أحدث المقالات

الشيخ محمد الخراساني(*)

المقدّمة

تقدَّم في القسم الأوّل من هذه المقالة حول هذا الموضوع أن هناك رواياتٍ في الإمامية تقول بأن غسل الإمام السابق لا بُدَّ أن يكون من قِبَل الإمام التالي، وهذا ما نعبِّر عنه بـ «قاعدة غسل الإمام»، وهي قاعدةٌ هامّة عند الواقفية وكثيرٍ من الإمامية، حيث استفاد منها الواقفية في التشكيك بإمامة الإمام الرضا×، وقد أجاب الإمامية عن إشكالاتهم مع القبول بأصل القاعدة. وقد شرحنا مكانتها فيما سبق، ولا نكرِّر هنا. وقلنا: إننا في الخطوة الأولى في دراسة القاعدة نريد أن ندرس الروايات الدالّة عليها تجزيئياً، ثمّ ندرسها بشكلٍ مجموعيّ، ونقدِّم ملاحظاتٍ كلِّية عليها. وفي إطار الدراسة التجزيئية درسنا ستّةً من هذه الروايات، وفي هذا القسم نخوض في البحث حول باقي الأدلّة، وهي ثمانية([1]).

مدارك القاعدة

الرواية السابعة: خبر هرثمة، وإشارة المأمون إليها كقاعدةٍ مرتكزة عند الشيعة

رُوي عن الإمام الرضا× أنه، قبل استشهاده، ذكر وصايا لهرثمة بن أعين، وأخبره بأن المأمون غداً «سيشرف عليك، ويقول لك: يا هرثمة، أليس زعمتم أن الإمام‏ لا يغسِّله‏ إلاّ إمامٌ مثله؟! فمَنْ يغسِّل أبا الحسن عليّ بن موسى، وابنُه محمدٌ بالمدينة من بلاد الحجاز ونحن بطوس؟! فإذا قال ذلك، فأجِبْه، وقُلْ له: إنا نقول: إن الإمام لا يجب أن يغسِّله إلاّ إمامٌ مثله. فإنْ تعدّى مُتَعَدٍّ فغسَّل الإمام لم تبطل إمامة الإمام لتعدِّي غاسله، ولا بطلت إمامة الإمام الذي بعده بأن غُلِب على غسل أبيه. ولو تُرِك أبو الحسن عليّ بن موسى الرضا× بالمدينة لغَسَلَه ابنُه محمد ظاهراً مكشوفاً، ولا يغسِّله الآن أيضاً إلاّ هو من حيث يخفى…»([2]). ثمّ يحكي هرثمة أن الإمام الجواد× جاء من المدينة، وقام بغسل الإمام الرضا×.

البحث الدلالي

وفي هذه الرواية دلالةٌ واضحة على أصل القاعدة. وإضافةً إلى ذلك تدلّ أيضاً على نقطتين هامتين في هذا الإطار:

ـ كانت القاعدة على مستوىً من الشهرة حتّى أن المأمون كان يعرفها. ومن اللافت للنظر أنه ينسبه إلى الشيعة: «أليس زعمتم…؟!».

ـ تُقدِّمُ الرواية تفسيراً جديداً للقاعدة، وهو: إن الغسل يجب على الإمام التالي فقط، ولا يحقّ للآخرين أن يقوموا به، لكنْ إذا تعدَّى شخصٌ وفَعَلَه لا يبطل إمامة الإمام التالي أبداً، وإنما هو معصيةٌ وإثمٌ لذلك المتعدِّي. ومن جهةٍ أخرى تدلّ الرواية على أن الإمام التالي إذا لم يستطِعْ أن يغسِّل الإمام السابق في ظاهر الأمر فحينئذٍ يغسِّله في الباطن. فالنتيجة أن التغسيل يقوم به الإمام التالي فقط، لكنه ليس علامةً للإمامة، فرُبَما غسَّل في باطن الأمر فقط، من دون أن يشعر به أحدٌ أبداً، فكيف يمكن أن يكون مثل هذا الأمر علامةً للأمّة في معرفة إمامهم؟!

هذا، ولكنّ هناك روايةً أخرى، وهي أيضاً من هرثمة، وفيها أيضاً يحكي كيفية استشهاد الرضا×، ويقول: إن رجلاً عربيّاً جاء من البادية، وقام بالصلاة على الرضا×. والظاهر أن المراد به في الرواية هو الإمام الجواد. لكنه× كان طفلاً لم يبلغ عشر سنين آنذاك، فيشكل إطلاق لفظ «الرجل» عليه([3]). هذا، ويبدو من سياقها أنه قام بالصلاة فقط، ولم يغسِّل الإمام([4]). وبالتالي رُبَما يُقال بوجود تنافٍ بين الروايتين من هرثمة، فيُعتبر هذا التنافي قرينةً أخرى على عدم الوثوق بروايته هنا والاستدلال بها. إلاّ إذا قال شخصٌ بعدم التنافي، فرُبَما يحكي في واحدٍ من الروايتين تغسيلَ الإمام الجواد×، ويحكي في الأخرى صلاتَه عليه، ولا أدري كم لهذا الجمع من قيمةٍ في حلّ التنافي؟!

وهناك نقطةٌ أخرى: ورد في هذه الرواية الأخيرة، التي تتكلَّم عن صلاة الرجل العربيّ، أن الرضا× يأمر هرثمة أن يدفنه([5]). وهذا معارِضٌ للأدلة الدالّة على شمول القاعدة للدفن أيضاً.

البحث السندي

ورد في سند الشيخ الصدوق([6])تميم بن عبد الله. وقد ضُعِّف([7])؛ وفي المقابل يمكن إثبات وثاقته وفقاً لمبنى دلالة الترضّي على الوثاقة؛ حيث إن الصدوق ترضّى عليه في مواضع متعدّدة، وخصوصاً إذا لاحظنا أن الرجل لم يكن راوياً شهيراً من الأجلاّء، فيبعد أن يكون الترضّي من إضافات النُّسّاخ. هذا، لكنّ سائر الأشخاص في السند كلّهم مجهولون.

ورجال السند في الهداية الكبرى أيضاً كلّهم مجاهيل.

وفي عيون المعجزات رواه عن الخصيبي، لكنّه بسندٍ آخر عن هرثمة([8]). ومن اللافت للنظر أنّ ابن عبد الوهّاب هنا يروي عن الخصيبي، لكنّ سنده يختلف عمّا ورد في نفس كتاب الخصيبي المطبوع([9]). وعلى أيّ حالٍ إن الرجال المذكورين فيه أيضا مجهولون.

والرواة في سند دلائل الإمامة أيضاً كلُّهم مجاهيل، لم أعثر على ترجمتهم([10]).

وينتهي سند الحديث في كلّ هذه الأسانيد إلى هرثمة بن أعين. ويبدو مما ذكره الإربلي([11]) ـ وكما يبدو من نفس الحديث أيضاً([12]) ـ وجودُ علاقةٍ له بالمأمون، والظاهر أن المقصود منه هو هرثمة بن أعين، الذي كان من قوّاد المأمون. ومن اللافت للنظر أنه يُعتَبَر في كثيرٍ من كتب التواريخ من موالي العبّاسيين والمختصّين بهم([13]). لكنّنا رُبَما لا نستبعد ذلك بعدما سمعنا من مكانة عليّ بن يقطين عند الكاظم×، مع أنه كان من كبار دولة هارون الرشيد. لكنّ الأمر لا يبدو أنه كذلك في هرثمة؛ فهناك روايةٌ عن نفس الإمام الرضا× تشير إلى عدم إيمان الرجل، فضلاً عن اختصاصه به([14]). وإن الرجل كان يخاف أن يفقد ما كان فيه من الرفاهية والجاه والمقام عند العبّاسيين([15]).

هذا، لكنّ الشيء الذي يقضي على البحث حوله في هذا الحديث تماماً أن هرثمة بن أعين مات سنة 200هـ ـ أو قريباً منها ـ، قبل موت الفضل بن سهل واستشهاد الإمام الرضا×([16])، فلا يمكن أن يدرك شهادة الرضا× أساساً! والملفت للنظر أني لم أجِدْ إشارةً إلى هذا الموضوع في واحدٍ من مصادرنا الرجالية، بل هناك بعض المحقِّقين استظهروا؛ بسبب نفس هذه الرواية ومثلها، أن الرجل من موالي الرضا×([17])، بل رُبَما مالَ بعضُهم إلى جلالته واختصاصه به([18])! وهذا نموذجٌ هامّ يبيِّن لنا ضرورة الرجوع إلى كتب التواريخ ومصادر الفِرَق الأخرى، وعدم الاكتفاء بما ورد في المصادر المختصة لمذهبٍ خاصّ.

هذا، وإن احتمالَ أن يكون «هرثمة» مُصَحَّفاً من اسمٍ آخر ضئيلٌ جداً؛ فإن المذكور في كلّ هذه الأسانيد المختلفة للحديث هو «هرثمة بن أعين»، دون أن يكون اختلافٌ في واحدٍ منها([19]).

والنتيجة عدم إمكان الوثوق بهذا الخبر أصلاً([20]).

الرواية الثامنة: خبر عبد الرحمن بن يحيى في استشهاد الإمام الرضا (عليه السلام)

روى عبد الرحمن بن يحيى أن الإمام الرضا× يخبره بأن الإمام الجواد× سيأتى من المدينة، ويقوم بغسلي، ثمّ يأمره أن يحكي ذلك للمأمون؛ «لئلا ينقص عليه شيئاً، ولن يستطيع ذلك». ثمّ صار الأمر كذلك، واستشهد الرضا×، وجاء الجواد×، وقام بغسله، ثم قال المأمون لعبد الرحمن: «ما أكذبكم! ألستم تزعمون إنه ما من إمامٍ يمضي إلاّ وولده القائم مكانه يلي أمره؟! هذا عليّ بن موسى بخراسان، ومحمد ابنه بالمدينة!»([21])، فيضطر عبد الرحمن أن يحكي له القصّة.

البحث الدلالي

وفي هذه الرواية دلالةٌ واضحة على قاعدة الغسل. ويمكن أن تكون دالّةً على لزوم الصلاة أيضاً، وخصوصاً مع وجود تعبير: «يلي أمره» في كلام المأمون، مما يدلّ بدلالته اللغوية على أشياء أخرى غير الغسل، كصلاة الميت. ومقصودي من الاستشهاد بكلام المأمون أن نعرف ما هي مساحة القاعدة التي كانت مشهورةً آنذاك، بحيث كان يعرفها الجميع، حتّى المخالفون؛ فإن كلام المأمون يساعدنا في هذا الإطار، ويدلّ على أن القاعدة بحَسَب فهمه كانت شاملةً لأمور أخرى، كالصلاة أيضاً، وخصوصاً أن صلاة الإمام الجواد× على الرضا× أيضاً مذكورةٌ في نفس الرواية.

ورُبَما يُقال: إن غاية ما تدلّ عليه الرواية هو حضور الجواد في غسل الرضا×، ولا تدلّ ضرورةً على لزومها في كلّ إمامٍ.

لكنّ دفع هذا الإشكال سهلٌ بعد مقارنة كلام الإمام الرضا× والمأمون.

وهناك نقطةٌ أخرى، وهي أن هذه الرواية منافيةٌ للرواية السابقة؛ فإن هرثمة يدّعي في الرواية السابقة أنه كان وحيداً مع الجواد× حين الغسل، دون أن يكون هناك شخصٌ آخر يحضر عندهما آنذاك، لكنّ عبد الرحمن بن يحيى أيضاً يدّعي ذلك في نفس الوقت، فكلاهما يكذِّب الآخر. وأيضاً تنافي رواية أبي الصلت([22]) في كونه وحيداً معه× في الغسل([23])، مع أن سند رواية أبي الصلت أقوى بمراتب من سند هذه الرواية.

البحث السندي

«وروى عليّ بن محمد الخصيبي قال: حدَّثني محمد بن إبراهيم الهاشمي قال: حدَّثني عبد الرحمن بن يحيى».

وكلّ هؤلاء مجاهيل([24]).

الرواية التاسعة: تغسيل الإمام الكاظم (عليه السلام) حيّاً قبل خروجه إلى بغداد واستشهاده

ورد في رواية أن الإمام الرضا× غسَّل الإمام الكاظم× في حال حياته قبل خروجه إلى بغداد. ورغم وجود أسانيد مختلفة للحديث، لكنّها جميعاً تنتهي إلى يزيد بن سليط؛ فهو حديثٌ واحد بروايته عن الإمامين الكاظم والرضا’.

وفيه: إن النبيّ| يُخبر الكاظم× أن وصيَّه هو الإمام الرضا×، ثم يقول: «ما أقلّ مقامك معه! فإذا رجعْتَ من سفرك فأَوْصِ، وأصلِحْ أمرك، وافرَغْ ممّا أردْتَ، فإنك منتقِلٌ‏ عنهم، ومجاوِرٌ غيرهم. فإذا أردْتَ‏ فادْعُ عليّاً، فلْيغسِّلْك، ولْيُكَفِّنْك؛ فإنه طهرٌ لك، ولا يستقيم‏ إلاّ ذلك‏، وذلك سنّةٌ قد مضَتْ. فاضطجِعْ بين يديه، وصُفَّ إخوتَه خلفه‏ وعمومتَه،‏ ومُرْه‏ فلْيُكبِّرْ عليك تسعاً، فإنه قد استقامَتْ وصيّتُه، ووَلِيَك‏ وأنتَ حيٌّ، ثمّ اجمَعْ له وُلدَك من بعدهم‏، فأشهد عليهم…»([25]).

البحث الدلالي

ورد في الخبر: «وذلك سنّةٌ». و«السنّة» في دلالتها اللغوية بمعنى الطريقة المستمرّة، ولا بُدَّ من تكرارها([26]). فيبدو أن القضية طريقة يُعْمَل بها في كلّ إمامٍ. وإنّ لفظ «قد مضَتْ» فعل ماضٍ، فرُبَما يدلّ على أن هذه الطريقة عُمِلَ بها في الأئمّة السابقين^. ويحتمل أيضاً أن يكون «المُضيّ» هنا بمعنى «مشية الله الماضية»، أي إن هذه الطريقة حَتْميّة، ولا بُدَّ من القيام بها ألبتّة. وإن تعبير: «لا يستقيم‏ إلاّ ذلك» أيضاً قرينةٌ أخرى على لزوم هذه الطريقة.

ويبدو من الرواية أن القاعدة تدلّ على لزوم الصلاة أيضاً، مضافاً إلى التغسيل، وخصوصاً مع وجود تعبير «وَلِيَك‏» في الرواية، وهو بدلالته اللغوية أعمّ من التغسيل والصلاة، كما تقدّم.

لكنّ الاستدلال بالرواية يعاني من مشاكل، منها:

1ـ ذكر ولادة الإمام الرضا× قبل رحيل الإمام الصادق× بسنواتٍ. لكنْ ورد في المصادر أنه ولد سنة 148هـ([27]) أو 153هـ([28]). لكنّ هذا الإشكال إنما يَرِدُ على رواية الكليني، بخلاف رواية الصدوق([29]). ورُبَما يبدو منه أن ألفاظ الصدوق أرجح هنا.

2ـ لم ترِدْ الفقرة التي تتحدَّث عن الغسل في نقل الصدوق، وليس لها أثرٌ، وخصوصاً إذا قَبِلنا بأن رواية الصدوق أضبط هنا. ويحتمل أيضاً أن الشيخ الصدوق لم يذكر هذه الفقرة في روايته عمداً. كما أن بعض المحقِّقين أيضاً ذكروا أن الصدوق قد يحذف في روايته للأحاديث ما لم يكن موافقاً لفتواه؛ لأجل مبناه في النقل بالمعنى أو غيره([30]).

3ـ ورد في هذا الحديث: «ليس له أن يتكلَّم إلاّ بعد موت هارون بأربع سنين»، وهو متعارض مع عدّة روايات([31]) تدلّ على أن الإمام الرضا× أعلن إمامته في حياة هارون الرشيد.

وهذا كافٍ في وَهْن الاستدلال بالرواية. ومن جهةٍ أخرى إنه لا ينسجم مع طبيعة الحال ومنطق الأشياء أيضاً؛ لأن الفترة بعد موت هارون إلى زمن استقرار الحكومة للمأمون كانت فترة الاختلافات والحرب بين الأمين والمأمون، فكانت فرصةً ذهبية للإمام الرضا× في إعلان إمامته، ولم تكن في تلك الظروف حاجةٌ إلى التقيّة حينما كانت الدولة العباسية مضطربةً مشغولةً في داخلها، وخصوصاً إذا لاحظنا أن كلّ الفترة بين موت هارون إلى خلافة المأمون كانت حوالي أربع سنين وسبعة أشهر فقط([32]). وعليه فإن إظهار الإمامة بعد أربع سنين يعني أن لا يغتنم الإمام الرضا× سنتين من فترة هذه الاشتباكات في تبليغ إمامته، إلاّ إذا قلنا بأنه حكمٌ إلهيّ خاصّ في شأنه.

ورُبَما يُقال: إن الظروف السياسية لم تكن مضطربةً في خلافة الأمين إلاّ في الشهور السبعة الأخيرة من خلافته، وكان الخليفة مسلَّطاً على الأوضاع، ومتشدِّداً على الإمام. لكنّ هذا مجرّد احتمال افتراضي، ولا يخطر على بال مَنْ اطّلع على تاريخ خلافة الأمين، حيث ورد في المصادر أن بداية الخلافات بينهما ظهرت في السنة الأولى من خلافة الأمين([33]). وفي بداية سنة 194هـ «تفاقم الخلافات»([34]). وفي شعبان سنة 195هـ بلغ الأمر إلى حربٍ رسميّة بين الطرفين([35]). ثمّ انهزم جيشه، وبلغ خبر الهزيمة في شوّال إلى بغداد([36]).

فيظهر أن بداية ضعف دولة الأمين وعدم إمكانه التشدُّد على الإمام كانت ـ على أكثر تقديرٍ ـ بعد سنتين من موت هارون، لا بعد أربع سنوات.

هذا، ورُبَما يُقال: إن تعبير: «يتكلَّم» في الرواية لا يثبت أن يكون بمعنى إعلان الإمامة، فرُبَما هو بمعنىً آخر. إلاّ أن هذه المحاولة لا تطابق الواقع أبداً، وخصوصاً بقرينة ما ورد في روايةٍ أخرى([37]).

4ـ التعارض مع الرواية التي تقول بحضور الإمام الرضا مختفياً في غسل الإمام الكاظم في بغداد([38])، وسوف نتعرَّض لها إنْ شاء الله في المقالة المختصّة بالواقع التاريخي لتغسيل المعصومين^. ولأجل هذا التعارض نرى أن بعض العلماء اضطرّوا أن يتعرّضوا لتقديم مبرّرات لحلّ المشكلة. قال العلاّمة المجلسي: «ينافي ما مرّ من أن الرضا× حضر غسل‏ والده صلوات الله عليهما في بغداد. ويمكن الجواب بأن هذا كان لرفع شبهة مَنْ لم يطّلع على حضوره×؛ أو يُقال: يلزم الأمران جميعاً في الإمام الذي يعلم أنه يموت في غير بلد ولده»([39]). لكن يبدو أن هذه الأجوبة كلاميّةٌ صِرْفة، فيمكن أن يُشْكَل عليها: إذا كان الأمر لرفع شبهة مَنْ لم يطلع على حضوره فنحن أيضا لم نطّلع على حضوره، فلماذا لم يصِلْ إلينا خَبَرُه إلاّ بهذا الطريق الضعيف؟! والقول بلزوم الأمرَيْن أيضاً صعبٌ، فـ «لو كان لبانَ»، يعني لو كان كلا الأمرين لازماً في مثل هذه الحال لبيّنه أهل البيت^؛ حَذَراً من أن يشعر الشيعة بنوعٍ من التعارض بين الخبرين، ومن تورّطهم في الضلالة.

5ـ غرابة غسل الميت في حال الحياة([40]). نعم، يمكن أن نلتزم بأنه حكمٌ خاصّ، لكنّه يحتاج إلى الوثوق القويّ بالرواية، سنداً ودلالة. لكنّها ليست في تلك المكانة حتّى تُلزمنا بقبول هذا الاحتمال. نعم، ورد في بعض الروايات أن السيدة الزهراء÷ أيضاً غَسَّلتْ نفسها قبل رحليها من الدنيا، ودُفِنَت بذاك التغسيل([41]). لكنّه أيضاً معارِضٌ للروايات الأخرى ـ وهي أصحّ منها ـ التي تقول بأن أمير المؤمنين× غسَّلها بعد شهادتها([42]).

6ـ لماذا أشار الرضا× في مناظرة البطائني إلى حضور الإمام السجاد× متخفّياً في تولّي أمور الإمام الحسين×، من الدفن و…؟ فلو كان الإمام الكاظم غُسِّل حيّاً في المدينة، وكان إخوة الرضا وأقرباؤه حاضرين وشاهدين عليه لكان الأمر معروفاً بينهم، وكان الأنسب أن يحتجّ الإمامُ الرضا× به، ولم تكن هناك حاجةٌ إلى طرح دعوى التغسيل المخفيّ الباطني، الذي هو مجرّد ادّعاء لا يثبت للخصم([43]). نعم، رُوي أن بعض إخوة الرضا× لم يقبلوا بمكانته وإمامته، وبالتالي رُبَما يُقال: إن الرضا× لم يكن بإمكانه أن يحتجّ بشهادتهم؛ لأنهم خذلوه. لكنّه واضحٌ في أن الرضا× لم يكن وحيداً طريداً بين كلّ إخوته وعصبته، فمثلاً: كان هناك كبارٌ منهم، كعليّ بن جعفر و…، مؤيّدين لإمامته([44]).

البحث السندي

السند المذكور في الكافي: «أحمد بن مهران، عن محمد بن عليّ، عن أبي الحكم الأرمني‏ قال: حدَّثني عبد الله بن إبراهيم بن عليّ بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عن‏ يزيد بن‏ سليط الزيدي‏. قال أبو الحكم‏: وأخبرني عبد الله بن محمد بن عمارة الجرمي، عن‏ يزيد بن سليط».

ومحمد بن عليّ هو أبو سمينة، وتقدَّم بحثنا حوله في القسم الأوّل من هذه المقالة، في الرواية السادسة، وذكرنا أنه ضعيفٌ([45]).

وأبو الحكم الأرمني أيضاً مجهولٌ، لا يُعْرَف شيء حوله([46]).

وعبد الله بن محمد بن عمارة أيضاً مجهولٌ([47]). لكنّ جهالته رُبَما لا تضرّ بالسند؛ فإن عبد الله بن إبراهيم مذكورٌ إلى جانبه، وهو متَّصف بالوثاقة([48]).

ووثاقة يزيد بن سليط الزيدي([49]) أيضاً محلّ تأمُّلٍ ونظر. وهناك روايتان تدلاّن على أن الكاظم× أشهده على وصيّته([50]). فرُبَما يمكن أن يستدلّ بها على وثاقته؛ فإن الإمام× اختاره شاهداً على مثل هذا الأمر الخطير، فلا أقلّ من صدق الرجل. ومدحه الشيخ المفيد أيضاً([51])، لكنّ المظنون أنه ناشئٌ من مشاهدة رواية وصية الكاظم×، أو من نفس هذه الرواية التي نبحث حولها. ويؤيِّد هذا الاحتمال أن الرواية كانت مشهورةً في عصر الشيخ المفيد([52]). ويبدو أن الرواية كان لها دَوْرٌ في حسن ظنّ بعض المحقِّقين بالرجل، كما يبدو من كلماتهم([53]).

ولم تَرِدْ الفقرة المرتبطة بالغسل في العيون ـ كما تقدَّم ـ. لكنْ أتعرض للسند فيه أيضاً: يروي هذا الحديث خمسة من مشايخ الصدوق معاً، ورُبَما يبدو منه أن الرواية كانت تحظى بنحوٍ من الشهرة لدى القمّيين في تلك الفترة، كما تقدَّم. لكنّ هذه الشهرة لم تكن في الطبقات الأخرى في السند؛ فإن كلّ هؤلاء المشايخ يتّحدون في النقل عن محمد بن يحيى العطّار إلى آخر السند. ويصل السند إلى عبد الله بن محمد الشامي، والراوي عنه هو الأشعري المتَّهم بالرواية عن الضعفاء([54])، وهذا الشامي أيضاً من جملة مَنْ استثناه ابنُ الوليد من رواة نوادر الحكمة، للأشعري، الأمر الذي يبيِّن عدم وثوقه به. لكنّ الغريب أن نفس ابن الوليد يروي عنه هنا([55]). والحسين‏ مولى‏ أبي‏ عبد الله أيضاً مجهولٌ. فيبدو أن طريق الكليني إلى أبي الحكم يختلف عن طريق الصدوق إليه، إلاّ أن كلا الطريقين ضعيفٌ، وبالتالي لا يمكن أن نقول: إن الرواية التي فيها تلك الفقرة المرتبطة بالغسل صحيحةٌ، فنأخذ بها ونترك الأخرى، أو بالعكس([56]).

فالنتيجة أن الرواية ضعيفةٌ من جهاتٍ مختلفة، كجهالة بعض الرواة، مع غضّ النظر عن حال يزيد بن سليط. ومع ضمّ حال السند إلى الإشكالات الدلالية في داخلها لا يمكن أن يحصل لنا الوثوق بصدور الرواية.

الرواية العاشرة: مناظرة البطائني، والإشارة إلى كيفية إجراء القاعدة في الإمام الحسين (عليه السلام)

«قال له عليٌّ (يعني البطائني): إنا روينا عن آبائك: إن الإمام لا يلي أمره إلاّ إمامٌ مثله، فقال له أبو الحسن×: فأخبرني عن الحسين بن عليّ× كان إماماً أو كان غير إمامٍ؟ قال: كان إماماً، قال: فمَنْ ولي أمره؟ قال: عليّ بن الحسين، قال: وأين كان عليّ بن الحسين×؟ قال: كان محبوساً بالكوفة في يد عبيد الله بن زياد، قال: خرج وهُمْ‏ لا يعلمون، حتّى ولي أمر أبيه، ثمّ انصرف، فقال له أبو الحسن×: إن‏ الذي أمكن عليّ بن الحسين× أن يأتي كربلاء، فيلي أمر أبيه، فهو يمكن صاحب هذا الأمر أن يأتي بغداد، فيلي أمر أبيه ثمّ ينصرف، وليس في حبسٍ ولا في إسارٍ، قال له عليٌّ: إنا روينا: إن الإمام لا يمضي حتّى يرى عَقِبَه‏…»([57]).

البحث الدلالي

يبدو من الرواية أن الإمام الرضا× قام بتقرير مضمون القاعدة، ويعلن أنه بنفسه غَسَلَ الإمام الكاظم× في بغداد.

هناك ملاحظاتٌ على الاستدلال بالرواية:

1ـ ليست هناك إشارةٌ إلى خصوص الغسل، بل ورد «ولي أمره»، وهو بدلالته اللغوية أعمّ من الغسل، ويشمل الصلاة والدفن و… أيضاً، كما تقدَّم غير مرّةٍ. ومن جهةٍ أخرى إن الإمام الحسين كان شهيد المعركة، فلم يكن له غسلٌ ـ وفقاً للروايات([58]) والفقه([59]) ـ، فيبدو أن المراد من «ولِيَ أمرَ أبيه» في أمر الحسين× هو الدفن و…. وعليه تبدي الرواية عن شكلٍ أعمّ من القاعدة، وهو أن كلّ الأمور المرتبطة بموت الإمام السابق لا بُدَّ أن يكون من قِبَل الإمام التالي. وعدم حاجة الإمام الحسين إلى الغسل غير ضارٍّ بلزوم الغسل في القاعدة، فهناك مانعٌ من إجراء خصوص الغسل فيه، بخلاف غيره من الأئمة^.

2ـ لا يبدو أن هذه الطريقة مقنعةٌ في جواب الواقفة؛ لأنهم لم يقبلوا بَعْدُ أن الإمام الرضا× هو الإمام حتّى يقبلوا أن الله أراد أن يذهب به من مشرق العالم إلى مغربه. إلاّ إذا قلنا بأن التغسيل لم يكن علامةً للإمام، بل كان من صفاته التي رُبَما لا يعرفها إلاّ عددٌ يسير من الأشخاص، تماماً مثل: العصمة. لكنْ إذا كان الأمر كذلك فلماذا لم يبين الرضا× للبطائني أن القضية ليست كما تتوهَّم أنت أنها علامةٌ للإمامة، بل إنها مجرّد صفةٍ للإمام، وقد يمكن أن لا يعرفها الشيعة أبداً. هذا، ولكنْ يبدو من السياق أن البطائني لم يستطِعْ أن يجيب الإمام، وبالتالي طرح سؤالاً آخر.

البحث السندي

في السند المذكور في رجال الكشّي([60]): جعفر بن أحمد متّصفٌ بصحة الحديث([61]). وحمدان بن سليمان مجهولٌ لم أجِدْه في شيء من المصادر([62]). والظاهر أن إسماعيل هو ابن سهل الدهقان، وقد «ضعّفه أصحابنا»([63]). ومنصور بن العبّاس «مضطرب الأمر» عند النجاشي([64]). وذكر الشيخ الطوسي أن جماعةً روَوْا كتابه([65])، ورواية جماعةٍ لكتابه أمارةٌ على وثاقته، وفقاً لبعض المباني. وورد في سند إثبات الوصيّة([66]) سهل بن زياد، وهو مختلفٌ فيه([67]). فالسند ضعيفٌ؛ للإرسال؛ ولجهالة حمدان بن سليمان، مع غضّ النظر عن باقي الإشكالات. والجدير بالذكر أن آخر السند هكذا: «حدَّثني بعضُ أصحابنا، وسألني أن أكتم اسمه»، وهو قرينةٌ على أن الراوي كان يخاف من الواقفية، وكانت لهذا التيّار قدرةٌ ونفوذٌ آنذاك.

الرواية الحادية عشرة: «ولا يلي‏ الوصيَّ‏ إلاّ الوصيُّ»

إن بعض الروايات تدلّ على أن الإمام الحسين× هو الذي يغسِّل الإمام المهديّ#: «عن أبي عبد الله×، في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ﴾: خروج الحسين× في سبعين من أصحابه…‏ فإذا استقرّت المعرفة في قلوب المؤمنين أنه الحسين× جاء الحجّةَ الموتُ، فيكون الذي يغسِّله ويكفِّنه ويحنِّطه‏ ويلحده‏ في حفرته الحسينَ بن عليّ‏’، ولا يلي‏ الوصيَّ‏ إلاّ الوصيُّ»([68]).

البحث الدلالي

في هذه الرواية تصريحٌ بشمولية القاعدة، بحيث تشمل التكفين والتحنيط و…، مضافاً إلى التغسيل([69]).

البحث السندي

السند في الكافي: «عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ، عن عبد الله بن القاسم البطل‏ [عن صالح بن سهل الهمداني]([70])، ‏عن أبي عبد الله×».

لا تثبت وثاقة أحدٍ من الرواة المذكورين في هذا السند، بصرف النظر عن سهل بن زياد المختلف فيه.

محمد بن الحسن بن شمون: ضعّفه النجاشي، واتّهمه بأنه كان من الواقفة، ثم صار من الغلاة([71]). واعتبره الكشّي أيضاً من الغلاة([72]). ومن جهةٍ أخرى هناك قرائن عكسية في مذهبه. وليس الأمر واضحاً. كما ترحَّم عليه هارون بن موسى التلعكبري من أجلاّء الإمامية([73]). كما ذكر النجاشي أنه روى روايةً تدلّ على إمامة الإمام الهادي×، ممّا لا ينسجم مع كونه من الواقفية([74]). لكنّ نفس النجاشي شكّك في أن تكون الرواية من الرجل. ومن الجدير بالذكر أن الكشّي أفرد باباً في رجاله في «أبي جعفر البصري»، غير ما تقدَّم من بابٍ مختصّ بابن شمون، وذكر فيه عن فضل بن شاذان: «حدَّثني أبو جعفر البصري، وكان ثقةً فاضلاً صالحاً»([75]). ويبدو من كلام المحقِّق النمازي أنه اعتبره متّحداً مع ابن شمون([76]). ولم يثبت لي اتّحادهما بَعْدُ. وعلى أيّ حالٍ حتّى لو لم يكن واقفياً فإن النجاشي صرَّح بأن هناك أحاديث نُسِبَتْ إليه لصالح مذهب الواقفة([77]). فيقوّي هذا الاحتمال أن تكون هذه الرواية أيضاً من جملة ما أُضيف إليه. ومن جميع ما تقدَّم يتّضح أن الواقفية كانوا يستغلُّون هذه القاعدة لإثارة الشبهة حول إمامة الرضا×. فهذا الاحتمال ـ ولو لم يثبت ـ كافٍ لينخفض وثوقنا بالرواية.

عبد الله الأصمّ: أيضاً ضعَّفه الرجاليّون([78]). وفي المقابل ورد اسمه في أسانيد كامل الزيارات([79]).

عبد الله بن القاسم: يبدو أنه هو الحضرمي. وضعّفه النجاشي بلحنٍ عنيف، وابن الغضائري أيضاً([80]). واعتبره الشيخ الطوسي من الواقفة([81]). والظاهر أنه متَّحدٌ مع راوٍ آخر يعني الحارثي، وعلى أيّ حالٍ إن الحارثي أيضاً ضُعِّف([82]). ورُبَما كانت هذه التضعيفات بسبب الرمي بالغلوّ([83]). لكنْ على أيّ حالٍ لا تثبت وثاقته، إلاّ إذا قلنا بأن جماعةً روَوْا كتابَه([84])، أو قلنا: هناك أجلاّء روَوْا كتابَه([85]).

صالح بن سهل: أيضاً قد ضُعِّف([86]). وليس هناك دليلٌ على وثاقته أيضاً.

فالنتيجة أنّ هناك رجُلَيْن في هذا السند متّهمان بالوقف، ومن جهةٍ أخرى لم تثبت وثاقة أحدٍ منهما أيضاً. فحينئذ يطرح احتمالٌ واقعي أن تكون هذه الرواية موضوعةً مِن قِبَل الفرقة الواقفية.

والسند في تفسير العياشي أيضاً مُرْسَلٌ إلى صالح بن سهل.

والسند في مختصر البصائر هكذا: «وعنه×». وإذا كان معلَّقاً على السند السابق([87]) فهو سندٌ هالك في غاية الضعف؛ بسبب الرفع والإرسال؛ وجهالة أحمد بن عقبة وأبيه والأيادي، بصرف النظر عن الإشكالات في نفس كتاب مختصر البصائر.

الرواية الثانية عشرة: «وما كان ذلك لِيَلِي منه غيري»

رواية حول الإمام الهادي× أنه كان في المدينة عند مؤدّبٍ، فأُلْهِمَ فجأةً أن أباه الإمام الجواد× قد رحل من الدنيا، مع أنه كان في بغداد، فسأله المؤدِّب: «جُعلتُ فداك، وقد مضى؟ فقال: نعم، ووَلِيتُ غسلَه‏ وتكفينَه، وما كان ذلك لِيَلِي منه غيري»([88]).

البحث الدلالي

يمكن أن يستدلّ بها على القاعدة؛ بقرينة ذيلها، حيث يبدو أن «ما كان ذلك لـ…» يشير إلى أن العمل لا يليق بغيره، يعني ليس من شأن غير الإمام، ولا يليق به أبداً أن يقوم بغسل الإمام و…. ومن جهةٍ أخرى فيه دلالةٌ على شمول القاعدة للتكفين أيضاً.

إثبات أن الرواية حول شهادة الإمام الجواد×، لا الرضا×، وإثارة إشكال بالاستدلال بالرواية

إن هذه الرواية وردَتْ في الإمامة والتبصرة؛ والثاقب للمناقب، لكنْ رُبَما يُتصوَّر من سياقها أنها تتكلّم حول شهادة الرضا×، وذهاب الجواد× لغسله([89]). ويبدو أن الضمير فيها راجعٌ إلى أبي جعفر×، يعني الإمام الجواد×، وخصوصاً أن ابن حمزة أيضاً أوردها ضمن الروايات المرتبطة بالجواد×. لكنْ هناك روايةٌ أخرى في البصائر وإثبات الوصية حول الإمام الهادي×، وهي شبيهةٌ بهذه الرواية جدّاً؛ بحيث يظهر أنها متّحدةٌ مع هذه الرواية، وأن كلا الروايتين تتكلّم حول إمامٍ واحد. ولم تكن هناك صراحةٌ في رواية الإمامة والتبصرة بأن مَنْ يقرأ في اللوح هو الجواد×، وإنما يبدو من الضمير، كما تقدَّم. لكنْ في رواية البصائر تصريحٌ بأن القضية في الإمام الهادي×. ومن جهةٍ أخرى إن الحديث في كلا الروايتين حول مؤدِّبٍ مع إمامٍ، غاية الأمر أن الراوي للقضية الواحدة شخصان: في إحداهما: هو نفس المؤدِّب؛ وفي الرواية الأخرى: هو شخصٌ آخر يحكي الكلام بين المؤدِّب والإمام، فإذا ثبت أنهما روايةٌ واحدة يُشْكَل عليها بأن الحديث عن الغسل إنما ورد في روايةٍ واحدة من الروايتين، فليس هناك عينٌ ولا أثر من هذه الفقرة في رواية البصائر وإثبات الوصية.

وهناك إشكالٌ آخر يمكن تسجيله هنا، وهو أن عمومية القاعدة لا تظهر من الرواية؛ فإنها لا تدلّ على أن الغسل قاعدةٌ، فرُبَما هو نوعُ كرامةٍ للإمام الهادي×، ولم تكن بمعنى سنّة وطريقة في كلّ إمامٍ. إلاّ إذا قلنا بعدم وجود فرقٍ من هذا القبيل بين إمامٍ وآخر. لكنْ يكفي ما تقدَّم في بداية البحث حول دلالة الرواية في ردّ هذا الإشكال؛ فإن تعبير «ما كان ذلك لـ…» إذا لم يكن دالاًّ على أنه قاعدةٌ فلا أقلّ من كونه قرينةً هامّة عليه.

هذا، وإذا قلنا بأن الحديث حول الإمام الهادي× فإننا نواجه إشكالاً آخر؛ إذ بناءً عليه الهادي× أيضاً لم يكن حاضراً في بغداد حينما ارتحل الجواد× من الدنيا.

ونقطةٌ أخرى: إذا لم يثبت لدينا صدور هذه الرواية يمكننا أن نقول: إن هذه الرواية تبيِّن لنا إشاراتٍ من وجود فكرة قاعدة غسل الإمام حتّى في عصر الإمام الهادي×، بعد مضيّ عدّة عقودٍ من إمامة الرضا× وبداية تكوُّن الواقفية.

البحث السندي

السند في الإمامة والتبصرة: «محمد بن موسى، عن محمد بن قتيبة، عن مؤدِّبٍ كان لأبي جعفر×. «وهؤلاء كلّهم مجهولون. ولا يبعد أن يكون «محمد بن موسى» تصحيفاً من «محمد بن عيسى»؛ بقرينة ما ورد في سند البصائر وإثبات الوصية، وحينئذٍ يبدو أنه محمد بن عيسى بن عبيد، والظاهر أنه ثقةٌ في نفسه([90]).

ولم يذكر الغسل في بصائر الدرجات وإثبات الوصية ـ كما تقدَّم ـ، لكنّ سندهما أيضاً ضعيف بالحسين بن قارون ـ أو قارن ـ والرضيع؛ لأنهما مجهولان. فليس هناك ترجيحٌ بين الرواية المتضمِّنة لقضية الغسل والخالية منها.

الرواية الثالثة عشرة: خبر المسيّب بن زهير في شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)

يحكي الراوي أنه كان حاضراً عند تغسيل الإمام الكاظم× في بغداد، ثم يقول: إنه رأى الإمام الرضا× عند التغسيل: «فواللهِ لقد رأيتُهم بعيني، وهم يظنّون أنهم يغسِّلونه، فلا تصل أيديهم إليه، ويظنّون أنهم يحنِّطونه ويكفِّنونه، وأراهم لا يصنعون به شيئاً، ورأيتُ ذلك الشخص يتولّى غسله وتحنيطه وتكفينه، وهو يظهر المعاونة لهم، وهم لا يعرفونه، فلمّا فرغ من أمره قال لي ذلك الشخص: يا مسيّب، مهما شكَكْتَ فيه فلا تشكَّن فيَّ؛ فإني إمامك ومولاك وحجّة الله عليك بعد أبي×…»([91]).

البحث الدلالي

أركِّز هنا على الفقرة الأخيرة من الرواية، حيث يبدو أن الراوي شكّ في إمامة الرضا×، ورُبَما تصوَّر أنه× في المدينة، فكيف يمكن أن يحضر في غسل الإمام الكاظم×؟! وبعدما شاهد الإمام الرضا× عند التغسيل كأنّ الإمام× يريد أن يقول له: إن قاعدة الغسل صحيحةٌ، لكنّك رأيْتَ أنّي حضرتُ هنا وغسّلته، فلا تَشُكَّنَّ في إمامتي أبداً. هذا، ولكنّ الدلالة وحدها، ومن دون ضمّها إلى شيءٍ، ليست واضحةً. لكنْ بعد النظر إلى سائر الروايات الأخرى حول القاعدة، وتلك البيئة المتأثِّرة بشُبُهات الواقفية في هذا الموضوع، نجد أنها ناظرةٌ إلى القاعدة، فلا أقلّ من كونها قرينةً عليها.

البحث السندي

تقدَّم الكلام حول تميم بن عبد الله، وباقي الرجال في السند كلّهم مجهولون. ويبقى المسيّب بن زهير، وحيث ورد في الحديث أنه «كان موكَّلاً به»([92]) فيبدو أنه هو أبو مسلم المسيّب بن زهير الضبّي، الذي «كان من رجالات الدولة العبّاسية، ووُلّيَ شرطة بغداد في أيام المنصور والمهديّ والرشيد»([93]).

ومن الغريب أن الرجل ـ وفقاً لهذه الرواية ـ شيعيٌّ مؤمنٌ بإمامة الكاظم، بل موضع سرّه، مع أن الضبّي كان رجلاً خبيثاً يَقتُل الأشخاص بأمر الخلفاء([94]). وذكر الخطيب البغدادي أنه روى روايةً لا تنسجم أبداً مع كونه شيعيّاً([95]). هذا، لكنّ الشيء الذي يقضي على هذا البحث أن الرجل مات سنة 175هـ أو 176هـ([96])، فلا يمكن أصلاً أن يدرك استشهاد الكاظم× سنة 183هـ([97]) أو بعدها([98]).

نعم، قد ذكر المحقِّق الشبستري أن الرجل كان حيّاً إلى سنة 203هـ، وصرَّح بأنّ ما قيل من وفاته سنة 175 أو 176هـ خطأٌ([99]). ويخطر بذهني القاصر أن الرجل الذي تصوَّره الشبستري حيّاً سنة 203هـ هو «زهير بن المسيّب»، يعني ولد «المسيّب بن زهير» هذا؛ فإن أبناء المسيّب أيضاً كانوا من عمّال الدولة العبّاسية. وقد ورد تصريح في بعض المصادر أن «زهير بن المسيّب» هو ابنٌ للمسيّب بن زهير الضبّي([100]). وذكرت المصادر أن زهير شارك في حرب المأمون ضدّ الأمين، وكان من أنصار الحسن بن سهل أيضاً([101])، ممّا يشكِّل دليلاً على كونه حيّاً بعد استشهاد الكاظم× بكثيرٍ. نعم، ورد في بعض الكتب أن هناك رجلٌ بعنوان «المسيّب بن زهير» كان من كبار القوّاد في عصر المأمون([102])، لكنّ الظاهر أنه تصحيفٌ من «زهير بن المسيّب»؛ والقرينة على هذه الدعوى أننا نشاهد أن القصة التي يذكرونها حول كيفية قتل مَنْ يسمّونه بـ «المسيّب بن زهير» ـ من الحوادث وشخص القاتل والعلاقات والزمان ـ هي نفس قصّة قتل «زهير بن المسيّب»([103])، فيظهر أن مرادهم في الحقيقة زهير بن المسيّب، لا المسيّب بن زهير، وحدث تصحيفٌ في التعبير عن الولد. ولا غرابة في تقليب الأسماء في الأب والابن، فهو واحدٌ من التصحيفات المتداولة في المخطوطات. ومن جهةٍ أخرى إذا كان المسيّب من كبار القوّاد في عصر المأمون فلماذا يذكرون في المصادر أنه كان منصوباً في أمور الدولة من قِبَل المنصور والمهديّ وموسى العبّاسي وهارون الرشيد، ثمّ يتوقَّفون بعد ذلك([104])، ولا يذكرون عنه شيئاً في خلافة الأمين أو المأمون؟! فهذا قرينةٌ أخرى على أنه لم يكن حيّاً في خلافة المأمون، أو لم يكن من القوّاد آنذاك([105]).

هذا، وحيث ورد اسم «المسيّب» كراراً في هذا الحديث هنا، ولم يَرِدْ اسمه مرّةً واحدة، تنخفض احتمالية أن يكون هذا الاسم مصحَّفاً من اسمٍ آخر([106]).

الرواية الرابعة عشرة: معاونة الملائكة في الغسل مع كلّ إمامٍ، وخطابهم له

«قال أبو الحسن×: لما قُبض رسول الله| هبط جبرئيل والملائكة والروح الذين كانوا يهبطون في ليلة القدر، ففتح أمير المؤمنين× بَصَرَه،‏ فرآهم‏ من‏ منتهى‏ السماوات إلى الأرض، ثم‏ّ كانوا يغسِّلون النبيّ| مع عليٍّ×، ويصلّون عليه، ويحفرون له، واللهِ ما حفر له غيرُهم، ولما وُضع في قبره تكلَّم محمد|، وفتح لعليٍّ سمعه، فسمعه يوصيهم بعليٍّ، فبكى أمير المؤمنين×، وسمعهم يقولون: لن نألوه جهداً، وهو صاحبُنا بعدك‏. حتّى‏ إذا مات‏ أمير المؤمنين× رأى الحسن× مثل الذي رأى أمير المؤمنين×. حتى إذا مات الحسن× رأى منهم الحسين× مثل ذلك». وهكذا يستمرّ الحديث إلى أن يقول: «حتّى إذا مات جعفر بن محمد× رأى منهم موسى بن جعفر× مثل ذلك، وسمع الأوصياء يقولون: أبشري أيّتها الشيعة بنا، وهكذا يخرج إلى آخرنا»([107]).

البحث الدلالي

إن تكرار الفقرات حول كلّ إمامٍ تدلّ على أن الأمر كقاعدةٍ في كلّ إمامٍ. ويدلّ عليه أيضاً تعبير: «هكذا يخرج إلى آخرنا».

وإضافةً إلى ذلك، فيها دلالةٌ على لزوم الصلاة والدفن أيضاً، كما يبدو من الفقرة الأولى، يعني صلاة الملائكة على النبيّ×، وتدفينه بالشراكة مع عليّ×.

 ورُبَما يتوهّم أن الرواية إنما تتكلَّم عن غسل الأئمّة إلى زمن الصادق×، ويتوقّف فيه، ولا تُشير إلى موت الكاظم×، وهذا مُثيرٌ لاحتمالية كون الرواية من الواقفية. لكنْ لا محلّ لهذا الإشكال بعدما ورد في ذيل الرواية: «هكذا يخرج إلى آخرنا»، فيدلّ على موت الإمام الكاظم×، وأن هذه السنّة ستكون في غسله×، والأئمّة من بعده أيضاً، فليس هو الإمام القائم الأخير.

البحث السندي

ورد الحديث في بصائر الدرجات، وأيضاً في الخرائج والجرائح. لكنّ السند يختلف في كلٍّ منهما، ولا ينسجم السند مع متن الرواية.

فقد ورد في الخرائج: «رُوي عن عبد الرحمن بن كثير: قال أبو الحسن×». لكنّني لم أجِدْ رواية أخرى عن عبد الرحمن هذا عن الكاظم أو الرضا’. واعتُبر الرجل من أصحاب الصادق فقط في رجال البرقي([108]) ورجال الشيخ([109])، ولم يذكراه في أصحاب الكاظم×؛ ومن جهةٍ أخرى له روايةٌ عن الباقر×([110]) أيضاً. فبطبيعة الحال يبعد أن يروي عن الرضا×، مع أنّ الرواية عنه×، لا الكاظم×، حيث ورد فيها: «حتّى إذا مات جعفر بن محمد× رأى منهم موسى بن جعفر× مثل ذلك». فيبدو أن «أبا الحسن×» في سند الرواية هو الإمام الرضا، إلاّ إذا قلنا بأنه من كلام الإمام الكاظم×، وكان يتكلَّم عن نفسه على سبيل «الالتفات». لكنّه مجرّد احتمالٍ، ولا أدري كم هو ملائمٌ لأساليب كلام أهل البيت^؟! فعلى أيّ حالٍ هناك علامة استفهام في السند المذكور في الخرائج، وإنْ كان هذا السند ضعيفاً جدّاً من جوانب أخرى؛ فإنه مرسلٌ؛ وضُعِّف عبد الرحمن([111])، وليس هناك دليلٌ على وثاقته في المقابل.

والسند في بصائر الدرجات المطبوع: «بهذا الإسناد»، ويرجع إلى السند السابق، وفيه: «حدَّثنا أحمد بن محمد وأحمد بن إسحاق، عن القاسم بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله×»([112]). وفيه إرسالٌ. لكنْ حيث إن القاسم يروي عن جدّه الحسن بن راشد في الأغلبيّة الساحقة من رواياته الموجودة يُحتَمَل قويّاً أن يكون هو المراد «من بعض أصحابنا»، فإذا وثَّقنا جدّه أيضاً نستطيع أن نصحِّح الرواية. نعم، لا يمكن أن نصحِّح الرواية وفقاً للمصطلح؛ فإن احتمالية كون «بعض أصحابنا» شخصاً آخر لا تزال باقيةً، وإنما أُريد أن أقول: هذا الاحتمال قويٌّ بحساب الاحتمالات، فيمكن أن نستفيد منه كقرينةٍ هامّة، إلى جانب سائر القرائن.

وهناك اختلافٌ في وثاقة الحسن بن راشد أيضاً؛ فإن ابن الغضائري ضعَّفه([113])؛ وفي المقابل توجد قرائن على وثاقته؛ حيث روى عنه ابن أبي عمير([114])، واعتبر الصدوق روايتَه في موضعٍ من كتابه من أصحّ الروايات الموجودة في زيارة الحسين×([115]).

وإن كل هذا الكلام مبنيٌّ على أن يكون هذا هو السند الحقيقي للرواية. لكنّ الأمر ليس كذلك؛ فإنه لا ينسجم مع متن الرواية، حيث إنها تتكلَّم عمّا بعد شهادة الصادق× بكلّ صراحةٍ ـ بل رُبَما يبدو أنها عن الرضا×، كما تقدَّم آنفاً ـ، مع أن الرواية مرويّةٌ عن الصادق×([116]). ولأجل هذه الإشكالات قدَّم العلاّمة المجلسي عدّة مبرِّرات: «لعلّ آخر الخبر من كلام الراوي أو الإمام× على الالتفات،‏ أو المرويّ عنه غير الصادق× فصحَّف النُّسّاخ»([117]). لكنّه لا يمكن أن يكون من كلام الراوي؛ لأنه يقول بعده: «إلى آخرنا»، فهو من كلام نفس الإمام. ولا يمكن أيضاً أن يكون على سبيل الالتفات([118])؛ فإن الالتفات يمكنه أن يبرِّر ذكر «جعفر» بَدَل ضمير المتكلِّم، لكنّه يبعد أن يبرِّر وجود الفعل الماضي في «إذا مات جعفر»([119]). فالأرجح هو الاحتمال الثالث الذي ذكره المجلسي كما تقدَّم. وعليه فالظاهر أن هذا ليس هو السند الحقيقي للرواية، وخصوصاً حين نرى أن المصادر الأخرى التي تروي هذه الرواية عن نفس كتاب البصائر تذكر لها سنداً آخر. ويبدو أن السند الواقعي هو السند المذكور في مدينة المعاجز، نقلاً عن البصائر: «محمد بن الحسن الصفّار، عن الحسن بن أحمد، عن أحمد بن محمد، عن العبّاس بن حريش، عن أبي جعفر الثاني×»([120]). ولا تتوفَّر لديّ نسخةٌ من البصائر، لكنّ محقِّق كتاب الخرائج والجرائح ذكر أن هذا السند موجودٌ في النسخة المحقَّقة من البصائر([121])، فيترجَّح أن يكون هو السند الحقيقي للرواية([122])، وخصوصاً أن هذه الطبعة من البصائر قديمةٌ، ورُبَما لم تتوفَّر لدى محقِّقه في تلك الفترة مخطوطاتٌ جيدة من الكتاب، ولأجل ذلك نرى فيها كثيراً من التصحيفات.

وعليه نواجه إشكالاً آخر: إن هذا السند ينتهي إلى الجواد×، لكن الحديث يتكلَّم عن كلّ إمامٍ واحداً واحداً، ويذكرهم تفصيلاً، ويتوقَّف في الإمام الصادق×، فمن هذا السياق نشعر بأن الأنسب أن يكون القائل هو الكاظم× أو الرضا×، لا الجواد×، فإذا كان القائل هو الجواد× فلماذا توقَّف في الصادق×، وقال: «هكذا يجري إلى آخرنا»؟! فلماذا لم يذكر الكاظم والرضا’؟! مع أن الظاهر أن المتكلِّم كان يريد أن يسمّي كلّ واحدٍ من الأئمّة بالتفصيل([123]). وفي الجملة إن القضية شائكةٌ، ونحن نواجه إشكالاتٍ في كلٍّ من السندين المحتملين.

وعلى أيّ حالٍ ورد في هذا السند عبّاس بن حريش، والظاهر أنه تصحيفٌ من الحسن بن عبّاس بن حريش، الذي له عدّة روايات عن الإمام الجواد×. لكن وثاقته لا تثبت([124])؛ ومن جهةٍ أخرى روى كتابَه بعضُ أجلاّء رواة الإمامية([125])، ومَنْ يقتنع بهذه القرينة يمكنه إثبات وثاقته. لكنّ «الحسن بن أحمد» مجهولٌ. فالسند ضعيفٌ من جهته، بصرف النظر عن ابن حريش. فيُستَخْلَص ممّا تقدَّم أن كلا السندين المحتملين للحديث ضعيفٌ([126]).

انتهَتْ ـ بحمد الله والمنّة ـ الدراسة التجزيئية حول مدارك قاعدة غُسْل الإمام من الناحية الدلالية والسندية، وستأتي ـ إنْ شاء الله تعالى ـ الدراسة المجموعية حول المدارك من جوانب أخرى، وهي تحتاج إلى مقالةٍ مستقلّة.

الهوامش

(*) باحثٌ في الحوزة العلميّة في قم. له تحقيق «أحاديث أمير المؤمنين×» برواية القاضي جعفر البهلولي عن الإمام الجواد× ـ من مخطوطات الزيدية ـ. من مدينة بيرجند.

([1]) وهذه المقالة ناظرةٌ إلى المقالة السابقة المنشورة في العدد السابق من هذه المجلّة (العدد 53) ـ رغم أنّها مستقلّةٌ ـ. وأرجو القرّاء الكرّام أن ينظروا إليها أوّلاً قبل قراءة هذه المقالة.

([2]) عيون أخبار الرضا× ‏2: 245؛ الهداية الكبرى (الخصيبي): 282؛ دلائل الإمامة (الطبري): 351؛ عيون المعجزات: 112؛ وورد في مناقب آل أبي طالب× (ابن شهرآشوب) ‏4: 373 أيضاً، لكنْ سَقَطَ عددٌ من السطور البدائية للحديث، فلا يمكن أن يعرف سنده.

([3]) وبالتالي رُبَما يُقال: لا يثبت أن يكون الرجل نفس الإمام الجواد×، ورُبَما كان شخصاً آخر دونه. لكنْ رُبَما يقال: إن المراد بالرجل في الرواية الشخص الذكر الرشيد وإنْ لم يبلغ الحلم.

([4]) كشف الغمّة ‏2: 266.

([5]) «فإذا كشفته نضب الماء، فهو مدفني، فادفنّي فيه».

([6]) «حدَّثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه قال: حدَّثنا أبي قال: حدَّثني محمد بن يحيى قال: حدَّثني محمد بن خلف الطاطري قال: حدَّثني هرثمة بن أعين». وفي بعض النُّسَخ ورد «عيسى أو مثنى» بَدَل «يحيى». وقد بحثت عن هذين العنوانين أيضاً لكنّي لم أجِدْ شيئاً.

([7]) الرجال (ابن الغضائري): 45.

([8]) «حكى الحسين بن حمدان الحضيني روى قال: حدَّثني زيد بن محمد القمّي قال: حدَّثني عبيد الله بن جعفر الملالي». وإن الحضيني تصحيفٌ من «الخصيبي».

([9]) إلاّ إذا نقل عن كتاب آخر للخصيبي.

([10]) نعم، ورد توثيق محمد بن خلف الطاطري في مقتضب الأثر (الجوهري): 8، لكنه يحتاج إلى إثبات اتّحاد محمد بن خلف ومحمد بن خالد، مضافاً إلى البحث في قيمة هذا التوثيق.

([11]) «قال هرثمة بن أعين، وكان في خدمة المأمون، إلاّ أنه كان محبّاً لأهل البيت إلى الغاية، يأخذ نفسه بأنه من شيعتهم، وكان قائماً بمصالح الرضا×، باذلاً نفسه بين يدَيْه، متقرِّباً إلى الله تعالى بخدمته». كشف الغمّة ‏2: 265. ولا يتّضح هل هذه الجملة من نفس الرواية، وإنما يحكيها الإربلي، أو هي رؤيته؟

([12]) بقرينة ما ورد في بداية الرواية: «كنتُ ليلةً بين يدَيْ المأمون حتّى مضى من الليل أربع ساعات، ثمّ أذن لي في الانصراف‏».

([13]) تاريخ ‏الطبري ‏8: 124؛ تاريخ خليفة بن الخياط 1: 306، 311، تحقيق: أكرم ضياء العمري، دار القلم ـ دمشق، مؤسّسة الرسالة ـ بيروت، ط2؛ المنتظم ‏8: 320؛ المعرفة والتاريخ (يعقوب بن سفيان) 1: 50، بيروت، دار الكتب العلمية، 1419هـ؛ فتوح البلدان (البلاذري) 1: 169؛ الفرج بعد الشدّة (التنّوخي) ۳: ۱۹، بيروت، دار صادر؛ کتاب الولاة وکتاب القضاة (محمد بن يوسف الکندي): ۱۳6،القاهرة، دار الکتاب الإسلامي.

([14]) «أيَسرُّك‏ أن تكون‏ مثل: طاهر وهرثمة، وإنك على خلاف ما أنتَ عليه‏». الكافي ‏15: 765، طبعة دار الحديث.

([15]) الفرج بعد الشدّة (التنّوخي) ۳: ۲۰.

([16]) تاريخ ‏خليفة بن خيّاط: 312؛ تاريخ ‏الطبري ‏8: 542؛ المنتظم ‏10: 85؛ تاريخ ‏الإسلام ‏14: 421؛ الكامل ‏6: 347؛ شذرات ‏الذهب ‏2: 474؛ تاريخ ‏اليعقوبي ‏2: 450؛ تاريخ ‏ابن ‏خلدون ‏3: 307؛ البداية والنهاية ‏10: 246؛ المعارف (ابن قتيبة): 389، تحقيق: ثروت عكاشة، القاهرة، ط2، 1992م. زين‏ الأخبار (الجرديزي): 217؛ الوزراء والكتّاب (الجهشياري): ۲۰5، تحقيق: حسن زين، بيروت، دار الفكر، 1408هـ.

([17]) معجم رجال الحديث ‏20: 280.

([18]) قال المحقِّق المامقاني: «يظهر من العيون أنه كانت له محبّة تامة و… بل رُبَما يظهر منها كونه شيعة له، ومن خواصّه وأصحاب أسراره و…». تنقيح المقال ‏3: 291؛ وانظر: مستدركات علم رجال الحديث ‏8: 145؛ وهامش طبعة دار الحديث من الكافي 15: 765.

([19]) ومن جهةٍ أخرى إن اسم «هرثمة بن أعين» اسمٌ خاصّ، وإن استعماله في تسمية الأبناء قليلٌ بالنسبة إلى الأسماء المتداولة وكثيرة الاستعمال، كـ «محمد» و«خالد» و…، كما يبدو من أسماء الرجال في الكتب والروايات، فهذا مؤيِّدٌ آخر في عدم تصحيفه. هذا، وإن الصدوق ذكر في عيون أخبار الرضا× أن كنية هرثمة هي «أبو حبيب»، وإذا كان «أبو حبيب» كنيةَ هرثمة، الذي كان من قوّاد العباسيين أيضاً، فهذا قرينةٌ أخرى هامّة في إثبات اتّحاد الرجلين. لكنّني ـ رغم تتبُّعٍ كثير ـ لم أعثر على مصدر ذكر كنيةً له.

([20]) مع أن الشيخ الصدوق تلقّاه بالقبول؛ حيث استفاد من التفسير المذكور للقاعدة هنا في الاحتجاج على الواقفية، وإنْ لم يصرِّح بأنه أخذه من هذه الرواية. عيون أخبار الرضا× ‏1: 106.

([21]) إثبات الوصية (المسعودي): 215.

([22]) عيون أخبار الرضا× ‏2: 242؛ الأمالي (الصدوق): 662؛ الخرائج والجرائح ‏1: 352 ـ 356.

([23]) إن هذه النقطة ليست ممّا خطر على بالي، بل رأيتُها في هامش بعض الكتب الحديثية، لكنني نسيتُ قائلها، وراجعتُ ولم أعثَرْ عليه.

([24]) واحتمل الشيخ النمازي أن الرجل الأخير هو عبد الرحمن بن يحيى العقيلي، من أصحاب الكاظم×. مستدركات علم رجال الحديث ‏4: 425. لكنّه على أيّ حالٍ مجهول.

([25]) هكذا في الكافي ‏2: 82؛ وورد في عيون أخبار الرضا× ‏1: 23؛ والإمامة والتبصرة: 77 ـ 81 أيضاً، باختلافٍ سأشير إليه آنفاً، إنْ شاء الله تعالى.

([26]) كما أشير إلى هذه الخصوصية في المصادر اللغوية والتفسيرية. انظر على سبيل المثال: «ومن عمل الشي‏ء مرّة أو مرتين لا يُقال: إن ذلك سُنّةٌ؛ لأن السنّة الطريقة الجارية، ولا تكون جاريةً بما لا يعتدّ به من العمل القليل». التبيان في تفسير القرآن (الطوسي) ‏8: 363.

([27]) الكافي ‏2: 566؛ الإرشاد (المفيد) ‏2: 247؛ المقنعة: 479؛ تهذيب الأحكام ‏6: 83؛ تاريخ بغداد ‏19: 135.

([28]) إثبات الوصية: 215؛ عيون أخبار الرضا× ‏1: 18، عن جماعةٍ من أهل المدينة؛ مناقب آل أبي طالب× ‏4: 367. وأشار الأخير إلى قول سنة 151هـ أيضاً.

([29]) ففيها: «فيكون له ولدٌ بعده؟ فقال نعم. ثمّ قطع الكلام».

([30]) إن العلاّمة المجلسي الأوّل والسيد الشبيري الزنجاني من القائلين بهذه الرؤية في منهج الشيخ الصدوق.

([31]) «عن ابن أبي سعيد المكاري قال‏: دخل على الرضا×، فقال له: فتحْتَ بابك للناس، وقعدْتَ تفتيهم، ولم يكن أبوك يفعل هذا؟ قال: فقال: ليس عليَّ من هارون بأسٌ‏». رجال الكشّي: 465؛ وأيضا ورد في المناظرة المروية عن الإمام مع البطائني الواقفي. رجال الكشّي: 464؛ وأيضاً في رواية صفوان بن يحيى. الكافي ‏2: 569.

([32]) هذا واضحٌ من مقارنة سنة وفاة هارون الرشيد وسنة قتل الأمين. ومع ذلك صرَّحوا بهذه المدة في مصادر مختلفة، منها: الأخبار الطوال (الدينوري): 400، تحقيق: عبد المنعم عامر، قم، منشورات الرضي، 1368هـ.ش؛ المحبر (ابن حبيب): 40، تحقيق: إيلزة ليختن شتيتر، بيروت، دار الآفاق الجديدة؛ تاريخ بغداد ‏4: 108؛ تاريخ مدينة دمشق ‏56: 217؛ البدء والتاريخ (المقدسي) ‏6: 111، بور سعيد، مكتبة الثقافة الدينية؛ البداية والنهاية (ابن كثير) ‏10: 241.

([33]) تاريخ الطبري 8: 366.

([34]) تاريخ الطبري ‏8: 374. وإن الأمين خلع المأمونَ من ولاية العهد في هذه السنة. تاريخ ‏الطبري ‏8: 387.

([35]) تاريخ‏ الطبري ‏8: 391.

([36]) تاريخ ‏الطبري ‏8: 412.

([37]) «لما مضى أبو إبراهيم×، وتكلّم أبو الحسن‏×، خفنا عليه من ذلك، فقيل له: إنك قد أظهرت أمراً عظيماً، وإنا نخاف عليك هذه‏ الطاغية…». الكافي ‏2: 568.

([38]) عيون أخبار الرضا× ‏1: 104؛ الهداية الكبرى: 267؛ عيون المعجزات: 105؛ وستأتي الإشارة إليه في الرواية الرابعة أيضاً، إنْ شاء الله.

([39]) بحار الأنوار ‏50: 32.

([40]) نعم، هناك موارد في الفقه يغسل الميت قبل موته، كما في مورد الرجم وغيره، لكنْ لا ربط لها بالمقام.

([41]) الأمالي (الطوسي): 400؛ مناقب آل أبي طالب ‏3: 364؛ كشف الغمّة ‏1: 501؛ وفي مصادر أهل السنة أيضاً، مثل: مسند أحمد بن حنبل 18: 603؛ معرفة الصحابة (أبو نعيم الأصبهاني) ‏5: 349؛ الطبقات الكبرى (ابن سعد) ‏8: 22.

([42]) الكافي ‏2: 494؛ دعائم الإسلام ‏1: 228؛ قرب الإسناد: 88؛ الطبقات الكبرى ‏8: 23 سنن الدارقطني 2: 57، بيروت، ط1، 1418هـ، أنساب ‏الأشراف ‏2: 33، تحقيق: زكّار؛ تاريخ‏ اليعقوبي ‏2: 116، بيروت، دار صادر.

([43]) لكنّ الغريب أن البطائني لم يكن له جوابٌ للإمام هنا.

([44]) ويؤيِّده أن الأمر إذا كان كذلك، ولم يكن إخوان الرضا× قائلين بإمامته، فلماذا ليست هناك رواية واحدة تدلّ على أن الرضا× احتجّ عليهم بهذا التغسيل، أنكم كنتُم شاهدين على هذا الأمر، فلماذا لا تقرّون بحقّي وإمامتي؟!

([45]) لا بأس بالإشارة إلى بعض ما تقدَّم فيه: ضعَّفه النجاشي بلحنٍ عنيف. رجال النجاشي: 332؛ واعتبره الفضل بن شاذان من الكذّابين المشهورين. رجال الكشّي: 545؛ وقال الشيخ الطوسي أن المشايخ استثنوا من كتبه «ما كان فيها من‏ تخليط أو غلوٍّ أو تدليس‏ أو ينفرد به ولا يُعْرَف من غير طريقه»، مما يدلّ بشكلٍ واضح على عدم اعتمادهم عليه. فهرست كتب الشيعة (الطوسي): 412.

([46]) لم أجِدْه في المصادر الرجالية. وقال الشيخ النمازي: لم يذكروه. مستدركات علم رجال الحديث ‏8: 367.

([47]) لم أجِدْه أيضاً. وقال الشيخ النمازي فيه أيضاً: لم يذكروه. مستدركات علم رجال الحديث ‏5: 99.

([48]) قال النجاشي: «ثقةٌ صدوق». رجال النجاشي: 216.

([49]) كونه زيدياً لا يناسب نقل هذه الرواية، ويحتمل قويّاً أن يكون الزيدي نسبه، لا مذهبه، كما ذكره العلماء. شرح الكافي (المازندراني) ‏6: 170؛ تنقيح المقال ‏3: 326 بل إن نسبه أيضاً راجعٌ إلى زيد بن ثابت الأنصاري، لا زيد الشهيد. قاموس الرجال ‏11: 105.

([50]) وواحدةٌ منهما رواها نفس الرجل، يعني يزيد. الكافي ‏2: 86. لكنّ الرواية الأخرى رواها غيرُه، وسندها قويٌّ، ويمكن تصحيحه. عيون أخبار الرضا× 1: 33. في البداية تصوّرتُ أن الرواية ضعيفة ولا يمكن تصحيحها؛ لأن المذكور في سنده هو «إبراهيم بن عبدالله الجعفري»، وهو مجهول. لكنْ بعد ملاحظة سند الكافي وجدتُ أنه تصحيف من عبد الله بن إبراهيم الجعفري، الذي اتّصف بـأنه «ثقة صدوق». رجال النجاشي: 216. وكلّ رجال السند متّصفون بالوثاقة، إلا الحسين بن أحمد بن إدريس. لكنْ يمكن توثيقه أيضاً؛ لإكثار نقل الصدوق عنه وترضّيه عليه. وفي نهاية السند حيث إن الرواية عن «عدّة» يمكن تصحيحها. وقد يشكل عليه في هذه القضية؛ لأنه يروي عن عدّة من أهل بيته، وهذه القضية مرتبطةٌ بأغراض بينهم، فلا يمكن الوثوق بهذه السهولة، وخصوصاً أن هذه الوصية هامّة، لكن كثيراً من الشهود المذكورين في الرواية مجاهيل، لا يعرف عنهم شيء.

([51]) ذكره المفيد من خاصّة شيعة الإمام الكاظم× وثقاته وأهل الوَرَع والعلم والفقه. الإرشاد ‏2: 247.

([52]) ويدلّ على شهرتِها في تلك الفترة أن عدداً من مشايخ الصدوق روَوْا هذه الرواية عنه، كما سيأتي لاحقاً. ورواه الكليني أيضاً. ومن جهةٍ أخرى اكتفى الشيخ الطوسي أو الكشّي في رجاله في ترجمة الرجل بأن يقول «له حديثٌ طويل»، والظاهر أنه هذا الحديث ـ لكنْ يحتمل أيضاً أن تكون الرواية الطويلة التي رواها في وصية الكاظم ـ. فهذه الرواية عن الرجل كانت معروفةً، وبالتالي يحتمل أن يكون الشيخ المفيد ـ رضي الله عنه ـ متأثِّراً بهذه الرواية في تصوُّره عن الرجل.

([53]) معجم رجال الحديث ‏21: 124. نعم، لا يستفاد من كلام السيد الخوئي أنه قائلٌ بجلالة الرجل بسبب الرواية، وإنما يقول: هناك روايتان فيهما دلالةٌ على جلالته.

([54]) «كان ثقةً في الحديث، إلاّ أن أصحابنا قالوا: كان يروي عن الضعفاء، ويعتمد المراسيل، ولا يبالي عمَّنْ أخذ». رجال النجاشي: 348.

([55]) يحتمل أن تكون علّته أن الرواية لم تكن منحصرةً بروايته، كما أن الكليني رواه من طريقٍ آخر. وهذا الاستغراب مبنيٌّ على أن القدماء كانوا لا يروون حديثاً إلاّ إذا كان مقبولاً عندهم.

([56]) هذا، لكنْ حتّى لو كانت واحدةٌ منهما صحيحةً والأخرى غير صحيحة، وكانت الفقرة في الطريق الصحيح، لأمكن أن يكون هذا الأمر أيضاً مضرّاً بحصول الوثوق لنا من وجود الفقرة في الرواية الصحيحة.

([57]) رجال الكشّي: 463؛ إثبات الوصية: 207.

([58]) انظر: الكافي ‏5: 532 ـ 535؛ مَنْ لا يحضره الفقيه ‏1: 159؛ تهذيب الأحكام ‏1: 331.

([59]) يبدو أن هذا الأمر مسلَّمٌ وواضح عند الفقهاء، بل ادّعى بعضهم الإجماع في المسألة. راجِعْ على سبيل المثال: الخلاف (الطوسي) ‌1: 710، قم، جماعة المدرّسين، ط1، 1407هـ؛ السرائر ‌1: 166، قم، جماعة المدرّسين، ط2، 1410هـ؛ شرائع الإسلام ‌1: 29، قم، إسماعيليان، 1408هـ؛ رياض المسائل ‌1: 67، قم، مؤسسة آل البيت^، ط1؛ جواهر الكلام (النجفي) ‌4: 86، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط7، 1404 ه‍؛ العروة الوثقى ‌2: 39، قم، جماعة المدرّسين، ط1، 1419هـ؛ منهاج الصالحين (السيستاني) ‌1: 100، قم، ط5، 1417هـ.

([60]) «حدَّثني محمد بن مسعود قال: حدَّثنا جعفر بن أحمد، عن حمدان بن سليمان،‏ عن منصور بن العباس البغدادي قال: حدَّثنا إسماعيل بن سهل قال: حدَّثني بعض أصحابنا، وسألني أن أكتم اسمه».

([61]) «كان‏ صحيح‏ الحديث والمذهب». رجال النجاشي: 121.

([62]) ورد في رجال الكشّي: «حمدان بن سلمان»، وفي بعض مخطوطاته: «أحمد بن سليمان»، وفي بعضها الآخر: «أحمد بن سلمان». وبحثتُ عن كلٍّ من الثلاثة، ولم أجِدْ مَنْ يليق بهذه الطبقة. وإنه ليس حمدان بن سليمان النيسابوري؛ لأنه يروي عن الرضا× بواسطةٍ واحدة فقط، وليس أحمد بن سليمان الذي يروي عنه ابراهيم بن هاشم؛ لأنه أدرك الكاظم×، وليس أحمد بن سليمان الحجّال؛ لأنه يروي عن الصادق بواسطتين، وليس أحمد بن سليمان الطائي؛ لأنه يروي عن الرضا× مباشرةً.

([63]) رجال النجاشي: 28.

([64]) المصدر السابق: 413.

([65]) «له كتابٌ. أخبرنا به جماعة». فهرست كتب الشيعة (الطوسي): 459.

([66]) السند فيه: «وعنه، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن إسماعيل بن سهل، عن بعض أصحابه».

([67]) وتوثيقُه مبنيٌّ على القول بأن إكثار رواية الثقات عن راوٍ يدلّ على وثاقته.

([68]) الكافي ‏15: 475؛ تفسير العيّاشي ‏2: 281؛ وفي مختصر البصائر: 164، نقلاً عن الكافي.

([69]) وذكر بعضهم إشكالاً بعد ذكر الرواية: «إذا كان الأمر كذلك فمَنْ هو الشخص الذي يغسل الإمام الحسين×؟» ولا يهمّني هذا الإشكال في هذا التحقيق، ويحتمل أن تكون القاعدة ـ على فرض صحّتها ـ مبنية على وجود إمام بعد الإمام السابق، فرُبَما لم يكن هناك إمامٌ بعد رجعة الإمام الحسين أو الأئمّة بعده×، فلا معنى لهذه القاعدة بعد رجعة الإمام الأخير، فتنعدم بعدم الموضوع، فليس هناك إمامٌ بعده حتّى يجب عليه غسل الإمام السابق. كما ورد في بعض الروايات أن الإمام هو آخر مَنْ يموت في الأرض. الكافي ‏1: 440؛ الغيبة (النعماني): 140؛ علل الشرائع 1: 196، فلا يوجد إنسانٌ بعد الإمام الأخير حتّى يتمكَّن أن يقوم بغسل الإمام. ومثله روايةٌ أخرى في الكافي ‏1: 433؛ كمال الدين: 221؛ بصائر الدرجات: 487؛ وذكر بعضهم هنا وجوهاً لا تخلو من التكلُّف. قال المازندراني: «لا يُقال: يشكل الأمر فى الحسين× بعده؛ لأنّا نقول: لعل تغسيله الأوّل يكفي عن مؤونة تغسيله ثانياً». شرح الكافي (صالح المازندراني) ‏6: 353؛ لكنّ الحسين شهيد المعركة، ولا يحتاج إلى تغسيل. وقال العلاّمة المجلسي: «إنما يغسله الحسين×؛ لأنه من بين الأئمّة× شهيدٌ في المعركة، لا يجب عليه الغسل، وإنْ مات بعد الرجعة أيضاً». مرآة العقول ‏26: 123. لكنّ هذه الرواية لم تكْتَفِ بالغسل فقط، بل ذكرت التكفين والدفن و… أيضاً.

([70]) لم يُذكر «صالح» في السند. لكنْ حيث ورد جزءٌ من نفس هذا الخبر في كامل الزيارات، وفيه يروي عبد الله بن القاسم، عن صالح، عن الصادق×، فيبدو أنه سقط هنا من السند. انظر: ما ذكره المحقِّقون في هامش السند في الكافي، طبعة دار الحديث، وخصوصاً إذا ضممناه إلى ما ورد في تفسير العياشي، فإنه أيضاً عن صالح، عن الصادق×.

([71]) «واقفٌ، ثمّ غلا، وكان ضعيفاً جدّاً، فاسد المذهب». رجال النجاشي: 335.

([72]) رجال الكشّي: 322.

([73]) فلاح السائل (السيد ابن طاووس): 167، وهو قرينةٌ على عدم كونه من الواقفة و… لكنه يحتاج أن يثبت أن الترحُّم من نفس التلعكبري، لا السيد ابن طاووس، ولا النُّسّاخ و….

([74]) «وروى إسحاق بن محمد بن أبان عنه حديثاً فيه دلالة لأبي الحسن الثالث×». رجال النجاشي: 336. لكنّ الرواية الموجودة عن إسحاق بن محمد، عن ابن شمون، في رجال الكشّي الموجود ـ باختيار الشيخ الطوسي ـ، فيها دلالةٌ على الإمام الحسن العسكريّ×، لا الإمام الهادي×. رجال الكشّي: 533.

([75]) رجال الكشّي: 558.

([76]) مستدركات علم رجال الحديث ‏7: 30.

([77]) «أُضيف إليه أحاديث في الوقف». رجال النجاشي: 335، ثمّ يذكر النجاشي رواية من ابن شمون تدلّ على إنكار موت الإمام الكاظم×، وأنّه حيٌّ.

([78]) «ضعيفٌ غالٍ ليس بشي‌ء». رجال النجاشي: 217؛ «ضعيف، مرتفع القول… وكان من كذّابة أهل البصرة». الرجال (ابن الغضائري): 76.

([79]) كامل الزيارات: 68.

([80]) «كذّاب، غالٍ، يروي عن الغلاة، لا خير فيه، ولا يعتدّ بروايته». رجال النجاشي: 226؛ «ضعيف ـ أيضاً ـ غالٍ، متهافت، لا ارتفاع به‏». الرجال (ابن الغضائري): 78. وإن كلّ ما نُقل عن ابن الغضائري من هذا الكتاب مبنيٌّ على التسليم بتصحيح نسبة الكتاب إليه، وهو محلّ خلاف.

([81]) رجال الطوسي: 341. لكنّ هذا الاتهام في باب أصحاب الكاظم× من رجاله، وهناك بعض المحقِّقين يقولون بأن الشيخ ذكر في هذا الباب كثيراً من الذين كانوا واقفيين ثمّ رجعوا. فلأجل ذلك يصعب الحكم بواقفية الراوي بمجرّد قول الشيخ في هذا الباب. لكنّه هنا مفيدٌ؛ فإن مجرّد اتّهام الراوي بكونه من الواقفة في فترةٍ من عمره يجعلنا في شكٍّ من الوثوق بروايته في مثل هذا الموضوع الخطير، فرُبَما روى هذه الرواية في نفس تلك الفترة من عمره، إلاّ أن تكون هناك قرائن عكسية قوية، لكنها لا تتوفر هنا.

([82]) «كذّاب، غالٍ، ضعيف، متروك‏ الحديث‏، معدول‏ عن‏ ذكره‏.». الرجال (ابن الغضائري): 78.

([83]) كما يلوح من عبارة النجاشي وابن الغضائري.

([84]) فهرست كتب الشيعة (الطوسي): 303؛ رجال النجاشي: 226. ومن اللافت للنظر أن سند الرواية التي نبحث حولها أيضاً متّحدٌ مع الطريق الذي يذكره النجاشي من ابن شمون إلى آخره، ورُبَما يعتبر قرينةً على كون هذه الرواية من هذا الكتاب.

([85]) كابن الوليد أو محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب. انظر: فهرست كتب الشيعة (الطوسي): 304.

([86]) ضعَّفه ابن الغضائري بلحنٍ عنيف في رجاله: 69.

([87]) مختصر البصائر: 165.

([88]) الإمامة والتبصرة (المنسوب إلى عليّ بن بابويه): 85؛ الثاقب في المناقب (ابن حمزة الطوسي): 509؛ ورواه البحراني عن الثاقب في مدينة المعاجز ‏7: 327.

([89]) لوجود عبارةٍ في صدرها: «عن مؤدِّبٍ كان لأبي جعفر× أنه قال: كان بين يدَيّ يوماً يقرأ في اللوح».

([90]) كما هو الرؤية السائدة اليوم، وتفصيله في محلّه. رغم أنه محلّ خلاف بين القدماء. وثَّقه وأثنى عليه النجاشي: «جليلٌ من أصحابنا، ثقة، عين، كثير الرواية، حسن التصانيف». رجال النجاشي: 333؛ وضعَّفه ابن الوليد. رجال النجاشي: 333، 348؛ فهرست كتب الشيعة (الطوسي): 408، 402. هذا، ولم يُذْكَر في سند الحديث في الثاقب في المناقب إلا محمد بن قتيبة. وألفاظها أيضاً قريبةٌ جدّاً من ألفاظ الإمامة والتبصرة، فلايبعد أخذه منه.

([91]) عيون أخبار الرضا× ‏1: 104.

([92]) المصدر السابق ‏1: 102.

([93]) تاريخ بغداد ‏13: 138؛ وورد في بعض المصادر الأخرى أيضاً أنه كان متولّي الشرطة في عصر الرشيد. انظر: المحبر (ابن حبيب): 375، بيروت، دار الآفاق الجديدة، ط1. وهناك تلاؤم بين تولّي الشرطة وبين أن يكون الرجل موكَّلاً على الكاظم×، الذي كان من كبار المعارضين في السجون.

([94]) جمهرة نسب قريش وأخبارها (زبير بن بكّار) ‏2: 715، رياض، دار اليمامة، ط2، 1419هـ.

([95]) يرويه عن المنصور الدوانيقي، «عن النبيّ| قال: «العبّاس وصيّي ووارثي»». تاريخ بغداد ‏13: 138؛ بل ورد في نفس مصادر الإمامية أنه كان مأموراً بقتل الإمام الصادق× من قِبَل المنصور. مهج الدعوات (ابن طاووس): 189، قم، ط1، 1411هـ. إن هذا مجرّد قرينة؛ لأننا نشكل بأن المنصور أمره بقتل الصادق×، وليس فيه دلالة على عدم تشيُّع الرجل بالضرورة، فرُبَما لم يكن هو موافقاً لرؤية المنصور، كما أن المنصور أيضاً انصرف من عزمه، ولم يتمّ القتل بيد الرجل.

([96]) تاريخ بغداد ‏13: 139؛ المنتظم ‏9: 28؛ الكامل (ابن الأثير) ‏6: 124؛ البداية والنهاية ‏10: 171.

([97]) الكافي ‏2: 539؛ عيون أخبار الرضا× ‏1: 99؛ الإرشاد (المفيد) ‏2: 215؛ المقنعة: 476؛ تهذيب الأحكام ‏6: 81؛ تاريخ بغداد ‏13: 33؛ تاريخ‏ اليعقوبي ‏2: 414؛ تاريخ ‏الإسلام (الذهبي) ‏12: 419؛ الكامل (ابن الأثير) ‏6: 164، تهذيب الکمال 29: 39، بيروت، مؤسّسة الرسالة، ط1، 2002هـ؛ تهذيب التهذيب (ابن حجر) ‏10: 340، بيروت، دار صادر، ط1، 1325هـ

([98]) اعتبره المسعودي في سنة 186هـ. مروج ‏الذهب ‏3: 355؛ وذكره ابن الجوزي في سنة 189هـ. المنتظم ‏9: 88.

([99]) أحسن التراجم لأصحاب الإمام موسى الكاظم× (عبد الحسين الشبستري) ‏2: 126، مشهد، مؤتمر الإمام الرضا×، ط1، 1411هـ

([100]) المعارف (ابن قتيبة): 413؛ أنساب الأشراف 11: 373.

([101]) تاريخ خليفة: 311؛ تاريخ ‏الطبري ‏8: 445؛ تاريخ ‏اليعقوبي ‏2: 450؛ أنساب الأشراف 3: 141؛ تاريخ ‏الإسلام ‏13: 48.

([102]) تاريخ الإسلام (الذهبي) ‏14: 386؛ شذرات الذهب ‏3: 6، وهذا هو السبب لخطأ الشبستري.

([103]) فإن الذهبي ـ وهو من جملة مَنْ ذكره بعنوان «المسيّب بن زهير» ـ ذَكَرَ أن الرجل كان في حزب الحسن بن سهل، وذكر أن قصة قتله ترتبط بشخصٍ اسمه عيسی بن محمد بن أبي خالد، وأخيراً يقول: إن أبا زنبيل قتل زهيرَ و…، وإن هذه القضية حدثت في ربيع الآخر سنة 201هـ. وكلّ هذه القصّة حول قتل مَنْ يسمّيه «المسيّب بن زهير» مذكورةٌ مع نفس هذه التفاصيل حول «زهير بن المسيّب»، يعني في بعض المصادر الأخرى، كتاريخ الطبري و…، بحيث يتبيَّن بشكلٍ واضح أنهما شخصٌ واحدٌ، وحدث سَهْوٌ للذهبي أو النُّسّاخ لكتابه هنا.

([104]) انظر على سبيل المثال: المعارف (ابن قتيبة): 413؛ المحبر: 375؛ تاريخ بغداد ‏13: 138؛ المنتظم ‏9: 28.

([105]) فإن الظاهر أن مَنْ يعتقد أن الرجل حيٌّ في سنة 203هـ يستشهد بالمصادر التي تقول بأنه كان حيّاً كشخصٍ كبير من القوّاد في الدولة العباسية في هذه السنة. وإذا كانت المصادر تذكر أعمال الرجل ومناصبه من زمن المنصور إلى هارون الرشيد، ثمّ يتوقفون في ذلك، فهذه قرينةٌ هامة على خطأ القول بحياته سنة 203هـ.

([106]) نعم، يحتمل أيضاً أن يكون الراوي لهذا الكلام هو زهير بن المسيّب، بأن نقول: إن الاسم الحقيقي للرجل في الروايات الأصلية هو «زهير بن المسيّب»، لكنْ حدث هناك تصحيفٌ في كتابة الشيخ الصدوق أو في المخطوطات البدائية لكتابه، فلأجل هذا رُبَما ذُكِر اسمه بعنوان «المسيّب» في تمام المواضع في هذه الرواية. إلاّ أن هذا الاحتمال لا يثبت، وإذا ثبت أيضاً لا ينفع؛ فإن وثاقة زهير بن المسيّب أيضاً لا تثبت، بل إن كونَه الراوي لمثل هذا الأمر بعيدٌ بعد ما تقدَّم في حاله أنه من أنصار الحسن بن سهل، ومما ذُكِر حوله في المصادر التاريخية. وجديرٌ بالذكر أيضاً أن زهير بن المسيّب مع كلّ هذه التفاصيل قُتل سنة 201هـ. تاريخ ‏خليفة: 312؛ تاريخ‏ الطبري ‏8: 548، ولم يكن حيّاً إلى سنة 203هـ، خلافاً لما ذكره الشبستري. ويحتمل أيضاً أن يكون الراوي في الحقيقة شخصاً آخر، اتّحد مع المسيّب في الاسم فقط. لكنْ يَرِدْ عليه ما تقدَّم من أنه «کان موکّلاً به»، فهذا قرينةٌ هامّة أنه نفس المسيّب الضبّي.

([107]) الخرائج والجرائح (الراوندي) ‏2: 778، قم، مؤسّسة الإمام المهدي×، ط1، 1409هـ؛ وورد أيضا في بصائر الدرجات: 225؛ وورد، نقلاً عن البصائر، في طرف من الأنباء والمناقب (السيد ابن طاووس): 581، تحقيق: قيس عطار، مشهد، تاسوعا، ط1، 1420هـ‏؛ ومدينة المعاجز ‏3: 47.

([108]) رجال البرقي ـ الطبقات: 19.

([109]) رجال الطوسي: 237.

([110]) المحاسن ‏2: 349.

([111]) «كان ضعيفاً، غمز أصحابنا عليه، وقالوا: كان يضع الحديث». رجال النجاشي: 234.

([112]) بصائر الدرجات ‏1: 224.

([113]) الرجال (ابن الغضائري): 49.

([114]) كمال الدين وتمام النعمة (الصدوق) ‏1: 70.

([115]) مَنْ لا يحضره الفقيه ‏2: 597. وحيث هناك رواياتٌ كثيرة في زيارته× فإذن لا يمكن أن يشكل عليه أنها كان أصحّ بالنسبة إلى رواياتٍ قليلة. انظر: كتاب نكاح (الزنجاني) ‌4: 1340.

([116]) نعم، رُبَما يخطر بالبال هذا الاحتمال أيضاً، وهو أن الإمام الصادق× أراد أن ينصّ على إمامة الكاظم بهذه الطريقة. لكنْ أظنّ أنه مجرّد احتمالٍ، ولا يناسب وحدة السياق بين الفقرة التي تتحدّث عن شهادة الصادق والفقرات الأخرى التي تتكلّم حول سائر الأئمة^.

([117]) بحار الأنوار ‏27: 290.

([118]) مرادي من الالتفات هنا غير ما تقدَّم آنفاً، كما هو واضحٌ؛ فإن الالتفات هنا على فرض كون المتكلِّم هو الإمام الصادق×، لكنّ احتمال الالتفات السابق كان على فرض كون المتكلّم هو الإمام الكاظم×.

([119]) إلاّ إذا قلنا: إنه كان في الأصل فعلاً مضارعاً، فصُحِّف. وهذا الاحتمال قابلٌ للطرح في ما نرى من المخطوطات؛ لتكرار الأفعال الماضية في الجملات السابقة. ورُبَما صار هذا التكرار سبباً لأنس ذهن الناسخ بهذا الشكل من الفعل، فيقرأ عفوياً «يرى» بَدَل «رأى». لكنّ هذا الاحتمال هنا مجرّد دعوى يحتاج إلى مزيدٍ من القرائن لإثباته. ورُبَما يُقال: إن الرواية تقول: «حتّى إذا مات جعفر رأى موسى…»، وإن لفظ «إذا» موجودٌ في العبارة، وهو يحوِّل الفعل الماضي إلى المضارع. لكن هذا التبرير ضعيفٌ جدّاً؛ فإن سياق هذه الجملة تكرارٌ لسياق الجملات السابقة قبلها، ولفظ «إذا» كان موجوداً في كلّ هذه الجملات، ولم يكن دالاًّ على المعنى المضارع للأفعال، فكيف يدلّ على الفعل المضارع في الجملة الأخيرة فجأةً؟! فهناك نوعٌ من الحزازة في هذا التبرير.

([120]) مدينة المعاجز 4: 218، 434؛ وجديرٌ بالذكر أن محقِّق كتاب مدينة المعاجز في بعض المواضع، مع أن هذا السند هو الذي ورد في مخطوطة مدينة المعاجز، إلاّ أنه أورده في الهامش، وذكر في متن الكتاب السند المذكور في البصائر المطبوع والبحار. انظر: مدينة المعاجز ‏3: 47، 380.

([121]) الخرائج والجرائح ‏2: 779؛ ورُبَما يُستفاد من هذه النقطة أن نسخة البحراني للبصائر كانت أجود من النسخة المتوفِّرة عند العلاّمة المجلسي، وهذا جديرٌ بالبحث.

([122]) وإذا كان هو السند الواقعي فما يخطر ببالي في تحليل هذا الخطأ والتصحيف أن أقول: إن سند الحديث في البصائر هكذا: «بهذا الإسناد»، فيحتمل وقوع تقدُّم وتأخُّر في الأوراق لبعض المخطوطات، فرجعت الإشارة إلى غير المُشار إليه الحقيقي. ويؤيِّد هذا الاحتمال أن السند الواقعي للحديث (يعني الذي ورد في مدينة المعاجز) قد ذُكِرَ لحديثٍ آخر أيضاً، وهو قريبٌ جدّاً من هذا الحديث الذي نتكلَّم حوله، حيث يفصل بينهما حديثان فقط. انظر: بصائر الدرجات ‏1: 223.

([123]) ورُبَما يخطر بالبال احتمال أن يكون الإمامان الكاظم والرضا’ أيضاً مذكورَيْن في أصل الرواية، لكنّهما سقطا من النسخة. لكنه احتمالٌ ضئيل بالنسبة إلى احتمال أن يكون المتكلِّم غير الإمام الصادق×.

([124]) بل ضعَّفه الرجاليون. رجال‏النجاشي: ‏61؛ الرجال (ابن الغضائري): 51؛ وفي المقابل يمكن أن يكون تضعيفه ناشئاً من مشاهدة متن أحاديثه، وعدم انسجامها مع عقائدهم، كما يبدو من سياق كلام الرجاليّين. لكنّ وثاقته على أيّ حالٍ لم تثبت.

([125]) كابن الوليد وأحمد بن محمد بن عيسى. انظر: فهرست كتب الشيعة (الطوسي): 136؛ رجال النجاشي: 61.

([126]) بصرف النظر عن الإشكالات المطروحة في الوثوق بكتاب البصائر، التي لا نريد تكرارها.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً