أحدث المقالات
  أقامت مؤسَّسة الفكر الإسلامي المعاصر، والمركز الإسلامي الثقافي، حلقة حوار تحت عنوان: "الخطاب الديني والثورات العربية"، وذلك في قاعة المتحف في قرية الساحة التراثية – طريق المطار، وذلك بحضور ممثل أمين عام الجماعة الإسلامية، الحاج شفيق كوسا، وممثلين عن السفارات البريطانية والمصرية والعراقية والإيرانية، ورئيس الهيئة المنظمة للاتصالات بالوكالة، الدكتور عماد حب الله، كما حضر وفدٌ عن كلّ من تيّار المستقبل، ومنبر الوحدة الوطنيّة ممثّلاً بالدكتور حسن موسى، ومنتدى الحوار الثقافي، وجمعية القدس، وأزهر البقاع، وتجمع وعي، وجمعيّة التعليم الديني، وحلقة الحوار الثقافي، وجمعيّة المبرات، والتجمّع الوطني لدعم المقاومة، ومركز عصام فارس، وحركة الجهاد الإسلامي، ومركز دلتا للأبحاث المعمّقة، ومنظمة الدفاع العربي في مصر، وحشد من العلماء والمثقّفين والمفكرين وأساتذة الجامعات ووفود إعلاميّة.

بدايةً، كانت كلمة لمدير مؤسّسة الفكر الإسلامي المعاصر، الدكتور نجيب نور الدين، رحَّب فيها بالحضور، وجاء في كلمته: "إنّه في الوقت الّذي يسعى كلّ طرف معني بهذه الثورات إلى شدّ بساطها إلى داره، وفي لحظة انطلاق التحليلات والتفسيرات التي يبدو بعضها نمطياً إلى حدِّ التكرار، ويسعى إلى مقاربتها على خلفيّة قراءاته لمسار ثورات سابقة، يظهر أنَّ البعض الآخر أخذ منحًى تجاوزيّاً، وحاول تأصيل مفاهيم مستحدثة لطبيعة هذه الثورات وفلسفتها.. ومن منطلق الحرص على احترام الجميع نقول، إنّه من حقّ الجميع أن يقارب الموضوع من زاوية الفهم التي يراها بنفسه.. لكنّ الأكيد، أن لا أحد يستطيع أن يزعم أنّه يمتلك التفسير النهائي لها..".

وتابع: "نحن اليوم نحاول من خلال هذه الندوة الواعدة، الوقوف على الخطاب الديني وفهمه لهذه التحوّلات.. قد يكون من المبكر الحديث عن صيغ نهائية مكتملة لفهم ما يجري، لكنّ محاولة قراءة الخطاب الديني للحركات والقوى الإسلاميّة والمسيحيّة لهذه التحوّلات، يُعَدُّ إسهاماً لا بدَّ من تظهيره بوضوح، بعد أن قطعت هذه الثّورات شوطاً كبيراً في مساراتها التي يُؤمل أن تؤسّس لعالم عربيّ أكثر اقتراباً من نبض الشّعوب التوّاقة إلى العدالة والحرية والنّماء..".

بعد ذلك، تحدَّث الدّكتور رضوان السيِّد فقال: "لم يشارك الإسلاميّون في إشعال الثّورات العربيّة، وإنما انضموا إليها بعد نشوبها. وشعاراتُ تلك الثّورات ليس فيها شيء أو أثر من خطابات الإسلام السياسي، فهي تطلب الحريّة والكرامة والعدالة والديمقراطيّة والتداول السلمي للسلطة".

وعن خطاب الإسلاميّين في إيران وتركيا وموقفهم من الثَّورات، قال: "إنَّ إيران رحَّبت بالثَّورات العربيَّة واعتبرتها ثوراتٍ إسلامية، باستثناء سورية، الّتي ما تزال تدعم نظام الحكم فيها. وكانت إيران تركّز على إقامة نظام حكم إسلاميّ في بلدان الثّورات، لكنّها الآن تريد مواقف ثوريّة مُعادية لأميركا وإسرائيل". وأضاف: "أمّا تركيا، فقد رحَّبت بكلّ حركات التّغيير العربيّة وعرضت عليها مساعدات، لكنّها ما دعتْها لإقامة حكم الإسلام، بل لإقامة حكم ديمقراطي. وقد تأرجح موقفها بين النّظام والمتظاهرين في سورية".

وختم بالقول: "إنما بالمعنى الاستراتيجي، فإنَّ الطّرفين الإيراني والتركي، خِسرا بقيام الثورات، وإن تكن تركيا قد أدركت أهمية اللّحظة أكثر من إيران".

ومن ثمَّ ألقى الأب سليم دكَّاش كلمةً تطرَّق فيها إلى موقف الخطاب الديني المسيحي الكاثوليكي المستند إلى الإصلاح الكنسي والفكري اللّذين حدثا في المجمع الفاتيكاني الثاني، فقال إنَّه: "من النّاحية المبدئيَّة، قبلت الكنيسة في الشَّرق هذا المبدأ، ولا شكَّ أنَّ جزءاً من التَّربية في المدارس تُشدِّد على هذه المبادئ. أقول مبدئيًّا، لأنَّ حدود هذه الحريّة هو مصلحة المسيحيّين كجماعة… بالمختصر، الخطاب الدّيني المسيحي الشّرقي عامّةً، هو متعدِّد ومرتبط بالأحوال السياسيَّة الاجتماعيَّة لكلّ بلد، وهو مرتبط أيضاً بواقع المسيحيّين كجماعة وكنيسة، حيث إنّ الواقع اللّبنانيّ يختلِف عن المصري، والمصري يختلِف عن السوري… إلخ".

وأضاف: "من وجهة نظري، فإنّ الخطاب الديني تجاه هذه الثّورات لم يكن واضحاً بالمقدار المطلوب، وكذلك لم يكن موفَّقاً بما فيه الكفاية"، متسائلاً: "هل الثّورات العربيّة هي نعمة بالنّسبة إلى الخطاب الديني أو فتنة من الشّيطان؟"، وأجاب: "في الظّاهر إنّها نعمة، لأنها تتوافق بوجه غير مباشر مع الكثير من أفكار الخطاب الديني المسيحي ونواياه، لكنَّها من جهة أخرى، هي فتنة، بمعنى أنّها مشروع تفتيت وتجزئة على قواعد ليست واضحة ولم تظهر ملامحها بعد".

وختم قائلاً: "يبقى أنّ الخطاب الدّيني الرّسمي المُعلَن، والّذي لم يتغيَّر، يركِّز على لبنان الرّسالة التي تقول: "لبنان هو أكبر من وطن؛ إنّه رسالة حريّة وتعدُّديّة..".

الكلمة الختاميَّة كانت للنّائب الدكتور علي فيّاض، جاء فيها: "لا يخفى أنّ الإسلاميين، كما أقرانهم من القوميّين واليساريّين، كانوا ينتظرون لحظة التّغيير في العالم العربي منذ سنوات بعيدة، بل منذ عقود، وكان خطابهم دائماً يشير إلى أنّ الأنظمة القائمة هي أنظمة مفروضة، لا تمتلك الشّرعيّة الشّعبيّة، وأنّ الجماهير تتطلّع إلى أنظمة أخرى، عادلة وثوريّة ومناصرة لفلسطين..".

وعن خطاب الإسلاميّين قبل الثَّورات قال: "إنَّ هذا الخطاب شهد تحوّلاً مثيراً، وخصوصاً لدى الحركات الإسلاميّة السياسيّة الكبرى التي تعبِّر عن الاتجاهات الفاعلة في الساحات المختلفة. هذا ما شهدناه مع حركة الإخوان المسلمين في مصر قبل سنوات عندما أطلقت وثيقتها السياسيّة، تحت عنوان "دولة مدنيّة بمرجعيّة إسلاميّة"، وهذا ما شهدناه مع رسالة حزب الله الثّانية، التي أظهرت السعي لإقامة دولة ديمقراطّية لا طائفيّة".

وأشار إلى تحوّلٍ في خطاب الحركات الإسلاميَّة، قائلاً: "باستثناء حزب التّحرير الّذي لا يزال مصرّاً على الخلافة، ثمة انزياح لدى الحركات الإسلاميّة باتجاه الدّولة الديمقراطيّة، وتراجع في حضور مفهوم الدّولة الدينيَّة في خطاب هذه الحركات. وثمة استعداد متنامٍ لقبول صيغ المشاركة والتعدّديّة وتداول السلطة واحترام الحريّات".

ثمّ تطرَّق إلى خصوصيَّة الواقع العربي وطبيعة التحدّيات والمخاطر الّتي تستدعي من وجهة نظره "أن تُدمج في الخطاب السياسيّ الإسلاميّ مسألة الديمقراطيّة ومسألة المقاومة والممانعة في إطار رؤيةٍ واحدة، فلا تمارس الواحدة على حساب الأخرى، أو يُفرّط بإحداها على حساب الأخرى".

وفي ختام الجلسة، تمّ فتح باب المداخلات أمام الحضور، وردّ المحاضرون على المداخلات التي استعرضها المنتدون في خلال اللّقاء.

 
 
 
 
 
 
 


Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً