أحدث المقالات

مقدمة :

النهضة فكرة قرآنية أسسها الله تعالى لترسم معالم الإنسان في أبعاد كثيرة،  تبدأ في معراجها نحو النهوض من دائرة الذات وتتسع هذه الدائرة إلى الأسرة، ومن ثم تأخذ اتساعاتها أبعادا تشمل الممجتمع ومن ثم الدولة بحدودها الجغرافية الخاصة والخارج جغرافية أي دولة الإنسان.

والنهضة متصلة اتصال عضوي وظيفي بالتغيير ببعده الإيجابي ، كونها كفكرة تكتنز في عمقها الحركة وليس الركود، والحركة باتجاه تصاعدي ، وهي من مقومات التغيير – أي الحركة – ومن مصاديق الحركة التصاعدية المقاومة التي تعني رفض ومواجهة كل ما من شأنه سلب مقومات إنسانية  الإنسان ، وهي الحرية والإرادة والاختيار ، سواء بالاستبداد أو الفساد الذي يعيق نهضة الإنسان والمجتمعات والدول ، أو بالاحتلال الذي يسلب المقدرات والثروات والمقومات ويهدر الطاقات فيمنع النهضة كونها مقوضة لوجوده ومانعة لهيمنته.

ولو توغلنا بالفكرة قليلا كي ندخل بها أرض الواقع لوجدنا أن النهضة مع وجود المطامع والمطامح والنزعة نحو الهيمنة من قبل دول النفوذ الاقتصادي والعسكري ، ستحتاج النهضة كي يتم تفعيلها كمشروع أممي يبدأ من الفرد إلى المجتمع والمجتمعات المشكلة للشعوب لينتهي بالدول ، ستحتاج إلى مأسسة في منظومة متكاملة ذات أعمدة مقومة لها ضمن ثلاثية الدولة والجيش والمقاومة الشعبية .

فالدولة بمؤسساتها وظيفتها مقاومة الفساد بكافة أشكاله، وترسيخ معايير كالكفاءة وأسس المواطنة والابتعاد عن المحاصصات التي تفتح أبواب المحسوبيات، وتقتل معيار الكفاءة وتقوض مقومات الدولة بمؤسساتها، فيكون العمل المؤسسي والبرلمان المسؤول عن

 التشريع والرقابة الذراع السياسي المقاوم .

ومن هذه المقدمة نطرح التساؤل التالي :

ما هي معالم نهضة الإمام الخميني رحمه الله وكيف جسدت مصداق مفهوم النهضة على أرض الواقع؟

مدخل:

جاء نجاح الثورة الإيرانية في ظل ظروف سياسية تاريخية متراكمة في المنطقة، شكلت تحديا حقيقيا لها  على مستويين:

الأول : كونها قامت على يد رجل من علماء الدين في دولة كإيران  حملت كثيرا من الأحداث التاريخية التي كان للعلماء دورا في صناعتها سلبا أو إيجابا.

خاصة أن تجربة الميرزا النائيني ألقت بظلالها على واقع الحوزة وتركت تساؤلات كبيرة في ساحاتها حول العلاقة بين السياسة والدين وجدوائية دخول علماء الحوزة في فضائها وساحاتها ، رغم القدرة التي أبداها بعض العلماء في مفاصل زمنية مهمة من تاريخ الأمة، والتي ذُكِرت تاريخيا في مشاهد عدة كفتوى التنباك الشهيرة وكثورة العشرين ، إلا أن التجرية النائينية شكلت مفصلا تاريخيا هاما ، خاصة في النجف فضلا عن قم وهما حاضنتان أساسيتان ومحوريتان للحوزات الدينية الأكثر فاعلية .

وأما المستوى الثاني : هو فيما يتعلق بوضع المنطقة السياسي  – وخاصة في الجوار العراقي وفي مصر قلب الأمة العربية النابض – توالت أحداث هذين البلدين بالانتفاضات الشعبية وحالات الرفض المتكررة و المطالبة بالاصلاح السياسي ، وكانت نتيجتها  دخول الثوار من العسكر على الدبابات إلى قصور الحكام  وبدء مرحلة جديدة يحسبها الظمآن من الشعوب للتغيير إصلاحا ولكنها وعودا سرابا جل ما فعلته هو إعادة موضعة الحكام ( الثوار ) الجدد في السلطة مع بعض عمليات التجميل السطحية لامتصاص غضبة الشعوب .

هذا فضلا عن احتلال دولة فلسطين وزراعة عدو صهيوني في أرضها لأهداف استعمارية تآمرية على المنطقة كافة لما تملكه من رصيد بشري وتاريخ حضاري وكونها مهدا للأديان السماوية ، والأهم ثرواتها الغنية بمواد الأولية للطاقة والغاز وغيرها من المعادن التي يحتاجها الغرب في ثورته الصناعية.

إيران من الداخل :

في الداخل الإيراني كانت التحديات الحقيقية هي في تصدي علماء كبارا تاريخيا لمحاولات الاصلاح السياسي ضمن أطر مختلفة وبعضها هجين بين تعاليم الاسلام والليبرالية الغربية ، جل هذه المحاولات لم تحرز تغييرا حقيقيا وإن دفعت بعضها نحو مزيدا من الوعي  ومزيدا من الرفض ، هذا فضلا عن طبيعة الجو الحوزوي والظروف المحيطة به خاصة فيما يتعلق بالسياسة  وسبل مواجهة انحراف الحاكم ، ليأتي الإمام الخميني “رض” ضمن هذا السياق الزمني والمكاني ومحمولاته التاريخية  وينتفض بلغة أخرى ، وإن كانت عناوينها هي ذاتها،  لكن اختلفت الآليات وقاعدة الانطلاق والأهداف الكبرى.

لكنه في ذات الوقت جاء ليؤكد محورية دور العالم التي أسسها من سبقه من العلماء في العمل السياسي وليراكم عليها لمواجهة تيار آخر كان يصر على النأي بالعلماء عن التصدي ومواجهة الانحرافات السياسية في الحكم .

الثائر نفسه كان  في قلب الحدث وفي الصفوف الأولى المضحية قبل الشعب ، فهو قائد الثورة ويقف في مقدمتها ويضحي لأجلها قبل الشعب الثائر ، بأدوات سلمية تماما حيث رفض الى نهاية الثورة استخدام السلاح في مواجهة أبنائه من الجيش الايراني وأصر على السلمية ، وأسس لثقافة سلمية واجهت البارود بالورود وكان لها أثرا كبيرا في استقطاب الجنود وانضمامهم لصفوف الشعب . وهو ليس كأي ثائر كونه لا ينتمي للعسكر وليس أوخنديا ولا من نخبة المثقفين والمفكرين ، بل هو من الحوزة العلمية وما لهذا من أهمية كبيرة في إحداث ثورة ليس ضد حكم الشاه فقط بل ضد مسلمات الحوزة التي مر عليها عقود من الزمن حول العمل السياسي وطبيعة وظيفة العالم وعلاقته بالمجتمع والدولة ، حيث أعاد الإمام رحمه الله بناء رؤية جديدة في محورية دور العالم في إقامة دولة ليس منفردا وإنما محصنا بمقبولية شعبية أعاد من خلالها دور العالم في صناعة وعي المجتمع وعيش آلامه وآماله وتحقيق تطلعاته بالعدالة التي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال دولة تتبنى شرع الله وتفهم الإسلام بروح التوحيد ولغة العصر وتوائم بينه وبين حاجات المجتمع وخيارات الشعوب لا ضرورات الأنظمة .

إضافة لمواجهته مسلمة عقدية تاريخية كانت ضمن أبجديات الحوزة وهي لا تصدي لإقامة دولة حتى ظهور صاحبها أي الإمام المهدي “ع” ، وهو ما عطل تاريخيا الدفع باتجاه التصدي لإقامة شرع الله ، وتقدم بذلك الطامعون والطامحون للسلطة ليصبحوا أداة سهلة في يد الاستعمار يلعبوا بثروات إيران ويتآمروا على الأمة ، ويقمعوا كل طاقاتها لتتحول إلى مجرد سوق يستهلك بضائع المستعمر ، الذي يصنع بضائعه بثرواتنا ثم يبيعها علينا بأعلى الأثمان ليس فقط كبضاعة استهلاكية ، وإنما هي بضاعة تحمل ثقافته التي يريد من خلالها محو هويتنا وثقافتنا ومسلماتنا ، ليحولنا إلى مسخ عنه .

الإمام ونظرية الدولة :

لقد أمتلك الإمام رؤية واضحة عن الدولة : من حيث الأسس والمباني والأهداف والآليات، فزاوج بين الشرعية والمقبولية أو الفاعلية التي لها جذور سقراطية في رؤيته عن الدولة وهي نظرية الأساس الوظيفي للدولة .

فأسس الإمام رؤية عن الدولة وهو ما لم نجده متوفرا عند الثائرين في السابق أو الحاضر ، وهو ما ظهر جليا في فشلهم في تحقيق الاصلاح المنشود من قبل الشعوب وفي عدم قدرتهم على تحقيق تغيير حقيقي في منهجية الحكم وأهدافه ، بل كان تغييرا للأشخاص والوجوه غالبا مع بقاء المنهج والمسار السياسي للأنظمة السابقة.

 الدولة الاسلامية وفق نظر الإمام في ولاية الفقيه قائمة على أصالة الوظيفة كمصدر للمشروعية ، فمن الناحية الفلسفية تعتبر للكفاءة مصدرا للمشروعية ،لذلك فإن أهمية أركان الدولة ومؤسساتها جميعا تأتي من كفاءة النظام وفاعليته ،ومصدر مشروعيتها هو الولي الفقيه ،ورأي الناس هنا ليس له محلا أو موقعا في هذه المشروعية ،لكنه على مستوى كبير من الأهمية إذ أن فاعلية هذا النظام لا يمكن أن تتم أو يتم تفعيلها دون مشاركة الناس ومقبوليتهم .

فتكون الدولة قائمة على أساس أصالة الوظيفة بأركانها المهمة : الكفاءة كمصدر للمشروعية  ، والمقبولية كأرضية هامة لفاعلية النظام  .

وكان الإمام الخميني رحمه الله كعالم دين السباق بثورته في التأسيس لنظرية دفاعية مهمة في الدولة وهي ثلاثية الدولة والجيش والشعب من خلال إنشائه لمقاومة شعبية هي الباسيج وأهم مهامها حماية الثورة والدولة من أي اختراق داخلي أو خارجي لتشكل خط التمويل والدفاع الثاني للجيش الإيراني في الدولة الإسلامية.

انطلق الإمام من الميدان وعمل على النهوض بوعيه وبثقافته الرافضة للاستبداد ونهب الثروات وإباحة الدولة للمستعمرين وتعطيل طاقات أبناء إيران وتقويض حضارتها وتدمير راهنها ومستقبلها.

فنجح في الهيمنة على قلوب الشعب فاستوعب ميدانهم ومن ثم استطاع بهم أن يسقط استبدادية استمرت قرون ، ليشكل دولة لا منطلقا من السلطة أو طمعا بها، بلدمن خلال مبدأ اترك السلطة وامسك الميدان ، فصنع سلطة من رحم الميدان ومشاركته وتضحياته .

السلطة التي صنعها الإمام كانت مبانيها قائمة على فهمه الواعي للاسلام وغاياته وإدراكه للتوحيد وتطبيقاته العملانية ، الإنسان ميدانها ومحورها ووقودها الناهض بها ، بل هو رصيدها وأساس قيامتها واستمرارها .

فأسس القاعدة البنوية للدولة مستلهما أسسها من القرآن والسيرة النبوية ، ثم جعل الشعب شريكا في كل خطواته كي يعيد ثقته بذاته من جهة ويعيد في وعيه دوره وتكليفه في بناء هذه الدولة .

وبذلك بنى الجسر بين السلطة والشعب ليكون هو الشاهد والأمة شهيدة ، صنع وعيها ودفع بها نحو كمالها الذاتي ، فشكلت له المقبولية لتفعيل مشروعية الدولة في أرض وعيها وساحات العمل والتنفيذ.

أحيا الإمام ثقافة وهوية المسلمين التي تعتمد على جذورهم التاريخية وأصولهم القرآنية ، وكان لمقاصد الشريعة وجودا واضحا في مضامين سير الثورة وبناء الدولة لكن بالتطبيق دون التصريح ، فالحرية والكرامة والحقوق والواجبات والعدالة والمساواة كقيم وكمقاصد تجلت في الدستور الإيراني وتشريعاته وفي سلوك قياداته مع الشعب .

وفي المجال الاقتصادي والتنموي والعلمي فعّل  نظرية الاكتفاء الذاتي  من خلال بناء الذات والفرد والمجتمع وتحصينه من الحاجة والاذلال ليبني الدولة بسواعد أبنائها ويحيي فيهم روح الانجاز والابداع ، من خلال مراحل بدايتها كانت بالتخلية ثم التحلية حيث وضع العرش ثم النقش ، فرفض الرضوخ تحت وطأة الحصار الاقتصادي ورفع من همة الشعب بإحياء قيمة الكرامة والعزة والتخلي عن الاستعانة والاعتماد على الغرب واللجوء للإرث الثقافي والحضاري التاريخي والاستلهام منه القدرة على الاكتفاء الذاتي ، فأعاد هيبة مفهوم الكرامة والعزة من خلال رفع سقف الحريات والتأسيس لمبادئ العدالة الاجتماعية والتي هي نهج إلى الآن تسير الجمهورية عليه حيث الطريق طويل والمعوقات كثيرة .

لم تكن الدولة في فكر الإمام تتشكل بأطر جغرافية تحولها لقطر تلغي مفهوم الأمة ، بل في الدستور الإيراني جعل من مهام الدولة نصرة المستضعفين في كل مكان ، وهو ما رسخ مفهوم الأمة ونصرتها القائمة لا عأساس مذهبي أو عرقي بل على أساس إنساني تتحرك الدولة باتجاهه على أساس  مفهوم الظلم والمظلومية .

فالأمة في نظرية الدولة عند الإمام حاضرة بقوة لتلغي كل محاولات التقسيم الاستعمارية للدول جغرافيا وتحويلها إلى أقطار وشعوب مجزأة ، لتلغي مفهوم الأمة بحجة السيادة .

بينما الإمام أعاد إحياء مفهوم الأمة القرآني الذي يعطي زخم قوة في وجه الاستكبار ، لأن التجزيء هو نوع من الإضعاف وهدر القوة والمكنة وبالتالي منع الغلبة ، وهذا ما فعله الاستعمار في منطقتنا ، لكن إعادة الحياة لمفهوم الأمة القرآني والذي ظهرت اليوم آثاره جليا ، كان سببا محوريا في تمكين محور الرفض بأطيافه المختلفة مذهبيا وطائفيا وفق مبدأ نصرة المستضعفين في وجه مشروع الاستكبار الذي يهدف لمزيد من التقسيم لمنطقتنا ومزيد من الهيمنة على الثروات .

الإمام والصحوة الإسلامية :

ما ميز الإمام في تأسيسه لصحوة إسلامية على المدى الاستراتيجي  هو عملية الاكتفاء الذاتي التي حولت إيران لقوة منتجة ومصنعة ومصدرة وليست مستهلكة مما خفّض منسوب اعتمادها على الخارج وقلل من تداعيات الحصار الاقتصادي على اقتصاديات إيران ، ومن جهة أخرى بنية الدولة التي قامت على المشروعية والمقبولية وأسست لانتخابات حقيقية للشعب فيها دور محوري في اختيار رئيس الجمهورية والبرلمان ومجلس الشورى ومجلس الخبراء وحتى الولي الفقيه ضمن ضوابط وقواعد متشابكة ومعقدة تضمن حيوية النظام واستمراريته ومشاركة الشعب ، وهو ما أخاف المستعمرين من أن تتحول منهجية الإمام في بناءالدولة إلى مرام للشعوب المحيطة ، بعد أن أثبطت عزيمة هذه الشعوب بثورات شكلية لا تملك رؤية ولا قيادة بل كرست  الاستبداد وقمع الشعوب ، وجاءت بديموقراطيات شكلية لا تغني ولا تسمن من جوع.

إلا أن نجاح الإمام “رض” كان بعبوره المراكمة التاريخية والتصورات المتمكنة في ذهنية الشعوب عن دور العلماء الخجول في مواجهة السلطة ، والتحديات الداخلية ، والتحديات المحيطة التي ربطت بين مجموع الثورات التي حدثت وأتت بحكام جدد على دبابات عسكرية وتصورات الشعوب عن الثورات ومآلاتها .

فرسم صورة جديدة لحقيقة دور ووظيفة عالم الدين والمؤسسة الدينية كونها وظيفيا يجب أن تكون في مقدمة المواجهة والرقابة لأي انحراف من قبل السلطة فهي الأجدر على تشخيص الخلل وتقويمه .

نجاح الإمام أيضا كان من خلال انطلاقه من التوحيد العملي إذ هيأ الساحات لتطبيقه ومن ثم بنى صرحا سوَّرَهُ بتفعيل دور الشعب والإنسان في البناء والتحصين والنهوض ، ليكون الدور في طول إرادة الخالق وبتشريعاته وليس في عرضه ولا بتشريعات غيره .

بنى الإمام  منهجا جديدا للثورة أعاد فيه دور الإنسان و أسس قاعدته على فهم واعي للإسلام والقرآن ، ورفض رغم قوة التحديات ثقافة الرضوخ والمساومة ، وأحيى ثقافة الاقتدار والمكنة  والتحول لقوة ناهضة في كافة المستويات قادرة على أن تلعب دورا إقليميا تنصر من خلاله المستضعفين ، حيث حول استضعافهم إلى قوة ذاتية ناهضة ودرب سواعدهم وعقولهم ليكونوا قاهرين حتى بموتهم فضلا عن حياتهم  ، لتحرج أنظمة المنطقة بنموذجها رغم كل محاولات الشيطنة ، ولتجبر السيد أن يقر بقوتها فيتبعه العبيد إقرارا بها كدولة إقليمية ولاعب مهم في العالم ، وفق مبدأ الاحترام المتبادل واحترام الحق والسيادة .

ومن أهم نقاط الوعي في مشروع نهضة الإمام رحمه الله وثورته مقارنة مع الثورات التي حدثت مؤخرا ، هو أنه لم يثر على الظلم دون امتلاكه رؤية كاملة عن الدولة وهو ما ترجمه كرؤية في كتابه الحكومة الإسلامية ، بينما بعض الحركات الإسلامية اليوم التي ثارت ثم فشلت في قيادة الدولة كانت لا تملك حقيقة رؤية عن الدولة التي تريد ، من جهة أخرى لم تمتلك هذه الحركات الجرأة على الانقلاب التام على النظام الفاسد وارتباطاته المشبوهة ضد الشعوب بل الأمة ، بل زاوجت بين شعاراتها الاسلامية وسياساتها البراغماتية التي أبقت على مشاريع فاسدة لا تتناسب وشعاراتها ، بينما الإمام طابق بين شعاراته ومشروعه للدولة من خلال تبنيه نظام جمهوري إسلامي وسلوكه عمليا وفقه مستلهما دستور الجمهورية من نصوص القرآن وسنة النبي ص واجتهاد الفقهاء ، لم يساوم أعداء الأمة قيد أنملة رغم حجم الضغوط الذي مورس ضده .

وهنا يكمن الفارق الكبير بين ثورة الإمام وتحقيقها للنهضة ، وبين ثورات هذا العصر وفشلها في تحقيق التغيير والنهضة ، إذ أن أي ثورة لابد أن تكون أبرز نتائجها التغيير ومن ثم النهضة .

وهذا ما أدركته قوى الاستكبار وأدواتها من الأنظمة العميلة التي أودعت كل إمكاناتها لشيطة ثورة الإمام الخميني “رض” ، بمذهبتها تارة أو بعرقنتها تارة أخرى لتتمكن من بناء جدار نفسي قومي ومذهبي بينها وبين عقول الشعوب المجاورة ، حتى لا تشكل لهم مرجعية ملهمة للأفكار تقود عقولهم نحو رسم خريطة نهضة وخطة عمل تنفيذية لها تغير من واقعهم وتنهض به .

وهو للأسف ما استجابت له بعض الشعوب وكان سببا في بقائها زمنا استمر ليومنا تحت هيمنة قبضة استبدادية من بعض الأنظمة ، وقد ظهر جليا في الثورات التي حدثت مؤخرا وتم الالتفاف عليها كي لا تحقق هدف قيامة الشعوب في العدالة والنهضة والتغيير.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً