أحدث المقالات

تساؤلات موجّهة للدكتور سروش

 

د. الشيخ محمد سعيد بهمن پور(*)

ترجمة: حسن مطر

 

تمهيد ـــــــ

صديقي العزيز الدكتور سروش، أولاً: أشكركم على التوضيحات المفصلة التي تفضلتم بها حول المسائل مورد البحث، وأشكر الله الذي أتاح لنا من خلال هذا الحوار الودّي أن نبحث في بعض المسائل الدينية والكلامية. وطبعاً فقد كانت هناك تشعّبات كثيرة حول السياسة والنوايا والدوافع التي اتهمتموني بها مما لا أتصور أنّ لها أدنى صلة ببحثنا الكلامي. وثانياً: أنا على ثقة من أن خلط الكلام في السياسة والمسائل السياسية الراهنة بالأصول الاعتقادية العريقة يحول دون فهم المسألتين فهماً صحيحاً. ولذلك سأقصر البحث في مسألة الخاتمية والولاية، وأترك الحكم على النوايا الشخصية، والإخلاص في العمل، إلى الله البصير والعالم بخفايا الأمور، إنه عليم بذات الصدور.

 

الخاتمية والولاية ــــــ

1ـ لا شك في كون النبي الأكرم ورسول الإسلام هو خاتم الأنبياء، بمعنى أنّ سلسلة النبوّات قد ختمت بخاتم وجوده الشريف. ومعنى ذلك أنه لم يعد بالإمكان نزول علم جديد من السماء إلى الأرض والناس، ولن يتجلّى مَلَك الوحي لأيّ فرد من أفراد الإنسانية، وهو ما صرّح به الإمام أمير المؤمنين علي بن أبى طالب× عند غسل النبي الأكرم‘، إذ قال متحسّراً ومتألماً: «بأبي أنتَ وأمّي، لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوّة والأنباء وأخبار السماء»([1]). وهذا يعني أنه لن يكون هناك دين جديد وكتاب جديد وشريعة جديدة، وأن النبيّ الأكرم هو خاتم الأنبياء، وأنّ دين الإسلام يعلو على جميع الأديان. ومن وجهة نظر المسلمين فإنّ كلّ من ينكر مثل هذا الأمر يعتبر خارجاً عن دائرة المسلمين.

2ـ لا أتصور أنك تنكر وجود بعض الشخصيات، سواء في عصر الأنبياء أم بعد عصر الأنبياء، ممَّن حاز علوماً لا يمكن للآخرين الحصول عليها في العادة من الطرق العادية. إنّ هذه العلوم لا يتمّ الحصول عليها من مصدر واحد، ولا تدور على محور واحد. ومن بين أبرز هذه العلوم يمكننا أن نشير إلى التجارب العرفانية، التي تحصل في العادة عن طريق تحمّل المشاقّ، وممارسة الرياضات، والإعراض عن الأمور الفانية، والإقبال على العالم الباقي. وبعبارة أخرى، وفي أفضل الصور: إنها تحصل عن طريق أخذ أوامر الأنبياء بجدية، واستلهام العبر من كلماتهم وأفعالهم، وهو ما ذكرتموه بالتفصيل في كتابكم «بسط التجربة النبوية».

لقد ذكر القرآن الكريم أشخاصاً، وعبّر عنهم بأنهم (أولوا العلم)، و(الذين أوتوا العلم)، الذين يمتازون عن سائر المؤمنين في الدنيا والآخرة. قال تعالى: ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ العَزِيزِ الحَمِيدِ (سبأ: 6)، وقال أيضاً: ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاّ الظَّالِمُونَ(العنكبوت: 49).

ومهما بلغ هذا العلم من العظمة والخطر عند الله تبارك وتعالى فإن بينه وبين مقام النبوّة بوناً شاسعاً، وهو مختلف عنها تمام الاختلاف. وكما ورد في بعض أقوالكم: إنّ نفس التجربة الدينية لا تجعل من الإنسان نبياً. وإنّ صرف مشاهدة الملك أو ما وراء حجب الغيب لا يأتي بالنبوّة، فقد ظهر الملك لمريم العذراء÷، وأهدى إليها عيسى×، ولكن هذا لم يجعل من السيدة مريم نبية([2]).

3ـ قد يبلغ هذا العلم عند شخص درجة يحسبه الجاهل معها منتسباً إلى سلسلة الأنبياء، وأن الوحي ينزل عليه كما ينزل على الأنبياء. وهذا طبعاً ليس إلا توهُّم باطل، وناشئ عن الجهل بموارد الوحي ومصادر علوم البشر. وقد نقل الشريف الرضي واقعة في نهج البلاغة، فقال: «خطب الإمام أمير المؤمنين× خطبة أخبر فيها عن بعض المغيّبات، فقال له بعض أصحابه: لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب، فضحك الإمام×، وقال للرجل، وكان كلبياً: يا أخا كلب، ليس هو بعلم غيب، وإنما هو تعلُّمٌ من ذي علم، وإنما علم الغيب علم الساعة، وما عدّده الله سبحانه بقوله: ﴿إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلا الله، وما سوى ذلك فعلمٌ علمه الله نبيّه، فعلَّمنيه، ودعا لي بأن يعيه صدري، وتضطمّ عليه جوانحي»([3]).

وهذا المفهوم بطبيعة الحال مدعوم بمئات الروايات المعتبرة الواردة عن النبي الأكرم‘ وأهل بيته الكرام^، تصريحاً وتلميحاً.

4ـ يتضح مما تقدم أنه كما أنّ العلوم الظاهرية للأنبياء قابلة للتعليم والتعلم فكذلك هو الحال بالنسبة إلى علومهم الباطنية، حيث كانوا يتمتعون بالكفاءة والطهر اللازم، فإنها قابلة للتعليم أيضاً. وطبعاً إنّ هذا النوع من التعليم والتعلم يختلف عن التعليم والتعلم الذي اعتاد عليه الناس اختلافاً كلياً وجذرياً. وهذا هو الشيء الذي يدعونه في أكمل صوره بـ (الوصاية) أو (الوراثة). وقد روى المحدثون من الشيعة والسنة عن الإمام أمير المؤمنين× أنه قال: «علمني رسول الله ألف باب من العلم، وكلّ باب يفتح ألف باب»([4]).

إنّ الانتقال الكامل لهذه العلوم، التي تحققت ـ بناء على روايات المسلمين المعتبرة ـ بالنسبة إلى الإمام علي بن أبي طالب× فحسب، وجعلت منه بعد النبي (باب علم النبي)، يجعل الحجية لقوله وفعله وتقريره، كما هو الحال بالنسبة لقول وفعل وتقرير النبي. ومن هنا عمد النبي الأكرم‘ إلى قرن أصحاب هذا العلم من عترته وأهل بيته^ بالقرآن، وجعلهم عدلاً له في هداية الأمة، إذ يقول: «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله؛ وعترتي أهل بيتي».

5ـ من الممكن أن ترفض أي حديث يمر من هذه القناة، ولا تقبل أية دعوى يقول بها أئمة الشيعة. وهذا أمر يرجع إليكم، وأنتم أحرار في ذلك. ولكننا نعتمد طرقنا في إثبات الحجية لقول النبي، وأساليب مناقشة الروايات المأثورة عنه. إلا أنّ القول بمنافاة هذا العلم والولاية وخاتمية النبي لا يستقيم مع أي منطق أو دليل عقلي أو نقلي، وإنما يقوم على تعريف قد صنعتموه أنتم. فقد ذكرتم في إثبات هذا التناقض «أنّ الناس إما أن يحصلوا على معلوماتهم مباشرة أو بواسطة الاجتهاد والاكتساب، وإنّ علم النبي من القسم الأول. وإن هذا العلم المباشر إما أن يكون مقروناً بالعصمة أو لا، وعلم النبي من القسم الأول. وإن علم النبي المباشر المقرون بالعصمة إما أن تثبت حجيته على الآخرين أم لا، وعلم النبي من القسم الأول».

فلم يتضح لي حقيقة ما إذا كنتم قد ذكرتم هذه الكلمات بوصفها أدلة برهانية، أو بوصفها جملاً خطابية وإنشائية وأدبية. وطبعاً يمكنكم أن تضيفوا لهذه الفهرسة الكثير من الشقوق الأخرى، من قبيل: إنّ الناس إما أن يوظِّفوا علومهم في طريق الخير أو في طريق الشرّ، وعلم النبي من القسم الأول. وإن هذا العلم إما أن يؤدي إلى الهداية أو الضلال، وعلم النبي من القسم الأول، وهلمّ جرا.

أجل، لا شك في أنّ علم النبي هو من القسم الأول في جميع الأمثلة الثلاثة التي ذكرتموها، والمثالين اللذين ذكرتُهما، ولكن كيف يمكن لك أن تثبت أنّ علم غير الأنبياء لا يمكن أن يكون كذلك في جميع الشروط؟ ألم يُسمِّ القرآن أربع فئات من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، الذين أنعم عليهم بالعلم والحكمة من عنده؟ أَلَسْنا ندعو الله عشر مرّات يومياً في الأقل أن يهدينا الصراط المستقيم الذي أنعم به على هذه الفئات، دون أن نفرّق بين أحدٍ منهم؟ كيف تفسّر علم ذي القرنين، وآصف بن برخيا، والصديقة مريم العذراء، الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم، دون أن يكونوا من الأنبياء، إلاّ أن يكونوا من المحدّثين والمفهّمين؟ وأساساً ما هو الإشكال العقلي والنقلي والديني في أن نقول بحصول فئة من العباد الصالحين، الذين خصّهم الله بفضله وإنعامه، على علوم مباشرة، أو من قبل النبي|، لا يمكن الحصول عليها في العادة من طريق الاجتهاد والتحصيل؟ سأل بريد بن معاوية الإمامين الباقر والصادق’: ما منزلتكم؟ ومن تشبهون ممّن مضى؟ فقال×: «صاحب موسى، وذو القرنين، كانا عالمين، ولم يكونا نبيين»([5]).

 

حجية قول الإمام وبناءات المذهب الشيعي ــــــ

إنّ مسألة الإمامة وحجيّة قول الإمام وفعله تشكِّل حجر الزاوية في بناء التشيّع. وهذه الحجية ناشئة عن العلم التام، ومنبعثة من اليقين، بمحتوى الدين. وهو علم لا يحصل من خلال الاجتهاد، ولا يشوبه شك أو ظن أو حدس، ولذلك يكون صاحبه مرجعاً نهائياً في كلّ ما يصح إطلاق صفة الدين عليه. وبعبارة أخرى: ما يكون حجّة في ذلك الدين. ولا يخفى على أحد أنّ أئمة الشيعة كانوا يتمتعون بهذه المنزلة وهذه الدرجة السامية. وبعدها فإن الذين يستمعون إلى كلماتكم هم بالخيار بين تكذيب الإمام جعفر بن محمد الصادق× الذي يدعي هذا المقام لنفسه عالماً بحق، أو يكذبوا كلام الدكتور عبد الكريم سروش، الذي ينطلق من الظنون والتصوّرات في إنكار هذه المنزلة، ويعتبرها مناقضة للخاتمية، ويفترض أنّ الحجية مساوية ومساوقة للنبوّة والخاتمية: ﴿مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئاً(النجم: 28).

 

حجية قول النبي ونظرية بسط التجربة النبوية ــــــ

6ـ تحدثتم عن حجية قول النبي، وأكدتم عليها بشدّة، ولكننا لم نعلم ما هو المغزى من ذلك. فهل تريدون منه إثبات حجيّة قول النبي حقيقة، أم أنكم تريدون منه مجرّد نفي حجية قول أئمة الشيعة؟ ربما لو بحثنا قليلاً في آرائكم التي ذكرتموها في كتابكم «بسط التجربة النبوية»، الذي نصحتموني بإعادة قراءته، أمكننا الإجابة عن هذا التساؤل.

أولاً: إنّ للدين ـ من وجهة نظركم ـ على الدوام تطلُّع نحو الحدّ الأدنى، بمعنى أن «كل ما يتم طرحه من تعاليم في الدين فإنما يراد منه حده الأدنى والأقل، دون الحدّ الأكثر الممكن. وهذا لا يصدق في حقل الفقه فقط، بل قد تحدث الدين في مجال العلم والأخلاق والقيم الفردية والاجتماعية، وحتى المعتقدات الشاملة لأصول الدين، من المعاد والقيامة والسعادة والشقاء في الآخرة، في الحدّ الأدنى أيضاً»([6]). وعليه فإن حجية قول النبي تكون دائماً في هذا الحدّ الأدنى، ولابد لما فوقها من الرجوع إلى مصادر أخرى.

ثانياً: قد ذهبتم أيضاً إلى أنّ هذا المقدار من الحدّ الأدنى له ذات وجوهر، وله عرضيات أيضاً. وإنّ ذات وجوهر الدين ليس بالشيء الذي يمكن تعريفه والوصول إلى كنهه بسهولة. ولذلك فإنّ التوصل إلى العرضيات أكثر ثمرة من البحث في الذاتيات. إلا أنّ للعرضيات مجرّد أصالة محلية ومرحلية، وليست أصالة عالمية وتاريخية([7]). ولذلك فإنّ ما قاله النبي في باب العرضيات إنما تقتصر حجيته على زمانه ومكانه، وليس لأولئك الذين كانوا يعيشون في أمكنة بعيدة عنه. كما أننا إذا أردنا نقل الذاتي من مكان إلى آخر فعلينا أن نقوم بعملية شبيهة بعملية الترجمة، أي لابد أن نلبس تلك الذات ثوباً عصرياً، وإلا أدى ذلك إلى نقض الغرض وتضييع الذات([8]).

ثالثاً: ليس الدين من وجهة نظركم عبارة عن سلسلة من المعارف الثابتة والقوانين الراكدة التي نزلت على النبي جملة واحدة، بل هو حوار تدريجي بين السماء والأرض، وعين التجربة النبوية الطويلة التاريخية([9]). وقد كان للغزالي كشوف دينية جديدة، وكذلك المولوي، ومحيي الدين، والسهروردي، وصدر الدين الشيرازي، والفخر الرازي، وغيرهم. فقد كان هؤلاء كاشفين، ولم يكونوا مجرد شارحين. وهذا هو مكمن عظمتهم([10]). وعلى حدّ تعبيركم: إذا لم يكن «حسبنا كتاب الله» صحيحاً فكذلك الأمر بالنسبة إلى «حسبنا معراج النبي والتجربة النبوية»([11]). «إن لازم إكمال الدين أن يكون هناك تكامل في شخصية النبي|؛ إذ إنّ الدين هو حصيلة وعصارة تجاربه الفردية والجماعية. وحالياً، وفي عصر غيبة النبي|، لابد من بسط تجارب النبي الداخلية والخارجية، وإثراء الدين، وجعله أكثر غنىً ومضموناً»([12]).

وإذا أغمضنا الطرف عن أن هذا الكلام بنفسه يتنافى والخاتمية، فإنه وفقاً لنظرياتكم، التي مرّ جانب منها؛ إذ تذهبون إلى أنّ أقوال النبي ناظرة إلى الحدّ الأدنى من كلّ شيء، وفي ذلك الحدّ الأدنى لا يمكن للذاتيات والجواهر أن تنفصل عن الأعراض، والأعراض ليس لها أية أصالة عالمية وتاريخية، وأن الدين في تطوّر مستمر بفعل التجارب المستحدثة للعرفاء والمتدينين، يحقّ لنا أن نتسائل: ما هو الحجّة عليكم من كلام النبي في عصرنا، وفي أيّ مورد من الموارد؟ فإذا تعارض قول النبي في ما يتعلق بمعرفة الله مع قول عارف من عرفاء عصرنا وثقافتنا وتاريخنا فأي قول يكون هو المقدّم عندكم؟ وكيف يكون الشأن إذا كان التعارض بين قول النبي وقول أحد المتكلِّمين الغربيين الجدد في القانون، والأخلاق، والسياسة، وحقوق الإنسان؟ صحيح أنكم قلتم: «بعد النبي لن يكون قطع ويقين وتجربة وفهم الدين لدى أيّ شخص بنفس نسبة قطع النبي ويقينه وتجربته وفهمه الديني، ولن تترتب عليه نفس الآثار المترتبة على قطع النبي»، ولكن بعد فصل الأعراض عن قطع النبي ويقينه وتجربته وفهمه الديني، بالالتفات إلى المقدمات الآنفة، فإنه لن تكون هذه العبارة إلا مجاملة جوفاء، واحترام شكلي لساحة الدين، وليست سوى دفع دخل محتمل.

وعليه فإنّ الذي تنكرونه على الولاية باسم انحصار الحجية بقول النبي قد سبق وأن أفرغتموه من محتواه بأنفسكم، وجعلتموه هباءً منثوراً.

 

الخاتمية ومرجعية الإنسان بعد الرسول‘ ــــــ

7ـ قلتُم: «إنّ من جملة نِعَم الخاتمية أنه بعد رحيل خاتم الرسل يوكل الإنسان في فهم كل شيء، وخاصة في فهم الدين، إلى نفسه، ولن يعود بحاجة إلى مَنْ يأخذ بيده ليدلّه على الطريق، ولن يكون طفلاً يحتاج إلى من يعلمه كيفية المشي على قدميه، ولن يقرع سمعه أيّ نداء سماوي يصحِّح له سوء فهمه».

لست أدري ما هي النعمة في سوء الفهم التي دعتكم إلى التأكيد عليها بجذل، وتعتبرونها هبة الخاتمية، وما هو الخلل في الفهم الصحيح، حتى تستوحشوا منه إلى هذه الدرجة، وتعتبرونه من نواقص عصر النبوّة، وتعتبرونه من الأدلة على بطلان الإمامة. إنّ التبرير الوحيد الذي يتبادر إلى ذهننا القاصر هو أنكم تسعون من خلال ذلك إلى كسر شوكة فئة خاصّة قد تعتبر نفسها متولية على الدين، وأنها الميزان في تحديد الصحيح من غير الصحيح مما يُنسب إلى الدين. وقد أزمعتم هنا سدّ التيار المائي من مصدره، وأن تضع ختماً يُبطل فهم الدين من كلّ أحد بعد النبي، وما علمت أنّ علاج الحواجب لا يتوقَّف على سمل العيون؛ أو ربما أردتَ في ذلك تقليد بعض المتكلمين الغربيين من النصارى الجدد، والقول ببشرية الدين نفسه، بعد أن عمدتم إلى أنسنة المعرفة الدينية. وهو أمر قد صرّحتم به في كتابكم «بسط التجربة النبوية».

لقد عمدتم في إثبات مدعاكم إلى تقسيم تاريخ البشرية إلى مرحلة النبوة؛ ومرحلة الخاتمية، بحيث يفهم السامع أنه طوال مراحل النبوة الممتدة لآلاف السنين كان يوجد أنبياء على المفترقات وقارعات الطريق يعملون على توجيه العالم والجاهل وهدايته إلى الطريق الصحيح، سواء في إيران أو الصين أو جزر الواق واق، ويعلِّمه الدين كما يتعلَّم الصبي الذي يحبو كيف يمشي على قدميه، ويعلمه التفسير الصحيح للدين. مع أنكم تعلمون أنّ الأمر لم يكن على هذه الشاكلة. فقد كان كل نبي يظهر بعد فترة من الرسل، ثم ينقسم الناس بعده إلى فرق ومذاهب، ويحصل تدافع بين الحق والباطل. وهو الشيء الذي حصل بعد خاتم النبيين. وعلاوة على ذلك فأيُّ نبيٍّ استطاع تصحيح الانحرافات التي طالت أتباع الأنبياء السابقين، والأخذ بأيديهم إلى الطريق الصحيح؟ هل استطاع المسيح تصحيح فهم اليهود للدين؟ وهل نفعت صيحات النبي محمد| اليهود والنصارى شيئاً؟ وهل استطاع هدايتهم إلى الصراط المستقيم؟ إنّ التقسيم الذي وضعتموه أنتم وإقبال اللاهوري لتاريخ الإنسانية إلى: مرحلة النبوّة؛ ومرحلة الخاتمية، وذكرتم لكل مرحلة خصائصها، أشبه ما يكون بمقطوعة شعرية وخيالية لا ربط لها بالواقع، وهي مستمدّة من التطوّرات الحاصلة في عصر التنوير الغربي لا أكثر.

إنّ ما يقوله أصل الإمامة القويم عند الشيعة، ويستدل له من التاريخ والقرآن الكريم والسنة الشريفة، هو أنه كان هناك على الدوام، في عصر النبوّة وما بعدها، أفراد من الصديقين والشهداء والصالحين، من الذين أنعم الله عليهم بفهم دين الأنبياء، وجعلهم حجّة على الناس، وميزاناً ومعياراً على رسالة الأنبياء؛ لئلا تبطل حجج الله وبيّناته، وليتمكن الباحثون عن الدين الصحيح والفهم الصائب من الاعتماد عليهم، واستلهام الحقائق منهم.

 

الشيعة بين الخاتمية ومفهوم الغيبة ــــــ

8ـ وقلتم: «لقد عمد الشيعة من خلال طرحهم نظرية (الغيبة) إلى تأخير الخاتمية إلى قرنين ونصف القرن، وإلا فإنّ الآثار المترتبة على الغيبة متفرعة عن الخاتمية أيضاً».

أولاً: إنّ الآثار التي رتَّبتموها، ورتَّبها قبلكم إقبال اللاهوري، على الخاتمية لم تلحظ بتاتاً في فلسفة وعلة الغيبة. فغياب الحجة لا هو نعمة يجب أن نشكر الله عليها، ولا هي بركة يستطيع المؤمنون من خلالها تصليح سوء فهمهم للدين. وأما سبب وقوع الفترات في عصر الأنبياء، والغيبة في عصر الحجج، فهو سرّ لا ندرك كنهه، وإنْ كنا نستطيع التكهن والحدس بشأنه. إنّ ما نعلمه هو أنّ النبي الأكرم| قد بُعث بعد فترة من الرسل، قال تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ (المائدة: 19)، وإنّ خاتم الحجج سوف يأتي بعد مرحلة من الغيبة، وربما كان ذلك يعود إلى طبيعة الرسالة، والغاية التي يحملها خاتم الحجج بالمقارنة مع سائر الصدّيقين في هذه الأمة.

وأما ما أشرتم له من القرنين ونصف القرن فقد كانت هي مدّة ضرورية لبسط ونشر العلوم النبوية. لقد كان النبي الأكرم| محيطاً وقاموساً من المعارف. ولا شكّ في أنه لم يتمكن من بيان جميع تلك المعارف إلا على نحو الإجمال. وقد وقعت مهمّة تبيين وتفسير وتوضيح تلك المعارف بشكل صحيح على عاتق حماة الدين والمستحفظين عليه، والذين كانوا بنعمة الله على علم بدقائقه وتفصيلاته. وقد عمد هؤلاء الحفظة، رغم كل القيود والصعوبات، من تفصيل هذه المعارف بعزم وإرادة طوال قرنين ونصف القرن.

وقد قلتم: «ما هو الجديد الذي حافظ عليه هؤلاء الحفظة للشيعة، وحُرم منه غير الشيعة؟».

أولاً: إنّ دور الأئمة في الحفاظ على الدين وصيانته ليس بالأمر الذي يخفى على أحدٍ من الشيعة. إنّ تأثير تعاليم الأئمة في أصول العقائد والبحوث الحساسة في التوحيد، وأسماء الله تعالى وصفاته، وكذلك في بحث النبوّة، والدفاع عن حريم الأنبياء^، وكذلك في نشر تعاليم الشريعة الأصيلة، والدفاع عنها، ليس بالشيء الذي يمكن إنكاره، بعد أن اعترف به العدو قبل الصديق. ويكفي في ذلك أن تلقوا نظرة على ما قاله الأئمة الأطهار في باب توحيد الله وصفاته، وقارنوا ذلك بما عند الآخرين، لتقفوا على حقيقة الأمر وصدق هذا المدَّعى. مضافاً إلى أنّ الكلام هنا ليس حول الشيعة والسنة، وإنما الكلام حول التأثير الخالد الذي تركه هؤلاء العظام على جميع أنحاء العالم الإسلامي. ومن أبرز المصاديق على ذلك هو الدرك العميق والمعرفة العرفانية عن الدين التي غذَّت طلاب الحقيقة من الشيعة والسنة على السواء. ولم يكن استهلال العطار النيشابوري كتابه «تذكرة الأولياء» باسم الإمام جعفر الصادق× من باب التبرك والتيمّن أمراً اعتباطياً، ويختمه أيضاً باسم الإمام محمد الباقر×. كما أنه ليس من الاعتباطي أن تبلغ جميع السلاسل الصوفية ـ باستثناء النقشبندية، ولذلك قصّة مستقلة ـ بطرقها الروحية إلى النبي الأكرم| من طريق الإمام أمير المؤمنين×. وقد كانت جميع سلاسل مدارس العرفان الإسلامي من أتباع وطلاب العلوم في مدرسة أهل بيت النبي^. فقد أخذ إبراهيم الأدهم(162هـ)، والذي وصفه الجنيد البغدادي بـ (مفتاح العلوم العرفانية)، المعرفة عن الإمام جعفر الصادق×. كما كان الفضيل بن عياض(187هـ)، والذي هو من النوادر العجيبة، الذي روى عنه الكليني والبخاري، من طلاب ورواة علوم الإمام جعفر الصادق×. وإنّ لشقيق البلخي(174هـ) مراسلات كثيرة مع أهل البيت^. وقد اضطرته الظروف الصعبة إلى كتمان أسماء من يروي عنهم. وإن قصته مع الإمام موسى الكاظم× معروفة ومشهورة. يقال: إنّ جلّ مشايخ الصوفية ينتسبون إلى معروف الكرخي، وقالوا بأنّ الطريقة المعروفية هي أمّ الطرق الصوفية، ومعروف هذا هو من أصحاب الإمام الرضا× المقرّبين. ومن طريق هؤلاء انتشر العرفان في عالم التسنُّن، واستضاء بنوره طلاب الحقيقة. قال أنماري شيمل: «لا شكّ في أنّ تعاليم جعفر الصادق وغيره من أتباع مسلكه قد تسرّبت بشكلٍ غير محسوس في جميع زوايا حياة المسلمين العرفانية، حتى برزت في النظريات العرفانية للعديد من العرفاء، من أمثال: ذو النون المصري(223هـ)، وبايزيد البسطامي(256هـ)، والحارث المحاسبي(239هـ)»([13]). وغنيٌّ عن الذكر أنّ الحارث المحاسبي هو العارف الذي كان له أكبر التأثير على محمد الغزالي. وقد استنتج شيمل أنّ العرفان والتشيع كان منذ البداية مرتبطاً ببعضه في العالم الإسلامي. وربما كان هذا هو السر في قرب النظريات العرفانية من تعاليم وروايات الشيعة، وخاصة في مفاهيم من قبيل: أسماء الله وصفاته، والولاية الباطنية، والعشق، والإرشاد المعنوي والروحي. وقال شيمل أيضاً: إنّ الإمام الصادق× هو أول شخص في الإسلام تحدث عن العشق، وقد سبق في ذلك حتى رابعة العدوية. وفي ذلك يمكننا أن نستذكر الحديث المروي عن أمير المؤمنين×، إذ يقول: «حبّ الله نارٌ لا يمرّ على شيء إلا أحرقه»([14]). وقارنوا ذلك بنار العشق التي يتحدث عنها المولوي. وطبعاً فقد استند شيميل في هذا الخصوص إلى معلومات وأدبيات ناقصة، ولم يلاحظ مناجاة الإمام زين العابدين× العرفانية، من قبيل قوله: «اللهم اجعلنا ممَّن دأبهم الارتياح إليك والحنين، ودهرهم الزفرة والأنين».

وقد نقل شيمل تعاليم الإمام الصادق× في فهم القرآن؛ إذ يقول: «كتاب الله عز وجل على أربعة أشياء: على العبارة، والإشارة، واللطائف، والحقائق. فالعبارة للعوام، والإشارة للخواص، واللطائف للأولياء، والحقائق للأنبياء». وذهب إلى أنّ هذه التعاليم قد ألهمت العرفاء في تنظيم مراتب ومنازل الأولياء ومقاماتهم وأحوالهم([15]). وعلى أية حال فإن الكلام في هذا الباب وغيره من أبواب العلوم الأخرى في هذا الشأن كثير وطويل. وقد ذكرت هذا النزر اليسير على سبيل المثال، ويمكنك أن تقيس على ذلك.

 

الشيعة والمنجرات التاريخية ــــــ

9ـ ولقد صرختم في وجه الشيعة ثانية، وقلتم: «ما هي شخصياتكم المشهورة، ومَنْ هم علماؤكم البارزون؟ فإذا كان هناك كبار المفسرين والعرفاء والمتكلمين والمدافعين عن الدين فإنما برزوا من بين غير الشيعة، بل كان الشيعة مدينين لهم في هذه المجالات». لست أدري ما هو تعريفكم لمفردة (كبار)! إذا كان مرادكم من ذلك المقبولية والشهرة فقد تمتع به علماء السنة على نحو أكبر؛ لأنهم يكتبون لأكثر من ثمانين بالمئة من المسلمين. وإذا كان مرادكم النصوص والكتب المؤلفة فما هي طريقتكم في المقارنة بين النصين اللذين يتبعان مصادر ومباني مختلفة؟ ومن باب المثال: كيف تقارنون بين التبيان للطوسي وجامع البيان للطبري، أو بين مجمع البيان للطبرسي وتفسير القرآن لابن كثير، وكيف ترجحون بعضها على الآخر؟ أياً كان الجواب عليكم أن لا تغفلوا مسألتين:

الأولى: إنّ الشيعة قبل العهد الصفوي كانوا أقلية، وكان كل ما يقولونه ويكتبونه على مرّ العصور ـ باستثناء فترة وجيزة في عصر آل بويه ـ يخضع للضغوط والمنع والمصادرة. وفرق كبير بين من كان يمارس التعليم والتدريس والكتابة بكامل الحرية وفي وضح النهار وبين ذلك الذي كان يضطر إلى ممارسة هذا الحق الطبيعي بسرّية قصوى وحذر شديد، ويخفي نتاجه الفكري في السراديب وترع المياه، ليشهد بعد ذلك تلف جميع ما كتبه بفعل الرطوبة والتيارات المائية. وعلى الرغم من ذلك، وما مرّ به الشيعة من فترات عصيبة، فقد أحصى الشيخ الحرّ العاملي في القرنين الأولين، وفي عصر الأئمة، ستة آلاف وستمائة ألف كتاب روائي وحديثي فقط([16]). وهذا في فترة كانت كتابة الحديث في نصفها تقريباً محرَّمة من قبل الدولة، ويعاقب عليها. ويكفيكم إلقاء نظرة واحدة على مشاهير علوم الكلام والتفسير والقراءة والفقه والحديث والفلسفة والتاريخ لتدركوا موقع الأقلية الشيعية فيه، وتقارنوه بنتاج الآخرين. ويكفي أن تذكروا أنّ القرآن الكريم يتلوه اليوم جميع المسلمين، وتعتبر أتقن قراءة وتلاوة للقرآن على الإطلاق قراءة حفص بن سليمان البزاز، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي عبد الرحمن السُّلمي ـ وهم جميعاً من كبار علماء الشيعة ـ عن مولانا أمير المؤمنين علي×. والجدير بالملاحظة أن المحدِّثين من أهل السنة يتهمون حفص في مذهبه، ولا يقبلون روايته، ويسمُّونه: (مُنكر الحديث)، و(متروك الرواية)، ولكنهم مع ذلك يتلون القرآن على تلاوته وروايته، معتبرين إياها من أتقن الروايات والقراءات. وطبعاً لا تقتصر خدمة الشيعة للقرآن على هذا الحدّ، بل تذهب إلى أبعد من ذلك لتشمل إعراب القرآن وتنقيطه؛ إذ قام بذلك نفر من مشاهير علماء الشيعة، مثل: أبو الأسود الدؤلي، والخليل بن أحمد الفراهيدي، واضع علم العَروض، وأستاذ علم النحو بلا منازع.

الثانية: إنكم تتحدثون وتحكمون على قوم تعرّض تراثهم العلمي والأدبي للتلف والحرق والنهب مراراً عبر التاريخ. فبعد سقوط دولة آل بويه تمّ حرق ثلاث مكتبات عظمى للشيعة في بغداد، فأحرق تراث علمي ضخم لم يكن بالإمكان تعويضه أو تداركه. وهذه المكتبات هي: الأولى: مكتبة شاهبور بن أردشير، وزير بهاء الدولة، المعروفة بـ (دار العلم). والثانية: مكتبة أبي أحمد النقيب الموسوي، والد السيد المرتضى علم الهدى، والشريف الرضي مؤلِّف نهج البلاغة، وكانت تضمّ أكثر من ثمانين ألف مجلد أثير، وكانت تحت إشراف السيد المرتضى. والثالثة: مكتبة الشيخ الطوسي النفيسة، التي كانت مصدره في كتابة الفهرست. وقد تلف فيها نسخ فريدة من الأصول الشيعية المعروفة بالأصول الأربعمائة، وإلى الأبد.

10ـ وصرختم في وجه الشيعة مرّة أخرى: إنّ (الزيارة الجامعة) هي شاهد غلوّكم.

وقد قلتُم أنفسكم في بحث «الولاية الباطنية والولاية السياسية»، في شهر فروردين عام 1377هـ ش: إنّ العرفان هو علم الولاية. وقلتم: إنّ عرفاء المسلمين كانوا يعتقدون بأنّ النبي الأكرم| ولي الله الأعظم، وكان هو الإنسان الكامل. ويذهب الشيعة إلى أنّ هذا النوع من الولاية قد انتقل من النبي| إلى الإمام علي× وأولاده. وإنّ عرفاء أهل السنة وإنْ كانوا لا يذهبون هذا المذهب، ولكنهم يعتقدون في الوقت نفسه بتمتع أقطاب ومشايخ الصوفية بالولاية الإلهية، وأنهم حملة هذه الولاية في هذا العالم»([17]).

وقلتُم: «إنّ الإنسان الكامل ـ بناءً على نظرية العرفاء ـ مظهر لجميع أسماء الله. ولهذا السبب يعتبرونه (مظهر اسم الله الجامع)، أو يُسمونه (الكون الجامع)، ويرون له أرفع المراتب وأسمى المنازل. إنّ (الإنسان الكامل) مرآة كبيرة تعكس جميع الأنوار الإلهية. وهو الشخص الذي يذهب العرفاء إلى قيام جميع هذا العالم به. وهو أكبر ممثل وخليفة لله في هذا العالم، وكان العرفاء، دون أن يسمّوا شخصاً بعينه، أو يحدِّدوا مصداقاً معيّناً، يذهبون من الناحية النظرية إلى ضرورة وجود مثل هذا الشخص، وأنّ هذا الشخص هو ولي الله الأعظم»([18]).

ثمّ قلتُم في بيان الفرق بين (قرب النوافل) و(قرب الفرائض): «في أحدهما يكون الله يدنا، وفي الآخر نغدو نحن يد الله».

(*) باحث إسلامي مقيم في لندن، يرأس مركزاً للدراسات الإسلامية.

([1]) نهج البلاغة، الخطبة: 235.

([2]) عبد الكريم سروش، بسط التجربة النبوية: 5، انتشارات صراط، طهران، 1378هـ ش.

([3]) نهج البلاغة، الخطبة 128.

([4]) المتقي الهندي، كنـز العمال، الحديث 36372؛ الكليني، أصول الكافي 1: 239 (باختلاف يسير)، انتشارات آخوندي، 1388هـ.

([5]) أصول الكافي 1: 268.

([6]) بسط التجربة النبوية: 101.

([7]) المصدر السابق: 31.

([8]) المصدر السابق.

([9]) المصدر السابق: 26.

([10]) المصدر السابق: 27.

([11]) المصدر السابق: 25.

([12]) المصدر السابق.

([13]) Schimmel، Annemarie Mystical Dimensions of Hslam، the University of North Carolina Press، 1975.

([14]) الإمام الصادق×، مصباح الشريعة: 193، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1400هـ.

([15]) شيمل، المصدر السابق: 41.

([16]) الحر العاملي، وسائل الشيعة 30: 165، مؤسسة آل البيت^، قم المقدسة، 1414هـ.

([17]) بسط التجربة النبوية: 258.

([18]) المصدر السابق: 258.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً