دراسة نقدية مقارنة
عيسى «التاريخي»([1]) في القرآن والإنجيل ـــــــ
جاء في الكتاب المقدّس: «أَمَّا يَسُوعُ الْمَسِيحُ فَقَدْ تَمَّتْ وِلادَتُهُ هَكَذَا: (ولد في السنة الرابعة أو السادسة قبل التاريخ الميلادي الرسمي([2]) في مدينة بيت لحم باليهودية)، كَانَتْ أُمُّهُ مَرْيَمُ العَذْراء (Mary The Virgin) مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ؛ وَقَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا مَعاً، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.. وَبَعْدَمَا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمٍ الْوَاقِعَةِ فِي مِنْطَقَةِ الْيَهُودِيَّةِ عَلَى عَهْدِ الْمَلِكِ هِيرُودُسَ.. إِذَا مَلاَكٌ مِنَ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ، وَقَالَ لَهُ: «قُمْ وَاهْرُبْ بِالصَّبِيِّ وَأُمِّهِ إِلَى مِصْرَ، وَابْقَ فِيهَا إِلَى أَنْ آمُرَكَ بِالرُّجُوعِ، فَإِنَّ هِيرُودُسَ سَيَبْحَثُ عَنِ الصَّبِيِّ لِيَقْتُلَهُ».. فَقَامَ يُوسُفُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَهَرَبَ بِالصَّبِيِّ وَأُمِّهِ مُنْطَلِقاً إِلَى مِصْرَ، وَبَقِيَ فِيهَا إِلَى أَنْ مَاتَ هِيرُودُسُ، لِيَتِمَّ مَا قَالَهُ الرَّبُّ.. لَمَّا مَاتَ هِيرُودُسُ، إِذَا مَلاَكٌ مِنَ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي حُلْمٍ لِيُوسُفَ فِي مِصْرَ، وَقَالَ لَهُ: «قُمِ ارْجِعْ بِالصَّبِيِّ وَأُمِّهِ إِلَى أَرْضِ إِسْرَ ائِيلَ، فَقَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَسْعَوْنَ إِلَى قَتْلِهِ!» فَقَامَ وَرَجَعَ بِالصَّبِيِّ وَأُمِّهِ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ.. وَلكِنَّهُ حِينَ سَمِعَ أَنَّ أَرْخِيلاَوُسَ يَمْلِكُ عَلَى مِنْطَقَةِ الْيَهُودِيَّةِ خَلَفاً لأَبِيهِ هِيرُودُسَ، خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ. وَإِذْ أُوْحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ، تَوَجَّهَ إِلَى نَوَاحِي مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ، فَوَصَلَ بَلْدَةً تُسَمَّى «النَّاصِرَةَ» وَسَكَنَ فِيهَا، (وحينذاك امتهن النجارة مع أبيه).. فِي تِلْكَ الْفَتْرَةِ مِنَ الزَّمَانِ، ظَهَرَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ، يُبَشِّرُ.. فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُ أُورُشَلِيمَ وَمِنْطَقَةِ الْيَهُودِيَّةِ كُلِّهَا وَجَمِيعِ الْقُرَى الْمُجَاوِرَةِ لِلأُرْدُنِّ؛ فَكَانُوا يَتَعَمَّدُونَ عَلَى يَدِهِ فِي نَهْرِ الأُرْدُنِّ مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ.. ثُمَّ جَاءَ يَسُوعُ مِنْ مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ إِلَى نَهْرِ الأُرْدُنِّ، وَقَصَدَ إِلَى يُوحَنَّا لِيَتَعَمَّدَ عَلَى يَدِهِ لكِنَّ يُوحَنَّا أَخَذَ يُمَانِعُهُ قَائِلاً: «أَنَا الْمُحْتَاجُ أَنْ أَتَعَمَّدَ عَلَى يَدِكَ، وَأَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ!» وَلكِنَّ يَسُوعَ أَجَابَهُ: «اسْمَحِ الآنَ بِذلِكَ! فَهَكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُتِمَّ كُلَّ بِرٍّ». عِنْدَئِذٍ سَمَحَ لَهُ. فَلَمَّا تَعَمَّدَ يَسُوعُ، صَعِدَ مِنَ الْمَاءِ فِي الْحَالِ، وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ وَرَأَى رُوحَ اللهِ هَابِطاً وَنَازِلاً عَلَيْهِ كَأَنَّهُ حَمَامَةٌ.. ثُمَّ صَعِدَ الرُّوحُ بِيَسُوعَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، لِيُجَرَّبَ مِنْ قِبَلِ إِبْلِيسَ. وَبَعْدَمَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً (حيث خرج منتصراً من الامتحان).. وَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ أَنَّهُ قَدْ أُلْقِيَ الْقَبْضُ عَلَى يُوحَنَّا، عَادَ إِلَى مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ.. لِيَتِمَّ مَا قِيلَ بِلِسَانِ النَّبِيِّ إِشَعْيَاءَ.. مِنْ ذلِكَ الْحِينِ بَدَأَ يَسُوعُ يُبَشِّرُ (ولمدّة ثلاثة أعوام، لكنّه لمّا كان يهاجم كهنة اليهود والمرائين، فقد أثار غضبهم وسخطهم، وقد اتّخذ يسوع لنفسه اثني عشر تلميذاً سُمّوا «الحواريون»، ثم أرسل تلامذته شرقاً وغرباً ليبشّروا تعاليمه.. لكن، وبعد ثلاثة أعوام اتّقدت جذوة الحقد في قلوب الكهنة اليهود لتحرق يسوع، فقاموا وصلبوه ثم دفن، وجاء أتباع عيسى ليغيّروا القبر لئلا يصبح موضع انتقام وحقد أعدائه، وبعد ثلاثة أيام قام يسوع من القبر وصعد إلى السماء، وبعد ذلك التاريخ كان يظهر لتلاميذه الخلّص ليقوّي من عزيمتهم).
كان هذا نصّاً منقولاً من العهد الجديد، والحقيقة أنّ بعض ما ورد فيه يخالف صراحةً التعاليم الإسلامية مثل القول بخطبة مريم أو تعميد يحيى (يوحنا) للناس ولعيسى، وما جاء عن حياة عيسى قبل نبوته، وكيفية إبلاغه بالنبوة ومسألة صلبه والأحداث التي تلت ذلك.
يتحدّث القرآن الكريم في مواضع عدّة عن مريم باعتبارها من نساء العالمين المصطفيات (آل عمران: 42، والتحريم: 12) وقد نذرت أمها أن تهبها بعد ولادتها للرهبان في القدس (آل عمران: 35) حتى تتفرّغ لعبادة ربها، وقد أوكل الله تعالى أمرها إلى النبي زكريا ليكفلها (آل عمران: 37، 44)، ولم يكن لمريم زوج ـ كما زُعم ـ فضلاً عن خطيب، وكانت متبتلةً نذرت نفسها لعبادة ربّها (آل عمران: 43) وقد حظيت طيلة هذه الفترة برعاية الله وعنايته (عمران: 37).
ذات يوم، وحينما اعتزلت مريم أهلها، بعث الله إليها الروح القدس (أي جبرئيل) ليهبها عيسى، وهكذا حملت مريم دون أن يكون لها زوج (مريم: 16 ـ 22، وآل عمران: 45 ـ 47)، ووضعت مولودها عيسى الذي كشف عن معجزاته ليبيّن حقيقة الأمر للناس (انظر: مريم: 22 ـ 33).
وكانت للنبي يحيى ـ وهو من أنبياء الله الصالحين ـ منزلة عظيمة عند ربّه (مريم: 1 ـ 10، 12 ـ 15، الأنعام: 85، 87، وآل عمران: 39) وكان يحظى بنفوذ كبير بين أبناء عصره، كان يدعوهم إلى التوبة، ولم تشر المصادر الإسلامية لا من قريب ولا من بعيد إلى مّا قيل عن تعميده للناس، وكان يحيى من أتباع النبي عيسى. وبحسب التعاليم الإسلامية فإنّ النبي عيسى× يعتبر آيةً من آيات الله الكبرى، تفرّد بخصوصيات خاصة (المؤمنون: 50، وآل عمران: 45 ـ 55، 59، ومريم: 24 ـ 26، 30، والصف: 6، والمائدة: 46، 110، والبقرة: 87، 253)، لم يُصلب كما ادّعي، بل رفعه الله إليه: {وَقَوْلِهِم إنّا قَتَلْنَا المَسيحَ عِيسى ابنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَما قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلكِن شُبّهَ لَهُمْ..} (النساء: 157).
المسيحية: الكتب والتاريخ ـــــــ
للتعرّف على تعاليم الديانة المسيحية، فإنّ أهمّ مصدر هو الكتاب المقدس (The Holy Bible)، وفي هذه العجالة، سنقف قليلاً عند هذا الكتاب وسيكون لنا بعد ذلك رأياً نقدياً سريعاً.
يتألف الكتاب المقدّس من العهد القديم (The Old Testament) والعهد الجديد(The New Testament).
أ: العهد القديم ـــــــ
يحتوي العهد القديم أو التوراة (Torah) (وهي لفظة عبرية تعني التعليم)، 39 سِفراً، استغرق انتظام هذه المجموعة قروناً طويلة، إذ شُرع بجمع أجزاء الكتاب المقدس منذ العام 621 قبل الميلاد وقد شكّل سفر التثنية نواته الأولى، وانتهى العمل من جمعه في 90 م مع تشكيل مجلس اليمنية (Jamnia)([3]). وفي حوالي سنة 180م، قسّم اليهود كتابهم المقدّس أقساماً ثلاثة([4]) هي: الناموس (The Law)، الأنبياء (The Prophets)، والمؤلّفات (The Holy Writings)؛ فالناموس يشمل أسفار التكوين (Genesis) والخروج (Exodus) واللاويون (Leviticus)، والأعداد (Numbers) والتثنية (Deuteronomy). وعموماً يطلق على القسم الأول من العهد القديم اسم الأسفار الخمسة (Pentateuch) وهي في الواقع تمثل قلب التوراة وأساسه([5]). وينسب تدوين هذه الأسفار إلى النبي موسى، على الرغم من وجود دلائل كثيرة تشير إلى أنّ أيّاً منها ليست منه. على سبيل المثال، هناك إشارة إلى الفلسطينيين في سفر التكوين (21:34 و26: 14 ـ 18)، بينما المصادر التاريخية تؤكّد أنّ ظهور هؤلاء كان بعد موسى بقرون عديدة وعلى وجه التقريب في عام 1200م. ومثال آخر، ما ورد في سفر التثنية من أنّ النبي موسى قد توفي في أرض موآب عن 120 عاماً وفيها دفن، بيد أنّه في الحقيقة لم يعثر على قبره حتى الآن. وفي السفر ذاته (5: 1) جاء بأنّ موسى قام بتوحيد بني إسرائيل وقال.. ومعلوم أنّ موسى لا يتحدّث عن نفسه بذكر اسمه، كما لا يمكنه سرد تفاصيل موته بالشكل الذي ذكر.
ويروي لنا التاريخ أنّ «الناموس» قد فقد في عهد عزرا (Ezra) في حوالي القرن الخامس قبل الميلاد، وكان عزرا هذا هو نفسه الذي قام بتدوينه من جديد وترتيبه، وتفاصيل القصّة أنّ عزرا كان مع خمسة رجال آخرين، وقد أعطي قدحاً من سائل ناري فتناوله وقام على إثره بالإملاء على الرجال الخمسة لمدة أربعين ليلة ويوماً دونما توقّف، وكان النتيجة أن دوّنوا 94 كتاباً، فقال له الرب: «اجعل الكتب الـ24 الأولى عامة يقرؤها الصالح والشرير، أمّا الكتب الـ70 التي كتبت بعد ذلك فاحفظها لعقلاء قومك»([6]). ومهما يكن من أمر، فقد أصبحت الأسفار الخمسة هذه بمثابة الكتاب المقدس لليهود منذ القرن الرابع قبل الميلاد.
أمّا القسم الثاني من العهد القديم، وهو قسم الأنبياء، فيشمل الرسائل الأولى والثانية لصموئيل (Samuel I&II) وكتاب الملوك الأول والثاني (Kings I&II) وأشعيا (Isaiah) وإرميا (Jeremiah) وحزقيال (Ezakiel) ودانيال (Daniel) وهوشع (Hosea) ويوئيل (Joel) وعاموس (Amos) وعوبديا (Obadiah) ويونس (Jonah) وميكاه (Micah) وناحوم (Nahum) وحبقوق (Habakkuk) وصفنيا (Zephaniah) وحجي (Haggi) وزكريا (Zechariah) وملاكي (Malachi). وكتّاب بعض أسفار هذا القسم كانوا من المغمورين تماماً، بينما رواية اليهود تقول: إنّها دوّنت على يد أنبياء بعثوا في الفترة من القرن السادس إلى القرن الرابع قبل الميلاد. وهذا القسم أصبح كتاباً مقدساً لدى اليهود منذ القرن الثاني قبل الميلاد، ليأخذ مكانه إلى جانب الناموس.
القسم الثالث هو المؤلفات، ويتضمّن كتب يوشع بن نون (Joshua) والحكّام (Judges) وروث (Ruth) وكتاب أخبار الأيام الأول والثاني (Chronicles I&II) وعزرا (Ezra) ونحميا (Nehemiah) واستير (Esther) وأيوب (Job) والمزامير (Psalms) وأمثال سليمان (Proverbs) والجامعة (Ecclesiastes) وأنشودة الأناشيد (Song of Songs) ومراثي إرميا (Lamentations).
ويشار إلى أنّ الأجزاء المختلفة في هذا القسم غير منسجمة مع بعضها وينقصها النسق والنظم وهي لا تشكّل كتاباً واحداً كما هي الحال مع الناموس والأنبياء، فمعظمها يبدو متفرقات جمعت من كتب مختلفة. وفي العهد الجديد تمّت الإشارة إلى القسمين الأولين، ولم يأت على ذكر المؤلفات. وفي الفترة 285 وحتى 246 قبل الميلاد ترجمت التوراة من العبرية إلى اليونانية.
ومن هذا العرض التاريخي السريع يثبت لنا أنّ التوراة الحالية قد دوّنت بيد البشر، على الرغم من أنّ أهل الكتاب يصرّون على اعتبارها وحياً منزلاً وأنّها كلام الله؛ ليبرهنوا عبر ذلك على قداستها أيضاً، وأنّ هذه القداسة نابعة من كونها أُلهِمت إلى الكتّاب.
إشكالات على العهد القديم ـــــــ
1 ـ نسبة الكبائر والفساد الأخلاقي إلى الأنبياء ـــــــ
1 ـ 1 ـ وَفِي إِحْدَى الأُمْسِيَاتِ نَهَضَ دَاوُدُ عَنْ سَرِيرِهِ وَأَخَذَ يَتَمَشَّى عَلَى سَطْحِ قَصْرِهِ، فَشَاهَدَ امْرَأَةً ذَاتَ جَمَالٍ أَخَّاذٍ تَسْتَحِمُّ. فَأَرْسَلَ دَاوُدُ مَنْ يَتَحَرَّى عَنْهَا. فَأَبْلَغَهُ أَحَدُهُمْ: «هَذِهِ بَثْشَبَعُ بِنْتُ أَلِيعَامَ زَوْجَةُ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ»، فَبَعَثَ دَاوُدُ يَسْتَدْعِيهَا. فَأَقْبَلَتْ إِلَيْهِ وَضَاجَعَهَا إِذْ كَانَتْ قَدْ تَطَهَّرَتْ مِنْ طَمْثِهَا، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا. وَحَمَلَتِ الْمَرْأَةُ فَأَرْسَلَتْ تُبَلِّغُ دَاوُدَ بِذَلِكَ. فَوَجَّهَ دَاوُدُ إِلَى يُوآبَ قَائِلاً: «أَرْسِلْ إِلَيَّ أُورِيَّا الْحِثِّيّ». فَبَعَثَ بِهِ يُوآبُ إِلَى دَاوُدَ. وَحِينَ مَثَلَ لَدَى دَاوُدَ اسْتَفْسَرَ مِنْهُ عَنْ سَلاَمَةِ يُوآبَ وَالْجَيْشِ وَعَنْ أَنْبَاءِ الْحَرْبِ. ثُمَّ قَالَ دَاوُدُ لأُورِيَّا: «امْضِ إِلَى بَيْتِكَ وَاغْسِلْ رِجْلَيْكَ». فَخَرَجَ أُورِيَّا مِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَأَرْسَلَ لَهُ هَدِيَّةً إِلَى بَيْتِهِ. غَيْرَ أَنَّ أُورِيَّا لَمْ يَتَوَجَّهْ إِلَى بَيْتِهِ، بَلْ نَامَ مَعَ رِجَالِ الْمَلِكِ عِنْدَ بَابِ الْقَصْرِ. فَأَخْبَرُوا دَاوُدَ قَائِلِينَ: «لَمْ يَتَوَجَّهْ أُورِيَّا إِلَى بَيْتِهِ». فَسَأَلَهُ دَاوُدُ: «أَلَمْ تَرْجِعْ مِنْ سَفَرٍ؟ فَلِمَاذَا لَمْ تَمْضِ إِلَى بَيْتِكَ؟» فَأَجَابَ: «التَّابُوتُ وَجَيْشُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا مُعَسْكِرُونَ فِي الْخِيَامِ، وَكَذَلِكَ سَيِّدِي يُوآبُ، وَبَقِيَّةُ قُوَّادِ الْمَلِكِ مُخَيِّمُونَ فِي الْعَرَاءِ، فَهَلْ آتِي أَنَا إِلَى بَيْتِي لِآكُلَ وَأَشْرَبَ وَأُضَاجِعَ زَوْجَتِي؟ أُقْسِمُ بِحَيَاتِكَ، لَنْ أَفْعَلَ هَذَا الأَمْرَ». فَقَالَ دَاوُدُ لأُورِيَّا: «امْكُثْ هُنَا الْيَوْمَ وَغَداً أُطْلِقُكَ». فَمَكَثَ أُورِيَّا فِي أُورُشَلِيمَ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى صَبَاحِ الْيَوْمِ التَّالِي. وَلَبَّى دَعْوَةَ الْمَلِكِ، فَأَكَلَ فِي حَضْرَتِهِ وَشَرِبَ حَتَّى أَسْكَرَهُ دَاوُدُ. ثُمَّ خَرَجَ عِنْدَ الْمَسَاءِ لِيَرْقُدَ فِي مَضْجَعِهِ إِلَى جِوَارِ رِجَالِ سَيِّدِهِ، وَلَمْ يَتَوَجَّهْ إِلَى بَيْتِهِ أَيْضاً.
وَفِي الصَّبَاحِ كَتَبَ دَاوُدُ رِسَالَةً إِلَى يُوآبَ، بَعَثَ بِهَا مَعَ أُورِيَّا، جَاءَ فِيهَا: «اجْعَلُوا أُورِيَّا فِي الْخُطُوطِ الأُولَى حَيْثُ يَنْشُبُ الْقِتَالُ الشَّرِسُ، ثُمَّ تَرَاجَعُوا مِنْ وَرَائِهِ لِيَلْقَى حَتْفَهُ». فَعَيَّنَ يُوآبُ أُورِيَّا فِي أَثْنَاءِ مُحَاصَرَةِ الْمَدِينَةِ، فِي أَشَدِّ جَبَهَاتِ الْقِتَالِ ضَرَاوَةً، حَيْثُ احْتَشَدَ أَبْطَالُ الأَعْدَاءِ. فَانْدَفَعَ رِجَالُ الْمَدِينَةِ لِمُحَارَبَةِ يُوآبَ فَمَاتَ بَعْضُ رِجَالِ دَاوُدَ وَمِنْهُمْ أُورِيَّا الْحِثِّيّ، فَبَعَثَ يُوآبُ رَسُولاً لِيُطْلِعَ دَاوُدَ عَلَى أَنْبَاءِ الْحَرْبِ.. وَعِنْدَمَا عَلِمَتْ زَوْجَةُ أُورِيَّا أَنَّ زَوْجَهَا قَدْ قُتِلَ نَاحَتْ عَلَيْهِ. وَحِينَ انْقَضَتْ فَتْرَةُ الْحِدَادِ، أَرْسَلَ دَاوُدُ وَأَحْضَرَهَا إِلَى الْقَصْرِ وَتَزَوَّجَهَا وَوَلَدَتِ ابْناً (وابنها هذا هو سليمان النبي كما جاء في إنجيل متّى 1: 6)، (صموئيل الثاني، 11: 2 ـ 27).
1 ـ 2 ـ وَغَادَرَ لُوطٌ وَابْنَتَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ صُوغَرَ، وَاسْتَقَرُّوا فِي الْجَبَلِ لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَسْكُنَ فِي صُوغَرَ. فَلَجَأَ هُوَ وَابْنَتَاهُ إِلَى كَهْفٍ هُنَاكَ. فَقَالَتْ الابْنَةُ الْبِكْرُ لأُخْتِهَا الصَّغِيرَةِ: «إِنَّ أَبَانَا قَدْ شَاخَ وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ حَوْلَنَا رَجُلٌ يَتَزَوَّجُنَا كَعَادَةِ كُلِّ النَّاسِ. فَتَعَالَيْ نَسْقِيهِ خَمْراً وَنَضْطَجِعُ مَعَهُ فَلاَ تَنْقَطِعُ ذُرِّيَّةُ أَبِينَا». فَسَقَتَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَبَاهُمَا خَمْراً، وَأَقْبَلَتْ الابْنَةُ الْكُبْرَى وَضَاجَعَتْ أَبَاهَا فَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا. وَفِي الْيَوْمِ الثانِي قَالَتْ الابْنَةُ الْبِكْرُ لأُخْتِهَا الصَّغِيرَةِ: «إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ مَعَ أَبِي لَيْلَةَ أَمْسِ، فَتَعَالَيْ نَسْقِيهِ اللَّيْلَةَ أَيْضاً خَمْراً ثُمَّ ادْخُلِي وَاضْطَجِعِي مَعَهُ فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْراً فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْضاً وَأَقْبَلَتْ الابْنَةُ الصَّغِيرَةُ وَضَاجَعَتْ أَبَاهَا. فَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا. وَهَكَذَا حَمَلَتْ الابْنَتَانِ كِلْتَاهُمَا مِنْ أَبِيهِمَا. فَوَلَدَتِ الْكُبْرَى ابْناً دَعَتْهُ مُوآبَ (وَمَعْنَاهُ مِنَ الأَبِ)، وَهُوَ أَبُو الْمُوآبِيِّينَ إِلَى الْيَوْمِ، أَمَّا الصُّغْرَى فَوَلَدَتِ ابْناً وَدَعَتْهُ بَنْ عَمِّي (وَمَعْنَاهُ ابْنُ قَوْمِي) وَهُوَ أَبُو بَنِي عَمُّونَ إِلَى الْيَوْمِ. (التكوين، 19: 30 ـ 38).
1 ـ 3 ـ وَكَانَ لأَبْشَالُومَ بْنِ دَاوُدَ أُخْتٌ جَمِيلَةٌ تُدْعَى ثَامَارَ، فَأَحَبَّهَا أَخُوهَا غَيْرُ الشَّقِيقِ أَمْنُونُ. وَعَانَى أَمْنُونُ مِنْ سُقْمِ الْحُبِّ، لأَنَّ ثَامَارَ أُخْتَهُ كَانَتْ عَذْرَاءَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ تَحْقِيقُ مَأْرَبِهِ مِنْهَا. وَكَانَ لأَمْنُونَ صَدِيقٌ رَاجِحُ الْعَقْلِ، هُوَ ابْنُ عَمِّهِ، يُونَادَابُ بْنُ شِمْعَى، فَسَأَلَهُ: «مَالِي أَرَاكَ سَقِيماً يَاابْنَ الْمَلِكِ يَوْماً بَعْدَ يَوْمٍ؟ أَلاَ تُخْبِرُنِي؟» فَأَجَابَهُ أَمْنُونُ: «إِنِّي أُحِبُّ ثَامَارَ أُخْتَ أَبْشَالُومَ أَخِي». فَقَالَ يُونَادَابُ: «تَمَارَضْ فِي سَرِيرِكَ. وَعِنْدَمَا يَجِيءُ أَبُوكَ لِيَزُورَكَ قُلْ لَهُ: دَعْ ثَامَارَ أُخْتِي تَأْتِي لِتُطْعِمَنِي. دَعْهَا تُعِدُّ الطَّعَامَ أَمَامِي فَأَرَى مَا تَفْعَلُ وَآكُلُ مِنْ يَدِهَا». فَاضْطَجَعَ أَمْنُونُ وَتَمَارَضَ، وَقَالَ لأَبِيهِ عِنْدَمَا جَاءَ لِيَزُورَهُ: «دَعْ ثَاَمَارَ تَأْتِي لِتَصْنَعَ أَمَامِي كَعْكَتَيْنِ، فَآكُلَ مِنْ يَدِهَا». فَأَرْسَلَ دَاوُدُ مَنْ يَدْعُو ثَامَارَ مِنْ بَيْتِهَا قَائِلاً: «اذْهَبِي إِلَى بَيْتِ أَخِيكِ أَمْنُونَ وَاصْنَعِي لَهُ طَعَاماً». فَمَضَتْ ثَامَارُ إِلَى بَيْتِ أَخِيهَا أَمْنُونَ الرَّاقِدِ فِي سَرِيرِهِ، فَعَجَنَتْ أَمَامَهُ الْعَجِينَ وَصَنَعَتْ كَعْكاً وَخَبَزَتْهُ. ثُمَّ أَخَذَتِ الْمِقْلاَةَ وَسَكَبَتِ الطَّعَامَ أَمَامَهُ. لَكِنَّهُ أَبَى أَنْ يَأْكُلَ قَائِلاً: «أَخْرِجُوا كُلَّ مَنْ هُنَا». فَانْصَرَفَ جَمِيعُ مَنْ عِنْدَهُ. ثُمَّ قَالَ أَمْنُونُ لِثَامَارَ: «أَحْضِري الطَّعَامَ إِلَى السَّرِيرِ وَأَطْعِمِينِي». فَأَحْضَرَتْ ثَامَارُ الْكَعْكَ الَّذِي صَنَعَتْهُ إِلَى أَمْنُونَ أَخِيهَا الرَّاقِدِ فِي سَرِيرِهِ. وَمَا إِنْ قَدَّمَتْهُ لَهُ حَتَّى أَمْسَكَهَا وَقَالَ لَهَا: «تَعَالَيِ اضْطَجِعِي مَعِي يَاأُخْتِي». فَأَجَابَتْهُ: «لاَ يَاأَخِي. لاَ تُذِلَّنِي. لأَنَّهُ لاَ يُقْتَرَفُ مِثْلُ هَذَا الْعَمَلِ الشَّنِيعِ فِي إِسْرَائِيلَ. أَرْجُوكَ لاَ تَرْتَكِبْ هَذِهِ الْقَبَاحَةَ، إِذْ كَيْفَ أُوَارِي عَارِي؟ أَمَّا أَنْتَ فَتَكُونُ بِتَصَرُّفِكَ هَذَا كَوَاحِدٍ مِنَ السُّفَهَاءِ فِي إِسْرَائِيلَ. خَاطِبِ الْمَلِكَ بِشَأْنِي فَإِنَّهُ لَنْ يَمْنَعَنِي مِنَ الزَّوَاجِ مِنْكَ». فَأَبَى أَنْ يَسْتَمِعَ لِتَوَسُّلاَتِهَا، بَلْ تَغَلَّبَ عَلَيْهَا وَاغْتَصَبَهَا (صموئيل الثاني 13: 1 ـ 15)
1 ـ 4 ـ ابن داوود يضاجع زوجات أبيه: فَنَصَبُوا لأَبْشَالُومَ الْخَيْمَةَ عَلَى السَّطْحِ، وَدَخَلَ لِمُضَاجَعَةِ مَحْظِيَّاتِ أَبِيهِ عَلَى مَرْأَى جَمِيعِ الإِسْرَائِيلِيِّينَ (صموئيل الثاني 16: 22، اللاويين 18: 8 ـ 18، كذلك اللاويين: 20: 11 ـ 14 و 17 ـ 21).
1 ـ 5 ـ ابن يعقوب (Jacob) يضاجع سريّة أبيه: وَبَيْنَمَا كَانَ إِسْرَائِيلُ يُقِيمُ فِي تِلْكَ الأَرْضِ مَضَىَ رَأُوبَيْنُ وَضَاجَعَ بِلْهَةَ سُرِّيَّةَ أَبِيه (التكوين: 22 ـ 35).
1 ـ 6 ـ نوح (Noah) يشرب الخمر ويتعرّى: وَاشْتَغَلَ نُوحٌ بِالْفَلاحَةِ وَغَرَسَ كَرْماً، وَشَرِبَ مِنَ الْخَمْرِ فَسَكِرَ وَتَعَرَّى دَاخِلَ خَيْمَتِه (التكوين 9: 20 ـ 24). كما نسب هذا التعرّي إلى أنبياء آخرين: فَخَلَعَ هُوَ أَيْضاً ثِيَابَهُ وَرَاحَ يَتَنَبَّأُ أَمَامَ صَمُوئِيلَ، ثُمَّ انْطَرَحَ عَارِياً طُولَ ذَلِكَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ (صموئيل الأول 19: 23، 24).
1 ـ 7 ـ سليمان يعشق الكثير من النساء الغريبات: وَأُوْلِعَ سُلَيْمَانُ بِنِسَاءٍ غَرِيبَاتٍ كَثِيرَاتٍ (الملوك الأول 11: 1، 2).
1 ـ 8 ـ سليمان له نساء ومحظيات: فَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةِ زَوْجَةٍ، وَثَلاَثُ مِئَةِ مَحْظِيَّةٍ (الملوك الأول 11: 3).
1 ـ 9 ـ نساء سليمان يغوينه ويصدّونه عن عبادة الله الواحد ليعبد آلهة أخرى ويبني لهذه الآلهة معبداً: فَانْحَرَفْنَ بِقَلْبِهِ عَنِ الرَّبِّ. فَاسْتَطَعْنَ فِي زَمَنِ شَيْخُوخَتِهِ أَنْ يُغْوِينَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، فَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ مُسْتَقِيماً مَعَ الرَّبِّ إِلَهِه (الملوك الأول 11: 3 ـ 10).
1 ـ 10 ـ الله يأمر بني إسرائيل بسرقة جواهر وذهب المصريين: وَأَجْعَلُ هَذَا الشَّعْبَ يَحْظَى بِرِضَى الْمِصْرِيِّينَ، فَلاَ تَخْرُجُونَ فَارِغِينَ حِينَ تَمْضُونَ، بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا أَوْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا جَوَاهِرَ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَثِيَاباً تُلْبِسُونَهَا بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ فَتَغْنَمُونَ ذَلِكَ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ (الخروج 3: 21، 22).
1 ـ 11 ـ هارون (Aaron) يصنع عجل الذهب: فَأَجَابَهُمْ هَرُونُ: «انْزِعُوا أَقْرَاطَ الذَّهَبِ … فَأَخَذَهَا مِنْهُمْ وَصَهَرَهَا وَصَاغَ عِجْلاً.. (الخروج 32: 1 ـ 5).
1 ـ 12 ـ وَمَا إِنِ اقْتَرَبَ مِنْ تُخُومِ مِصْرَ حَتَّى قَالَ لِزَوْجَتِهِ سَارَايَ: «أَنَا أَعْرِفُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ، فَمَا إِنْ يَرَاكِ الْمِصْرِيُّونَ حَتَّى يَقُولُوا: هَذِهِ هِيَ زَوْجَتُهُ فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَحْيُونَكِ. لِذَلِكَ قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي، فَيُحْسِنُوا مُعَامَلَتِي مِنْ أَجْلِكِ وَتَنْجُوَ حَيَاتِي بِفَضْلِك (التكوين 12: 10 ـ 20).
ولعلّ المسألة الجديرة بالاهتمام هي أنّ المسيحيين لا يقولون بعصمة الأنبياء، من هنا يمكن أن نتفهّم تقبّلهم لمثل هذه الأمور الواردة في التوراة دون مواربة أو حرج، بيد أنّ بطلان هذه المعتقدات ثابت بالاستناد إلى أبسط مسلّمات العقل؛ ذلك أنّ العقل السليم يأبى إلا أن يكون من اصطفاه الله ليهدي الناس معصوماً ليتلقّى الوحي ويبلّغ الرسالة والعقائد والأعمال دونما خلل أو زلل، ومن ثمّ ليقوم بتبليغ الوحي كما أوحي إليه، وليعلّم الناس العقائد الحقّة والثابتة، وبالتالي ليصدق عليه الإنسان المثالي الإلهي القدوة، فيتبعه الناس ويصلحون أنفسهم، وذلك:
أ ـ لاتصال النبي بأعماقه بحقيقة العالم، فتنتفي عنه احتمالات الزلل والخطأ. والنبي حامل أمانة الوحي الإلهي، فإذا لم يكن معصوماً وسوّغنا له احتمال الخطأ والسهو، فكيف نضمن ألا ينسحب ذلك على الوحي الإلهي، فيتصرّف به على هواه ووفق ما تمليه عليه رغباته، أو أنّ الخطأ والسهو يسري إليه فينقل أمانة الوحي بشكل مغاير لما أنزل إليه، وبذلك تنسلب ثقة الناس به وتذهب، عندها لن يقبلوا بكلامه فيؤدّي ذلك إلى عكس المطلوب.
ب ـ لقد اصطفى الله الأنبياء لهداية الناس وتربيتهم، فلو فرضنا أنّهم يحملون معتقدات خاطئة وغير صحيحة، أو أنهم غير محصّنين ضد المعاصي، فهل يمكنهم والحال هذه أن يكونوا مثلاً أعلى للإنسان الكامل، وأن يسيطروا على عقول الناس وقلوبهم، وأن يؤدّبوهم بآداب الله، لا شك أنّ الناس لن يضعوا ثقتهم في هؤلاء، فضلاً عن أن يجعلوا منهم مثلاً أعلى أو قدوة، وأن يصلحوا أنفسهم بالاهتداء بهدي أفكارهم.
ج ـ إنّ ارتكاب المعاصي يكون دائماً عن ضعف في الإيمان والعقل، ولأنّ الأنبياء يتمتعون بأقصى الكمال العقلي والإيماني، فهم لن يضعفوا تحت تأثير الشهوة والغضب ليؤدّي بهم ذلك إلى المعصية، كما هي الحال مع الإنسان العاقل الذي لا يخطر على باله ولو للحظة واحدة أن يتجرّع كأساً من السم.
نعم، إنّها حقيقة ساطعة جرى التأكيد عليها في المعارف الإسلامية، فلنسمع القرآن الكريم وهو يتلو علينا قصة إبراهيم حيث يخاطبه الله عز وجلّ بقوله: «.. قال إنّي جاعِلُكَ لِلْنّاسِ إماماً قالَ وَمِنْ ذُرّيّتي قَالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمين» (البقرة: 124). وأحد أنواع الظلم ظلم النفس من خلال ارتكاب المعاصي؛ لأنّ المرتكب للمعصية يحرم نفسه من بلوغ الكمال ويسوقها نحو جهنّم، فأيّ ظلم أكبر من هذا؟! وبحسب قول الله تعالى في هذه الآية، فإنّه سبحانه لا يمنح كتابه أو عهده ـ والنبوة من مصاديق هذا العهد أيضاً ـ للظالمين، ما يعني أن يكون النبي معصوماً، ومن الواضح أنّ امتلاك العصمة ليس معناه إكراه الأنبياء على ترك المعاصي، بل الفهم الصحيح والكامل لحقيقة المعصية وطبيعتها، فيرتدع النبي عن ارتكابها كنتيجة لهذا الفهم الكامل.
إنّنا نرى في الديانة المسيحية أنها تحث الناس على اتّباع الأصول الأخلاقية والتمسّك بالفضائل الإنسانية واجتناب الموبقات والمعاصي، لكنّها من الناحية الأخرى تنفي عن الأنبياء العصمة، أليس هذا تناقضاً واضحاً؟ إذ كيف يمكن دعوة الناس ـ وهم ليسوا بمصطفين ـ إلى ترك المعاصي والموبقات فيما قدواتهم المصطفين من قبل الله تعالى والمرسلين لهدايتهم صوب القيم الإنسانية لا يتورّعون عن ارتكاب أفظع وأقبح المعاصي، كارتكاب الزنا مع المرأة المتزوجة؟
2 ـ أمثلة على القسوة والغلظة ـــــــ
2 ـ 1 ـ ثُمَّ عَادَ يَشُوعُ إِلَى دَبِيرَ وَهَاجَمَهَا، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَدَمَّرَهَا مَعَ ضَوَاحِيهَا وَقَتَلَ مَلِكَهَا وَكُلَّ نَفْسٍ فِيهَا بِحَدِّ السَّيْفِ فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهَا نَاجٍ (يوشع 10: 38 ـ 41).
2 ـ 2 ـ فَاذْهَبِ الآنَ وَهَاجِمْ عَمَالِيقَ وَاقْضِ عَلَى كُلِّ مَالَهُ. لاَ تَعْفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ بَلِ اقْتُلْهُمْ جَمِيعاً رِجَالاً وَنِسَاءً، وَأَطْفَالاً وَرُضَّعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جِمَالاً وَحَمِيراً (كتاب صموئيل الأول 15: 3، 11).
2 ـ 3 ـ فَلاَ تَسْتَبْقُوا فِيهَا نَسَمَةً حَيَّةً، بَلْ دَمِّرُوهَا عَنْ بِكْرَةِ أَبِيهَا (التثنية20: 16).
3 ـ أمثلة على بعض المتناقضات ـــــــ
3 ـ 1 ـ ثُمَّ عَادَ فَاحْتَدَمَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ، فَأَثَارَ دَاوُدَ عَلَيْهِمْ قَائِلاً: «هَيَّا قُمْ بِإِحْصَاءِ إِسْرَائِيلَ وَيهُوذَا» (كتاب صموئيل الثاني 24: 1)، في حين جاء في كتاب أخبار الأيام الأول بأنّ الشيطان هو الذي أغوى داود، لنستمع لهذا القول: وَتَآمَرَ الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ، فَأَغْرَى دَاوُدَ بِإِحْصَاءِ الشَّعْبِ (كتاب أخبار الأيام الأول 21: 1).
3 ـ 2 ـ وَمَا لَبِثَ الأَرَامِيُّونَ أَنِ انْدَحَرُوا أَمَامَ الإِسْرَائِيلِيِّينَ، فَقَتَلَتْ قُوَّاتُ دَاوُدَ رِجَالَ سَبْعِ مِئَةِ مَرْكَبَةٍ (صموئيل الثاني 10: 18)، بينما ورد في كتاب أخبار الأيام الأول: وَقَتَلَ دَاوُدُ سَبْعَةَ آلافٍ مِنْ قَادَةِ الْمَرْكَبَاتِ (كتاب أخبار الأيام الأول 19: 18).
3 ـ 3 ـ جاء في كتاب الملوك الأول: وَهِيَ تَسَعُ أَلْفَيْ بَثٍّ (نَحْوَ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفاً وَخَمْسِ مِئَةِ جَالُونٍ مِنَ الْمَاءِ) (كتاب الملوك الأول 7: 26)، وورد في كتاب أخبار الأيام الثاني: وَكَانَتْ تَتَّسِعُ لِثَلاَثَةِ آلافِ بَثٍّ (نَحْوَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ أَلْفاً وَخَمْسِ مِئَةِ لِتْرٍ) (كتاب أخبار الأيّام الثاني 4: 5).
3 ـ 4 ـ وَكَانَ لِسُلَيْمَانَ أَرْبَعَةُ آلافِ مِذْوَدٍ لِلْخَيْلِ وَلِلْمَرْكَبَاتِ (كتاب أخبار الأيام الثاني 9: 25)، بينما ورد في كتاب الملوك الأول: وَكَانَ لِسُلَيْمَانَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ مِذْوَدٍ لِخَيْلِ مَرْكَبَاتِهِ (كتاب الملوك الأول 4: 26).
ب: العهد الجديد ـــــــ
يشتمل العهد الجديد على 27 سفراً: 4 أناجيل([7]) (إنجيل متّى (Gospel according to Mathew) وإنجيل مرقس (Gospel according to Mark) وإنجيل لوقا (Gospel according to Luke) وإنجيل يوحنا (Gospel according to Jone) وأعمال الرسل (Acts) و21 رسالة من بولس إلى الروم (Romans) وقرنتيان الأول والثاني (Corinthians I&II) والغلاطيون (Galatians) والأفسسيون (Ephesians) وفيليبيان (Philippians) وكلسيان (Colossians) وتسالونيكيان الأول والثاني (Thessalonians I&II) وتيموثاوس الأول والثاني (Timothy I&II) وتيطس (Titus) وفليمون (Philemon) والعبرانيون (Hebrews) ورسالة يعقوب (Jacob) ورسائل بطرس الأولى والثانية (Peter I&II) ورسائل يوحنا الأولى والثانية والثالثة (John 1,2,3) ورسالة يهوذا (Jude) وكتاب المكاشفة (Apocalypse) أو (Revelation).
وعلى غرار العهد القديم، استغرق تدوين وجمع العهد الجديد سنوات طوال، حتى ظهر الكتاب على النحو الذي عليه اليوم وذلك في عام 367م([8]).
في بداية الأمر، لم يكن للمسيحيين كتاب خاص بهم، إذ كانوا يحيون المراسم الدينية في أيام الآحاد بترتيل بعض القطع من العهد القديم، وذلك قبل أن تقوم الكنيسة بتدوين العهد الجديد. في الفترة 49 ـ 62 ميلادية دوّنت رسائل بولس (Paul)([9])، وهي تمثل في الواقع النواة الأولى لظهور العهد الجديد، ليلي ذلك ظهور إنجيل مرقس([10]) أي في الأعوام 65 ـ 70م، وتوالى ظهور الأناجيل فدوّن في السنوات 80 ـ 90م إنجيل متّى([11])، ومن ثمّ إنجيل لوقا([12]) وفي نفس السنوات، ولمّا كانت الأناجيل الثلاثة الأخيرة متشابهة إلى حدّ بعيد، فقد سمّيت بالأناجيل المتشابهة (The Synoptic Gospels)، وأخيراً جاء يوحنا([13]) ليختم هذه السلسلة بآخر الأناجيل([14]).
ولعلّ ما يثير الدهشة في هذه الأناجيل أنّها جميعها دوّنت باللغة اليونانية وليست بالآرامية لغة السيد المسيح الأصلية، كما أنّها دوّنت بعد سنوات من صعود السيد المسيح إلى السماء، فمثلاً كتاب أعمال الرسل دوّنه لوقا وهو يتناول نشاط الرسل في نشر المسيحية في الغرب حتى عام 63م، وظهر لأول مرة في حدود عام 90م، وكتاب «المكاشفات» وهو شرح لمكاشفة يوحنا الرسول أثناء نفيه في بطموس (Patmos)، ظهر في السنوات نفسها تقريباً.
إذن، على مدى سنين طوال دوّنت مجموعة من الكتب المختلفة على يد كتّاب عديدين، فقامت الكنيسة بجمعها في كتاب واحد وهو الكتاب المقدس الذي لدينا اليوم. وقد حظرت الكنيسة في نهاية القرن الثاني الميلادي تدوين أناجيل جديدة لذلك أعلنت جمع الكتب المذكورة تحت كتاب واحد أسمته الكتاب المقدس، مؤكّدة أنّ ما كان بالإمكان تدوينه قد دوّن ولا ينبغي بعد الآن إضافة شيء إلى العهد الجديد.
منذ البدايات الأولى للمسيحية، ظهرت بين أتباع هذه الديانة الاختلافات العقائدية حول بعض القضايا المحورية من قبيل ألوهية المسيح وبنوته لله وألوهية والدته و.. ومن أجل استيعاب هذه الاختلافات دعا الإمبراطور قسطنطين قيصر الروم في عام 325م مجمع الأساقفة الكبار إلى الانعقاد في نيقية (Nicaea) لحلّ هذه الاختلافات، وبعد مناظرات ومساجلات كثيرة، اتّفق معظم المجتمعين على التعاليم المسيحية الحالية، وصدر عن ذلك المجمع كتاب للعقائد استكمل لاحقاً عبر المجامع المسيحية الأخرى.
بعض التعاليم الرئيسية في الديانة المسيحية ـــــــ
1 ـ التثليث (The Tirmity): وهو القول بأنّ الله واحد لكنّه في الوقت نفسه ينقسم إلى ثلاثة: الأب والإبن والروح القدس، وكل أقنوم من هذه الأقانيم هو الله، لكن مع ذلك لا يمكن فصلها عن بعضها؛ فالنبي عيسى هو ابن الله وفي الوقت عينه هو الرب مجسّداً.
2 ـ الخطيئة الأصلية (The Original Sin): إنّ الإنسان مذنب بالفطرة؛ فخطيئة آدم في أكله من الشجرة المحرّمة قد انتقلت إلى نسله، وأنّ كل إنسان يرثها عن والديه، وأنّه يحمل هذا الإرث منذ اللحظة الأولى لانعقاد نطفته وهو في رحم أمه، وجميع البشر ـ عدا عيسى وأمّه ـ يحملون هذه الخطيئة، ولا سبيل للتخلّص منها إلا من خلال الكفارة.
3 ـ الكفارة (The Redemption): تقول العقيدة المسيحية بأنّ الإنسان لا يستطيع التخلّص من الخطيئة الأصلية التي ورثها ولا حتى عن طريق التوبة، وكذلك الحال مع الخطايا الأخرى؛ لذلك افتدى عيسى ـ الإله المتجسّد ـ البشرية بأنّه حمل عنها آلامها وخطاياها فكان صلبه لتتطهّر الإنسانية من آثامها والسبيل الوحيد للتطهّر من الخطيئة الأصلية هي التعميد باسم الأب والابن والروح القدس، وكذلك تجب على الإنسان التوبة من الذنوب الأخرى بنفس الطريقة، أي باسم الأقانيم الثلاثة الأب والابن والروح القدس، وباتّباع تعاليم السيد المسيح التي تلقّنها الكنيسة، وأن يتّخذ من عيسى مخلصاً له (The Savior)([15]).
قراءة نقديّة في التعاليم المسيحية ــــــــ
نلحظ هنا أنّ التعاليم أعلاه تتعارض مع أبسط بديهيات العقل لا بل إنّ العقل السليم يرفضها، ناهيك عن عدم وجود أي إشارة تدلل على هذه التعاليم والمعتقدات في الأناجيل، وهي قد ظهرت بعد عيسى بسنوات وذلك عن طريق بولس([16]).
ظهر مصطلح التثليث لأول مرة في عام 180م، وقد أطلقه ثيوفيلوس (Theophilus)([17])،وبعد ذلك توسّعت قاعدة الإيمان بها لدى المسيحيين شيئاً فشيئاً، حتى وصلت ذروة اكتمالها في اجتماع القسطنطينية في عام 325م. ويعتقد الباحثون في الشأن المسيحي أنّ هذه العقيدة انتقلت إلى المسيحية من خلال تأثرها بالأمم الأخرى مثل الحضارة المصرية والهندية والرومانية، لتأخذ بعد ذلك شكلاً متطوراً. وفي الحقيقة، ثمّة إصحاحات كثيرة في الكتاب المقدس تؤكّد صراحة على وحدانية الله (التثنية 6: 4، والخروج 9: 14، وأشعيا 40: 18، 25، ومرقس 12: 29، ويعقوب 2: 19، والروم 3: 29، 30، والأعمال 24: 12). وقد وردت كلمة الله في الكتاب حوالي 1000 مرة كدلالة على شخص آخر غير المسيح. كما تتحدث بعض الآيات عن عيسى باعتباره شخصاً غير الله وأنّه إنسان وعبدٌ لله (الأعمال 3: 13، 22، 26؛ ولوقا 2: 5) كما ثمّة إصحاحات في الكتاب المقدّس تعظّم من شأن الأب على حساب الابن كما في (يوحنا 14: 28)، هذا في حين أنّه وبحسب عقيدة التثليث فإنّ الأقانيم الثلاثة متساوية في المنزلة ولا تفاضل بينها.
ولو فرضنا جدلاً أنّ هذه العقيدة تستوحى من الأناجيل، فأيّ حجّية إذاً لهذه الأناجيل؟ وما الذي يدعونا إلى القبول بها؟ كيف لنا القبول بكتاب يزخر بكل هذه المتناقضات ويفتقر إلى الانسجام ووحدة التعاليم، فضلاً عن أنّ يداً بشرية دوّنته ما يعني أنّه ليس بوحي منزل، كما برهنّا على ذلك خلال البحث، فكيف لهذا الكتاب أن يغدو مرجعاً إيمانياً مخالفاً للبديهيات العقلية؟ والحق يقال: إنّ المسيحيين أنفسهم باتوا عاجزين عن تقديم تفسير لعقيدة التثليث سوى قولهم: إنّها وصلتهم عن طريق الوحي وأنّهم عاجزون عن تفسيرها عقلياً.
ويتمسّك المسيحيون ـ إلى حدّ بعيد ـ بمسألة «الإيمان» لتأييد دعواهم هذه، ولكن حتى هذا التبرير لم يحل دون طرح تساؤل رئيس لمّا يزل يشكّل هاجساً ألا وهو: كيف يمكن أن نتجاهل أهم ما يميّز الإنسان (ونعني العقل) ونضع هذه الهبة الإلهية العظيمة جانباً لتبرير معتقد لا يحمل أبسط مقوّمات التفكير المنطقي العقلاني؟ وإذا كان لابدّ من الإيمان بهذه العقيدة ـ على الرغم من تناقضها مع العقل ـ والتنكر للاستدلال العقلي، فلماذا الإيمان بها على وجه التحديد وليس الإيمان بعقيدة أخرى مثلاً كالعقيدة الهندوسية أو البوذية أو الكونفوشيوسية…؟ ما هو المائز الذي يضفي على التثليث يقيناً ويجعله عقيدة الخلاص؟ في الحقيقة لا شيء، لا عقل ولا وحي ولا أيّ شيء آخر.
يقول العقل بأنّ الشيء الواحد لا يمكن أن يكون في ذات الوقت ثلاثة، ويقول أيضاً بأنّ الله واجب الوجود والذي هو صرف الوجود يستحيل أن يكون مركباً وذلك لحاجة المركّب إلى أجزائه المكوّنة له لكي تتحقّق ذاته المركّبة، وتنزّه الله وتعاليه عن النقص أو الحاجة للغير، ولهذا السبب بالذات استحال التجسيم على الله واحتوائه في جسم آخر وتجلّيه في هيئة جسم؛ ذلك أنّ الجسم بحاجة إلى جسمانيّته، وهذا يقودنا أيضاً إلى الاستنتاج باستحالة أن يكون لله ولد أو شريك (انظر: التوحيد: 1 ـ 4، والبقرة: 116، ومريم: 88 ـ 92، والجنّ: 3، والكهف: 4، والإسراء: 111، والأنعام: 163، والفرقان: 2. وحول بطلان عقيدة التثليث انظر: النساء: 171، والمائدة: 73).
إنّ روح القدس في العقيدة الإسلامية هو الملك الأعظم أي جبرائيل الذي يضطلع بمهمّة إبلاغ الوحي الإلهي للأنبياء، ولهذا الملك منزلة عظيمة عند الله تعالى (انظر: البقرة: 97، النحل: 102، التكوير: 19 ـ 21). إنّه مخلوق الله وعبده كما عيسى× (الأنبياء: 26)؛ ولذا فإنّ اعتباره شريكاً لله باطل بالمقدار عينه الذي تكون فيه شراكة عيسى لله باطلة.
ولا تستند عقيدة الخطيئة الأصلية ـ وبالتبع عقيدة الكفارة ـ إلى أي دليل عقلي أو منطقي، إذ إنّه حتى مع فرض ارتكاب آدم للخطيئة ـ والأمر ليس كذلك، وقد جاء تفسيره في التعاليم الإسلامية ـ فأيّ منطق عقلي يلزم توريث هذه الخطيئة للجنين وهو في بطن أمه؟ وأيّ مسوّغ يقول بأن يحمل عنه شخص آخر الآلام والعذاب ويُصلب ليغفر ذنب آدم؟ ووفق أيّ قاعدة يكون صلب إنسان ما تطهيراً للبشر من ذنوبهم؟
وعند استعراض سلسلة نسب عيسى، ذكر الزنا مرّتين كما ورد في الإنجيل: الأولى في (إنجيل متى 1: 3): وَيَهُوذَا أَنْجَبَ فَارِصَ وَزَارَحَ مِنْ ثَامَارَ (وتامار هذه كنّة يهوذا اضطجع معها فأولدها فارص وزارح: التكوين: 38)، والثانية (إنجيل متى 1: 7) عندما ضاجع داوود أوريا فأولدها سليمان. كما أشرنا إلى ذلك آنفاً.
1 ـ تقول التعاليم المسيحية: إنّ عيسى هو الله، بيد أنّه أولاً: لم يصرّح عيسى مطلقاً بأنّه الله، وثانياً: هو نفسه (عيسى) قال: «لِمَاذَا تَدْعُونِي الصَّالِحَ؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ، وَهُوَ اللهُ»، (مرقس 10: 17، 18). ثالثاً: جاء في الأناجيل أنّ عيسى كان يصلّي في البراري «وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي، نَهَضَ بَاكِراً قَبْلَ الْفَجْرِ، وَخَرَجَ إِلَى مَكَانٍ مُقْفِرٍ وَأَخَذَ يُصَلِّي هُنَاكَ»، (مرقس 1: 35، لوقا 5: 16)، فلمن يصلّي إذاً إن كان هو نفسه الله؟ رابعاً: قال عيسى: «وَأَنَا لاَ يُمْكِنُ أَنْ أَفْعَلَ شَيْئاً مِنْ تِلْقَاءِ ذَاتِي»، (يوحنا 5: 30)، فأيّ إله هذا الذي لا يستطيع شيئاً؟ خامساً: ورد في الأناجيل بأنّ عيسى كان يردّد ساعة صلبه: «إِلهِي! إِلهِي! لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟» (متى 27: 46)، فهل يعقل أن يصلب من كان إلهاً أو أن يضطرب ساعة صلبه ويلوم إلهه بقوله: لم تركتني؟ و..
2 ـ تقول المسيحية بأنّ عيسى هو ابن الله، لكنّا نقول: أولاً: لم يقتصر هذا اللقب على عيسى وحده، بل أطلق على آدم من قبله كما جاء ذلك في الكتاب المقدس، وعلى سائر الأنبياء أيضاً (لوقا 3: 38… بْنِ أَنُوشَ بْنِ شِيثِ، بْنِ آدَمَ ابْنِ الله؛ وانظر أيضاً: التكوين 6: 1، 2، الخروج 4: 21 ـ 23، إرميا 31: 9، نشيد الأناشيد لسليمان 2: 7)، ثانياً: طبقاً لما ورد في الأناجيل فإنّ عيسى قال عن نفسه في ثمانين موضعاً بأنّه ابن الله (انظر على سبيل المثال: متى 16: 29).
3 ـ يقول عيسى: «لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْغِيَ الشَّرِيعَةَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأُلْغِيَ، بَلْ لأُكَمِّلَ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ، لَنْ يَزُولَ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الشَّرِيعَةِ، حَتَّى يَتِمَّ كُلُّ شَيْءٍ. فَأَيُّ مَنْ خَالَفَ وَاحِدَةً مِنْ هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى، وَعَلَّمَ النَّاسَ أَنْ يَفْعَلُوا فِعْلَهُ، يُدْعَى الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ» (متى 5: 17 ـ 20)، لكنّ التوراة تحرّم تناول لحم الخنزير بينما يحلّله الإنجيل: «وَالْخِنْزِيرُ أَيْضاً نَجِسٌ لَكُمْ لأَنَّهُ مَشْقُوقُ الظِّلْفِ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُجْتَرٍّ» (كتاب اللاويين 11: 7، التثنية 14: 8). كما أنّ الختان في اليهودية واجب (التكوين 17: 11 ـ 15)، في حين لا تعترف به المسيحية أمراً دينياً واجب الطاعة (انظر: أعمال الرسل 15: 5 ـ 22).
4 ـ يصاب زكريا بالخرس عقاباً له على عدم إطاعته لكلام جبرائيل، ويبقى كذلك لعدّة أيام: «وَهَا أَنْتَ سَتَبْقَى صَامِتاً لاَ تَسْتَطِيعُ الْكَلاَمَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي يَحْدُثُ فِيهِ هَذَا، لأَنَّكَ لَمْ تُصَدِّقْ كَلاَمِي، وَهُوَ سَيَتِمُّ فِي حِينِهِ» (لوقا 1: 18 ـ 22).
5 ـ تتباين روايات الإناجيل بشكل كبير حول قيام عيسى من القبر والأحداث المتصلة بها، انظر: «وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الأُسْبُوعِ، بَعْدَ انْتِهَاءِ السَّبْتِ، ذَهَبَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى تَتَفَقَّدَانِ الْقَبْرَ. فَإِذَا زِلْزَالٌ عَنِيفٌ قَدْ حَدَثَ، لأَنَّ مَلاَكاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، وَجَاءَ فَدَحْرَجَ الْحَجَرَ وَجَلَسَ عَلَيْهِ» (متى 28: 1 ـ 4)، «وَلَمَّا انْتَهَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ طُيُوباً عِطْرِيَّةً لِيَأْتِينَ وَيَدْهُنَّهُ. وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الأُسْبُوعِ، أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِراً جِدّاً مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَكُنَّ يَقُلْنَ بَعْضُهُنَّ لِبَعْضٍ: «مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ مِنْ عَلَى بَابِ الْقَبْرِ؟» لكِنَّهُنَّ تَطَلَّعْنَ فَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ كَبِيراً جِدّاً. وَإِذْ دَخَلْنَ الْقَبْرَ، رَأَيْنَ فِي الْجِهَةِ الْيُمْنَى شَابّاً جَالِساً، لاَبِساً ثَوْباً أَبْيَضَ» (لم يجلس على القبر)…
وكذلك، وبحسب ما جاء في إنجيل لوقا (23: 49، 55، 24: 1 ـ 5)، «أَمَّا جَمِيعُ مَعَارِفِهِ (ليس فقط ثلاث نساء)، بِمَنْ فِيهِمِ النِّسَاءُ اللَّوَاتِي تَبِعْنَهُ مِنَ الْجَلِيلِ، فَقَدْ كَانُوا وَاقِفِينَ مِنْ بَعِيدٍ يُرَاقِبُونَ هَذِهِ الأُمُورَ… وَتَبِعَتْ يُوسُفَ النِّسَاءُ اللَّوَاتِي خَرَجْنَ مِنَ الْجَلِيلِ مَعَ يَسُوعَ، فَرَأَيْنَ الْقَبْرَ وَكَيْفَ وُضِعَ جُثْمَانُهُ… وَلكِنْ فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الأُسْبُوعِ، بَاكِراً جِدّاً، جِئْنَ إِلَى الْقَبْرِ حَامِلاَتٍ الْحَنُوطَ الَّذِي هَيَّأْنَهُ. فَوَجَدْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ عَنِ الْقَبْرِ (لم يرين كيف دُحرج). وَلكِنْ لَمَّا دَخَلْنَ لَمْ يَجِدْنَ جُثْمَانَ الرَّبِّ يَسُوعَ. وَفِيمَا هُنَّ مُتَحَيِّرَاتٌ فِي ذلِكَ، إِذَا رَجُلاَنِ (وليس رجل واحد) بِثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ قَدْ وَقَفَا بِجَانِبِهِنَّ (ولم يجلسا على القبر)…
ونلاحظ هنا كيف أنّ حدثاً يعدّ رئيسياً في الديانة المسيحية ومن أهمّ تعاليمها، قد روي بروايات متباينة ومختلفة في ثلاثة أناجيل.
ويقول إنجيل يوحنا 3: 13 «وَمَا صَعِدَ أَحَدٌ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، وَهُوَ ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ»، بينما نقرأ في كتاب الملوك الثاني 2: 1 «وَعِنْدَمَا أَزْمَعَ الرَّبُّ أَنْ يَنْقُلَ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ».
ويقول عيسى: «فَإِنَّ يُوحَنَّا هَذَا، هُوَ إِيلِيَّا الَّذِي كَانَ رُجُوعُهُ مُنْتَظَراً»، (متى 11: 14)، في حين نجد يحيى (يوحنا) نفسه ينكر هذا الأمر بصراحة «وَهَذِهِ شَهَادَةُ يُوحَنَّا حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ بَعْضَ الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ يَسْأَلُونَهُ: «مَنْ أَنْتْ؟» فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ، بَلْ أَكَّدَ قَائِلاً: «لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ». فَسَأَلُوهُ: «مَاذَا إِذَنْ؟ هَلْ أَنْتَ إِيلِيَّا؟» قَالَ: «لَسْتُ إِيَّاهُ!» (يوحنا 1: 20 ـ 22)، تُرى، أيّ منهما يكذب؟
ويقول يوحنا 1: 18 «مَا مِنْ أَحَدٍ رَأَى اللهَ قَطُّ»، وفي الرسالة الأولى إلى تيموثاوس 6: 16 «الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَيُّ إِنْسَانٍ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ»، وجاء في سفر الخروج 33: 20 أنّ الله قال لموسى: «وَلَكِنَّكَ لَنْ تَرَى وَجْهِي، لأَنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي يَرَانِي لاَ يَعِيشُ»، وتختلف الرواية في موضع آخر من نفس السفر 33: 11 «فَكَانَ الرَّبُّ يُكَلِّمُ مُوسَى وَجْهاً لِوَجْهٍ كَمَا يُكَلِّمُ الإِنْسَانُ صَاحِبَهُ»، وأيضاً في نفس السفر «ثُمَّ صَعِدَ مُوسَى وَهَرُونُ وَنَادَابُ وَأَبِيهُو وَسَبْعُونَ مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ، وَرَأَوْا إِلَهَ إِسْرَائِيلَ».. وفي سفر التكوين 32: 30، يقول: «وَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ فَنِيئِيلَ (وَمَعْنَاهُ: وَجْهُ اللهِ) إِذْ قَالَ: «لأَنِّي شَاهَدْتُ اللهَ وَجْهاً لِوَجْهٍ وَبَقِيتُ حَيّاً»… وفي سفر الخروج 33: 23 نقرأ: «ثُمَّ أَرْفَعُ يَدِي فَتَنْظُرُ وَرَائِي، أَمَّا وَجْهِي فَيَظَلُّ مَحْجُوباً عَنِ الْعِيَانِ».
ويقول عيسى: «لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُرْسِيَ سَلاماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُرْسِيَ سَلاَماً، بَلْ سَيْفاً. فَإِنِّي جِئْتُ لأَجْعَلَ الإِنْسَانَ عَلَى خِلاَفٍ مَعَ أَبِيهِ، وَالْبِنْتَ مَعَ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ مَعَ حَمَاتِهَا. وَهَكَذَا يَصِيرُ أَعْدَاءَ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ».
وخلاصة القول: إذا كان الذي يبشّر بتعاليم المسيح هو من كان عدوّه اللدود، والذي لم يؤمن به في حياته، ودوّن إنجيله بعد سنوات من صعود المسيح وبلغة غير لغته، فهل نتوقّع مصيراً للإنجيل غير التحريف؟!([18]).
الهوامش
(*) عضو الهيئة العلمية في كلية الإلهيات بجامعة طهران.
([1]) انظر: انجيل متى، الأبواب 1 ـ 4، و 27، 28؛ إنجيل مرقس، الأبواب 1، 15، 16؛ وإنجيل لوقا، الأبواب 1 ـ 4، و 23، 24.
([2]) استخدم التاريخ الميلادي بعد المسيح بستّة قرون، وحين نقوم بحساب تاريخ ولادة المسيح، نجد فارقاً مقداره أربع سنوات بعد التاريخ الحقيقي للولادة، انظر: جون. بي، ناس، التاريخ الشامل للأديان: 582، ترجمة: علي أصغر حكمت، طهران، منشورات الثورة الإسلامية، 1991م.
([3]) William Barclay, The Bible Companion, P. 39
([4]) المصدر نفسه: 24، قام المسيحيون بتقسيم العهد القديم إلى ثلاثة أقسام.
([5]) يؤمن اليهود بأنّ الناموس خلق قبل خلق العالم، حيث کان موضع اهتمام الله، ومن ثمّ قام بخلق العالم، کما أنّ الله قد بدأ کل يوم بنفسه، بتخصيص وقت لمطالعة الناموس، William Barclay, The Bible Companion, P.37
([7]) کلمة إنجيل مشتقة من الکلمة اليونانية (evangelion) والتي تعني البشارة، حيث يعتقد المسيحيون بأنّ الإنجيل هو واحد، بيد أنّ تبيينه من قبل أفراد متعددين أعطاه هذه الوجوه المختلفة، من هنا يقال: الإنجيل کما دوّنه متى، أو کما دوّنه مرقس.. وفي بداية المسيحية، دوّنت أناجيل متعددة، لکن أربعة أناجيل محدّدة ـ وهي التي ذکرت في بداية البحث ـ أصبحت موضع اعتماد الکنيسة.
([8])William Barclay, The Bible Companion, P.41
([9]) بولس، هو تلميذ بطرس (Peter) أفضل الحواريين، وقد أمره عيسى کما جاء في الأناجيل بتأسيس الکنيسة، ولکن الحواري الأفضل هذا أنکر عيسى ثلاث مرات ليلة القبض عليه، وقد أکّد إنکاره بالقسم واللعن: أَجَابَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ، تَكُونُ قَدْ أَنْكَرْتَنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ!» (متى، 26: 30 ـ 35 و 69 ـ 75). وکان عيسى قبل ذلك قد وبّخه: فَالْتَفَتَ يَسُوعُ إِلَى بُطْرُسَ وَقَالَ لَهُ: «اغْرُبْ مِنْ أَمَامِي يَاشَيْطَانُ! أَنْتَ عَقَبَةٌ أَمَامِي، لأَنَّكَ تُفَكِّرُ لاَ بِأُمُورِ اللهِ، بَلْ بِأُمُورِ النَّاسِ»! (متى، 16: 21 ـ 23). أمّا بولس الذي کان اسمه في البداية الشيطان Saul، فقبل صعوده سولس رآه عيسى، لکنّه لم يؤمن به، وبقي متعصّباً کما اليهود (أعمال الرسل، 7: 59؛ 8: 1 ـ 4 و 9: 1 ـ 3)، وکان يضطهد المسيحيين لدرجة ـ کما يقول المسيحيون ـ أنّ عيسى ظهر له بعد الصعود بفترة، وعاتبه بشدّة على اضطهاده لأتباعه. وبعد ذلك آمن بولس بعيسى (أعمال الرسل، 9: 3 ـ 22) وسعى حثيثاً في التبشير بالمسيحية، وفي الحقيقة، يرجع إليه الفضل في إرسال الکتب إلى البلاد المختلفة ونشر التعاليم الخاصة بألوهية المسيح و.. ووضع اللبنات الأولى لأساس المسيحية.
([10]) مرقس هو تلميذ بطرس الحواري، وقد سجّل أقواله في إنجيله بعد موته، ولم يكن في نفسه حوارياً.
([11]) متى هو أحد الحواريين، لازم عيسى منذ بداية رسالته وحتى صعوده.
([12]) لوقا هو طبيب يوناني انضمّ إلى بولس في تراوس، ورافقه في عدّة رحلات. کتب إنجيله استناداً لأقوال بولس، ويبدو أنّه ساعد في تحرير بعض رسائل بولس.
([13]) هو يوحنا الحواري، مضافاً إلى الإنجيل، کتب ثلاث رسالات من تلك المذکورة في العهد الجديد وکذلك کتاب المکاشفات.
([14]) جميع التواريخ المذکورة تقريبية، وهناك اختلاف بالنسبة لتواريخ تدوين الأناجيل حتى بين الباحثين المسيحيين. لکنّ الشيء الأکيد أنّ ذلك لم يستغرق أکثر من المدة المذکورة.
([15]) انظر: De Groot, J.F., Chatholic Teachings
([16]) انظر: William Barclay: The Bible companion, P.49..
([17]) انظر: The Oxford Dictionary of Christian: Church, Lady Margret & Dillenberger.
([18]) يذكر أنّنا استفدنا لتدوين هذه الدراسة بالمصادر التالية: 1 ـ شريف هاشم، محمد، الإسلام والمسيحية في الميزان. 2 ـ مولند، إينار، عالم المسيحية، ترجمة: محمد باقر أنصاري ومسيح مهاجري، طهران، منشورات أمير كبير، 1989. 3 ـ المهاوش، عودة، الکتاب المقدس تحت المجهر. 4 ـ ميلر، و.م. تاريخ الكنيسة القديمة في الإمبراطورية الرومانية والفارسية، ترجمة علي نخستين، بالتعاون مع عباس آرين بور، طهران، منشورات حيات أبدي، 1981. 5 ـ تفسير إنجيل لوقا، ترجمة: أحمد نخستين، طهران، مطبعة بروخيم، 1934. 6 ـ تفسير كتاب أعمال الرسل، ترجمة: أحمد نخستين، لايبزيك، مطبعة أوكست برس، 1932. 8 ـ هاكس، قاموس الكتاب المقدس، بيروت، المطبعة الأمريكية، 1928. William Barclay, The Bible Companion, The (Holy) Bible Deedat, Ahmed, Combat Kit De Groot, J.F. Chatholic Teachings Steinmuller, John E. & Sullivan, Kathryn, Chatholic Biblical Encycopedia