أحدث المقالات

أ. محمد تقي شاكر(*)

د. الشيخ رضا برنجكار(**)

ترجمة: حسن الهاشمي

1ـ المقدّمة

يمكن متابعة موضوع «كتاب الجامعة» من عدّة زوايا. وقد عمدنا من خلال هذه المقالة ـ من خلال التلفيق بين الآراء ـ إلى تقديم دراسة وتحليل روائي وكلامي وتاريخي من الروايات والتقارير المتوفّرة بين أيدينا، حتى نتمكّن ـ بالإضافة إلى التعرّف على ماهية «كتاب الجامعة»([1]) ـ من بيان دور هذا الكتاب في بيان وترسيخ المفاهيم العقائدية المرتبطة به، ونعني بذلك مسألة ختم النبوة، والسؤال عن الحاجة إلى أحكام المسائل الجديدة، ومصادرها، ومسألة الإمامة، وخصائص الإمام، وكيفية تشخيص مصداقه، ومكانة كتاب الجامعة في هذا المسار. إن الأسئلة التي تشكل محور هذه المقالة يتمّ بيانها في إطار الموضوعات الثلاثة الرئيسة التالية:

1ـ البحث في ماهية «كتاب الجامعة».

2ـ بيان كيفية ارتباط كتاب الجامعة بمسألة ختم النبوّة والأمور المرتبطة بذلك.

3ـ العناصر التاريخية ودورها في صلب العقائد وبيان التراث الشيعي.

قبل الخوض في بحث ماهية كتاب الجامعة والأسئلة المطروحة حوله لا بُدَّ من إلقاء نظرة على كيفية ارتباط الإمام بالنبيّ؛ فإن من شأن ذلك أن يساعدنا على إثبات صحّة تحليل المعطيات والمشاهدات.

أـ الارتباط بالنبيّ (صلى الله عليه وآله)، ودور ذلك في علم الإمام عليّ (عليه السلام)

إن الآيات التي تتوسّط سورة المجادلة([2]) تمثل خير شاهد على عمق العلاقة بين رسول الله| وأمير المؤمنين×. إن هذه الآيات التي تُعْرَف بآيات النجوى تبيّن مدى اهتمام الإمام عليّ وبذله المال ـ رغم ضيق ذات اليد ـ من أجل المثول بين يدي رسول الله، والاغتراف من معين علمه. وقد عرّف الإمام عليّ نفسه بوصفه العامل الوحيد بمضمون هذه الآيات. وقد جاء كلٌّ من: الزمخشري والفخر الرازي والآلوسي، في تفاسيرهم، على كلام أمير المؤمنين× في هذا الشأن، وأقرّوه وصدَّقوه. وقد ذكر صاحب الكشّاف أن قيام الإمام عليّ× بالإنفاق والتصدّق المتكرّر إنما كان من أجل الحصول على إجابات عن أسئلته. وقال ابن عمر: إن آية النجوى تمثِّل واحدة من فضائل الإمام عليّ التي تدعو إلى الفخر والمباهاة، والتي يتمنّى كل شخص أن يكون له مثلها. وقد ذكر ذلك في سياق زواج الإمام× من السيدة فاطمة الزهراء÷، ودفع النبي الأكرم الراية إليه في يوم خيبر، الأمر الذي يثبت مدى أهمّية تصدّق الإمام عليّ وإنفاقه من أجل تحصيل العلم والمعرفة([3]). إن دراسة تاريخ حياة الإمام عليّ× الذي ارتبط بالنبيّ منذ نعومة أظفاره، على ما نجد جانباً من ذلك في خطب نهج البلاغة على لسان أمير المؤمنين، يبيِّن عمق وتجذّر هذه العلاقة الوثيقة، إذ يقول فيها: «ولقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر أمّه، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علماً، ويأمرني بالاقتداء به. ولقد كان يجاور في كلّ سنةٍ بحراء، فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيتٌ واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول الله| وخديجة، وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشمّ ريح النبوة، ولقد سمعتُ رنّة الشيطان حين نزل الوحي عليه|، فقلتُ: يا رسول الله، ما هذه الرنّة؟ فقال: هذا الشيطان، أيس من عبادته، إنك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى إلاّ أنك لست بنبيٍّ، ولكنك وزيرٌ، وإنك لعلى خير»([4]). إن الالتفات إلى وقوع هذا الأمر في المراحل الأولى من شباب أمير المؤمنين وبداية بعثة النبيّ الأكرم| يشير إلى عمق العظمة النفسية والروحية والمنزلة المعنوية والعلمية الرفيعة للإمام عليّ×، بحيث لا يبقى معه مجال للشكّ. ولتأكيد هذا الكلام وتأييده يمكن لنا أن نقيم الكثير من الشواهد من تاريخ وكلمات الفريقين([5]).

2ـ مبادئ علم الإمام (عليه السلام)

إن الاعتقاد والالتزام بالإمامة يتوقف على المعرفة الصحيحة لمقام وخصائص الإمام. وبالالتفات إلى مسألة ختم النبوّة من جهةٍ، وموضوع خلافة وولاية الأئمة^ ـ والسؤال عن سبب انحصار المرجعية الدينية والأخلاقية والعلمية بأئمة الشيعة ـ من جهةٍ أخرى، يتمّ طرح موضوع مبادئ ومصادر علم الإمام×. إن علم الإمام؛ بسبب دوره ومكانته في سعادة وهداية الإنسان، وشأن مرجعيته الدينية والعلمية، يعتبر علماً ممتازاً وإلهيّاً. وإن من بين مبادئ هذا العلم التعاليم والقنوات الصادرة عن النبيّ الأعظم|، المشتملة على علوم وكتب الأنبياء السابقين ومعادن العلم.

وفي نظرةٍ عامة إلى مصدر ومبادئ علم أئمة الشيعة يمكن لنا تتبُّع قنوات علمهم ضمن مجموعتين رئيستين، وهما:

أـ العلوم المباشرة.

ب ـ العلوم غير المباشرة.

والعلوم المباشرة تشمل روح القدس([6])، والاسم الأعظم.

والعلوم غير المباشرة تشتمل على مجموعتين من المبادئ، وهما:

أـ العلوم المنتقلة من النبيّ إلى الإمام.

ب ـ العلوم المنتقلة من المَلَك أو الروح.

إن العلوم المنقولة عن النبيّ الأكرم تشتمل على ثلاثة فروع، وهي:

1ـ العلوم الشفهية.

2ـ العلوم المكتوبة.

3ـ العلوم الموروثة.

وإن كل واحدٍ من هذه المجموعات والفروع، الأصلية والفرعية، تشتمل على عنوان أو عناوين من مصادر علوم الإمام([7]).

إن من مبادئ انتقال وتحصيل العلم لخليفة ووصيّ خاتم الأنبياء هي العلوم المنتقلة عن النبي الأكرم. وهي تتضمّن موضوعات متعددة ومتنوّعة، وقد تحقق بعضها من خلال المشافهة والسماع، بل تحقّق بعضها من خلال ارتباط الوشائج الروحية العميقة، وإن موضوع الألف باب يُعَدّ من المصاديق البارزة في هذا الشأن. إن بعض علوم النبي الأكرم| قد تمّ تحويلها بواسطة الإمام على شكل مكتوب. وإن كتاب أو صحيفة باسم «الجامعة» تعتبر المثال البارز والخاصّ لهذه المجموعة. وإن بعض المكتوبات والصحف السابقة قد وصلت إلى الإمام عبر الوراثة من النبيّ الأكرم، من قبيل: الكتب السماوية للأنبياء السابقين. وفي جميع هذه الموارد يلعب النبي الأكرم الدور الرئيس في انتقال العلم إلى الإمام، ومن هنا تمّ إدراج هذه العلوم تحت عنوان العلوم المنتقلة من النبيّ الأكرم([8]).

وكما تقدَّمت الإشارة فإن هذه الدراسة تأتي كإجابة عن ثلاثة أسئلة رئيسة:

ففي البحث عن السؤال عن ماهية «كتاب الجامعة» يتم طرح هذه الأمور، وهي: كيفية تبلور «الجامعة»، ومحتوى «الجامعة»، وارتباط «الجامعة» بسائر العناوين المطروحة في الروايات.

وفي الجواب عن السؤال عن كيفية ارتباط «الجامعة» بمسألة الخاتمية يجب متابعة هذه المسائل، وهي: دور «الجامعة» في تحليل مسألة ختم النبوة، والكتب الموروثة ودورها في إثبات الوصية للإمام.

وفي معرض دراسة السؤال عن دور التاريخ في بيان عقائد الشيعة يتم تناول العناوين التالية، وهي: مكانة «الجامعة» في مجال ترسيخ أو تطوير عقائد الشيعة، ودور التيارات الداخلية الشيعية في انتشار فكرة اتصال علم الإمام بالنبيّ الأكرم|.

3ـ ماهية «الجامعة»

إن من بين العناوين التي يتمّ التأكيد عليها في الروايات بشأن علم الإمام، هو كتاب «الجامعة»([9]). وهذا الأمر يمثِّل نموذجاً ودليلاً على الارتباط العميق بين الإمامة والنبوّة. وقد قيل في تعريف ماهية هذه الجامعة: «إنما هو أثر عن رسول الله»([10]). وللتعرّف بشكلٍ أدقّ على «الجامعة» ذكر الأئمة الأطهار^ أوصافاً وخصائص لهذه الجامعة. ومن باب التبويب يمكن الإشارة إلى الموارد التالية:

1ـ إن الجامعة كانت بإملاء رسول الله|، وكتابة الإمام عليّ×. وقد تمّ ذلك بشكلٍ خاصّ([11]).

2ـ تدوين كلمات النبيّ على جلد بعيرٍ أو شاة([12]).

3ـ إن حجم هذه الصحيفة سبعون ذراعاً بذراع رسول الله([13]).

إن العنوان المستعمل لهذه المدوّنة في الروايات مختلف. فقد تمّ التعبير عنها بـ «الصحيفة» أو «الكتاب» أو «الجفر». وإن عبارة: «وإن عندنا لصحيفة طولها سبعون ذراعاً» وردت في الروايات بصِيَغ متنوّعة، ولكنْ بمضمونٍ واحد، وتدل بأجمعها على أن حجم الجامعة كان سبعين ذراعاً. وإن هذا التعبير يبين في الواقع حقيقة الجامعة، وأنها صحيفةٌ ضخمة وكبيرة جدّاً. ومن بين القرائن على هذه المقولة مشاهدة ووصف هذه الجامعة. كما أن تعابير وكلمات الأئمة^ أنفسهم عن هذه الجامعة بأنها مطوية وملفوفة على بعضها، والتصريح بجنسها، وأنها من جلد البعير أو الشاة([14])، تعتبر من القرائن على وجود عين خارجية وملموسة لهذا الكتاب. كما أن التعبير عن الجامعة في بعض الأحيان بالصحيفة أو الكتاب يمثِّل شاهداً على هذا الادّعاء. ومن بين العلماء الذين جاؤوا على ذكر الجامعة يمكن لنا أن نشير إلى: الغزالي([15])، وعبد الرزّاق الكاشاني([16])، والإيجي، والشريف الجرجاني([17]). ومن بين رواة أهل السنّة قام البخاري ومسلم وأحمد بن حنبل وغيرهم بنقل روايات بهذا الشأن في صحاحهم ومسانيدهم([18]). وقد تعرّض صدر المتألِّهين لـ (الجفر) و(الجامعة) في كتابين من كتبه([19]).

أـ محتوى الجامعة

ورد بيان موضوع ومضمون كتاب الجامعة في المصادر الحديثية بمختلف العبارات([20]). ومن خلال الجمع بين هذه الأمور وضمّ القرائن الأخرى إليها يمكن التوصّل إلى المضمون العام والموضوع الرئيس لكتاب الجامعة. إن العبارات التي تمّ استعمالها في بيان الموضوع الرئيس لكتاب الجامعة يمكن بيانها من خلال خمس عبارات. والتعابير الأخرى تتناسب مع هذه الكلمات وتقترب منها بشكلٍ ما.

1ـ كلّ ما يحتاج الناس إليه، وليس قضية إلاّ وهي فيها، حتّى أرش الخدش([21]).

2ـ ما من حلالٍ ولا حرام إلاّ وهو فيها، حتّى أرش الخدش([22]).

3ـ فيها كلّ حلال وحرام، وكلّ شيء يحتاج إليه الناس، حتّى الأرش من الخدش([23]).

4ـ ما ترك عليٌّ شيئاً إلاّ كتبه، حتّى أرش الخدش([24]).

5ـ ما خلق الله من حلالٍ وحرام إلاّ وهو فيها، حتّى أن فيها أرش الخدش([25]).

إن عبارتي «كلّ ما يحتاج الناس إليه» و«ما من حلالٍ ولا حرام»، اللتان جمعت بينهما الصيغة الثالثة المتقدّمة، تمثِّلان نقطة التعارض بين الأحاديث في ما يتعلق بمحتوى وموضوع كتاب الجامعة. ولكنْ يبدو أن الروايات نفسها تشتمل على قرائن يفهم القارئ من خلالها أن المحتوى العام والرئيس لكتاب الجامعة هو الأحكام والحلال والحرام، أو المسائل الفقهية بعبارةٍ أخرى. إن هذه القرائن، بالإضافة إلى رواة أحاديث الجامعة وجهة وسبب الحوار بشأن الجامعة، ممّا يمكنه أن يساعد على فهم محتوى الجامعة، فإنها تشتمل على مقاطع من صحيفة الجامعة قام الإمام بقراءتها على بعض الأصحاب، وإن ما قرأه الإمام منها وصل إلينا على شكل أحاديث([26]). إن هذه الموارد تدلّ بوضوح على مضمون ومحتوى كتاب الجامعة. إن القرائن والشواهد التي تدلّنا على محتوى ومضمون هذا الكتاب يمكن عدّها على النحو التالي:

1ـ الروايات التي تعتبر الأئمة^ ـ بسبب امتلاكهم كتاب الجامعة ـ من الفقهاء، وتفضيلهم على كبار الفقهاء في المذاهب الأخرى. وفي هذه الروايات يعتبر الأئمة^ أنفسهم ـ بالالتفات إلى حيازتهم للجامعة ـ مستغنين عن الفقهاء الآخرين، وأفضل من سائر الفقهاء، ويرَوْن علم الفقهاء في سائر المذاهب والنِّحَل الأخرى؛ بسبب عدم امتلاكهم للجامعة، علماً ناقصاً، وأنهم لذلك يحتاجون إلى الأئمة^([27]).

2ـ إن الأصحاب الذين تحدّثوا عن وجود كتاب الجامعة، وتداولوا بشأن ماهيته، أكثرهم من كبار فقهاء الشيعة، من أمثال: أبي بصير، ومحمد بن مسلم، وابن أبي يعفور، وغيرهم (حيث قاموا ببيان جهاته وأسبابه).

3ـ تصريح بعض الروايات بعبارة «ما من حلالٍ وحرام» بشكلٍ منفرد، وبدون أيّ إضافة. في هذا النوع من الروايات لم يتمّ ذكر عبارةٍ شبيهة بـ «كلّ ما يحتاج الناس إليه»، الشاملة لأكثر الموضوعات بما في ذلك المسائل الفقهية أيضاً([28]).

4ـ وفي روايةٍ تحدّث الإمام الباقر× عن الجامعة، وقال لمهران بن أعين: «لو ولينا الناس لحكمنا بما أنزل الله»([29]). ويمكن لعبارة «لحكمنا» أن تشكِّل قرينة على المضمون الفقهي لأحكام الجامعة.

5ـ روى محمد بن مسلم أن الإمام الباقر× قد أخبر عن وجود كتابٍ بحوزته بخطّ عليّ بن أبي طالب، وأن الأئمة^ يتبعونه بالكامل. يقول محمد بن مسلم: «وسألته عن ميراث العلم ما بلغ؟ أجوامع هو من العلم أم فيه تفسير كلّ شيء من هذه الأمور التي تتكلّم فيه الناس، مثل: الطلاق والفرائض؟ فقال: إن علياً كتب العلم كله، القضاء والفرائض، فلو ظهر أمرنا لم يكن شيء إلاّ فيه نمضيها»([30]).

وكما نلاحظ فإن فهم محمد بن مسلم عن هذا الكتاب قد ذهب إلى الأمور المتعلقة بمسائل أحكام الحلال والحرام. وإن الذي دعاه إلى السؤال هو العثور على إجابة عن هذا الأمر، وهو أن هذا الكتاب والجوامع الأخرى التي على شاكلته هل احتوت على أمور عامة فقط، أم أنها قد اشتملت على جزئيات المسائل والأحكام أيضاً؟ وقد أقرّه الإمام الباقر× على هذا الفهم، ومن خلال استعماله العبارة التفسيرية «القضاء والفرائض» للفظ «العلم» اعتبر كتاب عليّ× مشتملاً على فروعات الأحكام أيضاً، وقال بأنه يحتوي جميع سنن النبيّ الأكرم|.

6ـ من بين الشواهد على محتوى كتاب الجامعة العبارات الأخيرة في أكثر الأحاديث الواردة بشأنها، حيث تجمع المقاطع الأخيرة من هذه الروايات على بيان مسألة الجريمة ودية الجراحات وأرش الخدش. وهذا يشكّل دليلاً على أن محتوى هذه الصحيفة أو الكتاب هو جميع المسائل الفقهية التي يحتاج إليها الناس: وذلك لأن إجماع الروايات على هذا التعبير وعدم الإشارة إلى موضوع ومثال من العلوم الأخرى يمكن أن يشكّل دليلاً مناسباً على أن محتوى كتاب الجامعة يشمل جميع أبواب ومسائل الأحكام والعبادات، دون الموضوعات والمسائل الأخرى، وإلاّ لوجب بيان أبسط جزئيات مسائل العلوم والموضوعات الأخرى في هذه الروايات أيضاً. وفي بعض الروايات وردت مقاطع وعبارات من كتاب الجامعة، وإن التدقيق في هذه العبارات التي لا تعكس غير بعض المسائل من الأحكام والعبادات، يشكّل دليلاً وقرينة على محتوى كتاب الجامعة([31]).

إن ما تقدَّم بيانه يشكّل شاهداً على أن المحتوى والمحور الرئيس بكتاب الجامعة هو الأحكام ومسائل الحلال والحرام([32]). وبطبيعة الحال يمكن إضافة قرائن أخرى إلى هذه القرائن. ومن ذلك أنه من خلال رؤية عامة وشاملة إلى مصادر علوم الأئمة^  يمكن الادعاء بأن كل واحد من هذه المصادر يتكفّل ببيان وتحصيل مجموعة ونوع خاصّ من العلوم. من ذلك، على سبيل المثال: مصحف فاطمة÷، الذي كان يمثِّل واحداً من المصادر المعرفية والعلوم الخاصّة التي أكّد عليها الأئمة^.

ب ـ الجامعة، والجَفْر، والصحف

تتحدّث الروايات عن امتلاك الأئمة لصحف متنوّعة، بحيث إن قراءة وفهم ما احتوَتْ عليه هذه الصحف ـ طبقاً لتقرير مجموعة من الروايات ـ غير ممكنٍ لغير الإمام([33]). كما تمّ الحديث في الروايات أحياناً عن بعض الكتب والصحف الموجودة عند الأئمة الأطهار^ بعنوان مشترك. ومن هنا يحصل خلطٌ أحياناً في بيان العلاقة بين هذه الكتب وعناوينها([34])، ويكفي أن نلقي نظرة عابرة لندرك هذه الحقيقة. ومن بين أهمّ هذه العناوين يمكن لنا الإشارة إلى عنوان الجَفْر. والعنوان العام لجميع الصحف يستعمل أحياناً من خلال إضافة صفة الأبيض إلى كلمة الجَفْر، فيقال: «الجَفْر الأبيض». وطبقاً لبعض الروايات يشتمل الجَفْر الأبيض على: الزبور والتوراة والإنجيل وصحف إبراهيم وموسى. وهناك من الروايات ما ذكر مصحف فاطمة÷ ضمن الجَفْر الأبيض([35]). وفي بعض الروايات تمّ وصف الجَفْر الأبيض باشتماله على جميع الكتب السماوية قبل التوراة والإنجيل([36]). وهناك روايات أخرى ذكرت اسم الجَفْر مجرّداً من صفة الأبيض، واعتبرته مشتملاً على سلاح رسول الله وكتبه ومصحف فاطمة([37]). وقال السيد محسن الأمين: إن الجَفْر طبقاً للروايات مشتملٌ على كتب متعددة أملاها رسول الله على أمير المؤمنين. إن هذه الكتب كانت تشتمل على علوم متنوّعة وعلى معارف وأخبار بشأن أحداث المستقبل([38]). إن نسبة بعض العلماء من أهل السنّة تأليف الجَفْر خطأ إلى الإمام الصادق× تثبت التقرير التاريخي لوجود كتاب الجَفْر في القرن الثاني للهجرة([39]). إن اقتران الجَفْر والجامعة وبيان شمول العلم بالمستقبل، حيث يمكن مشاهدة التقرير البارز لذلك في المسائل المتعلّقة بولاية الإمام الرضا× للعهد([40])، أدّى بالبعض([41]) إلى القول باشتمال الجامعة على العلم بأخبار المستقبل. ولكنْ بالالتفات إلى ما تقدَّم يتّضح أن الجامعة إنما تشتمل على جزء من العلم بالمستقبل، أي إنها تحتوي على العلم بالمسائل والأحكام الجديدة (على ما سيأتي بيانه)، وعليه فإنها لا تشتمل على سائر العلوم الأخرى، من قبيل: أسماء الشيعة ومبغضيهم، أو العلم بالماضي والمستقبل([42]).

هناك الكثير من الروايات الدالة على أن علم كلّ نبيّ ينتقل إلى النبيّ الذي يليه وأوصيائه. وقد تمّ التعبير في هذه الروايات بلفظ الإرث والوراثة([43]). إن هذا الانتقال للعلم لا يختصّ بالعلوم المكتوبة فقط. قيل: إن العلم الذي نزل إلى الأرض مع آدم أبي البشر هو من العلم الباقي في الأرض، وإنه ينتقل إلى الأنبياء والأئمة^ بالوراثة([44]). وقد عرَّفت الروايات النبيّ الأكرم| بأنه وارث علوم وعطايا جميع الأنبياء([45]). وقد تمّ التأكيد في الروايات على أن صحف الأنبياء السابقين قد قام رسول الله بتوريثها إلى الأئمة^([46]). ويُستفاد من الروايات أن الصحيفة تشتمل على معارف وحقائق قيِّمة تحتوي على مباني وأدلة المعارف الإلهية([47]). كما ورد في الروايات أن ولاية أمير المؤمنين مكتوبة في جميع صحف الأنبياء([48])، وهناك شواهد على ذلك في الروايات([49]). وفي بعض الروايات تم التصريح بنقل وانتقال الكتب وحتّى وسائط انتقال الصحف من إمامٍ إلى إمام آخر([50]). يُفهم من هذه الروايات والروايات الأخرى أن هذا الانتقال كان انتقالاً حقيقياً، وأن صحف الأنبياء بعينها كانت موجودةً في متناول أئمة الشيعة. إن الكتب السماوية للأنبياء السابقين، من قبيل: التوراة والزبور والإنجيل، وصحف مثل: صحف إبراهيم، هي من بين العلوم المكتوبة التي انتقلت بواسطة النبيّ الأكرم إلى الإمام عليّ×، وكذلك كلّ إمام كان واسطة لنقل هذه العلوم والكتب إلى الإمام الذي يأتي بعده([51]). وقد تمّ التعبير عن هذه الكتب والصحف في بعض الروايات اختصاراً بـ «الجَفْر الأبيض». طبقاً لما تمّ بيانه يمكن الادّعاء أن لفظ الجَفْر أو الجَفْر الأبيض عنوانٌ مشتمل على مجموعتين من الكتب والألواح والصحف، وهما: المجموعة التي يمكن مشاهدتها بحيث يمكن للعالمين بلغة تلك الكتب أن يقوموا بقراءتها وفهم مضامينها، من قبيل: التوراة والإنجيل([52])؛ والمجموعة الثانية: الكتب التي هي من قبيل: الرموز والإشارات. وبالتالي فإن الجَفْر عبارة عن مجموعة مشتملة على علمٍ واسع وكبير. وعن أبي عبيدة، عن الإمام الصادق×، أنه أجاب عن سؤالٍ بشأن الجَفْر قائلاً: «هو جلدُ ثورٍ مملوٌّ علماً»([53]). وأحياناً يطلق اسم كلّ هذه المجموعة على بعضها. وفي الأدب العربي يُطلق على هذا النوع من الاستعمال مصطلح إطلاق الكلّ على الجزء.

4ـ الجامعة والمسائل الجديدة

إن ما تقدَّم، بالإضافة إلى بيانه لمجموعة من المسائل بشأن كتاب الجامعة، يمكن أن يشكِّل ذريعة إلى طرح السؤال المحوري الثاني في هذا المقال. إن السؤالين المحوريين في هذا المقال هما:

1ـ دور كتاب الجامعة في تحليل مفهوم ختم النبوّة.

2ـ الكتب الموروثة ودورها في إثبات الوصاية.

من خلال الأدلة الكثيرة التي تقدَّم ذكرها يتّضح أن الجامعة عبارة عن كتاب يتكفّل بضمان وصول الإمام إلى مصدرٍ فقهي آمن وصحيح للأحكام الإلهية. يؤيد ذلك إملاء رسول الله| للجامعة على الإمام عليّ×، وحجمها الكبير المشتمل على بيان جزئيات أحكام الحلال والحرام. وحيث ينتهي جريان نزول الأحكام والشريعة بختم النبوة من جهةٍ، وحيث لا يكون للإمام من جهةٍ أخرى شأن تشريع وتقنين الأحكام الجديدة، يَرِدُ السؤال القائل: كيف يتعامل الإمام مع الأسئلة الفقهية الجديدة والمسائل العلمية الحديثة؟ هل ينظر الشيعة إلى مفهوم ختم النبوّة برؤية مخدوشة؟ وهل يذهب التشيُّع إلى الاعتقاد بانتقال شؤون النبيّ الخاتم بعد رحيله، بحيث يتمّ توجيه الاتهام لهم بسبب ذلك بضعف الاعتقاد بالخاتمية، ويُعَدّ مفهوم الخاتمية في هذه المدرسة مفهوماً واهياً وضعيفاً جداً؟([54]). وعلى الرغم من الحاجة إلى دراسة هذا السؤال من مختلف الزوايا([55])، إلا أن الزاوية التي يمكن فيها للروايات التي تذكر عنوان الجامعة أن تكون جواباً عن هذا السؤال تحظى بأهمّية بالغة؛ لأنها تشتمل على الاعتقاد التامّ لأئمة الشيعة بمفهوم ختم الشريعة، وتحتوي على إجابة عن هذه الشبهة؛ كما توضّح من جهةٍ أخرى دور كتاب الجامعة في مسار بيان مفهوم الخاتمية وتوضيح وظائف وشؤون الإمام أيضاً.

إن تحدّيات تبلور المسائل الجديدة وحاجة الناس إلى وعي وإدراك لأحكام المسائل الجديدة من بين الموارد التي تمّت الإشارة إليها في هامش عنوان الجامعة. لقد عرّف أئمة الشيعة الاستفادة من كتاب الجامعة بوصفه أحد أسباب احتياج الناس إلى الأوصياء المنصوص عليهم من قِبَل النبيّ الأكرم|، وإن انتفاع الأئمة ومعرفتهم بالجامعة هي التي تغنيهم عن الآخرين. إن تعابير من قبيل: «علم يُستغنى به عن الناس ولا يستغني الناس عنه»([56])، أو اعتبار محتوى الجامعة علماً جديداً([57])، أو اعتبار الجامعة مصداقاً لقوله تعالى: ﴿أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (الأحقاف: 4)([58])، يمثِّل بياناً على استفادة الأئمّة من قناة موثوقة في الوصول إلى الأحكام الإلهية. إن الروايات ـ بالإشارة إلى ظهور الموضوعات والمسائل الجديدة ـ تعتبر كتاب الجامعة سبباً في الاستفادة الكاملة، والقدرة على الإجابة الصحيحة وامتلاك الأحكام الواقعية([59]). لقد تمّ في هذه الروايات بيان أن الابتعاد والغفلة عن الجامعة يُعَدّ سبباً في الانفصال عن الواقع والقوانين والتشريعات الإلهية الحقيقية، والتمسُّك بالقياس والآراء الشخصية (التفسير بالرأي)([60]).

إن المشاهدة والمطالعة والتقرير القيِّم لزرارة بن أعين عن مصحف عليٍّ أو الجامعة، المشتملة على الأحكام والتكاليف العملية، تثبت مدى جفاء التيار السياسي الغالب تجاه حقائق الأحكام، وإظهارها لأرضية الانحراف عن الأحكام الإلهية (حتّى ما قبل مرحلة الصادقين’)([61]). إن بيان زرارة في كيفية تعاطيه مع هذه الصحيحة يعكس الاختلاف بين ما كان شائعاً من الأحكام (في تلك المرحلة) وبين حقائق الأحكام الإلهية([62])، ولا سيَّما أن هذا الأمر قد اقترن ببداية تشرُّف زرارة بالدخول في حصن ولاية أهل البيت^ وتعرُّفه على الإمام الباقر×([63]). وقد بيّن زراره فهمه لتلك الصحيفة، بعد اعتبار نفسه عالماً بالأحكام والفرائض، قائلاً: «فنظرت فيها فإذا فيها خلاف ما بأيدي الناس من الصلة والأمر بالمعروف الذي ليس فيه اختلاف، وإذا عامّته كذلك»([64]). ومن هنا فإنه يراه باطلاً، وفي جواب سؤال الإمام بشأن محتوى الجامعة يراه مخالفاً لما عليه عمل عامّة الناس([65]). والإمام يرى عدم صحّة تصوّر بطلان «الجامعة»، ويرى أن حقيقة الأحكام هي تلك الأمور المطروحة في الصحيفة، وعند إقامة الدليل على ذلك يذكر حقيقة استناد كلمات الصحيفة إلى رسول الله|: «فإن الذي رأيت والله يا زرارة هو الحقّ، الذي رأيتَ إملاء رسول الله| وخطّ عليّ× بيده». وبعبارةٍ أخرى: إن الإمام في مقابل إنكار حقّانية «الجامعة» يستند إلى مصدرها المتمثِّل بإملاء النبيّ وخطّ أمير المؤمنين، وإن هذا الاستناد كان في الواقع تمهيداً من قِبَل الإمام لنقل واستلام حقائق الأحكام والمعارف بواسطة زرارة، وذلك لأن الإمام قد أثبت له بذلك استناد كلامه إلى النبيّ. وبعد اطلاع زرارة على حقيقة تلك الصحيفة أبدى أسفه بسبب عدم الاستفادة منها، ثم نقل الصورة إلى بعض أصحابه، فاختاره أصحابه بوصفه مرجعاً لعرض وغربلة الروايات([66]). بالالتفات إلى تقرير الكشّي عن أصحاب الإجماع، وإدراج زرارة ضمن المجموعة الأولى من أصحاب الإجماع، واعتباره «أفقه الستّة» من قِبَل الكشّي([67])، يكشف عن دور كتاب الجامعة في بيان فقه الشيعة، والإدارة الفذّة للإمام الباقر× في إيجاد الأرضية الأولى لنشر أحكام الجامعة في دائرة الفكر والسلوك الشيعي، من خلال عرض كتاب الجامعة على زرارة، وتصحيح رؤيته تجاه هذا الكتاب، وتقرير هذه الواقعة إلى الأصحاب، وردّة فعل الأصحاب في هذا الشأن([68]).

يتّضح من مجموع ما تقدَّم حتى الآن أن منشأ ومصدر علم الإمام بالحلال والحرام الإلهي ليس هو الاستنباط والاجتهاد الشخصي، بل يجب البحث عن مصدر علم أئمة الشيعة بالأحكام في المنشأ الواضح والوحيد لتحصيل الأحكام الشرعية، ألا وهو النبيّ الأكرم|([69])، واعتبار الاستفادة من العلم الحقيقي للأحكام دليلاً على احتياج الناس إليهم، والقول بأن استغناء أئمة الشيعة بالجامعة يمثِّل دليلاً على أحقّيتهم. وهناك كلام لصدر المتألهين، حول اشتمال الجامعة على جميع الأحكام، وقد رأى في ذلك أمراً إلهياً، وساق في هذا الشأن كلاماً ذوقياً صوفياً([70]).

5ـ الجامعة والقياس

إن من بين المطالب التي يمكن تتبُّعها في الروايات على هامش عنوان كتاب الجامعة الاستدلال والاحتجاج بوجود الجامعة في مواجهة التيارات والخطوط المنحرفة داخل مذهب التشيّع، بل وفي سائر الفرق والمذاهب الأخرى.

إن أئمة الشيعة^، من خلال لفت الانتباه إلى المبادئ المعرفية، ولزوم إسناد وتنقيح الأحكام والفتاوى الصادرة من قِبَل العلماء، يعتبرون مصدر معرفتهم وعلومهم هو الاستناد إلى كلمات النبيّ الأكرم|. روى الفضيل بن يسار، عن الإمام الباقر× أنه قال: «إنا على بيّنةٍ من ربّنا، بيَّنها لنبيِّه؛ فبيَّنها نبيُّه| لنا، ولولا ذلك لكنّا كهؤلاء الناس»([71]). يرى الأئمة^ في المقابل أن جذور ومصدر أحكام وفتاوى علماء من أمثال: أبي حنيفة وابن شبرمة هو القياس والظنّ والحدس. قال أبو شيبة: سمعت الإمام الصادق× يقول: «ضلّ علم ابن شبرمة عند الجامعة، إملاء رسول الله| وخطّ عليّ× بيده. إن الجامعة لم تَدَع لأحدٍ كلاماً، فيها علم الحلال والحرام. إن أصحاب القياس طلبوا العلم بالقياس فلم يزدادوا من الحق إلاّ بُعْداً، إن دين الله لا يُصاب بالقياس»([72]). إن هذه الرواية، بالإضافة إلى اعتبار مضمون الجامعة هو علم الحلال والحرام، ترى أن البُعْد عنها سببٌ في الانحراف والبُعْد عن الحقيقة، والاضطرار إلى التشبُّث بالقياس وما إلى ذلك. نقل ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم، أن الإمام الكاظم×، من خلال بيان أسباب هلاك الأمم السابقة، ردّ الظنّ القائل بنقصان الدين الخاتم، وقال في معرض الجواب عن السؤال بشأن كيفية تلبية الحاجات المستجدّة بعد رحيل النبي الأكرم|، بالالتفات إلى كونه خاتم الأنبياء والرسالات: لقد أكمل الله دينه لنبيه، وإن إكمال الدين يتحقق على البُعْدين: بُعْد حياة النبيّ؛ وبُعْد ما بعد رحيله. ويتحقّق البُعْد الأول في حياته بوجوده، ويتحقق البُعْد الثاني بعد رحيله بوجود أهل بيته([73]). وبذلك يكون الإمام الكاظم× قد ردّ على الظنّ الخاطئ القائل بنقصان الدين أو عدم اكتمال الشريعة والأحكام الإسلامية، مضيفاً أن طريق الوصول إلى الحقائق يكمن في التمسُّك بالأئمة الأطهار^ . يرى الإمام× أن تيار أهل البيت يقف في مواجهة تيار اصطناع الفقه، من قبيل: تيار أبي حنيفة، الذي يعمل على إصدار الفتاوى ويبين الحلال والحرام على طبق رأيه ووجهة نظره الشخصية، وليس اعتماداً على تلك الحقيقة التي أكمل الله بها دينه، وبذلك فإن أمثال أبي حنيفة يعتبرون دين الله ناقصاً، وأن عقولهم الناقصة هي التي من شأنها أن تكمل شريعة ودين النبيّ الأكرم([74]).

6ـ دور الجامعة وغيرها من الصحف في بيان وتثبيت التعاليم

رغم أن ظهور الأمور الجَدَلية تكون في بداية أمرها عنصراً من عناصر الانحراف، إلاّ أن الإدارة الدقيقة والمتقنة للأحداث من قِبَل الأئمة الأطهار^ قد وفّرت الأرضية الملائمة لظهور الظروف الثقافية والفكرية لتطوير وارتقاء عقائد الشيعة وبيان المعارف المنسية، واطّلاع الأجيال القادمة على العلوم المستورة، الأرضية التي أخذت ببعض المؤلِّفين المعاصرين إلى القول ببداية وولادة العناصر الجديدة في المنظومة العقدية لدى الشيعة في عصر الصادقين’. إن هذا التحليل ـ مع عدم ملاحظة الحاضنة التاريخية وعدم الاقتضاء العامّ لازدهار وتطوير القضايا والمعارف ومنزلة الإمامة ودورها ـ قد تبلور في عصر ما بعد رحيل النبي الأكرم|، وهناك العديد من الأدلة التي تثبت عدم صحته. إن دراسة مجموع أحاديث الجامعة يمكن أن يشكّل واحداً من الأدلة على عدم صوابية هذا التحليل، ويبين دور مؤلّفات من قبيل: كتاب الجامعة في الإجابة عن بعض الشبهات حول محور الإمامة، وجواب النبي الأكرم|([75]) بشأن الحاجة إلى هذه الكتب، عند السؤال عن سبب كتابتها من قِبَل أمير المؤمنين× عبر التاريخ.

إن كتاب الجامعة واحدٌ من مبادئ ومصادر علم الإمام، وقد تمّ التعريف بهذه القناة العلمية أول الأمر في عصر الإمام الباقر×([76])، وذلك بعد فترة فرضتها الظروف السياسية والثقافية، ليتم التعريف بها بعد ذلك بين الخاصة من فئات الناس على نطاق واسع([77]). وقد انتشر هذا الموضوع في عصر الإمام الصادق× على نطاقٍ أوسع بين خواص الشيعة، بل حتّى بين بعض الفروع المنحرفة أيضاً([78]). وإن أمارة هذا الاشتهار هو الأسئلة الابتدائية لمجموعةٍ من الأصحاب وعامة الناس بشأن كتاب الجامعة، ولا سيَّما من الإمامين الصادق والرضا’. وفي البدء شكل كلام منصور بن حازم مع الإمام الصادق×، في معرض السؤال حول صحّة ما سمعه عن الجامعة، بياناً على صحّة هذا الادّعاء: «عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله×، قال: قلتُ: إن الناس يذكرون أن عندكم صحيفة طولها سبعون ذراعاً فيها ما يحتاج إليه الناس، وإن هذا هو العلم…»([79]).

وبملاحظة بعض الروايات السابقة على هذه المرحلة كان هناك بعض الأفراد على نحوٍ خاصّ قد اطلعوا على وجود كتاب الجامعة في حياة رسول الله|، من أمثال: أمّ سلمة([80])، أو طلحة في عصر أمير المؤمنين×([81])، الأمر الذي يشكّل في حدّ ذاته جواباً عن دعوى حداثة وتأخُّر ظهور الأحكام وبيان المعارف والتعاليم الجديدة من قِبَل الأئمة اللاحقين عند الشيعة، ويشكّل في الوقت نفسه دليلاً على اتصال تعاليم الشيعة وامتداد جذورها إلى عصر النبيّ الأكرم|.

7ـ التحدِّيات الاعتقادية

أشرنا إلى أن الإمامة من أكثر المباحث تجذُّراً في مجال الكلام الإسلامي، وأن أهل البيت قد أكّدوا كثيراً على ترسيخ عقيدة الناس في هذا الشأن.

ومن خلال نظرة تاريخية إلى موضوع الجامعة، الذي يستوعب القسم الثالث من هذه المقالة، ويتضمّن الإجابة عن:

1ـ منزلة كتاب الجامعة في مجال الترسيخ أو الارتقاء بعقائد الشيعة.

2ـ دور التيارات الداخلية لدى الشيعة في نشر فكرة اتصال علم الإمام بعلم النبيّ.

يمكن تصوير دور العامل الزمني في نشر تعاليم الشيعة على نحوٍ واضح. ويجب القول على سبيل التمهيد: إن المرحلة التاريخية في النصف الأول من القرن الثاني المتزامنة مع إمامة الصادقَيْن’، وانتقال الحكم من بني أميّة إلى بني العبّاس، تحظى بأهمّية من عدّة جهات. فمن جهةٍ أدى ظهور وتبلور التيارات الفكرية في بداية القرن الهجري الثاني، والاتجاه نحو التنظير للآراء والأفكار، إلى تمهيد الأرضية وخلق الأجواء المناسبة لطرح الشبهات والتحديات. ومن ناحيةٍ أخرى إن التيارات المنسوبة إلى الشيعة كانت تأخذ بالأذهان نحو اتجاهاتٍ أخرى، وإن الفرق والانشقاقات الداخلية قد تبلورت في أمثال: الزيدية والكيسانية وبني الحسن. وفي ما يتعلّق بالعلويين الذين كانوا ينشطون في هذه المرحلة يمكن تناولهم من زاويتين، إحداهما: الثورات والحركات الجهادية ضدّ بني أمية وبني العباس؛ والأخرى: التحدّيات العقدية التي كانت تثار من قبلهم في فضاء المجتمع الشيعي([82]). وإن ادعاء الإمامة من قِبَل جماعةٍ من أمثال: بني الحسن قد مثَّل تحدّياً في ما يتعلّق بمسألة مصداق الإمام. ومن ناحيةٍ أخرى كان هناك ارتباطٌ وثيق بين تيار الاعتزال وبني الحسن؛ إذ تمّ التعريف بمؤسسي الاعتزال ـ من أمثال: واصل بن عطاء ـ بوصفهم من تلاميذهم([83]). إن رواية الكليني تشير إلى تقبُّل القيادة السياسة لبني الحسن من قِبَل زعماء هذا التيار، ويمكن عدّه تياراً جَدَلياً، هو وليد الاقتران الفكري والعقائدي للمعتزلة والمكانة الاجتماعي للعلويين من بني الحسن. وإن ادّعاء المهدوية في هذه الفترة من قِبَل بعض السادة من بني الحسن، والتشبّث بذات هذا الادّعاء من قِبَل بعض الخلفاء العبّاسيين، دفع ببعض المستشرقين إلى الاقتراب من الاعتقاد بأن طرح فكرة المهدوية ومتابعتها من قِبَل العباسيين إنما كانت إلى حدٍّ ما بتأثير جهود الحسنيين في هذا المجال([84]). لقد قام بنو الحسن في المرحلة الأولى بالوثوق الاعتباطي ببني العباس في جهادهم ضدّ بني أمية([85]). إن التقارير الروائية والتاريخية تشير إلى تفاوتٍ في مواقف الأئمة المعصومين تجاه هذه التحديات المختلفة.

إن من بين موارد التحدّي العقائدي بيان الخصائص، وبعد ذلك تحديد مصداق الإمام، أو ما كان يُعبَّر عنه في تلك المرحلة بالخليفة (أو خليفة الله). ويمكن تتبّع هذه المسألة من خلال دراسة المعتقدات والسلوك الصادر عن السادة من ذريّة الإمام الحسن في مواجهة التيار الاعتقادي للأئمة المعصومين المنصوص عليهم بالإمامة([86]). يمكن تحليل أهمّ نقطة في انحراف بني الحسن ضمن رؤيتهم الأحادية إلى مسألة الوراثة. فإنهم من خلال تأكيدهم على امتلاكهم لسلاح رسول الله غفلوا عن سائر العناصر الأخرى، ومن أهمّها: وراثة علم رسول الله، بل كانوا يسخرون من هذا العنصر.

بالالتفات إلى ما تقدّم على نحو الإجمال ندخل في بيان دور كتاب الجامعة في هذا الشأن.

في معرض بحث الروايات التي تتناول موضوعات من قبيل: كتاب الجامعة ومصحف فاطمة÷([87])، وإلى حدٍّ ما سائر الصحف التي تمّ توريثها إلى الأئمة^، يلوح أمرٌ مشترك، وهو ذكر أسماء وردود أفعال جماعة من بني الحسن تجاه الكتب الموجودة عند الأئمة وتيار الإمامة. إن موقف الإمام الصادق وبعض الأئمة^ من خلال بيان وكشف الصحف والكتب التي يمتلكونها في مواجهة اصطفافات بعض بني الحسن، من أمثال: عبد الله بن الحسن ونجله محمد، من خلال محاولتهما في إثبات عاديّة مصادر علم الإمام، وأنهما جديران بمنصب الإمامة وقيادة الشيعة أيضاً، يبيِّن سبب انتشار عناوين وحقائق من قبيل: الصحف والكتب الموجودة عند الأئمة الأطهار، ومن بينها الجامعة. رغم أنه لا ينبغي عدّ هذا الأمر هو العنصر الوحيد في هذه الحادثة.

إن من بين الأمور المبهمة التي كان عبد الله بن الحسن يسعى إلى نشرها عدم وجود اختلاف بين العلم الموجود عنده والعلم الموجود عند العامّة (أهل السنّة). وقد كان يسعى إلى إثبات أن العلم الموجود عند أئمة الشيعة^ إنما هو من قبيل: التفسير بالرأي والآراء الشخصية التي لا تتطابق مع الأحكام الواقعية. روى عليّ بن الحسين أنه قيل للإمام الصادق×: إن عبد الله بن الحسن يزعم أنه ليس عنده من العلم إلاّ ما عند الناس، فقال×: «صدق والله ما عنده من العلم إلاّ ما عند الناس، ولكن عندنا والله الجامعة فيها الحلال والحرام و…»([88]). ثم بيَّن فلسفة الحاجة إلى العلوم الأسمى من العلوم السائدة بين عامّة الناس، قائلاً: «كيف يصنع عبد الله إذا جاء الناس من كلّ أفقٍ يسألونه؟» (وفي بعض النسخ: «من كلّ فنّ»)([89]). وفي الحقيقة إن هذه العبارة بيانٌ آخر لشرائط ومنزلة الإمام وضرورة القدرة على تلبية حاجة الناس المعرفية على اختلاف مذاهبهم، لناحية دور الهداية الذي يلعبه الإمام، ومكانة العلم في حلقة تكميل الخصائص اللازمة لمنصب الإمامة.

وفي مقابل السؤال عن بيان منشأ وسبب اختلاف الأحكام الصادرة عن الأئمة الأطهار^ وأحكام العامة يعتبر إسناد كلام وبيان أئمة الشيعة إلى رسول الله أفضل جواب؛ إذ يشير إلى المصاحف المتعددة والكتب المتنوّعة التي انتقلت من أمير المؤمنين× إلى الأئمة من بعده([90]). إن هذه الكتب والصحف التي رآها البعض أيضاً([91]) زاخرةٌ بالروايات المأثورة عن النبيّ الأكرم| بإملائه وخطّ الإمام عليّ×([92]). وهي من الأحاديث التي لم يَرْوِها غير أمير المؤمنين×. إن انتساب هذه الكتب إلى النبي الأكرم| وأمير المؤمنين× وفاطمة الزهراء÷ ممّا يُعَدّ من وجوه الاشتراك في بواعث الفخر والاعتزاز، وإن ذريعة بني الحسن للتشكيك في أفضلية الإمام الصادق× كان يتمّ دحضها من خلال الكشف عن الصحف والكتب المتنوّعة وإثبات الارتباط الخاصّ لهم بالتراث العلمي لرسول الله، وحيث إن هذه الثروة العظيمة لا تتوفّر إلاّ عند الأئمة الأطهار^ فإن إظهار نماذج منها يمثِّل وجه الامتياز ودليل اختلاف الأحكام الصادرة عنهم وامتيازها من أحكام المخالفين، الأمر الذي يوضّح ضرورة ووجوب اتّباع مختلف طبقات الناس لهم.

وبالتالي فإن الأئمّة الأطهار^ كانوا في مواجهة الهجمة الداخلية على منصب الإمامة ـ التي كانت تتمّ أحياناً من خلال التشكيك في المصاديق الحقيقية لها ـ يعملون على حثّ الناس وتشجيعهم على طرح الأسئلة بشأن مصادر علم أمثال: عبد الله بن الحسن، ومن ناحيةٍ أخرى من خلال إظهار بعض الكتب والصحف الموجودة عندهم، في سعيٍ منهم إلى رفع الغبار الذي يثيره توهّم عدم اتصال علم الإمام بالنبيّ|، وعدم وجود علم خاصّ للأئمة^ . وعندما سمع ابن أبي يعفور أوصاف الجَفْر الأبيض ـ المشتمل على صحف متعدّدة ـ من الإمام الصادق× طرح سؤالاً حول هذه النقطة قائلاً: «أيعرف هذا بنو الحسن؟»، فأجابه الإمام× قائلاً: «إي والله، كما يعرفون الليل أنه ليل، والنهار أنه نهار، ولكنهم يحملهم الحسد وطلب الدنيا على الجحود والإنكار، ولو طلبوا الحقّ بالحق لكان خيراً لهم»([93]). ويمكن ملاحظة مسار هذا النوع من ردود الأفعال في الروايات التي تعرّف مسألة الكتب والصحيفة بوصفها علامة ومؤشراً وأمارة على الإمامة، من قبيل: التابوت عند قوم موسى وبني إسرائيل. وبعد إخفاق بني الحسن في مواجهة الاستدلال والبرهان صاروا إلى الاستهزاء والتقليل من أهمّية الكتب الموجودة عند الأئمة([94])، حيث شكّل إظهار هذه الصحف وتحقّق الأخبار المستندة إلى هذه الكتب سبباً لتأييد ادّعاء الأئمة^. كما كان الإمام الرضا× ـ كما أشرنا ـ يستند في خضمّ ولايته للعهد المفروضة عليه من قِبَل المأمون إلى الجامعة والجَفْر للحيلولة دون تعرُّض الشيعة للانحراف الفكري([95]). وقد شاهد الإربلي نصّ هذا العهد وهامش الإمام الرضا× سنة 670هـ، ونقل عنه نصّاً([96]). وهناك من بين العلماء المعاصرين مَنْ يرى في هذا العهد ـ بسبب بيانه الرسمي ـ سنداً هامّاً في إثبات الجَفْر والجامعة([97]).

الاستنتاج

1ـ إن الصحيفة الجامعة، التي أطلق عليها لفظ الجامعة اختصاراً، كتابٌ من إملاء النبي الأكرم|، وخطّ الإمام عليّ×. وقد كان لأمير المؤمنين دورٌ محوريّ بوصفه واسطة انتقال علم النبيّ الأكرم| إلى الأئمة الأطهار من ولده^.

2ـ إن هذا الكتاب يشتمل على ما يحتاج إليه الناس في مرحلة ختم النبوة من أحكام الحلال والحرام، ولذلك يجب اعتباره جسراً يربط بين علم رسول الله| وعلم الأئمة الأطهار^. وبذلك يكون ـ بالإضافة إلى كونه عامل طمأنينة بالنسبة إلى الخاصّة من أصحاب الأئمة ـ عنصراً للاحتجاج الديني وإتمام الحجّة على الخصوم.

3ـ دور الجامعة في ردّ شبهة تضعيف الخاتمية، بالالتفات إلى إسناد الأحكام المبيّنة من قِبَل الأئمة الأطهار^ إلى النبيّ الأكرم|، وتأكيد الروايات على هذه الصحيفة من زاوية الإجابة عن مسألة كيفية علم الإمام بالأحكام، وما هو مستند فتاوى أئمة الشيعة.

4ـ وفي ما يتعلق بدَوْر الكتب التي ورثها الأئمة الأطهار^ في تحكيم وبيان التعاليم الدينية في بداية الحركة الفقهية لدى الشيعة في عصر الإمام الباقر×، مثل: الجامعة، فقد سرَّعت من وتيرة هذا التحوّل وتقبّل الأحكام العملية. وإن قصّة زرارة وموقفه من الجامعة وبُعْد نظر الإمام السلوكي في التعامل معه في إدراك وتقبّل الحقائق يُمثِّل شاهداً مستدلاًّ على هذا المدّعى.

5ـ إن هذا الكتاب إنما كان بحوزة الأئمة الأطهار^ فقط، وكان يُعَدّ من علامات الإمامة، ويمكن تتبُّع أثره في الارتقاء العقائدي والمعرفي للشيعة تجاه منزلة الإمامة ومكانة العلم والمعرفة في تحديد مصداق الإمام من خلال الالتفات إلى الحوادث ومدّعيات بني الحسن.

6ـ من خلال ما تقدَّم يتجلّى دور الزمان في إعداد الأرضية لانتشار التعاليم الشيعية الأصيلة.

الهوامش

(*) باحثٌ في مجال الكلام الإماميّ.

(**) أستاذٌ في الفلسفة والكلام في جامعة طهران، وپرديس قم.

([1]) المراد من (الجامعة) في مجموع هذه المقالة هو كتاب وصحيفة الجامعة.

([2]) انظر: الآيتين 12 ـ 13 من سورة المجادلة.

([3]) انظر: الزمخشري، الكشّاف عن حقائق غوامض التنـزيل 4: 494، دار الكتاب العلمي، بيروت، 1407هـ؛ الفخر الرازي، مفاتيح الغيب 29: 496، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1420هـ؛ الآلوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم 14: 225، دار الكتب العلمية، بيروت، 1415هـ.

([4]) الشريف الرضي، نهج البلاغة (المختار من بليغ كلام أمير المؤمنين)، الخطبة رقم 192.

([5]) انظر على سبيل المثال: الصدوق، الأمالي: 269 و388، انتشارات كتابخانه إسلامية، طهران، 1362هـ.ش؛ الطوسي، الأمالي: 309، انتشارات دار الثقافة، قم، 1414هـ؛ المفيد، الإرشاد 1: 33، انتشارات كنگره جهاني شيخ مفيد، 1413هـ؛ الحاكم النيسابوري، شواهد التنـزيل 1: 104، 432، مؤسسة الطباعة والنشر، 1411هـ؛ سنن الترمذي (الجامع الصحيح) 5: 301، دار الفكر، بيروت، 1403هـ.

([6]) انظر: محمود قيّوم زاده ومحمد تقي شاكر، (چيستي روح القدس وآثار آن)، مقال منشور باللغة الفارسية في مجلة أنديشه نوين ديني، العدد 30: 87 ـ 98، 1391هـ.ش.

([7]) انظر: محمد تقي شاكر، منابع علم إمام× وپاسخ گوئي به شبهات پيرامون آن: 18 ـ 28، مؤسسة دار الحديث، قم، 1390هـ (مصدر فارسي).

([8]) انظر: المصدر السابق؛ الكليني، الكافي 1: 221 ـ 252، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1365هـ.ش.

([9]) لقد تم طرح روايات (الجامعة) على نطاق واسع في مصدرين روائيين من المصادر الشيعة الأصيلة والعريقة، وهما: (الكافي)؛ و(بصائر الدرجات)، والكثير منها يشتمل على سندٍ صحيح ومسند. (انظر مثلاً: الكليني، الكافي 1: 238 ـ 241، ح1 و3 و5، وغير ذلك.

([10]) الكليني، الكافي 1: 139، ح3؛ 146، ح21.

([11]) انظر: المصدر السابق 1: 145، ح19؛ 149، ح13.

([12]) انظر: المصدر نفسه.

([13]) انظر: المصدر السابق 1: 153، ح2؛ 241، ح5.

([14]) إن التعبير باستعمال نوعين من الجلد يمكن أن يعود سببه إلى اتساع المطالب التي اشتملت عليها الجامعة.

([15]) حيث تحدّث في المقال الثالث عشر من كتاب سرّ العالمين وكشف ما في الدارين ـ بعد الإشارة إلى تأليف الجفر والجامعة ـ عن تأليف الجفر والجامعة من كلمات النبيّ وكتابة الإمام عليّ، معترفاً بسعة علم أمير المؤمنين وامتلاكه لأخبار الغيب (انظر: الفتال النيسابوري، روضة الواعظين وبصيرة المتعظين: 467، انتشارات الرضي، قم، 1375هـ.ش).

([16]) انظر: تفسير ابن عربي 1: 11، دار إحياء التراث العربي، 1422هـ.

([17]) أشار الإيجي في المواقف في مبحث العلم في معرض بيان مسألة أن العلم بالشيء يستلزم العلم الضروري بالعالم، وإلاّ لزم تسلسل العلم، إلى كتاب الجفر والجامعة على سبيل المثال. وقال الشريف الجرجاني في شرح المواقف في سياق التعريف بالجفر والجامعة: إنهما من كتب الإمام عليّ×، وإنها مشتملة على جملة من العلوم الكثيرة وأخبار المستقبل، مكتوبة على شكل رموز وإشارات، وقد استفاد منها أبناؤه أيضاً. (انظر: الإيجي، شرح المواقف 6: 21 ـ 22، الشريف الرضي، أوفست قم، 1325هـ).

([18]) هناك في المصادر الروائية لدى أهل السنة بعض الأحاديث التي تشير بوضوح إلى وجود صحيفة عند أمير المؤمنين×. وأكثر هذه الروايات يشير إلى مضامين هذه الصحيفة، وأنها تشتمل على الأحكام والحلال والحرام. وإن المصاديق المختلفة للأحكام المطروحة في هذه الروايات يثبت تعدُّد الصفحات التي تشير إليها روايات أهل السنّة. (انظر على سبيل المثال: صحيح مسلم (الجامع الصحيح) 4: 115؛ 6: 217، 85، دار الفكر، بيروت؛ مسند أحمد بن حنبل 1: 79، 81، 102، 110، 118، 119، 126، 151، 152، دار صادر، بيروت؛ صحيح البخاري 1: 36؛ 4: 221، 67؛ 8: 69، 10، 144، دار الفكر، 1401هـ).

([19]) انظر: صدر المتألهين، مفاتيح الغيب: 37 ـ 38، مؤسسة تحقيقات فرهنگي، طهران، 1363هـ.ش؛ صدر المتألهين، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة 7: 34، دار إحياء التراث، بيروت، 1981م.

([20]) تتعرض هذه المقال، تحت عنوان: محتوى الجامعة، والجامعة والجَفْر والصحف، إلى نقد بعض الآراء المطروحة في مقالة الجَفْر والجامعة في دائرة معارف جهان إسلام، المجلد العاشر، ومقالة الجامعة في دائرة المعارف بزرگ إسلامي 17. (انظر: علي رضا بهاردوست، (جفر وجامعه)، دانشنامه جهان إسلام 10، 475 ـ 480، شركت أفست، طهران، 1385هـ.ش؛ علي رضا طاووسي مسرور، جامعه 17: 355 ـ 356، مركز دائرة المعارف بزرگ إسلامي، 1388هـ.ش).

([21]) الكليني، الكافي 1: 153، ح6؛ المجلسي، بحار الأنوار 26: 22، ح9؛ 23، ح13 و14؛ 25، ح23 و26.

([22]) الصفّار، بصائر الدرجات: 142، ح3؛ 144، ح8.

([23]) الكليني، الكافي 1: 238، ح1؛ الصفّار، بصائر الدرجات: 151، ح3، انتشارات كتابخانه المرعشي، 1404هـ.

([24]) الصفّار، بصائر الدرجات: 148، ح11.

([25]) المصدر السابق: 144، ح11.

([26]) انظر: الكليني، الكافي 1: 241، ح4؛ 7: 93 ـ 94؛ الصفّار: 143، ح7؛ 145، ح14 و17؛ 157، ح16؛ 158، ح21، 165، ح11 و14.

([27]) عن محمد بن عذافر الصيرفي قال: كنت مع الحكم بن عتيبة [من علماء أهل السنّة] عند أبي جعفر×، فجعل يسأله، وكان أبو جعفر× له مكرماً، فاختلفا في شيءٍ، فقال أبو جعفر×: يا بنيّ، قم فأخرج كتاب عليٍّ، فأخرج كتاباً مدروجاً عظيماً وفتحه، وجعل ينظر حتّى أخرج المسألة، فقال أبو جعفر×: هذا خطّ عليّ× وإملاء رسول الله|، وأقبل على الحكم وقال: يا أبا محمد، اذهب أنت وسلمة وأبو المقدام حيث شئتم، يميناً وشمالاً، فوالله لا تجدون العلم أوثق منه عند قومٍ كان ينـزل عليهم جبرئيل×. (رجال النجاشي: 359 ـ 360). وانظر: الصفّار، بصائر الدرجات: 145، ح15؛ 157، ح16؛ 161، ح33.

([28]) انظر: الصفّار، بصائر الدرجات: 153، ح6؛ المجلسي، بحار الأنوار 26: 25، ح25؛ 22: 35، ح60؛ 36، ح66؛ 38، ح69؛ 44، ح78؛ 52، ح104؛ 22، ح10؛ 23، ح15 و16.

([29]) الصفّار، بصائر الدرجات: 143، ح5.

([30]) المصدر السابق: 143، ح7.

([31]) انظر: الكليني، الكافي 1: 241، ح4؛ 7: 93 ـ 95؛ الصفّار، بصائر الدرجات: 143، ح7؛ 145، ح14 و17؛ 157، ح16؛ 158، ح21؛ 165، ح11 و14.

([32]) قال العلاّمة السيد مرتضى العسكري في هذا الشأن: (اسم كتاب علي× في الأحكام، وقد سمّى الأئمة من أهل البيت اسم كتاب عليّ الذي أملاه عليه رسول الله فيه الأحكام (الجامعة). العسكري، معالم المدرستين 2: 309، مؤسسة النعمان، بيروت، 1410هـ.

([33]) انظر: المفيد، الإرشاد: 284؛ الصفّار، بصائر الدرجات: 307، ح1؛ المجلسي، بحار الأنوار 26: 55، ح115.

([34]) انظر: بزرگ الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 5: 118 ـ 120، إسماعيليان، قم، وكتابخانه إسلامية، طهران، 1408هـ؛ السيد محسن الأمين، أعيان الشيعة 11: 255، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، 1406هـ.

([35]) انظر: الكليني، الكافي 1: 240، ح3؛ الصفّار، بصائر الدرجات: 150، ح1.

([36]) الفضل بن الحسن الطبرسي، إعلام الورى 2: 372، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1390هـ؛ المفيد، الإرشاد 2: 186؛ الإربلي، كشف الغمة 2: 170، طبعة مكتبة بني هاشمي، تبريز، 1381هـ؛ الفتّال النيسابوري، روضة الواعظين وبصيرة المتعظين 1: 210؛ قطب الدين الراوندي، الخرائج والجرائح 2: 894، مؤسسة الإمام المهدي#، قم، 1409هـ.

([37]) انظر: الصفّار، بصائر الدرجات: 154، ح9؛ المجلسي، بحار الأنوار 26: 45، ح80.

([38]) الجَفْر بعد ما وردت به الروايات عن الأئمة الهداة بأنه مسك جفر، فيه علم مـن إمـلاء النبـيّ بخط الوصيّ. (الأمين، أعيان الشيعة 11: 256) الجفر کما قدمناه جلد کتب فيه عليّ× من إملاء رسـول الله| أنواعاً من العلوم والحوادث المتأخرة. هکذا جاءت الرواية عن أئمة أهل البيـت^. (المصدر نفسه).

([39]) انظر: بزرگ الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 5: 118 ـ 119؛ الميرزا حبيب الله الخوئي، منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة 16: 139، المكتبة الإسلامية، طهران، 1400هـ.

([40]) انظر: ابن شهرآشوب المازندراني، مناقب آل أبي طالب 4: 364، مؤسسة انتشارات علامة، قم، 1379هـ؛ محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي، دلائل الإمامة: 263، بعثت، قم، 1413هـ.

([41]) انظر: علي رضا الطاووسي مسرور، الجامعة: 355 ـ 356، دائرة المعارف بزرگ إسلامي، مركز دائرة المعارف بزرگ إسلامي، طهران 17: 35، 355، طهران، 1388هـ.ش.

([42]) إن المراد من الجَفْر في هذا النوع من التعابير من حيث اشتماله على الواقع وعدم اشتماله عليه، والمراد من الجامعة من حيث الجواز وعدم الجواز، وكلّ واحد منهما يبين المسائل الخاصّة به. وأما بأن الموارد الأخلاقية التي يتمّ إسنادها إلى الجامعة فيجب القول: إن الأمور الأخلاقية ترتبط بالأمور العملية أيضاً وتندرج ضمن الحلال والحرام. وقال العلامة العسكري في تأييد هذا الكلام، بعد ذكره طائفة من الروايات: (يظهر من بعض الأحاديث أنه كان لدى الأئمة كتابان من أبيهم الإمام عليّ×؛ اسم أحدهما الجامعة فيه أحكام الحلال والحرام؛ وآخر يُسمّونه بالجَفْر فيه أنباء الحوادث الكائنة؛ وكتاب ثالث من أمهم فاطمة بنت رسول الله| يُسمّونه مصحف فاطمة، فيه أنباء من الحوادث الكائنة. والكتب الثلاثة كانت بخطّ الإمام عليّ×). السيد مرتضى العسكري، معالم المدرستين 2: 310 ـ 311، مؤسسة النعمان، بيروت، 1410هـ.

([43]) انظر: الكليني، الكافي 1: 221 ـ 223، ح1 ـ 8؛ 225، ح4.

([44]) انظر: المصدر نفسه.

([45]) انظر: المصدر السابق 1: 225، ح5؛ الصفّار، بصائر الدرجات: 136، ح5.

([46]) انظر: الصفّار، بصائر الدرجات: 137، ح9؛ 138، ح10 و13 و15.

([47]) انظر: الكليني، الكافي 1: 169، ح3؛ الصدوق، الأمالي: 589، ح15.

([48]) انظر: الكليني، الكافي 1: 437، ح6؛ الصفّار، بصائر الدرجات: 72، ح1.

([49]) انظر: الصدوق، التوحيد: 147 فما بعد، 180، ح15؛ الكليني، الكافي 1: 515، ح3.

([50]) انظر: الكليني، الكافي 1: 290، ح6، 303، ح1؛ أحمد بن عليّ الطبرسي، الاحتجاج: 257، نشر المرتضى، مشهد، 1403هـ؛ الصفّار، بصائر الدرجات: 148، ح9؛ 163، ح3؛ 164، ح6؛ المجلسي، بحار الأنوار 26: 50، ح96؛ 51، ح100؛ 183، ح187؛ 12، ح24.

([51]) انظر: الكليني، الكافي 1: 223، ح1 و3؛ 225، ح4 و5 و6؛ 256، ح7؛ المجلسي، بحار الأنوار 26: 20، ح7.

([52]) انظر: الصفّار، بصائر الدرجات: 137، ح11؛ 325، ح4؛ المجلسي، بحار الأنوار 26: 186، ح20.

([53]) الصفّار، بصائر الدرجات: 153، ح6؛ الكليني، الكافي 1: 241، ح5.

([54]) انظر: عبد الكريم سروش ومحمد سعيد بهمن پور، خاتميت وولايت: 54 ـ 55، نشر سمپاد، قم، 1389هـ.ش (مصدر فارسي).

([55]) بغية الوقوف على مختلف أبعاد هذه المسألة انظر: إمامت وخاتميت أز ديدگاه قرآن وحديث، مقال منشور باللغة الفارسية في مجلة كتاب قيّم، العدد 6.

([56]) انظر: الصفّار، بصائر الدرجات: 326، ح1 و2؛ المجلسي، بحار الأنوار 62: 141 ـ 142.

([57]) انظر: الصدوق، التوحيد: 166، ح16، جماعة المدرسين، قم، 1357هـ.ش.

([58]) انظر: الصفّار، بصائر الدرجات: 158، ح20؛ 167، ح21.

([59]) انظر: الكليني، الكافي 1: 57، ح14؛ الصفّار، بصائر الدرجات: 146، ح23؛ 149، ح16.

([60]) انظر: الصفّار، بصائر الدرجات: 146، ح22؛ 148، ح8.

([61]) للوقوف على النماذج الكثيرة من التغيُّر في أحكام وقوانين الشريعة والاجتهاد في مقابل النصّ من قِبَل بعض الصحابة والخلفاء انظر: السيد عبد الحسين شرف الدين، النصّ والاجتهاد: 385 ـ 387، طليعة النور، قم، 1426هـ.

([62]) والذي يؤيد اختلاف الصحيفة عن الأحكام المتداولة بين الناس جواب الإمام عن سؤال زرارة الذي أدى إلى رؤيته للجامعة، حيث قال: (سألت أبا جعفر× عن الجد؟ فقال: ما أجد أحداً قال فيه إلاّ برأيه، إلا أمير المؤمنين×).

([63]) بالالتفات إلى:

أـ نصّ رواية وكلام زرارة وسلوكه الذي هو ردّة فعل عقلائية وليست تعبدية.

ب ـ اعتبار محتوى الجامعة منكراً وغريباً.

ج ـ الفترة الأولى من تعرّف وتشرّف زرارة بالمذهب الحقّ.

د ـ وصف زرارة لنفسه في متن هذه الرواية وقوله بأنه كان شخصاً عالماً بالمسائل الهامّة وعلم الفقه السائد بين الناس.

هـ ـ وعلى المقلب الآخر ليس هناك بحث عن كون الإمام حجة.

يتّضح أن تعجّب زرارة كان ناشئاً من تعلُّقه التشريعي المفروض عليه من قِبَل مذهب أهل السنّة. ومن هنا يصدر عنه سلوك طارد لكتاب الجامعة.

انظر: السيد محمد عمادي الحائري، بازسازي متون كهن حديث شيعه: 84، كتابخانه ومركز أسناد مجلس شوراي إسلامي، طهران، 1388هـ.ش (مصدر فارسي).

([64]) انظر: الكليني، الكافي 7: 95.

([65]) قلت: باطل ليس بشيء هو خلاف ما الناس عليه.

([66]) بالالتفات إلى ما تقدّم، والتعابير الموجود في متن الرواية، يتضح أن التعبير بكتاب الفرائض هو تعبير آخر عن الجامعة أو بعضها. والدليل على هذا الكلام هو الروايتان الآتيتان، وفي إحداهما يعتبر الإمام الصحف متعددة، وفي الرواية الثانية يتمّ بيان تعدّد الصحف من خلال لفت الانتباه إلى اختلاف عناوين وفصول الأحكام وتعلّق كل صحيفة بجانب من الأحكام، من قبيل: مسائل القضاء أو الفرائض:

1ـ عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر×، قال: قال أبو جعفر×: إن عندي لصحيفة فيها تسعة عشرة صحيفة، قد حباها رسول الله|. (الصفّار، بصائر الدرجات: 144، ح12).

2 ـ قال أبو جعفر×: إن عندنا صحيفة من كتب عليٍّ، طولها سبعون ذراعاً، فنحن نتّبع ما فيها لا نعدوها. وسألته عن ميراث العلم ما بلغ؟ أجوامع هو من العلم أم فيه تفسير كلّ شيء من هذه الأمور التي تتكلم فيه الناس، مثل: الطلاق والفرايض؟ فقال: إن علياً كتب العلم كله، القضاء والفرايض، فلو ظهر أمرنا لم يكن شيءٌ إلا فيه نمضيها. (المصدر السابق: 143، ح7). والنقطة الأخرى التي تستفاد من هذا الرواية المذكورة أعلاه هي تأييد روايات حلّ التعارض بين الأخبار، حيث تذكر من بين تلك الطرق مخالفة العامة. ومن هذه الناحية تُعَدّ هذه الرواية بيان خاصّ في تأييد مسألة طرق حلّ التعارض بين الروايات.

([67]) رجال الكشي: 238.

([68]) سيأتي مزيد من البيان حول هذه المسألة والروايات الخاصة بهذا الادعاء في هذا المقال ضمن عنوان (الجامعة والقياس).

([69]) يرى السيد محسن الأمين في (أعيان الشيعة) أن علم الإمام الذي ينتقل إليه من طريق النبي علم إلهي، ولا يرى مانعاً من ذلك (انظر: الأمين، أعيان الشيعة 11: 556). وهذا هو الذي ذهب إليه السيد البروجردي، حيث قال: لقد اشتهر هذا الكتاب عند الخاصة والعامة؛ لأنهم يقولون في معرض الإجابة عن الكثير من أسئلة أهل السنة، من أمثال: غياث بن إبراهيم، وطلحة بن زيد السكوني، وسفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد، وغيرهم، بقولهم: جاء في كتاب عليّ×. (انظر: مجيد معارف، پژوهشي در تاريخ حديث شيعه: 42، مؤسسة فرهنگي وهنري ضريح، طهران، 1374هـ.ش).

([70]) انظر: صدر المتألهين، الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة 7: 34 ـ 35، دار إحياء التراث، بيروت، 1981م.

([71]) المفيد، الاختصاص: 280؛ الصفّار، بصائر الدرجات: 299، ح2، 301، ح9. وللوقوف على روايات أخرى بهذا المضمون انظر: المجلسي، بحار الأنوار 26: 30، ح42 و43.

([72]) الكليني، الكافي 1: 57، ح14؛ الصفّار، بصائر الدرجات: 146، ح23؛ 149، ح16.

([73]) انظر: الصفّار، بصائر الدرجات: 150، ح18؛ 147، ح3؛ النوري، مستدرك الوسائل، مؤسسة آل البيت^ 17: 26، ح21285، قم، 1408هـ؛ المجلسي، بحار الأنوار 26: 34، ح56.

([74]) إن التمسّك بمنهج القياس من قِبَل المخالفين، في مقابل مصدر علمي ويقيني، مثل: كتاب الجامعة الذي تشير إليه الروايات، يشكّل قرينة إضافية على محتوى ومضمون الجامعة؛ لأن القياس مستمسك للعثور على أحكام الحلال والحرام من قبل فقهاء العامة.

([75]) قال رسول الله| لعليّ×: (اكتب ما أملي عليك)، قال: يا نبيّ الله، أتخاف عليّ النسيان؟! قال: (لست أخاف عليك النسيان، وقد دعوت الله لك أن يحفظك ولا يُنسيك، ولكنْ اكتب لشركائك)، قال: قلتُ: ومَنْ شركائي يا نبي الله؟ قال: (الأئمة من ولدك، بهم تسقى أمتي الغيث، وبهم يُستجاب دعاؤهم، وبهم يصرف الله عنهم البلاء، وبهم تنـزل الرحمة من السماء)، وأومأ إلى الحسن× وقال: (هذا أوّلهم)، وأومأ إلى الحسين× وقال: (الأئمة من ولده). (الصدوق، علل الشرائع 1: 208؛ المفيد، الإرشاد: 401).

([76]) انظر: المجلسي، بحار الأنوار 26: 22، ح12؛ 23، ح14 و16؛ 25، ح24؛ 33، ح50؛ 34، ح54؛ 35، ح59؛ 51، ح101؛ 53، ح109؛ 48، ح90؛ 50، ح96؛ 51، ح98.

([77]) انظر: الصفّار، بصائر الدرجات: 144، ح11؛ 151، ح2.

([78]) انظر: الكليني، الكافي 1: 241، ح5؛ الصفّار، بصائر الدرجات: 139، ح3؛ 142، ح2؛ 153، ح6.

([79]) الصفّار، بصائر الدرجات: 139، ح3. وانظر أيضاً: المصدر نفسه: 142، ح2؛ 149، ح13.

([80]) انظر: الصفّار، بصائر الدرجات: 163، ح4؛ 166، ح16؛ 168، ح23.

([81]) انظر: الطبرسي، الاحتجاج 1: 153، نشر المرتضى، مشهد، 1403هـ؛ كتاب سليم بن قيس الهلالي الكوفي: 657، انتشارات الهادي، قم، 1415هـ.

([82]) انظر: محمد سهيل طقوش، دولت عباسيان: 14 ـ 15، ترجمه إلى اللغة الفارسية: جودكي پژوهشگاه حوزه ودانشگاه، قم، 1378هـ.ش؛ حسين عطوان، الدعوة العباسية: مبادئ وأساليب: 93 ـ 94، دار أنجيل، بيروت.

إن تمهيد العلويين لإيجاد التحديات يحتوي على نقاط اشتراك وافتراق مع التيارات السياسية والفكرية والثقافية الحاكمة، ولكنْ لا يمكن استيعابها ضمن هذه المقالة. وعليه يمكن للقارئ في ما يتعلّق بملاحظة هذه التحديات في بداية إمامة الإمام الكاظم× الرجوع إلى: علي رضا بهرامي، چالشهاي عقيدتي جريان إمامت پس أز شهادت إمام صادق×: 17 فما بعد، مؤسسة دار الحديث، قم، 1391هـ.ش (مصدر فارسي).

([83]) انظر: الكليني، الكافي 1: 601، ح7.

([84]) انظر: مقال (بحران إمامت وشكل گيري نهاد غيبت در شيعه دوازده إمامي)، لكاتبها: سعيد أمير أرجمند، المقالة رقم 9، كتاب (Shi’ism) طبعة دار نشر (Routledge)، والمطبوع في مجلة الشرق الأوسط الدولية للدراسات، العدد 28: 491 ـ 515، سنة 1996م، ترجمها إلى اللغة الفارسية: محمد حسين أفراخته.

([85]) انظر: أبو الفرج الإصفهاني، مقاتل الطالبيين: 256، دار الكتاب، قم، 1385هـ.

([86]) تشير الروايات في بعض الأحيان إلى أن كلمات بني الحسن كانت تثير تساؤلات عند جماعة من الشيعة، يلاحظ من خلالها شبهات مطروحة من قبل بني الحسن، من قبيل: العبارات الوارد في بداية هذه الرواية: قال أبو عبد الله× لأقوامٍ كانوا يأتونه ويسألونه عما خلف رسول الله| إلى عليّ× وعما خلف عليّ إلى الحسن… (انظر: الصفّار، بصائر الدرجات: 155).

([87]) لقد كتب المؤلفون مقالة تحت عنوان: (حقيقت مصحف فاطمة÷ وباسخ گوئي به شبهاتي پيرامون آن) بشكلٍ مستقل. انظر: رضا برنجكار ومحمد تقي شاكر، حقيقت مصحف فاطمه÷ وپاسخ گوئي به شبهاتي پيرامون آن: 37 ـ 52، پژوهشهاي اعتقادي كلامي، العدد 6: 37 ـ 52، سنة 1391هـ.ش (مصدر فارسي).

([88]) الصفّار، بصائر الدرجات: 157، ح19؛ 161، ح33؛ المجلسي، بحار الأنوار 26: 46، ح84؛ 48، ح92.

([89]) المجلسي، بحار الأنوار 26: 48، ح92.

([90]) انظر: الصفّار، بصائر الدرجات: 157، ح16 و19.

([91]) انظر: المصدر السابق: 143، ح7؛ 145، ح14 و17؛ 157، ح16؛ 158، ح21؛ 165، ح11 و14؛ الكليني، الكافي 1: 241، ح7؛ 4: 93 ـ 94.

([92]) قال الإمام الصادق× لشخصٍ اسمه عبد الله، بعد بيان وجود مثل هذا الكتاب ومحتواه: (أما أنك لو رأيت كتابه لعلمت أنه من كتب الأولين). الصفّار، بصائر الدرجات: 166، ح18؛ النوري، مستدرك الوسائل 7: 94، ح7، مؤسسة آل البيت^، قم، 1408هـ. إن هذه العبارة تدلّ على قدم هذا المصحف وأنه قد كتب في المراحل السابقة من حيث جلده وأوراقه.

([93]) الكليني، الكافي 1: 240، ح3. ومن بين الموارد المؤثرة، والتي تلعب دوراً في هذا المجال من بين الصحف الموجودة عند أهل البيت^، يمكن الإشارة إلى مصحف فاطمة÷. فطبقاً للروايات المتوفّرة، يُعَدّ وجود صحف ـ ومن بينها: مصحف فاطمة÷ ـ وسيلة لمواجهة تيار معقّد ومنحرف آخر من بني الحسن أيضاً. وفي معرض ادّعاء المهدوية من قِبَل محمد بن عبد الله بن الحسن الذي اتفق عليه الجميع شكلت مخالفة الإمام الصادق× لمبايعته ـ استناداً إلى عدم ذكر اسمه في مصحف فاطمة بوصفه حاكماً أو خليفة، وهو المصدر الذي تمّ الاستناد إليه في حالاتٍ أخرى عند السؤال عن سبب هذه المخالفة من الإمام، بل حتى ابتداءً من قبل الإمام ـ خَرْقاً لهذا الإجماع، وإحباطاً لهذه المؤامرة. (انظر: المفيد، الإرشاد 2: 190 ـ 193). وقد استمرّ هذا الأمر في العديد من الروايات الأخرى المأثورة عن الإمام الصادق× في معرض بيان فشل بني الحسن في الحصول على الخلافة، وتنبيه الأصحاب وسائر الناس إلى هذه النقطة، حيث منع الإمام من خلال استناده إلى المصحف دون التحاق الشيعة بهذا التيار الذي انتهى بمقتل محمد بن الحسن وعدم وجود عقب له. (الكليني، الكافي 1: 242، ح7 و8؛ 31؛ 169، ح2 و3 و4 و7).

([94]) انظر: الصفّار، بصائر الدرجات: 155، ح11؛ 156، ح15.

([95]) انظر: الإربلي، كشف الغمة 2: 337، طبعة مكتبة بني هاشمي، تبريز، 1381هـ.ش؛ ابن شهرآشوب المازندراني، مناقب آل أبي طالب، مؤسسة انتشارات علامة، قم، 1379هـ 4: 364؛ المجلسي، بحار الأنوار 49: 152.

([96]) انظر: المصدر نفسه.

([97]) انظر: السيد محمد عمادي الحائري، بازسازي متون كهن حديث شيعه: 81، كتابخانه ومركز أسناد مجلس شوراي إسلامي، طهران، 1388هـ.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً