د. محمد بيدهندي(*)
أ. سكينة محمد پور(**)
المقدّمة: معنى اللطف في مصطلح المتكلِّمين
إن قاعدة اللطف من القواعد الهامّة في كلام العدلية، حيث تتوقّف عليها مسائل عقائدية هامّة أخرى، من قبيل: وجوب التكليف، ووجوب البعثة، ووجوب عصمة الأنبياء، ولزوم الوعد والوعيد، وما إلى ذلك من القواعد الأخرى.
لا نمتلك تاريخاً دقيقاً لتبلور هذه القاعدة في علم الكلام، ولكن حيث تعرّضت هذه القاعدة في نهاية القرن الثاني الهجري إلى البحث والنقاش من قبل بشر بن المعتمر وجعفر بن حرب (من المعتزلة في بغداد)، ندرك أن هذه القاعدة كانت مطروحة في القرن الثاني الهجري، وقد تلقّاها بعض المتكلِّمين المسلمين بالقبول. ويقال: إن هشام بن الحكم(179 أو 199هـ) قد ألف كتاب «الألطاف» حول هذه القاعدة.
لمناقشة آراء المتكلّمين الإسلاميين بشأن قاعدة اللطف لا بُدَّ أوّلاً من بيان معنى اللطف في مصطلح الكلام الإسلامي.
قال السيد المرتضى في تعريف اللطف: «إن اللطف ما دعا إلى فعل الطاعة. وينقسم إلى ما يختار المكلف عنده فعل الطاعة ولولاه لم يختَرْه؛ وإلى ما يكون أقرب إلى اختيارهما. وكلا القسمين يشمله كونه داعياً»([1]).
وقد عرَّف أبو إسحاق النوبختي اللطف بقوله: «واللطف أمرٌ يفعله الله تعالى بالمكلَّف، لا ضرر فيه، يعلم عند وقوع الطاعة، ولولاه لم يطع»([2]).
وقال ابن ميثم البحراني في تعريف اللطف: «اللطف هو ما كان المكلَّف معه أقرب إلى الطاعة، وأبعد من فعل المعصية، ولم يبلغ حدّ الإلجاء»([3]).
وقال العلاّمة الحلّي في كتاب (شرح تجريد الاعتقاد) في بيان معنى اللطف: «اللطف هو ما يكون المكلّف معه أقرب إلى فعل الطاعة وأبعد من فعل المعصية (بمعنى أن الله من خلال إيجاب بعض الأمور يساعد المكلّف ليقوم بفعل الطاعة وترك المعصية على نحوٍ أيسر)، ولم يكن له حظٌّ في التمكين (بمعنى أن المكلّف قادر على القيام بالتكليف حتى من دون وجود اللطف، فمثلاً: إن القدرة المالية لدى المكلّف بالنسبة إلى الحجّ لا تُعَدّ لطفاً؛ لأن المكلّف من دونها غير قادر على امتثال التكليف، وأما بالنسبة إلى الصلاة فيمكن أن تكون لطفاً؛ إذ يمكن للمكلّف أن يأتي بالصلاة حتّى مع عدم القدرة المالية)، ولم يبلغ [اللطف] حدّ الإلجاء. واحترزنا بقولنا: ولم يكن له حظّ في التمكين عن الآلة، فإن لها حظّاً في التمكين، وليست لطفاً. وقولنا: ولم يبلغ حدّ الإلجاء، لأن الإلجاء ينافي التكليف، واللطف لا ينافيه. هذا اللطف المقرّب.
وقد يكون اللطف محصّلاً (كل ما قيل في مورد اللطف المقرِّب يصدق على اللطف المحصِّل أيضاً، وإن اختلافه عن اللطف المقرِّب يكمن في أن) ما يحصل عنده الطاعة من المكلّف على سبيل الاختيار (بمعنى أن الدافع الذي يُخلق عند المكلّف مع وجود هذا اللطف من القوّة بحيث يحصل فعل الطاعة لدى المكلّف على نحوٍ اختياري)، ولولاه لم يطع، مع تمكّنه في الحالين (فمثلاً: يمكن اعتبار المعجزة لقبول دعوة الأنبياء من اللطف المحصِّل).
وهذا بخلاف التكليف الذي يطيع عنده؛ لأن اللطف أمرٌ زائد على التكليف، فهو من دون اللطف يتمكن بالتكليف من أن يطيع أو لا يطيع، وليس كذلك التكليف؛ لأن عنده يتمكن من أن يطيع، وبدونه لا يتمكّن من أن يطيع أو لا يطيع، فلم يلزم أن يكون التكليف الذي يطيع عنده لطفاً»([4]).
وجاء تعريف اللطف في شرح المواقف بما مضمونه: «اللطف فعل يقرّب العبد من الطاعة، ويبعده من المعصية، بقدر لا يبلغ حدّ الإلجاء، وهو اللطف المقرِّب، أو تحصل معه الطاعة، وهو المسمّى باللطف المحصّل»([5]).
يتّضح من مجموع التعاريف التي تقدّم ذكرها للطف المقرِّب والمحصِّل أن كلا هذين النوعين من اللطف يشتركان في خصوصية دعوة المكلّف إلى امتثال الطاعة وترك المعصية، بَيْدَ أن هذه الخصيصة في اللطف المحصِّل أقوى منها في اللطف المقرِّب؛ بحيث تكون سبباً في حصول الملطوف فيه. بَيْدَ أن المعنى الذي يذكره الشيخ السبحاني حول اللطف المحصِّل يختلف عن المعنى المتقدّم؛ إذ قال في هذا الشأن: إن اللطف يعني أن يقوم الله بأمرٍ يدفع العباد إلى الطاعة، بَيْدَ أن المبادئ والمقدّمات التي تشكّل مادّةً لتقرّب العباد من الله على نوعين، وهما:
1ـ المقدّمات التي لولاها لا يتحقّق الهدف من الخلق، ويكون خلق الإنسان عبثاً ولغواً. واللطف بهذا المعنى يكون محصِّلاً.
2ـ المقدّمات التي يكون المكلّف مع وجودها قريباً من امتثال التكاليف والطاعات، ويتحقّق الغرض من التكليف بشكلٍ أيسر، رغم أنه حتّى إذا لم تتحقّق هذه المبادئ يمكن للعباد أن يأتوا بالطاعة، ولا يكون الغرض من التكليف ممتنعاً. واللطف بهذا المعنى يُسمّى لطفاً مقرِّباً([6]).
ومن هنا يكون معنى اللطف المحصِّل من وجهة نظر الشيخ السبحاني أخصّ من المعنى المتقدّم؛ لأن المعنى المنظور للمتكلّمين يمكن أن يشمل أموراً يتحقّق الهدف من الخلق حتّى من دونها أيضاً.
