أحدث المقالات

د. الشيخ عصري الباني([1])

 

تمهيد

مازال البعض يسعون جادين في إثارة الفتنة الطائفية من خلال كذبهم وتزويرهم للحقائق فيحرفون الكلم عن مواضعه وينسبون للناس ما هو فيهم لا يمنعهم من ذلك دين ولا أخلاق، ومن مصاديق ذلك رواية باسم (مثلث الشيطان) لمؤلفها أحمد عبد الله، فبعد أن كشف علماؤنا الأجلاء على مر التاريخ منذ صدر الإسلام وإلى يومنا الحاضر زيف وكذب ما ادُّعي على الشيعة من أمور، لم يتبق إلا مثل هذه الأمور لينشروها، وهم بذلك يتشبهون ببني أمية والعباس إذ ظنوا أنهم بتحريف الحقائق سيقضون على مدرسة أهل البيت(ع) أو يضعفوها، ولكن ما حدث بينته عقيلة الطالبيين(ع) بقولها ليزيد: “فوالله ما فريت إلا جلدك، ولا جززت إلا لحمك”([2])، وهو ما نراه في الواقع فكلما اشتدوا في هجومهم على مذهب أهل البيت(ع) وشيعتهم كلما ازدادت أعداد المستبصرين في جميع أنحاء العالم وهذا ما اعترفوا به هم أنفسهم([3]) حتى عبروا عنه بحالة “الشيعة فوبيا”([4])، فهم من مصاديق قوله تعالى: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)([5])، وقوله تعالى: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)([6]). ونحن هنا سنقوم بدحض ما جاء في هذه الرواية وتبيين ومقدار الكذب والافتراء بحسب التسلسل الذي جاء فيها، ومن الله نستمد العون والتوفيق: (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ)([7]).

 

1ـ الماسونية، التلمود، والشيعة

ادعى الكاتب في المقدمة بأن هذا الكتاب يريد أن يبين الرابط بين الماسونية والتلمود والمذهب الشيعي، وأنه ومن خلال الرجوع إلى الكتب الشيعية سيتضح الربط بين هذه الأمور الثلاثة، وذلك من خلال عرضها بأسلوب قصصي ليتضح أن هدف تلك الفرق الثلاث هو السيطرة على العالم وربط هذا الأمر بالصراع مع الغرب([8]).

أقول: إن أفضل ما يمكن أن يقال على هذا الكلام هو المثل العربي المعروف “رمتني بدائها وانسلت”([9])، فالذين يتشبهون باليهود وبالتلمود ليسوا أتباع أهل البيت(ع) الذين ينفون التجسيم والتشبيه بل من يعتقد بالتجسيم مذهبا وبالتشبيه دينا هذا هو مسلكهم عملياً، فهم يردون كل الأحاديث التي تنفي الرؤية بالعين، وتنفي تجسيم الله تعالى والشبيه له ويأخذون بما ثبت ذلك ولو كان ضعيفاً، كحديث العماء([10])، وحديث عكرمة عن معبودهم الشاب الأمرد([11])، وحديث الأوعال([12])، كما في التوراة، وحديث العرش وطقطقته وصريره وأزيز، لأن خشبه جديد كخشب محمل الجمل الجديد([13])…، إلخ. فأنهم دائماً يرجحون الأحاديث المطابقة لما في التوراة ويردون غيرها، فالتوراة في عقيدتهم هي الأساس، والسنة يجب أن تخضع لها، بل إنهم يردون آيات القرآن من أجل التوراة([14]).

وهذا الأمر لا نفتريه عليهم بل قاله أحد أئمة أهل السنة والجماعة المعاصرين من مدرسة الأزهر وهو الإمام محمد أبو زهرة، قال: “وننتهي من هذا إلى أن ابن تيمية يرى الألفاظ في اليد والنزول والقدم والوجه والاستواء على ظاهرها ولكن بمعانٍ تليق بذاته الكريمة كما نقلنا من قبل، وهنا نقف وقفة أن هذه الألفاظ وضعت في أصل معناها لهذه المعاني الحسية ولا تطلق على وجه الحقيقة على سواها وإذا أطلقت على غيرها سواء كان معلوماً أو مجهولاً فإنها قد استعملت في غير معناها، ولا تكون بحالٍ من الأحوال مستعملة في ظواهرها بل تكون مؤولة وعلى ذلك يكون ابن تيمية قد فرّ من التأويل ليقع في تأويل آخر، وفرّ من التفسير المجازي ليقع في تفسير مجازي آخر”([15]).

 

2ـ التشيُّع تهمة!

اعتبر الكاتب أن التشيع تهمة كالماسونية والتلمودية مع أننا كأتباع لمذهب أهل البيت(ع) نفتخر بأن يقال لنا: شيعة؛ وسر افتخارنا أنه لقب قراني جاء كمدح لحامليه، وهذه الحقيقة تبينها رواية أبي بصير قال: قال لنا أبو جعفر محمد بن علي(ع): ليهنكم الاسم الذي نحلكم الله تعالى إياه، قلنا: وما هو يا بن رسول الله؟ قال: الشيعة، إن الله يقول: (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)([16]) وقال: (هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ)([17]))([18]).

فكان إبراهيم ثالث الأنبياء أولي العزم، أرسله الله تعالى بعد نوح(ع) مصدّقاً له، ولما جاء به من الرسالة من عند الله ناصراً بذلك له موافقاً لما جاء به من الرسالة، فكان بذلك من شيعته كما أخبر الله تعالى بذلك. وكذلك كان الذي استغاث موسى(ع) رجل مؤمن من أنصار موسى(ع) وأتباعه. وحاصل الخبر أن لفظ الشيعة الذي يطلق على أتباع الأئمة(ع) لقب شريف وصف الله النبيين وأتباع الأنبياء الماضين به، فسرّوا به ولا تبالوا بتشنيع المخالفين بذلك عليكم.

وشيعة الرجل: أصحابه وأتباعه. وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة، وأصنافهم: شيع. قال الله تعالى: (كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ)([19])، أي: بأمثالهم من الشيع الماضية([20]).

ولذلك قال رسول الله(ص): (شيعة عليٍّ هم الفائزون يوم القيامة)([21]). وذكر(ص) شيعة عليٍّ(ع) في غير حديث، ولم يأتِ عنه(ص) مثل ذلك لأحد من أصحابه، ولا ذكر إلا شيعة علي الذين هم أنصاره، ودعا لهم بذلك، ودعا على مخالفيهم، فقال(ص): (مَنْ كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال مَنْ والاه، وعاد مَنْ عاداه، وانصر مَنْ نصره، واخذل مَنْ خذله)([22]). ولم يقل ذلك لأحد غيره، وفي ذلك بيان لاستخلافه إياه وإمامته دون من سواه.

وقد كان لعلي(ع) في حياة رسول الله(ص) قوم اتبعوه على أمر وتولوه وعرفوا حقه وحفظوا ما استحفظهم رسول الله(ص) من أمره يعرفون بذلك، ولم يكن مثل ذلك لأحد من الصحابة غيره، إذ لم يكن أحد منهم في مقام من يتبع ويتولى من له أمر يتبع، وكان رسول الله(ص) يعرفهم بذلك ويثني به عليهم. ويسميهم: “شيعة علي” ويذكر فضلهم مثل: سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار. وقال لعمار: (ويح عمار تقتله الفئة الباغية عمار يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار)([23]). وقد علم أنه من فئة علي(ع) ومن شيعته، فتبين من ذلك أن فئته فئة العدل، فقتله أصحاب معاوية بصفين.

 

3ـ (عمر)

ابتدأ المؤلف قصته بفصلٍ سمّاه (عمر)، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا (عمر)، فليكن اسمه أحمد أو محمود أو مراد أو عادل… وغيرها من الأسماء؟ والجواب يكمن في الهدف الذي يبتغيه هؤلاء وهو بثّ الفتنة والفرقة ونشر الطائفية والتباغض بين المسلمين، ولذلك تجدهم يتفننون في اختيار الأدوات التي من خلالها يستثيرون الأحقاد، فاختار اسم (عمر) وبذلك يريد القول بأن الشيعة لهم موقف من (عمر) وعليه فهم خارجون عن الإسلام، ولا يجب أن تكون هناك وحدة بين المسلمين بل الموجود هو الاختلاف والاقتتال والتنافر، وكأن الإسلام ليس شهادة أن (لا إله إلا الله) و أن (محمداً رسول الله)، بل ان الإسلام قام على ركنٍ واحد اسمه (عمر) والموقف منه، فمَنْ انتقد أو بين وجهة نظر تخالف (عمر) فهو مشرك كافر خارج عن الملة والدين. مع أنهم يقولون بعدم العصمة لغير رسول الله(ص) فإذا كان (عمر) غير معصوم فلماذا تخرجون من الدين كلّ مَنْ يتعرض له بنقدٍ؟!.

 

4ـ كتاب (مطرقة الساحرات)([24])

تحدث المؤلف عن مطالعة عمر لكتاب (مطرقة الساحرات)، وتعجبه من الأساليب وفنون التعذيب التي ابتكرها المسيحيون في الكنيسة في إسبانيا، ومن ثم حمده لله تعالى أن جعله مسلماً وهو ما دفعه للبحث عن شخص يبين له هذا الموضوع فذهب إلى الأستاذ (عبد الرحمن) الذي لم يشرح المسألة التي جاء من أجلها (عمر)، بل قال إنه لن يضيف له شيئاً في هذا المجال وأخرج كتاباً يتحدث عن الرافضة وقال اسمع يا بني يوجد عندي كتاب ما إن تقراه حتى يصيبك العجب العجاب… وعاد حاملاً معه كتاباً قديماً مغبرّاً من دون عنوان وناوله لعمر وطلب منه مقارنته مع النصارى الموحدين([25]).

أقول: إن في هذا النصّ مجموعة من الأمور ينبغي الالتفات إليها:

أـ إن هذا النص يبين الأهداف التي يبتغيها هؤلاء فليس مهمّاً ما تقوله أو تفعله المسيحية بل ينبغي الاهتمام بتكفير المسلمين وإيجاد الفتنة بينهم، فهذا هو الهدف وهذا هو المهم، وهو ما ينبغي التركيز عليه والعمل لتحقيقه. ولكي لا يكون كلامنا ادعاءً بلا دليل نضرب مثالاً سيجده القارئ بمجرد فتحه للتلفاز حيث سيجد على الأقل خمس قنوات مسيحية تبثّ لمدة 24 ساعة هدفها الهجوم على الإسلام والقرآن والنبيّ(ص)، وفي المقابل تجد قنوات لا ترد على تلك القنوات المسيحية في أيٍّ من برامجها بل تجد جميع برامجها وبدون استثناء تهدف إلى تكفير المسلمين وزرع الفرقة بينهم، وهذا إنْ دلّ على شيء فإنه يدلّ على أن هدفهم هو تضعيف الأمة الإسلامية.

ب ـ نسأل لماذا الكتاب (المدَّعى) قديم ومغبرّ؟ والجواب يكمن في أنهم يخافون طباعة ونشر الكتب التي تبين وتوضح فكر ومنهج أهل البيت(ع)، لأنهم يعلمون أن الناس إذا اطَّلعت على هذا الفكر فإنهم سوف يتبعونهم، فعند المقايسة بين الفكر التشبيهي التجسيمي المليء بالمتناقضات والأساطير وبين الفكر التنزيهي القائم على العقل السليم والسنّة الصحيحة الواردة عن طريق أهل بيت النبي(ع) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، فإن الإنسان ستسوقه فطرته إلى جانب الحق والعقل وسيستبصر، ولعلمهم بهذه الحقيقة فإنهم لا يسمحون لكتب مذهب أهل البيت(ع) بالانتشار في بلدانهم ويعتبرونها ممنوعة، وفي الطرف المقابل تجد أن أسواق الكتب في الحواضر الشيعية مليئة بكتب السنّة من جميع المذاهب.

ج ـ انظر إلى القيمة العلمية للكتاب فهو كتاب بلا عنوان وأي عقيدة هذه التي تؤسَّس على كتاب بلا عنوان؟، وكيف يمكن لإنسان عاقل فضلاً عن أن يكون عالماً أن يسمح لنفسه بأن تكون افكاره على كتاب بلا عنوان؟، وهذا إنْ دلّ على شيء فإنه يدلّ على الإفلاس الفكري والمنهجي.

د ـ أراد الأستاذ (عبد الرحمن) أن يسب أتباع أهل البيت(ع) بوصفهم رافضة والحقيقة أنه قام بمدحهم من حيث لا يعلم، فالشيعة لقبوا بالرافضة لأنهم رفضوا الظلم والطغيان على مر العصور ووقفوا في وجه الطغاة ولم يكونوا إمّعات أذلاء لولاة الأمور الفسقة الفجرة الظالمين، فهم أبناء الحسين(ع) الذي قال مقولته المشهورة والتي ستظل نبراساً لشيعته وللإنسانية الحرّة: (ألا وإن الدعي ابن الدعيّ قد ركز منا بين اثنتين بين السلّة والذلّة وهيهات منا الدنيئة يأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وأنوف حمية ونفوس أبية وأن نؤثر طاعة اللئام على مصراع الكرام)([26])، نعم هذا هو شعار الرافضة الذي نفتخر به على العالمين.

 وقد أشارت إلى حقيقة أن لقب (الرافضة) هو مدح وإطراء مجموعة من الأحاديث نشير إلى بعضها:

ـ عن أبي عبد الله(ع) قال: (والله لنعم الاسم الذي منحكم الله ما دمتم تأخذون بقولنا ولا تكذبون علينا). قال: وقال لي أبو عبد الله(ع) هذا القول لأني كنت خبرته أن رجلاً قال لي: إياك أن تكون رافضياً.

ـ عن أبي الجارود قال: أصم الله أذنيه كما أعمى عينيه إن لم يكن سمع أبا جعفر(ع) يقول: إن فلاناً سمانا باسمٍ، قال: وما ذاك الاسم؟ قال: سمانا الرافضة، فقال أبو جعفر(ع) بيده إلى صدره: (وأنا من الرافضة وهو منّي) قالها ثلاثاً.

ـ عن أبي بصير، قال: قلت لأبي جعفر(ع): جعلت فداك اسمٌ سمِّينا به استحلّت به الولاة دماءنا وأموالنا وعذابنا، قال: وما هو؟ قال: الرافضة، فقال أبو جعفر(ع): (إن سبعين رجلاً من عسكر فرعون رفضوا فرعون فأتوا موسى(ع) فلم يكن في قوم موسى(ع) أحد أشدّ اجتهاداً ولا أشدّ حبّاً لهارون منهم فسمّاهم قوم موسى الرافضة، فأوحى الله إلى موسى: أن ثبت لهم هذا الاسم في التوراة فإني قد نحلتهم وذلك اسم قد نحلكموه الله)([27]).

 

5ـ اسوداد الدنيا!

يقول الكاتب: إن (عمر) قال: “لا بأس من أن يطلع على هذا الكتاب ويرى ما هي الخلاصة التي سوف يخرج بها وما إن فتحه… حتّى اسودّت الدنيا أمامه… واختفى الأستاذ… واختفى المنزل”.

أقول: أظن أن المقصود أنه اكتشف حقيقة كانت خافيةً عليه تبينت له بمجرّد فتح الكتاب.

وهنا نتساءل: ما هذه الحقيقة التي تتوضح بمجرد فتح كتاب ليس له عنوان وقد أكله التراب؟! وهل هكذا تعرف الحقائق؟! إن لمعرفة حقيقة مذهب وجماعة بدات منذ 1442 سنة ينبغي قراءة تراثهم وآثارهم الفقهية والروائية والتفسيرية والكلامية، وزيارة بلدانهم ومناقشتهم ومحاورتهم بذلك تعرف الملل والعقائد والافكار، وأما هذه الطريقة فأنتم تنفردون بها من بين جميع أبناء البشر، ولو سارت الإنسانية على طريقتكم هذه لعطلت الجامعات ومؤسسات البحث في جميع العالم إذ ليس على البشر إلا الذهاب إلى الأستاذ (عبد الرحمن) ليعطيهم كتابه الخالي من العنوان المغطى بالتراب ليفتحوه فتحصل لهم الحالة التي أصابت (عمر) فتسودّ الدنيا في وجوههم ويفقدوا الحواس الخمس ومن ثم تنفتح لهم حقائق الملك والملكوت!. وهذا يبين لنا السطحية التي يتعاملون بها مع أتباعهم ومؤيديهم من خلال هذه الأمور التي لا يؤيدها دين ولا عقل فهم لا يريدون أمة تقرأ أو تبحث.

 

6ـ بذور الفتنة

تحدّث المؤلف عن أسطورة عبد الله بن سبأ اليهودي، واعتبر أنه أساس الفتنة التي جرت في زمن الخليفة الثالث، واعتبر أنه جاء إلى المدينة ورفع شعار (الرجعة)([28]).

أقول: إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الذي يحتويه شعار الرجعة من فتنة؟! فهو رأي كلامي كائناً من كان قائله يناقش من قبل علماء الصحابة وتنتهي المشكلة، وهل أن مسألةً كهذه تؤدي إلى الثورة والعصيان المدني في المدينة والكوفة والبصرة وجميع أنحاء العالم الإسلامي، وأدّت إلى اصدار الفتوى المعروفة لعائشة بإعدام عثمان بن عفان؟!([29]).

إن السبب في الفتنة هو ما بيَّنه الإمام أمير المؤمنين(ع) بقوله: (حَتَّى إِذَا مَضَى لِسَبِيلِهِ جَعَلَهَا فِي جَمَاعَةٍ زَعَمَ أَنِّي أَحَدُهُمْ فَيَا لَلَّهِ وَلِلشُّورَى مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إلى هَذِهِ النَّظَائِرِ لَكِنِّي أَسْفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا وَطِرْتُ إِذْ طَارُوا فَصَغَا رَجُلٌ مِنْهُمْ لِضِغْنِهِ وَمَالَ الْآخَرُ لِصِهْرِهِ مَعَ هَنٍ وَهَنٍ، إلى أَنْ قَامَ ثَالِثُ الْقَوْمِ نَافِجاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نَثِيلِهِ ومُعْتَلَفِهِ وقَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضَمُونَ مَالَ اللَّهِ خِضْمَةَ الْإِبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ إلى أَنِ انْتَكَثَ فَتْلُهُ وأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ وكَبَتْ بِهِ بِطْنَتُه)([30]).

يحكي الإمام ما جرى لعمر عندما ضربه أبو لؤلؤة فقتله فإن عمر عندما مات جعل الخلافة بين أيدي ستة من المسلمين كان الإمام أحدهم وهم علي وعثمان وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف ثم قال يالله وللشورى التي وضعني عمر فيها وجعلني أحد أفرادها وأي شورى تلك التي قرنته إلى غيره ممن يقاربه أو يساويه أو كان يحلم أن يقف معه في صف واحد وموقف واحد، ومتى كان علي يساوى بأبي بكر حتى نزل سهمه فصار يساوى بهؤلاء فعلي(ع) أفضل من أبي بكر ولا يقبل أن يقارن به فكيف يقارن بهؤلاء ويساويهم؟!. ثم اعتذر عن نفسه في قبول هذا الوضع تمهيداً لما بعده ولما يأتي خلفه فيقول تصاغرت وتنازلت عن مقامي عندما أنزلوني عنه وتابعتهم عندما أرادوا مني ذلك من أجل‏ مصلحة الإسلام والمسلمين فمال رجل لحقده، ومال الآخر لصهره وكان هناك معايب غضّ عنها النظر، وقد سلك عمر في استخلافه مسيرة تخالف ما جرت عليه سقيفة بني ساعدة عندما انتخب أبو بكر خليفة وكذلك كانت على خلاف مسيرة أبي بكر عندما أوصى بها إلى عمر، إنه طريق ثالث من طرق تعيين الخليفة يبتكره ابن الخطّاب ويخطه للناس ويخالف به ما سنّه هو وصاحبه الخليفة الأول وهذا ملخص شوراه التي سنها والتي جاءت بعثمان غير المؤهل للخلافة والذي لا يستحقها وقد فتح بذلك باب الفتنة والنزاع بين المسلمين إلى يوم القيامة.

ثم يرسم الإمام عثمان كما هو ويظهره على حقيقته إذ كان همه نفسه، ولم يكن عثمان وحده المتفرد بهذا النعيم من بيت مال المسلمين وما جنته سيوفهم بل قام معه وعلى سيرته بنو أبيه، بنو أمية الأشرار يأكلون أموال المسلمين وفيئهم كما تأكل الجمال نبات الربيع بشهية ورغبة وشهوة وبملء فمها، فإنهم قاموا بسلب أموال المسلمين وامتلاكها فصادروا ممتلكات المسلمين العامة واستولوا على الخراج وأخذوا من الخليفة الأعطيات والمنح والجوائز والقطائع واستأثروا فأساؤوا الأثرة وبقي الأمر يزداد سوءاً حتى كانت أفعال الخليفة هي التي سببت قتله.

 

7ـ نفاق وشقاق

تحدث الكاتب عن دخول الحارس برسالة يسلِّمها إلى الوالي معاوية برباطة جأش وخطوة واثقة([31]).

أقول: رجل رابط الجأش، وربط جأشه، أي: اشتد قلبه وحزم فلا يفر عند الروع، كما قال لبيد:

رابط الجأش على فرجهم * أعطف الجون بمربوع متل([32]).

فرباطة الجأش والخطوة الواثقة إنما تكون في سوح الوغى والحروب ولكن في تسليم الرسائل فهذا من العجائب التي يتحفنا بها الكاتب وما عشت أراك الدهر عجباً.

ثم وبقدرة قادر دخل أبو سفيان على الخط إذ أصبح الحديث كله عن أبي سفيان وتبخر معاوية الذي وصلت إليه الرسالة، فيقول المؤلف في السطر 9: “فنظر اليه أبو سفيان رضي الله عنه بنظرة شكّ”….

وفي السطر 17: “فوضع ابو سفيان رضي الله عنه الكتاب على حجره ونظر إلى الحارس وبحزم”.

وفي السطر 4 من الصفحة اللاحقة يقول: “وعندها سرح أبو سفيان رضي الله عنه بعقله مفكّراً ومتسائلاً عن غاية ابن السوداء”.

أقول: هذه إرادة الله تعالى التي أرادت أن يفتضح المؤلف، فهو يناقض نفسه بين سطر وآخر في الصفحة الواحدة.

 

8ـ ابن الشيطان

يظهر الكاتب ابن سبأ وهو غضبان يضرب يده بالجدار حتى يدميها غضباً لأنه لا يستطع التاثير على أهل الشام والسبب في ذلك كما عبر المؤلف بالنصّ: ” نتيجة لطبيعة حكم أبا سفيان رضي الله عنه”([33]).

أقول: ان كلامه هذا يترتب عليه مجموعة من الأمور:

الأوّل: إن أهل الشام أفضل من أهل المدينة وفيهم كبار الصحابة وأمهات المؤمنين والمهاجرين والأنصار وأهل بدر وأهل بيعة الرضوان، والدليل أن ابن سبأ بزعمه استطاع التأثير وزرع الفتنة ولكنه لم يستطع أن يزرعها في الشام، وهو مخالف لعقيدتهم بأن الصحابة هم أفضل الناس بعد رسول الله(ص).

الثاني: إن سياسة أبي سفيان ـ كما يدعي لأن ابا سفيان لم يكن الوالي بل إن الوالي كان معاوية ابنه ـ كانت أفضل من سياسة الخليفة عثمان، فأبو سفيان بزعمه استطاع أن يقف في وجه الفتنة ولكن عثمان الخليفة فشل وعجز عن مواجهتها وهو مخالف أيضاً لمبتنياتهم القائمة على أن الخلفاء أفضل الصحابة ومنهم عثمان.

 

9ـ أرض الفتن

تحدث عن خطبة ابن سبأ في أهل الكوفة فقال يحكي لسان حال ابن سبأ: “فمحمد أحقّ بالرجوع من عيسى وإنه كان ألف نبيّ ووصيّ وكان عليّ وصيّ محمد”([34]).

أقول:

أوّلاً: إنْ كان ابن سبأ قد خطط للفتنة كما يدعون فإن ذلك معناه أنه يعلن عن تلك المبادئ التي تؤدي إلى الفتنة لا أن يقوم بتقسيطها، فنحن نجده في المدينة بزعم المؤلف يثير موضوع (الرجعة) وفي الشام لم يكن هناك موضوع من الأساس، وفي الكوفة يبرز موضوعاً جديداً ليس له ربط بموضوع الرجعة وهو موضوع الوصاية لعليّ(ع) فهل نسي ابن سبأ هذا الأمر في المدينة والشام وتذكره في الكوفة أم أن موضوع الوصية أقحم إقحاماً في الفتنة ليغطوا على الأسباب الحقيقية التي أدّت إلى الفتنة؟

ثانياً: إن الأحاديث التي دلت على استخلاف علي(ع) من قبل رسول الله(ص) تكاد تخرج عن الإحصاء ولم يأتِ بها ابن سبأ بل جاءت متواترةً في صحاح أهل السنة نشير هنا إلى نموذجين:

ـ عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله(ص) سرية وأمر عليهم علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه فأحدث شيئاً في سفره فتعاهد قال عفان: فتعاقد أربعة من أصحاب محمد(ص) ان يذكروا أمره لرسول الله(ص) قال عمران: وكنا إذا قدمنا من سفر بدأنا برسول الله(ص) فسلمنا عليه قال: فدخلوا عليه فقام رجل منهم فقال: يا رسول الله إن عليّاً فعل كذا وكذا فأعرض عنه ثم قام الثاني فقال: يا رسول الله إن عليّاً فعل كذا وكذا فأعرض عنه ثم قام الثالث فقال: يا رسول الله إن عليّاً فعل كذا وكذا فأعرض عنه ثم قام الرابع فقال: يا رسول الله إن عليّاً فعل كذا وكذا، قال: فأقبل رسول الله(ص) على الرابع وقد تغيَّر وجهه فقال: (دعوا عليّاً دعوا عليّاً إن عليّاً مني وأنا منه وهو وليّ كل مؤمن بعدي)([35]).

الولي هنا ليس معناه المحبة والنصرة بل معناه ما جاء في قوله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ)([36]) فولاية الله ورسول لم تكن مختصة بالمحبة والنصرة، فهذا النص يبين أن علياً له الولاية، وهذه الولاية ليس في حياته بل بعد أن يغادر هذا العالم.

ـ عن البراء بن عازب قال: كنا مع رسول الله(ص) في سفر فنزلنا بغدير خمّ فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله(ص) تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد عليٍّ رضى الله تعالى عنه فقال: ألستم تعلمون أني أَوْلى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى قال: ألستم تعلمون أني أَوْلى بكلّ مؤمنٍ من نفسه؟ قالوا: بلى قال: فأخذ بيد عليٍّ فقال: من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال له: هنيئاً يا بن أبي طالب أصبحْتَ وأمسَيْتَ مولى كلّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ([37]).

ونسأل هنا: إذا كانت الأولوية هنا معناها المحبة فلماذا يقدم رسول الله(ص) بقوله: (إني أَوْلى بكل مؤمن من نفسه؟)، فإذا لم يكن هذا الصدر مرتبط بهذا الذيل يكون ورود هذا الصدر عبثاً ولغواً وحاشا لرسول الله(ص) أن يقدِّم لكلامه بكلام يكون أجنبياً عن محل الشاهد.

وهناك شاهد آخر وهو قول عمر: (هنيئاً يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة)، فإن كانت بمعنى المحبة فهي ثابتة لعلي(ع) قبل غدير خمّ، إذن عمر يعني بهذه الحادثة وبهذا النصب وبهذا الذي قاله وفعله رسول الله(ص) صرت وحصلت على مقامٍ لم تكن حاصلاً عليه. ففي تعبيرَيْ (ولي) و(خليفة) من بعدي هذه الخلافة مرتبطة بعد حياته المباركة.

وهنا نسأل المؤلّف: هل أن رسول الله(ص) الذي أشار إلى وصاية علي(ع) من بعده كان من أتباع ابن سبأ اليهودي وكان منفِّذاً لأهدافه في الفتنة؟، وهل كان عمر الذي اعتبر علياً(ع) وليّاً له من المؤيدين للفتنة والدعاة إليها ومن أتباع ابن سبأ اليهودي؟!

 

10ـ المؤامرة

نقل المؤلف ابن سبأ إلى مصر بعد ان ادّعى أنه نجح في مهمته في الكوفة والبصرة([38]).

أقول: لم يذكر سابقاً انه ذهب إلى البصرة واكمل ادعاءاته التي نقضناها آنفاً وأثبتنا بالدليل الروائي والتاريخي المجمع عليه أن الذي حدث انما كان ثورةً شعبية قامت بها الشعوب الإسلامية احتجاجاً على الظلم والجور الاموي من خلال حكم عثمان، وهو ما بيَّنه أمير المؤمنين(ع) بشكلٍ جليّ لا يحتاج إلى مزيد بيان.

 

11ـ المدّ الرافضي

تحدث المؤلّف عن قصة الشاب الذي يحاول والده أن يهدئ من نوبة عصبية ألمَّتْ به فيأتي له بطبيب فيضع الطبيب جهازاً على أذني المريض فيستمع إلى شيء محبب إلى قلبه وتظلم الدنيا من حوله([39])… وخروجه إلى الشارع، وإذا به يجد رجل دين شيعي([40])… ثم يرجع بنا إلى (عمر) الذي اسودّت الدنيا في وجهه، وهو يتحدث عن مؤامرة اليهود للقضاء على المسلمين من خلال إرسال عبد الله بن سبأ([41]).

أقول: هل هناك مصداقٌ للطعن في أصحاب النبي(ص) وأهل بيته والمهاجرين والأنصار أكثر من هذا؟! فهؤلاء يأتيهم شخصٌ من يهود اليمن ويقوم بإغوائهم وحرفهم ودعوتهم للفتنة بهذه السهولة؟! أهكذا تقيمون صحابة النبي(ص) وتحفظون احترامهم وقدسيتهم؟! وهل هناك إهانة أكبر من تجعل صحابة النبي(ص) ألعوبةً بيد يهوديّ؟!

ثم ادعى الكاتب ان ابن سبأ هو أول مَنْ دعا إلى حبّ أهل البيت وولايتهم والبراءة من أعدائهم وأنه ادّعى أن علياً(ع) لم يمُتْ بل سيخرج ليملك الأرض، وأن مخطط ابن سبأ قد نجح في نشر هذه الفكرة في إيران وغيرها من الدول، وهو شركٌ خالص لا يختلف فيه اثنان بل إنه وصل في مرحلة من المراحل إلى الوثنية([42]).

وفي معرض الردّ على ما ادّعاه ينبغي الإشارة إلى عدّة أمور:

أوّلاً: إنك إن رجعت إلى القران الكريم فستجد أن أول مَنْ دعا إلى حب أهل البيت وولايته هو الله ورسوله، انظر إلى قوله تعالى: (ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ)([43]). والقرآن هو الذي طهرهم من الرجس دون غيرهم بقوله: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)([44])، وقول رسول الله(ص) هو الذي دعا إلى ولايتهم والبراءة من أعدائهم بقوله: (من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)([45])، إلا أن يقول بأن القرآن والسنة متآمران مع ابن سبأ فهذا بحثٌ آخر.

ثانياً: ان انتشار حب أهل البيت(ع) كلام صحيح ليس في إيران فحسب بل في جميع أنحاء العالم الإسلامي والأمة هنا لا تتبع ابن سبأ، بل تتبع في ذلك كتاب الله وسنة نبيه التي أشرنا اليها، قال الإمام الشافعي في ذلك:

يا آل بيت رسول الله حبكم * فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم الفخر أنكم * مَنْ لم يصلِّ عليكم لا صلاة له([46]).

ثالثاً: إن عقيدتنا في الرجعة أخذاً بما جاء عن آل البيت(ع) أن الله تعالى يعيد قوماً من الأموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها، فيعزّ فريقاً ويذلّ فريقاً آخر، ويديل المحقين من المبطلين والمظلومين منهم من الظالمين، وذلك عند قيام مهدي آل محمد ـ عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام ـ. ولا يرجع إلا من علت درجته في الإيمان أو من بلغ الغاية من الفساد، ثم يصيرون بعد ذلك إلى الموت، ومن بعده إلى النشور وما يستحقونه من الثواب أو العقاب، كما حكى الله تعالى في قرآنه الكريم تمني هؤلاء المرتجعين الذين لم يصلحوا بالارتجاع فنالوا مقت الله أن يخرجوا ثالثاً لعلّهم يصلحون: (قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ)([47]). وقد جاء القرآن الكريم بوقوع الرجعة إلى الدنيا، وتظافرت بها الأخبار عن بيت العصمة. والإمامية بأجمعها عليه، إلا قليلون منهم تأوَّلوا ما ورد في الرجعة بأن معناها رجوع الدولة والأمر والنهي إلى آل البيت بظهور الإمام المنتظر، من دون رجوع أعيان الأشخاص وإحياء الموتى.

وهذا الاعتقاد من أكبر ما تنبز به الشيعة الإمامية ويشنع به عليهم. ولا شكّ في أن هذا من نوع التهويلات التي تتخذها الطوائف الإسلامية ذريعةً لطعن بعضها في بعض والدعاية ضده. ولا نرى في الواقع ما يبرِّر هذا التهويل، لأن الاعتقاد بالرجعة لا يخدش في عقيدة التوحيد ولا في عقيدة النبوة، بل يؤكِّد صحة العقيدتين، إذ الرجعة دليل القدرة البالغة لله تعالى كالبعث والنشر، وهي من الأمور الخارقة للعادة التي تصلح أن تكون معجزة لنبينا محمد وآل بيته ـ صلى الله عليه وعليهم ـ وهي عيناً معجزة إحياء الموتى التي كانت للمسيح(ع)، بل أبلغ هنا لأنها بعد أن يصبح الأموات رميماً: (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)([48]).

وأما من طعن في الرجعة باعتبار أنها من التناسخ الباطل، فلأنه لم يفرق بين معنى التناسخ وبين المعاد الجسماني، والرجعة من نوع المعاد الجسماني، فإن معنى التناسخ هو انتقال النفس من بدن إلى بدن آخر منفصل عن الأول، وليس كذلك معنى المعاد الجسماني، فإن معناه رجوع نفس البدن الأول بمشخصاته النفسية فكذلك الرجعة. وإذا كانت الرجعة تناسخاً فإن إحياء الموتى على يد عيسى(ع) كان تناسخاً، وإذا كانت الرجعة تناسخاً كان البعث والمعاد الجسماني تناسخاً.

 إذن، لم يبْقَ إلا أن يناقش في الرجعة من جهتين: (الأولى) أنها مستحيلة الوقوع؛ (الثانية) كذب الأحاديث الواردة فيها. ولا سبب لاستغرابها إلا أنها أمر غير معهود لنا في ما ألفناه في حياتنا الدنيا، ولا نعرف من أسبابها أو موانعها ما يقربها إلى اعترافنا أو يبعدها وخيال الإنسان لا يسهل عليه أن يتقبل تصديق ما لم يألفه، وذلك كمن يستغرب البعث فيقول: (مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) فيقال له: (يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةْ وَهُوْ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ). نعم في مثل ذلك، مما لا دليل عقلي لنا على نفيه أو إثباته أو نتخيَّل عدم وجود الدليل، يلزمنا الرضوخ إلى النصوص الدينية التي هي من مصدر الوحي الإلهي، وقد ورد في القرآن الكريم ما يثبت وقوع الرجعة إلى الدنيا لبعض الأموات كمعجزة عيسى(ع) في إحياء الموتى: (وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ)([49])، وكقوله تعالى: (أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ)([50])، والآية المتقدمة: (قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ) فإنه لا يستقيم معنى هذه الآية بغير الرجوع إلى الدنيا بعد الموت، وإن تكلَّف بعض المفسِّرين في تأويلها بما لا يحقِّق معنى الآية. وأما المناقشة الثانية، وهي دعوى أن الحديث فيها موضوع، فإنه لا وجه لها لأن الرجعة من الأمور الضرورية فيما جاء عن آل البيت(ع) من الأخبار المتواترة.

 

12ـ جامعة ديربون ـ الولايات المتحدة الأمريكية ـ ميتشغن

 يقول المؤلِّف: “إن ستيف عندما ذهب إلى الحفلة وجد أن موضوع المحاضرة هو (المتعة)، وأن المتكلم يدعو النساء إلى أن يزرنه في غرفته ليتمتَّع بهن”.

فخلاصة ما جاء في هذا الفصل هو موضوع (المتعة)، وهي من الأركان الاساسية للهجوم على الشيعة، مع أن المتعة جاءت بأمرٍ قرآني إلهي قال تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)([51])، فلم تزل على الإباحة بين المسلمين، لا يتنازعون فيها، حتى رأى عمر بن الخطاب النهي عنها، فحظرها وشدَّد في حظرها، وتوعَّد على فعلها، فاتبعه الجمهور على ذلك، وخالفهم جماعة من الصحابة والتابعين فأقاموا على تحليلها إلى أن مضوا لسبيلهم. وقد رُوي عن جابر بن عبد الله الأنصاري وسلمة بن الأكوع وأبي سعيد الخدري والمغيرة بن شعبة وسعيد بن جبير وابن جريح أنهم كانوا يفتون بها([52]). واختصّ بإباحتها جماعة أئمة الهدى من آل محمد(ع). ونحن لسنا نعتقد بنبوة عمر، بل نحن نتبع سنّة رسول الله(ص) فما أحلَّه نحلِّله وما حرَّمه نحرِّمه. واما الروايات التي جاء بها فهي تؤيد هذه العقيدة القرانية الروائية ونحن نعتقد بها ولا نجد في ذلك أي بأس فما دامت جاءت في القرآن وحللها النبي(ص) بالشروط المعروفة من صيغة العقد وذكر المدّة وذكر المهر فلا نجد أيّ حرجٍ في ذلك.

وأما اتهام مَنْ يقوم بزواج المتعة بأنه زانٍ فان المدان الأول في هذا الموضوع هو القرآن الكريم الذي قرأنا الآية فيه ورسول الله(ص) الذي أجازه والخليفة الأول الذي كان يسمح به وعمر لفترةٍ من أيام حكمه أيضاً مدان في المدة التي سمح به فيها وجميع الصحابة الذين قاموا بهذا الأمر وهو أمر كان منتشراً بينهم وإلاّ لم يقدم عمر على تحريمه والعقاب على فاعله.

 

13ـ التحريض على أهل السنّة والتبرُّك بالنجاسات

بعد أن أعطى الاستاذ عبد الرحمن الكتاب القديم الخالي من العنوان والذي علته الأتربة لعمر قرَّر في نفس المجلس الذهاب إلى طهران فسافر إلى طهران وكانوا في المطار يعرفونه فحذَّروه من التلاعب وخرج من المطار ودخل مباشرة في الشوارع فقابله الأطفال بقولهم عربو وهم يقذفونه بالحجارة ثم وفجأة لقي عزاءً اتجه إلى ساحة وإذا فيها المرجع الأعلى يخطب ويحرض الناس ضد أهل السنّة والناس تلعن بأهل السنة. ثم تحدَّث المرشد عن بول المعصوم وغائطه، وغاب المرشد خلف ستارٍ وخرج معه إبريق، فأصيب عمر بالذهول([53]).

وللإجابة على ما ذكره ينبغي الإشارة إلى مجموعة من الأمور:

ـ إن المؤلف لم يزر طهران ولا يعرف شيئاً عن جغرافيتها فمطار طهران الدولي يبعد عن مدينة طهران مسافة 45 كلم وتحيطه الصحراء من جميع جوانبه ومن أراد التحقق فليرجع إلى خرائط غوغل ليعرف كذب ما ادّعاه.

ـ إن هناك 6 ملايين عربي يعيشون في إيران، وفي مناطق متعددة في محافظات إيران كافة وخصوصاً في محافظة خوزستان وهي عشائر عربية تلبس اللباس العربي وتتكلم العربية في محادثاتها اليومية ولديهم ممثليهم العرب في مجلس الشورى الإيراني.

ـ إن اللغة العربية تدرس في المدارس في إيران جنباً إلى جنب مع اللغة الفارسية وقد نصّ دستور الجمهورية الإسلامية على أن اللغة العربية وبما أنها لغة القرآن الكريم فيجب تعليمها في المدارس.

ـ إن أهل السنة والجماعة في إيران منتشرون في جميع مناطق ايران ويتركّزون في محافظات كردستان وسيستان وبلوشستان وجرجان وغيرها من المناطق ولهم كامل الحرّية في تعلم مذاهبهم ولا يفرض عليهم تعلم العقائد الشيعية في المدارس بل يدرسون عقائدهم.

ـ هناك ممثِّلون لأهل السنة في مجلس الشورى الإسلامي وفي مجلس الخبراء وهناك مستشارٌ خاصّ لرئيس الجمهورية خاصّ بشؤون أهل السنة.

ـ إن ما ادعاه من خطاب المرشد ضدّ أهل السنّة عارٍ عن الصحة بل العكس هو الصحيح.

ـ إن مسالة البول والغائط ودم العصوم التي ذكرها فإن الحكم فيها بقول مطلق بحَسَب ظواهر الأدلة هو النجاسة، حيث إنها دالة على أنها مطلقاً نجسة، أو يجب غسلها ونحو ذلك، وقد عمل بها العامة والخاصة، وبول وغائط ودم العصوم المعصوم(ع) داخل في جملتها، فيكون من جزئيات تلك المسألة ([54]).

ـ ادعى المؤلف أن الناس تتبرك بغائط وبول المرشد مع أنه ادّعى أنهم يقولون بطهارة بول المعصوم ودمه ومنيه ومعنى ذلك أن بول المرشد نجس، فكيف يتبرَّكون به وهم يعتقدون بنجاسته؟!

 

14ـ شجرة الدم

ادعى المؤلّف ان هناك شجرة الدم في ضواحي طهران.

وللإجابة على هذا المدّعى أقول:

ـ هذا الأمر غير صحيح فليس هناك شجرة في ضواحي طهران ولا ينزل منها دم الحسين(ع). نعم يوجد في قرية زراباد الموت من توابع مدينة قزوين الإيرانية شجرة معمرة يقصدها الكثير في يوم عاشوراء ذكرى استشهاد الإمام الحسين(ع). إن هذه الشجرة الكبيرة معروفة في القرية بالشجرة الدامية وهي موجودة في مزار الصالح على أصغر، إن خروج السائل الأحمر اللون منها في يوم عاشوراء يرجع إلى زمن بعيد جداً بحيث إن هناك مروايات عنها منقولة من زمن شاه سلطان حسين الصفوي([55]). وهذا ينبغي التحقُّق منه فإن ظهر صحته فهو معجزة بكلّ ما للكلمة من معنى وإن ظهر عدم صحتها فينبغي منع الناس عنها.

ـ ما دخل ذلك بالتشيع وأفكاره فهل أمر أئمة وعلماء الشيعة بزيارة هذه الشجرة والتبرك بها فإن كان للمؤلف أي دليل فليأتِنا به من كتبنا المعتبرة.

ـ إن الخرافات لا يخلو منها أيّ مجتمعٍ من المجتمعات ولكنْ ليس معنى ذلك أن ننسب ما يقوم به العوام للأديان والمذاهب بل إن رأي الدين والمذهب يؤخذ من كتب علمائه لا بأفعال عوامه ومن الأمثلة على ذلك انتشار ظاهرة السحر والشعوذة في أكثر البلدان الإسلامية فهل يجوز أن نقول بأن المذاهب الإسلامية تجيز السحر والشعوذة؟!

 

15ـ كرامة الخروف

ترك المؤلِّف ستيف وعمر والأستاذ عبد الرحمن وابن سبأ وقفز إلى موضوع متحدِّثاً عن عبد الأمير ونذره للخروف…([56]).

ويرجع بنا الكلام في الردّ على ما ذكرناه آنفاً من أن هناك عوامّ في كلّ فرقة ومذهب وجماعة، وهؤلاء لا يعتبرون المصدر لمعرفة عقائد الدين أو المذهب أو الجماعة هذا في حال صحوتهم فما بالك بأحلامهم، نعم يعتبرون حجّة عند المفلسين فهم عندما تنقصهم الحجة والدليل يعمدون إلى هذه الأساليب.

ولكي لا يكون كلامنا بلا دليل وبرهان ننقل كلام السيد أبو القاسم الخوئي(ر) حيث يقول: “النذر إما نذر بر شكراً كقوله: إن رزقت ولداً فلله علي كذا، أو استدفاعاً لبلية كقوله: إن برئ المريض فلله عليّ كذا وإما نذر زجر كقوله: إن فعلت محرماً فلله علي كذا أو إن لم أفعل الطاعة فلله عليّ كذا، وإما نذر تبرع كقوله: لله علي كذا، ومتعلق النذر في جميع ذلك يجب أن يكون طاعة لله مقدوراً للناذر. يعتبر في النذر أن يكون لله فلو قال: علي كذا ولم يقل لله لم يجب الوفاء به([57])“. فهذا هو رأي الشيعة في موضوع النذر.

 

16ـ كذبٌ وافتراء

رجع المؤلف أيضاً لستيف الذي كان مع آية الله العظمى المجهول… وجرى بينهم حديث تناول فيه موضوع المتعة وتعدّد الزوجات والأئمة الاثني عشر والإمام المهدي ومسألة القتل على الهوية…([58]).

أقول: إن قضية الأئمة الاثني عشر لم تنفرد بها الشيعة بل هي موجودة في الصحاح، وإليك الروايات التي جاءت في صحاح السنّة حول موضوع الأئمة الاثني عشر:

1ـ عن مسروق قال: كنا جلوساً عند عبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله(ص) كم تملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال عبد الله بن مسعود: ما سألني عنها أحدٌ منذ قدمت العراق قبلك، ثم قال: نعم ولقد سألنا رسول الله(ص) فقال: اثنا عشر كعدّة نقباء بني إسرائيل([59]).

2ـ عن عامر بن سعد قال: سألت جابر بن سمرة عن حديث رسول الله(ص) فقال: قال رسول الله(ص): لا يزال الدين قائماً حتى يكون اثنا عشر خليفة من قريش([60]).

3ـ عن عبد الملك: سمعتُ جابر بن سمرة قال: سمعت النبي(ص) يقول: يكون اثنا عشر أميراً، فقال كلمةً لم اسمعها فقال أبي: إنه قال: كلهم من قريش([61]).

فهي عقيدة وصلتنا من النبي الأعظم(ص) مجمع عليها بين الفريقين. وهي متواترة. نعم يختلفون في تفسير مصاديقها ولكناها مسلمة عندهم، فإذا كان المؤلف يعتقد تبعاً لمشغِّله ستيف أنها خرافة فهو بذلك يعتقد بأن النبي(ص) جاء بالخرافات كما تقول المسيحية.

وهكذا الحال بالنسبة لعقيدتنا بالإمام المهدي(عج) فهي عقيدةٌ جاءتنا من النبي الأعظم(ص)، وهي عقيدة لا يختص بها الشيعة دون غيرهم بل يجمع عليها المسلمون، ولكنهم يختلفون في المصداق وإليك الروايات وأقوال علماء المسلمين في المسألة:

ـ عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن عليّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله(ص): المهدي منّا أهل البيت يصلحه الله في ليلة([62]).

ـ عن أبي سعيد الخدري قال: خشينا أن يكون بعد فينا حدث فسألنا رسول الله(ص) فقال: يخرج المهدي في أمتي خمساً أو سبعاً أو تسعاً زيد الشك قال: قلت: أيّ شيء قال: سنين ثم قال: يرسل السماء عليهم مدراراً ولا تدخر الأرض من نباتها شيئاً ويكون المال كدوساً قال: يجيء الرجل إليه فيقول: يا مهدي أعطني أعطني قال: فيحثى له في ثوبه ما استطاع أن يحمل([63]).

ـ عن أبي قلابة عن ثوبان قال: قال رسول الله(ص): إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فائتوها فإن فيها خليفة الله المهدي([64]).

وأما علماءهم فسأنقل بعض أقوالهم:

ـ حمد بن صالح العثيمين قال: ” قال المؤلف يعني السفاريني:

“وما أتى في النص من أشراط *** فكله حق بلا شطاط

منها الإمام الخاتم الفصيح *** محمد المهدي والمسيح”

شرح ابن عثيمين: “منها الإمام الخاتم الفصيح محمد المهدي والمسيح، قوله: (منها): أي من أشراطها، قوله: (الإمام الخاتم الفصيح): أي من أشراط الساعة الإمام، الإمام يعني الذي يؤم الناس لا في الصلاة ولكن في القيادة، يكون إماماً لهم أعظم، كالخليفة هذا الإمام يقول أنه ( الخاتم )، الخاتم لمن؟ الخاتم للأئمة لأنه لا إمام بعده فهو خاتم الأئمة واسمه يقول: (محمد)، ولقبه (المهدي) يعني الذي هداه الله عزّ وجلّ، هذا المهدي يُبعث في آخر الزمان إذا مُلئت الأرض ظلماً وجوراً ونُسِّيَ فيها الحقّ وصار المظلوم لقمةً للظالم وانتشرت الفوضى فحينئذٍ يبعث الله هذا الرجل رجلاً إماماً مصلحاً للخلق مبيِّناً للحق”([65]).

ـ قال حمود بن عبد الله التويجري(1413هـ): “وقال السفاريني في كتابه “لوائح الأنوار البهية”: “قد كثرت الأقوال في المهدي، حتى قيل: لا مهدي إلا عيسى، والصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى، وأنه يخرج قبل نزول عيسى(ع)، وقد كثرت بخروجه الروايات، حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة، حتى عد من معتقداتهم…”. إلى أن قال: “وقد روي عن بعض الصحابة بروايات متعددة، وعن التابعين من بعدهم، ما يفيد مجموعه العلم القطعي؛ فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة “. انتهى. وقال الشوكاني في كتابه “التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح”: “وأما حديث أنس الذي أخرجه ابن ماجه والحاكم في “المستدرك” بلفظ: “لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الدنيا إلا إدبارًا، ولا الناس إلا شحّاً، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم”؛ فيمكن أن يقال في تأويله: لا مهدي كامل، ولا شك أن عيسى أكمل من المهدي؛ لأنه نبي الله وهذا التأويل متحتم؛ لمخالفة ظاهره للأحاديث المتواترة”. انتهى”([66]).

 

17ـ جواز نكاح الحيوانات وتحريف القرآن وتأليه الأئمة والسرداب

يدّعي الكاتب أن الشيعة تجيز نكاح الحيوان… وتعتقد بتحريف القرآن، وأن الإمام المهدي عاقب الأمريكان… وبجواز استعمال الحشيش… وبمسألة غيبة المهدي في السرداب وأن الشيعة تعتقد بتأليه الأئمة…([67]).

ولكي تتضح الصورة نأتي برأي علمائنا في هذه المسائل:

ـ قال شيخ الطائفة الصدوق(381هـ): “وإذا أتى الرجل البهيمة فإنه يقام قائماً ثم يضرب ضربة بالسيف، أخذ منه ما أخذ، وروي عليه الحدّ”([68]).

فهو(ر) يفتي بإعدام مَنْ يقوم بهذا الفعل ويضعِّف الرأي الذي يقول بالحدّ، فهل هذا تجويزٌ؟! وإذا كان جائزاً فلماذا يعدم فاعله؟!

ـ قال الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء(1373هـ): “مَنْ وطأ بهيمة وجب تعزيره، فإنْ كان بالغاً وتكرَّر منه ذلك قتل في الرابعة”([69]).

فأفتى(ر) بأن يعزّر، وإذا كان بالغاً وفعلها أربعاً فيحكم عليه بالإعدام، فهل هذا يعني الجواز؟!

وأما تحريف القرآن فإن المؤلف يغفل أو يتغافل بأنه ومن خلال ترويج هذا الأمر فإنهم سيعطون الحجّة بيد أعداء المسلمين ليقولوا: إن هناك طائفة من المسلمين لا تعتقد بصحة القرآن وهذا دليل على بطلان ما فيه؛ إذ ليس هناك إجماعٌ من المسلمين عليه.

ولتوضيح هذه المسألة التي كتب عنها علماؤنا كتباً ورسائل مطوّلة أثبتوا من خلالها صحة ما جاء في القرآن الكريم وأنه مابين الدفتين لا زيادة فيه ولا نقيصة، نعرض هنا لبعض كلماتهم:

ـ شيخ الطائفة المفيد(413هـ) وقد سئل: ما قوله ـ أدام الله تعالى حراسته ـ في القرآن: أهو ما بين الدفتين، الذي في أيدي الناس، أم هل ضاع مما أنزل الله تعالى على نبيه منه شيءٌ، أم لا؟ وهل هو ما جمعه أمير المؤمنين(ع) أم ما جمعه عثمان بن عفان على ما يذكره المخالفون؟.

فأجاب(ر): “لا شك أن الذي بين الدفتين من القرآن جميعه كلام الله تعالى وتنزيله، وليس فيه شيء من كلام البشر، وهو جمهور المنزل”([70]).

وإذا أردنا أن نتتبع عقيدة التحريف القرآن فسنجدها ترجع إلى سلف المؤلف الذين ذهبوا إلى نزول سور وآيات نسخت تلاوتها وبقيت أحكامها مثل: آية الرجم([71]) وآية عشر رضعات… وسورة الخلع وسورة الحفد([72])، وغيرهما مما رووه في صحاحهم ومسانيدهم.

وأما الحشيشة فهي محرمة عندنا شرعاً يقول العلاّمة الحلّي: “المشهور بين الناس أنها مسكرة، فحينئذ يحرم تناولها لا باعتبار ضررها بالبدن خاصة بل باعتبار إسكارها. ولو فرض أنها مضرة بالبدن حرم تناولها أيضاً”([73]).

وأما مسألة السرداب فهناك غيبة للإمام المهدي(عج) كما غاب الخضر وكما رفع عيسى(ع)، وسواء كانت غيبة الإمام من السرداب أو غيره فلا تؤثر في الأمر من شيء فلو قلنا مثلاً: إن الله رفع عيسى من السرداب فهل سيكون هذا عاراً على الإسلام؟ وإذا قلنا: إنه رفعه من على الجبل هل سيكون عزةً وفخراً؟ فالمهم في المقام أصل الفكرة وهي ثابتة عندنا بالأدلة القرآنية والروائية وقد تقدم بعضها ولا يسعنا التطويل بها هنا.

وأما عقيدة الشيعة في الأئمة(ع) فيبينها لنا علم معاصر من علماء الشيعة الإمامية ألا وهو الشيخ محمد رضا المظفر(ر) وهي تغني عن كلّ كلام وتجيب على شبهة تأليه الأئمة قال(ر): “لا نعتقد في أئمتنا ما يعتقده الغلاة والحلوليون (كبرت كلمة تخرج من أفواههم)، بل عقديتنا الخاصة أنهم بشر مثلنا، لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وإنما هم عباد مكرمون اختصهم الله تعالى بكرامته وحباهم بولايته، إذ كانوا في أعلى درجات الكمال اللائقة في البشر من العلم والتقوى والشجاعة والكرم والعفة وجميع الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة، لا يدانيهم أحد من البشر فيما اختصوا به. وبهذا استحقوا أن يكونوا أئمة وهداة ومرجعاً بعد النبيّ في كل ما يعود للناس من أحكام وحكم، وما يرجع للدين من بيان وتشريع، وما يختص بالقرآن من تفسير وتأويل. قال إمامنا الصادق(ع): (ما جاءكم عنا مما يجوز أن يكون في المخلوقين ولم تعلموه ولم تفهموه فلا تجحدوه وردوه إلينا، وما جاءكم عنا مما لا يجوز أن يكون في المخلوقين فأجحدوه ولا تردوه إلينا)”([74]).

 

18ـ السرداب الخالي

المفروض في القصة أن ستيف في النجف وأن عمر على الحدود التي تبعد 300 كلم عن النجف، وأن سامراء تبعد عن النجف 350 كلم وعن الحدود أكثر من ذلك، فكيف يمكن أن يحصل اللقاء بين عمر وستيف؟ وبأي مناسبة؟ هنا ابتكر المؤلِّف قصة تمثلت في تصميم عمر على الاختباء في سرداب الغيبة الموجود في سامراء وهناك التقى بستيف وجرَتْ بينهما محاورة تناولت انحرافات الشيعة وكرههم للسنّة وفجأة يظهر آية الله العظمى ومعه مسلحون لينتقم من ستيف وقبل قتلهم اهتزَّت الأرض ووقع الجميع على الأرض([75]).

أقول: إن الحقيقة التي يعرفها القاصي والداني أن مدينة سامراء مدينة يسكنها أهل السنّة وهم حماة المرقدين الشريفين للإمامين الهادي والعسكري(ع) وسرداب الغيبة ولا يوجد فيه آية الله العظمى ولا مسلحون شيعة.

 

19ـ القدر

يذكر المؤلف الأمر الذي أنجاهم من يد آية الله العظمى والمسلحين ألا وهو أبو مصعب الزرقاوي من خلال تفجير سيارة مفخَّخة قرب المكان ما أدّى إلى فرار آية الله والمسلحين ونجاة ستيف وعمر، ثم جاء بكلام نسبه إلى أبو مصعب يذكر فيه أنه إنما يحارب الشيعة لأنهم ظلموا أهل السنّة وأنه لم يستهدف النصارى والكفار عبدة الشيطان…([76]).

أقول: ذكر مكان الانفجار أي قرب مرقد الإمامين العسكريين(ع) والذي يعرف تلك المنطقة يعرف بأن المنطقة المحيطة هي عبارة عن بيوت وأسواق ليس فيها إلا الأبرياء من أهل السنّة وهو يناقض ما ادّعاه من أن أبا مصعب يقاتل الشيعة دفاعاً عن أهل السنة.

فمفخّخات الزرقاوي لم تكن تميِّز بين شيعي وسني وطفل وشيخ وامرأة فعندما تنفجر أمام وزارة أو مسجد أو سوق فإنها تنال الجميع، وما جريمة تفجير جامع أمّ القرى إلا شاهد على كذب ادعاء الزرقاوي وصاحبه عمر؛ ففي ليلة يوم الأحد المصادف 28 آب ـ أغسطس من سنة 2011م وأثناء قيام المصلين داخل المسجد بأداء صلاة التراويح قام انتحاري بتفجير نفسه داخل المسجد بالقرب من رئيس الوقف السني في العراق الشيخ أحمد عبد الغفور السامرائي، أدى الأنفجار إلى مقتل 6 أشخاص من بينهم نائب في البرلمان العراقي يدعى خالد الفهداوي وطفلان لم يتجاوزا الخامسة من العمر وأصيب حوالي 12 شخصاً بينما نجا السامرائي من هذا الانفجار الذي تبنَّته جماعة “دولة العراق الإسلامية”([77]).

وأما أنه لم يستهدف المسيحيين فهذا غير صحيح أيضاً، فقد تهجر أكثر من مليون مسيحي بسبب أعمال الزرقاوي وأتباعه. وما جريمة كنيسة سيدة النجاة إلا مثالٌ على كذب الزرقاوي، فقد انتهت أحداث كنيسة سيدة النجاة العراق أزمة احتجاز الرهائن المسيحيين داخل كنيسة “سيدة النجاة” في وسط بغداد بعد اقتحامها من قبل القوات الأمريكية والعراقية وقتل 5 من منفذي الهجوم الذي تبناه ما يسمى دولة العراق الإسلامية التابع لتنظيم القاعدة.. في حين قتل 52 من الرهائن والشرطة وإصابة 67 آخرين… أوضحت مصادر أمنية عراقية أن عملية احتجاز الرهائن في أحداث كنيسة النجاة العراق أسفرت عن مقتل 37 مسيحياً، من بينهم اثنان من القساوسة و7 من قوات الأمن وإصابة 15 آخرين”([78]).

فهذا هو تعاملهم مع النصارى وإنسانيتهم العالية والتي يريد عمر من الناس أن يقتدوا بها في التعامل مع الآخر من نصارى وسنّة….

 

الهوامش

([1]) أستاذ التاريخ في مجمع الإمام الخميني للدراسات العليا، قم المقدسة.

([2]) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج45، ص134، تحقيق: يحيى العابدي الزنجاني، السيد كاظم الموسوي المياموي، الطبعة الثانية المصححة، 1403هـ ـ 1983م.

([3]) الغضب السني على انتشار التشيع: http://www.youtube.com/watch?v=EpXRmvU.

([4]) مرض الرهاب أو الفوبيا Phobia هو مرض نفسي ويعني الخوف الشديد والمتواصل من مواقف أو نشاطات أو أجسام معينة أو أشخاص. هذا الخوف الشديد والمتواصل يجعل الشخص المصاب عادة يعيش في ضيق وضجر. رهاب القلق (أو الخوف اللامنطقي) يكون فيها المريض مدركاً تماماً بأن الخوف الذي يصيبه غير منطقي. http://ar.wikipedia.org/wiki/رهاب.

([5]) سورة التوبة: 32.

([6]) سورة الصف: 8.

([7]) سورة الأعراف: 89.

([8]) مثلث الشيطان، أحمد عبد الله: 7 ـ 8، ط1، دار رواية للنشر والتوزيع.

([9]) وكان سبب ذلك أن سعد بن زيد مناة كان تزوج رهم بنت الخزرج بن تيم الله، وكانت من أجمل النساء، فولدت له مالك بن سعد، وكان ضرائرها إذا ساببنها يقلن لها: يا عفلاء فقالت لها أمها: إذا ساببنك فابدئيهن بعفال، سبيت، فأرسلتها مثلاً، فسابتها بعد ذلك امرأة من ضرائرها، فقالت لها رهم: يا عفلاء، فقالت ضرتها: رمتني بدائها وانسلّت. لسان العرب، ج11، ص457.

([10]) عن وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين قال: قلت يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال (كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وما ثم خاق عرشه على الماء)… العماء السحاب. سنن ابن ماجه، محمد بن يزيد أبو عبدالله القزويني، ج1، ص64، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر، بيروت.

([11]) عن عكرمة، قَالَ: سئل ابن عباس: هل رأى مُحَمَّد ربه؟ قَالَ: نعم، قَالَ: كيف رآه؟ قَالَ: فِي صورة شاب دونه ستر من لؤلؤ، كان قدميه فِي خضرة، فقلت أنا لابن عباس: أليس هو من يَقُول: (لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)؟ قَالَ: لا أم لك، ذَلِكَ نوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء وهذا يدل من كلامه عَلَى إثبات الحديث وحمله عَلَى ظاهره وتأويل الآية. إبطال التأويلات لأخبار الصفات، القاضي أبو يعلى، محمد بن الحسين بن محمد بن خلف ابن الفراء(458هـ)، ج1، ص149، المحقق: محمد بن حمد الحمود النجدي، دار إيلاف الدولية، الكويت.

([12]) عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، قال كنا جلوساً مع رسول الله(ص) بالبطحاء فمرت سحابة، فقال رسول الله(ص): “أتدرون ما هذا؟” فقلنا: الله ورسوله أعلم، فقال: “السحاب” فقلنا: السحاب فقال: “والمزن” فقلنا: والمزن فقال: “والعنان” فقلنا: والعنان، ثم سكت، ثم قال: “أتدرون كم بين السماء والأرض؟” فقلنا: الله ورسوله أعلم قال: “بينهما مسيرة خمس مائة سنة، ومن كل سماء إلى السماء التي تليها مسيرة خمس مائة، وكثف كل سماء مسيرة خمس مائة سنة، وفوق السماء السابعة بحر بين أعلاه وأسفله كما بين السماء والأرض، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين ركبهم وأظلافهم كما بين السماء والأرض، والله تعالى فوق ذلك ليس يخفى عليه من أعمال بني آدم شيء”. سنن أبي داود، أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، ج4، ص368، دار الكتاب العربي، بيروت.

([13]) عَنْ عُمَرَ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ(ص) فَقَالَتِ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ، فَعَظَّمَ الرَّبَّ جَلَّ ذِكْرُهُ، فَقَالَ: “إِنَّ كُرْسِيَّهُ وَسِعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَإِنَّ لَهُ أَطِيطًا كَأَطِيطِ الرَّحْلِ الْجَدِيدِ إِذْ رُكِبَ مِنْ ثُقْلِهِ”. كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل، أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري(311هـ)، ج1، ص244، المحقق: عبد العزيز بن إبراهيم الشهوان، ط5، 1414هـ ـ 1994م، مكتبة الرشد، السعودية ـ الرياض.

([14]) راجع: الفتوى الحموية الكبرى، ابن تيمية، ص395، دراسة وتحقيق: حمد بن عبد المحسن التويجري، مكتبة دار المنهاج؛ وكتاب الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد، الدكتور صالح الفوزان، ص144، دار ابن الجوزي؛ شرح العقيدة الواسطية، العثيمين، ص414، دار الثريا للنشر؛ شرح العقيدة السفارينية، العثيمين، ص107، دار الوطن للنشر؛ التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية، عبد الله عبد الرحمن الجبرين، ج2، ص25 و26، دار الوطن؛ اللآلئ البهية في شرح العقيدة الواسطية، ج2، ص59، شرح: صالح آل الشيخ؛ السبائك الذهبية بشرح العقيدة الواسطية، عبد الله الغنيمان، ص268؛ شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري، عبد الله الغنيمان، ج1، ص117، دار العاصمة.

([15]) ابن تيمية حياته وعصره آراؤه وفقهه، ص223، الفقرة 286، دار الفكر العربي.

([16]) سورة الصافات: 83 ـ 84.

([17]) سورة القصص: 15.

([18]) شرح الأخبار، القاضي النعمان المغربي، ج3، ص469 ـ 471، تحقيق: السيد محمد الحسيني الجلالي، ط2، 1414هـ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرّفة.

([19]) سورة سبأ: 54.

([20]) كتاب العين، الخليل الفراهيدي، ج2، ص191، تحقيق: الدكتور مهدي المخزومي ـ الدكتور ابراهيم السامرائي، ط2، 1410هـ، مؤسسة دار الهجرة.

([21]) ينابيع المودة لذوي القربى، القندوزي، ج1، ص173، تحقيق: سيد علي جمال أشرف الحسيني، ط1، 1416هـ، دار الأسوة للطباعة والنشر.

([22]) مسند أحمد، الإمام أحمد بن حنبل، ج1، ص84، دار صادر، بيروت ـ لبنان.

([23]) صحيح البخاري، البخاري، ج3، ص207، 1401هـ ـ 1981م، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.

([24]) كتاب الماليوس ميلفيكاروم (مطرقة الساحرات): هو كتاب باللاتينية نشرته الكنيسة في القرون الوسطى إبان عصر محاكم التفتيش ويتكون من 3 أجزاء: الجزء الأول: ويعالج الثلاثي اللازم لتحقيق السحر في نظرهم وهو الشيطان + الساحرة + إذن الرب بحدوث وفاعلية السحر. الجزء الثاني: ويعالج كيفية كتابة وعمل السحر من قبل الساحرات وكيف يمكن مواجهته وحله. الجزأ الثالث:و يعالج ما الذي يمكن للمسيحي المؤمن أن يفعله ليساعد العدالة بتقديم الساحرات إلى المحكمة الكنسية (محكمة التفتيش) أو المحاكم المدنية بتهمة السحر، وفيه تحريض قوي على تقديم كل من يشتبه بممارسته للسحر إلى المحكمة من قبل الجماهير التي تشتبه به، وبالتواتر وحده دون الحاجة لدليل مادي. http://www.ninjawy.com/showthread.php

([25]) مثلث الشيطان: 9 ـ 11.

([26]) تحف العقول: 241.

([27]) المحاسن، أحمد بن محمد بن خالد البرقي، ج1، ص157، تحقيق وتصحيح وتعليق: السيد جلال الدين الحسيني (المحدّث)، 1370هـ ـ 1330هـ.ش، دار الكتب الإسلامية، طهران.

([28]) مثلث الشيطان: 11 ـ 14.

([29]) قالت: “اقتلوا نعثلا فقد كفر”. تاريخ الطبري، محمد بن جرير الطبري، ج3، ص477، تحقيق ومراجعة وتصحيح وضبط: نخبة من العلماء الأجلاء، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان.

([30]) علل الشرائع، الشيخ الصدوق، ج1، ص150، تقديم: السيد محمد صادق بحر العلوم، 1385هـ ـ 1966م، منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها، النجف الأشرف.

([31]) مثلث الشيطان: 15 ـ 16.

([32]) العين، الخليل الفراهيدي، ج7، ص423، تحقيق: الدكتور مهدي المخزومي والدكتور إبراهيم السامرائي، ط2، 1410هـ، مؤسسة دار الهجرة.

([33]) مثلث الشيطان: 17.

([34]) مثلث الشيطان: 20.

([35]) مسند أحمد، ج4، ص438.

([36]) سورة المائدة: 55.

([37]) مسند أحمد، ج4، ص281.

([38]) مثلث الشيطان: 39 ـ 48.

([39]) المصدر السابق: 23 ـ 26.

([40]) المصدر السابق: 51 ـ 54.

([41]) المصدر السابق: 54 ـ 55.

([42]) المصدر السابق: 54 ـ 55.

([43]) سورة الشورى: 23.

([44]) سورة الأحزاب: 33.

([45]) مسند أحمد، ج1، ص84.

([46]) هذان البيتان من مدائح الشافعي السائرة، وهما بمكان من الانتشار والاشتهار. وقد أرسلهما عنه إرسال المسلمات كثير من أهل السنة، منهم: ابن حجر الهيتمي في تفسير قوله تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي…) وقد عدها من الآيات النازلة في أهل البيت(ع). الصواعق المحرقة، أحمد بن حجر الهيثمي الشافعي، ص88، نشر مكتبة الهدى، أوفست طهران (طبع 1312هـ). وكذلك الشرف المؤبّد لآل محمد، النبهاني، ص99، ط بيروت عام 1309هـ؛ نور الأبصار، الشبلنجي الشافعي، ص105، ط مصر 1356هـ؛ وغيرها كثير.

([47]) سورة المؤمن: 11.

([48]) سورة يس: 79.

([49]) سورة آل عمران: 49.

([50]) سورة البقرة: 259.

([51]) سورة النساء: 24.

([52]) نيل الأوطار، محمد بن علي الشوكاني(1255هـ)، ج6، ص135، دار الجيل، بيروت؛ المغني، ابن قدامة، ج7، ص571، دار الكتاب العربي، 1392هـ؛ نصب الراية لأحاديث الهداية، جمال الدين الزيلعي(762هـ)، ج3، ص181، دار الحديث. القاهرة؛ تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن)، محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي(671هـ)، ج5، ص130، دار إحياء التراث العربي، بيروت؛ تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري(310هـ)، ج5، ص10، دار المعرفة، بيروت، 1403هـ؛ ‍وغيرها.

([53]) مثلث الشيطان: 65 ـ 70.

([54]) اللمعة البيضاء، التبريزي الأنصاري، ص84، تحقيق: السيد هاشم الميلاني، ط1، 1418هـ، دفتر نشر الهادي، قم ـ إيران.

([55]) https://arabic.tebyan.net/index.aspx?pid=196741

([56]) مثلث الشيطان: 79 ـ 80.

([57]) منهاج الصالحين، السيد الخوئي، ج2، ص319، ط28، 1410هـ، مطبعة مهر، قم، نشر: مدينة العلم (السيد الخوئي).

([58]) مثلث الشيطان: 85 ـ 87.

([59]) مسند أحمد، ج1، ص398.

([60]) المصدر السابق، ج5، ص86

([61]) صحيح البخاري، ج 8، ص127.

([62]) مسند أحمد، ج1، ص84.

([63]) المصدر السابق، ج3، ص21 ـ 22.

([64]) المصدر السابق، ج5، ص277.

([65]) كتاب شرح العقيدة الإسفارينية الدرة المضيّة في عقد أهل الفرقة المرضيّة، سلسلة مؤلَّفات فضيلة الشيخ، المؤلَّف رقم (17)، ص450، ط1، المملكة العربية السعودية، 1426هـ، مدار الوطن للنشر، الرياض.

([66]) إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة، حمود بن عبد الله بن حمود بن عبد الرحمن التويجري، 1414هـ ـ 1994م، ج2، ص309 ـ310.

([67]) مثلث الشيطان: 88 ـ 92.

([68]) المقنع، الشيخ الصدوق(381هـ)، ص 437، تحقيق: لجنة التحقيق التابعة لمؤسسة الإمام الهادي(ع)، 1415هـ، مؤسسة الإمام الهادي(ع).

([69]) أصل الشيعة وأصولها، الشيخ كاشف الغطاء، ص306، تحقيق: علاء آل جعفر، ط1، 1415هـ، مؤسسة الإمام علي(ع).

([70]) المسائل السروية، الشيخ المفيد(413هـ)، ص78، تحقيق: صائب عبد الحميد، ط2، 1414هـ ـ 1993م، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان.

([71]) صحيح البخاري، ج4، ص186.

([72]) أضواء البيان، الشنقيطي، ج2، ص451، تحقيق: مكتب البحوث والدراسات، 1415هـ ـ 1995م، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت.

([73]) أجوبة المسائل المهنائية، العلاّمة الحلي(726هـ)، ص32، 1401هـ، مطبعة الخيام، قم.

([74]) عقائد الإمامية، الشيخ محمد رضا المظفر، ص73 ـ 74.

([75]) المصدر السابق: 96 ـ 99.

([76]) مثلث الشيطان: 100 ـ 101.

([77]) http://ar.wikipedia.org/wiki/جامع_أم_القرى

([78]) http://www.masreat.com/أحداث_كنيسة_سيدة_النجاة_العراق/

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً