أحدث المقالات

تعريف علم الاصول

العلم هو مجموعة ابحاث منظمة وفق منهج واضح في ميدان معين تؤدي الى قواعد متناسقة، و ميدان اصول الفقه هو ادلة الفقه و منهجه هو المنهج العقلائي المعتبر شرعا. قال السيد المرتضى (أن الكلام في أصول الفقه إنما هو على الحقيقة كلام في أدلة الفقه، يدل على أنا إذا تأملنا ما يسمى بأنه أصول الفقه، وجدناه لا يخرج من أن يكون موصلا إلى العلم بالفقه أو متعلقا به وطريقا إلى ما هذه صفته، والاختبار يحقق ذلك.)  وقال الشيخ الطوسي (أصول الفقه هي أدلة الفقه، وإذا تكلمنا في هذه الادلة فقد نتكلم فيما تقتضيه من إيجاب وندب وإباحة وغير ذلك من الاقسام على طريق الجملة. وليس يلزم على ذلك  أن تكون الادلة الموصلة إلى فروع الفقه الكلام فيها كلاما في اصول الفقه  لان هذه الادلة  أدلة على تعيين المسائل والكلام في الجملة غير الكلام في التفصيل). ومن هنا يمكن القول ان علم اصول الفقه هو مجوعة الابحاث المنظمة المختصة بدراسة ادلة الفقه وفق المنهج العقلائي. حيث ان البحث الاصولي انما هو بحث و دراسة في خصائص ادلة الفقه بهدف تحصيل  قواعد عامة بخصوصها فالعلم هو نفس المسائل المجموعة بوحدة تركيبية معينة في وعائها المناسب لها سواء أدركها الانسان أم لم يدركها، ودليل ذلك التبادر العرفي من إطلاق كلمة العلم.

تأثير علم اصول الفقه في الفكر الاسلامي

لا ريب ان اهم واولى المحاولات نحو نظرية معرفة للمعلوم في الواقع الاسلامي كان من خلال البحث الاصولي، حيث انه عمد الى الاجابة عن تساؤلات واشكالات فكرية تخص الوظيفة تجاه الخطاب الشرعي والعمل بأمر الشريعة، مما كان له تأثيره الواضح في العقل الاسلامي، يقول احمد القدسي (إنّ الفكر الاُصولي وقد وضِعت دعائمه وانعقدت نطفته منذ عصر الأئمّة (عليهم السلام) بل منذ عصر النبي(صلى الله عليه وآله)، ذلك العصر الذي شهد ظهور الفقه، وتحرك فيه فقهاء الاُمّة ليسترفدوا من الكتاب والسنّة ـ بل إجماع المسلمين ودليل العقل أحياناً ـ لاستنباط الأحكام الالهيّة فإحتاجوا إلى معرفة أدلّة الأحكام الفقهيّة والمنابع الأصلية لها والإحاطة الدقيقة بمنابعها الأساسيّة وحدودها وخصوصيّاتها على أحسن وجه،) (احمد القدسي 1993) يقول حميد الوافي (أثر علم الأصول في بنية الفكر الإسلامي، أو العقل الإسلامي من خلال نقطتين اثنتين: العقل المؤسس لنظريات المعرفة في العلوم الإسلامية، والعقل القائد للأمة في معترك الحياة لبناء أجوبة وبدائل عن إشكالات الواقع وتجاوز إكراهاته.) (حميد الوافي 2013)

ولا ريب ايضا في بلوغ علم اصول الفقه مراحل متقدمة في الابحاث الجزئية، وتوسع البحث في مسائله بحسب النظرة المتعمقة في الجزئي ومظاهره، يقول احمد القدسي (ولكن كلّما اتّسع نطاق علم الفقه وظهرت فيه فروع مستحدثة اتّسع بموازاته نطاق علم الاُصول إلى يومنا هذا، حتّى صار من أوسع العلوم وأعقدها، مملوّاً من دقائق عقليّة ونقليّة، وهكذا يتّسع يوماً بعد يوم. ) ( احمد القدسي 1993). الا ان هذه المنهجية لم تبق مقتصرة على فكرة المقدمية لعملية الاستنباط، بل عمد البحث الاصول على المناقشة و البحث في مقدمات الاصول فاسهم اسهاما فاعلا في تحقيق بناءات فكرية و عقلية عجزت الفلسفة عن تحقيقها يقول محمد باقر الصدر (تناول علم الاصول جملة من قضايا الفلسفة والمنطق التي تتصل بأهدافه، وأبدع فيها إبداعا أصيلا لا نجده في البحث الفلسفي التقليدي، ولهذا يمكننا القول بأن الفكر الذي أعطاه علم الاصول في المجالات التي درسها من الفلسفة والمنطق أكثر جدة من الفكر الذي قدمته فلسفة الفلاسفة المسلمين نفسهم في تلك المجالات. ) ( محمد باقر الصدر 1965)

مظاهر عقلائية البحث الاصولي

بينما كان اساس ظهور الابحاث الاصول لأجل معالجة تحديات الفهم للخطاب الشرعي وكونها مقدمة لعملية الاستنباط الفقهي، كما يقول محمد الصدر (نشأ علم الاصول في أحضان علم الفقه، كما نشأ علم الفقه في أحضان علم الحديث تبعا للمراحل التي مر بها علم الشريعة.

ونريد بعلم الشريعة العلم الذي يحاول التعرف على الاحكام التي جاء الاسلام بها من عند الله تعالى) (محمد الصدر 1965) الا انه و كما هو ظاهر قد اتسعت الابحاث الاصولية في تناولاتها و مناهجها، حتى انها اصبحت تنحى منحى تجمع فكري و عقلي لمجموعة علوم تجمع تحت عناوين شتى، الا ان الثابت و الظاهر ان التوسع الذي حصل في الابحاث الاصولية جعل من غير المتيسر وصفها مقدمة للفقه، وصارت الابحاث الاصولية تطرح نفسها كمنظومة عقلية لنظام الاحتجاج العقلائي العام وكنظرة عامة للشريعة وعلاقتها بالإنسان والحياة، من هنا كانت الحاجة ملحة لقراءة علم اصول الفقه كنظرية عامة  للاحتجاج العقلائي تتجاوز حدود المقدمية التي كانت سبب ظهوره الاول.

من الواضح ان هناك حقائق كثيرة جدا تدعو الى ان يكون بحث المسائل الاصولية وفق نظرة متعالية عن الجزئي، و بما يحقق غايات البحث الاصولي من تقعيد القواعد وتنقيح مقدمة الاستنباط. وهم تلك الامور اولا ان البحث الاصولي في حقيقته يرجع الى بحث الحجية العقلائية، وهو يخضع لمنظومة الفكر كما لا يخفى.  وثانيا  عقلائية منهج البحث الاصولي، وهذا ايضا خاضع لمنظومة الفكر. وثالثا المادة التطبيقية للقاعدة الاصولية هي النصوص، وهي مكونات لغوية، واللغة ايضا خاضع لمنظومة الفكر. ورابعا  ان مبادئ البحث الاصولي من لغة ومنطق ونظرية معرفة ترجع الى منظومة الفكر وخامسا: من النادر ان نجد مستحدثات شرعية مخصصة لقواعد العقلاء، بل عند التأمل لا نجد تخصيصا، فيرجع الامر كله الى منظومة الفكر.

من هنا يكون من المفيد فعلا، الاتجاه بشكل اكثر مركزية على الاقل لرسم حدود الفرضيات التي تصح، ولا يكون هناك انعتاق و طلاقة في الفرضيات.

ان الدعوة ومنهجية بحث المسالة الاصولية من منظور انظمة الفكر وسلوك العقلاء – وكما سنبين – ليس اتجاه نحو ميتافيزيقا الاصول ولا فلسفة متعالية، ولا صنع انظمة شعرية خيالية، بل هو نهج علمي كلي جامع بين الشتات، يعطي حلولا جوهرية وناجعة وحقيقة، تعتمد اليقين والواقع ولا تقبل بالشك ولا بالظن مطلقا، و لا تسلم الا لما هو صلد وثابت كمعرفة انسانية، فالبحث العلمي المتعالي لمسائل الاصول مضيق في جميع جوانب البحث الاصولي، فهو يضيق مواضيع المسائل الى ما هو اعلى واشمل واجمع برد مسائل متعددة الى جامع فكري وعلاقاتي اعم، واضيق من حيث المنهج، باعتماده الثابت وجدانا وعرفا بحيث لا يقبل الريب وهذا هو المفروض في الحجة الاصولية.

علم الاصول ونظرية الشريعة

  امكانية تحقيق نظرة شاملة لعلوم الشريعة بل وجوانب الحياة العامة مستلة من قواعد الاصول وما حققه من انجازات امر قريب، اذا ما سملنا بان علم الاصول في جوهره بحث في نظام الاحتجاج العقلائي، وكذلك الكلام على القول بان اساس وظيفته التعامل مع الخطاب الشرعي يقول حميد الوافي (اليوم حين ننظر في بناء المثقف المسلم أو بناء الداعية المسلم أو بناء الفقيه المسلم فيما يتلقاه من علوم ومعارف تؤهله لهذا النظر، نلحظ أن هذه العلوم تكاد تكون علوما عبارة عن جزر لا علاقة بينها، غياب كثير من وجوه التكامل بين هذه العلوم، وسأقترح ههنا عددا من الاعتبارات في علوم تكاد تكون إما مسلما فيها حضور الأصول، أو حاجتها إلى الأصول تبدو قوية وملحة. بالنسبة للفقه حضور الأصول فيه يكاد يكون مكتسبا تاريخيا لا يحتاج إلى نقاش، بالنسبة لفقه الحديث الأمر فيه يحتاج إلى مناظرة وتنظير لمدى قوة علم الأصول في تحقيق فقه مكين بالسنة النبوية،. .  بالنسبة لعلوم القرآن والتفسير أيضا نرى أن أصول الفقه ينبغي أن يكون حاضرا في صياغة علوم التفسير،. . . ثم أنتقل بعد ذلك. .  إلى علم العقيدة والتوحيد، لأقرر أن علم العقيدة بشقيه النظري العقلي القائم على نوع من الحجاج في الإثبات والنفي، أو علم العقيدة باعتباره منهجا في فقه النصوص الشرعية الواردة في الباب، باب الأسماء والصفات، أيضا حضور أصول الفقه في هذا المقام حضور ضروري وقوي،) (حميد الوافي 2013 )

 بل يمكن الذهاب ابعد من ذلك واعتمادا على ما لأصول الفقه من نضج في قواعده وابحاثه فيمكن القول بأهلية اصول الفقه لان تكون منهجا عاما للتعامل مع مشكلات الانسان و انظمة العلاقة بين ابناء الامة  بل و البشر جمعاء يقول حميد الوافي (( أننا اليوم حين ننظر في إشكالات الواقع الإسلامي المعاصر، والأمة تسعى إلى أن تستعيد رسالتها، وأن تتمثل وظيفتها التي أخرجت من أجلها، نرى أن الأمة لا تشكو من قلة في المبادئ، ونصوص الوحي ثابتة ثبات من أقام الأمر أول الأمر، لكن المشكلة إنما هي: كيف يتم فهم الخطاب الشرعي؟ وكيف يتم تنزيله على معطيات الواقع ومتغيرات أحوال الناس؟. . . ومن هذا التصور أحسب أن علم أصول الفقه، بما يمدنا به من أدوات وقواعد، قادر على أن يوضح لنا الطريق )  ( حميد الوافي 2013 )

مرجعيات منهج البحث الاوصولي

 مع ان علم الاصول او بعبارة اوسع علم الاحتجاج العقلائي يبحث في منظومة الاحتجاج العقلائي و انظمة الفكر و الوعي بالخارج، الا ان ذلك لا يترك المجال متفوحا للتنظير الفلسفي و الاجتهادات غير المرتكزة على اليقين، لان اصدار احكام على الواقع لا بد ان تكون من واقع اكثر صلابة منه، وليس مجرد تأملات وظنون، لذلك لا يصح الدخول والبناء لأية قاعدة او فهم اصولي من دون الاستناد الى معارف يقينية ظاهرة، و ذلك محصور بلا شك في القران الكريم والسنة القطعية، واحكام العقل  الفطرية لان الاسلام دين العقل و الفطرة. وهذا الامر يستدعي ترتيبا للفهم الاصولي ومراجعة لأطر ومواطن قد اعتمدت كالقياس مثلا يقول حميد الوافي (أن الرؤية إنما تكون في الكتاب والسنة، المرجعية للعقل الإسلامي اليوم هي الكتاب والسنة، وبهذا التقدير سنلغي كثيرا من أسباب الخلاف والشقاق بين مختلف اتجاهات الفكر الإسلامي المعاصر، أي إننا نحاول أن نوحد المرجعية، فتوحد الأمة من مختلف أطيافها واتجاهاتها في مرجعية واحدة هي الكتاب والسنة، فالأدلة المختلف فيها، وهذه نماذج من النظر ينبغي أن يعاد فيها النظر لنخلها وتبين موقعها حقيقة في بنية المنهج الأصولي، واعتبار القياس أيضا من هذا النظر من الأدلة المتفق عليها1 يحتاج إلى نظر، وهو النظر القاضي بأن يكون الأمر كله إلى الكتاب والسنة، وما سواه فله موقع آخر في بنية الفكر الأصولي ) ( حميد الوافي 2013 ). وبداهة حجية العقل و مركزيته في الشريعة  بفطرية الشريعة و اعتماد اصل التكليف  بالاعتقاد و اليقين  في الدين على العقل  مما لا ريب فيه، يقول الشيخ المفيد (إن أكثر الموحدين افتتحوا كلامهم في إرشاد المبتدءين بالقول في أول فرائض الله تعالى على عباده المكلفين فكان ترتيب ذلك أن سأل سائل.  فقال ما أول فرض الله على عباده المكلفين قيل له النظر في أدلته. فإن قال ما الدليل على ذلك فقل لأنه سبحانه قد فرض معرفته ولا سبيل إلى معرفته إلا بالنظر في أدلته. وهذا الكلام صحيح غير أنه لا بد فيه من المعرفة بالنظر ليعلم المكلف ما الذي عليه من ذلك فرض. . .  فإن قال ما النظر فقل هو استعمال العقل في الوصول إلى الغائب باعتبار دلالة الحاضر. . .  فإن قال ما العقل فقل العقل معنى يتميز به من معرفة المستنبطات و يسمى عقلا لأنه يعقل عن المقبحات.)

اثر البحث الاصولي الواقعي على النتاج الفقهي

من اكبر المشاكل التي يعاني منها الفقه اليوم هو ظاهرة الاختلافات التي تستنزف الكثير من الارواح و الاموال و الجهد الاسلامي، وهذا الامر هو الدافع الاهم لهذه المعالجة و الاطروحة، اذ ما عاد مقبولا الركون الى مسالة تعدد المشارب و المدارس في فهم الخطاب الشرعي، ولا يبدو الامر سهلا الا بانتهاج طريقة واضحة نحو وحدة في اصول الفقه والاحتجاج العقلي العام، الشامل لجميع جوانب النظر في الشريعة و تناولاتها للحياة.  ان من اهم ما يمكن ان يقدمه البحث الاصولي المنطلق من رؤى موحدة و يقينية غير مزيفة ولا واهمة، هو توحيد الوعي بالواقع و اوامر الشريعة، فيقل الاختلاف الاجتهادي بل يضمحل ويتلاشى يقول حميد الوافي (أن كثيرا من الاجتهادات في سياق فقه الكتاب والسنة، تضطرب رؤيتها في بنية الأحكام الشرعية، وحين تضطرب هذه الفكرة أو هذه النظريات ينشأ عن ذلك نوع من الجفاء في مختلف مكونات الفكر الإسلامي المعاصر، مما يجعل أولوياته في الكسب الاجتماعي والسياسي والثقافي لا تتجه إلى المطلوب شرعا، بل ترتد إلى أن تشكل جيوبا للإيذاء بين المسلمين العاملين على نفس المشروع الفكري والثقافي الكبير. . . . .  والأصول، يمدنا  بإدراك دقيق لواقع المكلف المسلم، سواء كان فردا أو مؤسسة ) (حميد الوافي 2013 )

منهج البحث الاصولي

  لا يختلف استعمال كلمة المنهج في الابحاث العلمية عن معناها اللغوي فهو بمعنى طريقة البحث و هذا ظاهر و مع انه قليلا ما يتعرض الاصوليون الى منهج البحث الاصولي الا ان هناك تناولين واضحين للمنهج في كلمات من تعرض له: الاول هو بيان كيفية التوصل الى القواعد في علم الاصول، وهذا هو المناسب لمفهوم المنهج حيث انه طريقة البحث، و الثاني هو بيان منهجية تبويب المباحث.

ان منهج علم الاصول هو المنهج العقلائي، و يكفي فيه كل ما يحقق الاعتبار المعرفي العقلائي الذي يطمأن اليه بلا شك او ريب. و لا ريب في تأثر منهج البحث بمبادئه، ومبادئ علم الاصول قد تكون عقلية او عرفية او لغوية او شرعية مستحدثة، والتي يجمعها المعرفة العقلائية الشرعية فمنهج علم الاصول هو المنهج العقلائي الشرعي، و الظاهر هو كفاية اطمئنانية المعرفة العرفية او اللغوية او الشرعية أي تحقيقيها للمبرر العقلائي لدرجة عالية من الاستقرار التي لا يتطرق اليها الاحتمال، و من هنا  يظهر الاشكال في اعتماد المعرفة العقلية الاستقلالية الدقية غير المصدقة بالوجدان و التي هي معارف اختصاصية  و ليست احكاما عقلائية عامة كما يعتقد.

 

تبويب الابحاث الاصولية

يعاني الترتيب المعهود  لأبحاث اصول الفقه و موضوعاته المطروحة فيه من الكثير من المشاكل، التي اشار اليها الكثيرون يقول احمد القدسي (يمكن تلخيص مشاكل علم الاُصول في عدّة أمور: 1 ـ وجود مسائل تُعدّ في الواقع من مبادئ علم الاُصول، ولكنّها امتزجت مع المسائل الأصلية. . . .  2 ـ عدم وجود بعض المسائل التي كانت مطروحة في كتب السابقين. . . . 3 ـ توسّع بعض المسائل نظير مبحث الانسداد توسّعاً يوجب تضييع عدّة شهور. . . 4 ـ عدم طرح كثير من المسائل في موضعها اللائق المناسب.  ) ( احمد القدسي 1993) ويقول محمد تقي الحكيم (أن طبيعة البحث في أصول الفقه المقارن تدعونا إلى ان نمهد لها ببحوث تتصل اتصالا مباشرا او غير مباشر بقسم من هذه الاصول وتلقي بعض الاضواء عليها.  وقد اعتاد كثير من الاصوليين ان يبحثوا قسما منها فيما لابسته من المباحث الاصولية وكأنها من صميمها مع أن أكثرها من المبادئ، فناسب ذكرها من وجه منهجية في بحوث التمهيد ) ( محمد تقي الحكيم 1979)

و من المشاكل الاخرى في البحث الاصولي عموما هو ايراد مسائل من الاصول المقارن في الابحاث الاصولية مع ان الاصول المقارنة له مناهجه و غايته الخاصة به، يقول محمد تقي الحكيم  (الغاية من علم الاصول تحصيل القدرة على استنباط الاحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، بينما نرى أن الغاية من أصول الفقه المقارن هي الفصل بين آراء المجتهدين بتقديم أمثلها وأقربها إلى الدليلية،. . . فهما يلتقيان في طبيعة مسائلهما وتشابه موضوعاتها، ويفترقان في الغاية من بحثهما وفي منهج البحث، ثم في سعته في أحدهما وضيقه في الآخر) ( محمد الحكيم 1979)

  كل كيان معتبر في نظام الشرع ومنه المعرفة الاصولية يبحث من جهتين، الشارعية بانه معتبر شرعا،و الوسائلية التي تهتم بالصفات الكيانية و النظامية التي تدخل في المجال الوظيفي له. ان البحث العلمي الموافق لطبيعة الادراك التحليلية لا يتناول صفات الكيان الا بعد اثبات وجوده و وجود الكيان النظامي هو اعتباره في ذلك النظام فغير المعتبر هو بحكم العدم فيه فلا بد من تقديم بحث الشارعية او الاعتبار على البحث  الوسائلي. ومن هنا يكون من الضروري وجود وحدات اصولية لا تحتاج دليليتها الى اثبات دليلي لينتج تطور في البناء المعرفي والا كانت معرفة دائرية غير متطورة.

الشرع الاسلامي نظام قانوني دستوري وكل نظام من هذا النوع فيه معتبرات اولية الحجية محورية تكون حجيتها مقطوع بها فيه هي الادلة الاصلية في الشرع و معتبرات ثانوية الحجية تكون حجيتها متفرعة عن الاولى هي الادلة التبعية فيه، والاول القران و السنة القطعية والثاني اما عقلي او نقلي. قال الشيخ الطوسي والاصل في هذه الاصول (اي اصول الفقه) الخطاب، أو ما كان طريقا إلى اثبات الخطاب، أو ما كان الخطاب طريقا إليه -الى ان قال- والاولى في تقديم هذه الاصول الكلام في الاخبار، وبيان أحكامها، وكيفية أقسامها، لأنها الطريق إلى اثبات الخطاب. ثم الكلام في أقسام الخطاب. ثم الكلام في الافعال لأنها متأخرة عن العلم بالخطاب. و لحقيقة ان البحث الاصولي احتجاج كان يفترض ان تبوب ابوابه حسب الثبوت فيقدم المقدم ثبوتا على ما يليه و يتفرع منه الا اننا نرى في التبويب المعهودة قفزا بين هذه الجهات فيحتج  بالاستصحاب مثلا في اول مباحث الاصول مع ان بحث حجية  الاستصحاب يوضع عادة في نهاية الابحاث. لذلك يكون مهما ترتيب الابحاث الى اصلية ثابتة و فرعية تتفرع عليها و قائمة في ثبوتها و حجيتها على ما يتقدمها  وعلى هذا المنوال سيكون تبويب ابحاثنا. والله الموفق.

المصادر

  • الشيخ محمد بن محمد المفيد: النكت في مقدمات الأصول   336-413 ه
  • السيد علي بن الحسين المرتضى: الذريعة في اصول الشيعة   355-436 ه
  • الشيخ محمد بن الحسن الطوسي: العدة في اصول الفقه 385 – 460 ه‍
  • احمد القدسي: انوار الاصول 1414 ه (1993)
  • محمد تقي: الحكيم الاصول العامة للفقه المقارن 1979
  • محمد باقر الصدر: المعالم الجديدة للأصول 1385 ( 1965)
  • حميد الوافي أثر علم أصول الفقه في بنية الفكر الإسلامي المعاصر” 2013
Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً