دراسة وتحليل
حيدر حب الله([1])
يعدّ هذا الكتاب من الكتب المهمّة للشيخ الطوسي، ويمكننا الحديث عنه ضمن نقاط:
8 ـ 1 ـ اسم الكتاب
كتاب الرجال، هو أشهر أسماء هذا الكتاب في ألسنة العلماء والباحثين([2])؛ ولعلّه جاء ممّا ذكره الطوسي نفسه في مقدّمة الكتاب، حين قال: «.. فإنّي أجبت إلى ما تكرّر سؤال الشيخ الفاضل فيه، من جمع كتاب يشتمل على أسماء الرجال الذين رووا عن رسول الله وعن الأئمّة من بعده إلى زمن القائم، ثم أذكر بعد ذلك من تأخّر زمانه عن الأئمّة، من رواة الحديث أو من عاصرهم ولم يروِ عنهم..»([3]). كما عبّر عنه بكتاب الرجال في موضعٍ من الفهرست([4]).
وعُرف أيضاً بكتاب (الأبواب)؛ لأنه ـ كما قال الشيخ آغا بزرك الطهراني ـ: «..مرتّبٌ على أبواب بعدد رجال أصحاب النبي|، وأصحاب كلّ واحد من الأئمة^..»([5]). ويُطلق عليه في الأوساط العلميّة أيضاً (رجال الطوسي).
واُطلق عليه في رجال النجاشي اسم (كتاب الرجال من روى عن النبيّ وعن الأئمّة)([6])، فيما أطلق عليه الطوسي في الفهرست وغيره عنوان: (كتاب الرجال الذين رووا عن النبيّ والأئمّة الاثني عشر، ومن تأخّر عنهم)([7]).
8 ـ 2 ـ المعالم العامّة للكتاب، تعريف وعرض
من خلال مطالعة الكتاب، يمكننا أن نُبْرِز أهم المعالم التي تصفه لنا، وهي:
1 ـ حدّد الطوسي منذ البداية هدفَه من هذا الكتاب في المقدّمة؛ فهو كتاب جامع لأسماء الرجال الذين يروون عن النبي الأكرم|، والأئمة الطاهرين^، ومن تأخّر عنهم أو عاصرهم ولم يروِ عنهم([8])، ولم يتعهّد فيه بتقويم من يورد أسماءهم أو يعطي معلومات مفصّلة عنهم.
وهذا الهدف ـ وهو مجرّد سرد الأسماء ـ أعطى الطوسي فسحةً في جمع عدد كبير من الرجال أوصلهم إلى 6429 رجلاً، (وهناك خلاف في العدد)، وهذا العدد لا يمكن الاستهانة به إذا ما قارنّاه بما قبله أو عاصره من كتب الرجال ككتاب النجاشي المخصّص للمصنّفين مثلاً، ومع ذلك فهو لم يستوعب كلّ رواة الحديث، بمن فيهم بعض من جاؤوا في كتبه الحديثيّة نفسه.
ورغم أنّ الطوسي لم يتعهّد بتقويم من يورد أسماءهم من الرجال الرواة، إلا أنه وثّق 157رجلاً، وضعّف 72 رجلاً، ووصف 50 منهم بالمجاهيل، والباقي سكت عنهم، فلم يصفهم لا بالسلب ولا بالإيجاب.
يشار إلى أنّ نصف المترجمين تقريباً وردت أسماؤهم في خصوص أصحاب الإمام الصادق.
2 ـ قسّم الطوسي الكتاب إلى ثلاثة عشر باباً، وكلّ بابٍ منها يمثّل طبقةً للرواة عن أحد المعصومين؛ فالباب الأوّل: باب من روى عن النبي| من الصحابة، والثاني: باب من روى عن الإمام علي×، وهكذا حتى الإمام الحادي عشر الحسن العسكري. وأما الباب الثالث عشر، فهو باب ذكر أسماء من لم يروِ عن النبي ولا عن واحدٍ من الأئمّة.
ورتّب الطوسي في الباب الواحد الأسماءَ ترتيباً هجائياً على حروف المعجم، من الألف إلى الياء، كما ذكر هو في المقدّمة، لكن ليس لكلّ أحرف الاسم، وأيضاً ذكر في نهاية كلّ باب بعض الرواة بكناهم، كما استعرض أسماء الراويات من النساء.
كما زاد في أصحاب الصادق ـ قبل أن يختمه بباب النساء ـ باباً بعنوان: باب من لم يسمّ([9])، وذكر فيه أربعة عشر مورداً، مثل محمّد بن سنان عن الغلام الذي أعتقه أبو عبد الله، أو إسحاق بن عمار عن رجل، أو عيسى بن راشد عن عمّه وهكذا.
3 ـ المعلومات الأساسيّة التي يقدّمها المؤلّف لكلّ رجل يذكره هي: اسمه، واسم أبيه، والقبيلة التي ينتمي إليها، وسكنه، وقليلاً ما يتعرّض لأكثر من ذلك، كالتوثيق والتضعيف.
4 ـ في هذا الكتاب لا يمكن اعتبار كلّ من لم يُذكر اتجاهُه المذهبي أنّه شيعي أو إماميّ؛ وذلك لأنّه ذكر بعض الرجال ممّن هو ـ بالقطع واليقين ـ من غير الشيعة أو الإمامية بالمعنى المصطلح، كعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان، اللذين عدّهما من أصحاب النبي|([10])، وعبيد الله بن زياد في أصحاب أمير المؤمنين علي×([11])، وذكر أبا جعفر المنصور من أصحاب الصادق×([12])؛ لذلك يمكن أن يُقال ـ كما ذهب إليه المحقّق التستري (1420هـ) ـ: «..أنه أراد استقصاء أصحابهم^، ومن روى عنهم، مؤمناً كان أو فاسقاً، إمامياً كان أو عامياً..»([13]).
5 ـ الرواة المعاصرون لأكثر من طبقة وإمام، يذكرهم الطوسي في أكثر من طبقة، وعددهم يقارب المئات، لكنه لو ضعّفه فهو يضعّفه مرّة واحدة؛ كما فعل في أبان بن عيّاش فيروز، حيث عدّه في أصحاب علي بن الحسين([14])، ولم يصفه بالضعف، وعدّه أخرى في أصحاب محمد الباقر بن علي، ووصفه بأنّه ضعيف([15])، وثالثة ذكره في أصحاب جعفر الصادق([16])، ولم يذكره بشيء.
وقد برّر محمد باقر البهبودي فعلَ الطوسي هذا بأنّه نوعٌ من التحذّر وأخذ الحيطة في مسألة التضعيف([17])، لئلا يبدو على كتابه سمة التضعيف، بكثرة ورود هذه الكلمة في كتابه. إلا أنّ هذا الذي ذكره البهبودي لا يبدو لنا أنّه توجد عليه شواهد تؤيّده.
ومن الجدير ذكره هنا أنّه لا يمكن الاعتماد على هذا الكتاب فقط، لأخذ آراء الشيخ الطوسي في الرواة، دون مراجعة كتابه الآخر (الفهرست)؛ فليس كلّ من سكت عنه في هذا الكتاب فقد سكت عنه في كتابه الآخر؛ إذ العلاقة بين الكتابين في تقويم الرواة هي العموم والخصوص من وجه، فربما قوّم راوياً في الفهرست، وسكت عنه في كتاب الرجال، وربما حصل العكس، وقد يتعرّض له في الكتابين معاً.
6 ـ صحيحٌ أنّ الشيخ الطوسي لم يولِ في هذا الكتاب أهمّيةً كبيرة لتقويم الرجال، إلا أنّه صبّ جهده في تحديد طبقاتهم وعصورهم، فهو يشترك في هذه الخاصّية مع كتاب رجال البرقي الذي وقفنا عنده سالفاً، ويمكن عدّ هذين الكتابين أهمّ مصدرين قديمين مدوّنين للإماميّة في علم الطبقات.
7 ـ صرّح الشيخ الطوسي في مقدّمة الكتاب أنّ الباعث لتأليفه هذا الكتاب، هو إجابة لسؤال قد تكرّر من أحد الأشخاص، لم يصرّح باسمه، ولكنّه وصفه بأنّه (الشيخ الفاضل):
أ ـ ويعتقد الشيخ القهبائي (ق 11هـ) ـ ولعلّه المعروف ـ أنّ هذا الشيخ الموصوف بالفاضل في كلام الطوسي هو الشيخ المفيد (413هـ)([18]).
ب ـ بينما ربما يفهم من المحقق الكلباسي أنّه الشيخ أحمد بن الحسين بن الغضائري، حيث يقول في تفسير هذه الكلمة عينها في مقدّمة الفهرست ـ لا الرجال ـ: «مقصوده من الشيخ الفاضل هو الأحمد؛ بشهادة ذكره في العبارة المُتقدّمة السابقة على هذه العبارة، واشتمالِها على تصنيف الأحمد كتابين: أحدهما ذكر فيه المُصنّفات، والآخر ذكر فيه الأصول على حسب ما وجده وقدر عليه؛ حيث إنّ مقتضى سبق ذكر أحمد كونُ المقصود بالشيخ الفاضل هو الأحمد، واشتمال تلك العبارة على تصنيف الأحمد للكتابين المذكورين يُوجب ظهور كون المقصود بالشيخ الفاضل هو الأحمد، بمناسبة كون المأمور به ضبطَ أرباب المُصنّفات والأصول، ولا سيّما مع قوله: ولم أُفرد أحدهما عن الآخر، حيث إنّه احتراز عن صنيعة الأحمد»([19]).
ج ـ ويحتمل السيّد علي الخامنئي أن يكون هذا الشيخ هو القاضي عبد العزيز بن البرّاج (481هـ)([20]).
ويشير الطهراني إلى هذا الأمر في مقدّمته على تفسير التبيان حيث يقول: «الجمل والعقود: في العبادات، وقد رأيت منه عدّة نسخ في النجف الأشرف، وفي طهران، ألّفه بطلب من خليفته في البلاد الشاميّة، وهو القاضي عبد العزيز بن نحرير بن عبد العزيز بن البراج قاضي طرابلس المتوفّى سنة 481هـ، كما صرّح أوّله بقوله: فإنّي مجيب إلى ما سأل الشيخ الفاضل أطال الله بقاءه. وقد صرح في هامش بعض النسخ القديمة بأنّ القاضي المذكور هو المراد بالشيخ، كما ذكرناه في الذريعة»([21]). وهو ما يحتمله أيضاً الشيخ واعظ زاده الخراساني([22]).
وفي نظري فهذه كلّها ترجيحات، ولا يوجد دليل مقنع هنا، فالأفضل عدم البتّ في هذه القضيّة.
8 ـ 3 ـ مصادر الطوسي في الرجال
يعدّ كتاب ابن عقدة الزيدي في أصحاب الصادق×، والذي ألمحنا إليه من قبل، من أهم مصادر كتاب الرجال للطوسي، بل قد صرَّح المؤلِّف بذلك في المقدّمة قائلاً: «..فأنا أذكر ما ذكره([23])، وأورد من بعد ذلك ما لم يورده..»([24])، وقد كانت لنا وقفةٌ مع كتاب ابن عقدة سابقاً، فليراجع.
لكن مع ذلك ينقل الشيخ عن عدد من الأشخاص، ممّن يلوح أنّه أخذه من كتبهم، وأبرزهم:
1 ـ ابن أبي خيثمة.
2 ـ ابن حنبل.
3 ـ ابن قتيبة.
4 ـ ابن قولويه.
5 ـ الأعمش.
6 ـ البخاري.
7 ـ البغوي.
8 ـ التلعكبري.
9 ـ سعد بن عبد الله الأشعري.
10 ـ عليّ بن الحسن بن فضّال.
11 ـ الفضل بن شاذان.
12 ـ الكشي.
13 ـ محمّد بن إسحاق.
14 ـ يحيى بن معين.
وغيرها من المصادر، بل يحتمل نقله عن رجال البرقي قويّاً؛ لاتحاد الغرض وتشابه المعطيات.
8 ـ 4 ـ رجال الطوسي ومعضلة (الباب الثالث عشر)
الباب الأخير من هذا الكتاب، عنونه المؤلِّف بـ«من لم يروِ عن واحدٍ من الأئمة^»، وقد خصّصه ـ كما صرّح في المقدمة ـ: «.. ثم أذكر بعد ذلك من تأخّر زمانه من رواة الحديث، أو من عاصرهم ولم يروِ عنهم»([25])، وذكر فيه أكثر من 500 شخصية من المفترض ـ بحسب ما حدّده ـ أن يكون هؤلاء إما متأخّرون زماناً عن عصر الأئمّة أو أنّهم عاصروا أحدهم أو بعضهم ولكنهم لم يرووا شيئاً عنه.
وقد توقّف علماء الرجال والجرح والتعديل كثيراً عند هذا الباب؛ لأنهم وجدوا بعض المدرَجين فيه قد اُدرجوا في أبواب أخَر سابقة وعددهم بالعشرات؛ فتساءلوا: لماذا أدرج الطوسي بعض الأسماء التي ذكرها سابقاً في هذا الباب، أعني الباب الثالث عشر؟! ولعلّ أوّل من أثار هذه القضيّة هو ابن داود الحلّي.
ومن نماذج هذا التكرار ما يلي:
أ ـ بكر بن محمد الأزدي، عدّه في أصحاب الصادق([26])، وفي أصحاب الكاظم مرّة أخرى([27])، وثالثة في أصحاب الرضا([28])، ومع ذلك عدّه أيضاً في باب من لم يروِ عنهم([29]).
ب ـ ثابت بن شريح، عدّه في أصحاب الصادق([30])، وفي باب من لم يروِ عنهم([31]).
ج ـ القاسم بن محمد الجوهري، عُدّ في أصحاب الصادق([32])، وفي أصحاب الكاظم([33])، وفي باب من لم يروِ عنهم([34]).
د ـ كليب بن معاوية الأسدي، عُدّ في أصحاب الباقر([35])، وفي باب من لم يروِ عنهم([36]).
هـ ـ محمّد بن عيسى بن عبيد، عُدّ في أصحاب الرضا([37])، وفي أصحاب الهادي([38])، وفي أصحاب العسكري([39])، وفي باب من لم يروِ عنهم([40])، وغيرهم.
لقد وقع العلماء والباحثون للإجابة عن هذا التساؤل في اختلاف كبير وحيرة شديدة، وأتوا لذلك بحلول عديدة، هادفين رفع هذه الإشكالية في كتاب الرجال، وقد بلغت النظريات المعالِجة هنا إلى اثنتي عشرة نظرية؛ ذكر العلامة المامقاني (1351هـ) في كتابه (تنقيح المقال في علم الرجال) تسعاً منها، وأورد العلامة الكاظمي (1256هـ) في كتابه (تكملة الرجال) ثلاث نظريّات.
وأبرز هذه النظريات التي حاولت تفكيك هذا الإشكالية، ما يلي:
8 ـ 4 ـ 1 ـ المحاولة الثلاثيّة للعلامة المامقاني، قراءة نقديّة
النظريّة الأولى: وهي نظرية العلامة المامقاني، والتي تقسّم الرجال الذين أوردهم الطوسي في كتابه إلى ثلاثة أقسام:
الأول: من يروي عن الإمام بغير واسطة، أي أنه يروي مباشرةً عن الإمام.
الثاني: من لم يروِ عن الإمام إلا بواسطة بينه وبين الإمام، سواء أدرك زمن الإمام أم لم يدركه.
الثالث: من روى عن الإمام بالمباشرة وروايات أخرى بالواسطة.
فالشيخ الطوسي ـ بحسب هذه النظرية ـ يدرج القسم الأوّل من الرواة في باب من روى عنهم، أي في أحد الأبواب الاثني عشر. فيما يدرج القسم الثاني من الرواة في الباب الثالث عشر (باب من لم يروِ عنهم). وأمّا القسم الثالث من الرواة فيدرجه مرّةً في أبواب من روى عنهم؛ باعتبار أنّ له رواياتٍ بالمباشرة عن الأئمة، ومرّةً أخرى يذكره في الباب الثالث عشر؛ باعتبار أنّه روى عنهم بواسطة. هكذا حلّ العلامة المامقاني إشكالية الباب الثالث عشر([41]). والظاهر أنّه تبع في ذلك المحقّق الكاظمي([42]).
وقد نوقشت هذه النظريّة بأنّ وجود رواية شخص عن المعصوم مع الواسطة لا يصحّح ذكره في من لم يرو عنهم، بعد ما كانت له رواية عنهم، فإنّ المصحّح لذكر أحد في من لم يرو عنهم هو عدم روايته عنهم بلا واسطة، مع كونه من رواة الحديث، لا روايته عن المعصوم مع الواسطة، ولو كان راوياً عنه بلا واسطة أيضاً، كما أنّ أكثر الرواة عن الأئمّة قد رووا عن غير الأئمّة من أصحابهم، من غيرهم، فلو صحّ ما ذكر لزم ذكر جميع أصحاب الأئمّة في باب من لم يرو عنهم، إلا من شذّ وندر، فإنّه قلّ في أصحابهم من لم يرو عن غير المعصومين([43]).
8 ـ 4 ـ 2 ـ محاولة البهبودي (إرادة التضعيف)، نقد وتعليق
النظريّة الثانية: ما ذكره الدكتور محمد باقر البهبودي، وهي تقرّر أنّ إيراد بعض الرواة في الباب الثالث عشر هو تضعيفٌ لهم، ونفيٌ لصحبتهم وروايتهم عن أحدٍ من الأئمة؛ وأمّا ذِكر الشيخ الطوسي لهم في الأبواب الاثني عشر السابقة، فهو مبنيٌّ على ما هو المشهور من أنّهم معاصرون للأئمّة([44]).
ولا يوجد شاهد مصحّح لهذه النظريّة، بل سيأتي التعليق على مثل هذه النظريّة عند الحديث عن النظريّة التاسعة، فانتظر.
8 ـ 4 ـ 3 ـ احتماليّة بحر العلوم بين المعاصرة والرواية، تعليق نقدي
النظرية الثالثة: وهي أنّ الشيخ الطوسي أورد بعض الأشخاص في أصحاب الأئمة^؛ لمعاصرتهم لهم، بغضّ النظر عن روايتهم أو عدم روايتهم، وأما إيرادهم مرّةً أخرى في الباب الأخير فقد كان لأجل أنّهم لم يرووا شيئاً. وهذا معناه أنّ أصحاب هذه النظرية يعتقدون أنّ الطوسي لاحظ الرواة من جهتين مختلفتين؛ واحدة معاصرتهم لأحد الأئمة، والأخرى عدم روايتهم شيئاً عنهم.
هذا، وقد أورد السيد أبو القاسم الخوئي (1413هـ) هذه النظرية، دون أن يسندها إلى أحد([45])، والظاهر أنّها ترجع في أوائل طرحها للسيد بحر العلوم([46])، وتظهر من غيره([47]).
ولعلّ من أفضل الأجوبة هنا هو أنّ الطوسي في بعض الموارد ذكر المعاصرين للأئمّة في أبواب رواتهم مصرّحاً بعدم روايتهم عنهم، ليكون كالمعتذر لذكرهم في تلك الأبواب، فيقول: رآه أو لقيه أو لحقه ولم يرو عنه، فلو كان جميع المذكورين في الباب الأخير ممن سبق ذكره من هذا القبيل، لصرّح معهم بمثل ذلك، ولم يقتصر على تلك الموارد القليلة.
بل إنّ هذه النظريّة لا تتمّ في كثير من الموارد، فإنّ من ذكره في من لم يرو عنهم أيضاً قد روى عنهم، ولم يقتصر على مجرّد المعاصرة، بل هذه النظريّة منقوضة بمجموعة من الرواة عن إمامٍ ممن ذكرهم الطوسي في بابه، وقد امتدّت أعمارهم وبقوا إلى أعصر الأئمّة المتأخّرين ولم يرووا عنهم، ومع ذلك لم يدرجهم الشيخ في باب (من لم يرو)، مثل: حماد بن راشد الأزدي البزاز أبو العلاء الكوفي، ذكره في أصحاب الباقر، وقال: أسند عنه، توفي سنة 156هـ، ومثله في أصحاب الصادق، وأضاف: وهو ابن 77 سنة، فقد عاصر الكاظم عليه السلام ولم يرو عنه، ولم يذكره في أصحابه، وغيره كثير([48]).
8 ـ 4 ـ 4 ـ نظريّة ابن داود الحلّي (تغاير الأشخاص)، مطالعة نقديّة
النظرية الرابعة: ما يلوح من ابن داود الحلي([49])، من أنّ الواردة أسماؤهم في الأبواب الاثني عشر هم أشخاصٌ مختلفون عن أولئك الذين وردت أسماؤهم في الباب الثالث عشر، وأنّ هذا التكرار إنّما هو تشابهٌ في أسماء الأشخاص؛ فيكون هناك شخصان بنفس الاسم أحدهما ممّن عاصر الأئمة والآخر لم يعاصرهم أو لم يروِ عنهم شيئاً([50]).
ويظهر من مواضع من كلمات الاسترآبادي والتفرشي الأخذ بهذا الخيار ولو في الجملة، وقد أخذ به الغريفي في قواعد الحديث([51]).
والمشكلة العمدة هنا هي أنّ القول بتعدّد هؤلاء جميعاً عسير للغاية، كما أقرّ به غير واحد، ففضالة بن أيوب بعيد أن يراد منه أكثر من شخص.
8 ـ 4 ـ 5 ـ التمييز بين التحمّل والأداء في الصغر والكبر، نقد وتفنيد
النظرية الخامسة: ما ذكره السيّد بحر العلوم بنحو الاحتمال، حيث قال بأنّ المراد هو أنّه تحمّل الرواية عنهم صغيراً، وأدّاها بعدهم كبيراً، فهو من أصحابهم، وممن تأخّر زمان روايته عنهم([52]).
ونوقشت هذه النظريّة في كلمات العلامة المامقاني بمناقشة موفّقة، حاصلها أنّه قد تقرّر في علم الدراية عدم شرطيّة الكبر في تحمّل الرواية، فهذا الذي تحمّل صغيراً وأدّى كبيراً ممّن روى عن الأئمّة، لا وجه لإثباته في عداد من لم يروِ عنهم، فالمراد بمن روى عنهم، هو من تحمّل عنهم الحديث، فإن كان تحمّل الصغير صحيحاً، كان راوياً، فلم يندرج في باب (من لم يرو) وإن لم يكن تحمّله صحيحاً، لم يكن راوياً فلم يصحّ درجه في أبواب الرواة، بل هذا الفهم غير مطّرد؛ فإنّ فيهم من لقي إمامين أو أكثر، وقد ذكر في الباب الأخير! فلا يمكن أن يقال إنّه لقي الإمام الثاني وهو صغير أيضاً([53]).
8 ـ 4 ـ 6 ـ احتماليّة التمييز بين المشافهة والكتابة، ردّ وتعليق
النظريّة السادسة: ما أثاره السيد بحر العلوم وردّه، وهو أن يكون المراد بالرواية عنهم هو ما يعمّ الرواية بالمشافهة والكتابة، والمراد بعدم الرواية عنهم هو عدم الرواية بخصوص المشافهة.
وأجاب عنه بأنّ المقابلة قاضية بإرادة المعنى الواحد في النفي والإثبات، وبعدم اطّراد هذا الوجه([54]). وكيف ما كان فهذا محض احتمال لا يوجد شاهد يؤيّده.
8 ـ 4 ـ 7 ـ احتماليّة العدول عن الرأي، جواب وردّ
النظرية السابعة: ما احتمله المامقاني، من عدول الطوسي عن رأيه، فكأنّه كان يرى أنّه روى عنهم، ثم بعد ذلك عدل عن ذلك([55]).
واُجيب بجواب موفّق، وذلك أنّه إذا كان الراوي قد روى عن الإمام، وتثبّت الطوسي من روايته في مصادر الحديث، وذكره في أبواب من روى عن الأئمّة، فلا معنى للعدول عن هذا الأمر الواقع، وهل هو أمر قابل للعدول؟ وإذا كان قد وقف على عدم صحّة ما أثبته أوّلاً، فاللازم عليه حذف اسمه من الأبواب الأولى، وإدراجه في الباب الأخير فقط، أمّا الجمع بذكر اسمه في البابين، فلا يناسب أبداً.
علماً أنّ هذا لو صحّ في بعض الموارد فمن المقطوع به عدم صحّته في الكثير منها، بعد كون بعض الأسماء مما يُقطع بروايتها عن أهل البيت([56])، ولها الكثير من المرويّات في كتب الطوسي نفسه.
8 ـ 4 ـ 8 ـ فرضيّة الكاظمي في الشكّ والتردّد، مطالعة نقديّة
النظريّة الثامنة: ما ذكره المحقّق الكاظمي، من أنّه قد يجزم الطوسي برواية الراوي عنهم عليهم السلام بلا واسطة، فيذكره في باب من روى عنهم، وقد يقطع بعدم الرواية عنهم، فيذكره في باب من لم يرو، وقد يحصل له الشكّ في ذلك، فلا يمكنه الفحص عن حقيقة الحال، فيذكره في البابين، تنبيهاً على الاحتمالين([57]).
ويناقش بأنّ فكرة التردّد لابدّ وأن تستوحى من عبارات الطوسي الظاهرة في الجزم، وعند تردّده فهو يصرّح بما تردّد به في مختلف كتبه، فلماذا لا نجد عيناً ولا أثراً هنا لذلك؟! ولهذا علّق المامقاني في موضع من بحوثه بأنّ طريقة الطوسي هي بيان معتقده، والتردّد خلاف طريقته([58]).
وعلى أيّة حال، فهذا محض احتمال وتخمين، بل إنّ بعض الرواة لا معنى للتردّد في أمرهم، فهم من الأسماء الواضحة في روايتها، بل بعض من ذكرهم في الأبواب السابقة أولى بأن يكون مشكوك الرواية عنهم، ممّن ذكره في البابين معاً، فلاحظ وراجع فالأمر واضح.
8 ـ 4 ـ 9 ـ فرضيّة الكشف عن وجود خلاف، تضعيف وتوهين
النظريّة التاسعة: ما طرحه المحقق الكاظمي والسيد بحر العلوم بوصفه احتمالاً، من أنّ الطوسي ذكر هذه الأسماء في البابين للإشارة إلى وجود خلاف بين العلماء فيها، فجمع بين الأقوال نتيجة ذلك، فكأنّ الطوسي راعى القول بكون الراوي ممّن روى عن الإمام، فذكره في الأبواب السابقة، كما راعى القول بكونه عكس ذلك، فذكره في الباب الأخير([59]).
ويناقش هذا الكلام:
أوّلاً: بما ذكره المحقّق المامقاني، من أنّ عدّ الطوسي لهم في من روى عنهم، يكشف عن عثوره على روايتهم عنهم، فلا يمكن إنكاره لروايتهم عنهم([60]).
وقد أوضح العلامة الجلالي فكرة المامقاني هنا عبر القول بأنّ الاختلاف في مثل المقام لا معنى له، فإنّ رواية الشخص عند الشيخ الطوسي إن ثبتت، أثبت الشيخ اسم الراوي في باب (من روى عنهم)، وإلا أثبته في باب (من لم يرو عنهم)، ولا معنى لأن يذكره في البابين من دون تنبيه([61]).
ولكنّ هذه المناقشة على صحّتها في نفسها، يمكن لصاحب هذا التبرير أن يردّها بأنّ ثبوت الرواية أو عدم ثبوتها من قبل نفس الشيخ لا يمنع من ثبوتها أو عدم ثبوتها عند آخرين، فرغم كون قول الآخرين على خلاف قوله، لكنّه راعى قولهم فذكر الاسم بما يتناسب أيضاً مع قولهم، وهذا معناه أنّ الطوسي يختار أحد القولين، غاية الأمر أنّنا لا نحدّد رأيه بينهما، نعم يمكن المناقشة هنا بأنّ هذا مجرّد تخمين، وأنّه كان من المناسب للطوسي الإشارة لذلك.
ثانياً: إنّ الطوسي قد تعرّض للاختلافات حيثما وجدت عند ذكر الرواة، وهذا يدلّ على تنبّهه إلى الخلاف، وتنبيهه عليه كان لازماً، ومع ذلك لم يذكرهم في باب (من لم يرو عنهم)، مثل: محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، حيث قال بأنّه قيل: ليس له منه رواية، ومع ذلك لم يذكره في باب (من لم يرو عنهم). وإبراهيم بن عبد الحميد، حيث قال: «من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام، أدرك الرضا عليه السلام، ولم يسمع منه على قول سعد بن عبد الله»، ومع ذلك لم يذكره في الباب الأخير، وغير ذلك([62]).
8 ـ 4 ـ 10 ـ نظريّة التخطئة (البروجردي و..)، تعليقات وردود
النظرية العاشرة: وهي التي ترى أنّ هذا التكرار من الشيخ الطوسي غير مقصود، ولا يخفي وراءه شيئاً أو غاية، وهو رأي أكثر متأخّري المتأخرين؛ كالسيد البروجردي (1383هـ)، الذي كان يذهب ـ في رؤية بالغة الأهميّة ـ إلى أنّ الكتاب: «..كان بصورة مسودّة، وكان غرض الشيخ الرجوع إليه ثانياً؛ لتنظيمه وترتيبه وتوضيح حال المذكورين فيه، كما يشهد بذلك الاقتصار في بعض الرواة على ذكر مجرّد اسمه واسم أبيه من دون التعرّض لبيان حاله من حيث الوثاقة وغيرها، وكذا ذكر بعض الرواة مكرّراً كما يتّفق فيه كثيراً على ما تتبّعناه»([63]).
وهذا هو ـ تقريباً ـ ما اختاره السيد الخوئي أيضاً، حيث رأى أنّ «.. التوجيه الصحيح: أنّ ذلك صدر من الشيخ لأجل الغفلة والنسيان؛ فعندما ذَكَر شخصاً في من لم يروِ عنهم^، غَفَل عن ذكره في أصحاب المعصومين^، وأنّه روى عنهم بلا واسطة؛ فالشيخ لكثرة اشتغاله بالتأليف والتدريس كان يكثر عليه الخطأ..»([64]).
ويذهب بعض المعاصرين إلى أنّ سبب هذه الأخطاء قد يكون راجعاً إلى أنّ بعض هذا الكتاب قد تمّ إيكال الطوسي أمره الى بعض تلامذته، فوقعوا هم في مثل هذه الأخطاء([65]).
ولعلّ بدايات هذه النظريّة تلوح من عبارات القهبائي في مجمع الرجال([66])، وجعلها المامقاني أحد الاحتمالات عبر تعبيره بسهو القلم([67]).
ونحن نتحفّظ على دعوى السيّد البروجردي أنّ الطوسي كان يريد العودة لهذا الكتاب، وكان غرضه ذلك، فهذا ما لا دليل عليه، ومجرّد عدم ذكره التوثيقات لا يدلّ؛ إذ لعلّه ـ بل هو الأرجح ـ أنّه لم يكن بهذا الصدد أصلاً، بل كان، كنظيره البرقي، بصدد بيان الطبقات وسرد وتوثيق أسماء الرواة، ولا يوجد أيّ مؤشر يساعد على هذه الفرضيّات التي أثارها السيد البروجردي، وإن كانت ممكنةً ومحتملة في حدّ نفسها.
كما أنّ دعوى بعض المعاصرين إيكال الطوسي الأمر لبعض تلامذته أو قيامهم هم بذلك فهذا أيضاً لا دليل عليه، ولعلّه لجأ إليه بوصفه احتمالاً لتنزيه ساحة الطوسي عن مثل هذه الأخطاء الفادحة.
هذا، ولكنّ السيد محمّد رضا الجلالي لم يوافق على هذه النظريّة العاشرة وانتقدها من غير جهة:
أوّلاً: إنّ تعرّض الطوسي في رجاله لآراء الآخرين وذكر الاختلافات وإظهار نظره الخاصّ أحياناً بمثل: (لا أعلم له رواية) ونحو ذلك، وتصدّيه ـ في خصوص باب (من لم يرو) وبالأخص في موارد البحث ـ لذكر الراوي عن الرجل والمرويّ عنه، يكشف عن دقّة الشيخ في هذا الكتاب، والتفاته الكامل لما وضع فيه([68]).
وهذه الملاحظة مبنيّة من السيد الجلالي على نظريّته الخاصّة في تفسير هذه التكرارات المدّعاة في رجال الطوسي وسيأتي الحديث عنها، ومن ثمّ فليست هذه ملاحظة نقديّة بقدر ما هي ادّعاء وجود تفسير بديل.
ثانياً: إن هذه الغفلة المدّعاة، قد صدرت في خصوص 62 مورداً فقط، مع أنّ كتاب الرجال يحتوي على الآلاف العديدة من الأسماء، أفلا يُطرح هذا السؤال: لماذا غفل الشيخ في هذه الأسماء فقط فأعادها في باب (من لم يروِ) دون غيرها؟ مع أنّ الأسماء المعادة، لم يعدها الشيخ بعين ما ذكرها أوّلاً، بل أعاد كثيراً منها باختلاف في أسماء الأجداد أو الألقاب وما أشبه، وأما أكثر ما أعادها مع قيد الراوي أو المرويّ عنه، مما يكشف عن أنّ الطوسي كان يهدف من هذه الإعادة غرضاً علميّاً خاصّاً.
وقد تنبّه الشيخ عبد النبي الكاظمي إلى بعض ذلك، ففي إبراهيم بن صالح، قال: «ومما يدلّ على عدم غفلة الشيخ أنّه قال: إبراهيم بن صالح، له كتاب، رويناه بالإسناد الأوّل». قال الكاظمي: «فلو كان غافلاً عن أوّلاً لذكر الإسناد ثانياً، ولم يحله على الأوّل»([69]).
وهذه الملاحظة ـ بصرف النظر عن أصل نظريّة الجلالي في تفسير الموقف والتي ضمّنها هذه الملاحظة أيضاً بنحو الإشارة كما ستعرف ـ لا ترد هنا؛ فإنّ المدّعين لوقوع الشيخ في السهو أو الأخطاء في هذا الكتاب، لم يقصروا ادّعاءهم على هذه الموارد، بل ادّعوا أنّ في هذا الكتاب العديد من هذه المشاكل وغيرها، بل في سائر كتب الشيخ الطوسي، فلا يصحّ تصوير موقفهم وكأنّه يريد عزل هذاه القضية وافتراض اتفاق أو تصادف خطأ الطوسي فيها خاصّة.
وأمّا أنّه يذكر الراوي مع لقب في موضعٍ دون آخر أو مع بيان اسم جدّه في موضعٍ دون آخر فهذا لوحده ليس دليلاً على التقصّد والدقّة، بل عادة الطوسي عندما يكرّر الأسماء حتى داخل طبقات الأئمّة أن يفعل ذلك، بل هذا حصل مع البرقي أيضاً، فلماذا افتراض أنّه يعمد لهذا الأمر لوجود قصد في البين؟ فما لم نقدّم تفسيراً معقولاً فإنّ مجرّد ذلك لا يكفي.
ثالثاً: إنّ بعض الأسماء لا شكّ في روايتهم عن الإمام، فالأمر من الوضوح بحيث لا يمكن أن يُدّعى في حقّ الطوسي أنّه يغفل عنه، كفضالة بن أيّوب، فكيف يمكن ادّعاء غفلته عن روايته عن الإمام الصادق، ليُعيده في الباب الثالث عشر سهواً، مع كثرة روايات فضالة وسعتها، ومع سعة أعمال الطوسي الحديثيّة وتعمّقه في كتب الحديث والفهارس؟!([70]).
ويمكن لمثل البروجردي أن يجيب هنا بأنّ الكتاب مسوّدة، ومن ثمّ فلعلّ صورة الكتاب ليست كذلك واقعاً، بمعنى أنّ الطوسي دوّن بعض الأسماء في هذه المواضع لأمور يريدها، ثم بعد ذلك لم يعد النظر، فظلّت مع أنّه لا يقصد بقاءها. ومثل ما طرحه بعض المعاصرين ربما يمكن طرحه هنا بصيغة أخرى وهو أن يكون الكتاب قد رتّب من قبل تلامذته بحيث كان أوراقاً فدخل بعضها ببعض شبه ما يقال عن كتاب البخاري وغيره.
رابعاً: إنّ وجود الحلّ الموجّه لعمل الشيخ ـ ولو احتمالاً ـ كافٍ في منع هؤلاء القائلين من توجيه هذه الحملات عليه، فكان الأولى بهم التأمّل والتدقيق في فهم مراده. إنّ طرح هذا الاحتمال في حقّه يؤدّي إلى طرح الأقوى منه في حقّ غيره من الرجاليّين، وهذا ما نأباه بكلّ مشاعرنا، ونجلّ علم الرجال وأعلامه منه([71]).
ويمكننا التعليق هنا:
أ ـ إنّ مجيء احتمالٍ معقول كافٍ في رفع النظريّة العاشرة حتى لو لم نتمكّن من إثباته بشكلٍ حاسم، أمّا مجرّد الاحتمالات الصرفة فهذا لا يكفي لرفع المشكلة، فنحن نواجه ظاهرة تاريخيّة تتصل بكتابٍ من مؤلّفات عالم من العلماء المتقدّمين، وعلينا دراستها بطريقة تاريخيّة محايدة، ومجرّد إثارة الاحتمالات لا يكفي هنا في استبعاد تقوية احتمال وقوعه في الخطأ، فالقضيّة ترجيحات وليست جزماً يقينيّاً.
ب ـ إنّ الخطأ الأكبر هنا هو في أدلجة هذا البحث، فما معنى إقحام مشاعرنا في القضيّة؟! وهل نبحث في قضيّة علميّة أو أننا نريد توجيه وضع لأجل إباء مشاعرنا عن ذلك؟! أعتقد بأنّ هذا النمط من تناول التاريخ وقضاياه هو السبب الأبرز في ظهور نظريّاتنا التأويليّة في فهم التاريخ وأحداثه. وما معنى الحديث عن حملات على الطوسي، وأصحاب هذه النظريّة هم كبار علماء الرجال كالبروجردي والخوئي؟ وكأنّه يراد تصوير القضيّة بصورة وجود حملة على الطوسي وعلينا ـ من ثمّ ـ الدفاع عنه!
نعم، لو ثبت وقوع الرجاليّين أو غيرهم في مشكلة عويصة فليكن، أمّا أن نعمد للتأوّل؛ لأنّ مشاعرنا لا تتحمّل ذلك فهذا في ظنّي غير مقبول.
8 ـ 4 ـ 11 ـ نظريّة الخاقاني في تقسيم الموقف، ردّ وجواب
النظريّة الحادية عشرة: ما ذهب إليه المحقّق الخاقاني، من أنّ غرض الطوسي عقد بابٍ لمن لم يرو عنهم: إما لتأخّر زمانه عنهم، أو لعدم رؤياه لهم، وإن كان في زمانهم، ولا يمتنع أن يذكر فيه بعض من صحبهم وروى عنهم لوجود الطريق له هناك أيضاً. فيكون هذا الباب مشتملاً على أقسام ثلاثة: من تأخّر زمانه عنهم. ومن لم يرو عنهم وإن عاصرهم. ومن صحبهم وروى عنهم أيضاً. فلا يكون هذا الباب منحصراً في القسمين الأوّلين، كما عساه يظهر من كلام الطوسي، وإن كان أصل الغرض من عقد هذا الباب مختصّاً بهما، لكنّه لا بأس به، بل هو أنفع؛ لإفادته كثرة الطرق وزيادتها، ولا إشكال في رجحانه، إذ ربما تكون الرواية بواسطة ذلك من قسم المستفيض أو المحفوف بالقرائن المتاخمة للعلم، بل قد يبلغ العلم([72]).
والجواب عن هذه النظريّة واضح، وذلك أنّها تفترض شيئاً لا عين له ولا أثر، بل هو يخالف ظاهر عبارة الطوسي الذي شرح غرضه من الباب في سياق إطلاقٍ مقامي، بل كتاب الرجال ليس معدّاً لبيان الطرق، ومن ثم فلماذا انحصر بيانها في هؤلاء فقط، بل ما علاقة كثرة الطرق بذكرهم في هذا الباب؟ فهذه المحاولة تأوّل غير واضح المعالم.
8 ـ 4 ـ 12 ـ نظريّة الجلالي في مراعاة حال الأسانيد، ردّ وتعليق
النظريّة الثانية عشرة: وهي النظرية التي طرحها مؤخّراً السيد محمد رضا الجلالي حفظه الله، حيث بعد أن مهّد بمقدّمة حول كون كتاب الرجال للطوسي معدّاً للطبقات، وهذا صحيح تماماً وأمره واضح لا يحتاج لإطالة، ذكر أنّه في بعض الأحيان قد يرى الطوسي رواية شخص متأخّر عن شخص متقدّم جداً عنه، بحيث لا يعقل أن يروي عنه إلا إذا كانت ولادة أحدهما متقدّمة جداً أو عمّر الآخر حتى بلغ طبقة الثاني، مثل رواية سعد الأشعري عن الهيثم بن أبي مسروق، ومن ثم فلابدّ من فرض وقوع سقط في الإسناد في هذه الموارد من كتب الحديث، وهنا كلّما وجد الطوسي أنّ في سند الحديث خللاً من حيث طبقة رواته، أو علّة في اسم الراوي، أو معرفة شخصه، أو من جهة الكلام في اتصاله عند أعلام الطائفة إذا حكموا بإرساله أو انقطاعه، أو حكموا بعدم لقاء الراويين، أو شكّوا في سماع الراوي عن المرويّ عنه، فإنّ الشيخ يورد المرويّ عنه في (باب من لم يرو عنهم) للدلالة على هذا الانقطاع والإرسال، فإذا لاحظنا ذلك فهمنا وجه تكراره، فإنّ المذكورين إذا وردوا في سندٍ مرسل، يكون الشخص في ظاهر هذا السند في طبقة من لم يروِ، وإلا لم يمكن رواية سعد عن الهيثم، ولا أقلّ من وجود شبهة فيهم أن يكونوا ممن لم يرو، وهذا كافٍ في تجويز ذكرهم هنا، وغرض الشيخ هو التنبيه على هذا الجهة، كي يعرف أمر المذكورين، فحيثما قطع بالاتحاد بين المذكورين سابقاً ولاحقاً، فالحكم يكون على الرواية بالإرسال والانقطاع ويجزم بذلك، ويخرج المذكورون عن شبهة دخولهم في طبقة من لم يرو.
وهذه ملاحظة دقيقة دلّ عليها الشيخ بتصرّفه البديع ذلك، فعنوان الباب هو (طبقة من لم يرو) وهؤلاء في هذه الطبقة على ظاهر الأسانيد المرسلة، وإن كانوا في طبقة الرواة على أساس رواياتهم عن الأئمّة، والطوسي لا يريد أن يقول (روى) و (لم يرو)، والشيخ يجلّ مقامه من أن يتصوّر ذلك في حقّه([73]).
ثم عمد الجلالي لتطبيق هذا الرأي المختار على الموارد المتفرّقة التي حصل فيها التكرار، فعقد بحثاً مطوّلاً بذل فيه جهداً يدلّ على تتبّعه وخبرويّته، مستظهراً تطبيق نظريّته تارةً وأخرى بيان تعدّد الراوي ونحو ذلك، متوصّلاً إلى أنّه في ثمانية وثمانين في المائة من الموارد يمكن حلّ التعارض عبر نظريّته هذه بما يوجب الوثوق والاطمئنان([74]).
ويمكن مناقشة هذه النظريّة من خلال عدّة نقاط:
1 ـ إنّ هذا التفسير خلاف ظاهر عبارة الشيخ الطوسي المفيدة لجزمه بكون الراوي ممّن روى عنه وبكونه ممّن لم يرو عنه، وهذا غير أن يكون بناء الكتاب على كون الراوي ممّن يوحي طريقٌ بأنّه روى عنه، ويوحي طريقٌ آخر بأنّه لم يرو عنه، ومن اللافت أنّ السيد الجلالي نفسه كان أورد شبه هذا النسق من الإشكال على بعض النظريّات السابقة! فراجع.
2 ـ ما ذكره بعض العلماء المعاصرين، من أنّ هذا الرأي بعيد جداً، فلو كان هذا هو قصد الطوسي لناسب أن يصنّف كتاباً آخر مستقلاً لبيان علل الأحاديث وكشف حالاتها، على غرار سائر مؤلّفاته في الفهرسة والطبقات وغير ذلك، أمّا أن يورد بهذه الطريقة أسماء أشخاص في موضعين، مريداً مثل هذا، فهو مقطوع البطلان([75]).
3 ـ لو صحّ مثل هذا، ألم يكن من المنطقي جداً بشخصٍ مثل الطوسي أن يشير لهذا الأمر في مقدّمة الكتاب أو على الأقلّ في مقدّمة الباب الثالث عشر أو في موردٍ من هذه الموارد على كثرتها؟ إنّ عدم الإشارة يعدّ خللاً واضحاً في تصنيف الكتاب وتقديمه للآخرين بوصفه جهداً متميّزاً يراد له أن يكون مستنداً في التوثيق الطبقاتي؟ بل إنّ الطوسي يكون قد نقض غرضه من هذا الكتاب حينما شوّش على القارئ حقيقة الأمر، فكيف نعرف رأيه الحقيقي في طبقة الراوي؟! إنّنا بحاجة لجهد في ذلك، فأيّ تصنيفٍ هذا؟
4 ـ هل يختصّ هؤلاء فقط بهذه الحال؟ ألا يوجد العشرات من الرواة الذين نجد انقطاعاً أو إعضالاً في الأسانيد بينهم وبين من سبقوهم أو لحقوهم؟ فلماذا تخصيص ما يزيد عن ستين شخصاً فقط من بين الآلاف من الأسماء؟ بل لنفرض أنّ سنداً أوجب إيهاماً في حقّ مثل فضالة بن أيّوب، فهل يستدعي الأمر إدراجه في من لم يرو عنهم مع كونه معلوم الحال، ومجرّد وجود سند الحسين بن سعيد عنه مع بعد روايته عنه بلا توسّط غيره، لا يكفي لجعله في طبقة من لم يرو عنهم، بما يوحي بأنّه من طبقة متأخّرة عن طبقة أهل البيت. وهكذا الحال في غياث بن إبراهيم، فهل يحتاج لذكره هناك مع معلوميّة حاله ووضوح أمره في كونه من أصحاب الصادق؟
5 ـ إذا صحّ هذا التخريج لزم عدم إمكان الأخذ بالكثير من بيانات الطوسي في الطبقات، إذ لعلّ الطوسي ذكر شخصاً في طبقة الإمام الرضا لرواية شخص عنه من طبقة الإمام العسكري، رغم اعتقاد الطوسي بأنّ الرجل من طبقة الإمام الصادق فقط في حقيقة الأمر، مريداً بذلك كشف وجود هذه العلّة في بعض الأسانيد، فمثلاً لو روى زيد (طبقة الهادي) عن عمرو الذي هو في طبقة الإمام الباقر واقعاً بحسب رأي الطوسي، فإنّ السند يوحي بأنّه من طبقة الكاظم والرضا والجواد مثلاً، فلعلّه لذلك وضعه الطوسي في طبقة هؤلاء، لا لأنّه واقعاً عنده في طبقتهم، بل لأجل الإشارة إلى هذا السند المعلّل أو لوجود قول بذلك أو غير ذلك.
وبعبارةٍ أخرى: إذا صحّت هذه النظريّة أو أيّ نظريّة أخرى فيفترض أن ننظر لعلّ الطوسي كرّر بعض الأسماء في بعض الطبقات لا لكونها عاشت في أكثر من طبقة، أو روت عن أكثر من شخص، بل لتردّد الطوسي فيه، أو للسند المعلّل، أو لوجود قولٍ، أو لوجود اختلاف بين العلماء، أو غير ذلك، وهذا ما يفتح باباً كبيراً لا أظنّ أنّ السيد الجلالي وضع نظريّته لفتحه، بل وضع نظريّته لتلافي فتح مثل هذه الأبواب كما هو واضحٌ منه.
والمتحصّل أنّ هذه النظريّة غير مقنعة.
8 ـ 4 ـ 13 ـ محاولة الدمج بين النظريّة الأولى والثلاثة، تعليق نقدي
النظريّة الثالثة عشرة: وهي القول بنوع توظيف للنظريّتين الأولى والثالثة معاً، بالقول بكون المراد هو أنّه يذكر في الأبواب السابقة من عاصر وروى معاً، أو من عاصر ولم يروِ، فيما يذكر في الباب الأخير من لم يعاصر، أو عاصر لكن ليست له رواية مباشرة، ففضالة بن أيّوب مثلاً رغم كثرة رواياته، لكن ليست له رواية مباشرة عن أحد الأئمّة، فيكون هذا هو المراد، فذكره في تلك الأبواب لمكان معاصرته وكونه من رواة الحديث، وذكره في الباب الأخير لمكان عدم روايته المباشرة، وهذا هو المنسجم مع عبارة الطوسي نفسه في شرح حال هذا الباب كما تقدّم. ولعلّ بعض النظريّات السابقة كانت تروم هذا.
وهذا الوجه الذي طرحه لنا بعض الأعزّة من طلابنا، وقد يُستوحى من بعض أصحاب النظريّات السابقة، يمكن أن يورد عليه:
أوّلاً: إنّ هناك الكثير من الرواة المذكورين في كتاب الرجال، ممن عاصروا ولم يرووا بالمباشرة، فلماذا اقتصر الطوسي على ذكر 62 شخصاً فقط؟
ثانياً: إنّ بعض الأسماء المذكورة في القائمة لها روايات مباشرة، وبعضهم يشتهر فيه هذا الأمر جداً، ووردت رواياته المباشرة في كتب الطوسي نفسه، مثل: غياث بن إبراهيم، وأحمد بن عمر الحلال، وبكر بن صالح، وشعيب بن أعين، وعبد العزيز بن المهتدي، وعبد الغفار الجازي، وغالب بن عثمان، والفضل بن أبي قرّة، وكليب بن معاوية، ومعاوية بن حكيم، وثابت بن شريح (على قول النجاشي)، وحفص بن غياث، والريان بن الصلت، وزرعة بن محمّد، وسليمان بن الحسن الجصاص (بشهادة النجاشي)، وسندي بن الربيع (بشهادة النجاشي)، وغيرهم، ومعه لا يكون هذا التفسير منطقيّاً.
الموقف المختار في قضيّة الباب الثالث عشر
والموقف المختار عندي هو التوقّف، مع ميلٍ للنظريّة العاشرة التي اختارها السيدان: الخوئي والبروجردي وغيرهما، في الموارد التي لا يتمّ العثور فيها على حلّ يختص بها، بمعنى وقوع غفلة أو سهو أو كونه مسوّدات نشرت دون مراجعتها أو نحو ذلك، والعلم عند الله.
هذا، وإنّني أحتمل أنّ الباب الثالث عشر ربما يكون كتاباً آخر ضُمّ فيما بعد إلى رجال الطوسي من قبل الطوسي نفسه، أو أنّ الطوسي عدل عن ترتيب ما فعل؛ لأنّ نسقه وطريقة تدوينه ومضمونه يختلف تماماً بالتفصيل والإجمال عن رجال الطوسي، وربما يكون هذا سبباً في بعض الإشكال هنا، فتأمّل جيّداً.
كانت هذه أبرز النظريات في تفسير التكرار الذي صدر من الشيخ الطوسي في بعض الأشخاص في الباب الثالث عشر بعد أن ذكرهم في الأبواب السابقة عليه، وهي تفتح على تقويم عام لهذا الكتاب ينبغي أخذه بعين الاعتبار.
8 ـ 5 ـ الأعمال القائمة على رجال الطوسي
دارت بعض الأعمال حول رجال الطوسي، ومن أبرزها:
1 ـ حاشية على رجال الطوسي للسيّد الداماد([76]).
2 ـ حاشية وتصحيح السيّد البروجردي.
3 ـ حاشية وتصحيح الشيخ عليّ النمازي الشاهرودي([77]).
4 ـ ترتيب المولى عناية الله القهبائي، والمضمَّن في كتابه مجمع الرجال.
5 ـ منتخب الرجال، للسيّد محمّد علي الشاه عبد العظيمي. وهو كتاب مرتّب على أربعة أجزاء، أوّلها في مقصدين: في منتخب رجال شيخ الطائفة، وفي منتخب فهرسته. والجزء الثاني هو منتخب الكشي، والثالث هو منتخب النجاشي، والرابع منتخب خلاصة الأقوال للحلي([78]).
8 ـ 6 ـ نُسخ رجال الطوسي
أبرز نسخ هذا الكتاب هو الآتي:
1 ـ نسخة المكتبة الوطنيّة، برقم (1270)، وترجع لعام 984هـ.
2 ـ نسخة المرعشي، برقم (13234)، للمولى التستري، وترجع لعام 988هـ.
3 ـ نسخة مدرسة مروي، برقم (405 م)، للخفاجي، وترجع للقرن العاشر الهجري ظاهراً، وعليها تعليقات الميرداماد.
4 ـ نسخة المرعشي، برقم (5381م)، لإبراهيم بن يوسف كليب، وترجع لعام 1010هـ.
5 ـ نسخة كليّة الإلهيّات بمشهد، برقم (1429م)، وترجع لتاريخ 1015هـ.
6 ـ نسخة المرعشي، برقم (4795م)، وترجع لعام 1017هـ.
7 ـ نسخة مؤسّسة البروجردي في قم، برقم (465م)، وترجع لعام 1026هـ، مصحّحة وعليها تعليقات.
وغيرها من النسخ المتأخّرة زماناً([79]). والتي تعضد ما نُقل عن رجال الطوسي في كلمات العلامة وابن داود وغيرهما.
وقد ذكر الشيخ جواد القيّومي أنّه حقّق كتاب رجال الطوسي على نسخة خطيّة عتيقة جداً، ترجع لعام 533هـ بخطّ محمّد بن سراهنك بن المرتضى الحسيني([80])، وهذه نسخة قديمة جداً.
هذا، وقد أبلغني صاحب الفضيلة الشيخ عبد الله دشتي ـ من الكويت ـ وهو يتولّى مركز متخصّص في التراث والمخطوطات حالياً في لقائي معه بتاريخ 7 ـ 3 ـ 2017م، في الكويت، بأنّهم حصلوا على نسخة مصوّرة من مكتبة المتحف البريطاني، لرجال الطوسي، ترجع لأواسط القرن السادس الهجري، أي بعد حوالي قرن من وفاة الطوسي، وعليها علامات الصحّة والإجازات، وفيها بعض ما ليس في المطبوع اليوم، لكنّه مما يوافق ما نقل عنه في كلمات مثل ابن داود الحلّي. ولا أدري ما إذا كانت مغايرة لنسخة ابن سراهنك، وفي ظنّي أنّها هي، نسأل الله أن يوفّق العاملين لتحقيق هذه الكتب بأعلى درجات الدقّة والتتبّع في المخطوطات.
نكتفي بهذا القدر من الحديث عن رجال الطوسي، ونشير إلى أنّ بعض البحوث المتصلة بهذا الكتاب، سبق أن تعرّضنا لها في الفصول المتقدّمة، خاصّة مثل بحث (أسند عنه)، الذي درسناه في فصل ألفاظ المدح والقدح، فراجع، حتى لا نطيل.
([1]) هذا البحث جزءٌ من كتاب (منطق النقد السندي 3: 486 ـ 513)، من تأليف حيدر حبّ الله، نشر مؤسّسة الانتشار العربي في بيروت، الطبعة الأولى، 2017م.
([2])انظر ـ على سبيل المثال ـ: فرج المهموم: 121؛ والمعتبر 1: 413؛ ومنتهى المطلب 2: 243؛ ومسالك الأفهام 7: 60؛ ومدارك الأحكام 1: 74؛ وغيرها كثير.
([3]) الطوسي، كتاب الرجال: 17.
([5]) الذريعة 10: 120؛ وانظر: بحر العلوم، الفوائد الرجاليّة 3: 231.
([6]) انظر: رجال النجاشي: 403.
([7]) الطوسي، الفهرست: 241؛ وابن شهر آشوب، معالم العلماء: 150.
([8]) الطوسي، كتاب الرجال: 17.
([13]) قاموس الرجال 1: 29؛ ولاحظ أيضاً: الخوئي، معجم رجال الحديث 1: 97.
([14]) الطوسي، كتاب الرجال: 109.
([17]) البهبودي، معرفة الحديث: 92.
([18]) عناية الله القهبائي، مجمع الرجال 1: 5، (الهامش).
([19]) الرسائل الرجاليّة 2: 388.
([20]) علي الخامنئي، الأصول الأربعة في علم الرجال: 40.
([21]) الطهراني، تفسير التبيان 1: 23، المقدّمة؛ وانظر: الذريعة 5: 145، الهامش رقم: 1.
([22]) الخراساني، الرسائل العشر: 51 ـ 52 (المقدّمة).
([24]) الطوسي، كتاب الرجال: 17.
([41]) المامقاني، تنقيح المقال في علم الرجال (طبعة حجرية) 1: 194 ـ 195.
([42]) انظر: تكملة الرجال 1: 15.
([43]) الخوئي، معجم رجال الحديث 1: 98.
([44]) البهبودي، معرفة الحديث: 94.
([45]) الخوئي، معجم رجال الحديث 1: 97.
([46]) الفوائد الرجاليّة 4: 142.
([47]) انظر: قاموس الرجال 1: 29؛ وبهجة الآمال 2: 410.
([48]) انظر: محمّد رضا الجلالي، باب من لم يروِ عن الأئمّة في رجال الشيخ الطوسي، مجلّة تراثنا ج7: 60 ـ 61.
([49]) راجع: كتاب الرجال: 154، ترجمة القاسم بن محمد الجوهري.
([50]) الخوئي، معجم رجال الحديث 1: 98.
([51]) انظر: قواعد الحديث: 162 ـ 168.
([52]) الفوائد الرجاليّة 4: 142.
([53]) انظر: تنقيح المقال 1: 194؛ والجلالي، باب من لم يروِ، مصدر سابق: 61 ـ 62.
([54]) انظر: الفوائد الرجاليّة 4: 142.
([55]) انظر: تنقيح المقال 1: 194.
([56]) انظر: الجلالي، باب من لم يروِ، مصدر سابق: 62 ـ 63.
([57]) انظر: تكملة الرجال 1: 14 ـ 15.
([58]) انظر: تنقيح المقال 1: 194.
([59]) انظر: تكملة الرجال 1: 15؛ والفوائد الرجاليّة 4: 143.
([60]) انظر: تنقيح المقال 1: 194.
([61]) انظر: الجلالي، باب من لم يروِ، مصدر سابق: 64.
([63]) نهاية التقرير 2: 270؛ هذا، وقد ذهب إلى أنّه مسوّدة لم يكملها الطوسي عباسُ السلامي، فانظر له: الدراية في منهج الرجال والرواية: 48 ـ 54، مستشهداً ببعض النواقص والأخطاء التي وقع فيها هذا الكتاب، من نوع عدم تغطيته لأسماء كلّ الرواة، وعدم ذكره لبعض الرواة في طبقة بعض الأئمّة، مع اقتصاره في ذكرهم على طبقة أئمّةٍ آخرين، وعدم تفصيل الكلام في أمر الرواة ولا بيان الوثاقة وغيرها فيهم، ووقوع التكرار في أسماء الرواة في هذا الكتاب، وحصول الاضطراب في ترتيب أسماء الرواة فيه..
إلا أنّه سوف يأتي منّا عند الحديث عن فهرست الطوسي، مناقشة القائلين ـ مثل السيد أحمد المددي فيما هو المنسوب إليه ـ بأنّ الطوسي لم يُكمل فهرسته، وسنرى أنّ هذه الفكرة وفكرة المسوّدة تريد تغطية حجم النواقص والأخطاء الموجودة في كتب الطوسي انطلاقاً من حُسن الظنّ به، ولا يوجد لصالحها شواهد متينة، علماً أنّ بعض الملاحظات التي وضعها الشيخ السلامي هنا لا ترد على الطوسي أساساً، فضلاً عن أن تكون شاهداً على كون الكتاب مسوّدة ولم يكتمل، فمَن قال بأنّ الطوسي في هذا الكتاب بصدد بيان أحوال الرواة، حتى نقول بأنّه لم يكمله؛ لأنّه لم يفصّل في أحوالهم؟
([64]) معجم رجال الحديث 1: 99.
([65]) قبسات من علم الرجال 2: 103.
([66]) انظر: مجمع الرجال 1: 4.
([67]) انظر: تنقيح المقال 1: 194.
([68]) انظر: الجلالي، باب من لم يروِ، مصدر سابق: 68.
([72]) رجال الخاقاني: 105 ـ 106.
([73]) انظر: الجلالي، باب من لم يروِ، مصدر سابق: 75 ـ 76.
([75]) انظر: السيستاني، قبسات من علم الرجال 2: 104 ـ 105.
([76]) انظر: موسوعة طبقات الفقهاء 11: 317.
([77]) انظر: مستدركات علم رجال الحديث 1: 17.