أحدث المقالات
الفهرست

البحث التمهيدي.
النقطة الأولى: موضوع البحث.
النقطة الثانية: أهمية البحث.

المطلب الأول:
النقطة الأولى: ما هية درس الخارج.
النقطة الثانية: الهدف من هذا الدرس.
النقطة الثالثة: المادة في درس الخارج.
النقطة الرابعة: المطلوب تبويب جديد لعلم الفقه.
النقطة الخامسة: تبويب جديد للموسوعات الحديثية.
النقطة السادسة: خصائص درس الخارج.

المطلب الثاني: مجالات درس الخارج.
النقطة الأولى: ظاهرة انحصار درس الخارج في الفقه والأصول.
النقطة الثانية: أسباب هذه الظاهرة.
النقطة الثالثة: المعالجة وطريق الحل.

المطلب الثالث:
النقطة الأولى: أساليب التدريس من الناحية الشكلية.
النقطة الثانية: أساليب التدريس بلحاظ المضمون.
النقطة الثالثة: منهجية البحث الفقهي.
النقطة الرابعة: طرق كتابة الدرس.
النقطة الخامسة: طرق المباحثه.

المطلب الرابع: وظائف الأستاذ والطالب.
النقطة الأولى: خصائص الأستاذ ووظيفته.
النقطة الثانية: وظيفة الطالب.

المطلب الخامس: المواد الدراسية في هذه المرحلة.
النقطة الأولى: علوم هذه المرحلة.
النقطة الثانية: فقه الأولويات.

 

البحث التمهيدي وفيه:

النقطة الأولى: موضوع البحث

إن موضوع البحث هذا يتمحور حول درس الخارج بدءاً من بيان حقيقته وصولاًإلى وظائف الأستاذ والتلميذ ولا ننسى الإشارة إلى أساليبه وطرقه والعلومالتي ينبغي أن يشملها هذا الدرس.

إنه بحث قريب من الأبحاث المنهجية التي تنظّر لموضوع ما، ونحن هنا نقترحما نراه مناسباً ولازماً ومكملاً لهذا الدرس بحيث تكون هذه الوريقاتبمثابة الخارطة العامة التي على أساسها يدخل الطالب هذه المرحلة ويعبرهابنجاح.

النقطة الثانية: أهمية البحث.

قد يعتقد البعض أو يظن للوهلة الأولى أن لا قيمة لهذه الأبحاث بلحاظأنها ليست أبحاثاً علمية فهي ليست على نسق وعمق الأبحاث الأصولية والفقيهةوالفلسفية، وعليه فلا ينبغي للعلماء والمحصّلين أن يضيّعوا أوقاتهم فيكتابة أمثال هذه المواضيع ولكننا نعتقد أن الحقيقة ليست على هذا النحو وذلكلأن قيمة أي بحث لا يصح أن ننظر إليها بلحاظ العمق العلمي فقط فإنه وإنكان ميزاناً وضابطة في القيمة والأهمية إلا أنه ليس المعيار الوحيد، بلنقول إن بعض المباحث وإن كانت عميقة إلا انه لا فائدة مهمة من الخوض فيعبابها، ولذا يمكن القول مع اعترافنا بضرورة العمق العلمي في المواضيع إلاانه ينبغي النظر إلى بعض المباحث بلحاظ الفائدة التي تترتب عليها ونعتقد أنالخوض في أمثال هذه المواضيع له فوائد كبيرة لأن بقاء الحوزة العلمية بمافيها من مراحل علمية على الأساليب القديمة في التدريس على مستوى المتونوالبيان وغير ذلك ليس صحيحاً ولا دقيقاً، فإذا كنا نعتقد أننا نمثّل في هذاالزمن الخط العلمي لمدرسة أهل البيتبما يحويه من علوم الإسلام كافة فالمفروض أن نعيش دائماً حركة التطوروالإبداع في الطرق والمنهجية والأساليب والخطط العامة التي على أساسها يدرسالطلبة في الحوزة في كافة المراحل، فعندما نحدّد هدفاً للطالب وهو السيرفي طريق التحصيل العلمي والإبداع الفكري فمن اللازم والضروري أن نضع بينيديه البرامج المناسبة التي تسمح له بالوصول إلى هدفه. ولذا نقول إنالتنظير المتعدد للمناهج والبرامج التي ينبغي اعتمادها من شأنه أغناءالحوزة العلمية للوصول في مرحلة لاحقة إلى المنهجية الأفضل في تأهيل الحوزةالعلمية على مستوى السياسات العامة لطرق ومتون التدريس وما يتعلق بهما.

وليس من العيب أو العجز والضعف أن تقوم الحوزة في كل عقد أو عقدين منالزمن بعملية التطوير في المناهج والبرامج فإن هذا هو ديدن كل المؤسساتالعلمية في العالم بل هذا هو أسلوب وسيرة علمائنا فإننا نجد أنهم لميلتزموا متناً وحيداً في تاريخهم بل كانوا في كل فترة زمنية يختارون المتنالمناسب في التدريس.

بل يمكن الادعاء بوضوح أن من الخطأ المنهجي القاتل أن يبقى الإنسان أوالمؤسسة العلمية في حالة من الجمود والركود وهذا سيؤدي مع الزمن إلىالانهيار العلمي والفكري.

ونقول بكل جرأة إن كان العالم يتغيّر فيجب أن نتغيّر معه على مستوىالمناهج العامة في التدريس، وأعتقد أن ما ذكرته هو من قبيل الإشارة إلى أمربديهي.

وهذا الموضوع قد أشار له سماحة القائد المعظّم السيد على الخامنئي دامتبركاته في كلمة أمام جمع من طلبة الخارج بتاريخ 12ـ ربيع الأول ـ 1412 هـ[1] 

المطلب الأول: وفيه نقاط

النقطة الأولى: ما هو درس الخارج

هو عبارة عن التحقيق في منابع ومدارك الأحكام الشرعية «الفتوى» معانتخاب الرأي الصحيح اعتماداً على الاستدلال والبرهان في علم الفقه ومعتحليل هذا التعريف نستنتج ما يلي:

1ـ البحث في منابع ومدارك الأحكام الشرعية.

2ـ انتخاب الرأي الصحيح في المسائل الفقهية.

3ـ هذا التحقيق يعتمد على الأدلة المعروفة في علم ا لفقه وهي المصادرالأربعة في عملية استنباط الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة والإجماعوالعقل، ولهذه المصادر تفريعات كثيرة تذكر في محلها[2] .

وبهذا نجد أن الدرس في مرحلة الخارج يختلف عن المراحل السابقة كالمقدماتوالسطوح لأن الدرس في المراحل الأولى يكون محصوراً في إطار الكتاب، أما فيمرحلة الخارج فهو أوسع وأشمل من اعتماده على كتاب معيّن وإنما هدفه السعيوراء الأدلة سواء سطرت في المصنّفات أو لا، فليس من الغريب الإتيان بأدلةجديدة ضمن الضوابط والموازين أو المناقشة في أدلة قائمة ومشهورة، بل هذه هيقيمة الدرس فهو بعيد عن التعبد بفهم واستدلال العلماء بل يعتمد المناقشةوالبرهان للوصول إلى الرأي الصحيح في المسألة أما في المراحل الأولىفالمطلوب الأساسي فيها هو فهم المتون واستيعابها مع إشارات بسيطة في مرحلةالسطح لتقييم الآراء.

النقطة الثانية: الهدف من هذا الدرس

بعد اتضاح حقيقة هذا الدرس يتبيّن معنا أن هدفه هو سعي الطالب في الحصولعلي ملكة الاجتهاد وعليه فالمفروض أن تكون كل الأساليب والمناهج والموادالدراسية في هذه المرحلة تصب في خدمة هذا الهدف وفي الوصول إليه في اقربفرصة زمنية لأن عدم تحديد مرحلة الخارج في إطار زمني محدّد قد يكون عاملاًلجعل الطالب يعيش حالة من الجمود العلمي ولعل قيمة هذا البحث الذي نكتبهإنما تلحظ الهدف الأساسي لهذه المرحلة في كل تفاصيل هذه الدراسة.

كما ليس من الصحيح تحديد إطار زمني لهذه المرحلة ثم نُبتلى بعدم وضع برامج تدريسية تسمح للطالب من الوصول إلى هدفه خلال هذه الفترة[3] .

النقطة الثالثة: المادة في درس الخارج.

أن المادة التي تقع محلاً للدراسة والبحث في هذه المرحلة هي عبارة عن ماد تين أساسيتين هما الفقه والأصول.

أما علم الفقه فهو المعني بمناقشة ودراسة الأدلة الشرعية للوصول إلى نتيجة واضحة أو فتوى بيّنة.

وأما علم الأصول: فهو معني بدراسة القواعد العامة في عملية استنباطالأحكام الشرعية الفرعية والبحث في هذين العلمين مرّ في مراحل عديدة كانيتطور ويتوسع إلى أن وصل في يومنا هذا إلى العمق والسعة، ويمكن لمن أرادالاطلاع على المسير التاريخي لهذين العلمين مراجعة المصنّفات المعنية بمادةأدوار الاجتهاد التي تبيّن الموسوعات في الفقه والأصول وطرق الاستدلالوتطور الأفكار[4] .

وهذا شيء طبيعي في أي علم لأن العلم بمثابة الكائن الحي يتطور مع الزمنوخاصة مع الاهتمام الكبير به من عديد المصنفات وطرق الاستدلال وتطورالأفكار والمدرسين وحاجة الواقع ومزيد العمق حتى أصبح لدينا كماً هائلاً منالموسوعات والمصّنفات الفقهية والأصولية.

وسوف يأتي معنا في هذا البحث ضرورة التوسع في هذا الدرس باتجاه العديدمن العلوم الأخرى في سبيل أغناء وتعميق الفكر الديني لان ليس بالإمكان حصرالمعارف الدينية بالحكم الشرعي بل هي أوسع من هذا بحيث تشكّل منظومةمتكاملة من العقيدة والأحكام والأخلاق والمفاهيم العامة في الحياة.

النقطة الرابعة: المطلوب تبويب جديد لعلم الفقه

من المعروف أن الإنسان ليس من الصحيح أن يتعبّد بالأسلوب والطريقة فيالبيان بل إن هذه الأمور سيالة ومتحركة مع الزمن فلكل زمن أسلوبه وبيانه،ولذا نرى من الضروري إعادة تبويب علم الفقه بطريقة جديدة مخالفة ومغايرةلما هو موجود.

ومن الواضح انه لا مجال للإشكال علينا في هذا الأمر لأنه مع المراجعةالبسيطة لمصنّفات علمائنا نجد أنهم يمتلكون أكثر من تبويب لهذا العلم فكتابشرائع الإسلام يختلف عما سبقه في هذا المجال.

ويمكن لنا ذكر عدة طرق للتبويب الجديد.

1ـ التبويب على أساس الفقه الوضعي المعاصر كما قام ا لشيخ الطوسي بتبويبالمبسوط على أساس فقه العامة. وهذا ليس فيه حزازة ولا منقصة.

2ـ التبويب على أساس فقه الدولة الإسلامية ونحن بحاجة لهذا الأمر فيزمننا هذا فإن الحوزة هي المكلّف الأول بطرح وتعميق الأبحاث والمواضيع التيتحتاج إليها الدولة الإسلامية.

3ـ التبويب على أساس الموضوعات أو على أساس ا لمكلفين نحو فقه ا لبيئة ـفقه اللباس ـ فقه الرياضة ـ فقه الجهاد……. أو فقه المرأة وفقه المسافرـ فقه التاجر ـ فقه المغترب.

ومن الواضح أن لكل واحد من هذه الطرق فائدته وأهميته.

النقطة الخامسة: تبويب جديد للموسوعات الحديثية

من الواضح أن أغلب الأدلة التي يستند إليها الفقيه على مستوى الاستدلالإنما هي من خلال اعتماده على النص الروائي. ثم إنه مع تطور حركة الحياةوكثرة وقائعها يصبح لزاماً على الفقيه بيان الفتوى تجاه الوقائع والحوادثالمختلفة من الطب إلى البيئة مروراً بالاقتصاد والتجارة والنظام العاموغيرها الكثير واعتقد أن هذا يستدعي من الحوزة العلمية برجالاتها ومؤسساتهاالعمل في سبيل تبويب جديد للموسوعات الحديثية لأن ما فعله علماؤنا فيالكتب الأربعة أو غيرها أو حتى الوسائل إنما تمثّل تبويباً صالحاً لفتراتزمنية ماضية.

أما وقد تطورت حركة الحياة وتعددت وقائعها فالأفضل إعادة التبويب منجديد تبعاً لمستجدات الحياة وهذا وإن لم يكن أمراً ضرورياً في عمليةالاجتهاد ولكنه يسهّل على الباحثين وخاصة المبتدئين في درس الخارج الذين لميألفوا التراث الروائي حيث إن المعرفة الشاملة به بحاجة لسنوات طويلة فمنأراد البحث في هذا الزمن حول أحكام البيئة سوف يحتار أين يجد النصوصالروائية التي يستفيد منها في هذا الموضوع وهكذا في كثير من الوقائعالجديدة.

النقطة السادسة: خصائص درس الخارج.

المقصود في هذه النقطة الإشارة إلى بعض الضوابط العامة في هذا الدرس.

1ـ الفترة الزمنية لمرحلة الخارج.

إننا نجد أن آراء العلماء حول هذا العنوان على قسمين:

فمنهم من يرى أن المطلوب تحديد فترة زمنية لا تزيد عن سبع سنوات بشرط أنيكون الطالب خاضعاً لبرنامج محدّد في مرحلتي المقدمات والسطوح وهذا مايفهم من كلمات القائد المعظم السيد الخامنئي دامت بركاته[5] .

ومنهم من يؤمن أن تكون الفترة الزمنية مطلقة غير محدودة، إلا أننا نرىأن الاتجاه الأول هو الصحيح وذلك لأجل الحركة المنهجية والمنظمة في الحوزةكما لأجل أن لا يقع الطالب بمشكلة تضييع الوقت وهدره.

ويترتب على هذا الخلاف حول فترة الدورة الأصولية الكاملة فهل تستمرلعشرين سنة مثلاً أم ينبغي حدُّها بعدة سنوات لا تزيد عن ستة أعوام بحيثيمكن للطالب المرور على دورة أصولية كاملة وإن أراد الاستمرار فعليه أنيعتمد أسلوباً آخر في الدراسة كما يمكن له الحضور في بعض الأبحاث الأساسيةفي الفقه حيث لا يتيسر لأحد المرور على دورة كاملة في الفقه فإن هذا يحتاجلأكثر من اربعين سنة لأن هذا العلم أوسع وأشمل من علم الأصول.

ونعتقد أن هذا الوقت المحدّد كاف لمن كان مجداً ومحصّلاً في درسه.

2ـ التركيز على المكان المناسب لراحة الطلبة وضرورة أن يكون مجهزاً بوسائل التدريس الحديثة.

3ـ الانتباه إلى زمان الدرس بحيث لا يكون عشرين دقيقة ولا يمتد لساعة ونصف.

4ـ إن يكون عدد الطلبة محصوراً ومحدداً بحيث لا يصل إلى مئة أو بضع مئات.

5ـ إن يصل معدل الحصص الدراسة في كل عام دراسي إلى 130 حصة أو أكثر بقليل.

المطلب الثاني: مجالات درس الخارج وفيه نقاط

النقطة الأولى: انحصار درس الخارج في الفقه والأصول: إنا إذا القينانظرة على طبيعة الحقول العلمية التي يدرسها الطالب في الحوزة العلمية فيمرحلتي المقدمات والسطوح فسوف نجد أنها أشمل وأوسع مما يدرسه في مرحلةالخارج فإن بعض العلوم يمكن أن تكون كافية في المقدمات وبالتالي لا حاجةلإعادتها أو التوسع الزائد فيها في مرحلة الخارج، ولكن بالتأكيد إن العديدمن العلوم لا تقل أهمية في مرحلة الخارج عن مادتي الفقه والأصول ومع ذلكنجد أن درس الخارج يُقتصر فيه على هاتين المادتين دون غيرهما فأين القرآنوعلومه في مرحلة الخارج.

ونعم ما قاله القائد المعظم: كيف يمكن الوصول إلى مرحلة الاجتهاد من دون مراجعة القرآن الكريم ولو لمرة واحدة[6] .

وأين العقائد وعلم الكلام الجديد.

أين الفلسفة والعرفان.

أين العلوم المرتبطة بالاجتهاد.

أين التاريخ الإسلامي.

إن هذه الحالة لها قرون عديدة في الحوزة العلمية، ونحن لا نقصد أن بقيةالعلوم غير موجودة أصلاً وإنما المطلوب تفعيلها وجعلها موضعاً للبحثوالتدريس في مرحلة الخارج.

ونقول في ختام هذه النقطة: هل يمكن لأحد الادعاء أن العلوم الإسلامية محصورة بالفقه والأصول؟

النقطة الثانية: أسباب هذه الظاهرة

ونحن إذا أردنا البحث حول أسباب هذه الظاهرة فقد يكون مردُّها إلىالإعتقاد أن علم الفقه هو أساس العلوم الإسلامية وأن البقية ليست مهمة بهذاالمستوى فلذا يُقتصر فيها على الدراسة في المراحل الأولى وليس من داعلجعلها محلاً للدرس والتحقيق في مرحلة الخارج أو قد يُقال: إن المطلوب منالعقائد مثلاً إنما هو تمتين العقيدة الإسلامية في عقول المسلمين ودفعالشبهات بوجه أعداء الدين ومخالفيه، وهذا يحصل بالمستوى الموجود ولا حاجةللمزيد.

فإنه يقال أولاً: إن المستوى الموجود من الدرس العقائدي غير كاف بالنسبةللعلماء بل حتي للناس العاديين لأننا نجد في الفترات التي تعصف فيها رياحالأفكار المنحرفة والشبهات القادمة من التيارات العلمانية وغيرها كما هيفترة المد الشيوعي أو الشبهات من العلماء والفلاسفة الغربيين حول وجود اللهوعدالته وفائدة الدين وأهميته وحجم حضوره في المجتمع أن بعض علماء الدينقد وقع تحت تأثير هذه التيارات، ولولا وجود المفكرين الشهيد مطهري في إيرانوالشهيد باقر الصدر في العراق لكان المد الشيوعي قد أكل بشبهاته الضالةالمجتمع الشيعي في العالم مع أن تلك الفترة الزمنية كان فيها العديد منالمرجعيات الدينية ومن المهم أن نعلم أنه لا يمكن الاكتفاء في مواجهة هذهالتيارات بالفتاوى التي تحرّم التعامل مع هؤلاء أو الانخراط في صفوفهم بليضاف إليه ضرورة القيام الفكري لدفع تلك الشبهات علمياً وتمتين عقيدةالمؤمنين.

وهذه نظرة بسيطة للإشاره إلى ضرورة حضور هذا الدرس في مرحلة الخارج لما لهذه المرحلة من عمق في المنهج الحوزوي.

ثانياً: لا يمكن حصر المعارف الدينية بالجانب التشريعي دون ا لتعرفوالبحث في بقية العلوم فهذا القرآن الكريم مليء بالآيات العقائديةوالأخلاقية وقصص الأنبياء بل والإشارات العلمية كما هذا التراث الإسلامي فيرواياته مليء أيضاً بكافة العلوم الإسلامية فلماذا حذفناها من مرحلة البحثالخارج.

ثالثاً: إنا مع مراجعتنا للآيات والروايات ووصية النبي للمسلمين قبلرحيله بأيام نجد أنه دعانا للتمسك بالقرآن والعترة فهل هذا المستوى منالدرس القرآني كاف ولماذا يغيب القرآن بعلومه وتفسيره وفقهه عن مرحلةالخارج وأين هي المصنفات في هذا المجال قياساً لما نملك في مجالي الفقهوالأصول.

وهل يمكن لأحد القول إن الأبحاث القرآنية ليست مهمة أو أنها عمل غير المحصّلين في الحوزة.

رابعاً: إذا كان الدين الإسلامي هو الخاتم وإذا كنا نحمل رسالة الإسلامإلى البشرية فمن واجبنا اطلاع الناس كافة على علوم الإسلام وقيمه وعقائدهومفاهيمه، وهذا مزيد من بيان القيمة العلمية والحضارية لهذا الدين.

خامساً: إن تعميم درس الخارج لكافة العلوم حاجة وضرورة ينبغي الإعدادلها لأنها حاجة معرفية وضرورة فكرية لتعرُّف البشرية على قيم وعلوم الدينكما إنها تشكّل حاجة تبليغية لأن المطلوب إعداد مبلّغين في كافة المجالاتالعلمية بأرقى المستويات، وهذا ما يتأتى من خلال تعدد التخصصات في مرحلةالخارج وعدم حصرها بالفقه والأصول[7] .

وهذا ما أكّد عليه القائد قبل عشرين سنة ومازال.

النقطة الثالثة: المعالجة وطريق الحل

إن حل هذه الإشكالية لا يمكن أن يتم إلا من خلال العمل المؤسساتيوالجماعي فإن المشاكل الكبرى لا تحل إلا بهذه الطريقة، وأما العمل الفرديفإنه وإن خفف قليلاً من حجم المشكلة إلا انه ليس بمقدوره معالجتها وإن طالالزمن.

ومما يؤكد هذا ا لطرح في المعالجة أن بعض العلماء حاول القيام بذلك وقدوفق فعلاً على مستوى الدرس الفلسفي في مرحلة الدرس خارج المصّنفات إلا أنهذا المشروع توقّف برحيله إلى الله تعالى[8] 

المطلب الثالث: أساليب درس الخارج

وفيه نقاط:

النقطة الأولى: أساليب التدريس من الناحية الشكلية

الأسلوب الأول: أسلوب محورية الطالب أو المدرسة السامرائية وهو أسلوب الميرزا الشيرازي الكبير حيث كان يطرح المسائل الفقهية ويبحث جميع ما يتعلقبالمطالب بمعونة الطلبة ثم يقوم في نهاية الدرس بعملية الاستنتاج.

الأسلوب الثاني: أسلوب محورية الأستاذ «الأسلوب الكلاسيكي».

وهو الأسلوب المتداول في حوزتي قم والنجف، وطبقاً لهذا الأسلوب يطرحالأستاذ المسألة الفقهية أو الأصولية والأقوال فيها والاستدلال عليها ثميطرح الرأي المختار وهنا يبرز دور الأستاذ أكثر من الطالب لأن الأول يكونمحاضراً والثاني متلقياً.

الأسلوب الثالث: الجمع بين الأسلوبين وذلك من خلال جلستين: في الأولى يكون البحث بمحورية الأستاذ والطالب هو المحور في الثانية.

وينقسم هذا الأسلوب بلحاظ تطبيق الجلسة الثانية إلى أقسام:

1ـ أسلوب الاخوند الخراساني حيث يقوم بعض الطلاب الكفوئين بشرح الدرس للطالب الأقل كفاءة.

2ـ أسلوب السيد محمد باقر الدرجئي حيث كان يلقي الدرس صباحاً ثم يكرره في المساء.

3ـ أسلوب جلسة السؤال والجواب عقيب الدرس.

4ـ أسلوب الشيخ الأصفهاني حيث يقوم الأستاذ بكتابة الدرس وتوزيعه بين الطلاب ليتهيأ الطالب لمناقشة الأستاذ.

الأسلوب الرابع: وهو عبارة عن قيام مجموعة من الطلبة بمناقشة المسائل فيالفقه والأصول وما يتعلق بعملية الاستنباط من خلال جلسة علمية يعقدونهاخصيصاً لهذا الأمر[9] ثم بعد المناقشة يختار كل واحد رأيه في المسألة.

وبالطبع لكل واحد من هذه الأساليب ايجابياته وسلبياته فإن الأسلوب الأوليحسن اعتماده في السنة الثالثة والرابعة مثلاً أي بعد أن يقطع الطالب فترةمن الزمن في حضور درس الخارج على أن يكون في مكتبة تتوفر فيها كافةالمصادر التي يحتاجون إليها على أن يقوم الأستاذ بدور المشرف والموزّعللأدوار فيكلّف طالباً أو أكثر بالجانب الأصولي للمسألة وآخر بالجانبالرجالي وثالث بالجانب اللغوي مثلاً وهكذا.

ولكن الجانب السلبي فيه أنه بحاجة لوقت زائد عن المقدار المعروف في دروس الخارج لإنهاء مطلب علمي معيّن.

وأما الأسلوب الثاني فاعتقد أن حسنه يتمثل بالجانب المنهجي الذي يقدّمهالأستاذ للمطالب العلمية وأما الأسلوب الثالث فهو ينفع المبتدئين في هذهالمرحلة.

وأما الأسلوب الرابع فهو جيد وممتاز لمن أنهى فترة الدراسة المحدّدة فيالحوزة أو كان متقدماً بعدد سنوات حضوره في درس الخارج كأهل السنة السادسةوالسابعة مثلاً.

النقطة الثانية: أساليب االتدريس بلحاظ المضمون

الأسلوب الأول: ويعتمد على بيان الأصل العملي في المسألة ثم بيان الأدلةالاجتهادية ولكن نحن نعرف أن هذه الطريقة مخالفة للمنهج في عمليةالاستنباط لان البحث عن ا لدليل الاجتهادي مقدم على الدليل الفقاهتي.

الأسلوب الثاني: طريقة ا لسيد البروجردي وتقوم على استعراض المسارالتاريخي للمسالة تم طرح الأدلة للمناقشة أو الأصل العملي في حالة فقدانالدليل من القسم الأول. وقيمة هذا الأسلوب هو في التعرض للجانب التاريخيوهذا أمر في غاية الأهمية لأنه يعطي صورة واضحة حول تطور الأفكار فيالعلوم.

الأسلوب الثالث: وهو يعتمد على عناصر أربعة.

1ـ موضوع المسالة.

2ـ بيان الأقوال.

3ـ الأدلة.

4ـ الرأي المختار.

كما أن هناك العديد من الأساليب الأخرى لا حاجة لذكرها ويظهر أن الأسلوب الثالث هو الأفضل لو أضفنا إليه المسار التاريخي للمسالة.

النقطة الثالثة: منهجية البحث الفقهي

للفقهاء مناهج عديدة في بحوثهم الفقهية نشير إلى بعضها:

الأول: منهج فقه الحديث: وهو يعتمد على استفادة الحكم من الرواياتويركّز على علمي الرجال والحديث ويرجع إلى علم الأصول عند الضرورة.

الثاني: ويعتمد على علم الأصول ويحاكم الأدلة على هذا الأساس، وقد يؤدي إلى بعد الإنسان عن الفهم العرفي

الثالث: وهو منهج الفقه المقارن: وهو منهج الشيخ الطوسي في كتاب الخلاف حيث تتم المقارنة فيه مع أقوال المدارس الأخرى.

النقطة الرابعة: طرق كتابة الدرس

1ـ أن يقوم الطالب بكتابة البحث بشكل كامل كما ألقاه الأستاذ وهذه هيعادة المبتدئين في درس الخارج، ولكنها مع مرور الوقت لا تكون مجدية.

2ـ كتابة رؤوس المطالب التي يطرحها الأستاذ.

3ـ كتابة تمام الدرس بعد الانتهاء منه.

4ـ كتابة خلاصة الدرس بعد الانتهاء منه.

ولكن النقطة الأساسية في المقام لمن كان يمارس كتابة الدرس التركيز علىمركز البحث ومهمات الأفكار مع المناقشة في رأي الأستاذ أو العلماء.

النقطة الخامسة: طرق المباحثة

تعد المباحثة من امتيازات النظام الحوزوي ولها الكثير من الفوائد مثلترسيخ الأفكار في الذهن ورفع الإبهامات وتحريك الفكر وتعويد الطالب على التدريس.

وهناك طرق عديدة نشير إلى بعضها:

1ـ قراءة التقرير: أن يقوم احد الطلبة بقراءة ما كتبه في مجلس الدرس وشرح بعض الأمور.

2ـ تقرير الدرس: أن يقوم أحد الطلاب بتقرير درس الأستاذ من دون الاستعانة بالنص المكتوب.

3ـ طريقة المباحثة ا لمسبقة: أن يعمد الطلاب إلى مطالعة البحث والأقوالوالأدلة المتعلقة به ثم يقوم أحد الطلبة ببيانه على طريقة الأستاذ بحيثيبين المطالب ويدفع الإشكالات.

4ـ طريقة النقد والتدقيق: وهي أن يقوم أحد الطلبة إلى طرح كلمات الأستاذ ومناقشتها من خلال التركيز على المطالب المركزية للأستاذ.

المطلب الرابع: وظائف الأستاذ والطالب

النقطة الأولى: خصائص الأستاذ ووظيفته

يمكن ذكر العديد من الخصائص والوظائف للأستاذ في مرحلة الخارج طبقاً لتصوّرنا حول الموضوع.

1ـ القدرة العلمية الكافية.

2ـ المهارة في التدريس: فهناك فرق بين أن يكون الإنسان عالماً وأن يكونمدرساً وأستاذاً فإن التدريس فن مستقل لا ربط له بالعمق العلمي للأستاذ ومنالمفروض انتباه الأساتذة إلى ملاحظات الطلبة حول الأسلوب فإن هذا غنىللأستاذ وفائدة للطالب.

3ـ الجانب الأخلاقي عند الأستاذ من خلال:

ـ سعة الصدر.

ـ عدم التمييز بين الطلبة إلا على أساس المستوى العلمي.

ـ معرفة مشاكل الطلبة والسعي في معالجتها.

ـ عدم تعنيف الطالب إن كان السؤال بسيطاً.

4ـ عدم الاستغراق أكثر من اللازم في بيان الجانب النظري والتركيز على تطبيق القواعد وموارد جريانها وثمرات الأبحاث وغيرها.

5ـ متابعة الطالب علمياً من خلال إقامة جلسة أسبوعية يتداول فيهاالأستاذ مع الطلبة المسائل المطروحة في مجلس الدرس وغيرها. أو مطالبةالطلبة ببحث سنوي أو فصلي.

6ـ التركيز على ما يسمّى بمفاتيح الاجتهاد من خلال التركيز على المطالبوالنكات الأساسية في الأبحاث بحيث يسري هذا الأمر إلى مختلف العلوم منالفقه والأصول إلى الرجال والدراية وآيات الإحكام والقواعد الفقهية وغيرها.

النقطة الثانية: وظيفة الطالب

1ـ كتابة الدرس ضمن الطرق التي ذكرناها أو طبقاً للطريقة التي يراها الأستاذ المرشد «راهنما».

2ـ المطالعة المسبقة حول موضوع الدرس فإن فيها العديد من الفوائد كفهم المطالب وإمكان الإشكال وإبداء الرأي وغيرها.

3ـ المباحثة المسبقة أو اللاحقة.

4ـ الاهتمام بجلسة المرشد العلمي «راهنما».

5ـ الاهتمام بالمناقشة وإبداء الرأي سواء مع أستاذه أو مع المرشد.

6ـ الشعور بالثـقة وعدم الوقوع تحت نزعة الخوف.

المطلب الخامس: المواد الدراسية في هذه المرحلة

هنا نقطتان:

الأولى: علوم هذه المرحلة.

لقد وقع جدل بين العلماء في العلوم التي يتوقف عليها الاجتهاد، وقد تكون هذه المسألة اجتهادية[10] إلا أننا نشير الي بعض المواد التي نراها لازمة وضرورية أو مكمّلة بحيث تعطي سعة في الاطلاع فيما يتعلق بمقدمات الاستنباط.

وهي على الشكل ا لتالي:

بعد الفراغ عن الفقه والأصول نقول:

1ـ علم الرجال بما يتضمن من مطالب سهلة وتحقيقية إضافة إلى التركيز علىما يسمى بالرجال التطبيقي كالبحث حول طبقات الرواة والأسماء المشتركة.

2ـ القواعد الفقهية: والنقطة المركزية في هذه المادة بعد الفراغ عن بيان القاعدة ومدركها الإكثار من الجانبي التطبيقي.

3ـ آيات الأحكام: وهذه مادة أساسية كناقد ذكرنا كلاماً للقائد في هذاالبحث حول إمكان أن يكون الطالب مجتهداً من دون العودة إلى القرآن الكريمطبقاً للموازين المتعارفة في الحوزة. والمطلوب علميا الاهتمام بالنصالقرآني بالمستوى ذاته من الاهتمام الروائي بل يقال كيف يمكن التغاضي عنهذا البحث مع وقوع الاختلاف في عدد آيات الإحكام بل واستفادة العديد منالعلماء الكثير من الإحكام من خلال الاستناد إلى النص القرآني نفسه.

4ـ تطبيقات القواعد الفقهية والأصولية:

وقد وجدنا العديد من المصنفات في هذه المادة بل بعد التجربة الشخصيةفيها أقول من اللازم لمن أراد الوصول إلى مرتبة الاجتهاد بفترة زمنية تخالفما هو متعارف أن تكون هذه المادة يوميّة بالنسبة إليه كما هو حال الدرسالفقهي والأصولي.

كما لابد من الإشارة إلى بعض المواد الأخرى.

1ـ تاريخ الفقه والأصول أو ما يسمى بادوار الاجتهاد.

2ـ علم الحديث.

3ـ الاطلاع على مصنفات المسلمين من الشيعة والسنة. موسوعات الحديث ـ فقه ـ أصول ـ رجال ـ قواعد فقهية ـ حديث…… آيات الإحكام.

4ـ القانون الوضعي وطريقة نظرته إلى السير العقلائية والعرف وما شاكل….

5ـ أصول وفقه مقارن.

6ـ علوم اللغة وهذه تدخل في آليات الاجتهاد.

7ـ العلوم التي يتوقف عليها الإفتاء في بعض الحالات كتلك التي تحدّد وتشخّص الموضوعات مثل الفلك والطب والبنوك والبيئة وغيرها.

النقطة الثانية: فقه الأولويات

من البديهي الإيمان أن كل المسائل الفقهية مهمة وضرورية لتنظيم حياةالإنسان في كل أبعادها ولكن بما أن الوقت لا يسمح للطالب بدورة فقهية كاملةفي مرحلة الخارج.

وبما أن المسائل المستحدثة أصبحت كثيرة جداً وبما أن الثورة الإسلامية المباركة في إيران تتولى حكم البلاد.

وبما أن الدرس الفقهي المتداول في دروس الخارج هو حول مواضيع كثر البحثفيها لقرون من الزمن ولا علاقة له بمشروع الفقه الذي يؤسس لتشريعات دولةبعيدة عن الحصر بمنهج الفقه الفردي.

وبما أن المشاكل الأساسية في العالم هي حول قضايا معاصرة وبما أن الواجبيفرض على الجميع الوقوف والنهضة العلمية للحفاظ على الدولة الإسلامية فيإيران فالمطلوب العمل لما يسمى بفقه الأولويات أي القضايا التي نحتاجها فيهذا الزمن وهي فقه الدولة لا فقه الأفراد، فقه المسائل المستحدثة.

وبناء عليه نقول: من اللازم أن تكون دروس الخارج هي حول هذه الأمور مثلبحث القضاء ـ الجهاد ـ النظام العام ـ البيئة ـ الآداب الاجتماعية ـالتجارة ومتعلقاتها الطب ـ الإعلام ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

علاقة المسلمين فيما بينهم ومع غيرهم وغيرها من العناوين.

وليس من العيب الاستفادة من تفصيلات القانون الوضعي كما استفاد الشيخ الطوسي من تفصيلات أهل السنة حين كتابته لكتاب المبسوط.

تم الكلام في هذه البحث في 2 / صفر 1430هـ

والحمد الله رب العالمين.
اضف هذا الموضوع الى:

[1] فقه أهل البيت ـ فصلية فقهية متخصصة ـ 35 ـ ص 153.

[2] السيد باقر الصدر ـ الفتاوى الواضحة، 1: 107 ـ دار البشير.

[3] الشيخ مكارم الشيرازي ـ فقه أهل البيت، 35: 173.

[4] الشيخ عدنان فرحان، أدوار الاجتهاد عند الشيعة الإمامية، ص 105.

[5] مجلة فقه أهل البيت، 35، 163 ـ 164.

[6] مجلة فقه أهل البيت، 35 ـ 155.

[7] مجلة فقه أهل البيت، 35 ـ 160.

[8] مجلة فقه أهل البيت، 35 ـ 157.

[9] مجلة فقه أهل البيت، 35 ـ 265.

[10] السيد الخوئي، التنقيح في شرح العروة، 1: 13.

باحث إسلامي وأستاذ في الحوزة العلمية في مدينة قم الايرانية من لبنان

 


Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً