د. بي بي سادات رضي بهابادي(*)
أ. نرجس جواندل(**)
المقدّمة
تهتمّ هذه المقالة بنقد مقال «العصمة» (Impeccability)، لكاتبه: پول أي. ووكر ـ المؤرِّخ والمدرِّس في جامعات الولايات المتحدة الأمريكية وكندا ـ، والتي طبعها في دائرة المعارف القرآنية (ليدن).
ويمكن بيان حصيلة رؤيته في ما يتعلَّق بمنشأ وأبعاد وماهيّة العصمة على النحو التالي: إن العصمة تعني الصيانة من المعصية والخطأ. وعلى الرغم من عدم ورود هذا المصطلح وهذا المفهوم في القرآن الكريم بهذه الصيغة، إلاّ أن مفهوم العصمة يُعَدّ مفهوماً قطعيّاً في ضوء رؤية أكثر المتكلِّمين. لقد ورد التصريح في القرآن والأحاديث بمعصية الأنبياء بشكلٍ وآخر، وقد قال بذلك المتقدِّمون من المسلمين بنحوٍ وآخر، حتّى ظهر الشيعة لاحقاً، ليدَّعوا القدرة المطلقة لأئمّتهم، فابتكروا فكرة العصمة، ثمّ عملوا بالتدريج على تسرية هذا المفهوم وتعميمه على جميع الأنبياء أيضاً. بل ادّعى أحد المتكلِّمين الشيعة ـ وهو هشام بن الحكم ـ أن عصمة الإمام أكثر ضرورةً من عصمة النبيّ. إن بعض الأنبياء في الحدّ الأدنى قد ارتكبوا الذنوب قبل البعثة. إن المعصية تعني التمرُّد بقصد مخالفة القوانين الإلهية، وأما المخالفة الصادرة عن غفلةٍ أو خطأ فلا تُعَدُّ ذنباً. وهذا من أفضل التأويلات بشأن الآيات الصريحة في نسبة المعاصي والذنوب إلى الأنبياء. إن العصمة لا تعني عدم القدرة على اقتراف الذنب، وإنما هي لطفٌ وهبةٌ من قِبَل الله، يعطيها للنبيّ قبل ارتكاب الذنب، وبعد ذلك أيضاً.
وفي هذا المقال؛ بالنظر إلى هذه المدَّعيات المذكورة، تمّ التوصُّل إلى هذه النتائج، وهي:
إن لفظ العصمة بمفهومها الكلاميّ وإنْ لم يَرِدْ في القرآن، بَيْدَ أن هذا لا يعني أن القرآن لم يُصرِّح بمفهوم عصمة الأنبياء بألفاظٍ أخرى.
إن الشيعة لم يكونوا هم مَنْ أبدع مفهوم العصمة.
وإن نسبة هذا الاعتقاد إلى هشام بن الحكم، والقول بأنه يرى عصمة الإمام أكثر ضرورةً من عصمة النبيّ، ليس لها أساسٌ من الصحة.
ولم يَرِدْ في مفهوم المعصية لحاظ قيد العَمْد أو السَّهْو.
وعليه، فإن الطريق الأفضل لتأويل الآيات التي يوهم ظاهرها عدم العصمة يكمن في الالتفات إلى درجات المعصية، وليس إلى نظرية سَهْو النبيّ، المرفوضة من قِبَل الشيعة.
إن العصمة وإنْ كانت أمراً اختياريّاً، ولطفاً من قِبَل الله، إلاّ أن هناك أسباباً أخرى، من قبيل: العلم بفساد الذنب، والإرادة القويّة للنبيّ، هي التي تشكِّل الحافز لدى النبيّ، وتقضي على إرادته لارتكاب الذنب، لا أن لطف الله وَحْدَه هو الذي يشمله، بعد عقده العَزْم على ارتكاب المعصية.
إشكاليّة البحث
إن التعاليم الدينية ـ التي هي حصيلة الفكر الشيعيّ؛ إذ تستند إلى عنصرَيْ العقلانيّة وأخذ العلم الدينيّ من الأئمّة المعصومين^ ـ دقيقةٌ ومعقولةٌ، وتشتمل على التحليلات الخالصة. إلاّ أن طبيعة الدراسات الغربيّة عن الإسلام تستند في الغالب إلى مصادر أهل السنّة.
ففي هذه الأبحاث لا نجد إلاّ تجاهلاً مطبقاً لمصادر الشيعة، أو إذا كان هناك من اهتمامٍ والتفاتٍ فهو شحيحٌ للغاية؛ في حين يُتوقَّع من الباحث الغربي في الشأن الديني ـ الذي يتولّى تقرير آراء المسلمين في الموضوعات الدينيّة ـ أن ينظر في آراء الشيعة أيضاً، ولا سيَّما في الموارد التي يتمّ فيها تناول عقيدة الشيعة.
فلا يجوز الاقتصار في هذه الموارد على تقريرات أهل السنّة فقط.
إن دائرة معارف ليدن للقرآن من بين الموسوعات الغربية التي تُعْنَى بالبحث في الشأن القرآنيّ. إن ناشر هذه الموسوعة هي دار نشر بريل، التي سبق لها في عام 1907م أن نشرت دائرة المعارف الإسلاميّة. إن رئيسة المحقِّقين في دائرة المعارف القرآنية هي السيدة جين ماك أوليف([1]) ـ أستاذة المجموعة العربية والتاريخ في جامعة جورج تاون في واشنطن العاصمة ـ، حيث تكتب في مجال المعارف الدينية والدراسات المقارنة بين الأديان الإبراهيمية وتاريخ الإسلام. وقد ذكرَتْ أن الغاية من نشر هذا الأثر هو الإعداد لمعرفةٍ دقيقة (rigorous) وأكاديميّة حول القرآن، وهي المعرفة التي تنبثق من بين جمع الآراء والفرضيّات المختلفة. (EQ, 1, xi).
وامتيازُها الخاصّ يكمن في ادّعاء الحياد وعدم الانحياز العلميّ.
وقد اهتمّ بهاتين الكلمتين الأساسيتين ـ بشكلٍ خاصّ ـ البروفيسور مظفَّر إقبال([2]) ـ مؤسِّس ورئيس المركز الإسلامي في كندا، ورئيس المحقِّقين في دائرة المعارف القرآنية الجامعة ـ في نقده الجادّ لهذه الموسوعة([3]).
يرى مظفَّر إقبال، في مقالةٍ له بعنوان: «الدراسات الأكاديمية للمستشرقين في مورد القرآن الكريم»، أن أكثرَ المقالات المنشورة في دائرة معارف ليدن القرآنية ـ التي هي، بحَسَب تعبير رئيسة المحقِّقين فيها جين ماك أوليف، حائزةٌ على «ختم أكاديميّ» ـ تكميلٌ للتحقيقات الأكاديمية السابقة بشأن القرآن الكريم؛ حيث يمكن العثور على جذورها وآثارها في دراسات المستشرقين في القرن التاسع عشر للميلاد، وعبرها إلى ما قبل خمسة قرون من النقاشات الجَدَلية بشأن القرآن من قِبَل المتكلِّمين اللغويّين المسيحيّين.
يرى مظفَّر إقبال أن البحث الأكاديميّ للقرآن مقتبسٌ من ذات النهج الذي أسَّسَتْ له وأوجدَتْه التيارات الخاصّة في الغرب. وقد ذهب إلى الاعتقاد بأن هؤلاء الأكاديميّين قد صبّوا الدين في بوتقةٍ جديدة، وعمدوا إلى صياغته وتفسيره من جديدٍ. فهي رؤيةٌ ترفض الوَحْي كما يُفْهَم في الإسلام، وهي رؤيةٌ لا تعتبر القرآن الكريم «كلمة الله»، بل ترى أن القرآن من تأليف البشر، وأنه وُجِدَ بشكلٍ شفهيّ في زمانٍ ومكانٍ خاصَّين، وأنه قد تكامل مثل جميع النصوص الشفهيّة الأخرى([4]).
والذي سنعمل عليه في هذا المقال هو مناقشة إحدى المقالات في هذه الموسوعة، وهي بعنوان: «العصمة»، لكاتبها: پول أي. ووكر([5]).
وفي البداية سوف نستعرض الإشكالات الصورية للمقال، ثمّ ننتقل بعد ذلك إلى الإجابة عن هذه الأسئلة في معرض المناقشة المفهومية لهذه المقالة. وهي أسئلةٌ من قبيل:
كيف تعرَّض كاتب المقال إلى التعاليم القرآنية في بيان هذه المسألة؟
وما هو مدى صحّة آرائه في ضوء المباني والمفاهيم الشيعية؟
وهل يمكن التعويل عليها؟
وهل كان اعتماده على آراء أهل السنّة أكثر من اعتماده على آراء الإمامية أم أن العكس هو الصحيح؟
مقال «العصمة» في نقاشٍ جادّ وشامل
سوف نعمل في البداية على بيان المسائل الصورية للمقالة، ثمّ ننتقل بعد ذلك إلى مناقشة محتوى هذه المقالة.
أـ الصورة
تُعَدُّ الإحالة غير العلميّة إلى المصادر من المشاكل الأساسية التي تعاني منها هذه المقالة. إن الإحالات في النصّ الداخلي للمقالة تستند بأجمعها إلى المداخل الموسوعيّة، والتي لا تُعَدّ من المصادر الأولى قَطْعاً. وفي معرض التعريف بمصادر المقالة، بَدَلاً من ذكر آحاد التفاسير، تراه يقول: «بالإضافة إلى التفاسير المعيارية، تمَّتْ الاستفادة من الآيات التي تمّ الاستشهاد بها في متن هذه الكتب أيضاً».
ففي هذا الأسلوب غير العلميّ لم يتّضح حتّى ما هو مراده من التفسير المعياري؟
ونشاهد من بين المصادر الثلاثة المذكورة في قسم التعريف بالمصادر عنوان مقالة: «ابن تيمية ومفهوم العصمة»، لكاتبها: (B. Abrahamov). ولا يخفى أن ابن تيمية(728هـ) معروفٌ بآرائه ونظرياته الشاذّة والمخالفة لأهل البيت والشيعة، بل إن العلماء المعاصرين له بلغوا معه حَدَّ تكفيره؛ بسبب تعارض عقائده مع المذاهب الإسلاميّة.
ومن بين المصادر الأخرى المعتمدة في هذه المقالة مقالٌ بعنوان: «العصمة»، لكاتبه: مادلونغ (W. Madelung). ويرى هذا المستشرق أن الفكر الشيعيّ معقولٌ، ومن هنا فهو ـ خلافاً لسائر أقرانه الذين يكتبون عن الشيعة من زاوية رؤية أهل السنّة ـ يستند إلى المصادر الشيعية من الدرجة الأولى. وبالنظر إلى قرآنية هذه الموسوعة كان المأمول منها أن تجعل من آيات القرآن مستنداً أصليّاً للمقالة، في حين لم يُشِرْ في المتن إلى أكثر من أربع آيات فقط، وهي آياتٌ تبدو في ظاهرها متماهيةً مع عقيدة الكاتب.
ب ـ المحتوى
يمكن تقسيم محتوى المقالة إلى ثلاثة أقسام، وهي: المنشأ؛ والأبعاد؛ والماهية. لا شَكَّ في أن الالتفات إلى سياق العبارات وارتباط المطالب له تأثيرٌ ملحوظ على الفهم الأدقّ لآراء الكاتب، ومن هنا فإننا بعد ذكر نصّ المقالة بشكلٍ كامل ـ وذلك على الترتيب المكتوب ـ سوف ننتقل إلى مناقشتها.
1ـ منشأ العصمة
على الرغم من أن عصمة الأنبياء تُعَدّ من المفاهيم والتعاليم الأساسية في الإسلام، إلاّ أن بعض المنظِّرين يذهب إلى الاعتقاد بعدم وجود ذكرٍ لعصمة الأنبياء في المصادر الإسلاميّة الأولى.
وهذا ما يؤكِّد عليه پول ووكر أيضاً، حيث يقول: العصمة تعني عدم التعرُّض للمعصية([6])، والعصمة من الذنب والخطأ. وتَرِدُ مفردة «العصمة» في الكلام والإلهيّات الإسلامية تلويحاً بمعنى العصمة من الذنب، ولها ارتباطٌ وثيق بمفهوم عدم الخطأ.
إن هذا المصطلح في الوَهْلة الأولى يرتبط بالأنبياء([7])، وهذا السؤال القائل: هل الأنبياء معصومون من الذنب أم لا؟ رغم عدم استعمال هذا المصطلح ولا مفهومه في القرآن على هذه الشاكلة. إن مفهوم العصمة ـ في ضوء رؤية أكثر المتكلِّمين ـ مفهومٌ قطعيّ([8]) لو حصل لنا مجرَّد الاطمئنان بأن الأنبياء لم يكن بمقدورهم الكذب عندما يتمّ إبلاغهم بحقيقة الوَحْي الإلهيّ([9])، ويعملون بدَوْرهم على نقل نصّه وخطابه بشكلٍ كامل.
وعلى أيّ حالٍ، وفي الحقيقة، فقد تمّ التصريح في القرآن والحديث([10]) بمعصية الأنبياء، بشكلٍ وآخر، فيما لو تمّ فهم هذه النصوص كما يبدو من ظاهر ألفاظها. ويبدو أن هذا هو الذي فهمه المسلمون الأوائل. ثمّ عمد الشيعة لاحقاً([11]) ـ في سعيٍ منهم إلى إثبات القدرة المطلقة بالنسبة إلى أئمّتهم([12]) ـ إلى إيجاد مفهوم العصمة، واستدلّوا بها على عصمة الأئمّة، وأنهم لا يستطيعون ارتكاب الأخطاء والمعاصي.
ثمّ عمد التيّار الأصليّ للشيعة بعد ذلك إلى الادّعاء بأن الأنبياء بدَوْرهم معصومون من الخطأ والذنب أيضاً.
