أحدث المقالات

نقد أقوال الشيخ محسن كديور حول الإمامة

أ. ذبيح الله إسماعيلي(*)

ترجمة: السيد حسن الهاشمي

تمهيد ــــــ

لاشك في أن (الإمامة) من أهم مميزات التشيع؛ إذ لولاها لن يكون هناك مذهب اسمه التشيع. ومن هنا سنذكر أهمية الإمامة من وجهة نظر الثقافة الشيعية، مما يعكس المباني المحكمة والراسخة في باب خلافة النبي الأكرم‘. فكما جاء في الكتب الكلامية المختلفة للمتكلِّمين الشيعة فإن مسألة الإمامة تحظى بنفس الأدلة العقلية المتقنة التي تثبت موضوع (النبوة والرسالة)، بمعنى أن الله تبارك وتعالى؛ لحكمته، لا يترك الناس دون إيضاح طريق السعادة لهم، ولذلك لن يتركهم دون هداية إلهية تتمثل في هداة يرسمون سبل التكامل وبلوغ المقاصد. ومن هنا يطلق على الإمام اسم الحجّة؛ لأنه يضع أمام الناس طريقاً ومحجّة لاحبة.

إن سعادة المجتمعات الإنسانية تبدأ بنبوة الأنبياء ورسالتهم، وتتواصل بإمامة الأولياء الإلهيين. وإن أهم شرائط الإمامة، مثل أسس الرسالة والنبوة، تتمثل في العصمة، والإعجاز، والعلم الكامل (أعم من العلوم الغيبية والعلوم العادية)، والنصب الإلهي. إلا أن فرق الإمام عن النبي يكمن في أن النبي، مضافاً إلى مسألة الإمامة والزعامة في حياته، يحمل أيضاً أعباء الرسالة واستلام الوحي وإبلاغ الشريعة، في حين أن الإمام ليست له مثل هذه الخصوصية، فلا ينزل عليه الوحي الرسالي، وإنما يتحمل فقط أعباء شرح وبيان تعاليم الوحي بلا زيادة أو نقيصة. وقد جاء في فلسفة الإمامة، مضافاً إلى ضرورة أصل قيادة المجتمع التي تطبق عليها جميع النحل والملل، أنها تكمن في مرجعيته الدينية لشرح ما لم تتهيأ للنبي فرصة شرحه، فلابد أن يتكفل ببيانها شخصٌ مثلُ النبي، معصومٌ من الخطأ، مدعومٌ بالعلوم الغيبية وحقائق المعارف الإلهية التي ورثها عن النبي؛ ليقدمها للناس بلا زيادة أو نقيصة، كي لا يشاب الدين وتعاليم النبي بسبب اجتهادات العقل البشري الذي لا يخلو من الخطأ والنسيان. ومضافاً إلى ذلك فإن للإمامة في الثقافة الشيعية معنى أعمق وأدق، وهو عنصر (الولاية) التي تكمن في صلب الإمامة، وهو ما يعبر عنه في الروايات أحياناً بـ (ولي الله، وحجة الله، وعين الله، وما إلى ذلك)، بمعنى أنه لا بد أن يكون هناك في كل عصر إنسان كامل يحمل المعنوية الكاملة للإنسانية، ومحيطاً بكل شيءٍ وكل مكان وجميع شؤون الحياة الإنسانية، الظاهر منها والباطن؛ ليتمكن من الهداية، وتتوفر فيه القدرة على الإيصال إلى المقصد وهداية الناس عملياً؛ لنيل الحياة الإلهية الطيبة لجميع أفراد الإنسانية. ومن هنا قيل في بيان الفرق بين الإمامة والرسالة: إن جوهر الإمامة ليس صرف إراءة الطريق والهداية، التي هي وظيفة كل نبي ورسول، بل وكل مؤمن حريص على نجاة البشرية، بل هي نوع ولاية على تصرفات الناس وإيصالهم إلى الكمال الإلهي المنشود. وعلى أساسٍ من هذه (الولاية الباطنية) قيل بشأن الإمام: «لا تخلو الأرض من حجة وإلا لساخت بأهلها».

مقولات محسن كديور حول الإمامة والعقائد الشيعية ــــــ

ومع هذا التوضيح الذي قدّمناه للإمامة من وجهة نظر التشيع نعود إلى الموضوع الذي نروم معالجته، وهو أنه في كل حين يظهر من هنا وهناك من يتحدث عن الإمامة والقيادة عند الشيعة بأمور لا تنسجم مع فهم التشيع للإمامة، بل وتنفي التشيع والإمامة القائمة على العصمة. ومن ذلك ما قام به الشيخ محسن كديور بمناسبة أيام عاشوراء، وأهدى إلى سامعيه مطالب مما جادت به قريحته وتفتَّقت عنها أفكاره، حيث ذكر في محاضرة تحت عنوان: (إعادة قراءة الإمامة في ضوء الثورة الحسينية)، والتي نقلت في صحيفة شرق، العدد: 713 ـ714، ص18، الصادرة في يوم الأحد والاثنين، بتاريخ 13ـ14/ إسفند/ 1384هـ ش، بحوثاً جديرة بالملاحظة، ولا يمكن غض الطرف عنها من الناحية العلمية والاعتقادية. وهنا سنذكر بعضاً من كلمات الشيخ كديور، والتي شكلت محور أقواله، ثم نتعرض لها بالنقد والتحقيق؛ لنبين صحتها من سقمها.

فبعد أن ذكر الشيخ كديور في هذه المحاضرة تحليلاً عن المسائل المعرفية للإسلام الحسيني تعرض إلى المسألة المحورية، يعني أصل الإمامة، وقال:

1ـ «إن من المفاهيم التي خضعت للتغيير على طول التاريخ مفهوم (الإمامة). أجل، كان الحسين إماماً».

2ـ «ما معنى الإمام؟ كيف عرّف الإمام الحسين نفسه في خطابه لأهل مكّة والبصرة والكوفة وكربلاء؟ كم تبعد المسافة بين الإمامة التي بيّنها الحسين بن علي× والإمامة التي يمكن ملاحظتها في نهج البلاغة والنصوص الدينية المعتبرة من جهة والإمامة التي يبلغ لها بعض الناطقين الرسميين في المحافل المذهبية من جهة أخرى؟ إنه كالبعد بين السماء والأرض. فقد تعرض مفهوم الإمامة من القرن الأول إلى يومنا هذا إلى إبراز وتضخيم في بعض أبعاده، بينما تعرضت أبعاد أخرى إلى التخفيف والضعف. وإن ما تمّ تضخيمه هو نوع من التقديس في مجال الإمامة، في حين لا نشاهد لذلك أدنى أثر في القرون الأولى».

كما قال في توضيح هذه المسألة: «ذكرنا في محاضرات شهر رمضان المبارك أن التشيع عبارة عن قراءة علوية عن الإسلام النبوي. والذي يميز التشيع من سائر القراءات الإسلامية الأخرى أن الفهم العلوي أكثر عقلانية وأكثر عدلاً وعرفاناً من القراءات الأخرى». وقال في استنتاجه من المطالب المتقدمة: «لو أخذنا هذه المميزات الثلاثة في عصرنا الحاضر لوجدنا أن الإمامة، التي تمثل الركن الأساس للتشيع، هي التي تنشر التعقل وتروّج له. إن ما يتم التأكيد عليه في المحافل الدينية هو الجانب الميتافيزيقي في الأئمة، أي الأمور التي تجعل من المستحيل على الآخرين أن يكونوا مثلهم، ويجعلهم^ في طبيعتهم ممتازين عن سائر الناس».

3ـ «إن هذا النوع من المسائل إما لم يكن موجوداً في القرن الأول والثاني، أو إذا كان موجوداً فهو في غاية الندرة. فما يؤكِّد عليه الإمام علي والنصوص المعتبرة المنقولة عن الأئمة هو بيان بشريتهم. وما يؤكدون عليه هو نوع من الأفضلية العلمية والبصيرة والتهذيب وطهارة النفس وعقل الدراية في قبال عقل الرواية».

4ـ «لم أجد في موضع أن الإمام الحسين قد أجاب عن السؤال المهم القائل: من هو الإمام؟ بقوله: الإمام هو المنصوب من الله، الإمام هو المنصوص من قبل رسول الله، الإمام هو المعصوم، الإمام هو العالم بالغيب. وهذه هي الصفات التي تشكل المربَّع المعروف عندنا بالإمامة في علم الكلام، وهي: العصمة، وعلم الغيب، والنصب الإلهي، والنصّ من قبل النبي. وهي الصفات الأربع التي أخذ متكلِّمونا يردِّدونها منذ القرن الثالث والرابع فما بعد. وكلما تقدم بها الزمن أخذت بالاتساع والتضخم. ولم تصدر هذه المفاهيم على لسان الأئمة في القرون الأولى إلا نادراً».

كما يدعي الشيخ كديور «أن الشيعة الأوائل، من أمثال: سلمان، وأبي ذر، والمقداد، وعمار، وكميل، ومالك الأشتر، وأبي بصير، وزرارة، ومحمد بن مسلم، وغيرهم، لم يعرفوا الإمامة على النحو الذي ذكره المتكلِّمون».

5ـ قال الشيخ كديور في موضع آخر من كلامه، بشأن كلمة الإمام الحسين×، حيث قال: «ولكم فيّ أسوة»: «إن الأسوة إنما تتحقق إذا كان هناك بين الإمام والمأموم نوع من المشابهة والسنخية، وتكمن هذه السنخية في إمكان بلوغ المأموم مرتبة الإمام». ثم قال في ضمن بحثه، مذعناً بصحة مفاهيم العصمة وعلم الغيب للإمام: «لا أريد أن أقول إن هذه المفاهيم باطلة، وإنما الذي أريد قوله هو أن ماهية الإمامة في بدايتها كانت شيئاً آخر مغايراً لما هي الآن. فما كان في أول الأمر هو القرآن والعدالة واتّباع الحق وتهذيب النفس، ثم تحول بالتدريج إلى النصب والنص والعصمة وعلم الغيب».

6ـ وقال بشأن تبرير قبول الإمام علي× بالخلافة: «لقد عرّف الإمام علي نفسه بوصفه عالماً، ويمكن للآخرين أن يكونوا علماء أيضاً. إن الإمام علي؛ بسبب ملازمته للنبي، وتهذيبه لنفسه، وتمكنه من تجسيد أصول الدين والمعارف المذهبية في نفسه أكثر من غيره، كان أعلم من الآخرين. فليس البحث في نفي وإثبات مراتب علم علي وآل علي، وإنما البحث في شرطية علم الغيب وعدمها. وعلى كل حال فإن أصل علمه للغيب لا يشكل محور بحثي، وإنما محور بحثي هو شرطيته في تحقق الإمامة».

7ـ وفي نهاية كلامه قال الشيخ كديور في بيان هذا الفهم وتحليل الإمامة مستنتجاً: «الخلاصة هي أنه منذ القرن الأول إلى القرن الرابع قد حصل تغيير كبير في معالم مذهبنا. وللأسف الشديد فإن أكثر الكتب التي بين أيدينا أو جميعها تعود إلى فترة ما بعد حصول هذا التغيير، حيث لم يصل إلينا شيءٌ مكتوب من القرن الأول والثاني».

ثم أضاف: «لو أننا قارنّا صورة ديننا المعاصر، الذي يعتمد على الصفات الميتافيزيقية للأئمة، بأدعية الشيعة لوجدنا هناك نوعين وسنخين من الأدعية والزيارات: السنخ الأول: يعود إلى التفكير الأول (التشيع القديم)؛ والسنخ الثاني: يعود إلى التفكير الثاني (تشيع المفوّضة المعتدل).

ويتمثل السنخ الأول في دعاء كميل، ودعاء أبي حمزة، وأدعية الصحيفة السجادية، والمناجاة الشعبانية، ودعاء عرفة، حيث لا نجد في هذه الأدعية حتى كلمة واحدة في التوسل والتوكل على غير الله، فكل ما هناك هو اتصال مباشر بالله تعالى. وهذه هي الصورة الأصلية للتشيع والإمامة، والتي نسعى إليها وننشدها».

8ـ عمد الشيخ كديور إلى تقسيم مختلف الأدعية والزيارات إلى قسمين. وذكر أن اختلافها دليل على وجود فهمين للدين. وقال: «لمعرفة هذين النوعين يمكن إجراء مقارنة بينهما. فمثلاً: يمكن المقارنة بين دعاء التوسل ودعاء كميل، وبين دعاء الفرج ودعاء أبي حمزة، وبين دعاء الندبة ودعاء عرفة. وعندها يتبين لنا وجود رؤيتين عن الدين».

9ـ بل تخطى الشيخ كديور حدوده أكثر من ذلك، حيث قال: «اسمحوا لي بالقول: إن هناك مذهبين عندنا، ونوعين من التشيع. فهناك تشيع تميِّزه خطبة سيد الشهداء في يوم عاشوراء، وخطب نهج البلاغة، ودعاء عرفة للإمام الحسين؛ وتشيع آخر يميّزه التوسّل والشفاعة بالأئمة بدلاً من التوكُّل. ويكفي أن نجري مقارنة بين هذين النوعين من التشيع لنصل إلى نتيجة تحدّد مصير التشيُّع الأول. فيجب أن نفكك بين هذين التشيُّعين لنتابع الطريقة التي أدّت إلى تبديل أحدهما بالآخر».

نقد مقولات كديور ــــــ

إن هذه المطالب تشكل محور خطاب الشيخ كديور، وقد نقلناها بلفظها. ومن هنا سنبدأ بالإجابة عنها جميعاً باختصار:

1ـ أين تعرّض مفهوم الإمامة للتغيير؟! ــــــ

ما معنى قولكم: إن مفهوم الإمامة قد تعرض إلى تغيير شديد؟ فأي شأن من شؤون الإمامة قد خضع لهذا التغيير؟ هل الإمامة التي بيَّنها رسول الله منذ أن صدع بالرسالة في حديث الإنذار والمنزلة وما كان في غدير خم، أو الروايات المأثورة عن الأئمة الأطهار، ولا زال الشيعة يعتقدون بها، وتحتوي على أربعة عناصر أساسية، تشكل المحاور المميزة لمذهب التشيع من غيره، وهي: أـ العصمة المطلقة (من جميع الذنوب والأخطاء)؛ ب ـ علم الغيب؛ ج ـ النصب والتعيين الإلهي؛ د ـ تصريح النبي الأكرم‘. وجميع هذه العناصر ذات جذور قرآنية. وقد تعرض العلماء العظام ــ قديماً وحديثاً ــ لهذه الأركان الأربعة. وذكروا الكثير من البحوث مع ذكر الشواهد والأدلة المتقنة. ودافعوا عن مباني الإمامة. فإذا كان المراد من التغيير في مفهوم الإمامة أن العصمة والإعجاز وعلم الغيب والتنصيب والنص لم تكن مطروحة في أصل الإمامة بادئ الأمر، ثم أقحمت فيها، كما تم التصريح به في محاضرة الشيخ كديور، فهو كلام مخالف للقرآن الكريم والأحاديث الكثيرة المأثورة عن أهل البيت^؛ إذ إن المسألة الأساسية للعصمة أو النص ونصب الإمامة متجذرة في القرآن الكريم، حيث يتفق الشيعة والسنة على أن آية التطهير الواردة في سورة الأحزاب مختصة بأهل البيت، ولا يفهم منها سوى العصمة الشاملة من الخطأ. كما لم يكن هناك أي اختلاف بين الشيعة ــ منذ البداية وإلى يومنا هذا ــ حول نصب الإمام، بل تشهد نصوص أهل السنة بأن النبي الأكرم قد صرح في غدير خم بالخلافة لعلي× بأمر الله تعالى. وقد تم بيان جميع ذلك في كتاب «الغدير»، للعلامة الأميني، بشكل تفصيلي مدعَّم بالأدلة والبراهين. وعليه لا يعني التغيير في مفهوم الإمامة سوى التشكيك في بديهيات أصول الإمامة.

2ـ عبثية الإمامة وفقاً لمقولات كديور!! ــــــ

إنه في محاضرته، وبدلاً من اعتماد الأركان الأربعة المذكورة: (العصمة، وعلم الغيب، والنص، والتنصيب)، يقول: «إن المحاور التي تميّز التشيع من سائر المذاهب الأخرى أمور ثلاثة، تتمثل في أن فهم الإمام علي× للإسلام أكثر عقلانية، وأكثر عدلاً، وأكثر عرفاناً، من القراءات الإسلامية الأخرى». ثم قال: «إن مفهوم الإمامة وشكل التشيع الأصيل يقوم على الدعوة إلى التعقل، إلا أن ما يتم التأكيد عليه في المحافل الدينية هو الصفات الميتافيزيقية في الأئمة^». وعليه نتساءل: إذا كانت الإمامة على النحو الذي يرسمه الشيخ كديور فما هي الحاجة إلى العصمة والتعيين والتنصيص وعلم الغيب؟ إذ إنه بنفسه يقول: إن هذه الصفات ميتافيزيقية، وهي نوع من تقديس الأئمة، في حين أن الأئمة لا يختلفون عن غيرهم سوى أنهم على شيءٍ من الأفضلية! وعليه لا يمكن إثبات الحجية لكلام الإمام ولا تجب طاعته؛ إذ ما دامت الإمامة مفهوماً بشرياً، وليس ميتافيزيقياً (إلهياً)، لا يعود هناك فرق بين الإمام وغيره. وعليه لا يكون هناك دليل على جعله ملاكاً لمعرفة الدين، والاستناد إلى قوله وفعله وتقريره؟ أفلا يعد هذا الكلام هو التغيير والاستحالة في أصل المذهب؟!

3ـ معنى بشرية الإمامة ومفهوم التأسي ــــــ

ذهب الشيخ كديور في كلامه إلى عدم اعتبار المسائل المحورية في الإمامة (العصمة وعلم الغيب وما إلى ذلك) من القرن الأول والثاني، وقال: «تم التأكيد في القرون الأولى على بشرية الأئمة، وإثبات نوع من الأفضلية العلمية، والبصيرة، والتهذيب، وعقل الدراية».

والجواب: إن بشرية الأئمة هي كبشرية الأنبياء التي صرّح بها القرآن الكريم، وهذه البشرية لا تتنافى مع العصمة والإعجاز وعلم الغيب؟ فهم مع بشريتهم لم يكونوا بشراً عاديين، وإلا لما استحقوا مقام الإمامة، قال تعالى: {أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لا يَهِدِّيَ إِلا أَن يُهْدَى}. ولهذا الجانب الذي يفوق البشر العادي نجد الإمام علي× يقول في نهج البلاغة: «لا يقاس بنا أهل البيت أحد من الناس»، وقوله×: «سلوني قبل أن تفقدوني».

إن التأسي بالأئمة الأطهار لا يعني بالضرورة أن يكونوا أفراداً عاديين، كي يمكن التأسي بهم، فإن التأسي بهم لا يعود إلى عصمتهم وعلمهم بالغيب، التي هي من خصوصياتهم، ولا يمكن لغيرهم أن يكون كذلك (وهي المغالطة التي ارتكبها الشيخ كديور)، بل إن التأسي إنما هو في التكاليف الإلهية، والقيام بالوظائف الدينية، حيث يمكن للأئمة أن يكونوا في ذلك مثالاً يحتذي به جميع المؤمنين. ولكن في الوقت نفسه لا يمكن للإمام أن يكون أسوة لغيره دون أن يكون معصوماً وعالماً بالغيب وما إلى ذلك؛ وذلك لعدم ضمان صحة الطريق وسلامة الهداية إلا بالعصمة وعلم الغيب. فبما أن الإمام معصوم من الذنب والخطأ، وبما أنه يتمتع بعلم الغيب، لا يتطرق الشك إلى هدايته، وسيكون كلامه وفعله أسوة للدين والتدين، وإلا لم يكن هناك معنى لاتباعه والامتثال لأوامره. ولكن من زاوية أخرى حيث يتمتع الأئمة بمؤهِّلات القيادة، كالعصمة والاختيار الإلهي، ولا يمكن للآخرين بلوغها، لا يمكن القياس والمقارنة بينهم وبين غيرهم.

4 ـ مزعمة عدم وجود خصائص الإمامة الأربع في النصوص الدينية!! ــــــ

قال الشيخ كديور في موضع آخر من كلامه: «لم أعثر على كلام للإمام الحسين× يتحدث فيه عن العصمة وعلم الغيب والنصّ على الإمام والتنصيب الإلهي». وادعى أن هذه الأركان الكلامية المعروفة إنما ظهرت في القرن الثالث فما بعد، ولم يكن لها أثرٌ في القرنين الأولين.

وهذا الكلام عجيب من مثله حقاً، وهو المطَّلع على النصوص الدينية! لا نتصور أن الشيخ كديور يقول مثل هذا الكلام عن جهل أو غفلة؛ إذ إن من له أدنى معرفة في عقائد الشيعة يعلم أن هذا الكلام لا أساس له من الصحة. ويكفي أن نلقي نظرة واحدة على الآيات والروايات الكثيرة الواردة في منزلة الإمامة العظيمة والجليلة؛ ليتضح أن الاعتقاد وعلم الغيب والتعيين والتنصيص ــ قبل أن يظهر في آراء المتكلمين ــ قد ضرب بجذوره في أعماق كتاب الله وسنة المعصومين^. وبعد ثبوت آية التطهير والولاية والإمامة وأمثالها، والروايات الكثيرة المأثورة عن الأئمة في بيان الولاية والإمامة، والتي أضحت محوراً لأقوال المتكلمين الشيعة، ولا تزال، لا يبقى أدنى شك في أن مفهوم الإمامة المتجذر عند الشيعة لا يتعدى الأركان الأربعة (العصمة، وعلم الغيب، والنص الإلهي، والإعلان النبوي). وعليه لا معنى لأن يقال: «إن العناصر الأربعة في باب الإمامة قد ظهرت في القرون التالية، ولم تكن موجودة في بداية الأمر». وإذا تجاوزنا ذلك وفرضنا أن الفرصة قد توفرت للإمام الحسين× لبيان الإمامة وشروطها الأساسية، فإن هذا لا يشكل دليلاً على الاعتقاد ببشرية الإمامة. فهل يختلف الأئمة الآخرون، وخاصة الإمامين الباقر والصادق إلى الإمام العسكري، وحتى الإمام الحجة#، في بيان مقام الإمامة الرفيع وشؤونها الإلهية العظيمة عمّا قاله الإمام الحسين×؟! ألا تكفي كل هذه الروايات والشواهد، التي تجاوزت حدّ التواتر، في توضيح مقام الإمامة الشامخ والقيادة المعصومة؟ أفلا يعدّ هذا التشكيك في بديهيات مسائل الإمامة إنكاراً لنور الشمس، وتجاهلاً للحقائق الناصعة واللاحبة؟!

5 ـ خلط كديور بين التأسّي والمشابهة ــــــ

ويذهب الشيخ كديور في موضع آخر من كلامه إلى أن التأسي بالإمام يلزم منه أن تكون هناك مسانخة بينه وبين الآخرين. وعليه يجب أن يكون مثل الآخرين؛ ليتمكنوا من التأسي به. وهذا إنما يكون إذا اعتبرناهم عدولاً، وأنهم لا يجانبون الحق، دون اعتبارهم معصومين عالمين بالغيب ومنصوبين من قبل الله، حيث يستحيل التأسي بهم من هذه الجهات.

وكما تقدم أن قلنا: إن حيثيات الأئمة الأطهار مختلفة. فبما أنهم هداة وحفظة للدين ومبينون للشريعة يجب اتصافهم بالعصمة، ويجب أن يتمتعوا بعلم غيبي ودعم إلهي خاص؛ ليمكن الوثوق بما يبلغون. ومن هذا البعد لا يمكن للآخرين أن يكونوا مثلهم قطعاً، فلا يمكن التأسي بهم من هذه الناحية. ولكن هناك أبعاداً أخرى يكون الإمام فيها مكلَّفاً كسائر المكلَّفين، وبذلك يكون أسوة للناس. وعليه فإن المزايا العلمية والعملية، التي وصلت إلينا عبر سيرتهم أو الأدعية والعقائد والأخلاق، فيها الكثير من الدروس والعبر لأصحاب الدين والعلم والإيمان. وابتداءً من سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار إلى آلاف العلماء والعدول والشهداء والمجاهدين الذين بلغوا قمة التكامل الإنساني فإن تكاملهم كان بسبب تأسيهم وامتثالهم لأهل بيت العصمة والطهارة، وانتهالهم من معينهم. وعليه لا ينبغي الخلط بين مقومات الإمامة والقيادة، التي هي من مقولة الاستحقاقات الفردية للإمام، وبين سيرة الإمام وسلوكيته، التي هي من مقولة التكليف وأداء الواجبات. والتأسي بالإمام إنما يكون في الحيثية السلوكية والإيمانية من حياة الإمام، أما القيادة والهداية فتعود إلى حيثية العصمة الإلهية والعلم اللدني والغيبي. وعلى كل حال فإننا ننصح الشيخ كديور، بدلاً من التشكيك في المسائل الكلامية العميقة والمتعلقة بالإمامة، أن يصرف جهده في فهم المسائل الدينية بشكل صحيح، وأن يتجنب التنظيرات المتسرِّعة وغير الصائبة، فإن ذلك أقرب إلى التعقل، وأدنى من رعاية التقوى العلمية.

6 ـ هل يجوز القول بأنّ علياً عالمٌ كالعلماء؟! ــــــ

ادعى الشيخ كديور في موضع آخر من كلامه «أن الإمام علي قد عرف نفسه عالماً يمكن للآخرين أن يكونوا علماء مثله. غاية الأمر أنه بسبب كثرة مجالسته للنبي أصبح أعلم من غيره. إلا أن البحث ليس في نفي وإثبات مراتب علم علي وآل علي، وإنما البحث في شرطية علم الغيب في الإمامة وعدم شرطيته».

والجواب عن ذلك:

أولاً: دعوى أن الإمام علي لم يكن إلا عالماً عادياً، وربما كان نصيبه من العلم أكثر من غيره، ويمكن للآخرين أن يكونوا مثله، قد ادعاها آخرون، مثل: أبي هريرة، حيث قال: إنه حفظ آلاف الأحاديث عن النبي الأكرم‘. وهي مما يستند إليه في الكتب المعتمدة عند أهل السنة. وإن صحيح البخاري وصحيح مسلم وغيرهما من الأمثلة البارزة على رواية أحاديث أمثال أبي هريرة الدوسي.

ثانياً: إن هذا الكلام لا ينسجم مع الحديث المعروف عن رسول الله‘، حيث قال عن علي×: «أنا مدينة العلم وعلي بابها»؛ وذلك لأن هذا الحديث يفيد بيان علوم جمّة وغير متناهية لا ينالها إلا وليٌّ معصومٌ. كما أن كلام الشيخ كديور المتقدِّم يتنافى وقول الإمام علي نفسه: «سلوني قبل أن تفقدوني».

ثالثاً: ليس الكلام في تمكُّن الآخرين من الوصول إلى المرتبة العلمية التي بلغها الإمام علي×، وإنما الكلام في المقارنة بين علي والآخرين. وهو كلام اعتباطي؛ إذ كيف يمكن المقارنة بين الإمام وغيره والحال أن النبي الأكرم قال في حقه: «علي مع القرآن، والقرآن مع علي»، وأنه «بمنزلة الكعبة في الهداية»، و«علي مع الحق، والحق مع علي، يدور معه حيثما دار»، وأن حبّه وبغضه علامة الإيمان والنفاق، وقول النبي له: «يا علي، سلمك سلمي، وحربك حربي». ومن هنا استدل الخواجة نصير الدين الطوسي في «التجريد» على إثبات كفر وفسق الذين خالفوا علياً× وحاربوه.

رابعاً: إن ما يقال من التشكيك في شرطية علم الغيب في الإمامة كلام باطل، ولا ينسجم مع الأصول المتفق عليها بين الشيعة في باب الإمامة. فالإمامة التي يتحدث عنها الشيعة هي هداية الناس نحو السعادة المطلقة؛ بغية تحقيق التكامل الحقيقي والغاية من خلق الإنسان. ولا يتأتى ذلك إلا إذا تولى القيادة أشخاص معصومون، ويتمتعون بإحاطة شمولية، ويعلمون بجميع الأمور. ومن هنا قال الإمام الصادق×: إن علوم الأولين والآخرين عند الإمام المعصوم، وان الحكمة الإلهية تقضي بأن يعلم الإمام جميع ما يحتاجه الناس.

وعليه هل يمكن مقارنة الآخرين بعلي× وآله، والحال أن علم الآخرين بالمقارنة إلى ما يعلمه علي× وآله هو من قبيل قياس المعدوم باللامتناهي.

7 ـ بطلان مزعمة التحوّل في العقائد الشيعية ــــــ

إن ما ذهبتم إليه في كلامكم من الادعاء بحدوث استحالة جادّة في معالم المذهب، ومرادكم من هذه الاستحالة ــ طبقاً لصريح عبارتكم ــ الاستحالة في مسائل العصمة، وعلم الغيب، والنص والتعيين الإلهي في الإمامة، وذلك منذ القرن الأول إلى القرن الرابع، فهو عارٍ عن الصحة في مختلف الأبعاد:

أولاً: إن مسألة العصمة وعلم الغيب وكل المسائل الأساسية حول الإمامة وموقعها العلمي والثقافي عند الشيعة قد قامت عليها الأدلة العقلية، مضافاً إلى الأدلة النقلية والروايات المأثورة عن رسول الله‘ والأئمة الأطهار^، مما لا يسعنا ذكره هنا رعاية للاختصار.

ثانياً: لو سلمنا أن هذه البحوث تعود إلى القرن الثالث والرابع فإننا نقول: إن دراسات المتكلمين في باب الإمامة وشروطها تقوم ــ مضافاً إلى الأدلة العقلية ــ على أحاديث المعصومين^. من باب المثال: نجد أن كتباً، من قبيل: بصائر الدرجات (في القرن الثالث)، والمقنع في الإمامة (القرن الخامس)، وأصول الكافي (القرن الرابع)، وكشف المراد وشرح التجريد (القرن السابع)، والطرائف (القرن السابع)، وإثبات الهداة (القرن الحادي عشر)، والذخيرة (القرن الرابع)، والغدير (القرن الرابع عشر)، وأمثالها، مفعمة بمختلف الأحاديث المأثورة عن الأئمة الأطهار^، ويستند إليها كمصادر للبحوث الكلامية، ومنها: الإمامة. ومن هنا ينشأ تعجبنا؛ إذ كيف يمكن له أن يغلق عينيه عن الحقائق الثابتة، ويتفوّه بمثل هذه الكلمات التي تفتقر إلى الوجهة العلمية والعقلية، ولا تنسجم مع الاعتقادات الشيعية؟!

8 ـ أهل البيت^ من خلال أدعيتهم، لماذا توجيه سهام النقد إلى الأدعية؟! ــــــ

لقد عمد الشيخ كديور، من خلال تبنّيه للإمامة المستندة إلى الأفضلية العقلية والعلمية، بدلاً من استنادها إلى (العصمة)، و(الإعجاز)، و(علم الغيب)، و(التعيين)، و(التنصيص)، إلى تقسيم الأدعية المأثورة عن الأئمة الأطهار^. وتوصل من خلال ذلك إلى وجود نوعين من التشيع:

1ـ التشيع الذي يثبت من خلال دعاء كميل وأبي حمزة والصحيفة السجادية وما شابه ذلك.

2ـ  التشيع الذي ينبثق من دعاء التوسل ودعاء الفرج.

ويؤكد على أن التشيع الأول تشيُّع بشري، في حين أن التشيع الثاني تشيُّع ميتافيزيقي.

ويرد على هذا الكلام الكثير من الإشكالات أيضاً، ومنها:

الأول: إن جميع الأدعية المأثورة عن أهل البيت، مضافاً إلى إسنادها الرجالي، يشي نصّها ومتنها بصحة انتسابها إلى تلك الذوات المقدسة. وليس بوسع غير الإمام المعصوم، الذي هو حجة الله وولي الله الأعظم، أن يفوه بمثل هذه الكلمات العرفانية السامية والأدبية الراقية. فهل يمكن لغير المعصوم العالم بجميع حقائق الوجود أن يصدع بمثل العلوم والمعارف الخالصة الواردة في نهج البلاغة والصحيفة السجادية ودعاء أبي حمزة ودعاء كميل؟ وهل وجد شخص مثل الإمام علي أو الإمام السجاد يؤدي عبادة رسول الله‘؟ وهل يمكن لشخص أن يدعي معرفة جميع علوم القرآن وظاهره وباطنه مثل الأئمة^؟ وهل هناك من يمكنه أن يأتي بمثل كلمات الإمام الحسين في مجال العرفان؟ وهل يمكن لدعاء عرفة الذي نطق به ذلك الإمام أن يصدر عن غير مصدره الغيبي؟ إلى غير ذلك من التساؤلات الكثيرة.

الثاني: إنه يفصل الأدعية التي تحتوي على التوسل والشفاعة ومدح الأئمة والثناء عليهم وتوسيطهم في حل مشاكل الحياة المادية والمعنوية عن التشيع الأصيل؛ بسبب المحتوى الميتافيزيقي وتقديس الأئمة الأطهار^. في حين أن هذا كلام باطل أيضاً؛ وذلك أولاً: إن التوسل والاستشفاع بالأولياء المعصومين والمقربين من عباد الله لا ربط له بالشرك والغلو، بل هو عين (التوحيد)؛ وذلك لأن هذه الوجودات المقدسة تعتبر وسائط في الفيض الإلهي، حيث قضت الحكمة الإلهية بقيام عالم الوجود على نظام الأسباب والمسببات. فمثلاً: إننا نجد السحب والرياح والشمس والقمر تجري بانتظام؛ لغاية تنظيم الحياة، ومع ذلك لا يعدّ تنعم جميع المخلوقات، ومنها: الإنسان، بهذه الأسباب منافياً للتوحيد. وهكذا الملائكة الذين يتولون ــ  بصريح القرآن الكريم ــ  أموراً مثل الحياة والموت لا تنافي التوحيد. ثانياً: إن الشرك والغلو إنما يتحقق إذا اعتبرنا أن أولياء الله يمارسون دور الشفاعة والتوسل على نحو الاستقلال، وأن لهم التأثير بالأصالة والذات؛ وأما إذا قلنا أن تأثيرهم طولي، ويتم بإذن الله، فلا يمكن عدّه من الشرك؛ لأن فعلهم حينئذٍ إنما هو فعل الله. وإن جميع المعاجز والتصرفات التكوينية التي صدرت عن الأنبياء والأولياء^ من هذا القبيل، أي إن الله تعالى هو الذي أذن لهم ومنحهم هذه القدرة في إطار هداية الناس إلى الحق، كإحياء عيسى× للموتى، التي صرح بها القرآن الكريم. وعليه فجميع الأدعية والزيارات المأثورة عن أهل بيت العصمة^، سواءٌ أكانت من مقولة التوسل والشفاعة أو غيرهما من المضامين، كلها صحيحة ومنطقية. وإن الإشكال الذي أورد بمنافاتها للتوحيد والتوكل ناشئ عن الأفكار الوهابية الجاهلية، وهي باطلة ولا أساس لها من الصّحة.

الثالث: إن الأئمة الذين أرشدونا إلى طريقهم من خلال الأدعية قد أرشدونا أيضاً إلى هوية الإمامة وحقيقتها من خلال مختلف الزيارات، ومنها: الزيارة الجامعة الكبيرة، وآل ياسين، وأمين الله، وغيرها من الزيارات. وعليه هل يمكن الأخذ ببعض كلمات أهل البيت^ في الإمامة وترك الكلمات الأخرى؟! وبذلك فإن التفكيك الذي قام به الشيخ كديور لا يقوم إلا على تفكير هشّ. وإن كانت هناك استحالة فإنما هي في أفكار وعقائد أمثال الشيخ كديور، وليست في حقائق المذهب الناصعة، التي يعني التشكيك فيها تشكيكاً في البديهيات الرياضية والفلسفية والمنطقية.

ونترك الحديث حول الإمامة وتوضيح مبانيها إلى فرصة أخرى، ونكتفي بهذا المقدار من بيان مذهب الإمامة.

وفي الختام لكي نمنح القارئ تصويراً إجمالياً عن مفهوم الإمامة العميق في ثقافة الشيعة نذكر حديثاً عن الإمام الرضا× مذكوراً في خاتمة كتاب «أمالي الصدوق» على النحو التالي: 1ـ بالإمامة يتمّ الدين ويكتمل؛ 2ـ الإمامة أجلّ من أن يدركها الناس بعقولهم؛ 3ـ الإمامة مقام خصّ به الله إبراهيم الخليل× بعد النبوة؛ 4ـ لا ينال الإمامة إلا معصوم؛ 5ـ الإمامة أمر إلهي واختيار سماوي؛ 6ـ الإمام أمين الله وحجته على خلقه؛ 7ـ الإمام معصوم من جميع الذنوب والعيوب؛ 8ـ الإمام فريد من نوعه، ولا يشابهه أحد من الخلق؛ 9ـ الإمام هو الذي يعلم حلال الله وحرامه؛ 10ـ الإمام زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا، وعزة المؤمنين.

_____________________________

(*) باحث في علم الكلام الإسلامي.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً