أحدث المقالات
نعني بالأبعاد الاجتماعية والقيمية هنا، هو ما تستهدفه العقيدة من التأثير على الجوانب التربوية والاجتماعية والنفسية والاخلاقية للفرد والمجتمع على نحو شامل، بحيث تكون حاضرة في مختلف المناشط الحياتية وتعاملاتها. أن العقيدة التي يعتقدها الإنسان، أياً كانت، حتى عقيدة "اللاعقيدة" – إذا جاز هذا التعبير- تترك آثارها وبصماتها على نفسية الفرد وعلى سلوكه بشكلٍ تلقائي. ويزداد تأثيرها ويتعمق كلما كانت العقيدة واضحة ومتجذرة عند صاحبها وكلما كان مستوى تصديقه لها قوياً. فالعقيدة هي من أهم العوامل التي تسهم في تشكيل نظرات الإنسان وصياغة مفاهيمه عن الحياة وطبيعتها، ومبدئها ومآلها، ومن ثم تنعكس هذه المفاهيم على نمط علاقاته وأسلوب تبادله لحقوقه وأدائه لواجباته وقيامه بمسؤولياته، بل في تقرير طبيعة تلكم الحقوق والواجبات والمسؤوليات. فالعقيدة هي أحد الموجهات المهمة للعلاقات الاجتماعية، الى جانب عوامل ومؤثرات أخرى، تتفاعل معها وتتبادل التأثير والتأثر، كالتربية والتنشئة الاجتماعية والثقافية، والتي هي الأخرى لا تخلو من تأثير واضح للعقيدة عليها.
والعقيدة الإسلامية ليست أفكاراً نظرية بحتة تجول في الأذهان، وتفرغ في الكتب والأسفار وسائر وسائل التناقل الفكري. ولا هي مفاهيم تجريدية محضة يحلق بها روادها الى عوالم متعالية عن عامة الناس وسوادهم الاعظم. بل هي بذاتها تتسم بأبعاد اجتماعية، وتختزن في عمقها دلالات ومضامين تتجاوز فضاءات الأذهان، لتعم بإشعاعاتها كافة مناشط الحياة وتتفاعل مع حركة الإنسان في مختلف مجالات الحياة. وهذه السمة التي تتصف بها العقيدة الإسلامية، تنسجم مع الطبيعة الاجتماعية للإنسان الذي قرر فلاسفة الاجتماع أنه اجتماعي بطبعه، والأمر الذي أثبتته التجربة الاجتماعية للانسان.
وتظهر الحقيقة السالفة واضحة عند التدبر في القرآن الكريم، والتأمل في المبادئ العقدية الإسلامية. فعقيدة التوحيد تشمل مستوى الاعتقاد والعبادة والعمل، وتستهدف تحرير الإنسان من الخضوع لكل أنماط الصنمية والوثنية سواء تمثلت في الأشكال الحجرية والتمرية والخشبية، أو تجلت في طغيان سائر القوى البشرية والشهوية والمالية، وتنزيهه عن عبادة جميع المعبودات الوهمية الأرضية، ومن المنظومة القيمية الاخلاقية والاجتماعية التي تتشكل في ظلها او تستمد منها، ومن أسلوب التفكير الذي تمليه تلكم المعبودات ونمط العيش الذي تفرضه. يقول سبحانه: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم) "الجاثية/23". ويقول تعالى: (أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) يوسف/39.
وتستهدف عقيدة التوحيد بشكل متواز لذلك, جعل الإنسان ومن حوله الحياة بحركتها ومناهجها ليكونا سائرين على طريق الإيمان، على نحو يغدو وجود الله سبحانه وتعالى وتوحيده وإرادته وتدبيره لكل ذرة من ذرات الوجود المفتقرة الى غناه المطلق، حاضراً في أعماق الإنسان ووجدانه، ومتجليا في علاقاته ومبادلاته وممارساته اليومية، حتى تتناغم مكنونات النفس ومرتكزات الفطرة مع حركة الإنسان وسلوكه الاجتماعي، وتتسق موجبات الامانة الإلهية ومقتضيات الخلافة الربانية، وتتجانس سنن التكوين مع سنن التشريع والاجتماع، فتأمن مسيرة التاريخ من الاهتزازات والانزلاقات. (إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين) الأنعام/79. (إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) الأنعام/162.
إن عقيدة التوحيد والمعايير القيمية المنبثقة منها تشمل الحياة بأسرها، وتأبى بطبيعتها الانزواء في ركن من أركانها أو الانعزال في زاوية من زواياها. إن الترابط بين العقيدة والقيم الاجتماعية العليا حقيقة تبرزها الكثير من آيات القرآن الكريم التي تقرن الايمان بالله واليوم الاخر وعموم الغيب، بالعمل الصالح, كما تربط بين الصلاة والزكاة والانفاق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والولاية والبراءة والتمكين في الأرض، وطاعة الله والرسول وأولي الأمر المجسدين لتعاليمهما، وغيرها من المبادئ الاسلامية السامية. يقول سبحانه: (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) البقرة/3. ويقول سبحانه: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله) التوبة/71، ويقول عزَّ من قائل: (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله) المجادلة/22. ويقول جل وعلا: (الذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتو الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر) الحج/41.
والإيمان كما يؤسس حقوقاً للمسلم على الغير، يرتب عليه في المقابل واجبات ومسؤوليات دينية واجتماعية يعبر عنها الفقه الاسلامي "بحقوق الله وحقوق العباد" وهي متنوعة بتنوع مجالات الحياة وحاجاتها. وغنيٌ عن القول، أن مفاهيم العمل الصالح والمعروف والخير تحمل مدلولات اجتماعية مرنة ولا تتجمد عند تعريفات معينة او مصاديق ونماذج محددة. فهي تشمل ابتداءً الكلمة الطيبة وإعانة المحتاج ورعاية اليتيم على المستوى الفردي، مرورا بإقامة الاعمال المؤسساتية الانسانية وانتهاء بإقامة العدل والقسط وإشاعة الامن النفسي والاجتماعي في المجتمع البشري، ومناصرة قضايا الحق والعدل فيه. وكذلك الحال بالنسبة للمنكر، فهو يشمل كافة المنكرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والاخلاقية، سواء كانت تمارس على المستوى الفردي أم المؤسساتي أم المجتمعاتي أم الدولي. ومن هنا، تنوع الخطاب القرآني بالنسبة لمزاولة فريضتي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما تنوع التصنيف الفقهي لهما الى عيني وكفائي وفردي وجماعي.
.. إن العقيدة ومضمونها الاجتماعي لا ينفصلان في القرآن الكريم كما نلاحظه في العديد من السور والآيات القرانية التي تشدد في التأكيد على هذه القضية، كسورة الماعون التي نقرأ فيها: (أرايت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين فويلٌ للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون) الماعون 1/7. ويعدد القران الكريم موجبات استحقاق العقاب الاخروي على لسان بعض الذين أستحقوه، فيذكر أمورا عبادية واجتماعية وعقدية بشكل مترابط. (قالوا ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين، وكنا نكذب بيوم الدين) المدثر/47. وتزداد هذه الحقيقة القرآنية وضوحاً، في رفض القران الكريم إجراء مقارنة أو مفاضلة بين من يقوم ببعض الخدمات التي تترك أصداءً ظاهرية في المجتمع، وبين الايمان بالله واليوم الاخر مقروناً بالجهاد في سبيل الله سبحانه، يقول تعالى: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيله لا يستوون عند الله) التوبة/20. ويبلغ هذا التلاحم بين الايمان ومضامينه القيمية ذروته في القران الكريم عند ربطه بين القتال في سبيل الله والقتال في سبيل المستضعفين من الناس، يقول سبحانه: (ومالكم لا تقاتلون في سيبل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها) النساء/75.
وسبيل الله -كما يؤكد الفقيه والمفكر محمد باقر الصدر- هو التعبير التجريدي عن السبيل لخدمة الانسان، وسبيله سبحانه وتعالى، دائماً يعادل من الوجهة العملية سبيل الانسانية جمعاء، وكلما جاء سبيل الله في الشريعة، أمكن أن يعني ذلك تماماً في سيبل الناس أجمعين. (خاتمة الفتاوى الواضحة 603). وبعد، فإذا كان سبيل الله تعالى تعبيرا عن السبيل لخدمة الإنسان، فلا يبق أي معنى للفصل بين الإيمان وحركة الحياة.

 

أشرنا فيما سبق إلى عمق الوشائج بين الإيمان بالله تعالى والمضامين القيمية والاجتماعية في مسيرة الحياة الإنسانية، استلهامًا من بعض آيات القرآن الكريم، ونواصل الحديث عن أبعاد إيمانية أخرى يتجلى فيها هذا الترابط الوثيق.. حيث يستعرض القرآن الكريم في كثير من سوره وآياته الكريمات نماذج من جهاد الانبياء والمرسلين، مؤكدا على التلازم الوثيق بين عقيدة التوحيد وتحقيق العدل والقسط في المجتمع الانساني. فلا تستقيم عقيدة التوحيد الخالصة في مجتمع يتفشى فيه الظلم ويسوده الاستبداد والاستغلال. لأن التوحيد والعبادة عندما تغدوان مجرد تمتمات فارغة من روحها، ومدلولاتها التربوية والقيمية، ستصبح مجرد طقوس فارغة ومظاهر جوفاء. إنّ القرآن الكريم يبين أن الانبياء استهدفوا تحقيق العدل والقسط الى جانب سعيهم في ترسيخ دعائم التوحيد. يقول سبحانه: (ولقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) الحديد/25. فإقامة العدل والقسط في المجتمع البشري هدف أصيل لبعثة الأنبياء والرسل وإنزال الكتب السماوية جنبا إلى جنب مع هدف إقامة دعامة التوحيد. ولقد خاض الانبياء والمرسلون، في سبيل تحرير العقل البشري من المعبودات الزائفة ومن أسر التقليد للموروث الثقافي الوثني وبالتالي من أجل تخليص الانسان من استبداد الطغاة والمترفين وتحكمهم على عقول البشر وسيطرتهم على مقدراتهم، معارك شرسه خلدها القرآن الكريم. والنظر في آيات القرآن ينتهي بنا إلى حقيقة أن الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم لم يقيموا معارك لتشييد مفاهيم حرفية ومعاني حشوية تفرغ العقيدة من حقائقها الأصيلة. بل نجد ان القرآن كثيرا ما يقرن في دعوات الأنبياء بين التوحيد وطاعة الله تعالى واتباع الرسل وبين قضايا العدل والخير والتحرر والإصلاح في المجتمع الإنساني. يقول سبحانه وتعالى: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات الى النور) إبراهيم/5. ويخاطب سبحانه نبييه موسى وهارون: (فأتيا فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني اسرائيل ولا تعذبهم) طه/47. وبين النبي هود لقومه أن الإبتعاد عن الله والتغافل عن الموت يقودان الى البطش والتجبر في الأرض (فاتقوا الله وأطيعون أتبنون بكل ربع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون واذا بطشتم بطشتم جبارين) الشعراء/126.
وشدد النبي صالح على مبدا التلازم بين طاعة الله وتقواه، وبين اتخاذ موقف حاسم ضد الزعامات الفاسدة، فقال: (فاتقوا الله وأطيعون ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون) الشعراء/150. ويحدثنا القرآن الكريم عن النبي لوط وكيفية مواجهته لفاحشة العلاقة المثلية التي تفشت في مجتمعه (ولوطًا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين) العنكبوت/28
.
كما يخبرنا القرآن الكريم بأن النبي شعيب واجه ظاهرة الاستغلال الاقتصادي وسرقة أموال الناس عبر التحايل في المقاييس والموازين (وإلى مدين اخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان) هود/84. إن التعدي على حقوق الغير يتنافر تماما مع عقيدة التوحيد ولا يتسق معها. ويشير القرآن الكريم الى رسالة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ودعوته وبرنامجه الرسالي فيقول سبحانه: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوارة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والاغلال التي كانت عليهم) الاعراف/157. هكذا يتحدث القرآن عن غرض بعث الأنبياء والرسل وهكذا يستعرض جهادهم ودعواتهم وكلها تصب في ترسيخ العقيدة السليمة بموازاة تصحيح مسيرة الحياة الإجتماعية والسياسية للبشرية
.
إن الايمان بالتوحيد وتصديق الانبياء والرسل يملي بالضرورة اتخاذ مواقف واضحة من قضايا الحق والعدل والتحرير والإصلاح من جهة، والسعي لتصحيح الانحرفات الاجتماعية والسياسية السائدة في المجتمع البشري من جهة اخرى
.
وإذا تأملنا في عقيدة المعاد في القرآن الكريم، فسنجد أنها تضفي على الحياة الانسانية أبعادها الحقيقية، باعتبارها محطة ومرحلة من مراحل الوجود الانساني وليست نهاية المطاف. وهذا من شأنه أن يبعد عن الحياة شبح العبثية والفوضى وما يترتب عليهما من قيم وممارسات فاسدة وجائرة سواء على مستوى الفرد أو المجتمع. إنها العقيدة التي يكمن فيها جوهر المسؤولية الاخلاقية وفلسفة الالزام الخلقي والتوازن بين المصالح الفردية وقيم الغيرية إلى جانب أنها تمثل التجسيد الحقيقي لهدفية الخلق. يقول سبحانه: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وانكم إلينا لا ترجعون) المؤمنون/115. وعقيدة المعاد تختزن في عمقها مدلولات العدالة الكونية وإحقاق الحق وإنصاف المظلوم من الظالم، ومن هنا اعتبر القرآن الكريم يوم القيامة بأنه يوم الفصل. يقول تعالى (هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون) الصافات/21. ومن نماذج الظلم الصارخ الذي وقع في التاريخ البشري، هو وأد الأنثى الوليدة التي لم تجد من يدفع عنها في الدنيا فينتصف لها الله عز وجل أمام الأشهاد (وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت) التكوير/9
.
ويقول سبحانه (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً) الانبياء/47. ان استحضار هذه العقيدة في أبعاد الحياة المتنوعة من شأنه أن يضبط مسارها ويوجهها في اتجاه تحقيق العدل في مختلف المجالات بما فيها المبادلات والمعاملات التجارية التي كثيرا ما تتحكم فيها نزعات الجشع والطمع. وفي هذا السياق يتوعد القرآن المطففين في المكاييل والمتلاعبين في الموازين والمقاييس بالويل ويذكرهم بالبعث والنشور والحساب بين يدي الله تعالى. يقول سبحانه (ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين) المطففين/1-6. فكلما ترسخت عقيدة المعاد ومفاهيم البعث والحشر والحساب في وجدان الإنسان، ظهرت آثارها التربوية والأخلاقية في سلوكه الحياتي. فهي توجد فيه عنصر الرقابة الذاتية وتربي فيه الضمير الاخلاقي، وقد قرن الله تعالى النفس اللوامة مع يوم القيامة وأقسم بهما: (لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة) القيامة/1. كما انها توقظ في الانسان الشعور بالمسؤولية وتعمق فيه قيمة الغيرية وتطبعه على العطاء بلا مقابل دنيوي. (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنّا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا) الانسان/8. والنتيجة الطبيعية لتجذر المفاهيم السليمة للعقيدة الإسلامية هي الإيجابية والاعتدال في الحياة الدنيا والفوز في الآخرة: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) القصص/83. ويبقى ان نقول: إن الأمل معقود على مناهجنا التربوية وبرامجنا الدينية بأن تبدي الاهتمام اللازم لهذا التلاحم العضوي الوثيق بين العقيدة وخدمة القضايا الإنسانية الحقة وتبرزه في مقرراتها.
 
Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً