أ. حميد جليليان(*)
السيد محمد علي أيازي(**)
المسألة
يُعَدّ كتاب «الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم|» أهمّ وأوسع كتابٍ تاريخي شيعي تحليلي في السيرة النبوية، وهو من تأليف السيد جعفر مرتضى العاملي. لقد سبق لسماحته أن طبع تحقيقاته في هذا الشأن ضمن دورة من أحد عشر مجلداً، وقد ختمها بنهاية حرب الأحزاب. ثمّ طبعه مؤخَّراً ضمن خمسة وثلاثين مجلداً تنتهي بأحداث السقيفة. وهنا سوف نعمل على بحث ومناقشة هذا الكتاب في طبعته الكاملة (ذات الخمسة وثلاثين مجلداً). يعتبر هذا الكتاب من أكثر الكتب التاريخية تحقيقاً في السيرة النبوية، وهو يشتمل على الكثير من نقاط القوّة. بَيْدَ أن السؤال الهامّ بشأن كتاب الصحيح هو: هل أخطأ مؤلِّفه عند تقييمه للروايات التاريخية وتحديد الصحيح والسقيم منها، أم تخلّى عن أسلوبه ومنهجه في التقييم، أم تعرَّض للتهافت والتناقض؟ وحيث إن العلم يزدهر وينمو بالنقد والبحث يرى كاتب هذا المقال أن السيد جعفر مرتضى العاملي في تقييمه للروايات التاريخية قد أخطأ في بعض الأحيان، وتخلّى عن منهجيته السابقة في بعض الموارد، أو خرج عن وحدة الاتجاه، وتعرَّض في بعض الأحيان للتهافت. ونعني بالتهافت أنه يقدِّم رؤيتين مختلفتين عن مسألةٍ واحدة، بحيث لا يمكن الجمع العُرفي بينهما. ويبدو أن سبب تهافت آرائه التاريخية يعود إلى الأمرين التاليين:
1ـ الفترة الطويلة التي استغرقها تأليف كتاب «الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم|». فقد أدّى ذلك بالسيد العاملي إلى تجاوز الآراء التي أسَّس لها ضمن تقييمه للروايات التاريخية، وأن يقدِّم في المجلَّدات اللاحقة آراء أخرى مختلفة ومغايرة لآرائه السابقة.
2ـ إن فرضيات ومباني وشخصية المؤلِّف في النظر إلى النصوص قد تترك تأثيراً لا محيص عنه. وقد خرج السيد العاملي ـ في نقده لبعض الروايات التاريخية ـ عن المنهج التحقيقي، وسعى ما أمكنه إلى رفض روايةٍ أو إثبات صحّتها. وقد تجلّى ذلك في الروايات الخاصة بفضائل الخلفاء الثلاثة الأوائل، والروايات الخاصة بأهل البيت^، الأمر الذي دفعه إلى العدول لا إرادياً عن آرائه السابقة.
سوف نعمل في هذا المقال على بيان تهافت الآراء التاريخية للسيد العاملي في الصحيح، من خلال تبويبها وبحثها ومناقشتها ضمن المحاور الأربعة التالية: التهافت في المبنى والمنهج؛ والتهافت بشأن الأشخاص؛ والتهافت في تفسير الآيات أو النصوص التاريخية؛ والتهافت في تاريخ وقوع بعض الأحداث والوقائع.
أـ التهافت في المبنى والمنهج
1ـ حجّية أو عدم حجّية السياق
قال السيد العاملي في نقد كلام الفخر الرازي([1]) في تفسير قوله تعالى: ﴿وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ (المائدة: 67)، استناداً إلى ما قبلها وما بعدها ممّا ورد بشأن اليهود، مرجِّحاً أن يكون مراد الله هو عصمة النبيّ| من مكر اليهود والنصارى: «إن السياق ليس بحجّةٍ، ولا سيَّما بعد ورود الروايات الموضِّحة للمقصود عن النبيّ|»([2]).
ولكنّه مع ذلك يستفيد في موضعٍ آخر من رواية أبي قرّة عن الإمام الرضا× ـ والتي يقول فيها الإمام: «إذا كانت الروايات مخالفةً للقرآن كذّبتها…»([3]) ـ أنها تدلّ على حجّية ظواهر الكتاب (القرآن) وحجّية السياق القرآني([4]). وبذلك فقد أكَّد على حجّية السياق القرآني. ويبدو أنه بالإمكان الجمع بين عدم حجّية السياق وبين الاستفادة من السياق، بمعنى أن عدم حجّية السياق لا تعني إنكار اعتبار السياق، بل بمعنى عدم اعتبار مطلق السياق.
2ـ منهج تقييم الروايات التاريخية
إن من بين الأساليب المعروفة عند السيد العاملي أنه في تقييم الروايات التاريخية، حيث يتمّ نقل روايةٍ واحدة بشكلين مختلفين، يذهب في العادة إلى اعتبار النقلين متهافتين، ويقوم برفضهما على هذا الأساس. إلاّ أنه بشأن روايةٍ في صحيح البخاري([5]) وغيره([6]) حول إسلام عمر، عن عبد الله بن عمر يقول: «عندما كان عمر في بيته خائفاً جاء العاص بن وائل السهمي وآواه… والروايات التاريخية الأخرى تقول: إن أبا جهل هو الذي آواه»([7])، آثر السكوت، ولم يصرِّح بالتهافت([8]).
يبدو أن الغاية التي يرمي إليها السيد العاملي هنا هي إثبات جُبْن عمر، وبذلك يعمد إلى التشكيك بالروايات التي تتحدَّث عن شجاعته([9])، ويظهرها كرواياتٍ مختَلَقة.
النموذج الآخر: الرواية الخاصّة بليلة المبيت، والتي ورد فيها أن المشركين عندما اقتحموا بيت رسول الله| كان يتقدَّمهم خالد بن الوليد، وأن الإمام عليّاً× قد استلّ السيف من يده، وهاجمه به([10]). ولكنّ السيد العاملي قال في موضعٍ آخر: «ورُوي أنهم ضربوا عليّاً، وحبسوه ساعةً، ثم تركوه»([11]). يتّضح من هذه الرواية أن الحديث القائل بأن عليّاً قاتلهم بسيف خالد موضع شكٍّ؛ إذ جاء في الرواية الأخرى أنه قاتلهم بسيفه، وليس بسيف خالد، إلاّ إذا قيل: إن نسبة السيف إليه لا تدلّ على ملكيته له، ويمكن القول: إن الإمام عليّاً قاتلهم بسيفه أوّلاً، ثم بسيف خالد بعد أن جرَّده منه، وإنْ كان هذا الاحتمال ضعيفاً([12]).
وبذلك يقبل السيد العاملي بهذه الرواية، رغم أنها مأثورةٌ بشكلين مختلفين لا يمكن الجمع بينهما بالجمع العُرفي، وتعتبر وفق منهجه متهافتةً ومرفوضةً، ويتخلّى عن منهجه.
3ـ مصير جمل النبيّ (صلى الله عليه وآله)
رُوي أن النبيّ الأكرم| بعث خراش بن أميّة إلى كبار قريش على جملٍ له، فقام عكرمة بن أبي جهل بعقر الجمل، وأراد قتل الرسول أيضاً، إلاّ أن الأحابيش([13]) منعوه من ذلك…([14]). وفي البداية عمد السيد العاملي إلى التشكيك في هذه الرواية، وقال: «إن ما فعله عكرمة بن أبي جهل قد جاء على خلاف ما تفرضه الأعراف والسنن، حتّى الجاهلية منها؛ فإن قتل الرُسُل عارٌ، والعدوان عليهم رعونةٌ غير مقبولة. فما معنى أن يُعْقَر جملُ هذا الرسول؟! وما هو المبرِّر لمحاولة قتله؟!». ولكنّه قال بعد ذلك بصفحات: «وكان عقر عكرمة بن أبي جهل لهذا الجمل بالذات لأنه عرف أنه جمل النبيّ| نفسه، ومن أجل أن راكبه رسولٌ من قِبَل هذا النبيّ| بالذات»([15]).
4ـ تأثير تهافت العبارات في الرواية الواحدة
لقد أبدى السيد العاملي ـ في إطار تقييمه للروايات التاريخية ـ آراء متناقضة بشأن تأثير تهافت الروايات في ذات الرواية. ومن ذلك، على سبيل المثال، أنه يقول في موضعٍ: إن تناقض الرواية لا يدلّ على اختلاقها([16])، ويقول في موضعٍ آخر: «إن الاختلاف الذي يضرّ هو ذلك الذي يُشير إلى تناقضٍ لا مجال للخروج منه»([17]). ولكنه قال في موضعٍ آخر: «إن تناقض الرواية لا يعني أن جميع نصوصها مكذوبةٌ»([18]).
ولكنْ يبدو أن بالإمكان العمل ـ من خلال اعتبار الرأي الأول عامّاً، والرأيين الآخرين خاصّين ـ على رفع التنافي عن هذين القولين، والقول: إن مراد سماحته أن التهافت في الرواية لا يعني أنها كاذبةٌ بجميع فقراتها، ولكنْ إذا لم نستطع توجيه التهافت وجب عدُّ تلك الرواية مختلقةً وكاذبة.
ب ـ التهافت بشأن الأشخاص
1ـ أصغر أبناء عبد المطَّلب
قال السيد العاملي، بعد نقل رواية ابن هشام بشأن وفاء عبد المطَّلب بنذره، ودعوة أبنائه للتضحية بأحدهم، وهو عبد الله، الذي تصفه تلك الرواية بأنه أصغرهم([19]): «الصحيح… أن الحمزة والعباس كانا أصغر منه [أي من عبد الله]»([20]). وقال في موضعٍ آخر: إن عمر الحمزة والعبّاس في تلك الحادثة كان يتراوح ما بين ثمانية وعشرة أعوام([21]). ولكنّه عاد في موضعٍ آخر ليقول بأن الحمزة والعباس كانا أكبر من عبد الله: «ولكننا نعتقد أنه كان أكبر من النبيّ| بأكثر من عشرين سنة؛ لأنه كان أكبر من عبد الله والد النبيّ، والذي كان [أي عبد الله] أصغر أولاد عبد المطَّلب. وهكذا يُقال بالنسبة للعباس أيضاً»([22]).
2ـ عدد قتلى قريش في معركة أُحُد
نقل السيد العاملي في بيان عدد قتلى قريش في معركة أُحُد، الذين قتلوا على يد الحمزة والإمام عليّ×، رواياتٍ تقول: «قتل في معركة أُحُد من مشركي قريش ثمانية عشر رجلاً، أو اثنان وعشرون، أو ثلاثة وعشرون، أو ثمانية وعشرون»([23])، وهناك رواياتٌ تذهب إلى أن القتلى كانوا أكثر من 28 قتيلاً؛ لأن الحمزة وحده قتل 31 من المشركين([24]).
ومن ناحيةٍ أخرى ورد في الروايات التاريخية الأخرى أن أكثر القتلى من المشركين قد قُتلوا بسيف الإمام عليّ×([25])، وعلى هذا الأساس يجب أن يكون عدد القتلى من المشركين أكثر من 31 قتيلاً. وبهذا المعدَّل [مع أخذ الذين قتلهم الإمام عليّ× بنظر الاعتبار]([26]) يجب أن يكون مجموع عدد القتلى من المشركين في معركة أُحُد أكثر من 62 قتيلاً، في حين لم يَرِدْ هذا العدد في أيٍّ من المصادر التاريخية. ولكنّ السيد العاملي لم يتعرَّض لهذا البحث([27]). في حين لو كان هذا التقرير يتحدَّث عن أحد أصحاب النبيّ الأكرم|، ولا سيَّما الخلفاء الثلاثة، لأعلن عن رفضه لها، طبقاً لمنهجه المعروف؛ استناداً إلى تهافت الروايات وعدم التناغم فيما بينها.
3ـ رُسُل النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) إلى الملوك
ذكر السيد العاملي، نقلاً عن الواقدي، أن من بين معاجز النبيّ الأكرم| أنه عندما أرسل ستّة من أصحابه سفراء إلى الملوك في إيران وروما والأصقاع الأخرى كان بمقدور هؤلاء السفراء أن يتحدَّثوا بلغات الملوك الذين أرسلوا إليهم([28]). ومع ذلك روى في موضعٍ آخر روايةً تقول: إن حامل رسالة النبيّ الأكرم عندما دخل على الملك الفارسي خسرو برويز، ودفع إليه رسالة النبيّ، استدعى الملك شخصاً [يستطيع قراءة اللغة العربية]، ليقرأ له الرسالة([29]). وقال في موضعٍ آخر: «فدعا [قيصر] الترجمان الذي يقرأ بالعربية…»([30]).
إن التهافت في نقل هذا الأمر واضحٌ؛ إذ لو كان حامل رسالة النبيّ الأكرم| يستطيع التكلُّم بلغة أهل فارس أو الروم كان بإمكانه أن ينقل مضمون الرسالة إلى كسرى أو قيصر مباشرةً، ولكنّ السيد العاملي ترك هذه المسألة دون توضيحٍ.
4ـ مشاركة نساء النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) في الحروب
في ما يتعلَّق بإقراع رسول الله| بين زوجاته في الحروب قال السيد العاملي، استناداً إلى رأي بعض الباحثين والمحقِّقين: «إن بعض الباحثين يشكّ كثيراً في صحّة ذلك، ويقول: إن ذلك لم يَرِدْ إلاّ عن عائشة، وفي خصوص غزوة بني المصطلق. ولأجل ذلك فإن ثمّة قدراً من الطمأنينة إلى أن الأمر كان على عكس ذلك تماماً»([31]). ولكنه قال في موضعٍ آخر: «وأخرج| معه إلى خيبر أمّ المؤمنين أمّ سلمة ـ رحمها الله ـ، مع أنها كانت معه في غزوة الحديبية أيضاً»([32]).
وقد استفاد السيد العاملي من ذلك فضل السيدة أمّ سلمة. ويبدو أن موقف السيد العاملي من عائشة ـ وهو موقفٌ يمكن ملاحظته في الكثير من مواضع كتابه الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم| ـ هو الذي أدّى إلى هذا التهافت في تحليله للروايات التاريخية. فهو في الإشارة إلى عائشة يكتفي بذكر اسمها، وأما عند ذكر أمّ سلمة فيصفها بعبارة «أمّ المؤمنين».
5ـ سبب إرجاع أبي بكر من مهمّة إعلان البراءة
جاء في الروايات التاريخية أن رسول الله| قد أرسل أبا بكر بن أبي قحافة إلى مكّة لإعلان البراءة من المشركين، ثم نزل جبرائيل ليبلِّغ النبيّ: «لن يؤدّي عنك إلاّ أنتَ أو رجلٌ منك»، ولذلك أرسل النبيّ علياً× خلف أبي بكر؛ ليأخذ منه كتاب البراءة، ويمضي به إلى مكّة، وينجز المهمّة بنفسه([33]).
وقال السيد العاملي في تعليقه على عبارة: «لا يؤدّي عنك إلاّ أنتَ أو رجلٌ منك»، قائلاً: «إن نفس قوله| حكايةً عن جبريل×: «لا يؤدّي عنك إلاّ أنتَ أو رجلٌ منك» يتضمّن اتّهاماً خطيراً لأبي بكر بعدم أدائه للأمانة، وأن القضية لم تكن بسبب الخوف، وإلاّ لكان قال لأبي بكر: إنك إنْ أبلغتهم الرسالة قتلوك؛ إذ إن الخطر إنما يتوجَّه إليه بعد إبلاغها. فاتّضح أن هذا التعبير من رسول| يرمي إلى إفهام أمرٍ آخر، ليس هو الخوف على أبي بكر من أن يلحقه أذىً»([34]).
ولكنه في موضعٍ آخر شكَّك في عدم أمانة أبي بكر، وقال: «لا تحتم أن يكون سبب عدم تبليغ غيره عنه هو عدم أمانته»([35]). وبعبارةٍ أخرى: إن مراد السيد العاملي هو إمكان أن يكون عدم الأمانة سبباً في ذلك.
وفي ما يتعلَّق بخشية النبيّ الأكرم| من عجز أبي بكر عن أداء مهمته، وضعفه في إعلان البراءة من المشركين بشكلٍ جادّ؛ خوفاً من الغيلة أو الإيذاء، قال السيد العاملي: «ولكنّ علماءنا([36]) ناقشوا في ذلك، فقالوا: لو كان الغرض من استبدال أبي بكر بعليٍّ× هو سلامة مَنْ أرسله رسول الله| من الأذى كان الأحرى أن يُرسل| العبّاس أو عقيلاً أو غيرهما ممَّنْ لم يكن لدى قريش حقدٌ عليهم؛ لأنهم لم يُشاركوا في قتل آبائهم وإخوانهم»([37]). وبذلك يقوم السيد العاملي بتقديم تفسيرين متهافتين لقضيةٍ واحدة، وبشأن شخصٍ واحد.
6ـ عمر السيدة عائشة عند زواجها من النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله)
يذهب السيد العاملي إلى الاعتقاد بأن عمر السيدة عائشة عند زواجها من النبيّ الأكرم| كان في حدود العشرين ـ إنْ لم يكن عمرها أكثر من ذلك؛ ودليله على ذلك أنها قد أسلمت في بداية البعثة، وكان ترتيبها بعد الثامن عشر من بين أوائل مَنْ أسلموا، وهناك أدلّةٌ أخرى في هذا الشأن([38]). ولكنه قال في موضعٍ آخر: «إذن فيكون عمر عائشة حين عقد النبيّ| عليها في سنة عشر من البعثة أكثر من ستّ سنين بكثير، أي ما بين ثلاث عشرة إلى سبع عشرة سنة»([39]). ويبدو أن السيد العاملي يهدف إلى رفض الروايات التي تحدِّد عمر السيدة عائشة بستّ سنوات عند زواجها من النبيّ الأكرم|، ويثبت أنها لم تكن صغيرة السنّ آنذاك، خلافاً لما هو المشهور.
7ـ تأريخ إسلام أبي بكر
لقد ذهب السيد العاملي في موضعٍ إلى تحديد تأريخ إسلام أبي بكر في السنة السابعة من البعثة([40])؛ ولكنه قال في موضعٍ آخر: إن أبا بكر قد أسلم في حدود السنة الخامسة من البعثة([41]).
8ـ الشخص الصامد في معركة أُحُد
يذهب السيد العاملي إلى الاعتقاد بأن الشخص الذي صمد وثبت في معركة أُحُد هو الإمام عليّ×، وأما الآخرون فقد انهزموا. واستند في ذلك إلى أدلّةٍ([42]). ومن ذلك أنه ناقش في بعض الأشخاص (وهم: سعد [بن أبي وقاص]، وطلحة، وأبو بكر، وعمر، والزبير، وعثمان) ممَّنْ ادُّعي أنهم ثبتوا في معركة أُحُد، وأثبت هروبهم على أساس التقارير التاريخية([43]). ولكنه قال في موضعٍ آخر، في مقام الجمع بين الروايات المختلفة: «نحن لا نستبعد أن يكون أبو دجانة قد ثبت، ولكنْ لا كثبات عليٍّ×. وإنما حارب أوّلاً [يعني عليّاً×] بسيفه، ثمّ لما فرَّ المسلمون صار يقي النبيّ| بنفسه ويترّس عليه… أو أن أوّل عائد إليه| [بعد الفرار] هو عاصم بن ثابت، كما تقدَّم، فصار هو وسهل بن حنيف يذبّان عن رسول الله| إلى أن كثر المسلمون»([44]).
وبذلك يعمد السيد العاملي في موضعٍ إلى التعريف بالإمام عليّ× بوصفه الشخص الوحيد الذي ثبت مع النبيّ الأكرم|، وفي موضعٍ آخر يُشْرِك معه أبا دجانة بوصفه شخصاً ثانياً يثبت في معركة أُحُد.
9ـ تأريخ إسلام وعمر الحمزة
يذهب السيد العاملي إلى الاعتقاد بعدم صحّة الروايات التي تقول: إن رسول الله| كان أخاً للحمزة في الرضاعة، وأنهما قد رضعا من لبن ثويبة (مولاة أبي لهب)، وأنكروا لذلك زواجه| من ابنته. وقال في استدلاله الثالث: «إن حمزة كان أكبر من النبيّ| بأكثر من عشر سنوات»([45]). مع أنه قال في موضعٍ آخر: «ولكننا نعتقد أنه كان أكبر من النبيّ| بأكثر من عشرين سنة؛ لأنه كان أكبر من عبد الله والد النبيّ، والذي كان [أي عبد الله] أصغر أولاد عبد المطَّلب»([46]).
كما أنه رجَّح أن يكون تأريخ إسلام الحمزة في حدود السنة السادسة من البعثة، وذكر بعض الأدلة على ذلك([47]). ولكنه قال في موضعٍ آخر: إن تأريخ إسلام الحمزة كان في حدود السنة الرابعة أو الخامسة بعد البعثة([48]).
ج ـ التهافت في تفسير (الآية أو النصّ التاريخي)
1ـ تفسير عبارة «إن هذا الرجل ليهجر»
لقد عمد السيد العاملي إلى ذكر عبارة عمر بشأن النبيّ الأكرم| في مناسباتٍ مختلفة، وعمل على تحليلها. فقد فسَّر عبارة «إن هذا الرجل ليهجر»، وما شابهها، من قبيل: «إن النبي ليهجر»، بمعنيين متهافتين:
أـ الخلل في العقل
لقد فسَّر السيد العاملي كلمة «يهجر» في عدّة موارد باتّهام النبيّ| في نزاهته وعدالته، بل وحتّى في عقله([49]). ونصّ عبارته في هذا المورد ما يلي: «لا يتورَّعون حتّى عن اتّهام النبيّ| في عقله، حتّى ليقول قائلهم: (إن النبيّ ليهجر)»([50]).
ب ـ غلبة الوجع
كما استعمل السيد العاملي في عدّة موارد عبارة: «قال عمر كلمةً معناها أن الوجع قد غلب على رسول الله|»([51])، وقال بأن عبارة «غلبه الوجع» لا تختلف كثيراً عن عبارة «إنه يهجر»، وإنْ كانت العبارة الأولى أقلّ وَقْعاً([52]). وذكر في موضعٍ كلا الأمرين شاهداً على اتّهام النبيّ في عقله([53]). وقد أشار إلى تحريف عبارة «إن النبيّ ليهجر» من قِبَل بعض علماء أهل السنّة([54])، قائلاً: إنهم يعملون على تحوُّل صيغة العبارة من الخبرية إلى الإنشائية والاستفهامية، ويستعملون بَدَلاً منها عبارة «غلبه الوجع»، وعندما يصرِّحون بكلمة «هجر» يعملون على إضمار قائلها. ثم أشار بعد ذلك إلى تبرير ابن أبي الحديد المعتزلي، حيث قال: «كان في أخلاق عمر وألفاظه جفاء وعنجهية ظاهرة، يحسبه السامع لها أنه أراد بها ما لم يكن قد أراد، ويتوهّم مَنْ تُحْكَى له أنه قصد بها ظاهراً ما لم يقصده، فمنها: الكلمة التي قالها في مرض رسول الله|، ومعاذ الله أن يقصد بها ظاهرها، ولكنّه أرسلها على مقتضى خشونة غريزته، ولم يتحفَّظ منها، وكان الأحسن أن يقول: (مغمور) أو (مغلوب بالمرض)، وحاشاه أن يعني بها غير ذلك»([55]). بَيْدَ أن السيد العاملي يرى في حُسْن ظنّ ابن أبي الحديد بعمر ـ بالنظر إلى سلوكه الشائن تجاه رسول الله| ـ أمراً في غير محلّه([56]).
2ـ استغفار النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) للمنافق
لقد تعرَّض السيد العاملي ـ في نقد الروايات الخاصّة باستغفار النبيّ الأكرم| لعبد الله بن أُبَيّ ـ إلى التهافت، وقال في ذلك: «لا رَيْبَ في أن المنافق مشركٌ في واقعه وحقيقته؛ فإنْ كان ابن أبيّ منافقاً فالمفروض أن النبيّ| كان عارفاً به، فكيف يستغفر له، وقد أنزل الله النهي عن الاستغفار للمشركين»([57]). واستنتج([58]) من ذلك قائلاً: «حتّى لو لم تكن آية النهي عن الاستغفار للمشركين قد نزلت فإن المنع من ذلك كان ثابتاً في دين الحنيفية التي كان رسول الله| يتعبَّد بها، فلم يكن يجوز له أن يفعل ذلك، حتّى لو كان ذلك المشرك غير مظهرٍ لشركه»([59]). ولكنه قال بعد ذلك بصفحةٍ واحدة: «غير أننا نقول: إنه لا بُدَّ من تقييد هذه الآية ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ (التوبة: 114) وسواها بأن المقصود هو الشرك المُعْلَن، دون سواه؛ لأن المطلوب من النبيّ| هو معاملتهم بما يوجبه ظاهر حالهم، لا بما علمه| من خلال علمه الخاصّ، وهو علم النبوّة»([60]). وبذلك يقدِّم سماحته رؤيتين متهافتتين لأمرٍ واحد([61]).
د ـ التهافت في تأريخ الأحداث والوقائع
1ـ سنة وكيفية نزول سورة النور
لقد بحث السيد العاملي تحديد سنة نزول سورة النور، في إطار تحديد سنة نزول آيات الإفك ضمن هذه السورة، ولكنّه قدَّم آراء مختلفة في هذا الشأن. فهو في البداية يقول: يبدو من ظاهر الآية الأولى من سورة النور أنها نزلت دفعةً واحدة([62]). وقال في موضعٍ آخر: «الظاهر أن سورة النور قد ابتدأ نزولها في السنة الثامنة على وجه التقريب»([63]). ولكنه يقول في موضعٍ آخر: «قد عرفنا أن سورة النور قد نزلت في سنة تسع؛ لأجل آيات اللعان التي نزلت في سنة تسع، بعد رجوعه| من تبوك»([64]).
2ـ تأريخ وكيفية تشريع الحجاب
قال السيد العاملي في بيان تأريخ فرض الحجاب في الإسلام: «والذي يبدو لنا هو أن الحجاب كان مفروضاً من أوّل الإسلام؛ استمراراً لأحكام الشرائع السابقة… ولكنّ تسامح الناس في رعاية هذا الأمر دعا إلى نزول آياتٍ في موارد عديدة؛ من أجل تذكير الناس بما يجب عليهم، ولتؤكِّد ضرورة الالتزام بأحكام الله سبحانه»([65]). ولكنه قال في موضعٍ آخر: لقد كان تشريع الحجاب بشكلٍ تدريجي، وقد تمّ الحثّ والتشجيع عليه من قِبَل النبيّ الأكرم| في السنة الثانية من الهجرة، حتّى تمّ إيجابه في السنة الخامسة([66]).
النتيجة
إن السيد جعفر مرتضى العاملي في معرض تقييمه للروايات التاريخية تعرّض في بعض الأحيان للخطأ، وعدل في بعض الأحيان عن منهجه وغيَّر أسلوبه، وتعرَّض في بعض الموارد للتهافت.
يمكن توجيه وتبرير تهافت الآراء التاريخية للسيد جعفر مرتضى العاملي في بعض الموارد. ولكنْ لا يمكن ذلك في أكثر الموارد. ويمكن إرجاع ذلك إلى الأسباب التالية:
1ـ طول الفترة التي استغرقها التحقيق وتأليف هذا الكتاب على مدى مراحل زمنية متباعدة، الأمر الذي أدّى بسماحته إلى نسيان آرائه في إطار تقييم الروايات التاريخية في الأجزاء الأخرى.
2ـ سعي السيد العاملي إلى إثبات فضائل أهل البيت^، ونفي فضائل الخلفاء الثلاثة الأوائل والمناوئين لأهل البيت^، بشتّى الوسائل والطرق.
3ـ عدم رجوع سماحته إلى آرائه التاريخية التي سبق له أن ذكرها.
الهوامش
(*) باحثٌ على مستوى الدكتوراه في مجال علوم القرآن والحديث في الجامعة الإسلامية الحرّة، كلّية العلوم والتحقيقات، طهران.
(**) أستاذٌ في الحوزة والجامعة، وأحد أبرز الباحثين القرآنيّين. لديه أكثر من ثلاثين كتاباً في الدراسات القرآنيّة وغيرها، وكانت له مساهماتٌ جادّة في موضوعات قرآنيّة وإشكاليّة. من رموز الفكر التجديدي في إيران.
([1]) [القول] العاشر: نزلت الآية في فضل عليّ بن أبي طالب×، ولما نزلت هذه الآية أخذ بيده وقال: «مَنْ كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه. اللهمّ والِ مَنْ والاه وعادِ مَنْ عاداه»… واعلم أن هذه الروايات وإنْ كثرت إلاّ أن الأَوْلى حملها على أنه تعالى آمنه من مكر اليهود والنصارى، وأمره بإظهار التبليغ من غير مبالاة منه بهم؛ وذلك لأن ما قبل هذه الآية بكثيرٍ وما بعدها بكثيرٍ لما كان كلاماً مع اليهود والنصارى امتنع إلقاء هذه الآية الواحدة في البين على وجهٍ تكون أجنبيةً عما قبلها وما بعدها. (الرازي، مفاتيح الغيب 12: 401، دار إحياء التراث العربي، ط3، بيروت، 1420هـ).
([2]) السيد جعفر مرتضى العاملي، الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم| 31: 317، دار الحديث، ط1، قم، 1426هـ.
([3]) الكليني، الكافي 1: 95 ـ 96، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1365هـ.ش.
([4]) العاملي، الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم| 3: 114.
([5]) صحيح البخاري 5: 60 ـ 61، دار الفكر، بيروت، 1981م.
([6]) ابن هشام، السيرة النبويّة 1: 349، تحقيق: مصطفى السقّا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي، دار المعرفة، بيروت؛ ابن كثير، البداية والنهاية 3: 82، دار الفكر، بيروت، 1497هـ.
([7]) الهيثمي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 9: 64، دار الكتب العلمية، بيروت، 1408هـ.
([8]) العاملي، الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم| 3: 313 ـ 314.
([9]) انظر: المصدر السابق: 311.
([10]) انظر: الطوسي، الأمالي: 467، دار الثقافة، ط1، قم، 1414هـ؛ علي بن عيسى الإربلي، كشف الغمّة في معرفة الأئمّة 1: 405، طبعة بني هاشمي، تبريز، 1381هـ.
([11]) المجلسي، بحار الأنوار 19: 39، مؤسّسة الوفاء، بيروت، 1404هـ.
([12]) انظر: العاملي، الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم| 4: 185، 220.
([13]) الأحابيش: الذين حالفوا قريشاً، وهم: بنو المصطلق: سعد بن عمرو؛ وبنو الهون بن خزيمة؛ وبنو الحارث بن عبد مناف، اجتمعوا بذنبة حبشي ـ وهو بحاء مهملة مضمومة فموحدة ساكنة فشين معجمة مكسورة فتحتية مشدّدة، كما في معجم البلدان، لياقوت ـ، وهو جبلٌ بأسفل مكّة، فتحالفوا: إنا يدٌ على غيرنا ما سجا ليلٌ ووضح نهارٌ، وما رُئي حُبشي مكانه، فسمّوا الأحابيش، باسم الجبل. المعرِّب، نقلاً عن: المصدر التالي 4: 257.
([14]) انظر: الصالحي الشامي، سُبُل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 5: 46، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد عوض، دار الكتب العلميّة، ط1، بيروت، 1414هـ ـ 1993م.
([15]) العاملي، الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم| 15: 297، 307. للإنصاف لا نرى هنا تهافتاً في كلام السيد جعفر مرتضى العاملي؛ لأنه لا ينفي في الموضع الأوّل عقر عكرمة الجَمَل، وإنما الذي يريد قوله هو أن عكرمة قام بعقر الجمل رغم قبح ذلك في الأعراف والسنن، حتّى الجاهلية منها. المعرِّب.
([16]) المصدر السابق 17: 189. لم نعثر على النصّ في موضع الإحالة، المعرِّب.
([19]) انظر: ابن هشام، السيرة النبوية 1: 151 ـ 153.
([20]) العاملي، الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم| 2: 47.
([21]) انظر: المصدر السابق 2: 156 ـ 157.
([23]) انظر: ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة 15: 54، حقَّقه: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء التراث العربي، ط2، 1378هـ؛ الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن 2: 832، ناصر خسرو، ط3، طهران، 1372هـ.ش؛ حسين الديار بكري، تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس 1: 446 ـ 447، دار صادر، بيروت.
([24]) انظر: ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة 2: 106، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلي معوّض، دار الكتب العلمية، ط1، بيروت، 1415هـ ـ 1995م.
([25]) انظر: المفيد، الإرشاد 1: 90، كنگره جهاني هزاره شيخ مفيد (المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد)، ط1، قم، 1413هـ.
([26]) ما بين المعقوفتين إضافةٌ توضيحية من عندنا. المعرِّب.
([27]) انظر: العاملي، الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم| 7: 294 ـ 295.
([28]) انظر: المصدر السابق 16: 238؛ الديار بكري، تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس 2: 29.
([29]) انظر: الحلبي، السيرة الحلبية (إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون) 3: 346؛ العاملي، الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم| 16: 280.
([30]) العاملي، الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم| 6: 300.
([33]) انظر: السيوطي، الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور 3: 209، دار المعرفة، ط1، بيروت، 1365هـ.
([34]) العاملي، الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم| 30: 279.
([36]) المجلسي، بحار الأنوار 30: 423 ـ 424.
([37]) العاملي، الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم| 30: 258 ـ 259.
([38]) انظر: المصدر السابق 13: 104، 113، 122، 123.
([40]) انظر: المصدر السابق 22: 170.
([41]) انظر: المصدر السابق 8: 308.
([42]) انظر: المصدر السابق 7: 167.
([43]) انظر: المصدر السابق 7: 174 ـ 176.
([45]) المصدر السابق 19: 220 ـ 221.
([47]) انظر: المصدر السابق: 277.
([48]) انظر: المصدر السابق 6: 9.
([49]) انظر: المصدر السابق 32: 109.
([50]) المصدر السابق: 115؛ وانظر: 208.
([51]) انظر: المصدر السابق: 115، 215، 219.
([52]) انظر: المصدر السابق: 220.
([53]) انظر: المصدر السابق 33: 222.
([54]) انظر: علي أحمدي ميانجي، مكاتيب الرسول| 3: 723، دار الحديث، ط1، قم، 1419هـ.
([55]) ابن أبي الحديد المعتزلي، شرح نهج البلاغة 1: 183.
([56]) العاملي، الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم| 32: 220 ـ 223.
([58]) لم يكن ذلك استنتاجاً، وإنما تفريعٌ آخر. (المعرِّب).
([60]) العاملي، الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم| 15: 241 ـ 242.
([61]) الحقّ أن السيد جعفر مرتضى العاملي لم يقدِّم هنا رؤيتين متهافتتين، وإنما ذكر الرأي الأوّل وأدلته على سبيل إنْ قيل، ولم يتبنَّه. ثم ردَّ عليه، حيث قال: (غير أننا نقول)، كما هو واضحٌ. (المعرِّب).
([62]) انظر: المصدر السابق 13: 169.
([66]) المصدر السابق 7: 14. لم نعثر على النصّ في موضع الإحالة، (المعرِّب).