أحدث المقالات

حوار مع: الشيخ يوسف الصانعي(*)

ترجمة: مرقال هاشم

الإنسان وموقعه في الرؤية الفقهية

الاجتهاد والتجديد: قبل كل شيء أقدّم لكم آخر كتابٍ لي في مجال الأبحاث موضع اهتمامنا، وهو بعنوان: «التجديد الديني في مسائل المرأة»، حيث أرجو منكم ملاحظته. يقوم سعينا على الاستفادة من فتاواكم وآرائكم في الفقه بأسلوبٍ تحقيقي وإنساني وتطبيقي. في المقالة التي كتبتها تحت عنوان: «اتجاهات الفقه الشيعي في المجال النسوي»، والتي بلغت ثماني وثلاثين صفحة، أتينا على ذكر فتاواكم خمسة وعشرين مرّة. من ذلك ـ على سبيل المثال ـ: الفتاوى الإبداعية والتجديدية لسماحتكم في مسائل من قبيل: بلوغ البنت، واتجاهاتكم الفقهية والحقوقية، وحضانة الأمّ، والإرث، والزكاة، والنساء الأسيرات، وإمامة الجماعة، وإمامة المرأة في صلاة الميّت، وزواج العبد من الحرّة، وكذلك إذن الأمّ في تزويج البنت غير البالغة؛ إذ من بين الأسئلة التي نودّ طرحها عليكم هو السؤال عن المواطن التي تعملون على التجديد فيها. سبق لنا أن أحصينا ما يقرب من خمسة وعشرين مورداً. في ما يتعلَّق بالعقل والإيمان الكامل الذي تتّصف به المرأة، والذي تؤمنون به، هناك انتقادٌ من سماحتكم لبعض ما رُوي في «نهج البلاغة»، وبعض الآراء الفقهية السابقة. وأنا إنما أعدِّد هذه الموارد بغية استحضارها من قبلنا ومن قبلكم. لقد تحدَّثتم عن الفصل بين الشريعة وأقوال الفقهاء، حيث قلتم: ليس كلّ كلامٍ يصدر من فقيهٍ يعني بالضرورة أن كلام الشريعة بهذا المعنى أيضاً. وكان لديكم تجديدٌ فقهي بما يتناسب مع النظام الحقوقي وروح العصر. ومن هنا فقد أطلقتم على سلسلتكم الفقهية عنوان: «الفقه والحياة»؛ إيماناً منكم بأن التجديد الفقهي يجب أن يتناسب مع روح العصر. ولكي لا نطيل الكلام نقتصر على مثال التساوي بين الرجل والمرأة في القصاص. وكما تلاحظون إن الأمثلة على التجديد كثيرةٌ جدّاً، وسؤالي هو: إن لدينا اليوم مدرستين بارزتين، وهما: المدرسة الإنسانية؛ والمدرسة الإلهية، فما هي نظرة سماحتكم إلى الإنسان بما هو إنسان؟ وما هو التأثير الذي تتركه هذه النظرة على استنباطاتكم؟ وكيف تنظرون إلى الإنسان من بين النزعتين: الإنسانية؛ والإلهية؟

^ إن ما ذكرتموه كان تلطُّفاً منكم، وإلا فإنه لا يحتوي على شيءٍ من الحقيقة من وجهة نظري، وإنما هو يعبِّر عن لطفكم وكريم أخلاقكم. وما ذكرتموه من المسائل لم يترك لنا شيئاً لنتحدَّث عنه. فقد تناولتم المسائل على نحو الإجمال، ونسأل الله سبحانه أن تتمّ الاستفادة منها بالشكل الأفضل. إن نظرياتكم وأفهامكم هي ما أفهمه أنا والآخرون من كبار العلماء. وأنا أرى أن الأمرين شيء واحد؛ بمعنى أن النزعة الإنسانية والنزعة الإلهية شيءٌ واحد، فإن الغاية التي يريد الله أن يصل إليها هي بناء الإنسان، ولا شَكَّ في أن عملية بناء الإنسان ناظرةٌ إلى الإنسان. إذن ما ورد في الإسلام من القوانين إنما يدور حول محور الإنسان، وليس في الإسلام قانونٌ خارج عن دائرة الإنسان، وعلى أيّ حالٍ فإن الإسلام وسائر الأديان السماوية إنما نزلت من أجل أن تصنع الإنسان. وكذلك فإن الذي تقوله النزعة الإنسانية هو أن الذين يفكّرون من أجل سعادة الإنسان إنما يعود تفكيرهم بالنفع على الإنسان، وعلينا أن نذعن لذلك. وعليه لا يمكن من وجهة نظري الفصل بين هذين الأمرين على المستوى الخارجي، بل الاختلاف يبقى على المستوى الذهني فقط. إن صاحب النزعة الإنسانية إنما ينظر إلى الإنسان وهو يطرح ما يراه مؤثّراً في إنسانية الإنسان من وجهة نظره. وإن الإلهيين ينظرون إلى تشريع الله ويطرحون ما يرَوْنه داخلاً في إنسانية الإنسان من وجهة نظرهم، وكلا الأمرين يعود إلى موطنٍ واحد من الزاوية الخارجية ومن الزاوية المصداقية.

الفقه بين التكليف والحقّ

الاجتهاد والتجديد: إن ما يذهب إليه الإلهيون هو التكليف، وهناك شيءٌ باسم «الحقّ والحقوق». فهل هناك تعريفٌ صادر عن الله في هذا الشأن؟ في حين أن النزعة الإنسانية تقول: إن كلّ ما هو موجود لا يعدو الحقّ والحقوق، بمعنى أن لكم الحقّ في أن تقوموا بهذا الأمر أو أن لا تقوموا به. فهل لدينا في الشريعة تكليفٌ أم حقوق؟

^ كلا الأمرين موجودٌ في الشريعة. فلو رجعتم إلى الدستور والقانون المدني الإيراني السابق، الذي هو ـ من وجهة نظري ـ أفضل قانون مدني في ذلك الوقت، ولا يزال هو القانون المدني الأفضل؛ حيث كتبه كبار علمائنا في حينها، ستجدون أنه يقول بشأن حضانة الطفل([1]): «إنه تكليفٌ، كما هو حقٌّ». لدينا في الإسلام تكاليف، ولدينا حقوق؛ فهناك سلسلة من الأمور التي تندرج ضمن دائرة التكاليف، وسلسلة من الأمور الأخرى التي تندرج ضمن دائرة الحقوق. وبطبيعة الحال إن التكاليف تعود إلى حقوق الله أو حقوق الآخرين، ومن ذلك أن على الولد ـ على سبيل المثال ـ أن لا يؤذي أباه وأمّه؛ فإن إيذاء الأبوين حرام. إذن يتعيّن على الولد أن لا يأتي بما يتسبّب بالأذى لأبويه. فإذا أراد الولد أن يسافر، وكان هذا السفر يؤذيهما ـ لا أنه يتسبّب بعدم رضاهما، وإنما يؤذيهما فقط ـ يكون هذا السفر محرّماً([2]). هذا تكليفٌ. ومن ناحية أخرى فإن للأب والأمّ حقّاً، وإن الحقّ ثابتٌ لهما بهذا المعنى. نعم، لو أردنا أن نأخذ الحقّ بذلك المعنى الذي يمكن لهما معه أن يتقدّما بالشكوى في المحكمة والقضاء فإن الحقّ بهذا المعنى محدودٌ جدّاً، ولا يكون إلا في موارد خاصّة جدّاً. وأستبعد أن يقول أصحاب النزعة الإنسانية: إن كلّ ما هو ثابت للإنسانية هو قابلٌ للرجوع فيه إلى المحاكم، ويمكن النزاع حوله في المحاكم، حيث يكون قابلاً للإثبات أو إثبات خلافه. ومن هنا فإني لا أرى أيّ فرقٍ بينهما، إلا إذا أُخذ الحقّ بمعنىً خاصّ، والثابت هو أن الإسلام ينطوي على حقوق، وينطوي على تكاليف أيضاً. وإذا اعتبرنا الحقّ بالمعنى الخاصّ فإنه سيكون عندها موجوداً بذلك المعنى في جميع المواطن أيضاً.

الاجتهاد والتجديد: وهل هذه الرؤية هي التي حملتكم على الجمع بين الحقّ والتكليف في استنباطاتكم الفقهية؟

^ أجل.

بدايات الإبداع في الفقه الإسلامي

الاجتهاد والتجديد: هل ترَوْن تاريخاً للإبداع والتجديد في الفقه…

^ أجل، إن سؤالكم يرمي إلى وجود التجديد والإبداع في الفقه حَتْماً، ولكنْ متى بدأ هذا التجديد؟ في حدود ما أمكن لي الاطّلاع عليه خلال هذه الأيام الثلاثة في بعض الأحيان أرى أن التجديد والإبداع قد بدأ منذ عصر الشيخ الطوسي، وذلك من خلال تأليفه لكتاب «المبسوط»، وقد صرّح الشيخ الطوسي نفسه في مستهلّ هذا الكتاب قائلاً: «أما بعد، فإني لا أزال أسمع معاشر مخالفينا [من أهل السنّة] من المتفقّهة والمنتسبين إلى علم الفروع يستحقرون فقه أصحابنا الإمامية، ويستنزرونه، وينسبونهم إلى قلّة الفروع وقلّة المسائل… إلى أن قال: وهذا الكتاب إذا سهّل الله تعالى إتمامه يكون كتاباً لا نظير له، لا في كتب أصحابنا ولا في كتب المخالفين؛ لأني إلى الآن ما عرفتُ لأحدٍ من الفقهاء كتاباً واحداً يشتمل على الأصول والفروع، مستوفياً… والمبسوط موسوعةٌ علمية كبرى حافلةٌ بالتحليل الدقيق والتحقيقات الثمينة في فقه الإمامية»([3]). وقد كان تأليف كتاب المبسوط بعد تأليف كتاب «الخلاف» وكتاب «النهاية»، المشتمل على نصوص الأخبار. وعلى حدّ تعبير السيد البروجردي&: كانت هناك كتبٌ قبل «المبسوط»، وكان سماحته يعتبرها من الأصول المتلقّاة، بمعنى أنها كانت نصوصاً روائية ثابتة، أو تمّ تناقلها عبر الصدور، وقد تمّ ضبطها والاستناد إليها، دون الذهاب إلى الفروع. وإن أوّل مَنْ قصد الفروع وتفريع الفروع ـ من وجهة نظري ـ هو شيخ الطائفة، ثمّ توقّف التفريع بعد شيخ الطائفة على مدى قرنٍ من الزمن تقريباً، على ما ذهب إليه صاحب «المعالم»([4]) والحاج آغا بزرگ الطهراني. فلكلٍّ من الشيخ الطهراني وصاحب المعالم بحثٌ في الشهرة أو بحثٌ في الإجماع، حيث كان الفقهاء على مدى فتراتٍ طويلة من المقلِّدين تقريباً، ولا أعني بذلك أنهم كانوا مقلِّدين بالمعنى الحرفي والاصطلاحي، وإنما كانوا؛ لشدّة حُسْن ظنِّهم بشيخ الطائفة الطوسي&، يأخذون مبانيه أخذ المسلَّمات، فكانوا يكتفون باجتهاداته في هذا الشأن، ولا يضيفون إليها شيئاً من عندهم.

الاجتهاد والتجديد: من المعروف أن الكوفيين كانوا يصفون القمّيين بالمقلِّدة؛ لأنهم كانوا يعتمدون على الروايات كثيراً.

^ إن هذا هو تعبيركم على أيّ حال. نعم، إنهم كانوا يقولون عنهم: «إنهم كالمقلِّدة»، وإلا فإنهم لم يكونوا مقلِّدين، ولذلك يقولون: إن المشهورات بعد الشيخ لا اعتبار بها، بمعنى أنها لم تكن تعبِّر عن أن الفقهاء بعد الشيخ إلى عصر ابن إدريس لم يكن لديهم كرٌّ وفرٌّ في المسائل، أو لم يكن هناك في أبحاثهم إشكالاتٌ وأجوبة. إن هؤلاء كما كان يقول الشيخ كانوا ينظرون إلى أدلّة الشيخ، وحيث كانوا على اطمئنانٍ، وكانوا في الوقت نفسه يعظِّمون مكانة الشيخ، وكانوا على ثقةٍ من أنها صحيحةٌ ومتطابقة مع الموازين الإسلامية، كانوا في استنباطاتهم لا يتجاوزون فتاوى الشيخ، حتّى جاء ابن إدريس&، وبمجيئه قدَّم خدمةً كبيرة لفقه الشيعة؛ حيث فتح باب الاجتهاد بمعناه الخاصّ، أي بمعنى الردّ والإيراد والإشكال، وألَّف كتاب «السرائر» على هذا الأساس، واستعرض هناك مباني الشيخ، واعترض على ما لم يقبله منها، وقبل بالباقي، ثمّ تواصلت الإبداعات بعده من جديدٍ.

الاجتهاد والتجديد: إتماماً لهذا البحث نقول: إن الإبداع والتجديد ليس أمراً ثابتاً، فلرُبَما تكون الفتوى في مرحلةٍ ما تجديداً، ثمّ تغدو في المرحلة اللاحقة من التراث.

^ إن الإبداع والتجديد يعود إلى تفريع الفروع، بمعنى أنهم أضافوا الفروع، وأضافوا المصاديق إلى القواعد. فنحن الآن نعيش في قطرنا ـ كما ترَوْن ـ شُحّاً في المياه، ولم تكن هذه الأزمة موجودةً في السابق، حيث كان الماء يجري بوفرةٍ، وكان بالإمكان استهلاكه بكمّيات كبيرة. أما الآن فأزمة المياه تدفعنا إلى التفكير والتدبّر، والتوصُّل إلى نتيجةٍ مفادها أن استهلاك الماء بكمّيات كبيرة سوف يُلحق ضَرَراً بالآخرين، بمعنى أنهم لن يتمكَّنوا من الحصول على الماء لغرض الاستهلاك. وعليه يكون هذا الأمر حراماً من وجهة نظر مَنْ يرى في ذلك ضَرَراً، ويكون معصيةً؛ إما من باب لا ضَرَر؛ أو من باب نفي الحَرَج.

الاجتهاد والتجديد: ألا يحدث هنا تداخلٌ وتوارد مع الأحكام الثانوية والأحكام الولائية؟

^ سوف أتعرَّض إلى الأمر، وأذكره في موضعه. إن ما ذكره هو أنه إذا كان التجديد بمعنى الإتيان بمسألةٍ على خلاف القواعد، وعلى حدّ تعبير الإمام الخميني&: على خلاف الفقه التقليدي، فهذا ما لم ولن يكون، وإلاّ فإن ذلك سيؤدّي إلى اضمحلال الإسلام، كما حصل لبعض الأديان التي كانت تفتي على طبق العصر. إلا أن التجديد والإبداع بمعنى ظهور فروع في كلّ عصر وزمان فإن الإمام الخميني& قد قال في بعض أجوبته: «إن اعتبار الأشجار والغابات وإحياء الأرض الموات من الأنفال لا يعني أن يقوم شخصٌ ويستأصّل بجرّافة جميع الأشجار، ويستحوذ على جميع الأراضي. كلاّ؛ فإن هذا الأمر إنما هو بالنسبة إلى عصرٍ كانت عملية الإحياء تتمّ بصعوبةٍ وبأدواتٍ بدائية وبشكلٍ محدودٍ جدّاً، أما الآن وعبر الوسائل الحديثة والمتطوِّرة فإن هذا يضرّ بالدولة والمجتمع»([5]).

لقد ثبت اليوم أن قطع الأشجار وتجريف الغابات يترك أضراراً بالغة على الطقس والبيئة. وبعبارةٍ أخرى: إن التفريع يعني ظهور موضوعاتٍ جديدة لم تكن موجودةً في السابق، ولكنْ يتمّ التنظير حولها بنفس الضوابط والقواعد القديمة، وأما الموضوعات والأحكام التي لا تقوم على تلك الموازين فهذا ما لم يكن في الإسلام، ولن يكون.

موقع الدولة في الفقه والحكم الولائي

الاجتهاد والتجديد: لقد أشَرْتُم ضمن كلامكم إلى الأحكام الولائية. فما هي رؤية سماحتكم إلى موضوع الدولة والحكومة ونسبتها إلى الناس؟ وما هو التأثير الذي تتركه الحكومة على الناس في آرائكم، من وجهة نظركم؟

^ أرى أنه ليس لذلك أيُّ تأثيرٍ. فأيّاً كانت الحكومة، وأيّاً كان الحاكم، الثابت هو أن للإسلام حكومةً ودولة، بمعنى أن الإسلام لا يرضى بالفوضى والهرج والمرج وتضييع حقوق الناس، ويرفض أن يكون هناك مظلومون، ويرفض أن يكون هناك ظالمون.

الاجتهاد والتجديد: عفواً ـ أعتذر على قطع كلامكم ـ، إذن كيف ذهب بعض العلماء، من أمثال: صاحب «علل الشرائع»، إلى حرمة تطبيق الحدود في عصر الغَيْبة؟

^ نعم، سوف أبيِّن ذلك، واسمحوا لي أن أقول لكم: «شكر الله سعيكم». انظروا، لا بُدَّ للإسلام من حكومةٍ لإدارة الأمور، وهذا ثابتٌ في منطقة الفراغ، وهذا هو الجواب الذي تقدِّمه منطقة الفراغ. إن للإسلام دولةً. وحيث إن هناك دولة إذن يجب القيام بكلّ ما تحتاج إليه الدولة. إن امتلاك الإسلام لدولةٍ يأتي في إطار عدم تضييع حقوق الناس، وأن لا يتعرَّض أحدٌ للظلم. وبعبارةٍ أخرى: يجب أن يكون الأمن مستتبّاً وشاملاً. وأن يكون هناك أمانٌ في جميع الأبعاد: أمن في الأرواح؛ وفي السكن؛ وفي الاقتصاد والثروات. ولا يخفى أن جميع أنواع الأمن تدور مدار الدولة، وإلا إذا لم تكن هناك دولةٌ فسوف يصبح كلّ شخص دولةً برأسه، وتعمّ الفوضى، ويسود الهرج والمرج. وهذا خلاف العقل والشرع، بمعنى أننا على يقينٍ من أن الشارع لا يرضى بالفوضى. فالشارع لا يريد للناس أن ينهش بعضهم بعضاً، وأن يقوموا بتضييع حقوق بعضهم. إن الإسلام يراعي هذه الأمور، ومن هنا فقد أمضى إقامة الحكم والدولة والنظام. نعم، من الممكن أن يكون للإسلام تحفُّظٌ على بعض الأمور، ولكنّ هذا خارج موضوع بحثنا الراهن؛ فإن أصل إقامة الدولة والحكم أمرٌ ثابت في الإسلام. وعندما تكون الحكومة هي الأصل فإن عليها أن تقوم بكلّ ما يصبّ في مصلحة المجتمع. وأرى أن السرّ في كلام الإمام الخميني&، حيث يقول: «إن الضرائب من الأحكام الأوّلية»، يعود إلى هذا المبنى، بمعنى أن إدارة الدولة إذا توقَّفت على فرض الضرائب، ولم تكن ميزانية الدولة تحتوي على المقدار الكافي من الثروات الضرورية لإدارة البلد، ولم تكن المصادر والمعادن بالمقدار الكافي، فيمكن؛ من أجل الحيلولة دون الفوضى والهرج والمرج، وتمكين الناس من الوصول إلى حقوقهم، بل يجب أن تكون هناك وزارةٌ للعدل، ووزارة للثقافة. وهذا كلُّه يحتاج إلى موازناتٍ مالية. وحيث تمسّ الحاجة إلى الأموال لا بُدَّ من فرض الضرائب. ولذلك فإني أرى أن الضرائب إذا كانت بشكلٍ يقرّه عقلاء العالم، وكان إنفاقها إنفاقاً مقبولاً من قِبَل عقلاء العالم، وكانت الدولة بحاجةٍ إليها، وجب على الناس دفع الضرائب، ووجب على الدولة جبايتها، كما نجد في بعض الروايات أن أمير المؤمنين× قد فرض الزكاة في الخَيْل([6]). ويبدو أن هذه الرواية ناظرةٌ إلى الضرائب. أما الزكاة فهي ليست من ضمن الضرائب، وإنما هي من العبادات.

الاجتهاد والتجديد: نريد أن نستنتج: أين يكمن الظهور والتجلّي الأكثر لإبداعاتكم أو تجديداتكم الفقهية، إذا وضعنا عليها عنوان التجديدات أو أيّ عنوان آخر تفضِّلونه؟

^ ليس هناك فرقٌ، الإبداع والتجديد أو تفريع الفروع.

الاجتهاد والتجديد: إذن لنقُلْ: تفريع الفروع، بعد انتصار الثورة، وبعد التجارب التي حصلتُم عليها، ما هي الأمور التي تحتاج إليها الحكومة الإسلامية من أجل بقائها واستمرارها؟

^ إن الإبداع والتجديد الذي أراه ضرورياً، وقد بذلتُ بعض الجهود من أجل تحقيقه، رهنٌ بمدى تقيُّد الحكومات بالموازين الإسلامية. وعلى هذا الأساس يجب على الدولة كلّما واجهت مشكلةً ولا تعرف حكمها أن تسأل أو تراجع الرسائل العملية. وعليها أن تعثر على الكلِّيات، ثم تعلن الحكومة الإسلامية والثورة الإسلامية عنها. إن الحجم الذي كان مؤثِّراً في إبداعاتي وتجديداتي يعود إلى زيادة طرح الإشكالات بعد الثورة الإسلامية عبر المواقع الافتراضية وعبر الإذاعات والقنوات التلفزيونية والإنترنِت. وأنا كنتُ ولا زلتُ أهتمّ بهذا المواقع. وحيث أعتقد بأن الإسلام دينٌ كامل؛ لقوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ (المائدة: 3)، فقد توجَّهتُ إليها، وبغضّ النظر عن فوائد ثورة الإمام الخميني&، فقد كانت لديه أهداف عالية، وكانت هذه الأهداف مؤثِّرة في تفريع الفروع. فليست المسألة مسألة الدولة، وقد كان تفريعي للفروع قد نتج بتأثير الإشكالات التي أثارها الآخرون، وبلغت مسامعنا. ففي السابق لم تكن الإشكالات تصل إلى مسامع أحدٍ، سواء في ذلك الذين كانوا في حوزة النجف أو في حوزة قم. كنتُ ذات يوم أتباحث مع شخصٍ في حوزة قم، وكان هناك بالقرب من الفيضية شخصٌ معروف باسم بابائي، يبيع الصحف، وكان طالب العلم إذا وقف واشترى منه صحيفة ينظر الناس إليه بتعجُّبٍ واستغراب؛ فهل يعقل لطالب العلم أن يقرأ الصحف؟! بمعنى أن الثقافة التي كانت سائدةً تعتبر حتّى قراءة طالب العلم للصحف أمراً مستقبحاً!! وعليه لم تكن هذه الإشكالات موجودة، أو كانت موجودة ولم نكن نلتفت إليها؛ أما الآن فقد أخذت تصلنا. وكنتُ أعي بعضها بنفسي. وكنتُ أرى أن الإسلام يشتمل على العدالة، ويراعي حقوق الآخرين. وعليه كيف يمكن لرجلٍ أن يكون له الحقّ في الخروج من المنزل متى ما شاء، حتّى لو كان في الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، ثم يعود مصطحباً زوجةً ثانية، ويقول لزوجته الأولى: انهضي وأعدّي فراشاً لهذه الزوجة؟! وأدنى حالات المشروعية فيها أن يكون قد عقد عليها بعقد الزواج المنقطع. ونحن إذ نقول بجواز ذلك؛ لماذا نمنع المرأة بالمطلق من الخروج من البيت، ونمنعها من الذهاب إلى الجامعة، أو إلى مكانٍ آخر؟! هذا يعني أن المرأة يتمّ التعامل معها بوصفها أَمَةً تحت تصرُّف الرجل.

في قضايا المرأة

الاجتهاد والتجديد: ألم يكن الفقهاء قد قرأوا قوله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ؟!

^ في ما يتعلَّق بقوله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ﴾ (البقرة: 228) عليكم أن تدركوا أن الأفهام تختلف. إن العلاّمة الطباطبائي&، الذي له حقٌّ على التفسير والعرفان؛ حيث كان فيلسوفاً وعارفاً، والفلاسفة والعرفاء لا يميلون إلى التصالح مع المرأة، وحتّى الملاّ هادي السبزواري يُنْقَل عنه بعض الآراء التي لا أروم التعرُّض لها في هذا المقام، إن العلاّمة الطباطبائي عندما يصل إلى هذا الموضع (من الحقوق المرتبطة بالمرأة في تفسيره)، وعلى الرغم من قوله: «لقد كرّر سبحانه (المعروف) في هذه الآيات فذكره في اثني عشر موضعاً؛ اهتماماً بأن يجري هذا العمل… على سنن الفطرة والسلامة»([7])، عندما يصل إلى هذه الآية نجده يقول: «إن هذا في الأصل يعني إعطاء كلّ ذي حقٍّ حقّه»، ويفسِّر ذلك قائلاً: «هذا يعني ثبوت الحقّ في الأصل، دون الخصوصيات»، ويقول: «إن للرجل حقّاً، كما أن للمرأة حقّاً أيضاً، ولكنّ هذا لا يعني رعاية الحقوق في جميع الخصوصيات. وإنما هنا حقٌّ لها في الجملة». وهكذا كلّما تناول العلاّمة الطباطبائي& هذا الموضوع في تفسيره فإنما يتناوله بشكلٍ عابر، أو يجيب عنه بحيث لا يخالف جوهر فلسفته. بخلاف الإمام الخميني&، حيث يراعي حقوق النساء بما يتناسب مع روح فلسفته وعرفانه القويّ تجاههنّ، إلى الحدّ الذي قال معه في هذا الشأن، بعد انتصار الثورة: «افتحوا لهنّ المجال؛ كي يتسنّى لهنّ الحضور في مجلس الشورى، واسمحوا لهنّ بممارسة حقّهنّ في التصويت؛ فإن لهنّ رأياً محترماً ومحفوظاً»([8]).

وعليه إن منشأ تفريعي للفروع، ودقّتي في تفريع الفروع، هو وسائل الإعلام والمواقع الافتراضية، والإشكالات التي كان يتمّ طرحها فيها. وكان بعضها يخطر في ذهني ابتداءً. ثم ترى أن بعض الفقهاء الذين يتحدَّثون بمزيدٍ من الدقّة يقولون الشيء ذاته، مثل: السيد أبو القاسم الخوئي، ولا أدري ما إذا كان لدى السيد علي السيستاني مثل هذا الكلام أم لا، ويبدو أن للسيد السيستاني مثل هذا الكلام أيضاً([9]). يقول السيد الخوئي: «حقّ الزوج على الزوجة… أن لا تخرج من بيتها من دون إذنه إذا كان ذلك منافياً لحقِّه»([10]). وهذا كلامٌ صحيح؛ حيث إنهما قد تزوَّجا، وأصبح للرجل بموجب عقد الزواج حقٌّ على المرأة، فإذا لم تُرِد المرأة أن تؤدّي ذلك الحقّ يحصل التزاحم. وهنا يكون هذا الكلام صحيحاً؛ بمعنى أنه لا يحقّ لها أن تخرج دون إذنه. بل قلتُ ما هو أكثر من ذلك، وهو أنه لا يحقّ للزوج بدَوْره أن يخرج من دون إذن زوجته إذا كان خروجه يتزاحم مع حقّ المرأة عليه، وإذا كان خروجه يؤذيها؛ لأن الآية الكريمة تقول: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (النساء: 19)، ومن البديهي أن الإيذاء لا ينسجم مع المعروف. وعليه يجوز للمرأة أن تخرج من دون إذن زوجها إذا كان خروجها لا يتزاحم مع حقوق الزوج.

الاجتهاد والتجديد: المعروف عن سماحتكم أنكم تلتزمون في فقهكم بمنهجية صاحب الجواهر…

^ أجل، ونعني بذلك الفقه التقليدي.

 

الجمع بين الإبداع والنزعة الجواهريّة

الاجتهاد والتجديد: كيف أمكن لكم إخراج هذه الآراء الجديدة من صُلْب الجواهر؟ وكيف لم يتمكَّن الآخرون من تحقيق هذا الإبداع؟!

^ لم يكن لدى الآخرين مثل هذه الدقّة. وكان العنصر الرئيس في هذا الأمر شيئين، أوّلاً: الكرّ والفرّ الذي كان يقوم به الإمام الخميني& في الأبحاث الفقهية، وحيث حضرتُ درس الإمام& لما يقرب من تسع سنوات، وكتبتُ أكثر أبحاثه، فقد تعلَّمتُ الكرّ والفرّ منه. أما دروس المراجع الكبار الآخرين فلم تكن تحتوي على مثل هذا الكرّ والفرّ، وإنما كانوا يذكرون مسألةً عن الآخرين، فإنْ كان هناك إشكالٌ أجابوا عنه وتجاوزوه، وإنْ واجهوا مشكلةً قالوا: «هذا ما قاله الله»، أو «هذا حكم الله»! في حين أننا لسنا أوصياء على الله، ولم نذهب إلى داخل بيت الله، وإنما نطوف حوله فقط، فالذي يبقى لدينا هو فهمنا فقط. وهؤلاء قد خلطوا بين «فهمهم» وبين «قول الله». وهناك ما يُشبه شرع الله في دستور الدولة. إن دستور الدولة الذي تمّ تدوينه في بداية الأمر كان قشيباً وجميلاً للغاية، ولا شأن لي بالملحقات التالية. لقد جاء في المادة 4 من هذا الدستور ما يلي: «يجب أن تكون جميع القوانين متطابقةً مع الموازين الإسلامية». والموازين الإسلامية لا تعني فتاوى الفقيه، وإنما تعني أن لا تكون مخالفةً للشرع. قد يكون الشيء مخالفاً للشرع من وجهة نظري، ولكنّه قد لا يكون مخالفاً للشرع من وجهة نظر الآخر، وعليه فإن المخالف للشرع هو الذي يكون مخالفاً له بالمطلق ـ على حدّ تعبير أهل العلم ـ، وأما الأمور التي يختلف فيها الفقهاء فلا يمكن القول: إنها مخالفة للشرع. وهذا واضحٌ في الدستور بشكلٍ كامل. وكنتُ في حينها واحداً من أعضاء مجلس صيانة الدستور، وكنتُ أعمل على طرح هذه المسائل وأتابعها.

موقفٌ من نظرية الزمان والمكان في الاجتهاد

الاجتهاد والتجديد: كما ذكرتُم فإن الكرّ والفرّ الذي كان يمارسه الإمام الخميني في دروسه كان له تأثيرٌ في توصُّلكم إلى أسلوبٍ جديد في الاجتهاد (الصانعي: يعني المزيد من التدقيق)، وأما الآن فإن البحث يدور حول أن الإمام الخميني& قد طرح نظريةً باسم نظرية الزمان والمكان، فكيف تقيِّمون هذا الأمر؟

^ لم يكن الإمام& هو أوّل مَنْ تحدّث عن نظرية الزمان والمكان، وإنما سبقه الشهيد إلى ذلك في كتاب «القواعد»، حيث أسَّس في هذا الكتاب لقاعدةٍ باسم (تأثير الزمان والمكان). كما كانت موجودةً قبل الشهيد، ولكنْ لا بوصفها قاعدةً. ويمكن لي أن أذكر بعض الأمثلة إلى ذلك: في باب الرطل كان المشهور بين الفقهاء أن الكرّ من الماء لا ينفعل [بملاقاة النجاسة]؛ وأما الماء القليل، والذي يعني الأقلّ من ماء الكرّ فهو ينفعل بملاقاة النجاسة، ويصبح نجساً. وهناك مَنْ قال: إن الأمر ليس كذلك. وهناك بحثٌ بين الفقهاء حول وزن الكرّ، وطبقاً لمرسلة ابن أبي عمير([11]) يتمّ تقدير وزن ماء الكرّ بألف ومئتي رطل. واحتدم البحث بين الفقهاء بشأن ما إذا كان المراد من الرطل هنا هو الرطل العراقي أو المدني أو المكّي؟ والرطل المكّي يبلغ ضعف الرطل العراقي، كما أن الرطل العراقي يقلّ عن الرطل المدني بمقدار الثلث، أي إنه ثلثا الرطل المدني. فالذين قالوا: إن المراد هو الرطل العراقي (المكان) يقولون: إن الإمام المعصوم× عندما يتحدَّث إلى أحدٍ فإن القاعدة القائمة بالنسبة إلى المتكلِّم الحكيم هي أنه يتحدَّث إلى المخاطب بمصطلحاتٍ مألوفة له، وليس بمصطلحاتٍ لا يفهمها، وحيث إن ابن أبي عمير شخصٌ عراقي فيبدو أن سائر الأصحاب كانوا من العراقيين أيضاً؛ إذن عندما يقول الإمام المعصوم×: إن مقدار الكر ألفان ومئتا رطلٍ فهو يعني الرطل العراقي. وكان محمد بن مسلم([12]) من سكّان الطائف، ومن أهل مكّة، وقد رُوي عنه تقدير الكرّ بستّمائة رطل. وحيث كان ابن مسلم مكّياً يظهر من هذه الرواية أن المراد هو الرطل المكّي؛ وذلك باعتبار السائل. وهناك مَنْ قال: إن الإمام هو الذي كان يجيب، وقد نقل الكلام عنه ذلك الراوي العراقي. وعليه كان هذا الكلام موجوداً منذ ذلك الحين، حيث كان يتمّ تناول بحث المكان والسائل والعُرْف والزمان في أوّل كتاب الفقه في كتبنا، وفي أوّل كتاب الطهارة، كما يتمّ طرحه في سائر المواضع أيضاً، ولكنّه لم يتبلور على شكل قاعدة.

وفي باب المَهْر، لو حصل الخلاف بين الزوج والزوجة، بأن قالت الزوجة: إن الزوج لم يعطني المَهْر، وقال الزوج: بل أعطيتُها المَهْر؛ فهنا مَنْ الذي يستطيع أن يثبت حقيقة الأمر، ومَنْ هو المُدَّعي منهما؟ فالرجل يقول: أعطيتُ، والمرأة تقول: لم تُعْطِني؛ فيكون الرجل مدَّعياً، فعليه أن يأتي بالدليل والبيِّنة على كلامه، بحكم القاعدة القائلة: «البيّنة على مَنْ ادَّعى، واليمين على مَنْ أنكر». ولكنّ الوارد في بعض الروايات أو جميعها (لستُ أدري) هو أن على المرأة أن تثبت. وهذا خلاف القاعدة. وهناك توجيهٌ من قِبَل الشهيد& لهذه الرواية([13])، يقوم على تأثير الزمان والمكان، حيث كان يقول: إن هذه الروايات إنما كانت في زمنٍ يُعْطَى فيه المَهْر قبل كلّ شيءٍ، ولم يكن ليتمّ تأجيله إلى ما بعد العقد، وإنما كان المَهْر يُدْفَع نقداً إلى المرأة، وحيث كان المهر نقداً، ويتمّ إعطاؤه لها، فإن ظاهر الحال يقضي بأن تكون المرأة قد حصلت على مَهْرها، وعليه عندما يقول الرجل: أعطيتُ المَهْر؛ يكون قوله موافقاً لظاهر الحال، ويكون مُنْكراً، وأما الزوجة؛ فحيث يكون قولها مخالفاً لظاهر الحال، تكون مدَّعيةً. وهذا البحث موجودٌ في باب المَهْر من كتاب «الوسائل»([14]).

أو ما جاء في دية الكلب، حيث ورد تقديرها في بعض الروايات بأربعين درهماً([15]). وقال بعض الفقهاء: إن دية كلب الماشية وما كان مثله أربعين درهماً. وقال بعض الفقهاء، ورُبَما كان هو الشيخ الصدوق: إن الأربعين درهماً ليست ديةً، وإنما هي قيمة الكلب في ذلك العصر. ولرُبَما يأتي زمنٌ تكون فيه قيمة الكلب مئة درهم أو خمسمائة درهم. وإن الكلاب المدرَّبة للبحث بين الأنقاض للكشف عن مكان المحصورين تحتها، أو التي تستطيع اكتشاف المخدِّرات، رُبَما بلغت قيمتُها مئات الملايين. وعليه يُقال هنا: إن هذه القيمة إنما تعود إلى تلك المرحلة الزمنية، ولا يمكن أن تتحدَّد بها إلى الأبد، وفي جميع العصور والأزمنة.

ولا بأس بأن تعلموا أن من بين المشاكل التي كنتُ أواجهها في الفقه والروايات هي المسائل التي تتعلَّق بطبّ الأئمّة المعصومين^. فإذا كان البحث فيها عن الحجّية فهذه الأمور ليست حجّةً؛ لأن الحجّية إنما تكون في الأمور التكليفية والحقّ والقانون، وهذه المسائل خاصّةٌ بالطبّ، ومجال الطبّ هو العلم والمختبرات العلمية. وعليه يجب البحث عنها في مظانّها. وهذه مشكلة لها حلٌّ. والمشكلة الثانية أنه كيف قاموا بهذه الأمور الطبّية؟ يُقال مثلاً: الذي تؤلمه بطنه فليتناول المسهِّل، وقد يكون الشخص مبتلىً باليرقان أو الصفراء فينصحونه بتناول المسهِّل، وإذا بجميع أمعائه وكبده تتعرَّض للتلف، فكيف كانوا يعرفون أنه يجب عليه أن يتناول المسهِّل، أو ينصح المريض الآخر بأكل التفاح، أو يتمّ التأكيد على تناول الملح، أو أن يبدأ الطعام بأكل الملح والانتهاء من الطعام بأكل الملح؟ وهناك مَنْ عمد إلى تبرير ذلك بأن الابتداء بالملح يقضي على الآفات وما إلى ذلك. وقد كانت هذه الروايات تمثِّل مشكلة بالنسبة لي، حتّى راجعتُ ذات مرّةٍ كتاب «الاعتقادات»، للشيخ الصدوق، فوجدتُ هناك بحثاً بعنوان: «باب الاعتقادنا في الأخبار الواردة في الطبّ»([16]). وقد ذكر هناك عدّة توجيهات لهذه المسألة. ومن ذلك: قوله: إن هذه الروايات قد تكون وردَتْ بشأن بعض الأصقاع الخاصّة؛ حيث يكون المناخ فيها مختلفاً عن سائر البلدان الأخرى، كأنْ يكون البرد فيها قارساً وما إلى ذلك؛ والاحتمال الآخر أن تكون هذه الروايات مما دلَّسه المخالفون في الكتب؛ لتقبيح صورة المذهب عند الناس. وهذا الكلام في غاية الأهمِّية من الشيخ الصدوق. لقد كان الشيخ الصدوق معروفاً بالنزعة الأخبارية، ونجده في بعض الأحيان يتمسَّك حتّى بالروايتين المتعارضتين، ويقال أحياناً: إنه أفتى في «مَنْ لا يحضره الفقيه». وعلى الرغم من ذلك عندما يصل إلى هذا الموضع يبدو الأمر مشكلاً بالنسبة له، فتراه يطرح تأثير الزمان والمكان في باب الطبّ وسائر المواضع الأخرى. وعلى أيّ حالٍ لقد كان الإبداع والتجديد موجوداً أبداً، غاية ما هنالك قلَّما كان هناك تدقيق، وأسأل الله أن يتقدَّم البحث في هذا الشأن بشكلٍ أكبر.

الاجتهاد والتجديد: إن لكلّ فقيهٍ عادةً بعض التلاميذ الذين يواصلون مدرسته، فهل تمكَّنتم ـ مع ما تتمتَّعون به من الدقّة والتعمّق ـ من إعداد تلاميذ يواصلون مدرستكم بشكلٍ عمليّ، بحيث يتمتَّعون ببُعْد النظر، ويقومون ببعض الخطوات والتدابير المستقبلية؟

^ هناك بعض المشاكل التي تحول دون ذلك، ولكنْ يتمّ تذليلها بالتدريج، إنْ شاء الله.

الاجتهاد والتجديد: إن آراء سماحتكم ومدرستكم المتبلورة وطلاّبكم في الأصول آخذين في الازدياد (الصانعي: حسناً، هذا صحيحٌ). ومن المعروف أيضاً أن الشيخ الصانعي متمسِّكٌ بفقه صاحب الجواهر، وأن فقهه هو فقه صاحب الجواهر، بمعنى أن السادة الآخرين إذا أرادوا الاستنباط فما عليهم إلاّ الاستفادة من كتاب الجواهر.

^ أجل، من كتاب الجواهر، والكلام الذي ذكره صاحب الجواهر؛ فلم أقُلْ شيئاً من خارج الفقه التقليدي.

ماذا تعني منطقة الفراغ؟

الاجتهاد والتجديد: ماذا تعني منطقة الفراغ؟ هل تعني عدم وجود حكمٍ للدين الإسلامي في تلك الدائرة، خلافاً للرأي المشهور؛ إذ يقولون: إن منطقة الفراغ تعني تلك المنطقة التي تخلو من الأحكام الإسلامية؟

^ كلاّ، لقد تمّ بيان جميع الموضوعات والأحكام، قال تعالى: ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ (الأنعام: 59). وهناك مَنْ يفسِّر ﴿لا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ﴾ بحيث يشمل الشرع والجغرافيا والأمور الأخرى. لقد وردت كلّيات ﴿وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ بوصفها دستوراً وقانوناً في القرآن الكريم. وقد بيّنها أهل البيت^ بوصفها قانوناً عادياً، حيث قالوا ما معناه: ليس هناك مسألةٌ لا نستطيع استخراج حكمها من القواعد والضوابط والأصول، بمعنى أنه لا يوجود موضوعٌ بلا حكم. وقال النبيّ الأكرم| في بعض أسفاره: «يا أيها الناس، والله، ما من شيءٍ يقرِّبكم من الجنّة ويباعدكم من النار إلاّ وقد أمرتُكم به، وما من شيءٍ يقرِّبكم من النار ويباعدكم من الجنّة إلاّ وقد نهيتُكم عنه»([17])، وجاء في صفة النبيّ الأكرم|: «يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر»([18])، وهذه قاعدةٌ ينتهجها النبيّ الأكرم. وعلى هذا الأساس يمكن لهذا الآمر بالمعروف أن يقوم بالكثير من الأشياء، ويقول بجوازها؛ وينهى عن المنكر ويقول بعدم جواز الكثير من الأشياء. وهكذا الأمر بالنسبة إلى قاعدة لا ضَرَر أو لا حَرَج أو قاعدة القرعة. لو تمّ التدقيق بهذا الشكل فلن نرى مورداً ـ في حدود قراءتي ـ لا يمكن العثور على جوابه وحكمه في ضوء التدقيق في الفقه الجواهري أو الكتب الفقهية للشيخ الأنصاري، (السائل: وهذا هو انفتاح باب الفقه)، ذلك الانفتاح في باب الفقه بمعناه الواسع. كان هناك عالمٌ من كبار الفقهاء، وقد حضرتُ حلقة درسه لبعض الوقت، وكان معروفاً، ويقدِّم دروساً جيّدة، ثمّ اكتشفنا أنه ليس مثل درس الإمام الخميني، حيث كنا نبحث عن الكرّ والفرّ. وكان هذا العالم الجليل يستند في الغالب إلى كتاب «الحدائق»، وكتاب «الحدائق» كتابٌ منظَّم ومرتَّب. وقد نقل عن الإمام الخميني أن الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي لم يكن في الفقه كما كان في الأصول، بمعنى أنه لم يكن قويّاً في تتبُّع الأقوال، وحيث كان يصل إلى تتبُّع الأقوال في عبارات صاحب «الحدائق» كان الفقه يتجلّى بشكلٍ زاخر. وكان اتّجاهه هو الانفتاح، ولكنّ انفتاحه إنما كان في الموارد الابتلائية. وإن الشيخ النائيني، الذي ألَّف كتاب «تنبيه الأمّة»، أثار بعض المسائل حتّى في الثياب المشكوكة. وإن السيد محمد كاظم اليزدي قد طرح في «العروة الوثقى» خمسين فرعاً في العلم الإجمالي. لقد كانت هذه الأمور من الموارد الابتلائية. ولكنّ المسائل التي نواجهها اليوم لا يتمّ الالتفات لها كثيراً. أحد أصدقائنا من أساتذة الجامعة، وقد ألَّف العديد من الكتب في الحقوق باللغة الإنجليزية والفارسية، وفي آخر يومٍ من شهر رمضان دعَوْناه إلى الإفطار عندنا، وسألتُه: ماذا تكتب الآن؟ فقال: أكتب في الحقوق، ولكنّي لا أستطيع العثور على شيءٍ في المصادر الإسلامية، وإن الحقوق في الإسلام ناقصةٌ! فقلتُ له: كلاّ، ليست ناقصةً، ولكنّك لا تستطيع العثور عليها، فهل لكَ أن تذكر لي مثالاً على ذلك؟ فقال: لو اتّفق شخصٌ ـ على سبيل المثال ـ مع آخر على طباعة كتاب، واتّفقا على السعر والقيمة ومدّة التسليم، ثم اختلّ وضع السوق، وارتفع سعر الورق، فوجد المتعاقد أنه سيلحق به ضَرَرٌ كبير ومجحف لو سار على طبق ما تعاقد عليه، وهنا يوجد بعض البنود في الحقوق المدنية في بلدان العالم ـ وذكر لي أسماء عددٍ من البلدان ـ تضمن عدم وقوع الظلم على أحدٍ؛ حيث تجيز فسخ هذه المعاملة، في حين لا يوجد مثل هذا الشيء في الإسلام! فقلتُ له: أنتَ تقول: لا يوجد، وأنا أقول لك: بل يوجد، فقال: أين؟ فقلتُ له: في قاعدة لا ضَرَر ولا ضِرَار، فكما يتمّ التمسُّك بهذه القاعدة في خيار الغبن يمكن التمسُّك بها هنا أيضاً؛ فإن هذه القاعدة تجيز للأجير أن يفسخ المعاملة، أو يأخذ قيمة التفاوت، ولا سيَّما في باب المعاملات، حيث يقوم هذا الباب من الأساس على إمضاء الشارع. هناك إجاباتٌ وحلول لو بحث المحقِّق المدقِّق عنها فإنه سوف يعثر عليها حَتْماً، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ (العنكبوت: 69).

إذا أردتُم العثور على أمرٍ فإنكم سوف تهتدون الطريق إليه؛ فإن الإسلام قد بيَّن الطريق، إن الإسلام هو دين اليُسْر والسماحة.

هناك كلام للسيد أحمد الخوانساري ـ الذي يشيد الإمام الخميني بتقواه ـ يقول فيه: لا يمكن الإفتاء في الأمور الهامّة اعتماداً على روايةٍ واحدة يتيمة، وإنْ كان راويها ثقةً([19]). إن الأمور الهامة يجب أن تصدر فيها العديد من الأخبار، وأن تتجاوز حدّ الاستفاضة، وأن تكون أدلّتها صحيحة. يقال: إن خبر الثقة حجّةٌ طبقاً لبناء العقلاء، والعقلاء لا يكتفون بخبر الواحد في ما يتعلَّق بقانونٍ صارم، مثل: الإعدام، الذي يعني القضاء على وجود الإنسان، وعليه لا يمكن للعقلاء أن يكتفوا بخبرٍ واحد أو خبرين، وإنما يجب أن يكون بحيث يورث الاطمئنان بجريان هذا القانون. وقد أصبح هذا باباً بالنسبة لي، ولكنْ لم تكن هناك أذنٌ صاغية، حتّى حدث في إيران أن قام سفير دولةٍ أجنبية بالزنا بامرأةٍ مسلمة، فقيل: حيث إن السفير غير مسلم فإن حكمه هو الإعدام، وأفتى الفقهاء بذلك، مستندين إلى موثَّقة حنان بن سدير، عن أبي عبد الله×، قال: سألتُه عن يهوديٍّ فجر بمسلمةٍ؟ قال×: «يُقْتَل»([20]). فهل يصحّ أن نكتفي بهذه الرواية الوحيدة، ونقول بأن هذا السفير، الذي انتدبَتْه بلادُه ليكون تحت حمايتنا، إذا قال: «أشهد أن لا إله إلا الله» ضرب ثمانين أو مئة جلدة، وإذا لم يقُلْ: «أشهد أن لا إله إلا الله» قُتل؟! لا يمكن إصدار مثل هذه العقوبة القاسية بمثل هذه الرواية الواحدة. نعم، هناك روايةٌ أخرى أو روايتان عن الإمام الهادي×، ولكنهما ضعيفتان، ولا يمكن الاعتماد عليهما. وعليه فإن الرواية المعتمدة لا تعدو أن تكون هي هذه الرواية الوحيدة والفريدة. وكيف يمكن إثبات مثل هذا الحكم القاسي بموثَّقةٍ واحدة؟! وفي حينها أشكلتُ على هذا الحكم، وحدثَتْ ضجّةٌ كبيرة. أو لنفترض أن طبيباً متخصِّصاً في جراحة القلب تدعوه من البلدان الأجنبية ليجري لك جراحةً قلبية، ويصادف أن يرتكب موبقة الزنا؛ فهل نحكم عليه بالإعدام؟!

وقد تمسَّك المقدَّس الأردبيلي& في «مجمع الفائدة والبرهان» بقاعدة التسهيل في مئات الموارد. ولا أقول بقاعدة نفي العُسْر والحَرَج؛ فإن هذه القاعدة قاعدةٌ مستقلّة، وإنما الذي أعنيه هو قاعدة التسهيل. ومن ذلك مثلاً: إن البعض يشترط الترتيب في الغُسْل؛ فالرأس والرقبة أوّلاً، ثمّ الجانب الأيمن، ثمّ الجانب الأيسر؛ وهناك مَنْ لا يشترط الترتيب. فأيُّهما أسهل؟ الأسهل هو عدم اشتراط الترتيب في الغُسْل. كما تمسَّك المقدّس الأردبيلي بقاعدة التسهيل لا في هذه القضية الجزئية فحَسْب، بل في مئات القضايا الأخرى. وأما نحن فقد نسينا هذه القاعدة، ونسينا أن الإسلام دين التسهيل والسماحة. رُوي عن النبيّ الأكرم| أنه قال: «لم يُرسلني الله تعالى بالرهبانية، ولكنْ بعثني بالحنيفية السهلة السمحة»([21]).

الاجتهاد والتجديد: كان هناك في بحثنا أربعة موارد لعبت دَوْراً مؤثِّراً في مجال الفقه، وهي:

1ـ بحث الزمان والمكان.

2ـ الدولة والحكومة تساعدنا على تتبُّع المسائل المستَحْدَثة.

3ـ الأحكام الثانوية تساعدنا في مقام التطبيق.

4ـ منطقة الفراغ تعني المواطن التي لم نستطع العثور فيها على الأحكام الإسلامية.

^ هل يمكن لكم العثور على موضوع لم يبيِّن الله حكمه؟! إن هذا على خلاف قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ (المائدة: 3)، وخلافاً لظاهر ما رُوي عن النبيّ الأكرم| أنه قال ما معناه: «لقد بيَّنتُ لكم جميع ما نزل من الأحكام»([22])، وخلافاً لقوله تعالى: ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ (الأعراف: 157). فكلُّ شيءٍ مبيَّنٌ، غاية ما هنالك أنه يحتاج إلى زيادةٍ في القراءة والتدقيق.

دور العقل والعرف في الاستنباط

الاجتهاد والتجديد: ما هو مدى استعمالنا للعقل والعُرْف في استنباطاتنا الشرعية من وجهة نظركم؟

^ إن العقل مهمٌّ وأساسي، بمعنى أن إدراكنا أمرٌ في غاية الأهمّية. وإن للأستاذ المهريزي رسالةً جيّدة حول العقل. وفي الأساس إن كلّ شيءٍ يقوم على العقل. وإن الطاعة والمعصية إنما تكونان بالعقل. والبراءةُ بالعقل. وقال السيد البروجردي: «لا توجد لدينا براءةٌ شرعية؛ لأن العقل هو الذي يحكم بالبراءة (قُبْح العقاب بلا بيان)، وإذا قال الشارع بالبراءة فهو إنما يعمل على إمضاء حكم العقل».

فلو تمسَّك شخصٌ في باب القيمي والمثلي ـ على سبيل المثال ـ بالعقل، وفي الكثير من الموارد يكون فهمنا وإدراكنا بملاحظة ما ورد من النصوص والتعاليم عن المعصومين. يكمن فرقنا في أن الآخرين يُعملون إدراكهم بمعزلٍ عمّا ورد عن المعصومين، ولكننا نعمل فهمنا وإدراكنا مع ملاحظة ما وصلنا من تعاليم المعصومين^. ونحن نقول: إن العدل أساس الأحكام ـ كما يقول الشهيد المطهَّري([23]) ـ، بينما هم لا يقولون بأن العقل أساسٌ للأحكام، وإنما يرَوْن العقل قائماً على الأحكام.

وأما أنا فأعتقد أن العدل هو الأساس. وللإنصاف إن العدل هو الأساس؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾ (النحل: 90).

الهوامش

(*) أحد مراجع التقليد في إيران اليوم. تلميذ الإمام الخميني والسيد البروجردي، وعضوٌ سابق في مجلس خبراء القيادة. له آراءٌ فقهيّة عديدة مخالفةٌ لمشهور العلماء، ولا سيَّما في فقه المرأة.

وقد أجرَتْ مجلّة «الاجتهاد والتجديد» اللبنانيّة هذا الحوار مع سماحته عبر كلٍّ: عبد الله الأميني؛ وأ. ربيع الله كمري (من مؤسَّسة فقه الثقلين)، وأ. رضا أحمدي (من مجمع المحقِّقين والمدرِّسين).

([1]) انظر: حقوق مدني (إمامي) 3: 143.

([2]) انظر: العروة الوثقى 2: 485، فصل في صلاة المسافر، الخامس من الشروط.

([3]) الطوسي، المبسوط في فقه الإمامية 1: 14.

([4]) انظر: معالم الدين وملاذ المجتهدين: 453.

([5]) انظر: الخميني، صحيفة إمام (صحيفة الإمام) 2: 402. (مصدر فارسي).

([6]) الكليني، الكافي 3: 530، باب ما يجب عليه الصدقة من الحيوان وما لا يجب.

([7]) الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 2: 198، دار إحياء التراث العربي، ط1، بيروت، 2006م.

([8]) انظر: الخميني، صحيفة إمام (صحيفة الإمام) 5: 189، 520؛ 6: 471، 501؛ 17: 113. (مصدر فارسي).

([9]) السيستاني، منهاج الصالحين 3: 103.

([10]) الخوئي، منهاج الصالحين 2: 289.

([11]) الحُرّ العاملي، وسائل الشيعة 1: 167، الباب 11 من أبواب الماء المطلق، ح1.

([12]) الطوسي، تهذيب الأحكام 1: 414، ح1308.

([13]) القواعد والفوائد 1: 151.

([14]) انظر: الحُرّ العاملي، وسائل الشيعة 21: 258، الباب 8 من أبواب المهر، هامش ح8.

([15]) انظر على سبيل المثال: الصدوق، المقنع: 534؛ الطوسي، النهاية: 780.

([16]) انظر: الصدوق، الاعتقادات: 115، اعتقادنا في الأخبار الواردة في الطبّ.

([17]) الكليني، أصول الكافي 2: 74، ح2.

([18]) تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي 2: 271.

([19]) انظر: جامع المدارك 6: 99.

([20]) الكليني، أصول الكافي 7: 239، ح3.

([21]) الكليني، أصول الكافي 2: 151.

([22]) انظر: الكليني، أصول الكافي 2: 74، ح2.

([23]) الشهيد المطهَّري، بررسي إجمالي مباني اقتصاد إسلامي (بحث إجمالي في مباني الاقتصاد الإسلامي): 27، 152 ـ 154. (مصدر فارسي).

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً