أحدث المقالات
يعدّ سماحة السيد محمد حسين فضل الله( طيّب الله ثراه)، من العلماء البارزين في العالم العربي والإسلامي الذين ملأوا الساحات بأفكارهم التقدمية الإسلامية وفق أفق منفتح على الأخر، وكان من أوائل العلماء الذين احتضنوا المقاومة الإسلامية ورجالها، وعمل على تجذير مفاهيم الإسلام في شتى ميادين الحياة في المجتمع اللبناني، الذي عاش فيه، ولكن كانت أفكاره العميقة والمجددة تصل إلى أبعد نقطة في العالم الإسلامي. وبعد وفاته، رضوان الله عليه، انبرى المركز الإسلامي الثقافي، على إعداد سلسلة من الكتب توثق لفكر السيد وتشرح ما خفي منه. في "الكلام السيد"، سلسلة صدر منها أربعة أجزاء حتى اليوم، تواكب الجيل الشباب من خلال تركيزها على نشر نبذات من محاضراته القيمة، تتعرض لمختلف القضايا في الحياة. والسلسلة من إعداد الباحث السيد شفيق الموسوي، الذي كان لموقع المنار معه هذا اللقاء الخاص :
"الكلام السيد" كلمات تغوص في عمق الإنسان لتجعله رساليا :
موقع المنار: لماذا كانت فكرة"الكلام السيد" وفي أربعة أجزاء حتى الآن، وهل هناك نية في متابعة السلسلة؟.
السيد الموسوي: "الكلام السيد" هي مجموعة من كلمات قالها المجدد الفقيه السيد محمد حسين فضل الله (رض) على مدى خمسين عاما. وهو أني أنكببت على كتبه ومحاضراته ولقاءاته وندواته ومؤتمراته، وما زلت منكبا عليها أحاول أن أنتقي الكلمات التي تعبر عن واقع الإنسان وعن واقع الحياة والكون. وما أطلقها السيد (رض) إلا لتكون منهجاً إسلاميا حضاريا إنسانيا استمد عناصر هذا المنهج من القرآن الكريم وسنة النبي (ص) وسيرة أئمة أهل البيت(ع). هذه الكلمات تغوص في أعماق الإنسان لتتحدث عن المسؤوليات وحقوق الإنسان والعلاقات الإنسانية المختلفة بإيجابياتها بعيدا عن سلبياتها، عن الشاب والمرأة والطفل والمقاوم والشيخ، ودور عالم الدين، والحوزات ودور الجامعات والقائد والمسؤول والأمة، في كل ما يمس واقع الأمة.
وما تهدف إليه هذه الكلمات من استنهاض قيم الأمة لتبني وجودها وحياتها على أسس من الخير والفلاح والصلاح وليكون لها دورها الرسالي والحضاري في عصر هجم الكفر كله على هذا الإسلام العظيم. يحاولون النيل من وجوده واقتلاعه من النفوس. هذه الكلمات تعمل على أن تبني شخصية إسلامية رسالية، وتصوغ واقعا نظيفا فيه كل الخير والتقوى والمفاهيم الإسلامية التي تبعد عن واقعنا الفقر والجهل والتخلف، والانصهار في كل عوامل الابتعاد عنها، ويجعل من هذه الأمة أمة متقدمة حضارية تستطيع أن يكون لها مكان تحت الشمس كما للأمم الأخرى في ظل هذا الاستنفار والمؤمرات والمخططات التي يصوغها الاستكبار العالمي المتمثل بأميركا والاتحاد الأوروبي وإسرائيل. أمام كل هذه الهجمات والمخططات التي يرسمونها نعود إلى هذه الكلمات لنعرف كيفية المواجهة وأن نكون أمة هي خير أمة أخرجت للناس، هكذا أرادها المولى(تبارك وتعالى) ومن هذه الإرداة قال السيد (رض) هذه الكلمات كلمات المبدأ والمنهج والدستور والرسالة والخط، حتى نستطيع أن نعيش هذا الوجود بكل أنفة وعزة وكبرياء.
هذه السلسة هي جزء من مشروع أو حلقات إضافية، صدر منها حتى الآن أربعة أجزاء، إذا أردنا أن نقول مشروعا، لا أظن الكلمة قد تستبطن فهم المشروع بقدر ما هي نسميها رؤى لمشروع حضاري إنساني. يمكن إذا عدنا إليها أو إلى عناونين هذه الرؤى نستطيع أن نستخلص كثيرا من المعاني والمفاهيم الإسلامية، التي يمكن أن تشكل مشروعا في بناء علاقاتنا مع بعضنا البعض إلى جانب كثير من المفاهيم العبادية والروحانية، وما إلى ذلك. نعم هي مشروع إذا تسامحنا في كلمة مشروع هي رؤى قد تشكل لمن يريد أن يبني واقعا على أسس إسلامية وقوية.
السلسلة رؤى لمشروع ثقافي موسوعي كبير سيحوي فكر السيد :
موقع المنار: رأينا أن الانتقائية في الأفكار في هذه السلسة غير ممنهجة وفق موضوع أو فكرة واحدة بل تنساب وفق ما اقتضى الحال، لماذا؟.
السيد الموسوي: نعم، هذه المنهجية أعتمدتها في الواقع عن قصد، هي أن أنثر الكلمات كما تنثر البذار في الأرض الطيبة، فأحببت أن أنثرها على صفحات هذه السلسلة. هي كأنها طريقة للقراءة، حتى لا يعيش القارئ ضمن مسألة معينة محددة، جاهزة له بمعنى من المعاني، قد لا يكون الكلام واقعيا في ما أورده بهذا الشأن، ولكن أن ينتقي القارئ بطريقة انتقائية، يعني ما يمكن أن ينسجم مع مزاجه العام، أو فكرة، علما بأننا نحن الآن نعمل على مشروع كبير إن شاء الله وهو إصدار كلام السيد فضل الله ، رحمه الله، في موسوعة موضوعية، إذا صح التعبير، تحقق ما طرحتيه في السؤال، يعني مثلا نوحد كل ما قاله السيد عن الرحمة والعدالة في باب الرحمة والعدالة، وهكذا.. عن فلسطين والاستعمار وغيرها من الموضوعات، ستصدر هذه السلسلة في مناسبة الذكرى الثانية لوفاة سماحة السيد.
فكر السيد خاطب الشباب وما يزال يوجه لهم حياتهم وفق رؤى متجددة :
موقع المنار: لطالما كان الشباب يستنيرون بأفكار سماحة السيد (رض)، فهل ترى أن هذه السلسلة يمكن أن تقدم للجيل الجديد إضاءات مهمة على فكره العميق؟.
السيد الموسوي: سؤال جميل، تعرفين أن السيد(رض) خاطب الجيل الحاضر، الذي بدأ الألفية الثانية، وحاضر أجيال سابقة، منذ الخمسينيات وحتى التسعينيات، وكان سماحة السيد يخاطب الجيل تلو الجيل، على مدى خمسة عقود. لا شك أن العديد من القضايا تبقى كما هي، يعني قضية فلسطين، منذ ستين عاما إلى الأن، ما تزال قضية حاضرة في الساحة وتمس واقع الإنسان المسلم، فبقي السيد طوال هذه السنوات يتحدث عن القضية الفلسطينية، والاستكبار منذ عهد الاستعمار إلى الآن ما زال هذا الاستكبار يشحذ أسلحته ليقضي على وجود الأمة، وبقي السيد يحذر من مخاطره، قضايا العدالة والعلاقات الإنسانية، هي قضايا مستمرة مع الزمن، وخاصة أن السيد كان لا يعد أن الزمن يقف عند محطة ويتجمد بل عنده محطات الزمن دائما متجددة. ولكن قد تكون بأفق جديدة ورؤى جديدة، لذلك هذا الجيل الحاضر الآن، جيل إذا صح التعبير، قد يكون جيلا أوعى من الأجيال الأخرى، لذلك دائما كان السيد يخاطب جيل الشباب والجامعيين والثانويين الفتيان والفتيات وشرائح المجتمع على تنوعها. وإني أزعم أن في ما أستعرضه في هذه السلسلة "الكلام السيد" أن نصف ما يعرض فيها يخاطب جيل الشباب، لأن هناك أخلاق تبقى ثابتة في قلب ميدان الحياة، وتبقى مع الأمم والشعوب، وتحديدا شبابنا الأن يحتاج إلى هذه المفاهيم لأنه يعيش انفتاحا مهما، فلا بد من أخذهم نحو الأفق الذي يبني لهم شخصياتهم. وأظن كثيرا من "الكلام السيد" يتوجه إلى هؤلاء ليبني لهم شخصيتهم الرسالية.
وفي ختام هذه المقابلة أتمنى لموقع المنار، هذا الموقع الجميل والهام، كل التوفيق، والذي أتوقع له أنه سيغني واقعنا الثقافي والفكري والإنساني بكثير من الروح الإسلامية والأفكار الوحدوية، التي أكثر مانحتاج إليها في هذه الأيام، أتمنى لكم كل نجاح وتوفيق وشكرا لكم
Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً