التحوّل من الطريقية إلى الموضوعية
السيد محمد كاظم المددي الموسوي(*)
مسار الحمل على التقية منذ عصر الشيخ الطوسي
1ـ عصر الشيخ الطوسي في القرن الهجري الخامس
لقد بدأ حمل الروايات على التقية والانفرادات الفقهية منذ عصر الشيخ الطوسي. حيث كانت بداية الاهتمام بمسألة التقيّة وتوظيفها على نحوٍ جادّ، بوصفها أداة ناجعة في التعامل مع الروايات، منذ عصر الشيخ الطوسي ومنهجه في جمع الروايات وفي تأليف الكتب الفقهية أيضاً. وعلى الرغم من وجود هذا النوع من الحمل في كتب المتقدّمين من الأصحاب أيضاً، بَيْدَ أن اتجاههم ـ على المستوى الكمّي والكيفي ـ كان مختلفاً بشكلٍ ماهوي عن توجه الشيخ الطوسي، حيث تناول هذه المسألة في بحث مستقلّ.
هناك أسباب كثيرة في تبلور الاتجاه المتميّز للشيخ الطوسي في الحمل على التقية. ويمكن لكلّ واحدٍ من تلك الأسباب أن يوضِّح بُعْداً من أبعاد المسألة. وكان من بين أهمّ وأشهر الأسباب في توظيفه للحمل على التقيّة همُّه في جمع كافة الروايات ـ الأعمّ من تلك التي يعتبرها صريحة أم غيرها ـ، وهو ما ذكره صراحةً في مقدمة التهذيب([1]). وكان هذا مغايراً لمنهج الأصحاب المتقدّمين عليه، حيث كانوا يكتفون بنقل الروايات المختارة وفتاواهم الخاصة، كما أشار إلى ذلك الشيخ الصدوق في كتاب (مَنْ لا يحضره الفقيه)([2]).
والسبب الثاني الدخيل في ذلك هو مبنى الشيخ في القول بالحجّية التعبدية لخبر الواحد. فهو ـ خلافاً للمتقدّمين عليه، من أمثال: أستاذه السيد المرتضى والشيخ المفيد القائلين بعدم حجّية خبر الواحد([3]) ـ كان أوّل مَنْ قال صراحة بحجّية خبر الواحد، وادعى الإجماع عليه([4]). وكان من بين لوازم اتخاذ هذا المبنى هو بحث تعارض الأخبار، وكيفية التعاطي معها؛ إذ في حالة القول بالحجية التعبّدية؛ بسبب وجود الدليل الشرعي، حتّى مع فرض التعارض سيكون كلا الطرفين المتعارضين حجّة، ولا بُدَّ أن يكون هناك مرجِّحٌ؛ كي يؤيّد صحّة مضمون أحد الخبرين. وإن حمل الرواية الموافقة للعامة على التقية ـ بَدَلاً من الخَدْش في أصل صدورها ـ يمثّل مرجِّحاً يحافظ على الحجية وسلامة الخبر، وفي الوقت نفسه يُسقطه من الاعتبار، ويحلّ التعارض.
وفي مقابل الشيخ الطوسي لم يكن المتقدّمون يقولون بحجّية خبر الواحد لمجرّد كونه خبراً واحداً، وإنما كانوا ينظرون إلى الخبر المفيد للعلم فقط. فهؤلاء لم يكونوا يقولون بالحجية التعبّدية في الروايات، ليتمّ بعد ذلك الحفاظ على حجية الروايات عند حصول التعارض من خلال الحمل على التقية، بل إن مضمون كل رواية إذا أفاد العلم يعتبر حجّةً عندهم، ومن بين الأمارات على إفادة العلم عدم كون الرواية صادرة بداعي التقية. ومن هنا فإنهم كانوا يبحثون في كل روايةٍ بشكلٍ مستقلّ قبل حصول التعارض، ويحكمون على إفادتها أو عدم إفادتها للعلم. خلافاً للشيخ الطوسي، الذي يعتبر الروايات صحيحةً وحجة ما لم يحصل التعارض. وعليه فإن الشيخ الطوسي؛ بسبب مبناه في حجية خبر الواحد، كان يعمل من جهةٍ على جمع الأخبار التي لم يعمل بها الأصحاب، وكان من جهةٍ أخرى يعمد إلى توظيف الحمل على التقية للمحافظة على حجّيتها، في حين أن غيره من الأصحاب ـ من أمثال: السيد المرتضى ـ؛ حيث لم يقولوا بحجية خبر الواحد، كانوا يتبعون ملاكات العلم في هذا الشأن، ولذلك فإنهم لم يكونوا بحاجةٍ للحمل على التقية.
وبالالتفات إلى هذا المبنى وذلك الاتجاه كان الشيخ الطوسي هو أوّل مَنْ استعمل الحمل على التقية على نطاقٍ واسع، الأمر الذي كان من بين تبعاته ظهور الانفرادات، وتبلور حتّى عناوين جديدة في الأبواب الفقهية.
عصر ابن إدريس في القرن الهجري السادس
يمكن اعتبار هذه المرحلة مرحلة تأييد وتكرار موارد التقية عند الشيخ الطوسي. وفي المرحلة الأولى بعد الشيخ الطوسي، على الرغم من عدول جميع المتأخّرين عنه تقريباً عن مبناه في الاعتقاد بحجّية خبر الواحد، وتبعيتهم لرأي السيد المرتضى في القول بعدم الحجّية، إلاّ أن بعضهم، أمثال: ابن زهرة، قالوا بعدم حجية خبر الواحد؛ وذلك بسبب غياب الدليل الشرعي، وأكثرهم بسبب عدم إفادة خبر الواحد للعلم، أمثال: ابن إدريس نفسه، وأبي المجد الحلبي، وابن شهرآشوب، والطبرسي، وابن طاووس. بَيْدَ أن تراث الشيخ الطوسي في حمل الروايات على التقية ظلّ سارياً بين الأصحاب. وعلى الرغم من أن الحمل على التقية لم يكن كثير الاستعمال، إلاّ أن أكثر الأصحاب كانوا ينقلون ويؤيّدون الروايات التي حملها الشيخ على التقية. ويمكن لهذه التَّبَعية أن تكون تقليداً من الأصحاب لمنهج وأسلوب الشيخ الطوسي في التعرُّض لجميع الروايات. وفي الكتب الفقهية بعد عصر الشيخ الطوسي كان أسلوبه في التعرّض للروايات الموافقة والمعارضة قد تحوّل إلى الأسلوب الشائع، وكان أكثر الأصحاب في كلّ مسألةٍ ينقلون الروايات ذات الصلة بها، خلافاً لمنهج المتقدّمين الذي كانوا ينقلون الروايات المعتبرة عندهم فقط، ولا يتعرَّضون للروايات الأخرى، الأمر الذي كان من نتائجه الاعتماد على مباني الشيخ، رغم الاختلاف معه في المباني؛ وذلك لأن منهج الشيخ في الروايات المتعارضة التي تقول بمرجوحية روايات التقية ـ وهو الأسلوب المتّفق عليه من قِبَل الجميع ـ كان موضع تأييد الأصحاب أيضاً، رغم اختلافهم مع مبناه في أصل حجّية خبر الواحد. وقد تجلى هذا الاعتماد على حكم الشيخ في الكثير من الموارد على شكل نقل عبارات الشيخ بعينها([5]). وبطبيعة الحال قد يتمّ انتقاد أحكام الشيخ في بعض الموارد؛ بسبب المشاكل المضمونية في الروايات([6]).
والسبب الآخر لهذا الأمر هو استعمال الأصحاب لهذا الأسلوب في التعاطي مع أخبار الآحاد؛ حيث كانوا يعملون على توظيف الحمل على التقية بوصفه أداةً لردّ تلك الروايات، كما في المورد الذي استعمل فيه ابن زهرة هذا التوجيه في ردّ أخبار الآحاد المخالفة لجواز المتعة([7]).
ومن بين هذا الإقبال الباهت يعتبر ابن إدريس من أبرز وجوه هذه المرحلة من الحمل على التقية، رغم أنه يكتفي بنقل الروايات التي حملها الشيخ الطوسي على التقية، ويتجنّب التوسُّع والاستفادة من هذا الحمل في هذا المجال. ولهذا لا نجد عند ابن إدريس سوى ثلاث روايات حملها ابن إدريس على التقية بشكلٍ مستقلّ عن التبعية للشيخ الطوسي. وإحدى هذه الروايات واردة في باب العتق، حيث عمد ابن إدريس إلى حملها على التقية بعد أن أورد عليها الكثير من الإشكالات، ابتداءً من عدم الدليل من الكتاب والسنّة، إلى فقدان الإجماع، ومخالفة الأصل، وكونها من أخبار الآحاد، ويأتي حمله لها على التقية بسبب مطابقتها للمذهب الشافعي([8]). كما حمل رواية في باب الأشربة ـ بعد أن أورد عليها بعض الإشكالات المماثلة التي أوردها على الرواية السابقة ـ على التقية؛ وكان سبب ذلك في هذه المرة موافقتها لفتوى أبي حنيفة([9]). وفي المورد الثاني بيان عامّ من ابن إدريس في باب الروايات التي تحكم بخلاف أصالة الطهارة، ببيان أن هذا المبنى هو لأبي حنيفة، وأنه إنْ وجد أمثال هذه الروايات في كتب أصحابنا فهي محمولةٌ على التقية([10]).
وبعد نهاية النصف الأوّل من هذه المرحلة ـ التي اقتصرت على مجرّد تكرار نماذج حمل الشيخ ابن طاووس على التقية، والنزر القليل من العلماء، من أمثال: ابن إدريس وابن زهرة من الذين تقدَّم ذكرهم وابن طاووس، حيث حملوا القليل من الروايات على التقية ـ نجد النصف الثاني من هذه المرحلة يخلو حتّى من أنواع حمل الشيخ الطوسي للروايات على التقية، حيث تخلو الكتب الفقهية لتلك المرحلة من أنواع هذا الحمل. وقد كان ابن حمزة في (الوسيلة)، وأبو المجد الحلبي في (إشارة السبق)، ويحيى بن سعيد الهذلي في (الجامع للشرائع)، من أشهر فقهاء هذه المرحلة، ومع ذلك خَلَت كتبهم من هذا الحمل بالمرّة. والنقطة المشتركة بين هؤلاء الأشخاص ـ باستثناء النزر القليل من الذين لا نمتلك معلومات بشأن مبانيهم ـ هو الاعتقاد بعدم حجّية خبر الواحد، من أمثال: أبي المجد الحلبي في كتابه (إشارة السبق)([11]).
وفي المجموع فإن مرحلة ما بعد عصر الشيخ الطوسي نشهد فيها بوضوح أنه على الرغم من شيوع منهجه، واستفادة الأصحاب من أسلوبه في الحمل على التقية، إلاّ أن هذا المنهج لم يدُمْ طويلاً، باستثناء موارد الحمل المعدودة، التي هي نقلٌ أمين لموارد حمل الشيخ الطوسي بعينها، أو تقليداً لمنهجه في الحمل، وهي الظاهرة التي من أهمّ علاماتها عدم ظهور الانفرادات الجديدة في النظريات والأبواب الفقهية، وقيام جميع الموارد على المسائل المطروحة من قِبَل الشيخ؛ وربما كان السبب الرئيس في ذلك غلبة مبنى عدم حجّية خبر الواحد في هذه المرحلة، سواء بسبب عدم إفادة العلم أو بسبب فقدان الحجّية الشرعية. كما أن الخصوصية الأخرى لهذه المرحلة هي أن الموارد المحمولة على التقية إنما تقع مورداً لهذا النوع من الحمل عند ثبوت مناط التقية، وليس لمجرّد ردّ الرواية المخالفة. ومن بين أهمّ العلامات على هذا الأمر هو أن الحمل على التقيّة قد تمّ استناداً إلى مرحلة تدوين الروايات والتفسير الذي قدّمه الجامعون لهذه الروايات، من أمثال: الشيخ الطوسي، ولم يكن الأمر كما هو الحال في المراحل المتأخرة، حيث لم يتمّ حمل الروايات ـ في مرحلة جمعها ـ على التقية، ثم تمّ حملها على التقية لاحقاً؛ بسبب الضرورات الفقهية، التي تقتضي ردّ أو قبول رواية من الروايات.
عصر المحقّق الحلّي في القرن الهجري السابع
إن المنهج الموافق إجمالاً، والأقلّ شيوعاً، والمقرون بانتقادات المرحلة السابقة ـ التي شهدت في حدّها الأقصى مجرّد نقل موارد حمل الروايات من قِبَل الشيخ الطوسي على التقية ـ أدّى في نهاية المطاف إلى ظهور المحقّق الحلّي في القرن السابع الهجري، حيث خالف الشيخ الطوسي بشدّةٍ. يُعَدّ المحقّق الحلّي نتاجاً طبيعياً لتكامل هذه المرحلة، التي بدأت بمجرّد نقل موارد حمل الشيخ الطوسي للروايات على التقية، وانتهت بنبذها في نهاية هذه المرحلة، لتصل لاحقاً إلى حدّ مخالفة الشيخ الطوسي، وهي المخالفة التي تعود ـ قبل المسائل المبنائية ـ إلى نفس أسلوب الشيخ الطوسي في إحراز صدور الروايات بداعي التقية. وقد أشكل المحقّق الحلّي على منهج الشيخ الطوسي من ثلاث جهات، وهي:
1ـ انعدام الدليل: فقد ذهب المحقّق في خصوص روايتين واردتين في أبواب السؤر والوضوء، بعد ذكر رأي الشيخ الطوسي الذي أوجب حملهما على التقية، إلى الإشكال عليه، قائلاً بعدم وجود دليل على هذا الحمل، أو إن العمل بهذه الروايات لا إشكال فيه([12]).
2ـ فساد ادّعاء موافقة العامة: في ما يتعلق بخصوص رواية بشأن الأذان يقول المحقّق الحلّي: إن ادعاء التقية من قِبَل الشيخ الطوسي لا يمكن أن يكون صحيحاً؛ إذ لا يمكن تصوّر موافقة هذه الرواية للعامة من الإساس؛ وذلك لاشتمالها على عبارة «حيّ على خير العمل». كما أن المحقّق الحلّي يقدّم هنا مقترحاً آخر لحلّ التعارض، وهو العمل بالرواية الأشهر، دون اعتبار الرواية المتروكة صادرة بداعي التقية([13]).
3ـ وجود اختيار الأصحاب في مورد ذلك القول: كما أن المحقّق الحلّي لا يرى رأي الشيخ الطوسي في خصوص حمل رواية في باب القنوت على التقية أمراً صائباً، وقال في ذلك: إن ابن بابويه ذكر هذه الرواية، وهو إنما كان يذكر الروايات المقبولة عنده، وقد اختارها ابن الجنيد. وهنا كما في المورد السابق يرى حلّ التعارض باختيار الأشهر([14]). وكذلك في خصوص رواية أخرى في باب العبيد والإماء، يردّ احتمال صدورها بداعي التقية؛ ببيان أن هذه الرواية قد اختارها جمعٌ من المحقّقين من الأصحاب، ورواها البزنطي أيضاً، وعليه كيف يمكن لأشخاصٍ من أمثال: ابن عقيل والبزنطي أن يخطئوا في تعاليم وأحكام مذهب الإمامية؟!([15]).
بَيْدَ أن الأهمّ والأصرح من هذه الآراء الفقهية هو أن المحقّق في كتابه الأصولي (معارج الأصول) هاجم مبنى الشيخ الطوسي في مورد الحمل على التقية. وبعد نقله لكلام الشيخ القائل: «[إذا تساوت] الروايتان في العدالة والعدد عمل بأبعدهما من قول العامة» قال: والظاهر [أن] احتجاجه في ذلك برواية رُويت عن الصادق×، وهو إثبات لمسألة (علمية) بخبرٍ واحد. وما يخفى عليك ما فيه. مع أنه قد طعن فيه فضلاء من الشيعة، كالمفيد، وغيره. فإنْ احتجّ بأن الأبعد لا يحتمل إلاّ الفتوى، والموافق للعامة يحتمل التقية، فوجب الرجوع إلى ما لا يحتمل. [قلنا: لا نسلّم أنه لا يحتمل] إلاّ الفتوى، لأنه كما جاز الفتوى لمصلحةٍ يراها الإمام، كذلك تجوز الفتوى بما يحتمل التأويل؛ مراعاةً لمصلحةٍ يعلمها الإمام، وإنْ كنا لا نعلمها»([16]).
ومع وجود هذه الرؤية الانتقادية للحمل على التقية كان المحقّق الحلّي هو أول شخصٍ يعلن ـ بعد مضيّ مرحلة طويلة ـ عن مخالفته لحجّية خبر الواحد، بعد قرنين من وفاة الشيخ الطوسي، لينهي هذه المرحلة من خلال القول بحجّيته التعبّدية، بعد القبول بالإمكان العقلي للتعبُّد به. وأعدّ بذلك الأرضية للقبول بحجّية خبر الواحد بحلول مرحلة العلاّمة الحلّي([17])، وهي المرحلة التي تغلب فيها الفضاء الفكري الشيعي لفقهاء القرن الهجري السابع فصاعداً، لتتحوّل بذلك إلى أهمّ الخلفيات الفكرية للاقتراب مجدداً إلى فضاء فقه الشيعة في ضوء مباني الشيخ الطوسي. ومع شيوع مبنى الشيخ الطوسي بشأن حجّية خبر الواحد شاعت مبانيه الأخرى في مجال التعاطي مع الأخبار مجدداً، ومن بينها: الحمل على التقية أيضاً. وانتهت بذلك مرحلة انتقادها وعزلها في مستهل القرن الهجري الثامن، وغلبة القول بحجّية خبر الواحد.
4ـ عصر العلاّمة الحلّي في القرن الهجري الثامن
تمثل هذه المرحلة مرحلة الإقبال الناقد لمنهج الشيخ الطوسي. فبعد ظهور العلاّمة الحلّي(726هـ)، الذي أثبت الحجّية لخبر الواحد ـ ضمن الدخول في صلب التفاصيل بشأن الرواة، ولكنْ دون لحاظ القيود الملحوظة من قِبَل الشيخ الطوسي وغيره من المتأخرين، من قبيل: القرينة أو عمل الأصحاب ـ بشكلٍ مطلق([18])، شاع القول بحجّية خبر الواحد، الذي عمد المحقّق الحلّي إلى طرحه مجدّداً بعد ذلك بقرنين. وتَبَعاً لذلك شاع للمرّة الثانية في المسائل الأخرى في آثار ومباني ونظريات الشيخ الطوسي. ومن تلك الموارد: بحث الحمل على التقية، الذي كان للعلاّمة الحلّي بشكل خاص اعتقاد راسخ بالنسبة إليه. وبعد مرحلة الفترة في القرن الهجري السادس، وكذلك في القرن الهجري السابع خاصة، شاع الاستناد إلى هذا الحمل مجدّداً، وهو الأسلوب الذي ظهر في الكتب المتأخرة للعلاّمة الحلّي، خلافاً لكتبة الأولى ـ مثل: (التذكرة) ـ، التي قلما اشتملت على ذكر للحمل على التقية، والتي كانت بدورها مجرد نقل لكلام الشيخ الطوسي في هذا الشأن. ففي كتبه المتأخرة، ومن بينها: (المختلف)؛ و(المنتهى)، بالإضافة إلى كثرة استعمال هذا الحمل، بدأ العلامة ينفرد في هذا النوع من الحمل أيضاً، كما أخذ في نقد أنواع حمل الشيخ الطوسي أيضاً، وهو الأمر الذي بلغ ذروته في (المختلف)، بوصفه آخر كتبه.
