أحدث المقالات

إنّ الحضارة الإسلامية هي حضارة تأسست على قراءات متتالية ومتلاحقة حتى الازدحام للنص القرآني المعجز. وهو ما جعلها تبدو حضارة نصٍٍّ بامتياز. تمحورت حوله، وعملت لأجله ومن خلاله.

لذلك سيحضر التأويل عموماً في الثقافة الإسلامية حضوراً متميزاً بوصفه إشكالاً مركزياً فيها. سيحضر أولاً باعتباره قراءة للنصّ في عمقه الدلالي وهتكاً لحجبه اللغوية. وسيحضر ثانياً باعتباره إعمالاً لعقل استوعب ثقافته من النصّ، أو كما يقول علي حرب: >أداة استنباط المعقول من المنقول<([1]).

وهو ما سيجعل التأويل يجد في علم الكلام كلّ مبررات مركزيته.إذ هو >علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية<([2]). إذ كانت كلّ مذاهب علم الكلام صادرة عن قراءة أيّ تأويل للنصّ القرآني.

ولقد أردنا البحث في تجربة تأويلية حضر فيها العقلي كما حضر اللغوي والنقلي وتاقت للكشف عن الأبعاد الثرية للقرآن ونفي السكونية والثبات عنه. فانصبّ اختيارنا على التجربة الاعتـزالية بالذات، وذلك باعتبارها تجربة وسعت دائرة التأويل العقلاني، ليدخل فيه ما لم يكن دخوله مسلماً به، أي لوضعه في دائرة الممكن معرفته، والاستدلال عليه، والنظر فيه.

وكان علينا لمشارفة تلك الآفاق أن نبحث في التجربة الاعتـزالية عن أكثر نماذجها نضجاً واكتمالاً وتماسكاً نظرياً. فلم نجد تجربة تأويلية يمكن أن تتوفر على هذه الشروط وتستجيب لها مثل تجربة قاضي القضاة: أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد ابن خليل بن عبد الله الهمذاني الأسد آبادي. عاصر القاضي دولة بني بويه في العراق وفارس وخراسان منذ تأسيسها حتى انهيارها وولي القضاء في عهد أعظم وزراء بني بويه: الصاحب بن عباد. توفي القاضي عبد الجبار سنة 415 عن سن جاوز التسعين. ألّف القاضي كثيراً في المذهب الاعتـزالي مثل: شرح الأُصول الخمسة، والمغني في أبواب التوحيد والعدل.

لقد اخترنا أن نضع التجربة التأويلية للقاضي عبد الجبار وضعاً إشكالياً يسائلها عن كل ما بدا بديهياً ومسلماً به. ونقصد بهذه المساءلة الكشف عن مستويات التفاعل والانقطاع في روافد فعلت فعلها في كل التجارب التأويلية في الثقافة الإسلامية: العقل والنصّ واللغة، بهدف مقاربة تخوم انغلاق وانفتاح الأُسس النظرية لتجربة التأويل عند القاضي عبد الجبار. فنطرح على هذه الأُسس السؤال عن مدى إمكان المطابقة بين الخطاب والمراد من الخطاب. بمعنى بين ما أراده المتكلم وما قاله.

لقد تطلّب طرح الإشكالية على هذا النحو الوقوف على كيفية تشريع التجربة التأويلية الاعتـزالية لمسائلها وأُسسها شكلاً ومضموناً، بهدف الكشف عن مدى تماسك النصّ في بنيته الداخلية. مما اقتضى استعمال المنهج البنيوي في هذه المقاربة، فهو منهج يدعو إلى القطع مع التفسير الآحادي للنصوص، وإلى القول بالتخصيب المستمر للمدلول.

 لكنّ النقد الداخلي لبناء النص التأويلي عند القاضي عبد الجبار قد تطلّب أيضاّ التفكيك. إذ هو منهج يبحث عن الاختلاف ويشرع له، ويكشف عن كلّ أشكال التسلط في القراءة للوقوف على ثغراتها وزيف ادعاءاتها. إنّ خيارنا المنهجي هذا سيكون المسائل الأساسية التي أقمنا عليها مقالنا هذا. فقد اخترنا الانطلاق من أهم ملامح إشكالية التأويل في الفكر الإسلامي، حتى ننـزل القاضي منـزلته اللائقة به. وبذلك نمهد لمقاربة أهم الأُسس النظرية في هذه التجربة والتأويلية. وهي أًسس انبت على عقلانية أطروحاتها التأويلية، ووضع شروط لإمكان تلك الأُطروحات.كما انبنت على دعم ذلك الإمكان بإثبات البعد الدلالي للغة النصّ القرآني المعجز وإشكالية المجاز تباعاً.   

   لقد كان التأويل إشكالاً مركزيّاً في الثقافة الإسلامية، حضر فيها حضوراً متميّزاً نتيجة لذلك السّعي للتوفيق بين العقل والنقل. فالتّأويل، خيار استلزمته طبيعة النصّ المعجز في بيانه، بوصفه إمكاناً لا ينضب للتأويل وبوصف الحضارة الإسلامية حضارة نصّ بامتياز([3]). فلغته باعثة على تعدّد القراءات، وهي المحدّد الأساسي للتجارب التّأويلية في الثّقافة الإسلامية. لكنّ هذا التحديد لا يجعلنا أبداً نسلّم بأنّ هذه التجارب كانت تجارب لغويّة، فهي في رأينا أثرى من أن تختصرها اللغة. إذ كان النصّ القرآني دعوة صريحة لإعمال العقل، حيث يتدخّل المؤوّل باعتباره كائناً ذا عقل ليسجّل حضوره، ويعطي لهذه التجارب والتّأويلية بعدها الذّاتيّ الذي لا يمكن أن تنفكّ عنه بحال.

كانت هذه الرّكائز الأساسيّة لكلّ عمليّة تأويل مورست على النصّ القرآني تميّزت بها وميّزت الثّقافة الحاملة لها. وهي النصّ/ الوحي واللغة والمؤوّل/ العقل. وقد كان القاضي عبد الجبّار بوصفه اعتـزالياً يتوق لإقامة المعقول على المنقول، يعبّر بعمق عن إشكالية عصره. فكان حاضراً حضوراً مؤسّساً في تلك الإشكالية بكلّ مقوّماتها، بل وفي إشكالية أُخرى ارتبطت بها كلّ الارتباط: إشكالية اللفظ والمعنى. فلا ينخرط فيها مثل كثير من المتكلمين، مع الذين تراوحوا بين بلاغة العبارة وبلاغة التأليف. لكنّه يتّخذ موقفاً يجعله ممهّداً لنظرية النظم (الجرجانية).

هذا الحضور في المسألة التأويلية من جهة، والوعي بمدى أهميّة المسألة البلاغية فيها من جهة أُخرى، كان شاهداً على مدى استيعاب القاضي لثقافة عصره، ما سيكون له تأثير عميق في تلك الأُسس التي قامت عليها نظرية التأويل عنده. حيث يتجسّد الاستيعاب والتجاوز أوّلاً وبالذات، في لـمّ شتات ما بدا مبعثراً في الفكر الإسلامي عموماً، والاعتـزالي على الخصوص؛ لترتيبه ونظمه.

لقد سبق وأشرنا إلى أنّ مركزيةالتأويل في الفكر الإسلامي قد تأتّت من هاجس خلق الانسجام بين المنقول والمعقول في الثقافة الإسلامية. لذلك لم يكن بإمكان الثقافة الإسلامية أن تؤسس لتجربة تأويلية خارج التأسيس لمعقوليتها. والقاضي عبد الجبار باعتباره اعتـزالياً كان حاضراً بعمق ضمن إشكاليات عصره. وهو عصر عرف بتعاظم سمة العقل فيه.

فإذا كان هدف العمل التأويلي، إقامة المنقول على المعقول، فإنّ عقلانية القاضي عبد الجبّار باعتباره اعتـزالياً بالدرجة الأُولى، ستكون الأساس الأوّل الذي انبنت عليه نظريته في التأويل.

هذه العقلانية هي التي جعلت العقل يتبوّأ المرتبة الأُولى من المصادر الشرعية الأُخرى، باعتباره أوّل الأدلّة وأداة المعرفة ومناط التكليف ومقيّم الأفعال([4]). فتعود إليه أوّلاً وأخيراً مهمّة تأويل النصّ. لكنّ الحضور والنفاذ القويّ للعقل في النقل، لم يمنع أن تكون عقلانية القاضي عبد الجبّار عقلانية إيمانية([5]). ظهرت إيمانيتها في ذلك السعي لترتيب المنقول على المعقول، والمطابقة بين نظام الخطاب ونظام العقل. حيث كان النقل رافداً من روافد هذا العقل الاعتـزالي لا وجود له خارج فعل عقلنته وإثبات عدم التناقض بينه وبين العقل. وهو ما عبّر عنه ذلك الانطلاق دائماً من مصادرات للبرهنة عليها. وإنّ العقل بما هو عدل وتوحيد، سيجعل تلك الإيمانية تصطبغ بالصبغة المذهبية. وإنّ البعد الإيمانـي والمذهبي لعقلانية القاضـي عبد الجبّار، سيتعمّق مع ذلك الاختـزال لآلة العقل وهي النظر في جانبها الوظيفي. فيعتدّ بالنظر من جهة توليده للمعرفة باعتباره أوّل الواجبات([6]).

هذا الجــانب الوظيفي سيرتبط غائيّـاً بالمعرفة الدينية الميتافيزيقية (معرفة الله)([7]). كما سيرتبط بهاجس الردّ على الخصوم تشريعاً لإمكان الوصول إلى الحقيقة ضدّ أصحاب التقليد والإلهام والضرورة. وإنّ ربط أهميّة النظر باعتباره نظراً في النصّ بمعنى التّأويل، كان وراء اختيار القاضي عبد الجبّار كغيره من المتكلّمين الاستدلال بالشاهد على الغائب منهجاً معرفياً. لكنّ المنهج الكلامي: الاستدلال بالشاهد على الغائب. وإن سعى القاضي إلى إثبات شرعيته ويقينيته، بمحاولة إيجاد أساس عقلي يقوم عليه ورابط منطقي بين عالمي الشاهد والغائب، فإنّ ذلك لم يمنع تهافته، لما يفضي إليه من تداخل بين عالمين دافع القاضي من أجل إثبات استقلال أحدهما عن الآخر.

 لقد كانت العقلانية منطلقاً ومنهجاً وغاية، حرص القاضي عبد الجبّار أن يجعلها تنفذ للنصّ وتكتنه حقيقته لتتّخذ النظر في النصّ شكلاً والاستدلال بالشاهد على الغائب منهجاً. كما كانت تسعى لضبط عمليّة الوصول إلى المعنى وإقامتها على أساس عقلي مكين. فتكون على درجة من الصرامة، بحيث تكون قادرة على أن تصل إلى مراد الله من النصّ، أي إلى الحقيقة. هدفها من ذلك أن تؤسّس لتجربة تأويلية أقلّ ما يقال فيها أنّها ممكنة.

هذا الإمكان للتأويل كان على القاضي أن يستدلّ عليه للتشريع له. ممّا تطلّب إبطال الاختصاص بمعرفة مراد الله([8]). إذ الكلام الإلهي يدلّ بنفسه، ولا يحتاج لوسيط لمعرفة معناه. وقد كان إبطال الاختصاص محكوماً بالردّ على الظاهرية السلفية من جهة، والشيعة الباطنية من جهة أُخرى. ولا مزية للرّسول أو السّلف أو الإمام على غيرهم في معرفة مراد الله من النصّ([9]). فتلك المعرفة تتعلّق بالعقل وحده، وليس التفسير اصطفاء من الله لفئة دون أُخرى تدّعي الوصاية على بقية الفئات. وإقرار الاختصاص بمعرفة معنى النصّ القرآني أو حقيقته ينفي الاستدلال بالقرآن أصلاً ويجعله عبثاً، والعبث يتنافى وصفة العدل الإلهي([10])، أي أنّه ينفي التأويل العقلي.

لكنّ منع الاختصاص لم يجعل القاضي عبد الجبّار، يوسّع دائرة التأويل لأيّ كان، بل وضع للمفسّر شروطاً([11]). أهمّ تلك الشّروط: المعرفة بأصلي العدل والتوحيد. ممّا ينقل الاختصاص بمعرفة مراد الله من أهل السلف والباطنية ليعلّقه بالاعتـزال، بل ويقصره عليه، فيجعله وحده القادر على تحديد ما هو محكم وما هو متشابه. وإذا كنّا مع القاضي عبد الجبّار لا نعثر على قانون واضح معلن عنه للتأويل، فإنّه مثل غيره من المعتـزلة يجعل (المحكم والمتشابه) هو هذا القانون. فيمثل المحكم والمتشابه علاقة يلعب فيها الأول دور الأصل، والثاني دور الفرع.

وكان على القاضي سعياً للاستدلال على إمكان التأويل، أن يشرّع لوجود المتشابه في القرآن. فيربط الحكمـة منه بحـثّ المتكلّم والمخـاطب في نفس الوقت على النظر، الذي سبق أن أثبت وجوبه([12]). ويتخذ المتشابه مظهر المجال الخصب الذي يتحرّك فيه الفكر بأكثر حرّية وعقلانية. ويثبت القاضي بذلك عن طريق المتشابه شرعية مقولاته ويؤسّس لها تأسيساً راسخاً، يصعب معه التفريق بينه وبين المذهب الاعتـزالي نفسه.

وإذا كانت الخلفية الدينية قد تدخلت لتجعل القاضي يعتبر بالمحكم أصلاً للمتشابه، فإنّ تعليق تحديدهما بالاعتـزال، سيرجّ ثوابت هذه العـلاقة إلى أبعد الحدود. إذ إنّ ترتيب كلٍّ من المحكم والمتشابه على أدلة العقول التي تتماهى مع معرفة الله بعدله وتوحيده، هو في النهاية قول بضرورة التطابق بين المحكم والمتشابه من جهة، وبين مراد الله من النصّ والمذهب الاعتـزالي من جهة أُخرى.  

فهما ذلك القسم من الخطاب الشرعي الذي لا يستقلّ بنفسه في الإنباء عن المراد. فتثبت العلاقة الوثيقة بين النصّ والعقل أي العقل والتأويل، وبين المحكم والمتشابه.

إنّ العقل الاعتـزالي هو الضامن للانتقال من المحكم إلى المتشابه بل، هو محدّدهما. إنّه المشرّع لوجود المتشابه، ولإمكان معرفة معناه، والاستدلال به. فيتميّز عن المحكم بتطلّبه النظر والاستدلال، أي بجانبه العقلي. ذلك بما يقتضيه من الرسوخ في العلم، كما جاء في آية آل عمران([13]). وإنّ التميّز للمتشابه عن المحكم يجعلنا نراجع مع القاضي اعتباره المحكم أصلاً للمتشابه، أمام وجوب ترتيبهما جميعاً على أدلّة العقول.

بهذا استطاع القاضي أن يطوّر علاقة المحكم والمتشابه، لفائدة المتشابه في سبيل التخلّص من كلّ سوء للفهم حفّ به، ويجعله يتوجّه بالكامل توجيهاً تأويلياً، فيصبح الدفاع عن المتشابه دفاعاً عن المجاز في اللغة، ومكمناً من مكامن إعجاز القرآن.

إنّ النظر لإعجاز القرآن بوصفه تشريعاً لإمكان التأويل، كان من أسباب ربطه بفصاحته وهو ما دافع عنه القاضي طويلاً([14]). لكنّ هذا الربط كان مجالاً لطرح إشكالات عدّة:

أوّلها مدى التوفيق بين القول بتطوّر اللغة واتّساعها من جهة، وانكسار ذلك المسار التطوّري للغة بالقرآن معجزة بيانية ومرجعاً دلالياً، ممّا ينبئ بالتردّد بين مرجعية اللغة العربية وسلطة النصّ المعجزة.

وثانيها مدى التوفيق أيضاً بين القول بتوقّف المسار التطوّري للغة بمعجزة القرآن من جهة، وعدم نفي إمكانية تجاوز مرتبة القرآن في الفصاحة نفياً تاماً من جهة أُخرى([15]). هذان الإشكالان سيجدان في تعريف الفصاحة للقاضي عبد الجبّار، تلمّساً لطريق الحلّ.

 يورد القاضي عبد الجبارتعريفاً للفصاحة  يظهر به تردداً بين الجمع بين اللفظ والمعنى على رأي شيخه أبي هاشم، والاعتبار بالضمّ على طريقة مخصوصة(16)، وهو تردد كان ـ خلافاً لبعض نقّاد البلاغة العربية ـ يتمّ لفائدة المعنى الثاني. فالضمّ على طريقة مخصوصة الذي أثبته القاضي في القول بالفصاحة هو تمهيد لقول عبد القاهر الجرجاني بعده بمراعاة السياق في القول بالفصاحة([16]). إذ استطاع أن يخلّص مفهوم النظم ـ كما جاء به عبد القاهر الجرجاني ـ من الملابسات المعنوية التي حفّت به. فيصالح بينه وبين الفصاحة. حيث يتجلّى إبداع الفكر في اللغة، ويجد المجاز شرعية حضوره من خلال التأويل.

 فإذا كان القاضي عبد الجبّار، على الأقلّ في المستوى المعلن عنه، قد أظهر ولاءه وتأثّره بـأبي هاشم الجبائي والرمّاني أكثر من اعتماده على أبي بكر الباقلاني ـ لاعتبارات مذهبية صرفة ـ فإنّ ذلك لا يمكن تفسيره باعتباره باللفظ وحده، وبكونه يمثّل حلقة نكوص توسّطت الباقلاّني والجرجاني.  فقد كان حلقة وصل بينهما لا قطع([17]). خلق بتمهيده لنظرية النظـم مجالاً للتواصل بين اتّجـاهين فكريين، بدا من المسلّـم به تعارضهما: الاتّجاه الاعتـزالي والاتّجاه الأشعري.

لقد اقتضى تعليق إعجاز القرآن بالنظم ـ تجسيداً لعلاقة اللغة بالفكر ـ أن تكون اللغة دلالة أُسّاً من أُسس نظرية التـأويل عند القـاضي عبد الجبّـار. فنظر إلى اللغة في علاقتها بغيرها من الدلالات: النقلية والعقلية، وفي شروط دلالتها. ولأنّ العقل هو أقوى الأدلّة وأوّلها عند المعتـزلة، فقد حرص القاضي عبد الجبّار على جعـل الدلالة العقلية تتقدّم الدلالـة اللغوية. فميّز بينهما كلّ التمييز، حتّى يعطي للأُولى مشروعيــة السيطرة على الثانية. في الوقت، الذي يماهي فيه بين الدلالة اللغويّة والدلالة النقلية، اعتباراً لوظيفتها الإفهامية([18]). وإنّ التمييز بين الدلالة العقلية والدلالة النقلية أو اللغوية قام على التمييز على علاقة الدال بالمدلول في كليهما، حيث كانت سببية في الدلالة العقلية واصطلاحية في الدلالة اللغوية.

ولكنّ أسبقية النقل على العقل عند الأشاعرة سيجعل الباقلاّني يفصل بين الدلالة اللغوية والدلالة النقلية، التي تسبق كلّ الدلالات وتتصدّرها. وإذا كان قول القاضي بأسبقية الدلالة النقلية يفضي إلى القول بأسبقية الحقيقة على النصّ، فإنّ تلك الحقيقة العقلية ما هي إلاّ مراد الله من النصّ. وهو نفسه الباعث على النظر، أي على الاستدلال بالعقل. وهذا يحدث تداخلاً إلى أبعد الحدود بين الدلالتين العقلية والنقلية، رغم حرص القاضي على الفصل بينهما. ويؤدّي التداخل بدوره إلى التشكيك في شرعية القول بأسبقية الحقيقة أو العقل على اللغة.

 تؤدّي أسبقية العقل على اللغة إلى  التشكيك، في نجاعة العمل التأويلي. لكن اللغة تصبح في ظلّ علاقة بين الإنسان وربّه ـ تقوم على معجزة بيانية: النصّ القرآني ـ هي السلطة الفعلية التي تقوم عليها تلك العلاقة. لا يمكن أن يسبقها شيء أصلاً.

 لكنّ ذلك التمركز حول العقل في خطاب القاضي عبد الجبّار، هو الذي لن يجعله فقط يحصر الثّراء الدلالي للغة، رغم توسيع مجال فعاليتها، وإنّما لا يرى في القراءة، سوى بُعد واحد وإمكان وحيد يسبق النصّ. هذا الإمكان هو الحقيقة، وهو الدليل العقلي أي العقل الاعتـزالي. لكنّ هذا التمركز لم يمنع اعتـزالياً، كان النقل واللغة رافدين من روافد عقله، أن يحدّد سعياً لموافقة المنقول للمعقول شروط الدلالة اللغوية.

إنّ جعل المواضعة شرطاً من شروط الدلالة اللغوية([19])، كان عن وعي من القاضي عبد الجبّار بأهميتها، في نشأة اللغة وتطوّرها ودورها في جعل هذه اللغة قابلة للاتّساع.

 لقد عبّر الشرط الأوّل عن موقف مخالف لرأي القائلين بتوقيفية اللغة، من أصحاب الإلهام أو القائلين بالمصدر الإلهي للمواضعة، وهم الأشاعرة. وتكمن أهمية هذه المسألة أساساً، في امتدادها بجذورها إلى جميع القضايا الخلافية، خاصة بين المعتـزلة والأشاعرة.

 أوّلاً في تعريف الكلام بين قول القاضي بالحـروف المنظـومة والأصـوات المقطعـة([20])، وفي قـول الباقـلاّني بالمعـنى النفسي للكـلام.

ثم ثانياً ـ استتباعاً ــ في مسألة خلق القرآن.

 وإذا كانت المواضعة تشرّع للمعرفة الاستدلالية، شرطاً لمعرفة مـراد الله، فإنّ الإقرار بهـا بمـا يفـضي إليه القول بتطوّر اللغـة واتّساعها يؤدّي في النّهاية إلى القول بالمجاز أي إلى التأويل.خلافاً للذين قالوا بالإلهام، فمنعوا المجاز في اللغة.

 لكنّ هذا التحرير للمعنى من حرفية النصّ لن يفضي للقول بتعدّده، وإنّما لتقييده بالعقل الذي سبقه، أي إلى وحدوية البعد الدلالي للخطـاب. وهو مـا يمكـن فهـمـه بذلك الشـرط الثاني للدلالات اللغـويـة: معرفة حال المتكلّـم، أي قصده.

إنّ القصد بوصفه الشرط الذي ينقلنا من المواضعة العامة إلى المواضعة الخاصة([21])، سيكون هوالمشرّع للاستدلال في النصّ، بحثاً عن المعنى والاستدلال عليه للوصول إلى قصد الله. وإنّ الاعتبار بهذا الشرط أدّى بـالقاضي عبد الجبّار، إلى التفرقة بين كلام الله وكلام البشر، حيث يفترق الدال عن المدلول في كلام الله، باعتبار القصد الجانب العقلي للكلام الذي لا بدّ أن يسبقه، بخلاف كلام البشر. وهو ما لم تقل به الأشاعرة. فقد أدّاها قولها بالمعنى النفسي للكلام إلى عدم التعرض للقصد شرطاً من شروط الدلالة اللغوية، فضلاً عن ترك التفرقة التي قال بها المعتـزلة.

 وإذا كان القصد يشهد بضرورة حضور العقل في اللغة لضمان فهم الخطاب وتوظيفه، فإنّه يشهد أيضاً بالتداخل بين أنواع الدلالات، بوصفه شرطاً يتعلّق باللغة ويجد شرعيته في الدلالة العقلية في نفس الوقت. لقد اهتمّ القاضي عبد الجبّار بالنسبة إلى جلّ دارسيه بالمتكلّم/ الله على حساب المؤوّل. لكننا نعتقد أنّ اعتـزاليته أبت عليه إلاّ الاهتمام بهذا المؤوّل. خاصة في ذلك التحوّل الدلالي عن طريق التأويل الذي يفترض وجود شرط: هو القرينة.

إنّ مرور الفكر من الشاهد إلى الغائب وحلّ كلّ وجوه الاشتباه في النصّ، افترض وجود قرينة تبرّر اختياراتها حتّى ينسجم مع نفسه (أي المحكم) ومع الدليل العقلي. فتكون سلاحاً للدفاع عن الفكر الاعتـزالي وإثبات شرعية اختياراته التأويلية.

 وإذا كان القاضي قد قسّم القرائن إلى نقلية وعقلية، فإنّ ذلك التقسيم لم يكن واضحاً تمام الوضوح. إذ كان للقرينة العقلية([22])، الدور الأوّل المهيمن على باقي القرائن في تأويل الخطاب. فكانت مبرّرات اختيار قرينة دون أُخرى، تثبت أوّلاً وبالذات للعقل الاعتـزالي أي للخلفية المذهبية. وعندما يكون هدف القرينة حلّ الاشتباه في النصّ، فإنّ ذلك يثبت أنّ الاشتباه لغوي. هذا الاشتباه لا يمكن له إلاّ أن يتّخذ المجاز مظهراً.

إنّ أهميّة المجاز تكمن بالنسبة إلى فكر صاحب المغني، في كونها تجسّد المحرّك الأهمّ والحصالة النهائية لأُسس نظرية التأويل بخلفياتهاوأبعادها.

لقد انخرط القاضي عبد الجبّار كسائر مفكّري ثقافته، في تلك المقابلة بين الحقيقة والمجاز، باعتبار الحقيقة معياراً للتجوّز والعدول. ولقد كانت المقابلة ضرورة كلامية لمفكّر، رفض القول بتوقيفية اللغة. فالمجاز مواضعة تختصّ([23])، أي أنه المظهرالأرقىلتطور اللغة واتّساعها. فحـرص القـاضي من وراء هذه المقابلة على البعد الدلالي للمجاز، أي على ذلك البعد الوظيفي للاستدلال، لم يؤدّ به إلى القول بانفصال المجاز عن قوانين اللغة العامة. رفض لذلك القائلون بالتوقيف المجاز.

 وأمام ذلك الرفض، كان على القاضي أن يدافع عنه ويثبت شرعيته. هذه الشرعية اتّخذت عنده شكل التمييز بين مستويـات الكلام والمتكلّمين، وكانـت الدلالة العقلية هي المقياس الأوّل والأخير باعتبار أسبقيتها.

لكنّ أسبقية الحقيقة عن المجازلم تخدم تطوّر المجاز. فلم يتعدّ التطوّر مستوى الصور. إذ عملت أسبقيّة الحقيقة للمجاز على تعميق الهوّة بين الصورة والمعنى، بشكل يظلّ معه المعنى ثابتاً لا تتدخّل الصورة المجازية في تطوّره.

إنّ مقولة تطوّر الصور المجازية، هو نفسه قد تعثّر، بذلك الإقرار من القاضي باتفاق العرب منذ البداية على هذه الصور، لغاية رسم الحدود بين الحقيقة والمجاز. الشيء الذي يقرّ به كثير من أُولئك القائلين بالتوقيف.

 ربما كان تبرير هذا التعثّر إلاّ بأنّ المجاز المقصود في هذا الموقع بالذات، كان مجازاً في المفردات. يفترق عن نوع آخر من المجاز، سبق وأشار إليه القاضي هو المجاز في التركيب([24]). بمعنى أنّه مجاز من مقتضيات النظم.

 وإذا كان العقل يجد حضوره في اللغة عن طريق النظم، فإنّ التجربة التأويلية وهي تعتمد بالأساس على اللغة المجازية ستكون تجربة عقلية. بهذا تصبح أسبقية الحقيقة للمجاز وجهاً آخر، لأسبقية الدلالة العقلية على الدلالة النقلية. فما المجاز في النهاية، إلاّ وسيلة لتبرير حصول تناقض في ظاهر النصّ، بين كلام الله ومعرفتنا العقلية من عدل وتوحيد.

 فإذا كانت الدلالةاللغوية أمراً مركزياً في تأويل القاضي، فإنّ ذلك كان يتأكّد دائماً لصالح القرينة العقلية. لهذا كان المجاز يقوم على علاقات عقلية، في نظرية أسّست للمصالحة بين النظم والمجاز، أي بين العقل واللغة. وقد كان القاضي واعياً بالبعد السياقي للمجاز، وإن لم يفلح في صياغته. فكان للجرجاني الفضل في ذلك، عن طريق قوله بـ (معنى المعنى)، حيث يتجسّد الإبداع وينتفي النقل والاحتذاء الذي سبق وتكلّم عنه القاضي.

لكن، البعد المذهبي الذي جعل القاضي عبد الجبّار يقول بأسبقية الدلالة العقلية، أي العدل والتوحيد على النصّ، وجعل الجرجاني يقول بالمعنى النفسي للكلام فيعلّق الحقيقة بتلك المعاني، قد منعهما من القول بإمكان تعدّد المعنى في النصّ، وبالتّالي من التّشريع للاختلاف في التأويل. فاتّخذ البعد المذهبي شكـل الحقيقـة الوحيدة والأولى بالاعتبـار. مع أنّ النصّ يجـوّز الاختـلاف بوصفه فيضاً من المعاني وتجوّزاً للقول بلا حدود. عندها يمكن أن نقف على ذلك الفرق الحقيقي بين تجربة كتجربة القـاضي عبد الجبّـار وأُخرى كتجـربة عبد القاهر الجرجاني؛ لنكشف زور ذلك الاختلاف وافتعـاليته، متخفّيـاً وراء ادعـاء الأحقّيّة بالتـأويل بدلاً عن الآخـر. وإذا كان المجال لا يتسع لمعالجة المسألة التأويلية من حيث هي ممارسة، فذلك لأننا التـزمنا منذ البداية بالاقتصار على رصد الأُسس النظرية للتأويل. لكن هذا لا يمنع من الدعوة إلى ضرورة الدفع بالمسألة إلى الأمام وإبراز أهميتها.

إنّ محاولة استنطاق النص التأويلي للقاضي عبد الجبار يفتح أمام البحث نوافذ متعددة، قد يقف من خلالها على مدى تماسك الأُسس النظرية التي قامت عليها التجربة التأويلية للرجل. فنتسائل مثلاً عن مدى صمود القول بمنع الاختصاص في معرفة مراد الله، أمام الاعتبار بأولوية المعتـزلة بالتأويل العقلي وجعله حكراً عليهم دون غيرهم. تماماً مثلمانضع القول بالاتّساع الدلالي للغة، وتوطين الفكر فيها عن طريق (النظم) أمام  اختـزال اللغة في قوالب شعرية جاهزة يقع الاستشهاد بها لتبرير الخيارات التأويلية.

 إنّنا أمام تجربة تأويلية هاجسها أن تحقّق الانسجام الكلّي بين العقليّ والنقليّ، وتشرّع لحضور العقل في النصّ واحتوائه، وذلك عن طريق التّأويل. وهذا ما يعطينا حقّ الحكم على تجربة القاضي عبدالجبّار لأنّها تجربة عقليّة بالأساس، لكن بالمعنى الاعتـزالي للكلمة لا غير، أي بمعنى الوقوف عند مقتضيات مقولتي التوحيد والعدل.

لكنّ ذلك (العقلي) الذي كان القاضي عبد الجبّار وفيّاً له شديد الوفاء، قد حضر فيه المذهبي حضوراً مؤسّساً، ومشروطا على الدوام بمحاجّة الخصم. فتداخل معه النقلي بالعقلي؛ ليصبح القرآن نفسه سلطة مرجعية بوصفه معجزة بيانية وأصبحت معه اللغة عائقاً تخفي اتّفاقاً وتواصلاً مع الآخر.

 هذا الاتفاق يمكن أن ينجلي، إذا أُقرّ له بحقّ الاختلاف والتميّز، وإذا أُقرّ أنّ ما ادّعته اللغة حقيقة قد لا يكون كذلك. فالنّصّ فضاء متحرّك باستمرار، وإعجازه في تلك الحركية. لكن هيهات لفكر يتمسّك  بالوثوقية والسلطة المعرفية، أن يقرّ بالاختلاف ويشرّعه. فذلك يعني غياب سلطته من أجل سلطة أُخرى.

 وهيهات لفكر يرى الحقيقة في الوضوح، أن ينظر للغة بوصفها نسيجاً من المعاني، تستدعي القارئ باستمرار حتّى يلهث وراءها ويكتنهها ويقبض عليها لكن دون جدوى. ضمن هذا التصوّر وهذه الرؤية، يجب أن يُنظر لفعل القراءة وللتجارب التأويلية في الفكر الإسلامي؛ لأنّ الاختلاف بين الفرق، كما يقول علي حرب:> ليس فرقاً بين عقل ونقل بقدر ما هو اختلاف في أنماط المعقولية<([25])([26]).

 هذا الدرس الذي استوعبناه من القاضي وهو يُنظّر للتأويل، وإن لم يرده، بل سكت عنه، فمهمّتنا أن نقوله ولو على سبيل الافتراض. عندها فقط يمكن أن تكون قراءتنا شرعية؛ لأنّها لا تدّعي أبداً حقيقة تصل إليها غير حقيقة الاختلاف والتّعدّد. حقيقة النشاز الذي يجعل اللغة كائناً مبدعاً، والمؤوّل ينتج بتأويله عدداً لا يحصى من النصوص. إذ هو الذي يصنع المعنى، ويرى في النصّ ما يريد هو أن يراه.

 

*    *     *

 

الهوامش

 



 _______________________________________

(*) باحثة، من تونس.

 

([1]) علي حرب، التأويل والحقيقة.

 

([2]) أُنظر: تاريخ ابن خلدون (مقدمة ابن خلدون): 358 القاضي عبد الجبار، المغني في أبواب التوحيد والعدل 11: 375 التكليف،

تحقيق محمد علي النجار وعبد الحليم النجار، القاهرة1965.

([3]) أُنظر: زينة(حسني)، العقل عند المعتزلة، تصور العقل عند القاضي عبد الجبار:138،منشورات دار الآفاق الجديدة ـبيروت بدون تاريخ.

([4]) أُنظر: القاضي عبد الجبار، شرح الأُصول الخمسة: 39، تحقيق عبد الكريم عثمان، ط.الأُولى ـ القاهرة 1384ﻫ/1965م.

([5]) المصدر السابق: 45.

([6]) أُنظر: القاضي عبد الجبار، المغني 361:16.

([7]) المصدر السابق: 345.

([8]) أُنظر: القاضي عبد الجبار، شرح الأُصول الخمسة: 606.

([9]) المصدر السابق: 600.

([10]) الآية المقصودة، قوله تعالى: {هوالذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهات فأمّا الذين في قلوبهم زيغ فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلاّ الله والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به كلّ من عند ربّنا وما يذّكّر إلاّ أولوالألباب}(آل عمران: 7).

([11]) أُنظر: القاضي عبد الجبار، شرح الأُصول الخمسة: 600.

([12]) أُنظر: النصّ الذي أثار خلافاً عند نقّاد البلاغة العربية. أُنظر: القاضي عبد الجبار، المغني في أبواب التوحيد والعدل "16 199-200.

([13]) المصدر السابق نفسه.

([14]) المقصود د.حمادي صمود في كتابه: التفكير البلاغي عند العرب ـ أُسسه وتطوّره إلى القرن السادس، منشورات الجامعة التونسية، طبع بالمطبعة الرسمية للجمهورية التونسية 1981م.

([15]) أُنظر: القاضي عبد الجبار، المغني في أبواب التوحيد والعدل 16 :349.

([16]) المصدر السابق: 347.

([17]) لتبيان نظرية النظم والقول بمعاني النحويمكن الرجوع إلى : الجرجاني (عبد القاهر)، دلائل الإعجاز:64، صحح أصله محمد عبده، وعلق عليه محمد رشيد رضا ط. 5، نشر دار المنار، ـ القاهرة 1372 هـ..

([18]) يرى الدكتور حمادي صمود ـ خلافاً لشوقي ضيف، ومحمد عابد الجابري ـ أنّ القاضي عبد الجبار قد مثل بالنسبة إلى نظرية النظم حلقة نكوص توسطت أبي بكر الباقلاني وعبد القاهر الجرجاني.

أُنظر:كتاب التفكيرالبلاغي عند العرب ـ أُسسه وتطوره إلىالقرن السادس: 31، مصدر سابق.

([19]) أُنظر: القاضي عبد الجبار، شرح الأُصول الخمسة : 529.

([20]) أُنظر: في شرح العلاقة بين شرطي المواضعة والقصد: المغني 350:16 -351.

([21]) أُنظر: القاضي عبد الجبار، متشابه القرآن، القسم الأول: 34، تحقيق عدنان محمد زرزور،دار التراث ـ القاهرة، بدون تاريخ.

([22]) أُنظر: القاضي عبد الجبار، المغني في أبواب التوحيد والعدل 16 : 200.

([23]) أُنظر: تفرقة جلال الدين السيوطي بين المجازفي المفرد والمجاز في التركيب في كتاب: الإتقان في علوم القرآن47:2، دار المعرفة ـ بيروت، بدون تاريخ.

([24]) علي حرب، التأويل والحقيقة، ص13

([25]) القاضي عبد الجبار، المغني 231:8 المخلوق،تحقيق: توفيق الطويل وسعيد زايد، وزارة الثقافة والإرشاد القومي ـ القاهرة، بدون تاريخ.

([26]) علي حرب، التأويل والحقيقة 139.


Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً