بوستان كتاب، ط1، 1393هـ.ش.
([11]) محسن الأمين، أعيان الشيعة 1: 137، تحقيق وتخريج: حسن الأمين، دار التعارف للمطبوعات.
([12]) الفضلي، الشيخ المفيد: مؤسِّس المدرسة الأصولية الإمامية: 9، بحث مقدَّم إلى رئاسة مؤتمر ألفية الشيخ المفيد سنة 1413هـ.
([13]) المدرِّسي الطباطبائي، ميراث مكتوب شيعه أز سه قرن نخستين هجري: 330.
([14]) بمراجعة فهرست الشيخ الطوسي المطبوع والمتداول يذكر الطوسي لهشام بن الحكم الكتابين: الألفاظ؛ والألطاف (الفهرست: 259). ولعلّ السيد المدرِّسي الطباطبائي اعتمد على نسخةٍ أخرى لم يُذكر فيها سوى (كتاب الألطاف).
([15]) المدرِّسي الطباطبائي، ميراث مكتوب شيعه أز سه قرن نخستين هجري: 330.
([16]) ابن النديم، الفهرست: 224.
([17]) النجاشي، الفهرست: 433؛ الطوسي، الفهرست: 259.
([18]) المدرِّسي الطباطبائي، ميراث مكتوب شيعه أز سه قرن نخستين هجري: 331.
([19]) النجاشي، الفهرست: 446 وما بعدها.
([21]) الشيعة وفنون الإسلام: 327، تحقيق: السيد مرتضى الميرسجادي، مؤسسة السبطين، ط1، 1427هـ.
([22]) أصول الاستنباط في أصول الفقه وتاريخه بأسلوبٍ حديث: 41، انتشارات محلاتي، ط4، 1417هـ.
([23]) تقديم كتاب الإشارات والتنبيهات في شرح أصول الفقه 1: 16، دار المؤرِّخ العربي، ط1، 1418هـ.
([24]) تحرير الأصول 1: 6، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم، ط1، 1430هـ.
([25]) زبدة الأصول 1: 10، نشر حديث دل، ط2، 1424هـ.
([26]) الشيعة وفنون الإسلام: 328.
([27]) أعيان الشيعة 1: 137؛ 5: 329.
([28]) لاحِظْ: الشيخ حيدر حب الله، نظرية السنّة في الفكر الإمامي الشيعية: 46 (الهامش)، دار الانتشار العربي، ط1، 2006م.
([29]) فخر الدين الرازي، مناقب الشافعي: 153.
([30]) أحمد محمد شاكر، تقديم تحقيق الرسالة: 11، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ط1، 1357هـ.
([31]) فخر الدين الرازي، مناقب الشافعي: 157.
([32]) لاحظ: ابن خِلِّكان، وفيات الأعيان 4: 165هـ.
وقد ذهب عبد الغني الدقر إلى أن الشافعي كتب (الرسالة) وهو بمكّة، وأرسلها إلى عبد الرحمان المهدي في بغداد (لاحظ: الإمام الشافعي فقيه السنّة الأكبر: 119).
([33]) فخر الدين الرازي، مناقب الشافعي: 157.
([34]) ابن خِلِّكان، وفيات الأعيان 4: 165.
([35]) فخر الدين الرازي، مناقب الشافعي: 153.
([36]) البحر المحيط في أصول الفقه: 18، دار الكتبي، ط1، 1414هـ؛ المقدمة: 201؛ المنخول من تعليقات الأصول: 610، تحقيق: الدكتور محمد حسن هيتو، دار الفكر المعاصر، ط3، 1419هـ؛ الإمام الشافعي فقيه السنّة الأكبر: 116؛ الواضح في علم أصول الفقه: 13، الدار السلفية، ط2، 1404هـ؛ الوجيز في أصول الفقه: 16، مؤسسة قرطبة؛ علم أصول الفقه: 17، الدعوة الإسلامية، ط8؛ شرح الأصول من علم الأصول: 35، اعتنى به وعلَّق عليه: نشأت بن كمال المصري، دار البصيرة؛ تقديم الرسالة: 13.
([37]) ابن خِلِّكان، وفيات الأعيان 6: 382، تحقيق: الدكتور إحسان عباس، دار الصادر.
([38]) تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية: 344 وما بعدها، تقديم: محمد حلمي عبد الوهّاب، مكتبة الإسكندرية، 2011م.
([39]) تقديم وقاية الأذهان: 14، تحقيق: مؤسّسة آل البيت^ لإحياء التراث، ط1، 1413هـ.
([40]) ابن النديم، الفهرست: 257 ـ 258.
([42]) جلال الدين السيوطي، الوسائل إلى معرفة الأوائل، نقلاً عن: الشيخ محمد إبراهيم الجناتي، تطوّر اجتهاد در حوزه استنباط 1: 223، انتشارات أمير كبير، 1386هـ.ش.
([43]) أبو الوفا الأفغاني، تقديم أصول السرخسي، 1: 3، نشر لجنة إحياء المعارف النعمانية، حيدر أباد الركن.
([46]) لاحِظْ مثلاً: الصفحات: 7، 14، 16، 20 وغيرها.
([48]) الرسالة: 17، 147، 176 وما بعدها.
([53]) المفيد، التذكرة بأصول الفقه: 42 وما بعدها، تحقيق: الشيخ مهدي نجف، دار المفيد، ط2، 1414هـ.
([54]) المرتضى، الذريعة إلى أصول الشريعة: 299 وما بعدها، تحقيق: مجموعة من المحقِّقين بإشراف الشيخ جعفر السبحاني، ط1، 1433هـ.
([55]) الطوسي، العدّة في أصول الفقه: 517 وما بعدها.
([57]) ابن النديم، الفهرست: 79؛ النجاشي، الفهرست: 449.
([59]) ضميري، دانشنامه أصوليان شيعه 1: 82.
([60]) مقدّمة تحقيق كتاب الألفاظ: 3، مكتبة لبنان ناشرون، ط1، 1998م.
([61]) ابن النديم، الفهرست: 55.
([66]) ابن النديم، الفهرست: 79.
([67]) محمد بن الحسن الزبيدي الأندلسي، طبقات النحويين واللغوين: 202، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، ط2.
([68]) إبراهيم بن أبي محمد يحيى اليزيدي، ما اتّفق لفظه واختلف معناه: 7، تحقيق: عبد الرحمان بن سليمان العثيمين، ط1، 1407هـ
([69]) ضميري، دانشنامه أصوليان شيعه: 82.
([70]) راجع: الطوسي، الفهرست: 49؛ النجاشي، الفهرست: 31.
([73]) ابن النديم، الفهرست: 225.
([77]) ابن النديم، الفهرست: 225.
([80]) راجع: النجاشي، الفهرست: 76.
([98]) أحمد باكتجي، دائرة المعارف الإسلامية الكبرى 8: 358.
([99]) النجاشي، الفهرست: 220، طبعة مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجامعة المدرِّسين بقم.
([101]) النجاشي، الفهرست: 379.
([103]) محمد باقر الصدر، المعالم الجديدة للأصول: 113.
([104]) أحمد باكتجي، دائرة المعارف الإسلامية الكبرى 8: 356 ـ 357 (أصول فقه).
([105]) د. أبو القاسم كرجي، تاريخ فقه وفقهاء،: 320، سازمان مطالعه وتدوين كتب علوم إنساني دانشگاهها (سمت)، ط10، 1388هـ.ش.