ويمكن تبويب منهج العلاّمة في التقية ضمن ثلاث مساحات عامّة، وهي:
1ـ تأييد وتكرار موارد حمل الشيخ الطوسي على التقية. وهي تشكّل أكثر الموارد التي تحدّث فيها عن التقية. وهو المنهج الغالب في كتبه المتقدّمة، من قبيل: (التذكرة)([19]).
2ـ نقد بعض موارد حمل الشيخ الطوسي على التقية من مختلف الجهات، ابتداءً من الخدش في وجود التعارض أصلاً، وطرح احتمال الجمع، وصولاً إلى القول بالتوقّف. وهو ما نراه في الكتب المتأخّرة للعلاّمة الحلّي على وجه الخصوص، من قبيل: رواية في باب الطلاق، تردَّد العلامة الحلي في تعارضها، وذكر احتمالاً للجمع بينها وبين الروايات([20]). وكذلك رواية في باب النكاح([21])، ورواية في باب الميتة([22])، ورواية في باب الشهادات، حيث رفض العلاّمة الحلّي حمل الشيخ الطوسي على التقية، وقال بالتوقُّف في هذه المسألة([23]).
3ـ الانفراد ودعوى التقية في الروايات التي لم يحملها الشيخ الطوسي على التقية، حيث تحوّلت هذه الموارد بالتدريح لتشكّل أرضية لانفرادات الأصحاب لاحقاً؛ حيث ظهرت الفروع الأولى لموارد الحمل على التقية بشكلٍ مستقلّ عن موارد حمل الشيخ الطوسي. وفي جميع هذه الموارد كان الشيخ الطوسي إما عاملاً بالروايات؛ أو استعمل موارد الحمل الأخرى ـ غير التقية ـ لحلّ تعارضها([24]).
وفي المجموع فإن العلاّمة الحلّي، ولا سيَّما في مؤلَّفاته الأخيرة، عمد إلى الترويج مجدّداً لحمل الرواية على التقية. بَيْدَ أن نقله المصحوب بنقد منهج الشيخ الطوسي، والتقدّم عليه في حمل المزيد من الروايات على التقية، وانفراده فيها عنه، قد شكّل أرضية لمرحلةٍ جديدة لإشاعة الانفرادات الجديدة في الحمل على التقية، بدأت بعده مباشرةً. ومن هنا فإن إقباله على الحمل على التقية بعد انقضاء قرنين من موارد حمل الشيخ الطوسي على التقية، وكذلك ما تزامن معه من الدعم والتأييد لمبنى الشيخ في القول بحجّية خبر الواحد بعد قرنين من القول بعدم الحجّية، قد حظيا باستقبالٍ شديد وتقليد من قبل الفقهاء المتأخّرين عنه، حيث تبلورت مرحلة انتشار الانفرادات الجديدة في الحمل على التقية.
5ـ عصر فخر المحقّقين والشهيد الأول والفاضل المقداد وجمال الدين الحلّي والمحقّق الكركي في القرنين الثامن والتاسع الهجريين
إن هذه المرحلة التي بدأت بعد عصر العلاّمة الحلّي، وبعد مجيء فخر المحقّقين(771هـ) مباشرةً، وخلافاً لمنهج العلاّمة، الذي كان للنقد دورٌ محوري فيه، قلّما تتضمن نقداً لحالات حمل الشيخ للروايات على التقية. وإن معظم مواردها إما نقل لموارد حمل الشيخ الطوسي على التقية؛ أو بداية لحمل موارد جديدة أدّت بالتدريج إلى توسيع دائرة هذا النوع من الحمل، الذي يقوم بوضوحٍ على انفرادات المتقدّمين. وتمّ تداول حالات التقية، والعمل على توسيعها. وربما كان من بين أسباب استمرار هذا النموذج طوال هذه المرحلة عدم تغيّر رؤية فقهاء هذه المرحلة بشأن حجّية خبر الواحد؛ فإن أغلب الفقهاء في هذه المرحلة أخذوا يقولون بالحجّية التعبّدية لخبر الواحد إذا كان معتضداً بقرينة، أو اقترن بعمل الأصحاب، حتى أصبح هذا الرأي هو المبنى الحاكم، حيث نشاهد موارد من الروايات التي حملها فخر المحقّقين على التقية للمرّة الأولى، في مقابل الشيخ الطوسي الذي لم يحملها على التقية([25]).
وبعد فخر المحقّقين يأتي دور الشهيد الأوّل(786هـ)، حيث قام بدوره بتوسيع موارد الحمل على التقية مجدّداً؛ إذ يمثل الشهيد الأول مثالاً عالياً أضحى بمرور الزمن نموذجاً للحمل على التقية بين الأصحاب؛ إذ عمد من ناحيةٍ إلى نقل بعض انفرادات فخر المحققين، ومنحها اعتباراً، لتنتقل بعد ذلك إلى مراحل الفقه لاحقاً؛ ومن ناحيةٍ أخرى يعمد المتأخّرون عنه إلى نقل انفراداته، لتتحوّل هذه الانفرادات بمرور الأيام إلى الحكم الغالب بين الأصحاب([26]).
وبعد الشهيد الأول بلغ هذا المسار ذروته في المرحلة الأخيرة من الفقهاء الثلاثة، وهم: الفاضل المقداد السيوري، وجمال الدين الحلي، والمحقّق الكركي، حيث قام كلّ واحد منهم بنقل موارد حمل الروايات على التقية من قِبَل المتقدمين عليهم، وأضاف إليها موارد من عنده. والنقطة الهامة في هذه المرحلة هي التأثّر الشديد لهؤلاء الأشخاص بالمحقّق الحلّي الناقد الجادّ للشيح الطوسي في المرحلة السابقة. إن هذا الأمر الناشئ من المحورية التدريجية لكتب المحقّق، مثل: (شرائع الإسلام) و(المختصر النافع) في الفضاء العلمي لدى الشيعة، بحيث إن أكثر كتب هذه المرحلة هي عبارة عن شرح وتهميش على كتبه، قد أدّى بهؤلاء الأشخاص عند مواجهة موارد حمل الشيخ الطوسي للروايات على التقية إلى طرح انتقادات المحقّق الحلّي أيضاً، والعمل على حلّها. وقد أدّت هذه الموارد في الغالب إلى الانحياز إلى الشيخ الطوسي، وردّ إشكالات المحقّق الحلّي. وربما كان هذا الأمر ناشئاً من أن الآراء الانتقادية للمحقّق الحلّي ليست في (الشرائع)، ولا (المختصر)، بل تلك مذكورةٌ في كتاب (المعتبر). إن كتاب (المعتبر) لم يكن محوراً لتأليف الكتب الأخرى، رغم أن أكثر الأصحاب عند دراسة رأيه ينظرون إلى نظرياته في المعتبر. إن هذه المرحلة تختتم بهؤلاء الأشخاص، وتأييد الشيخ الطوسي، وتوسيع دائرة التقية على مبنى الشيخ الطوسي.
إن موارد الانفراد في الحمل على التقية من قِبَل فقهاء هذه المرحلة، بالمقارنة مع الشيخ الطوسي والموارد المشتركة بينهم، وكيفية انتقالهم من العلاّمة وفخر المحقّقين والشهيد الأوّل، جديرةٌ بالملاحظة. فعلى سبيل المثال: يمكن ملاحظة موارد انفراد الفاضل المقداد([27])، وموارد انفراد جمال الدين الحلّي([28])، وموارد انفراد المحقّق الكركي([29])، والعمل على المقارنة بينها.
6ـ عصر المقدّس الأردبيلي في القرن الهجري العاشر
في هذه المرحلة تبلغ طريقية الحمل على التقية تكاملها. وهي المرحلة التي كانت قد بلغت ذروتها في نهاية المرحلة السابقة، مع انتهاء القرن الهجري العاشر، وبظهور المقدّس الأردبيلي اتخذت شكلاً جديداً، حتّى كانت النتيجة الطبيعية المترتبة على ذلك هي مرحلة بلوغ الذروة الآنف ذكرها. إن الإكثار من أنواع الحمل على التقية التي تمّ اكتشافها في المراحل المتأخّرة أخذ يتحوّل بالتدريج إلى منهجٍ مستقلّ، بغضّ النظر عن واقع الرواية، وعدم الالتزام من الناحية العملية بالواقعية التاريخية. فكان المقدّس الأردبيلي هو أوّل مَنْ تنكّر على المستوى العملي للثمالة الباقية من التعهّدات، وأخذ يعمل على توظيف الحمل على التقية بوصفه أداةً بَحْتة للردّ على الرأي المخالف. وكان من بين العلائم الهامة لهذه المرحلة انتقال الحمل على التقية من الرواية المفردة ـ وهو المنهج الطبيعي الذي كان سائداً، ويقوم على تفسير الفقهاء لروايات التقية ـ إلى طائفةٍ ومجموعة من الروايات، وهو المنهج الذي لم تَعُدْ فيه الروايات تدرس بشخصها، وإنما يتمّ ختم مضامينها بملصق التقية. كما أن من بين علامات هذه المرحلة الانتخابَ والترجيح بين الحمل على التقية وغيره من أنواع الحمل الأخرى، وذلك بصرف ملاحظة النتيجة المنشودة من ذي قَبْل. ومن بين هذه الموارد نجد في المجلدين الأولين من كتاب (مجمع الفائدة والبرهان) مجموعة من الروايات التي يتمّ حملها جملةً واحدة على التقية([30]). وفي هذه الموارد نجده في المجلدين الأولين من هذا الكتاب وحدهما يطرح في نهاية المطاف إمكان الحمل على التقية، رغم وجود وجوه على إمكان الجمع، أو أن يكون الذي يعمل على ترجيحه متطابقاً مع رؤيته([31]).
النتيجة
اتّضح مما تقدَّم أن الحمل على التقية ـ الذي لم يكن له في الفقه المتقدّم في القرن الثالث الهجري تلك المكانة الهامة ـ قد اتّخذ بظهور الشيخ الطوسي في القرن الهجري الخامس مكانةً خطيرة في استنباط الأحكام. وبعد العمل على توسيع مباني ومناهج الشيخ الطوسي بلغ حمل الروايات على التقية شكله المستقلّ في القرن الهجري العاشر. وقد بيّنت دراسة المسار في هذه المراحل حجم أسلوب حمل الرواية على التقية، ومقدار بُعْده عن هدفه الرئيس؛ حيث اختلف عما جاء في الروايات بشأن حلّ التعارض، وهو الاختلاف الذي كان من أهمّ علاماته حمل روايات على التقية، رغم أنها لم تكن تعتبر من روايات التقية على مدى عشرة قرون بعد صدورها عن الأئمة، وبعد مضي ثمانية قرون على تدوينها من قبل الأصحاب، وإنما فجأةً، وبعد أن مسّت الحاجة إلى ردّ أو إثبات قولٍ، تمّ حملها في القرن العاشر على التقية. وقد أدّت هذه الظاهرة اللاعلمية في نهاية القرن العاشر إلى ظهور مدرسة انتقادية. وكان للشهيد الثاني، وبعده صاحب المعالم وصاحب المدارك، انتقاداتٌ شديدة لأنواع حمل الروايات على التقية من قِبَل المتأخّرين، وصولاً إلى الشيخ الطوسي. وعلى المقلب الآخر كان ظهور الأخباريين في هذه المرحلة قد أضفى تعريفاً جديداً لمفهوم التقية، يتناسب مع تلبية أهداف تلك المدرسة.
كما تبيِّن في هذه المقالة أن عدم شيوع التقية بعد الشيخ الطوسي بقرنين، ثم عودتها مجدّداً في هذه المرحلة، واستمرارها إلى القرن الهجري العاشر، كان له صلة مباشرة بمبنى الأصحاب في ما يتعلّق بحجّية وعدم حجّية خبر الواحد. وفي المراحل التي كان الفقهاء ـ من أمثال: الشيخ الطوسي ـ يقولون بحجّية خبر الواحد كان يتمّ اتباعهم في مسألة الحمل على التقية أيضاً. كما كان هناك توسُّع في الاستفادة من هذا المنهج وازدهاره بشكلٍ ملحوظ.
الهوامش
(*) باحثٌ وأستاذٌ في حوزة قم العلميّة.
([1]) انظر: الطوسي، تهذيب الأحكام 1: 3، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1407هـ.
([2]) انظر: الصدوق، مَنْ لا يحضره الفقيه 1: 3، دفتر انتشارات إسلامي، قم، 1403هـ.
([3]) انظر: المرتضى، الذريعة 1: 203؛ 2: 519، انتشارات دانشگاه طهران، طهران، 1376هـ.ش.
([4]) انظر: الطوسي، العدّة 1: 126، قم، 1417هـ.
([5]) انظر: ابن إدريس الحلّي، السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي 3: 336، دفتر انتشارات إسلامي، قم، 1410هـ.
([6]) انظر: المصدر السابق 3: 241.
([7]) انظر: ابن زهرة، غنية النـزوع: 359، مؤسسة الإمام الصادق×، قم، 1417هـ.
([8]) انظر: ابن إدريس الحلّي، السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي 3: 17، 1410هـ.
([9]) انظر: المصدر السابق 3: 133.
([10]) انظر: المصدر السابق 1: 180.
([11]) انظر: ابن أبي المجد الحلبي، إشارة السبق: 47، 62، دفتر انتشارات إسلامي، قم، 1414هـ.
([12]) انظر: المحقّق الحلّي، المعتبر 1: 98، 278، مؤسسة سيد الشهداء، قم، 1407هـ.
([13]) انظر: المصدر السابق 2: 145.
([14]) انظر: المصدر السابق 2: 313.
([15]) انظر: المصدر السابق 2: 500.
([16]) المحقّق الحلّي، معارج الأصول: 225، مؤسسة الإمام عليّ×، لندن، 1423هـ.
([17]) انظر: المحقّق الحلّي، المعتبر 1: 29؛ وانظر أيضاً: المصدر السابق: 203.
([18]) انظر: العلاّمة الحلّي، تهذيب الأصول: 228، 235، مؤسسة الإمام عليّ×، لندن، 1380هـ.ش؛ وله أيضاً: مبادئ الأصول: 205، 209، المطبعة العلمية، قم، 1404هـ؛ وله أيضاً: نهاية الأصول: 345، 437، مؤسسة الإمام الصادق×، قم، 1425هـ.
([19]) انظر: العلاّمة الحلّي، تذكرة الفقهاء 1: 387، مؤسسة آل البيت^، قم، 1414هـ.
([20]) انظر: العلاّمة الحلّي، مختلف الشيعة 7: 341، دفتر انتشارات إسلامي، قم، 1413هـ.
([21]) انظر: المصدر السابق 7: 418.
([22]) انظر: المصدر السابق 8: 334.
([23]) انظر: المصدر السابق 8: 487.
([24]) انظر: المصدر السابق 2: 437؛ الطوسي، تهذيب الأحكام 2: 206، 307؛ العلاّمة الحلّي، منتهى المطلب 10: 345، مجمع البحوث الإسلامية، مشهد، 1412هـ؛ الطوسي، الاستبصار 2: 217، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1390هـ؛ العلاّمة الحلّي، مختلف الشيعة 7: 112؛ الطوسي، تهذيب الأحكام 7: 416.
([25]) انظر: فخر المحقّقين، إيضاح الفوائد 1: 99، مؤسسة إسماعيليان، قم، 1387هـ.ش، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 2: 326؛ وفخر المحققين، إيضاح الفوائد 1: 128، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 3: 134؛ وفخر المحققين، إيضاح الفوائد 4: 143، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 9: 5.
([26]) انظر: محمد بن مكّي العاملي (الشهيد الأول)، الدروس الشرعية 2: 323، 1417هـ، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 8: 245؛ الشهيد الأول، الدروس الشرعية 2: 355، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 9: 391؛ الشهيد الأول، الدروس الشرعية 3: 8، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 9: 5؛ الشهيد الأول، الدروس الشرعية 3: 357، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 7: 156.
([27]) انظر: المقداد بن عبد الله (الفاضل المقداد)، التنقيح الرائع 1: 237، مكتبة المرعشي النجفي، قم، 1404هـ، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 3: 134؛ الفاضل المقداد، التنقيح الرائع 2: 387، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 8: 245؛ الفاضل المقداد، التنقيح الرائع 3: 332، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 8: 245؛ الفاضل المقداد، التنقيح الرائع 4: 32، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 8: 138؛ الفاضل المقداد، التنقيح الرائع 4: 53، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 9: 88؛ الفاضل المقداد، التنقيح الرائع 4: 416، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 10: 183.
([28]) انظر: أحمد بن محمد (جمال الدين الحلّي)، المهذّب البارع 1: 339، دفتر انتشارات إسلامي، قم، 1407، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 2: 308؛ جمال الدين الحلّي، المهذّب البارع 1: 340، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 2: 307؛ جمال الدين الحلّي، المهذّب البارع 1: 368، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 2: 74؛ جمال الدين الحلّي، المهذّب البارع 4: 161، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 9: 68؛ جمال الدين الحلّي، المهذّب البارع 4: 190، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 9: 5 ـ 6؛ جمال الدين الحلّي، المهذّب البارع 4: 214، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 9: 76.
([29]) انظر: عليّ بن الحسين الكركي (المحقق الثاني)، جامع المقاصد 1: 427، مؤسسة آل البيت^، 1414هـ، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 3: 194؛ المحقق الثاني، جامع المقاصد 2: 37، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 2: 354؛ المحقق الثاني، جامع المقاصد 2: 243، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 2: 71؛ المحقق الثاني، جامع المقاصد 2: 356، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 2: 331؛ المحقق الثاني، جامع المقاصد 11: 278، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 9: 245؛ المحقق الثاني، جامع المقاصد 12: 218، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 7: 313؛ المحقق الثاني، جامع المقاصد 13: 190، في مقابل الطوسي في تهذيب الأحكام 7: 243.
([30]) انظر: أحمد بن محمد (المقدّس الأردبيلي)، مجمع الفائدة والبرهان 1: 78؛ 2: 170، دفتر نشر إسلامي، 1403هـ.
([31]) انظر: المصدر السابق 1: 115، 169، 236، 257، 312، 321؛ 2: 8، 98.