كما ذهب المعتزلة([13]) في ما يتعلَّق بالأنبياء ـ دون الأئمّة ـ إلى القول بعصمة الأنبياء بما يُشبه قول الشيعة.
وذهبَتْ جماعةٌ أخرى، تشمل أهل السنّة أيضاً، إلى الإصرار على عصمة الأنبياء من الذنوب، ولا سيَّما الكبائر منها.
وقد ذهب أحدُ المتألِّهين الأوائل من الشيعة إلى ادّعاء وجوب أن يكون الإمام معصوماً من الزَّلَل أيضاً، رغم أن النبيّ نفسه كان ـ إلى حدٍّ ما ـ في معرض الذنب، كما أقرّ القرآن بذلك وصدَّقه.
ففي ردّة الفعل على جميع أنواع الزَّلَل الخاصّة بالنبيّ كان بمقدور الله؛ بفعل الارتباط المباشر والمستمر مع النبيّ، أن يتدخَّل مباشرةً، ويبادر إلى تصويب عمل النبيّ بواسطة الوَحْي، ويعصمه من الخطأ. وأما الأئمّة؛ وحيث تتمّ هدايتهم بشكلٍ عامّ بواسطة الله ـ وليس بشكلٍ خاصّ ـ، فيجب بشكلٍ عامّ أن لا يكونوا مستعدّين للقيام بأيّ خطأ([14]).
أـ تامُّلاتٌ في نظريّة عدم وجود العصمة في القرآن
كما ذكَرْنا سابقاً فإن پول ووكر قد ادّعى في هذه المقالة أن مصطلح ومفهوم العصمة لم يَرِدْ استعماله في القرآن. وفي هذا الشأن، وفي ما يتماهى مع الكاتب، يجب القول: إن مفردة ومصطلح «العصمة» لم يَرِدْ استعمالُه في القرآن بمفهومه الكلاميّ الذي يعني العصمة من الذنب والخطأ. وهذا كلامٌ صائب؛ وذلك لأن مادّة «عصم» في صِيَغها الفعلية والاسمية قد استُعملَتْ في القرآن بشكلٍ عامّ ثلاث عشرة مرّة([15])، ولم تَرِدْ في أيٍّ من هذه الاستعمالات بالمعنى المنشود للعصمة. ومن الجدير ذكرُه أن كلمة العصمة بدَوْرها لم تَرِدْ في القرآن بصيغتها؛ وإنما جاءَتْ بصيغة الجمع، أي «العِصَم»، والمراد بها عقد النكاح أو العُلْقة الزوجية، كما في قوله تعالى: ﴿وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ (الممتحنة: 10)([16]).
وعلى الرغم من عدم استعمال كلمة العصمة في القرآن الكريم بمفهومها الكلاميّ، إلاّ أن بعض الكلمات الأخرى، من قبيل: إذهاب الرِّجْس والتطهير([17])، والإخلاص([18])، والاصطفاء([19])، والاجتباء([20]) قد ورد استعمالُها في القرآن الكريم للدلالة على مفهوم العصمة. وحتّى العصمة بمفهومها العامّ قد تمّ استعمالها في القرآن الكريم([21])؛ وذلك حيث تمّ تنزيه الملائكة من معصية الله، وتنزيه القرآن من أن يتطرَّق إليه الباطل.
يدّعي الكاتب أن القرآن الكريم؛ حيث نسب بعض الذنوب إلى الأنبياء، فإن مفهوم العصمة لم يَرِدْ في القرآن الكريم أيضاً.
ويجب القول في هذا الشأن: إن القرآن الكريم يُثبت بالآيات المُحْكَمات عصمة الأنبياء في مختلف الأبعاد، وعلى هذا الأساس يجب إرجاع الآيات التي تبدو في الوَهْلة الأولى متناقضةً بحَسَب الظاهر مع العصمة إلى الآيات المُحْكَمة، الدالّة على عصمة الأنبياء. ومن الجدير ذكرُه أن بعض الآيات ناظرٌ إلى بُعْدٍ من أبعاد العصمة، وبعضها يشمل جميع أبعاد العصمة. وبعض الآيات يخصّ جميع الأنبياء، وبعضها الآخر ناظرٌ إلى نبيٍّ بعينه. وفي المجموع يُستفاد من هذه الآيات أن الأنبياء معصومون ومبرَّأون من جميع أنواع الأخطاء والذنوب.
نواصل المقال بذكر عنوان الاستدلال، والإشارة إلى بعض الآيات الأخرى، ونكتفي بشرح آيتين:
1ـ لا سلطة للشيطان على المُخْلَصين([22]).
2ـ إن العهد الإلهيّ لا ينال الظالمين([23]).
3ـ آية التطهير([24]).
4ـ صيانة الوَحْي الإلهي من قِبَل الله سبحانه وتعالى([25]).
5ـ إن الغاية من إرسال الأنبياء هي إتمام الحجّة على العباد([26]).
6ـ إن كلام الأنبياء وَحْيٌ إلهيّ([27]).
7ـ إن الغاية من بعث الأنبياء هي رفع الاختلاف([28]).
8ـ إن إطاعة الرسول إطاعةٌ لله([29]).
9ـ وجوب الإيمان بالأنبياء([30]).
10ـ آيات الاصطفاء([31]).
11ـ إن الأنبياء أسوةٌ للمؤمنين([32]).
12ـ إن الأنبياء مشمولون للنعمة الإلهيّة([33]).
13 ـ إن الأنبياء مشمولون للهداية الإلهيّة([34]).
14ـ آيات الاجتباء([35]).
15ـ التَّبَعيّة البَحْتة من قِبَل النبيّ للوَحْي([36]).
16ـ إن الأنبياء أمناء([37]).
17ـ حرمة إيذاء النبيّ([38])([39]).
صيانة الله لوَحْيه
قال تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً﴾ (الجنّ: 26 ـ 28).
إن هذه الآية، المعروفة بـ «الرصد الإلهيّ»([40])، لا تدلّ على عصمة النبيّ الأكرم| في مراحل التلقّي وحفظ وتبليغ الوَحْي فقط([41])، وإنما تثبت ـ على حدّ تعبير بعضٍ ـ عصمته من الذنب أيضاً.
إن الضمير في كلمة «فإنه» في قوله تعالى: ﴿فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً﴾ يعود إلى الله تعالى. وإن الضمير في كلمة «يدَيْه» و«خلفه» يعود إلى رسول الله|. وإن كلمة «رصداً» تعني الإشراف والحراسة. وإن المراد من قوله تعالى: «ما بين يدَيْه» أي من أمام رسول الله، والناس الذين أرسل إليهم. والمراد من «خلفه» بينه وبين مصدر الوَحْي، أي الله سبحانه وتعالى. وعلى هذا الأساس، فإن الله سبحانه وتعالى يرصد حرّاساً من الملائكة بين رسول الله وبين الناس، وحرّاساً بين الرسول وبينه أيضاً. إن سلوك الرصد بين يدَيْ رسول الله ومن خلفه إنما هو للحفاظ على الوَحْي من جميع أنواع الخلط والتغيير بالزيادة والنقيصة.
إن هذه الآية تدلّ على أن الوَحْي الإلهيّ يبقى محفوظاً من كلّ تدخُّلٍ أو تحريفٍ أو تغييرٍ منذ اللحظة الأولى من صدوره من مصدر الوَحْي حتّى يصل إلى الناس، وكذلك في طريق نزوله إلى حين وصوله إلى الشخص المقصود بالوَحْي. وبعبارةٍ أخرى: إن الوَحْي الإلهيّ مصونٌ في مراحل التلقّي والنزول والحفظ والتبليغ؛ لأن الغاية من إرسال الحارس هو الاطمئنان من وصول الوَحْي الإلهيّ إلى الناس، وإذا لم يكن النبيّ معصوماً في استلام الوَحْي وحفظه وإبلاغه لن يُكْتَب التحقُّق لهذه الغاية. طبقاً لهذه الآية لم يكن النبيّ الأكرم بواسطة الحراسة الإلهيّة معصوماً في هذه المراحل الثلاثة فقط، وإنما هي تشمل إثبات عصمة النبيّ حتّى من الذنب أيضاً؛ لأن التبليغ، كما يشمل القول، يشمل الفعل أيضاً. وعليه فإن النبيّ معصومٌ من ارتكاب المعصية والذنب وترك الواجب؛ لأن هذه الأمور تُعَدّ من التبليغ على خلاف الدين([42]).
لا سلطة للشيطان على المُخْلَصين
قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لاَزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ (الحجر: 39 ـ 40).
إن هذه الآية تدلّ على عصمة الأنبياء من الذنوب؛ وذلك بتقريب أن الشيطان لا يستطيع الاقتراب من المُخْلَصين، والأنبياء بدَوْرهم من المُخْلَصين، وعليه يكون الأنبياء بمنأىً من تأثير الشيطان والمعاصي.
توضيح ذلك: إن الإغواء عبارةٌ عن الدعوة إلى الغَيّ، والغَيّ خلاف الرشاد([43]). وقد صرَّح المصطفوي قائلاً: إن الإغواء إرشادٌ إلى الشرّ والفساد، دون الإضلال([44]). إن المراد من إغواء الشيطان عبارةٌ عن تزيين الباطل، بحيث يقوم الشخص باقتراف الباطل([45]). إن الإخلاص من قِبَل الله هو التخليص التكوينيّ للعبد واختياره واصطفائه من بين سائر العباد؛ لما يتحلّى به من الصفات الممتازة والاستعداد الخاصّ وشرح الصدر، حيث يكون جديراً باستحقاق الولاية والرسالة وحقيقة الإيمان وأنوار المعرفة([46]).
ومن بين الأنبياء عَدَّ الله النبيّ موسى×([47])، والنبيّ يوسف×([48])، في زمرة المُخْلَصين. وقال بشأن الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب^: ﴿إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ﴾ (ص: 46). وحيث إن الأنبياء من أكثر الناس جدارةً بحمل الرسالة وأعباء الوَحْي الإلهيّ فإنهم من أفضل الناس، وإذا لم يكونوا في زمرة المُخْلَصين لن يكون هناك أحدٌ يستحقّ هذا المقام.
قال العلاّمة الطباطبائي في بيان كيفيّة ثبوت العصمة للمُخْلَصين: «إن الله سبحانه خلق بعض عباده هؤلاء على استقامة الفطرة واعتدال الخلقة؛ فنشأوا من بادىء الأمر بأذهان وقّادة، وإدراكاتٍ صحيحة، ونفوسٍ طاهرة، وقلوبٍ سليمة؛ فنالوا بمجرّد صفاء الفطرة وسلامة النفس من نعمة الإخلاص ما ناله غيرهم بالاجتهاد والكَسْب، بل أعلى وأرقى؛ لطهارة داخلهم من التلوُّث بألواث الموانع والمزاحمات. والظاهر أن هؤلاء هم المُخْلَصون ـ بفتح اللام ـ لله في عُرْف القرآن. وهؤلاء هم الأنبياء والأئمّة. وقد نصّ القرآن بأن الله اجتباهم، أي: جمعهم لنفسه، وأخلصهم لحضرته… وآتاهم الله سبحانه من العلم ما هو مَلَكةٌ تعصمهم من اقتراف الذنوب، وارتكاب المعاصي، ويمتنع معه صدور شيءٍ منها عنهم، صغيرة أو كبيرة»([49]).
وقال في موضعٍ آخر: «يظهر من الآية أن من شأن المُخْلَصين من عباد الله أن يرَوْا برهان ربِّهم، وأن الله سبحانه يصرف كلّ سوءٍ وفحشاء عنهم، فلا يقترفون معصيةً، ولا يهمّون بها؛ بما يريهم الله من برهانه. وهذه هي العصمة الإلهيّة»([50]).
ب ـ ملاحظاتٌ على نظريّة ابتداع الشيعة للعصمة
يرى ووكر أن الشيعة هم الذين ابتدعوا فكرة العصمة. وفي ما يلي نعمل؛ لردّ هذا الادّعاء، على بيان جذور هذه الشبهة، وسابقة مفهوم العصمة.
الشبهة في مبدأ العصمة
ذهبت جماعةٌ ـ من خلال التمسُّك ببعض الآيات التي تبدو بحَسَب الظاهر منافيةً لعصمة الأنبياء ـ إلى الاعتقاد بأن نظرية العصمة لا تستند إلى القرآن، وذكروا مجموعةً من الاحتمالات في بيان منشأ العصمة. ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ أن هناك مَنْ قال بأن هذه العقيدة تأتي بتأثيرٍ من التعاليم الإيرانيّة القديمة، وتعاليم المتصوِّفة([51])، وأهل الكتاب، والتعاليم الزرادشتية([52]).
وفي الجواب عن هذا الادّعاء من الكاتب ـ حيث قال بأن الشيعة هم الذين ابتدعوا مفهوم العصمة ـ يجب القول: إن هذا الاتّهام موجودٌ في آراء المستشرقين أيضاً؛ إذ يذهب المستشرق دوايت دونالدسن([53]) إلى الاعتقاد بأن الشيعة هم الذين أوجدوا الاعتقاد بعصمة الأنبياء في معرض إثبات مدَّعى أئمّتهم، في مقابل مدَّعى خلفاء أهل السنّة؛ وذلك لأنهم يعتبرون الأنبياء بدَوْرهم من الأئمّة وهداة الأمّة أيضاً.
إن الشيعة يُبدون اهتماماً كبيراً بهذه الآية: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً﴾ (البقرة: 124)، وهي تخاطب النبيّ إبراهيم×.
لقد ظهرت هذه العقيدة في المنعطف التاريخيّ من الإمامة، أي في الفترة الفاصلة ما بين رحيل النبيّ| وبين غَيْبة الإمام الثاني عشر.
وقد نسب الشيخان الكلينيّ والمفيد، في تفسيرهما لهذه الآية، إلى الإمام الصادق× وجوبَ أن يكون النبيّ إبراهيم معصوماً؛ لأن الله قد جعله إماماً، والفاسق ليس جديراً بالإمامة.
وحيث كان الشيخ الكليني والشيخ المفيد والشيخ الصدوق يعيشون في ذروة اقتدار وسلطة الدولة البويهية فقد وصل الاعتقاد بعصمة الأنبياء والأئمّة في تلك الفترة إلى أقصى قوّته وازدهاره.
وقد ذهب دونالدسن إلى الاعتقاد بأن مفهوم العصمة قد انتشر بين أهل السنّة في أواخر القرن العاشر للميلاد.
لم يكن أبو حامد الغزالي(1111م) من القائلين بالعصمة؛ بَيْدَ أن الفخر الرازي(1210م) كان من أشدّ المدافعين عن هذه النظريّة. وقد تأثَّر في ذلك بأفكار الصوفيّة.
وبشكلٍ عامّ فقد كان الصوفيّة والمعتزلة همزة الوصل في تبادل الأفكار والآراء بين الشيعة وأهل السنّة([54]).
كما ذهب أحمد أمين بدَوْره إلى اعتبار نظريّة العصمة بعيدةً عن تعاليم الإسلام، وأن الشيعة هم الذين ابتدعوا هذه الفكرة([55]).
السوابق في طرح العصمة
يجب القول: إن لمفهوم العصمة جذوراً قديمةً قِدَم الإسلام والقرآن الكريم؛ فبالإضافة إلى دلالة آيات القرآن على عصمة الأنبياء، وتصريح النبيّ الأكرم| بهذه الحقيقة، هناك الكثير من الشواهد على تقبُّل المسلمين في صدر الإسلام لهذه المسألة.
تصريح النبيّ| بالعصمة: لقد صرَّح النبيّ الأكرم| بعصمته وعصمة أهل بيته^. فعن ابن عبّاس أنه قال: سمعتُ رسول الله|، يقول: «أنا وعليّ والحسن والحسين وتسعة من وُلْد الحسين مطهَّرون معصومون»([56]). كما روى ابن عبّاس عن النبي الأكرم| أنه قال: «أنا وأهل بيتي مطهَّرون من الذنوب»([57]).
إطاعة أصحاب النبيّ الأكرم|: إن إطاعة وانقياد أصحاب النبيّ| لأوامره، وتلبيتهم واستجابتهم لتعاليمه، تثبت أنهم كانوا يعتبرونه منزَّهاً عن جميع أنواع الخطأ والزَّلَل. ومن ذلك، على سبيل المثال: قول سعد بن عبادة في الإعلان عن مدى استعداده في خوض معركة بدر، استجابةً لأمر رسول الله|: «فوالذي بعثك بالحقّ، لو استعرضْتَ هذا البحر([58])، فخُضْتَه، لخضناه معك»([59]).
تصريح أبي بكر بعصمة النبيّ الأكرم|: قال أبو بكر في خطبةٍ له: «إن رسول الله| خرج من الدنيا وليس أحدٌ يطالبه بضربة سوطٍ فما فوقها، وكان| معصوماً من الخطأ»([60]).
وعليه بالنظر إلى أن المستشرق دوايت دونالدسون يعتبر أن التمايز بين الشيعة وأهل السنّة يكمن في أن الشيعة يعتبرون أن الإمام عليّاً× وصيٌّ للنبيّ، ويقولون بأن غير المعصوم لا يكون جديراً بالخلافة، فإذا كان الشيعة هم الذين ابتدعوا نظرية العصمة [كما يقول] فكيف نجد أبا بكر ـ وهو الخليفة الأوّل بعد رسول الله| ـ يعتقد هو الآخر بعصمة النبيّ أيضاً؟! وقد سبق لأبي بكر أن أقرّ بعصمة النبيّ الأكرم| في قضية صلح الحديبية أيضاً، وذلك حيث اعتبر عمر بن الخطّاب هذا الصلح مذلاًّ للمسلمين؛ فقال له أبو بكر: إنه رسول الله، ولن يعصي الله ما أمره أبداً([61]).
ومن الجدير ذكرُه أن بعض الأشخاص، حتّى في عصر النبيّ الأكرم|، لم يكونوا يُقِرُّون له بالمراتب والمنازل العُلْيا، ويعتبرونه إنساناً مثل سائر الناس، وأنه لا يختلف عنهم في شيءٍ أبداً. فقد ورد في تدوين الصحيفة الصادقة ـ وهي من أشهر المكتوبات الحديثيّة في عصر رسول الله| ـ أن عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي(65هـ) قال: كنْتُ أكتب كلّ شيءٍ أسمعه من رسول اللهﷺ؛ أريد حفظه، فنهَتْني قريش، فقالوا: إنك تكتب كلّ شيءٍ تسمعه من رسول اللهﷺ، ورسول الله بَشَرٌ، يتكلَّم في الغضب والرضا، فأمسَكْتُ عن الكتاب، فذكَرْتُ ذلك لرسول اللهﷺ، فقال: «اكتب، فوالذي نفسي بيده، ما خرج منّي إلاّ الحقّ»([62]).
تصريح الإمام عليّ×: ترك حاطب بن بلتعة أسرته في مكّة. وكان؛ لذلك، في قلقٍ من أن تسيء قريش معاملة أسرته المرتَهَنة هناك. فأخذ قراره في التعاون الأمنيّ مع مشركي قريش؛ ليتعهَّدوا له في المقابل بعدم التعرُّض لأسرته. ومن هنا فقد كتب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول اللهﷺ، وقال فيه: «إن رسول الله يريدكم؛ فخذوا حِذْرَكم». وأعطى الكتاب امرأةً من مزينة، اسمها سارة، وجعل لها جَعْلاً على أن توصله قريشاً، فجعلَتْه في رأسها، ثمّ فتلَتْ عليه قرونها، فخرجَتْ. وأتى رسول اللهﷺ الخبر من السماء بما صنع حاطب، فبعث عليّاً والزبير فقال: أدركا امرأةً من مزينة، قد كتب معها حاطب كتاباً يحذِّر قريشاً، فخرجا، فأدركاها بالخليفة، فاستنزلاها، فالتمساه في رَحْلها فلم يجدا شيئاً، فقالا لها: إنا نحلف بالله ما كذب رسول اللهﷺ، ولا كذبنا، ولتخرجنَّ هذا الكتاب أو لنكشفنَّك، فلما رأَتْ منهما الجِدَّ قالت: أعرضا عنّي، فأعرضا عنها، فحلَّتْ قرونَ رأسها، فاستخرجَتْ الكتاب، فدفعَتْه إليهما»([63]).
ج ـ نظراتٌ في اتّهام ووكر للمتكلِّم الشيعي بشأن عصمة النبيّ والإمام
نقل ووكر أن أحد متكلِّمي الشيعة ـ دون أن يُسمِّيَه أو يذكر مصدره ـ قال بأن عصمة الإمام أكثر ضرورةً من عصمة النبي.
وفي ما يلي، بعد تحديد هوية هذا المتكلِّم، ننتقل إلى ردّ هذه التهمة.
إن هشام بن الحكم هو المتَّهم في هذا المورد؛ فإن الذي عناه ووكر بهذا الاتهام لم يكن شخصاً آخر غير هشام بن الحكم(179هـ). والمشكلة الأساسيّة تكمن في أن هذا الكاتب لا يكتفي بعدم ذكر اسم هذا المتكلِّم فحَسْب، بل لا يذكر أيّ مصدرٍ يُشكِّل مستنداً لكلامه هذا. ومن الجدير ذكرُه أن أبا الحسن الأشعري هو أوّل مَنْ نسب هذا الكلام إلى هشام بن الحكم، في كتابه «مقالات الإسلاميين»، حيث قال: واختلفَتْ الروافض في الرسول×، هل يجوز عليه أن يعصي أم لا؟ وهم فرقتان: فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن الرسولﷺ جائزٌ عليه أن يعصي الله، وأن النبيّ قد عصى الله في أخذ الفداء يوم بدر؛ أما الأئمّة فلا يجوز ذلك عليهم؛ لأن الرسول إذا عصى فالوَحْي يأتيه من قِبَل الله، والأئمّة لا يوحى إليهم، ولا تهبط الملائكة عليهم، وهم معصومون، فلا يجوز عليهم أن يسهوا، ولا يغلطوا، وإنْ جاز على الرسول العصيان. والقائل بهذا القول هشام بن الحكم([64]).
عقيدة هشام بن الحكم في عصمة الإمام
لا بُدَّ في هذا الخصوص أوّلاً من بيان الآراء الأخرى لهشام بن الحكم.
إن كلام هشام بشأن عصمة الإمام يعكس رؤيته العامّة في هذا المجال. إن البراهين التي يقيمها على عصمة الإمام، تصدق على النبيّ بطريقٍ أَوْلى.
إن هشام بن الحكم يذكر برهان «إقامة الحدود»؛ وبرهان «تنافي المعصية مع شؤون الإمامة»، كدليلٍ على عصمة الإمام([65]).
ببيان: إن الإمام لو صدرت عنه المعصية كان بحاجةٍ إلى مَنْ يقيم الحَدَّ عليه، في حين أن الآخرين بحاجةٍ إلى ذلك أيضاً([66]).
يُضاف إلى ذلك أن الإمام إذا لم يكن معصوماً فقد يجامل جارَه أو صديقَه أو قريبَه، فلا يقيم عليه الحَدَّ، فيكون بذلك ظالماً، والظالم لا يكون جديراً بالإمامة([67]).
إن الرواية التالية تثبت رأي هشام بن الحكم بشأن حقيقة العصمة ومنشئها: يقول ابن أبي عمير: «ما سمعْتُ ولا استفَدْتُ من هشام بن الحكم في طول صحبتي له شيئاً أحسن من هذا الكلام في صفة عصمة الإمام، فإني سألتُه يوماً عن الإمام، أهو معصوم؟ فقال: نعم، فقلتُ: فما صفة العصمة فيه؟ وبأيّ شيءٍ تُعْرَف؟ فقال: إن جميع الذنوب لها أربعة أوجه، ولا خامس لها: الحرص، والحَسَد، والغضب، والشهوة؛ فهذه منفيّةٌ عنه؛ لا يجوز أن يكون حريصاً على هذه الدنيا، وهي تحت خاتمه؛ لأنه خازن المسلمين، فعلى ماذا يحرص؟! ولا يجوز أن يكون حسوداً؛ لأن الإنسان إنما يحسد من فوقه، وليس فوقه أحدٌ، فكيف يحسد مَنْ هو دونه؟! ولا يجوز أن يغضب لشيءٍ من أمور الدنيا إلاّ أن يكون غضبه لله عزَّ وجلَّ؛ فإن الله عزَّ وجلَّ قد فرض عليه إقامة الحدود، وأن لا تأخذه في الله لومةُ لائمٍ، ولا رأفةٌ في دينه، حتّى يقيم حدود الله عزَّ وجلَّ؛ ولا يجوز له أن يتبع الشهوات ويؤثر الدنيا على الآخرة؛ لأن الله عزَّ وجلَّ حبَّب إليه الآخرة كما حبَّب إلينا الدنيا، فهو ينظر إلى الآخرة كما ننظر إلى الدنيا، فهل رأيْتَ أحداً ترك وجهاً حَسَناً لوجهٍ قبيح، وطعاماً طيِّباً لطعامٍ مُرٍّ، وثوباً ليِّناً لثوبٍ خشن، ونعمةً دائمة باقية لدنيا زائلةٍ فانية»([68]).
وعليه، فإن هذه الرواية تنافي الاستدلال المنسوب إلى هشام بن الحكم، بأن عدم الوَحْي الإلهيّ والارتباط بالله هو منشأ القول بالعصمة. ففي ضوء هذه الرواية تكمن أفضليّة المعصوم في أن معرفته لحقيقة الذنب، ومعرفته للربّ، هي الممهِّدة لعصمته.
رأي الباحثين في الكلام المنسوب إلى هشام بن الحكم
بالنظر إلى هذه الشواهد ذهب بعض الباحثين والمحقِّقين إلى القول باستبعاد صدور مثل هذا الاستدلال عن مثل هشام بن الحكم؛ فيقول: حيث لا يُوحَى إلى الإمام، ولا يتيسَّر له معرفة أنه قد أخطأ، إذن يجب أن يكون معصوماً.
وعليه فإن نسبة هذا الكلام إلى هشام باطلةٌ من الأساس؛ أو يجب في الحدّ الأدنى التعاطي معها بحَذَرٍ واحتياطٍ([69]).
كما ذهب السيد معروف الحسني إلى القول بأنه لا يرى هشام بن الحكم على هذه المستوى من الجهل والجمود، بحيث يصدر عنه مثل هذا الاستدلال السطحيّ؛ وذلك لأن الإمام والوصيّ إنما هو متكفِّلٌ ببعض وظائف النبيّ، وهي تبليغ دينه. إن النبي الأكرم| أكثر حاجةً إلى العصمة من الإمام؛ وذلك لأنه قد جاء إلى العالم بدينٍ ونظامٍ جديد، وأحدث ثورةً في وجه الفساد والطغيان. وعليه فإذا لم يكن أميناً، ولم يكن متمسِّكاً بدينه، لا يعود بمقدوره أن يترك التأثير المطلوب على الآخرين([70]).
وهناك مَنْ احتمل أن يكون هذا الكلام قد صدر عن هشام بن الحكم في مقام إلزام الخَصْم. وبعبارةٍ أخرى: إنه كان في مقام إثبات العصمة للإمام، دون إنكار عصمة النبيّ؛ بَيْدَ أن الآخرين لم يفهموا هذا المعنى من كلام هشام. لقد كان مراد هشام بن الحكم كالتالي: حيث يكون النبي مؤيَّداً بالوَحْي عندها يمكن إعلامه بالخطأ بواسطة الوَحْي، ومع ذلك تجب له العصمة بحَسَب البرهان، فإن عصمة الإمام ـ المحروم من الوَحْي ـ تكون واجبةً بطريقٍ أَوْلى([71]).
وعلى فرض صحّة هذه النسبة إلى هشام بن الحكم فإن معنى كلامه ليس هو إنكار العصمة بشكلٍ مطلق، حتّى في مقام تلقّي الوَحْي وإبلاغه؛ وذلك أوّلاً: لأن عدم العصمة في هذه الجهات مخالفٌ لمقتضى العقل، وفيها كذلك نقضٌ للغرض؛ وثانياً: في الاستدلال المنسوب إلى هشام بن الحكم نستفيد العصمة في مقام تلقّي الوَحْي في الحدّ الأدنى.
وعليه، لا يوجد بين الشيعة مَنْ يوافق هذه العقيدة، أو يُنْكِر عصمة النبيّ من الذنب والمعصية.
وأن يكون هشام بن الحكم قد تحدَّث بما يخالف جميع الشيعة محلُّ تردُّدٍ وإشكال.
كما أن هذا الاعتقاد لا ينسجم مع استدلال هشام حول ضرورة إرسال الرُّسُل أيضاً، فهو يعتقد بأن الأنبياء حُجَج الله في الأرض، ومبيِّنون لأحكام الله، ووسيلةٌ لرفع الاختلاف بين الناس، ومعيارٌ لمعرفة الحقّ من الباطل، فكيف يمكن لمَنْ يتولّى مثل هذه المسؤوليات الجِسَام أن لا يكون معصوماً من الذنوب والأخطاء؟!([72]).
2ـ أبعاد العصمة
يذهب ووكر ـ استناداً إلى آيات القرآن ـ إلى القول بأن نظريّة عصمة النبيّ قابلةٌ للترديد في جميع أبعادها، ويرى أن القول بالسَّهْو والخطأ هو الطريق الأمثل لتفسير الآيات المُوهِمة لعدم عصمة الأنبياء. وقال في هذا الشأن: «يذهب جميع المسلمين تقريباً إلى القول بأن الأنبياء منزَّهون عن الشرك وعبادة الأوثان([73])، وهو الذنب الذي لا يمكن لله أن يغفره بصريح القرآن. ولكنْ بالنظر إلى الذنوب الصغيرة والأخطاء تظهر بعض المسائل بالنسبة إلى [النبيّ] محمد[|]، من خلال الإشارة الصريحة الواردة في القرآن ـ كما في الآية الثامنة من السورة الثانية على سبيل المثال ـ. فإذا أخَذْنا هذه الآيات على ما يبدو من ظاهر ألفاظها وجب أن تكون بمعنى أن بعض الأنبياء كانوا في الحدّ الأدنى يقترفون الذنوب قبل البعثة، وليس بعدها. وعلى هذا الأساس، تكون هذه الذنوب بالنسبة إلى الحنابلة وأصحاب الظاهر ـ الذين يقولون بوجوب التمسُّك بظواهر الألفاظ ـ حقيقةً ثابتة لا ينبغي تجاهلها. وفي المعنى العامّ فإن المسلمين يذهبون إلى الاعتقاد بهذا الأصل، وهو أن هذا النوع من النصوص إذا كانت موضوعاً لتفاسير مختلفة فإن الذي يجب أن يُنْسَب إلى الأنبياء يجب أن يكون من بين أفضلها. إن الذنب عبارةٌ عن مخالفة الله وأوامره، وبالتالي فإن هذا يعني الانفصال والاغتراب عنه. وعلى هذا الأساس، فإن كلّ عملٍ يصدر عن الشخص عَمْداً وبقصد مخالفة قوانين الله([74]) سوف يكون ذنباً واضحاً، ورُبَما كان من الكبائر. إلاّ أن الذي يقع سَهْواً أو نتيجةً لنسيانٍ أو غفلةٍ بسيطة فلا يدلّ على الذنب. مع وجود هذا الاستدلال يَرِدُ هذا الاحتمال، وهو أن ننسب أفضل التفاسير حتّى للنبيّ آدم×([75])، وبذلك نعمل على تخليصه وتبرئة ساحته من ارتكاب العمل المخالف لأمر الله صراحةً، رغم إقرار القرآن([76]) الواضح بتحقُّق هذا العمل([77])»([78]).
أـ ردٌّ لطرح آراء المسلمين حول العصمة
يذهب الكاتب إلى الاعتقاد بأن الأنبياء من وجهة نظر القرآن معصومون من الكبائر، ولكنْ قد يُبْتَلون بالصغائر، أو يقترفون الذنوب قبل بعثتهم.
ولكي نبيِّن هنا مدى تناغم رؤية الكاتب مع رؤية الشيعة يجب علينا الخوض في مناقشة أبعاد عصمة الأنبياء وعقيدة المسلمين.
إن مسألة عصمة الأنبياء من الذنب والخطأ مورد قبول جميع المسلمين، على نحو الإجمال، بل هي مقبولةٌ من قِبَل جميع أتباع الأديان، رغم وجود بعض الاختلافات في خصوصيّات هذه العصمة، بل هناك اختلافٌ حتّى في ذكر آراء المذاهب والفِرَق أيضاً([79]).
إن أبعاد العصمة عبارةٌ عن: العصمة في تلقّي الوَحْي وحفظه وتبليغه؛ والعصمة من الذنوب؛ والعصمة من الخطأ والنسيان في الأمور الفرديّة والاجتماعية.
وقد ذهبَتْ أكثر الفِرَق الإسلاميّة إلى القول بعصمة الأنبياء في تبليغ الرسالة([80])، بل ادُّعي الإجماع في هذا الشأن أيضاً([81]).
إنما الاختلاف الرئيس يكمن في العصمة من الذنوب.
فقد ذهب الحَشويّة إلى تجويز الصغائر والكبائر على النبيّ عَمْداً.
وأما المعتزلة فلا يجيزون الكبائر على النبيّ، وكلّ ذنبٍ يؤدّي إلى نفور الناس منه، سواءٌ في ذلك قبل البعثة وبعدها([82]).
وبشكلٍ عامّ فإن الأشاعرة لا يرَوْن ضرورةً للعصمة قبل البعثة، ولكنّهم لا يجيزون على النبيّ صدور الكبائر عن عَمْدٍ أو سَهْوٍ، كما لا يجيزون صدور الصغائر عن عَمْدٍ بعد البعثة. ومنهم مَنْ يجيز صدور الصغائر عن عَمْدٍ([83])، وهناك مَنْ لا يجيز صدور أيّ ذنبٍ، سواء عَمْداً أو سَهْواً([84]).
وأما الإمامية فلا يجيزون صدور أيّ ذنبٍ، سواء أكان من الصغائر أو الكبائر، قبل البعثة وبعدها([85]).
وعليه فإن نظرية جواز الذنب قبل البعثة تنسجم مع قول الأشاعرة. وجواز ارتكاب الصغيرة ـ التي لا تؤدّي إلى النفور ـ تنسجم مع قول المعتزلة. وقد ذهب الزمخشري المعتزلي في الكثير من مواضع تفسيره إلى تأويل الآيات المُوهِم ظاهرُها عدمَ العصمة عن الذنوب الصغيرة. ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ أنه رأى تأويل معصية النبيّ آدم× بالصغيرة، التي تمَّتْ تغطيتها بالأعمال القلبيّة([86]).
ب ـ نقاشٌ في الآية ـ المستند للقول بعدم ضرورة العصمة قبل البعثة
يذهب الكاتب إلى القول: إن بعض الأنبياء من وجهة نظر القرآن لم يكونوا قبل البعثة ـ في الحدّ الأدنى ـ بمنأىً من الذنوب.
وفي الجواب يجب القول: إن العصمة قبل النبوّة بمنزلة العصمة بعدها؛ لأن العصمة إنما هي ثمرة التقوى، ومَلَكةٌ لا يحصل عليها الشخص إلاّ بالرياضة والمجاهدة، لا أن يتحوَّل غير المعصوم فجأةً إلى معصوم بمجرّد نزول جبرائيل عليه بالرسالة.
كما أن سيرة النبيّ| قبل البعثة إذا كانت تختلف عمّا بعدها فإنه؛ بسبب السوابق السيِّئة، لن يبقى هناك اطمئنانٌ وثقةٌ تامّةٌ بكلامه.
لو لم يكن النبيّ معصوماً قبل البعثة قد يعمل منذ البداية على إخفاء رسالته، أو أن لا يقوم ببعض المهامّ المُوكَلة إليه([87]).
وقد استند في هذا الشأن إلى آيةٍ من القرآن.
إن الآية المذكورة في متن المقالة هي الآية 8 من سورة الأنفال، والتي لا تثير أيّ شبهةٍ بشأن عصمة النبيّ|.
ومن خلال النظر إلى جميع الآيات التي تبدو في ظاهرها منافيةً لعصمة النبي|، وأخذ جميع أنواع الشُّبُهات المحتملة، نصل إلى نتيجةٍ مفادها: إن الآية 2 من سورة الفتح هي مراد كاتب المقالة؛ حيث ورد الحديث فيها عن غفران ذنوب النبيّ| في الماضي والمستقبل؛ إذ تقول: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً﴾ (الفتح: 1 ـ 2).
وفي ما يلي نتعرَّض إلى إجابات المفسِّرين من الأشاعرة والمعتزلة والإماميّة في ما يتعلَّق بنسبة الذنب إلى النبيّ الأكرم|.
لقد ذكر الأشاعرة ـ بما يوافق مبناهم الكلاميّ ـ ذنوب ما قبل النبوّة ضمن سائر الاحتمالات الأخرى([88]).
إن احتمال ترك الأَوْلى([89])، ومغفرة ذنوب الأمّة([90]) بالشفاعة([91])، من بين الأجوبة المشتركة بين الأشاعرة والإماميّة.
ومن الأجوبة البديعة للسيد المرتضى القول بأن «الذنب» مصدرٌ، ويمكن أن يُضاف إلى الفاعل أو إلى مفعوله. وعلى هذا الأساس، فإن المراد من «ذنبك» هو الذنب [المنسوب] إليك، وعليه يكون المعنى المراد من قوله تعالى: ﴿مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ هو الذنوب والسيِّئات التي ارتكبوها بحقِّك وبحقّ قومك سابقاً، والتي سيرتكبونها لاحقاً.
إن المراد من «الذنب» هي الذنوب التي اقترفها الناس بحقّ النبيّ الأكرم|، حيث لم يسمحوا له بدخول مكّة، وحالوا بينه وبين الدخول إلى المسجد الحرام.
وعلى هذا الأساس، فإن المراد من غفران هذا الذنب هو إزالة ونسخ أحكام أعداء النبيّ الأكرم| ضدَّه([92]).
وقد ذكر العلاّمة الطباطبائي هذا المعنى ببيانٍ آخر؛ فهو يرى أن الذنب والمغفرة في هذه الآية لم يَرِدَا بمعناهما المصطلح، بل ورد استعمالهما بالمعنى اللغوي. فلا الذنب بمعنى ارتكاب الحرام، ولا المغفرة بمعنى رفع العقاب عن مستحقِّه. إن الذنب هو العمل الذي له تَبِعةٌ سيِّئة كيفما كان. والمغفرة هي الستر على الشيء.
توضيح ذلك: إن قيام النبيّ بالدعوة ونهضته على الكفر والوَثَنيّة فيما تقدَّم على الهجرة، وما وقع له من الحروب والمغازي مع الكفّار والمشركين فيما تأخَّر عن الهجرة، كان عملاً منه ذا تَبِعةٍ سيِّئة عند الكفّار والمشركين، وما كانوا ليغفروا له ذلك ما كانت لهم شوكةٌ ومقدرةٌ، وما كانوا لينسوا زهوق ملَّتهم، وانهدام سنّتهم وطريقتهم، ولا ثارات مَنْ قُتل من صناديدهم، دون أن يشفوا غليل صدورهم، بالانتقام منه، وإمحاء اسمه، وإعفاء رسمه. غير أن الله سبحانه رزقه| هذا الفتح، وهو فتح مكّة أو فتح الحديبية المنتهي إلى فتح مكّة، فذهب بشوكتهم، وأخمد نارهم، فستر بذلك عليه ما كان لهم عليه من الذنب، وآمنه منهم([93]).
وهذا الجواب يتطابق مع جواب الإمام الرضا× عندما سأله المأمون عن المراد من الذنب في هذه الآية؟ فقال: إن هذا الذنب كان مشركو مكّة ينسبونه إلى النبيّ الأكرم|([94]).
ج ـ نقد نظريّة الخطأ والسَّهْو، تأويل معصية الأنبياء
يذهب كاتب المقال؛ بالنظر إلى أن الأخطاء التي تصدر سَهْواً لا تُعَدّ من الذنوب، إلى أن المسائل المطروحة بشأن الأنبياء في القرآن لا تتحدَّث عن الذنوب، ولا تعدو أن تكون من الخطأ والسَّهْو.
وفي هذا القسم سوف نبحث نظرية مراتب الذنب، في الردّ على هذا الرأي وسَهْو النبيّ.
مراتب الذنب
يرى كاتب المقال أن التعمُّد يُعَدّ من القيود الأصلية للذنب. وطريقة الحلّ التي يطرحها في خصوص الآيات التي يبدو من ظاهرها نسبة الذنوب إلى الأنبياء هي أن هذه الموارد من موارد السَّهْو والغفلة.
ويجب القول في الجواب: إن المعصية في مقابل الاتّباع، فالمعصية تعني عدم الاتّباع([95]). لم يتمّ لحاظ قيد العَمْد أو السَّهْو في تعريف المعصية؛ كي لا يُعَدّ الذنب السَّهْوي معصيةً. ولكنْ يمكن القول: إن الذنب لا يُعَدّ على الدوام تمرُّداً على الأوامر والنواهي المولويّة، بل إن للذنب مراتب مختلفة، تقع في طول بعضها. كما أن للمغفرة أيضاً مراتب؛ بمعنى أن كلّ مرتبةٍ منها تتعلَّق بذنب تلك المرتبة:
1ـ الذنب المرتبط بالأمر والنهي المولويّ، بمعنى مخالفة الحكم الشرعيّ، الفرعيّ أو الأصليّ. وبعبارةٍ أعمّ: عند مخالفة القوانين الدينية أو غير الدينية تكون المغفرة المتعلِّقة بهذه المرتبة من الذنب هي المرتبة الأولى من المغفرة.
2ـ الذنب المتعلِّق بالأحكام العقليّة الأخلاقيّة. والمغفرة المتعلِّقة بهذا الذنب هي المرتبة الثانية من المغفرة.
3ـ الذنب المتعلِّق بالأحكام الأدبيّة بالنسبة إلى أولئك الذين يكون أفق حياتهم هو ظرف الآداب. ولهذه المرتبة بدَوْرها مغفرةٌ.
إن العُرْف لا يعتبر النوعين الأخيرين من الذنب والمغفرة، ورُبَما كان يحملهما على المعنى المجازيّ، ولكنّهما ليسا من المجاز؛ إذ تترتَّب عليهما آثار الذنب والمغفرة.
4ـ الذنب الذي يحكمه ذوق العشق فقط، والمغفرة المرتبطة به أيضاً.
وبطبيعة الحال يمكن تصوّر ذنبٍ ومغفرةٍ مشابهة لذلك في جهة البغض والنفور أيضاً.
إن هذا النوع من الذنب والمغفرة لا يَعُدّه العُرْف ذنباً، حتّى بالمعنى المجازيّ؛ لأن الفَهْم العُرْفي قاصرٌ عن إدراك هذه الحقائق. بَيْدَ أن هذه التصوُّرات، التي تبدو في أُفُق الحياة الاجتماعيّة تصوُّراتٍ موهومةً، هي في أفق العبودية حقائق مكتومة. أجل، إن العبودية الناشئة عن محبّة الله تصل بأمر العبد إلى موضعٍ بحيث يفقد قلبه، ويحار عقله، ولا يبقى لديه شعورٌ يستطيع أن يدرك به غير الخالق، ولا تبقى لديه إرادةٌ يطلب بها غير ما يريده الله. في ظلّ هذه الحالة يشعر الإنسان أن أدنى اهتمامٍ بنفسه، وأيّ تلبيةٍ لمشتهياته، ذنبٌ عظيم، وحجابٌ سميك، لا يمكن لشيءٍ أن يزيله غير المغفرة الإلهيّة([96]).
رأي المتكلِّمين في سَهْو النبيّ
يذهب كاتب المقال إلى القول: يمكن تأويل الآيات المُوهِمة لعدم العصمة، واعتبارها من السَّهْو.
ويبدو أنه قد ارتضى وتبنَّى رأي أهل السنّة في دائرة السَّهْو.
وسوف نبدأ أوّلاً بذكر رأي الأشاعرة والمعتزلة والإماميّة بشأن سَهْو النبيّ.
إن من بين أبعاد عصمة الأنبياء عصمة النبيّ الأكرم| من السَّهْو والخطأ. وعلى الرغم من أهمِّية هذا البحث إلاّ أن المتقدِّمين قلَّما تعرَّضوا إلى تفاصيل هذا البحث في كتبهم الكلامية عند الحديث عن عصمة النبيّ|. وقد كان لهذه المسألة انعكاساً واسعاً في الكتب الفقهيّة والروائيّة في موضوع سَهْو النبي الأكرم| في الصلاة. إن العصمة من السَّهْو أيضاً على أنواع، وهي: العصمة من الخطأ في تلقّي وإبلاغ الوَحْي؛ والعصمة من السَّهْو والنسيان في العبادة؛ والعصمة من الخطأ في القضاء؛ والعصمة من ارتكاب الذنب سَهْواً؛ والعصمة من الخطأ في الأمور العاديّة([97]).
لقد ذهب العلماء والمحقِّقون من الإمامية إلى تبرئة ساحة النبيّ من جميع أنواع السَّهْو([98]).
وقد ذهب ابن تيميّة إلى اعتبار هذا الاعتقاد ـ من الروافض بزعمه ـ غُلُوّاً.
وقد ذهب الشيخ الصدوق وأستاذه محمد بن الحسن الوليد إلى عدّ نفي السَّهْو عن الأنبياء مطلقاً من الغُلُوّ. وذهبا إلى الاعتقاد بإسهاء النبيّ.
إن النبيّ ـ طبقاً لهذه النظرية ـ لا يتعرَّض للسَّهْو والنسيان بنفسه، ولكنْ قد يتدخَّل الله في بعض الموارد ويُنْسِيه، ليكون ذلك سبباً في تعليم الناس أحكام السَّهْو في العبادات عمليّاً([99]).
يبدو أن المتكلِّمين من الأشاعرة والمعتزلة قد ارتضَوْا، على نحو الإجمال، القول بالسَّهْو على الأنبياء.
فقد ذهب القاضي عبد الجبّار المعتزلي إلى القول بعدم جواز السَّهْو والغَلَط في أداء النبيّ للرسالة، ولكنْ قد تقتضي المصلحة وقوع السَّهْو منه في عملٍ سبق أن بيَّن حكمه واستوفاه حقَّه([100]).
وقد صرَّح ابن أبي الحديد المعتزلي بجواز الخطأ على النبيّ في غير أمر التبليغ([101]).
وقال عضد الدين الإيجي: لقد أجاز أكثر العلماء صدور الكبائر عن غير عَمْدٍ. بَيْدَ أن القول المختار على خلاف ذلك. وتجوز الصغائر على الأنبياء سَهْواً. وهذا متَّفقٌ عليه بين أصحابنا [الأشاعرة]([102]).
أدلّة عصمة النبيّ من السَّهْو
هناك أدلّةٌ عقلية ونقلية على نفي جميع أنواع السَّهْو عن النبيّ الأكرم|.
وفي البداية سوف نستعرض دليلاً عقليّاً فلسفيّاً. وهذا الدليل العقليّ ـ على حدّ تعبير الشيخ جوادي الآملي ـ من الوضوح والقطعيّة بحيث يجب الأخذ به حتّى إذا كانت الظواهر النقليّة على خلافه.
فهو يرى أن الروح بصعودها إلى التجرُّد العقليّ تصل إلى مرتبةٍ لا يبقى معها للشيطان مجالٌ للنفوذ والتأثير، حتّى يكون هناك نقصٌ أو زيادةٌ في البُعْد العلميّ لمثل هذه الروح المجرَّدة الصاعدة. إن مقام التجرُّد التامّ منزلٌ للحضور والظهور الدائم، وليس الغفلة([103]). ومن هنا يقول الشيخ الرئيس أبو عليّ (ابن سينا)، في معرض الثناء على عظمة الأنبياء^: «الأنبياء الذين لا يأتون من جهةٍ غلطاً ولا سَهْواً»([104]).
كما يُعَدّ اعتماد الناس على الأنبياء من الأدلة العقليّة أيضاً([105]).
إن الآيات التي تدلّ بالمطلق على وجوب إطاعة النبيّ، وتَعُدُّ إطاعته من إطاعة الله، تدلّ في الوقت ذاته على عصمة النبيّ الأكرم| من السَّهْو؛ بتقريب أن الأمر بالطاعة مطلق، ولم يتمّ تقييده بمجالٍ خاصّ، وبذلك تثبت عصمة النبيّ| من الذنب سَهْواً وعَمْداً، وكذلك النسيان في جميع المراحل.
كما ورد التصريح في بعض الروايات بعصمة النبيّ الأكرم|([106]) والأئمّة المعصومين^([107]) من الخطأ.
كلام المفسِّرين في معصية النبيّ آدم (عليه السلام)
يجب القول في الجواب عن مدَّعى كاتب المقال، الذي أوّل معصية النبيّ آدم× في قوله تعالى: ﴿وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ (طه: 121) بالخطأ: لقد فسَّر كلُّ واحدٍ من المفسِّرين هذه الآية بما يتناسب مع مبناه الكلاميّ في مجال عصمة الأنبياء. ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ أن الأشاعرة قالوا: إن معصية آدم ترتبط بما قبل نبوّته([108])؛ في حين قال الزمخشري المعتزلي بأن معصية آدم× كانت صغيرةً غير منفِّرةٍ([109])؛ وفسَّرها الإمامية بترك المستحبّ([110])؛ أو معصية الأمر الإرشادي. وقال العلاّمة الطباطبائي: «وأما المعصية بمعنى مخالفة الأمر الإرشادي ـ الذي لا داعي فيه إلاّ إحراز المأمور خَيْراً أو منفعةً من خيرات حياته ومنافعها ـ بانتخاب الطريق الأصلح، كما يأمر وينهى المشير الناصح نصحاً، فإطاعته ومعصيته خارجتان من مجرى أدلّة العصمة. وهو ظاهرٌ. وليكن هذا معنى قول القائل: إن الأنبياء^ على عصمتهم يجوز لهم ترك الأَوْلى»([111]).
ومن الجدير ذكرُه أن الشريعة إنما وُجِدَتْ بعد هبوط آدم إلى الأرض، وأما قبل ذلك فلم تكن هناك شريعةٌ، حتّى يكون هناك معنى للعصيان المصطلح. قال الله تعالى في سورة البقرة، بعد بيان قصّة إبليس وآدم وزوجه وتوبتهما: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (البقرة: 38 ـ 39). إن هذه الآية من أوائل التشريعات والقوانين التي أنزلها الله في عالم الإنسان ووضعها في حياة البشر، وقد وردَتْ بعد هبوط النبيّ آدم×.
وعليه، ففي ذلك اليوم، وعند مخالفة الأمر بعدم الأكل من الشجرة، لم يكن هناك تشريعٌ أو تكليفٌ أو خطابٌ مولويّ صادرٌ عن الله تعالى([112]).
3ـ ماهيّة العصمة
قال ووكر في هذا الشأن: «وعلى هذا الأساس من المهمّ أن نعيِّن درجات من الذنب، أو الذنب المحتمل في كلّ موردٍ، ولا يمكن حلّ المسألة بمجرّد القول بنفي الاستعداد للذنب لدى الأنبياء؛ لأن الأنبياء إذا لم يكونوا قادرين على ارتكاب الذنب ذاتاً لما كانوا مستحقِّين للأجر والثواب([113]) أصلاً. وعلى هذا الأساس، فإن العصمة ليست صفةً ذاتية للأنبياء، وإنما هي هبةٌ أو لطفٌ أودعه الله عندهم. ورُبَما كان هناك موردٌ في القرآن ـ ورد ذكره مراراً ـ، وهو فيما يخصّ النبيّ يوسف، هو موردٌ يعكس مساحة كبيرة من التأويلات الممكنة، والاختلاف حول ما إذا كانت لديهم القدرة على ارتكاب الذنب أو نجاته من المعصية.
ورد في القرآن الكريم أن زليخا زوجة العزيز قد راودَتْ النبي يوسف عن نفسه([114]). يصرِّح هذا النصّ من القرآن بأن زليخا قد همَّتْ به، وأن يوسف بدَوْره قد هَمَّ بها. وسياق الكلام يُشير إلى أن انجذاب كلٍّ منهما إلى الآخر كان بنفس النسبة؛ فإذا كان تمرُّد وعصيان زليخا بحيث تكون مذنبةً وعاصية حَتْماً ـ وهذا ما اتَّفَقَتْ عليه كلمة جميع العلماء تقريباً ـ يجب أن يكون هذا الشأن منطبقاً على يوسف أيضاً. وعلى هذا الأساس يكون الذنب في هذا المورد؛ بالنظر إلى أخذ القصد والدافع، أمراً بالغ التعقيد. فقد كان الانجذاب الجنسيّ إلى زليخا يُعَدّ في الحقيقة بمنزلة الذنب من وجهة نظر يوسف، بَيْدَ أن الآية تستدرك على ذلك مباشرةً، وتقول: ﴿لَوْلاَ أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾. وعلى هذا الأساس، رُبَما أمكن تفسير مجموع النصّ بأن النبيّ يوسف كان قد هَمَّ وطمع بزليخا؛ بمعنى أنه بوصفه من البشر كان من الناحية الطبيعيّة مستعدّاً للانجذاب الجنسيّ نحو المرأة الجميلة؛ ولكنّ تدخُّل برهان الله حال دون تحقُّق أيّ قصدٍ أو دافعٍ في هذا الاتجاه. ولذلك فإن هذا البرهان منعه من ارتكاب هذا الذنب، رغم إحاطته به.
وعلى أيّ حالٍ، فقد كانت هذه المسألة موضع نقاش متكرِّر بين الذين يرَوْن أن هذا التدخُّل الإلهيّ كان منذ البداية وبين أولئك الذين يرَوْنه متأخِّراً.
ومن هنا فإنه؛ بالنظر إلى كيفيّة فَهْم وإدراك يوسف لحجّة الله في الوقت المناسب، يمكن أن نبرِّئه من جميع شوائب الذنب؛ أو نراه بعكس ذلك قريباً من الذنب.
وهناك من المفسِّرين مَنْ ادَّعى أن يوسف قد توقَّف عن ارتكاب الذنب قُبَيْل المبادرة إلى ارتكابه.
وإن الذي قلَّما تمّ توضحه وبيانه هو استنباط هذا الأمر، وهو أن النبيّ يوسف؛ بالنظر إلى معرفته بما يجب عليه فعله وما لا يجب عليه فعله، لم يكن معصوماً([115]). فإنه لو كان معصوماً بالكامل لما كان بحاجةٍ إلى تنبيه الله الذي كانت تفرضه الحالة.
وإن المثال الأفضل لهذا النوع من العصمة أو عدمها نجده في موضوع النبيّ موسى، حيث كلّم الله، وقال له: ﴿أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ﴾ (الأعراف: 143).
وبطبيعة الحال فإن الله قد عاتب النبيّ موسى على هذا السؤال، وقال مؤكِّداً: إن الله لا يمكن أن يُرَى([116]).
بالنسبة إلى أولئك العلماء الذين يعتقدون بعدم الإمكان الواقعيّ لرؤية الله؛ لكونه غير عاديّ ولا جسمانيّ، يُعَدّ سؤال موسى لله أن يأذن له بالنظر إليه ـ إذا حُمل على معناه اللفظي والحَرْفي ـ دليلاً على عدم عصمته.
وعلى هذا الأساس، يجب أن يجوز الخطأ على النبيّ موسى إذا لم يُسْعِفْه دعمٌ من الله في ما يتعلَّق بفَهْمه وإدراكه للدين والعقيدة الدينية.
وهذا تفسيرٌ مشحون بالمشاكل التعليميّة (الاعتقاديّة)، ولذلك يتمّ اجتنابه بشكلٍ عامّ»([117]).
رؤية ووكر حول عدم ذاتيّة العصمة، نقاشٌ واعتراض
يرى كاتب المقال أن ماهيّة العصمة ليست من ذاتيّات النبيّ؛ بمعنى أنه لا يستطيع اقتراف الذنب، بل هي لطفٌ من الله.
إن ما قاله كاتب المقال من عدم نفي القدرة عن النبيّ في ارتكاب الذنب أمرٌ صحيح تماماً. فإنه من بين المتكلِّمين الإسلاميّين كان الأشاعرة وَحْدَهم الذين قالوا بأن العصمة تعني عدم خلق الذنب من المعصوم([118])؛ أو أنها تعني خلق القدرة فيه على الطاعة([119]).
ومن الواضح أن هذا النوع من التفسير للعصمة يؤدّي إلى القول بجَبْريّتها. لا شَكَّ في أن عصمة النبيّ لا تعني عدم القدرة على ارتكاب الذنب، بَيْدَ أن القدرة على ارتكاب الذنب لا تعني ارتكاب الذنب بالضرورة. وإن وجود الغرائز الجنسيّة والقوى الشهوانيّة لا تلازم اقتراف المعاصي. وبعبارةٍ أخرى: إن وجود الأرضية لعملٍ هي غير حَتْمية تحقُّق وصدور ذلك العمل. وحتّى بالنسبة إلى الأشخاص العاديين لا يمكن القول: حيث يوجد المقتضي إلى المعصية عندهم فهم مذنبون على الدوام في ما يتعلَّق بجميع الذنوب. لو كان ترك المحرَّمات وفعل الواجبات محالاً على الناس فلماذا أمرهم بهذه الأمور؟! إن الله الحكيم لا يكلِّف الناس بغير المقدور([120]). إن القرآن الكريم يؤكِّد على البُعْد البشريّ للأنبياء([121])، ويرى أن الأنبياء مكلَّفون([122])، والتكليف دليلٌ على الإرادة والاختيار.
يرى ووكر أن العصمة لطفٌ من الله، ولكنّه لا يقدِّم أيّ شرحٍ أو توضيحٍ آخر حول المقصود والمراد من هذا اللطف. ولكنْ بالنظر إلى نوع ونتيجة استناده إلى آيتين من القرآن يُستَنْبَط من رأيه أن هذا اللطف لا يحول دون رغبة النبيّ في الذنب، بل إن هذا اللطف قد يُمْنَح إلى النبيّ عند ارتكاب الذنب أو بعد ذلك.
بَيْدَ أن هذا التفسير للعصمة لا يتناسب مع شأن النبيّ.
يرى ووكر أن النبيّ يوسف× كان بالنظر إلى طبيعته البشرية قد مال إلى زليخا، ولكنّ رؤيته لبرهان ربِّه قد منعه من ارتكاب الذنب.
وقد طلب النبيّ موسى× أن يرى الله، بَيْدَ أن الله نبَّهه إلى خطئه، وقال له: «لن تراني».
إن هذا التعريف منه للطف لا ينسجم مع رأي المسلمين.
إن نظرية اللطف في ماهيّة العصمة قد تمّ بيانها من قِبَل المعتزلة والإماميّة.
فالمعتزلة يرَوْن أن العصمة لطفٌ، ويقولون: إن المعصوم يجتنب الذنب باختياره([123]).
وأما المتكلِّمون من الإمامية فقد لاحظوا اللطف الإلهيّ واختيار المعصوم في تعريفهم لمفهوم العصمة([124]).
كما أن العصمة من وجهة نظر العلاّمة الحلّي لطفٌ يقوم به الله تجاه مَنْ يمتلكها، بحيث لا يبقى لديه دافعٌ إلى ترك الطاعة وإلى فعل المعصية، وإنْ كان قادراً على فعلهما.
إن أسباب هذا اللطف أربعةٌ، وهي: الخصائص الروحيّة أو الجسديّة؛ والعلم بقُبْح المعصية وحُسْن الطاعة؛ وتأكيد هذا العلم بالوَحْي أو الإلهام المتواصل؛ ومعاتبة النبيّ مباشرةً في ما يتعلَّق بترك الأَوْلى؛ ليعلم النبيّ أنه يتمّ توجيه اللوم إليه حتّى في غير الواجبات أيضاً([125]).
وهناك آراء أخرى مطروحة حول ماهيّة العصمة، من قبيل: نظرية العلم بمفاسد الذنوب؛ والحبّ والشوق والاشتياق الإلهيّ؛ وتشديد العقلانية والسيطرة على الغضب والشهوة؛ والإرادة والاختيار([126])؛ ونظريّة المعرفة والإرادة القويّة، وهي من الآراء الهامّة المذكورة في هذا الشأن.
المستند القرآني لـ (ووكر)، دراسةٌ وتحقيق
1ـ الآية 24 من سورة يوسف: يذكر كاتب المقال قصّة النبيّ يوسف كشاهدٍ ودليلٍ على عدم ذاتيّة العصمة، إلاّ أنه يقرِّر ذلك بأن النبيّ يوسف× ـ مثل كلّ إنسان ـ؛ بالنظر إلى طبيعته البشرية، كان يميل إلى الذنب، وعندها يشمله اللطف الإلهيّ قبل ارتكاب الذنب أو عند مباشرته، ويمنعه من اقتراف الذنب.
هذا في حين أن النبيّ يوسف× ـ طبقاً لهذه الآية ـ لم يقترف الذنب، بل لم يقصده أيضاً.
وفي ما يلي نشير إلى هذه الآية، وآراء المفسِّرين لها: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلاَ أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ (يوسف: 24).
إن معنى «هَمَّ» في اللغة هو الإرادة: «همَمْتُ بالشيء هَمّاً إذا أردْتُه»([127]). وهناك مَنْ قال بأنها تعني بداية العزيمة، وأنها تستعمل في مورد إرادة الشيء وعدم فعله([128]). وقال صاحب «التحقيق»: إن «هَمَّ» تعني العزم على أمرٍ مع الشروع في مقدّماته([129]). وهناك مَنْ ذكر أربعة معاني لكلمة «هَمَّ»، وهي: العزم والتصميم القاطع على أمرٍ؛ وخطور مطلب على الذهن؛ والاقتراب، والرغبة والمَيْل الطبيعيّ. ويأتي استعمال «هَمَّ» في المورد الأخير على سبيل المجاز([130]).
لقد اختلف العلماء في تفسير هذه الآية؛ فذهبَتْ جماعةٌ إلى الاعتقاد بأن النبيّ يوسف لم يرتكب أيّ معصيةٍ، كبيرة أو صغيرة؛ وهناك مَنْ قال: إنه عقد العزم على فعل المعصية، ولكنّه انصرف عن ذلك، ولم يفعل ما عزم عليه. وإن الذين ذكروا هذا الرأي، وقالوا بأن النبيّ يوسف قد عزم على فعل المعصية، شحنوا تفسيرهم بمطالب لا تتناسب مع شأن النبيّ، بل لا تناسب مع شأن أيّ عاقلٍ من العقلاء([131]).
كما أن هذه الأمور تتنافى مع الأدلّة على عصمة الأنبياء، وتتنافى مع سياق هذه الآية والآيات الأخرى من سورة يوسف.
إن الآية وصفَتْ النبيّ يوسف بأنه من المُخْلَصين، وأنه جديرٌ بمشاهدة البرهان الإلهيّ. وهذا خيرُ دليلٍ على عصمة النبيّ يوسف×.
وقد تحدَّث الفخر الرازي ـ بالنظر إلى سياق سورة يوسف ـ عن براءة النبيّ يوسف من اقتراف المعصية بشهادة الله، ويوسف، وامرأة العزيز، ونساء مصر، وحتّى الشيطان نفسه([132]).
وقد ذهبَتْ الجماعة الأولى في تبرئة ساحة النبيّ يوسف× من الذنب إلى العمل تارةً على توسيع معنى كلمة «هَمَّ»؛ وتارةً أخرى إلى القول بأن متعلَّق «هَمَّ» شيءٌ آخر غير الفحشاء.
قال السيد المرضى: «إذا كانت وجوه هذه اللفظة مختلفةً متّسعةً، على ما ذكَرْناه، نفَيْنا عن نبيّ الله ما لا يليق به، وهو العَزْم على القبيح، وأجَزْنا باقي الوجوه؛ لأن كلّ واحدٍ منها يليق بحاله»([133]).
وذهب الآلوسي إلى القول بأن زليخا قد هَمَّتْ باقتراف الفاحشة، وأما النبيّ يوسف× فقد حصل له مَيْلٌ إليها؛ بمقتضى طَبْعه البشري، وهو غير اختياريّ، وقال في ذلك: «المعنى أنها قصدَتْ المخالطة، وعزمَتْ عليها عَزْماً جازماً… «وَهَمَّ بها» أي: مال إلى مخالطتها بمقتضى الطبيعة البشريّة، كمَيْل الصائم في اليوم الحارّ إلى الماء البارد. ومثل ذلك لا يكاد يدخل تحت التكليف، لا أنه× قصدها قصداً اختياريّاً؛ لأن ذلك أمرٌ مذمومٌ تنادي الآيات على عدم اتّصافه× به، وإنما عبَّر عنه بالهَمِّ؛ لمجرّد وقوعه في صحبة همِّها في الذكر، بطريق المشاكلة»([134]).
وهناك مَنْ قال: أما همُّها فكان أخبث الهمّ، وأما همُّه× فهو أنه قد هَمَّ بدفعها وضربها. فإنْ قيل: فأيُّ فائدةٍ على هذا التأويل في قوله تعالى: ﴿لَوْلاَ أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾، والدفع لها عن نفسه طاعةٌ لا يصرف البرهان عنها؟ قلنا: يجوز أن يكون لمّا هَمَّ بدفعها وضربها أراه الله تعالى برهاناً على أنه إنْ أقدم على ما هَمَّ به أهلكه أهلُها وقتلوه، أو أنها تدّعي عليه المراودة على القبيح، وتقذفه بأنه دعاها إليه، وضربها لامتناعها منه، فأخبر الله تعالى أنه صرف بالبرهان عنه السُّوء والفحشاء، اللذين هما: القتل؛ والمكروه، أو ظنّ القبيح به، أو اعتقاده فيه»([135]).
وقد ذهب صاحب تفسير المنار إلى الاعتقاد أن الهَمَّ إنما يكون بالأعمال، لا بالشخوص والأعيان. وتحقيق معناه أنه مقاربة فعلٍ تعارض فيه المانع والمقتضي، فلم يقع لرجحان المانع. وهو الموافق لقول علماء الأصول في التعارض الأعمّ. ولكنّ رجحان المانع هنا قد يكون بإرادة صاحب الهَمّ، ومنه هَمُّ يوسف؛ وقد يكون من غيره، ومنه هَمُّ هذه المرأة. كان هَمُّهما واحداً، وهو البطش بالضرب أو ما في معناه، وكان المانع منه إرادته هو، وعجزها هي؛ بهربه»([136]).
وهذا هو الذي ارتضاه الشيخ صالحي النجف آبادي([137]).
وقد انتقد العلاّمة الطباطبائي هذه الأقوال، وذهب إلى القول بأن كلا «الهَمَّين» من سنخٍ واحد، وهو القصد إلى السُّوء والفحشاء. وإن معنى الآية هو: أقسم لقد قصدَتْ يوسف بما تريده منه… وأقسم أنه لولا رؤيته برهان ربِّه لهَمَّ بها، وكاد أن يُجيبها لما تريده منه. ويرى العلاّمة الطباطبائي أن البرهان الذي رآه النبيّ يوسف× هو من سِنْخ العلم، وأن إراءة البرهان للمُخْلَصين يعني العصمة([138]).
ومن الجدير ذكرُه أن بعضاً ـ استناداً إلى الرأي النَّحْوي القائل: إن جواب «لولا» لا يأتي قبل أدواتها ـ قدَّر جواب «لولا» محذوفاً، وقدَّر هذا الفعل المحذوف بـ «لفعل» أو «لخالطها». وعليه، يكون المعنى أن النبيّ يوسف× لو لم يَرَ برهان ربّه لارتكب الفحشاء.
وهناك مَنْ رفض هذا القول، ولم يَرَ إشكالاً في تقديم جواب «لولا»([139]).
وحتّى لو التزمنا بهذه القاعدة النَّحْوية والأدبية يمكن اعتبار «لهَمَّ بها» قرينةً على الفعل المحذوف، واعتبار ذلك جواباً لـ «لولا». وبذلك يثبت بوضوحٍ بالغ وبيانٍ بديع أن النبيّ يوسف× لم يجتنب فعل السُّوء فحَسْب، بل إنه لم يقصده أيضاً.
2ـ الآية 143 من سورة الأعراف: لقد ذكر صاحب المقال دليلاً آخر من القرآن الكريم على عدم ذاتيّة العصمة، وهو أن سؤال النبيّ موسى× أن يرى الله كان خطأً، وقد نبَّهه الله إلى ذلك.
وفي ما يلي نستعرض هذه الآية، ورأي المفسِّرين فيها: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الأعراف: 143).
حيث يجيز الأشاعرة رؤية الله في الآخرة بالعين الجارحة، فقد اعتبروا هذه الآية دليلاً على إمكان رؤية الله، وفسَّروا توبة النبيّ موسى× بالقول: إنه سأل الله الرؤية دون استئذانٍ([140]).
وقد ذهب عموم المفسِّرين إلى القول بأن النبيّ موسى× إنما سأل الله الرؤية على لسان قومه؛ لأن بعض الجاهلين من بني إسرائيل كانوا يُصرُّون على أنهم لن يؤمنوا لموسى حتّى يريهم الله جهرةً([141])، وإن هذا السؤال كان لمجرَّد إسكاتهم؛ ولكنّه حيث لم يستأذن الله في هذا الطلب فقد جاءت توبة النبيّ موسى× من هذه الناحية([142]).
بل هناك مَنْ ذهب إلى الاعتقاد بأن النبيّ موسى× قد تمّ تكليفه من قِبَل الله بهذه المهمّة، وأن يسأل هذا السؤال؛ لكي يسمع الجميع الجواب الشافي والقاطع في هذا الشأن([143]).
وقد تمّ التصريح بهذا المعنى في بعض الروايات أيضاً([144]).
وقال العلاّمة الطباطبائي بأن سؤال النبيّ موسى× لم يكن ناظراً إلى الرؤية البَصَريّة، بل كان يعني بذلك الشهود القلبيّ. وإن كمال العلم الضروريّ سوف يكون ممكناً لعباد الله في يوم القيامة، وأما اللقاء في هذه الدنيا فإنه محالٌ؛ بسبب مكابدة الإنسان في الحصول على احتياجاته الطبيعيّة. وليس من الضروري أن تكون التوبة دائماً من الذنب. وعندما تجلّى الله للجبل أدرك النبيّ موسى أن تلك اللحظة لم تكن مناسبةً لبيان هذا السؤال([145]). وقد رفض العلاّمة الرأي القائل بأن سؤال النبيّ موسى× كان بالنيابة عن القوم، وذكر الإشكالات المترتِّبة على ذلك([146]).
خلاصةٌ واستنتاج
في مقال «العصمة» لم يكن هناك غيابٌ تامّ للاعتماد على المصادر الأولى فحَسْب، بل كان الاعتماد على آيات القرآن الكريم ـ خلافاً للمتوقَّع ـ محدوداً جدّاً.
وقد رأى صاحب المقال ـ اعتماداً على أدلّةٍ واهية ـ أن الشيعة هم الذين ابتدعوا مفهوم العصمة، الأمر الذي يثبت عدم رجوعه إلى المصادر الشيعيّة، بل إلى مصادر أهل السنّة في هذا الشأن أيضاً.
وإن التفسير المذكور في هذا المقال للآيات التي تبدو في ظاهرها متناقضةً مع العصمة لم يكن معقولاً.
وإن كاتب المقال، رغم اعتباره العصمة لطفاً إلهيّاً، لا يقدِّم تعريفاً دقيقاً لهذا اللطف الإلهيّ.
ويبدو أن نقاط ضعف هذه المقالة ونظائرها تعود في الغالب إلى تلك الرؤية التي ذكرها مظفَّر إقبال بكلّ شجاعةٍ ومهنيّة، والتي نعبِّر عنها بشيءٍ من التسامح، حيث نقول: إن أكثر المستشرقين لا يفهمون ظاهرة الوَحْي كما نفهمها نحن في صُلْب الإسلام.
الهوامش
(*) أستاذٌ مساعِدٌ في قسم علوم القرآن والحديث، وعضو الهيئة العلميّة، في جامعة الزهراء÷ في طهران ـ إيران.
(**) عضو الهيئة العلميّة في جامعة قم.
([1]) إن لـ (جين ماك أوليف) الكثير من الأعمال والمؤلَّفات في مجال الدراسات الإسلامية. وفي ما يلي قائمةٌ بكتبه فقط:
– Cambridge Companion to the Qur’an, Cambridge, Cambridge University Press, (2006).
– Encyclopedia of the Qur’an, General Editor, Leiden, Brill Academic Publishers. Six volumes, (2001-2006).
– With Reverence for the Word, Medieval Scriptural Exegesis in Judaism, Christianity and Islam, Co-editor with Joseph Goering and Barry Wall fish, New York, Oxford University Press, (2002).
– Abbasid Authority Affirmed, The Early Years of al-Mansur, Translation, introduction and annotation of vol. 28, Tarikh al – rusul wa al – muluk, (Albany, State University of New York Press, (1995).
– Qur’anic Christians: An Analysis of Classical and Modern Exegesis, New York, Cambridge University Press, (1991).
نقلاً عن:
http://en.wikipedia.org/wiki/Jane_Dammen_McAuliffe
([2]) مظفَّر إقبال من مواليد مدينة لاهور في باكستان. وقد اكتسب الجنسية الكنديّة لاحقاً. وقد كان مختصّاً في مجال الكيمياء، ولكنّ أبحاثه ودراساته تركِّز في الغالب على الصلة بين الإسلام والعلوم، والدراسات القرآنية، والإسلام والغرب. نقلاً عن:
http://www.iequran.com/index.php
لقد بحث مظفَّر إقبال الدراسات الأكاديمية للمستشرقين بشأن القرآن الكريم بشكلٍ دقيق، ولا سيَّما منها دائرة معارف ليدن للقرآن، ودرسها من هذه الزاوية. وإن بعض أعمال مظفَّر إقبال في مجال الدراسات القرآنية كما يلي:
– Inkhila (Uprooting), Book 1 of the fiction trilogy Hijratayn (Exiles), Lahore, The Circle, 1988. In Urdu.
– Abdullah Hussein: From Sad Generations to a Lonely Tiger, South Asian Centre, University of Wisconsin-Madison, 1985. Repr. as Abdullah Hussein: The Chronicler of Sad Generations, Islamabad, Leo Books, 1993.
– Inqta (Severance), Book II of the fiction trilogy Hijratayn (Exiles), Islamabad, Leo Books, 1994. In Urdu.
– Herman Melville: Life and Works, Serialized in Savera, 1995-1998.
– Muzaffar Iqbal and Zafar Ishaq Ansari (Translators), Towards Understanding the Qur’an, Vol. VII, Islamic Foundation, 2001. English translation of Syed Abul Ala Mawdudi’s Tafhim al-Qur’an.
– Islam and Science, Aldershot, Ashgate, 2002. Repr. as Islam and Science: Explorations in the Fundamental Questions of the Islam and Science Discourse, Lahore, Suheyl Academy, 2004.
– Science and Islam, Greenwood Press, 2007. Repr. With Afterword as the Making of Islamic Science Islamic Book Trust, 2009.
– Islam, Science, Muslims, and Technology, Seyyed Hossein Nasr in Conversation with Muzaffar Iqbal, Islamic Book Trust, 2007. Repr. Sherwood Park, al-Qalam Publishing, 2007; Tehran, Institute for Humanities and Cultural Studies, 2008.Islamabad, Dost Publications, 2009.
– Dew on Sunburnt Roses and other Quantum Notes, Dost Publications, 2008.
– Dawn in Madinah: A Pilgrim’s Passage, Islamic Book Trust, 2008. Repr. Dost Publications, 2009.
– Definitive Encounters: Islam, Muslims, and the West, Islamic Book Trust, 2008.
نقلاً عن:
http://en.wikipedia.org/wiki/Muzaffar_Iqbal.
([3]) انظر: مظفَّر إقبال، خاورشناسي ودايره المعارف قرآن ليدن (الاستشراق ودائرة معارف ليدن القرآنية)، فصليّة قرآن پژوهي خاورشناسان (مجلة دراسات قرآنيّة للمستشرقين)، العدد 6: 11 ـ 30، 1388هـ.ش.
لقد بدأت الدراسات الناقدة لدائرة معارف ليدن القرآنية من قِبَل المسلمين بعد صدور المجلّد الأول منها سنة 2001م. وبعد صدور سائر مجلّدات هذه الموسوعة اتّسعت دائرة الدراسات الناقدة لها. وفي الدراسات التي عثَرْنا عليها حول هذه الموسوعة كان نوع النظرة إليها في بعض الموارد متشائماً؛ وفي بعض الموارد الأخرى شديد التفاؤل. وبطبيعة الحال يمكن العثور بين هذا وذاك على بعض الأشخاص الذين نظروا إلى هذه الموسوعة بواقعيّة. (انظر: مظفَّر إقبال، مطالعات أكادميك مستشرقان در مورد قرآن (الدراسات الأكاديمية للمستشرقين بشأن القرآن)، فصلية قرآن پژوهي خاورشناسان (مجلة دراسات قرآنيّة للمستشرقين)، العدد 7، 1388هـ.ش؛ السيد رضا المؤدَّب والسيد محمد الموسوي المقدم، نقد دايرة المعارف قرآن ليدن بر أساس آرا ومباني شيعه (نقد دائرة معارف ليدن القرآنية في ضوء آراء ومباني الشيعة)، مجله شيعه شناسي (مجلة دراسات شيعية)، العدد 23: 105 ـ 144، 1387هـ.ش؛ محمد علي رضائي الإصفهاني، بررسي دايرة المعارف قرآن ليدن (مناقشة دائرة معارف ليدن القرآنية)، مجله قرآن ومستشرقان (مجلة القرآن والمستشرقون)، العدد 1: 43 ـ 70، 1385هـ.ش).
([5]) پول أي. ووكر: مؤرِّخٌ معاصر ومتخصِّص في تاريخ الإسلام في العصور الوسطى، ومدرِّسٌ في جامعة ماك غيل الكندية، وكذلك جامعتي كولومبيا وميشيغان في الولايات المتّحدة الأمريكية. وقد تولّى لعدّة سنوات رئاسة مركز الدراسات والتحقيقات الأمريكية في مصر. وله عدّة مؤلَّفات في تاريخ الإسماعيلية والفاطميين. ومن أعماله ما يلي:
– Early Philosophical Shi’ism, Cambridge University Press, 1993. The Wellsprings of Wisdom: A Study of Abu Yaqub al-Sijistani’s Kitab al-Yanabi, University of Utah Press, 1994.
– Abu Yaqub al-Sijistani: Intellectual Missionary (I. B. Tauris in association with The Institute of Ismaili Studies, 1996), Hamid al-Din al-Kirmani: Ismaili Thought in the Age of al-Hakim, I. B. Tauris in association with The Institute of Ismaili Studies, 1999.
– With Wilferd Madelung, An Ismaili Heresiography, Brill, 1998. The Advent of the Fatimids: A Contemporary Shi’i Witness, I. B. Tauris in association with The Institute of Ismaili Studies, 2000.
للمزيد من الاطّلاع انظر:
http://www.iis.ac.uk/view_person.asp?ID=21&type=auth
([6]) انظر: الذنوب، الصغيرة والكبيرة.
([7]) انظر: الأنبياء والنبوّة.
([8]) انظر: الإلهيّات والقرآن.
([11]) انظر: التشيُّع والقرآن.
([15]) وأما سائر صِيَغ هذه المادّة، التي تمّ استعمالها في القرآن، فهي عبارةٌ عن:
ـ الفعل الثلاثي المجرّد: ﴿…وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ…﴾ (المائدة: 67؛ وكذلك: الأحزاب: 117؛ هود: 43).
ـ الفعل الثلاثي المزيد (الافتعال): ﴿إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ…﴾ (النساء: 146؛ وكذلك: النساء: 175؛ آل عمران: 101، 103؛ الحجّ: 78).
ـ الاستفعال: ﴿…وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ…﴾ (يوسف: 32).
ـ اسم الفاعل: ﴿مَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ﴾ (يونس: 27؛ وانظر أيضاً: هود: 43؛ غافر: 33).
([16]) انظر: الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن (مجمع البيان لعلوم القرآن) 9: 413، تحقيق: هاشم رسولي محلاتي، دار المعرفة، ط2، بيروت، 1408هـ.
([26]) النساء: 163 ـ 165؛ الأنعام: 130؛ الإسراء: 15؛ طه: 134؛ الملك: 8.
([31]) النمل: 59؛ الأعراف: 144؛ الحجّ: 75 و…
([33]) مريم: 58 ـ 59؛ النساء: 69.
([35]) مريم: 58؛ النحل: 120 ـ 121؛ الأنعام: 87.
([37]) الشعراء: 107، 125، 143، 162، 178؛ الدخان: 18.
([39]) انظر: بي بي سادات رضي بهابادي، عصمت أنبيا در قرآن كريم (عصمة الأنبياء في القرآن الكريم): 32 ـ 61، رسالة ماجستير في جامعة طهران، 1377هـ.ش. (مصدر فارسي).
([40]) انظر: عبد الله جوادي الآملي، نزاهت قرآن أز تحريف (تنـزيه القرآن من التحريف): 71، منشورات الإسراء، ط3، قم، 1383هـ.ش. (مصدر فارسي).
([41]) انظر: عبد الله شبّر، تفسير القرآن الكريم 1: 536، دار البلاغة للطباعة والنشر، بيروت، 1412هـ؛ محمد جواد مغنيّة، تفسير الكاشف 7: 443، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1424هـ؛ الفضل بن الحسن الطبرسي، تفسير جوامع الجامع 4: 379، جامعة طهران ومركز إدارة الحوزة العلمية في قم، طهران وقم، 1377هـ.ش؛ محمد بن طاهر (ابن عاشور)، التحرير والتنوير 29: 232، قم.
([42]) انظر: العلاّمة محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 20: 57 ـ 58، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، 1417هـ.
([43]) انظر: محمد بن الحسن الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 6: 337، تحقيق: أحمد حبيب قصير العاملي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
([44]) انظر: حسن مصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن الكريم 7: 289، بنگاه ترجمه ونشر كتاب (شركة ترجمة ونشر الكتب)، طهران، 1360هـ.ش.
([45]) انظر: الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 6: 337؛ الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن 6: 518.
([46]) انظر: مصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن الكريم 3: 103.
([49]) العلامة الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 11: 162.
([51]) See: Esmah in the Encyclopedia of Religion7/405.
([52]) للوقوف على هذه الشبهات، ومعرفة المزيد عنها، انظر: حسن يوسفيان وأحمد حسين شريفي، پژوهشي در عصمت معصومان (بحث في عصمة الأنبياء): 8 ـ 86، پژوهشگاه فرهنگ وأنديشه إسلامي (معهد بحوث الثقافة والفكر الإسلامي)، طهران، 1388هـ.ش. (مصدر فارسي).
([53]) دوايت إم. دونالدسون (1884 ـ 1976م): مستشرقٌ أمريكي، ومبشِّرٌ مسيحيّ تابعٌ للكنيسة المشيخانية. سافر إلى الهند، وأقام في لاهور الباكستانية؛ ليباشر التبشير فيها على مدى ثلاث سنوات. ثمّ انتقل إلى مشهد، وأقام بها لما يقرب من عقدَيْن من الزمن، يحقِّق حول مذهب الشيعة وتاريخ التشيُّع في إيران. وقد ألَّف العديد من الكتب، ولكنّها لا تخرج ـ من وجهة نظر السيد حسين نصر ـ عن الانحياز وعدم الموضوعية في ما يتعلَّق بالإسلام. (المعرِّب).
([54]) انظر: دوايت دونالدسون، عقيدة الشيعة: 328 ـ 330، نقله إلى اللغة العربية: ع ـ م، مكتبة الخانجي، مصر، 1933م.
([55]) انظر: أحمد أمين، ضحى الإسلام: 228 ـ 230، مكتبة النهضة المصرية، مصر، 1964م.
([56]) محمد بن عليّ بن بابويه (الصدوق)، كمال الدين وتمام النعمة 1: 280، الدار الإسلامية، طهران، 1395هـ.ش؛ الصدوق، عيون أخبار الرضا× 1: 64، نشر جهان، طهران، 1378هـ.ش؛ عليّ بن محمد الخزاز الرازي، كفاية الأثر في النصّ على الأئمة الاثني عشر: 19، نشر بيدار، قم، 1401هـ؛ العلاّمة محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار 22: 201؛ 36: 243؛ 36: 281، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1403هـ.
([57]) عليّ بن عيسى الإربلي، كشف الغمّة في معرفة الأئمّة 1: 63، نشر بني هاشمي، تبريز، 1381هـ.ش؛ العلاّمة المجلسي، بحار الأنوار 16: 120.
([59]) محمد بن عمر الواقدي، المغازي 1: 19، نشر دانش إسلامي (دار المعرفة الإسلامية)، قم، 1405هـ.
([60]) العلاّمة المجلسي، بحار الأنوار 10: 439.
([61]) انظر: مسند الإمام أحمد بن حنبل 4: 330، دار صادر، بيروت؛ محمد بن إسماعيل البخاري، صحيح البخاري 3: 182، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، 1401هـ؛ سليمان بن أحمد الطبراني، المعجم الكبير 2: 140، تحقيق وتخريج: حمدي عبد المجيد السلفي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
([62]) انظر: الخطيب البغدادي، تقييد العلم: 80 ـ 81، دار إحياء السنّة النبوية، مصر، 1974م؛ الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين 1: 15 ـ 16، دار المعرفة، بيروت؛ ابن الأثير الجزري، أسد الغابة في معرفة الصحابة 2: 332، مكتبة وهبية، مصر، 1280هـ.
([63]) الواقدي، المغازي 2: 798.
([64]) أبو الحسن عليّ بن إسماعيل الأشعري، مقالات الإسلاميين واختلاف المصلِّين: 48، فرانس شتاينر، ألمانيا.
([65]) انظر: الأسعدي، هشام بن حكم (هشام بن الحكم): 219 ـ 220، پژوهشگاه علوم وفرهنگ إسلامي (معهد بحوث العلوم والثقافة الإسلامية)، طهران، 1388هـ.ش. (مصدر فارسي).
([66]) انظر: الصدوق، علل الشرائع 1: 204، مكتبة الداوري، قم، 1385هـ ـ 1966م.
([67]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة 2: 367.
([68]) الصدوق، معاني الأخبار: 133، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1361هـ.ش.
([69]) انظر: أحمد صفائي، هشام بن حكم (هشام بن الحكم): 44، جامعة طهران، طهران، 1342هـ.ش. (مصدر فارسي).
([70]) انظر: هاشم معروف الحسني، بين التصوُّف والتشيُّع: 117، دار القلم، بيروت، 1979م.
([71]) انظر: عبد الله نعمة، هشام بن الحكم: 203، دار الفكر اللبناني، بيروت، 1404هـ؛ أحمد صفائي، هشام بن حكم (هشام بن الحكم): 44 (مصدر فارسي).
([72]) انظر: الأسعدي، هشام بن حكم (هشام بن الحكم): 189 ـ 190 (مصدر فارسي).
([74]) انظر: الحدود والثغور، الشريعة في القرآن.
([77]) انظر: الضلال / سقوط الإنسان.
([79]) انظر: محمد حسن المظفَّر، دلائل الصدق 1: 598 ـ 600، دار العلم للطباعة، القاهرة، 1396هـ؛ نور الله الحسيني المرعشي، إحقائق الحقّ وإزهاق الباطل 2: 196 ـ 208، مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم.
([80]) انظر: المقداد بن عبد الله السيوري، اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية: 304، تبريز، 1396هـ.ش.
([81]) انظر: ابن ميثم البحراني، قواعد الكلام في علم الكلام: 125، مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم، 1406هـ.
([82]) انظر: القاضي عبد الجبّار المعتزلي، المغني في أبواب التوحيد والعدل 15: 280، الدار المصرية، مصر؛ شرح الأصول الخمسة: 575، مكتبة وهبة، مصر، 1408هـ.
([83]) انظر: سعد الدين التفتازاني، شرح المقاصد: 55، منشورات الشريف الرضي، قم، 1412هـ.
([84]) انظر: فخر الدين الرازي، الأربعين في أصول الدين: 329 ـ 334، مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد دكن، 1353هـ.
([85]) انظر: العلاّمة الحلّي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: 349، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، 1407هـ؛ ابن ميثم البحراني، قواعد الكلام في علم الكلام: 125.
([86]) انظر: محمود الزمخشري، الكشّاف عن حقائق غوامض التنـزيل 1: 129 ـ 130، دار الكتاب العربي، بيروت، 1407هـ.
([87]) انظر: السيوري، اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية: 246.
([88]) انظر: الرازي، الأربعين في أصول الدين: 366؛ المير السيد شريف الإيجي، شرح المواقف 8: 276، منشورات الشريف الرضي، قم.
([89]) انظر: محمود الآلوسي، روح المعاني في تفسير القرآن 26: 89، تحقيق: علي عبد الباري عطية، دار الكتب العلمية، بيروت، 1415هـ؛ الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن 6: 518.
([90]) انظر: الرازي، الأربعين في أصول الدين: 366,
([91]) انظر: الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 9: 314.
([92]) انظر: السيد المرتضى، تنـزيه الأنبياء: 116 ـ 118، منشورات الشريف الرضي، قم.
([93]) العلاّمة الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 18: 254.
([94]) الصدوق، عيون أخبار الرضا× 1: 202.
([95]) انظر: مصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن الكريم 8: 159.
([96]) العلاّمة الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 6: 372.
([97]) انظر: حسن يوسفيان وأحمد حسين شريفي، پژوهشي در عصمت معصومان (بحث في عصمة الأنبياء): 230 (مصدر فارسي).
([98]) انظر: العلاّمة الحلي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: 350؛ السيوري، اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية: 245.
([99]) انظر: الصدوق، مَنْ لا يحضره الفقيه 1: 360، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، 1413هـ.
([100]) انظر: القاضي عبد الجبّار المعتزلي، المغني في أبواب التوحيد والعدل 15: 281.
([101]) انظر: ابن أبي الحديد المعتزلي، شرح نهج البلاغة 7: 719، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1385هـ.
([102]) علي بن محمد الجرجاني، شرح المواقف 8: 26، منشورات الشريف الرضي، قم، 1417هـ.
([103]) انظر: عبد الله جوادي الآملي، تفسير تسنيم 6: 113، حقَّقه: علي إسلامي، منشورات الإسراء، ط3، قم، 1381هـ. (مصدر فارسي).
([104]) حسين بن عبد الله (ابن سينا)، الشفاء (الإلهيّات) 1: 52، مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم، 1404هـ.
([105]) انظر: جعفر السبحاني، الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل 2: 179 ـ 180، المركز العالمي للدراسات الإسلامية، قم، 1411هـ.
([106]) انظر: العلاّمة المجلسي، بحار الأنوار 99: 178.
([107]) انظر: المصدر السابق 36: 244؛ محمد بن يعقوب الكليني، الكافي 1: 202 ـ 203، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1407هـ.
([108]) انظر: الرازي، الأربعين في أصول الدين 3: 213 ـ 215؛ الإيجي، شرح المواقف 8: 269.
([109]) انظر: الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنـزيل 3: 94.
([110]) انظر: السيد المرتضى، تنـزيه الأنبياء 9: 13؛ الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 7: 217؛ الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن 7: 55.
([111]) العلاّمة الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 14: 222.
([112]) انظر: المصدر السابق 1: 137.
([115]) انظر: العلم والمعرفة والتعلم والغفلة.
([116]) انظر: الرؤية (البصر)، السمع.
([118]) انظر: الإيجي، شرح المواقف: 280.
([119]) انظر: التفتازاني، شرح المقاصد 4: 312.
([120]) انظر: حسن يوسفيان وأحمد حسين شريفي، پژوهشي در عصمت معصومان (بحث في عصمة الأنبياء): 34 ـ 36 (مصدر فارسي).
([121]) انظر: إبراهيم: 11؛ الكهف: 110.
([122]) انظر: الأنعام: 87 ـ 88؛ المائدة: 67؛ الجاثية: 18؛ وغيرها من الآيات الأخرى.
([123]) انظر: ابن أبي الحديد المعتزلي، شرح نهج البلاغة 7: 8.
([124]) انظر: المفيد، شرح عقائد الصدوق أو تصحيح الاعتقاد: 214 ـ 215، مكتبة سروش، تبريز، 1364هـ.ش؛ العلاّمة الحلّي، الباب الحادي عشر: 37، مؤسّسة الدراسات الإسلامية، جامعة مك گيل، 1364هـ.ش؛ السيوري، اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية: 245.
([125]) العلاّمة الحلّي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: 365.
([126]) انظر: علي رضا عظيمي فر، قرآن وعصمت أهل بيت (القرآن وعصمة أهل البيت): 123 ـ 136، انتشارات مهر أمير المؤمنين×، قم، 1389هـ.ش. (مصدر فارسي).
([127]) إسماعيل بن حمّاد الجوهري، الصحاح 5: 2061، دار العلم للملايين، بيروت.
([128]) أحمد بن محمد الفيّومي، المصباح المنير 2: 641، مؤسّسة دار الهجرة، قم، 1372هـ.ش.
([129]) انظر: مصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن الكريم 11: 286.
([130]) انظر: السيد المرتضى، تنـزيه الأنبياء: 47؛ الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن 5: 341.
([131]) انظر: حسين بن مسعود البغوي، معالم التنـزيل في تفسير القرآن 2: 484 ـ 486، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1420هـ؛ محمد بن جرير الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن 12: 109 ـ 112، دار المعرفة، بيروت، 1412هـ.
([132]) انظر: فخر الدين الرازي، التفسير الكبير 18: 440 ـ 441، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1420هـ.
([133]) السيد المرتضى، تنـزيه الأنبياء: 48.
([134]) الآلوسي، روح المعاني في تفسير القرآن 12: 213 ـ 214.
([135]) السيد المرتضى، تنـزيه الأنبياء: 50.
([136]) محمد رشيد رضا، تفسير القرآن الحكيم (الشهير بتفسير المنار) 12: 277 ـ 286، دار المعرفة، ط2، بيروت، 1393هـ ـ 1973م.
([137]) انظر: صالحي النجف آبادي، جمال إنسانيت يا تفسير سوره يوسف: 65 ـ 80، نشر دانش إسلامي (دار المعرفة الإسلامية)، طهران، 1364هـ.ش. (مصدر فارسي).
([138]) انظر: العلاّمة الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 11: 120 ـ 140.
([139]) انظر: الرازي، التفسير الكبير 18: 441 ـ 442.
([140]) انظر: المصدر السابق 14: 229 ـ 235؛ الآلوسي، روح المعاني في تفسير القرآن 9: 45 ـ 55.
([141]) انظر: البقرة: 55؛ النساء: 153.
([142]) انظر: الزمخشري، الكشّاف عن حقائق غوامض التنـزيل 2: 52 ـ 56؛ السيد المرتضى، تنـزيه الأنبياء: 75 ـ 79؛ الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن 4: 730 ـ 732.
([143]) انظر: ناصر مكارم الشيرازي ومساعدوه، تفسير نمونه (التفسير الأمثل) 6: 356، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1374هـ.ش.
([144]) انظر: انظر: العلاّمة المجلسي، بحار الأنوار 4: 45 ـ 46.
([145]) انظر: العلاّمة الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 8: 237 ـ 243.