أقسام اللطف
بالإضافة إلى تقسيم اللطف إلى: المقرِّب؛ والمحصِّل، الذي تمّ بيانه ضمن تعريف اللطف، هناك آراء مختلفة أخرى بشأن أقسام اللطف أيضاً. وسوف نتعرّض هنا إلى بيان بعض هذه الآراء:
يرى الشيخ الصدوق أن اللطف ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أـ إذا تحققت الطاعة من قبل المكلّف مع وجود اللطف، ولم تتحقّق مع عدم وجوده، سُمّي هذا اللطف توفيقاً.
ب ـ إذا لم تتحقّق الطاعة من قبل المكلّف مع وجود اللطف، ولكنّه صار أقرب إلى امتثال الطاعة، لن يطلق عليه أكثر من اللطف.
ج ـ وأما إذا ترك المكلّف المعصية مع وجود اللطف سُمّي (هذا النوع من اللطف) عصمة.
إن اللطف منفصلٌ عن إعداد الأشياء الضرورية لامتثال الطاعة([7]).
بالالتفات إلى العبارة الأخيرة يتّضح أن المراد من التوفيق ليس هو اللطف المحصِّل؛ لأن المتكلّمين في بيان معنى اللطف المحصِّل لم يعتبروا لوازم القيام به منفصلة عنه.
ورد بيان أقسام اللطف في (مفتاح السعادة) كما يلي: يمكن تصوّر اللطف على قسمين: اللطف الذي هو فعل الله؛ واللطف الذي هو فعل غيره. وكل واحد من هذين القسمين ينقسم بدوره إلى قسمين: اللطف في الواجب؛ واللطف في المندوب([8]).
ويذهب أكثر المتكلّمين، ومنهم العلاّمة الحلّي، إلى اعتبار اللطف على ثلاثة أقسام، وهي:
أـ أن يكون [اللطف] من فعل الله تعالى، فهذا يجب على الله تعالى فعله.
ب ـ أن يكون من فعل المكلف، فهذا يجب على الله تعالى أن يعرّفه إيّاه ويشعره به ويوجبه عليه.
ج ـ أن يكون من فعل غيرهما، فهذا ما يشترط في التكليف بالملطوف فيه العلم بأن ذلك الغير يفعل اللطف([9]).
أحكام اللطف
يذهب المتكلمون المسلمون إلى ترتيب بعض الأحكام على أصل اللطف. وفي ما يلي نتعرّض إلى بيان هذه الأحكام على النحو التالي:
1ـ لا بُدَّ أن يكون بين اللطف والملطوف فيه مناسبةٌ، والمراد بالمناسبة هنا كون اللطف بحيث يكون حصوله داعياً إلى حصول الملطوف فيه. وهذا ظاهرٌ؛ لأنه لولا ذلك لم يكن كونه لطفاً أَوْلى من كون غيره لطفاً، فيلزم الترجيح من غير مرجِّح، ولم يكن كونه لطفاً في هذا الفعل أَوْلى من كونه لطفاً في غيره من الأفعال، وهو ترجيح من غير مرجِّح أيضاً([10]).
2ـ أن لا يبلغ في الدعاء إلى الملطوف فيه إلى حدّ الإلجاء، لأن الفعل الملجئ إلى فعل آخر يشبه اللطف في كون كلٍّ منهما داعياً إلى الفعل، غير أن المتكلِّمين لا يسمّون الملجئ إلى الفعل لطفاً([11]).
3ـ وجوب كونه معلوماً للمكلَّف، إما بالإجمال أو بالتفصيل، لأنه إذا لم يعلمه ولم يعلم الملطوف فيه ولم يعلم المناسبة بينهما لم يكن داعياً له إلى الفعل الملطوف فيه. فإن كان العلم الإجمالي كافياً في الدعاء إلى الفعل لم يجب التفصيل، كما يعلم على الجملة كون الألم الواصل إلى البهيمة لطفاً لنا؛ وإن كان اللطف لا يتمّ إلا بالتفصيل وجب حصوله، ويكفي العلم الإجمالي في المناسبة التي بين اللطف والملطوف فيه([12]).
4ـ لا يجوز فعل اللطف بالقبيح؛ لدوران الأمر بين أمرين ممتنعين. بيانه: إن الله تعالى إما أن يكلِّفه ولا يفعل اللطف فيكون قد حرمه لطفاً مقدوراً عليه، والتكليف مع منع اللطف قبيحٌ؛ أو يكلّفه ويفعل اللطف فيكون قد فعل فعلاً قبيحاً، وهو ممتنع عليه تعالى، فاستحال أن يكلِّفه([13]).
5ـ أن يكون اللطف مشتملاً على صفةٍ زائدة على الحسن، من كونه واجباً كالفرائض، أو مندوباً كالنوافل، هذا في ما هو من فعلنا؛ وأما ما كان من فعله تعالى فقد بيَّنا وجوبه في حكمته([14]).
6ـ إن اللطف لا يجب أن يكون معيناً، بل يجوز أن يدخله التخيير، بأن يكون كلّ واحدٍ من الفعلين قد اشتمل على جهة من المصلحة المطلوبة من الآخر، فيقوم مقامه ويسدّ مسدّه…، بشرط حسن البدلين، أعني اللطف وبدله؛ إذ ليس أحدهما بالأصالة أَوْلى من الآخر. وذلك الشرط كون كلّ واحدٍ منهما حَسَناً ليس فيه وجه قبحٍ. وهذا مما لم تتفق الآراء عليه؛ فإن جماعةً من العدلية ذهبوا إلى تجويز كون القبيح كالظلم منا لطفاً قائماً مقام إمراض الله تعالى. واستدلّوا بأن وجه كون الألم من فعله تعالى لطفاً هو حصول المشاق وتذكر العقاب، وذلك حاصل بالظلم منا، فجاز أن يقوم مقامه. وهذا ليس بجيّدٍ؛ لأن كونه لطفاً جهة وجوب، والقبيح ليس له جهة وجوب، واللطف إنما هو في علم المظلوم بالظلم، لا في نفس الظلم.
7ـ إنه تعالى لا يحسن منه العقاب عند منع اللطف… فلو لم يفعل الله تعالى لطفاً واجباً لم يحسن منه عقاب المكلَّف؛ لأنه لمنعه يفسده([15]).
أدلة وجوب اللطف من وجهة نظر المتكلِّمين
لقد استند المتكلِّمون من الإمامية في إثبات مسائل ـ من قبيل: لزوم العمل بالوعد والوعيد، وتوقُّف حجّية الإجماع على إمضاء الشارع ـ بقاعدة اللطف.
وأما أهمية هذه القاعدة في كلام الإمامية فيعود إلى أن أكثر المتكلّمين من الإمامية قد استعملوا قاعدة اللطف في إثبات ضرورة وجود الإمام، الذي هو من الأصول الأساسية لدى الشيعة.
وفي ما يلي سوف نعمل على بيان ومناقشة أدلة وجوب اللطف من وجهة نظر المتكلمين من الإمامية.
قال العلاّمة الحلّي في شرح التجريد بشأن إثبات قاعدة اللطف: «اللطف واجبٌ… والدليل على وجوبه أنه يحصِّل غرض المكلِّف، فيكون واجباً، وإلاّ لزم نقض الغرض.
بيان الملازمة: إن المكلِّف إذا علم أن المكلَّف لا يطيع إلاّ باللطف، فلو كلفه من دون لطفٍ كان ناقضاً لغرضه، كمَنْ دعا غيره إلى طعامٍ وهو يعلم أنه لا يجيبه إلاّ إذا فعل معه نوعاً من التأدُّب، فإذا لم يفعل الداعي ذلك النوع من التأدُّب كان ناقضاً لغرضه، فوجوب اللطف يستلزم تحصيل الغرض»([16]).
يمكن بيان هذا الدليل من خلال البنية المنطقية على الشكل التالي:
المقدّمة الأولى: إذا لم يطع المكلَّف إلاّ مع وجود اللطف، ومع ذلك قام المكلِّف بتكليف المكلَّف، كان ناقضاً لغرضه (الذي هو تكليف المكلَّف).
المقدّمة الثانية (وهي مقدّمة مقدّرة): نقض الغرض قبيحٌ على الحكيم.
النتيجة: لو لم يطع المكلَّف إلاّ مع وجود اللطف، وقام المكلِّف بتكليف المكلَّف من دون أن يكون هناك لطفٌ في البين، يكون قد فعل القبيح. وعليه يكون هذا الاستدلال من الناحية البنيوية من نوع القياس المُضْمَر.
من خلال ضمّ هذه النتيجة إلى مقدّمة أخرى مقدّرة: (المكلِّف (الله) لا يفعل القبيح) نصل إلى نتيجةٍ مفادها: إذا لم يُطع المكلَّف إلاّ مع وجود اللطف إذن يجب على المكلِّف أن يلطف بالمكلَّف.
إن هذه النتيجة تعبّر عن قضية شرطية، والتالي فيها ـ الذي هو وجوب اللطف على الله تعالى ـ إنما يصحّ إذا كان المقدَّم ثابتاً، ولكن حيث إن اللطف لا يشمل أداة القيام بالتكليف لن يكون هناك دليلٌ على أن المكلَّف لا يطيع إلاّ مع وجوده.
وقد ذكر العلاّمة الحلّي في كتاب (أنوار الملكوت) ثلاثة أدلة على إثبات قاعدة اللطف.
أما الدليل الأول فهو: «إن مَنْ دعا غيره إلى طعام وأراد تناوله، وعلم أنه لا يُقْدِم عليه إلاّ بفعلٍ يفعله الداعي من سياسة أو تأدُّب، فإنه متى لم يفعل ذلك كان ناقضاً لغرضه، مبطلاً لمراده، وجارياً مجرى منعه من التناول. كذلك التكليف، إذا علم الله تعالى أنه مع فعل اللطف يكون العبد أدعى إلى ما كُلِّف به، ومع تركه يكون أقرب إلى الامتناع، فإنه متى لم يفعله كان ناقضاً لغرضه، وهو محالٌ»([17]).
يمكن بيان هذا الدليل من الناحية المنطقية على النحو التالي:
المقدّمة الأولى: مع وجود اللطف يشتدّ الحافز لدى المكلَّف إلى العمل بما كُلِّف به.
المقدّمة الثانية (وهي مقدّمة مقدّرة): إن اشتداد الحافز لدى المكلَّف إلى العمل بما كُلِّف به يحقق غرض المكلِّف (الله) من التكليف.
النتيجة: إن وجود اللطف يمثِّل غرض المكلِّف (الله) من التكليف.
ينتج عن هذه النتيجة «أن عدم تحقّق اللطف يمثِّل نقضاً لغرض المكلِّف (الله) من التكليف».
وحيث إن إحدى مقدمات هذا الاستدلال مقدّرة يبدو هذا الاستدلال من الناحية البنيوية على شكل القياس المُضْمَر، وأما المقدّمة المقدّرة فهي غير صحيحة؛ لأن غرض المكلِّف من تكليف المكلَّف هو أن يتحقّق في عالم الإمكان ما الذي سيختاره المكلَّف من بين فعل الطاعة أو ارتكاب المعصية.
وقد بين العلاّمة الحلّي الدليل الثاني على إثبات قاعدة اللطف في كتاب (أنوار الملكوت) على النحو التالي: «إن ترك اللطف مفسدة فيكون فعله واجباً. أما أنه مفسدة فلأن ترك اللطف لطفٌ في ترك الطاعة، واللطف في المفسدة مفسدةٌ»([18]).
ويمكن بيان هذا الدليل ضمن قياس منطقي على النحو التالي:
المقدّمة الأولى: ترك اللطف لطفٌ في ترك الطاعة.
المقدّمة الثانية: ترك الطاعة مفسدةٌ.
النتيجة: ترك اللطف لطفٌ في المفسدة.
ومن خلال ضمّ هذه النتيجة إلى مقدّمة أخرى، أي «اللطف في المفسدة مفسدة»، نحصل على نتيجة مفادها أن ترك اللطف مفسدة، ومن هذه النتيجة نصل إلى وجوب اللطف.
إن المقدّمة الأولى من هذا الاستدلال غير صحيحة؛ لأن اللطف فعل يقرّب المكلَّف من فعل الطاعة ويبعده عن المعصية، وعليه فإن ترك اللطف الذي هو ترك الفعل لا يمكن تفسيره بأنه لطفٌ؛ لأن الفعل مأخوذٌ في تعريف اللطف. إذن لا يمكن إثبات قاعدة اللطف بهذا الاستدلال.
أما الدليل الثالث الذي يذكره العلاّمة الحلّي لإثبات قاعدة اللطف في كتاب (أنوار الملكوت): «القدرة على اللطف ثابتةٌ، والداعي موجودٌ؛ لأن الداعي إلى الفعل يكون داعياً إلى ما لا يتمّ الفعل إلاّ به، ومتى اجتمعت القدرة والداعي وجب الفعل»([19]).
ويمكن بيان هذا الدليل من خلال قياس منطقي على النحو التالي:
المقدّمة الأولى: إن القدرة والداعي على فعل اللطف موجودٌ.
المقدّمة الثانية: كلما كانت القدرة والداعي على الفعل موجوداً كان الفعل واجباً.
النتيجة: فعل اللطف واجبٌ.
لقد تمّ بيان هذا الدليل من الناحية المنطقية على شكل القياس الاستثنائي. وأما إشكاله فيكمن في أن مقدّمته الأولى غير صحيحة. نعم، إن القول بأن القدرة على اللطف موجودةٌ صحيح؛ لأن الله قادر على كلّ ممكن. وأما ما قيل من أن الداعي إلى اللطف موجود؛ لأن الداعي إلى ذلك الشيء الذي لا يتمّ الفعل إلاّ به، فيحتاج إلى المزيد من البحث والتحقيق. وحيث وردت عبارة «الداعي إلى الفعل يكون داعياً إلى ما لا يتمّ الفعل إلاّ به» بوصفها دليلاً على وجود الداعي يبدو أن المراد من الفعل في هذه العبارة هو امتثال التكليف من قبل المكلَّف، وليس فعل اللطف. ولكنْ حتى في هذه الصورة لا يمكن اعتباره دليلاً مقبولاً على إثبات وجود الداعي؛ لأن المكلَّف حتّى من دون اللطف قادرٌ على امتثال التكليف، ولا يمكن ادّعاء عدم إمكان امتثال التكليف دون فعل اللطف، وأن امتثال التكليف لا يكون إلاّ من خلال فعل اللطف. وعليه لا يمكن لهذا الدليل أن يُثبت قاعدة اللطف.
وقال الشيخ المفيد في أوائل المقالات بشأن دليل وجوب اللطف: «إن ما أوجبه أصحاب اللطف من اللطف إنما وجب من جهة الجود والكرم، لا من حيث ظنّوا أن العدل أوجبه، وأنه لو لم يفعله لكان ظالماً»([20]).
وقد ذكر السيد المرتضى دليله على إثبات قاعدة اللطف في كتاب (الذخيرة)، قائلاً: «وإذا كان غرضه تعالى في التكليف التعريض (أي تعريض العبد) للثواب، وعلم أنه (العبد) لا يختار الطاعة إلاّ عند فعلٍ يفعله، فيجب أن يفعله؛ لاتصاله بالداعي»([21]).
إن هذا الدليل إنما يصحّ من الناحية المنطقية إذا تمّ بيانه على شكل قياسٍ استثنائي، على النحو التالي:
المقدّمة الأولى: إذا كان الله تعالى بصدد تعريض العباد إلى الثواب، وكان الله رحيماً، وجب عليه تمكين العباد (بواسطة اللطف) من تحصيل هذه الثواب.
المقدّمة الثانية: إن الله تعالى بصدد تعريض العباد للثواب.
النتيجة: إن الله يجب أن يمكّن العباد من الحصول على هذا الثواب بواسطة اللطف.
من خلال المقارنة بين هذا الدليل والأدلة السابقة يتضح أن عدم القيام باللطف لا يُعَدّ نقضاً لغرض الله من التكليف؛ إذ حتى مع عدم وجود اللطف يمكن امتثال التكليف والتعريض للثواب. إن الغرض من التكليف هو تحقّق طاعة وعصيان العباد في عالم الإمكان، وإن التعريض للثواب من ثمراته. فإذا كان الله تعالى بصدد تعريض العباد إلى الثواب يكون اللطف طبقاً لرحمة الله تعالى وجوده وكرمه واجباً؛ لأن الرحمة في مورد الله بمعنى الإحسان وإرادة النعمة من جهته إلى العباد. وإن فعل اللطف الذي يعني تقريب العباد من الطاعة وإبعادهم من المعصية يُعَدّ لطفاً بهم، وعليه فإن لازم الرحمة الإلهية أن يقوم بفعل اللطف تجاه المكلَّفين.
وإن الجود والكرم يعني بذل ما يجب دون توقُّع التعويض، والجود يستعمل غالباً في بذل المال. وبما أن اللطف بدوره من الأمور اللائقة بالمكلَّفين فإن لازم الجود والكرم الإلهي أن يقوم بفعل اللطف في حقّهم.
موقف المتكلِّمين من أهل السنّة بالنسبة إلى قاعدة اللطف
من بين المتكلمين من أهل السنّة ذهب أكثر المعتزلة إلى القول بوجوب اللطف عقلاً. وأما الأشاعرة فحيث أنكروا الحُسْن والقُبْح العقليين من رأسٍ لم يعتقدوا بالوجوب العقلي لكل فعلٍ من أفعال الله سبحانه وتعالى بما في ذلك اللطف. لقد ذكر بعض المتكلّمين من المعتزلة والأشاعرة أدلة في إثبات وجوب وعدم وجوب اللطف. وفي ما يلي نستعرّض آراءهم ومواقفهم في ما يتعلّق بقاعدة اللطف.
موقف المعتزلة من قاعدة اللطف
إن من بين الأصول الخمسة عند المعتزلة أصل لزوم العمل بالوعد والوعيد.
هناك من المعتزلة مَنْ يرى وجوب العمل بالوعد والوعيد، وقال بعضٌ منهم بعدم الوجوب. وعلى أيّ حال فإنهم يذهبون جميعاً إلى القول بأن الوعد والوعيد من متفرّعات قاعدة اللطف. وفي هذا القسم سوف نبحث بشأن موقف المعتزلة في ما يتعلق بقاعدة اللطف.
يعتبر القاضي عبد الجبّار الهمذاني، من متكلِّمي المعتزلة، من القائلين بوجوب اللطف عقلاً. فهو يرى أن اللطف إنما يجب لأنه لو علم أن المكلّف لا يختار فعل الطاعة إلاّ إذا قام الله تعالى بأمرٍ خاصّ، فإنْ لم يقم بذلك الأمر الخاصّ فإن المكلّف سيُحجم عن فعله ويقترف المعصية، فإنّ عدم القيام بذلك الفعل (اللطف) عندها لن يؤدي إلى غير الاستفساد، وسوف يكون مساوياً لفعل ضدّ الطاعة والحمل على المعصية مع ثبوت التكليف؛ إذ مع قيام التكليف لا يصحّ الإضرار به بالمنع، ولا أن يتم فرض الطاعة بالقهر والإلجاء، في حين أن عدم اللطف صحيحٌ مع عدم وجود التكليف([22]).
وفي جواب الاعتراض القائل بأن الاستفساد دعوةٌ إلى الفساد وأمرٌ به ـ وهذا غير القول الذي ذكره في مورد اللطف ـ قال: «إن الدعوة إليه [أي الاستفساد] والأمر به إنما يقبُحان لمثل ما ذكرناه، وهو أنه أقرب إلى وقوع الفساد منه عندهما. فلو لم يكن الأمر الذي يختار عنده ولأجله الفساد لا محالة استفساداً لم يكن ما ذكرته أيضاً استفساداً»([23]).
ويمكن توضيح دليل القاضي عبد الجبّار ضمن قياسٍ منطقي على النحو التالي:
المقدّمة الأولى: إن عدم اللطف استفسادٌ.
المقدّمة الثانية: الاستفساد قبيحٌ.
النتيجة: عدم اللطف قبيحٌ.
وبالالتفات إلى أن فعل القبيح محالٌ على الله نصل إلى نتيجة مفادها: إن اللطف واجبٌ على الله.
ولكنْ كما ذكرنا في مورد أدلة المتكلمين من الشيعة، فإن الهدف من التكليف هو اختبار الناس ليحصل كلّ واحد منهم على الثواب على أساس جدارته وكفاءته. وعليه لا يمكن اعتبار عدم اللطف دفعاً للمكلّف نحو الفساد.
ومن بين المتكلمين المعتزلة ذهب كلٌّ من: بشر بن المعتمر، وجعفر بن حرب، إلى مخالفة وجوب اللطف على الله.
لقد ذكر بشر بن المعتمر في نفي وجوب اللطف دليلاً عمد القاضي عبد الجبّار الهمداني إلى الاستدلال على ردّه.
قال بشر بن المعتمر: لو كان اللطف واجباً على الله لما كان هناك مذنبٌ أبداً؛ لأن الله تعالى قادر على اللطف بجميع المكلّفين، فيقرّبهم من الطاعة ويبعّدهم عن المعصية، وعليه يجب أن لا يكون هناك حتى مذنبٌ واحد في العالم. وبذلك فإنه يصل إلى نتيجة مفادها: إن اللطف غير واجب على الله([24]).
لقد ذكر بشر بن المعتمر لتأييد رأيه دليلاً آخر؛ إذ قال ما معناه: «إن الله تعالى قادر لذاته، وحقّ القادر لذاته أن يكون قادراً على جميع أنواع المقدورات، والألطاف من المقدورات أيضاً، وعليه فمن الواجب أن يكون الله تعالى قادراً عليها أيضاً»([25]).
وقال القاضي في الجواب عن هذا الاستدلال بما مضمونه: «وجوابنا : إن اللطف ليس من أنواع المقدورات؛ كي تكون القدرة عليه واجبة على الله القادر لذاته، وعليه فإن ما ذهب إليه [ابن المعتمر] باطلٌ. اتّضح ممّا تقدّم أن اللطف هو الذي يختار الفرد معه الواجب ويبتعد عن القبيح، وليس هذا نوعاً مخصوصاً حتّى يجب على القادر لذاته، وتكون له القدرة عليه»([26]).
يبدو أن إشكال القاضي على استدلال بشر بن المعتمر غير واردٍ؛ لأنه لم يقُلْ: إن اللطف واحدٌ من المقدورات، بل إن معنى كلامه أن اللطف أيّاً كان معناه يقع تحت أجناس أحد المقدورات، وإن الله قادر عليه.
إن دليل بشر بن المعتمر باطلٌ من جهة أن اللطف لا يعني سلب الاختيار من المكلف. إن الله قادر على اللطف بجميع المكلَّفين، وفي الوقت نفسه لا يلزم من هذا اللطف محالٌ، ولكنْ مع وجود اللطف يكون المكلَّف مخيراً بين الطاعة وتركها، وإذا ارتكب المعصية فعلى هذا المبنى أيضاً.
تقدّم أن جعفر بن حرب من متكلِّمي المعتزلة، وقد كان بدوره مخالفاً لوجوب اللطف أيضاً. وإن مضمون الدليل الذي ذكره على مدّعاه كما يلي: «ليس وجوب اللطف من الأمور الضرورية، وليس هناك دليلٌ على إثباته. أما كونه ليس من الأمور الضرورية فظاهر. ولا دليل على وجوبه. وما اعتبر دليلاً له لا يتعلّق بـ «اللطف»، وإنما هي أدلة تعود إلى التكليف»([27]).
وعلى هذا الأساس فإن الأدلة المذكورة على وجوب اللطف لا يراها ابن حرب ناهضةً على إثباته، وإنما هي تعود إلى إثبات التكليف فقط.
إن الدليل الأول الذي عمد جعفر بن حرب إلى إبطاله هو الدليل الذي وقع فيه (نقض الغرض من التكليف) حدّاً وَسَطاً في إثبات وجوب اللطف. وقال في معرض هذا الدليل في ردّ وجوب اللطف ما معناه: «إن (الأدلة) التي تعود إلى الإخلال باللطف بنقض وإبطال التكليف غير صحيحة؛ لأننا لا نقول: إنه رغم استمرار التكليف يُخلّ باللطف؛ لأن الذي دعاه إلى تكليف المكلّف يدعوه إلى اللطف به في ذلك (التكليف) وإزالة حجّته (في مورد ذلك التكليف). وأما حصول ذلك (اللطف) بحسب الدواعي فلا يدلّ على وجوبه، أو من الممكن أن يقال: إنه عندما يريد رفع التكليف لا يقوم باللطف. وهذا لا يصحّ عند جميع (المتكلمين)؛ لأن اللطف عندهم إنما يجب عند وجود التكليف. وعليه عند ارتفاع التكليف يرتفع وجوب اللطف أيضاً»([28]).
يرى جعفر بن حرب أن الله تعالى حيث يكلّف المكلّف فإنه يلطف به؛ كي يقترب من امتثال التكليف أكثر، وعليه فإنه قبل وجود التكليف لن يكون هناك لطفٌ؛ كي يكون في عدم امتثاله نقضٌ للغرض من التكليف.
كما أنه يجيب في استدلاله على إشكالٍ افتراضي، وهو الإشكال القائل: إن التكليف موجود، وإن اللطف يجب في بعض الموارد بحَسَب الدواعي، وفي الموارد التي تكون تلك الدواعي موجودة يكون اللطف واجباً، ويكون عدمه بسبب وجود تلك الدواعي نقضاً للغرض من التكليف.
وأما من وجهة نظر جعفر بن حرب فإن وجود تلك الدواعي لا يدلّ على وجوب اللطف؛ لأن وجود الدواعي الخاصة لا ينهض دليلاً على وجوب اللطف بشكلٍ عامّ، لأن معنى اللطف أنه يجب على الله أن يقوم بما يقرّب العبد من فعل الطاعة، لا بمعنى أنه في بعض الموارد الخاصة حيث يوجد الداعي يكون اللطف واجباً على الله. وجوابه عن توجيه بعض المعتقدين باللطف، القائلين: إن اللطف إنما يأتي عندما يكون الله بصدد رفع التكليف، قابلٌ للرفع، وعند عدم قيامه باللطف عند عدم وجود الدواعي الخاصة لا يلزم منه إشكالٌ، هو أن اللطف إنما يكون صحيحاً في حالة وجود التكليف عند جميع المعتقدين باللطف، وعندما يرتفع التكليف ينتفي وجوب اللطف أيضاً.
اتّضح ممّا تقدّم أن أدلة جعفر بن حرب في الموارد التي يكون دليل اللطف لزوم نقض الغرض من عدم وجود اللطف صحيحةٌ. وقد ذكرنا في معرض بيان أدلة الإمامية أن عدم اللطف لا يلزم منه نقض للغرض من التكليف.
أما الدليل الآخر الذي يُبطله جعفر بن حرب فهو الدليل الذي يوجب اللطف؛ لأن في تركه مفسدة.
يقول ابن حرب: إن ما يقال من أن وجود المفسدة في ترك اللطف سبب في وجوب اللطف ينطوي على نوعٍ من المصادرة على المطلوب؛ لأن ترك اللطف إنما يكون مثل المفسدة قبيحاً إذا كان اللطف نفسه واجباً، ووجوب اللطف هو الشيء الذي يعتقد هؤلاء أن هذا الاستدلال بصدد إثباته. وفي المرحلة اللاحقة، دون أخذه بنظر الاعتبار اشتمال المفسدة على صفة القبح، يعمل على إبطال هذه الطريقة لاستدلال القائلين بوجوب اللطف من أن المفسدة هي الشيء الذي يدعو إلى ترك التكليف أو فعل ما يقوم التكليف على تركه، وإذا قام الله بهذه المفسدة سيكون ذلك بمنزلة رفع التكليف. وحيث يجوز رفع التكليف، فإذا كان في ترك اللطف مفسدة لن يكون هناك إشكالٌ في جواز ترك اللطف. وعلى هذا الأساس فإن وجود المفسدة في ترك اللطف لا يمكن أن يكون دليلاً على وجوب اللطف.
أما مضمون الدليل الآخر الذي ذكره ابن حرب في إبطال وجوب اللطف فهو كما يلي: «يجوز الإخلال باللطف، وكلّ ما له مثل هذه الصفة لا يجب. أما الإخلال باللطف فيجوز لأن اللطف عند جميع (المتكلّمين) تابع للتكليف؛ إذ من الثابت أن من الجائز على الله تعالى أن يزيل عقل المكلّف في المستقبل، وبذلك يزول عنه التكليف، وعندما يتمّ رفع التكليف عنه يجوز الإخلال باللطف أيضاً. وكل لطف يوجد بالنسبة إلى كلّ فعل إنما يكون لطفاً في أفعال المستقبل، دون أفعال الماضي، وكل لطف هذا حاله ـ حيث يجوز رفع التكليف ـ يجوز الإخلال به، وكلّ ما جاز الإخلال به لن يكون واجباً. وعلى هذا الأساس فإن الإخلال باللطف؛ حيث يكون تابعاً للتكليف، سيكون جائزاً لجواز الإخلال بالتكليف. وعلى هذا الأساس لا يكون اللطف واجباً على الله تعالى»([29]).
وعلى هذا الأساس فإن اللطف من وجهة نظره إنما يكتسب مفهومه على الدوام بالنسبة إلى المستقبل، والتكليف يجوز رفعه في المستقبل أيضاً. إذن فاللطف الذي هو تابعٌ للتكليف سيكون من الجائز رفعه، ولن يكون واجباً.
وأما في الجواب عن هذا الاستدلال فيجب القول: إن طاعة التكليف مأخوذةٌ في تعريف اللطف، وإذا لم يكن هناك تكليف لا يكون هناك معنى للطف؛ كي يتم البحث في وجوبه وعدم وجوبه، والذي يتمّ إثباته هو أنه إذا وجد التكليف في المستقبل (على نحو الجواز أو الوجوب) سيكون اللطف بالنسبة له واجباً.
موقف المتكلِّمين الأشاعرة من قاعدة اللطف
تعرّضنا حتى الآن إلى بيان أدلة المتكلِّمين من المعتزلة في إثبات وإبطال وجوب اللطف.
أما المتكلِّمون الأشاعرة فحيث لا يقولون بالحُسْن والقُبْح العقلي لا يوجبون أيّ فعلٍ على الله، بما في ذلك اللطف.
وفي ما يلي نتعرَّض إلى بيان أدلة المتكلِّمين الأشاعرة في إبطال وجوب اللطف.
قال الرازي في مفاتيح الغيب في إبطال وجوب اللطف: «إن فعل اللطف هل يرجّح الداعي أو لا يرجّحه؟ فإن لم يرجّحه البتّة لم يكن به تعلّق، فلا يكون لطفاً، وإن رجّحه فنقول: المرجّح لا بُدَّ أن يكون منتهياً إلى حدّ الوجوب، فإنه مع ذلك القدر من الترجيح إما أن يمتنع وقوع الفعل عنده، أو يمكن، أو يجب؛ فإنْ امتنع كان مانعاً لا داعياً؛ وإنْ أمكن أن يكون وأن لا يكون فكل ما يمكن لا يلزم من فرض وقوعه محال، فليفرض تارة واقعاً؛ وأخرى غير واقع، فامتياز وقت الوقوع عن وقت اللاوقوع إما أن يتوقف على انضمام قيد إليه؛ أو لا يتوقف، فإنْ توقف كان المرجّح هو المجموع الحاصل بعد انضمام هذا القيد، فلا يكون الحاصل أوّلاً مرجّحاً؛ وإنْ لم يتوقّف كان اختصاص أحد الوقتين بالوقوع والآخر باللاوقوع ترجيحاً للممكن من غير مرجّح، وهو محال؛ وأما إنْ كان اللطف مرجّحاً موجباً كان فاعل اللطف فاعلاً للملطوف فيه، فكان تعالى فاعلاً لفعل العبد»([30]).
وفي الجواب عن هذا الإشكال يجب القول: إن اللطف الداعي لا يرجّح الإتيان بالفعل (التكليف). إن اللطف إنما يقوّي الداعي إلى امتثال الفعل فقط. وعلى أيّ حالٍ (سواء مع وجود اللطف أو من دونه) فإن الذي يرجّح الإتيان بالفعل ويبلغ به حدّ الوجوب هو اختيار المكلّف. وعلى هذا الأساس فإن دليل الفخر الرازي لا يمكنه إبطال وجوب اللطف.
قال الفخر الرازي في كتاب المحصل في إبطال وجوب اللطف: «لا يجب شيء عندنا على الله ـ خلافاً للمعتزلة الذين يوجبون على الله اللطف والعوض والثواب ـ. لنا أن الحكم لا يثبت إلاّ بالشرع، ولا حاكم على الشرع؛ فلا يجب عليه شيء؛ ولأن اللطف هو الذي يفيد ترجيح الداعي بحيث لا ينتهي إلى حدّ الإلجاء فالداعي الواصل إلى ذلك الحدّ شيء ممكن الوجود في نفسه، والله تعالى قادرٌ على الممكنات، فوجب أن يكون الله تعالى قادراً على إيجاد ذلك الداعي المنتهي إلى ذلك الحدّ من غير تلك الواسطة [للطف]»([31]).
وعلى هذا الأساس فإن الفخر الرازي؛ حيث يرى الشرع وحده هو القادر على إيجاب الأحكام، وأن الله هو الذي أوجد الشرع، إذن لا يجب شيء على الله تعالى. وعليه فإن اللطف بدَوْره لا يكون واجباً على الله.
يرى الفخر في إبطال دليل القائلين بوجوب اللطف أن اللطف حيث يؤدّي إلى ترجيح الداعي لدى المكلّف إلى القيام بالتكليف إلى حدّ الإلجاء، إذن حيث يكون الله قادراً على جميع الممكنات يمكنه أن يخلق هذا الداعي من طريق واسطةٍ أخرى غير اللطف.
وقال الخواجة نصير الدين الطوسي في معرض الإجابة عن دليل الفخر الرازي: «ليس هذا الوجوب [وجوب اللطف] بمعنى الحكم الشرعي ـ كما هو المصطلح عند الفقهاء ـ، بل هذا الوجوب بمعنى كون الفعل بحيث يستحق تاركه الذمّ»([32]).
يبدو أن معنى كلام الخواجة نصير الدين الطوسي أن حُسْن وقُبْح الفعل ذاتي له، وأن الفعل الواجب هو الفعل الذي يرى العقل استحقاق تاركه للعقاب والذمّ. كما أن المراد من وجوب اللطف ليس وجوبه شرعاً، وإنما المراد وجوبه عقلاً وتكويناً، وأن مقتضى رحمة الله اللطف بعباده.
ثم قال الخواجة نصير الدين الطوسي، في تتمّة ردّه على دليل الفخر الرازي: «واللطف عندهم عبارةٌ عن جميع ما يقرب العبد إلى الطاعة، ويبعّده عن المعصية، حيث لا يؤدّي إلى الإلجاء، وهو من أفعال الله تعالى، وعندهم [المتكلِّمون] واجبٌ بعد ثبوت التكليف»([33]).
وعلى هذا الأساس يذهب الخواجة نصير الدين الطوسي إلى خطأ الفخر الرازي في تفسير اللطف بمعنى ترجيح الداعي لدى المكلّف في امتثال التكليف بشكلٍ يؤدي إلى الإلجاء، وأن الصحيح في تفسير اللطف هو ما يقرِّب المكلّف إلى الطاعة ويبعده عن المعصية بحيث لا يبلغ حدّ الإلجاء. وعليه لا يكون ما ذكر الفخر الرازي من القيد المنتهي إلى حدّ الإلجاء صحيحاً.
وأما في مورد أن اللطف يرجّح كفة الداعي لدى المكلّف إلى امتثال التكليف، وأن هذا الداعي ممكن الوجود، ويمكن لله سبحانه وتعالى أن يرجّحه من طريق واسطةٍ أخرى غير اللطف، فيجب القول: إن كلّ واسطة من بين جميع الممكنات ترجّح الداعي لدى المكلّف إلى امتثال التكليف تقع في دائرة اللطف.
كما جاء في شرح التجريد ذكر أدلة للأشاعرة في إبطال وجوب قاعدة اللطف. وقد تمّ بيان واحدٍ من تلك الأدلة على النحو التالي: «اللطف أنما يجب إذا خلا من جهات المفسدة؛ لأن جهات المصلحة لا تكفي في الوجوب ما لم تنتفِ جهات المفسدة، فلِمَ لا يجوز أن يكون اللطف الذي توجبونه مشتملاً على جهة قُبْحٍ لا تعلمونه، فلا يكون واجباً؟!»([34]).
يتّضح من هذا الكلام أن الأشاعرة إنما لا يرَوْن اللطف واجباً؛ لأنه قد يشتمل على جهة قُبْح لا يعلمها المكلّف.
وقد أجاب العلاّمة الحلّي عن ذلك قائلاً: «تقرير الجواب: إن جهات القبح معلومة لنا؛ لأنا مكلَّفون بتركها، وليس هنا وجه قُبْحٍ»([35]).
ولكن يبدو أن جواب العلاّمة الحلّي ليس صحيحاً. وفي الجواب عن هذا الاستدلال يجب القول: إن إحدى شرائط وأحكام اللطف أن لا يكون قبيحاً، وحُسْن وقُبْح الفعل من ذاتياته، وعليه لا يكون لعلمنا أو عدم علمنا بحُسْن وقُبْح ذلك الفعل تأثير في حُسْنه وقُبْحه.
والدليل الآخر المذكور في شرح التجريد عن الأشاعرة في إبطال اللطف هو: «إن الكافر إما أن يكلف مع وجود اللطف؛ أو مع عدمه. والأول باطلٌ، وإلاّ لم يكن لطفاً؛ لأن معنى اللطف هو ما حصل الملطوف فيه عنده. والثاني إما أن يكون عدمه لعدم القدرة عليه، فيلزم تعجيز الله تعالى، وهو باطلٌ؛ أو مع وجودها فيلزم الإخلال بالواجب»([36]).
معنى هذا الدليل هو أن اللطف حيث يكون شيئاً يحصل عند الملطوف فيه، فعليه مع وجود اللطف يجب أن يحصل الإيمان للمكلّف الكافر، وإذا لم يتمكن الكافر أن يكون مكلّفاً من دون وجود اللطف فإن عدم اللطف في مثل هذه الحالة يعود إما إلى عدم قدرة الله عليه، وهذا محالٌ؛ وإذا قلنا بأن الله قادرٌ على اللطف بالنسبة إلى الكافر، ومع ذلك لا يفعله، وقلنا بأن اللطف واجب، فإن ذلك يعني أن الله سوف يخلّ بالواجب، وهو محالٌ أيضاً».
وقال العلاّمة الحلّي في الجواب عن هذا الاستدلال: «والجواب أن اللطف ليس معناه هو ما حصل الملطوف فيه، فإن اللطف لطفٌ في نفسه، سواء حصل الملطوف فيه أو لا، بل كونه لطفاً من حيث إنه يقرب إلى الملطوف فيه، ويرجّح وجوده على عدمه. وامتناع ترجيحه إنما يكون لمعارضٍ أقوى، هو سوء اختيار المكلّف، فيكون اللطف في حقّه مرجوحاً»([37]).
وعلى هذا الأساس فإن اللطف من وجهة نظر العلاّمة الحلّي لا يحصّل امتثال الطاعة للمكلّف، وإنما يقرّبه منه. فاللطف لا يمكنه أن يسلب اختيار المكلف، والمكلّف حتى مع وجود اللطف قادرٌ على ترك الطاعة. وعلى هذا الأساس لا يمكن اعتبار عدم إيمان الكافر مع وجود اللطف دليلاً على عدم وجوب اللطف.
الدليل الثالث المذكور في شرح التجريد بوصفه واحداً من أدلة الأشاعرة على عدم وجوب اللطف ما يلي: «إن اللطف لو كان واجباً لم تقع معصيةٌ من مكلف أصلاً؛ لأنه تعالى قادرٌ على كل شيء، فإذا قدر على اللطف لكلّ مكلّف في كلّ فعلٍ لم تقع معصية؛ لأنه تعالى لا يخلّ بالواجب، لكن الكفر والمعاصي موجودةٌ»([38]).
إذن على أساس هذا الدليل، حيث إن الله قادر على كل فعل ممكن فإذا كان اللطف واجباً؛ فحيث يكون اللطف ممكناً بالنسبة إلى جميع المكلّفين، يجب أن يقوم بلطفٍ تجاه جميع آحاد المكلّفين، وعلى هذا الأساس يجب أن لا تصدر معصيةٌ من أيّ واحد من المكلّفين.
وقال العلاّمة الحلّي في الجواب عن ذلك: «إنما يصح أن يقال: يجب أن يلطف للمكلّف إذا كان له لطفٌ يصلح عنده. ولا استبعاد في أن يكون بعض المكلّفين لا لطف له سوى العلم بالمكلِّف والثواب مع الطاعة والعقاب مع المعصية. والكافر له هذا اللطف»([39]).
يبدو من كلام العلاّمة الحلّي أن اللطف إنما يجب إذا لم ينافِ الحكمة الإلهية، وليس معنى وجوب اللطف وجوب القيام به بالنسبة إلى كلّ مكلّف. وقد يكون اللطف بالنسبة إلى بعض المكلّفين مقتصراً على العلم بوجود المكلِّف والثواب والعقاب عند الطاعة والمعصية، وهي موجودةٌ بالنسبة إلى جميع المكلّفين.
إذن فكون اللطف مقتضى الرحمة الإلهية لا يعني القيام بكلّ لطفٍ لكل مكلّف، وإن الرحمة الإلهية لن تتعارض مع حكمته، وكلّ لطفٍ لا يتنافى مع الحكمة الإلهية سيكون واجباً؛ انطلاقاً من رحمة الله وجوده وكرمه.
كما أنه حتّى إذا كانت هناك بالنسبة إلى الكافر ألطاف أخرى غير العلم بوجود المكلِّف والثواب والعقاب على الطاعة والمعصية، إلاّ أن هذا لن يسلبه اختيار الطاعة أو المعصية، ويبقى قادراً على ارتكاب المعصية، ووجوب اللطف لا يلزم منه عدم وجود الكفر والمعصية.
كما قام سعد الدين التفتازاني في شرح المقاصد بإبطال وجوب اللطف أيضاً. ومن بين الأدلة التي ساقها في إبطال وجوب اللطف قوله: «لو وجب [اللطف] لما أخبر الله بسعادة البعض وشقاوة البعض بحيث لا يطيع البتّة؛ لأن ذلك إقناطٌ وإغراء على المعصية، وهو قبيحٌ، ولو في حقّ مَنْ علم الله أنه لا يجدي عليه اللطف»([40]).
إذن يرى التفتازاني أن اللطف إذا كان واجباً يجب على الله أن لا يقوم بما ينافي هذا اللطف، من خلال الإخبار بسعادة أو شقاوة بعض الأشخاص، الأمر الذي يؤدي إلى إبعادهم عن الطاعة وتقريبهم من المعصية.
وجوابه: إن الإخبار بشقاء وسعادة بعض الأفراد بعينهم لا يؤدي إلى اندفاعهم وتحفيزهم إلى فعل المعصية؛ لأن الله تعالى بعلمه المطلق يعلم أن هؤلاء الأشخاص على الرغم من وجود أسباب اللطف وأرضيته مع ذلك يقترفون المعاصي بسوء اختيارهم، أو يمتثلون الطاعة بحسن اختيارهم.
أما الدليل الآخر الذي ذكره التفتازاني في سياق إبطال وجوب اللطف فهو: «لو وجب [اللطف] لكان في كلّ عصر نبيّ، وفي كلّ بلد معصوم، يأمر بالمعروف ويدعو إلى الحقّ، وعلى وجه الأرض خليفة يُنصف المظلوم وينتصف من الظالم، إلى غير ذلك من الألطاف»([41]).
وشبيهٌ بهذا الدليل ذكره المير سيد شريف الجرجاني في (شرح المواقف) على النحو التالي: «الدليل الذي تمسكتم به في وجوب اللطف ينتقض بأمورٍ لا تحصى، فإنا نعلم أنه لو كان في كل عصر نبيّ، وفي كل بلد معصوم، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وكان حكّام الأطراف مجتهدين متفقين لكان لطفاً، وأنتم لا توجبونه على الله تعالى، بل نجزم بعدمه، فلا يكون واجباً عليه»([42]).
في هذا الدليل تمّ اعتبار وجود النبي والمعصوم بوصفه لطفاً أمراً مسلَّماً، واستنتج منه أنه حيث يجب اللطف على الله فيجب أن يكون هناك نبيّ في كل عصر، ومعصوم في كلّ مدينة، وحيث إن الأمر ليس كذلك لا يكون اللطف واجباً.
وفي معرض الجواب عن هذا الدليل يجب القول: إن الله بعث المعصوم في كلّ عصر، وإن الأرض لا تخلو من حجّة لله. إن كل لطف يراه الله في مصلحة المكلّفين فإنه سبحانه وتعالى لا يضنّ به عليهم، وفي بعض الموارد، ومن بينها: الألطاف التي تشمل حال الناس بسبب حكومة المعصوم في المجتمع، نجد الناس أنفسهم هم الذين يحولون دون تحقُّق هذا الألطاف؛ بسوء اختيارهم.
النتيجة
إن النتيجة التي نحصل عليها من خلال مناقشة آراء المتكلِّمين الإسلاميين بشأن قاعدة اللطف هي أن الأدلة التي رأى فيها المتكلّمون عدم القيام باللطف نقضاً لغرض الله تعالى من التكليف ومخالفة لحكمته لا يمكنها أن تُثبت قاعدة اللطف.
إن أكثر الإشكالات التي ذكرها المخالفون لقاعدة اللطف في ردّ هذه القاعدة قد استندت إلى هذا المبنى القائل بأن عدم القيام باللطف يؤدّي إلى نقض غرض الله تعالى.
إن عدم القيام باللطف لا يكون سبباً لنقض غرض الله سبحانه وتعالى؛ وذلك لأن أعمال الناس تقوم على الإمكان والاختيار وتخضع لتغيُّر الظروف. وإن الله قد أوجب عليهم التكاليف؛ ليختبر مدى طاعتهم وعصيانهم على أساس اختيارهم في عالم الإمكان، رغم علمه بجميع هذه الأمور.
وعلى هذا الأساس فإن غرض الله سبحانه وتعالى من تكليف العباد هو تحقّق الطاعة أو العصيان منهم في عالم الإمكان باختيارهم، وهذا الغرض يتحقّق دون تحقّق اللطف.
وفي الحقيقة يجب القول: إن دليل وجوب اللطف أنه بالالتفات إلى معنى اللطف من وجهة نظر المتكلِّمين الإسلاميين، والذي هو تقريب العباد من الطاعة وإبعادهم عن المعصية، فإن لازم رحمة الله وجوده وكرمه أن يلطف بحقّ العباد؛ لأن الرحمة الإلهية تعني الإحسان وإرادة النعمة للعباد. إذن لازم الرحمة الإلهية أن يقوم باللطف الذي هو من الإحسان والإنعام بحقّ العباد. كما أن الجود والكرم الإلهي يعني بذلك ما يليق دون توقّع العوض. وحيث إن تقريب العباد من الطاعة وإبعادهم من المعصية أمرٌ لائق يكون منح العباد مثل هذا الأمر من لوازم الجود والكرم الإلهي.
وعليه فإن النتيجة الرئيسة لهذا التحقيق أن اللطف بحقّ العباد من لوازم الرحمة والجود والكرم الإلهي. ولكنْ في الوقت نفسه لا يمكن اعتبار عدم اللطف نقضاً لغرض الله سبحانه وتعالى من تكليف العباد.
الهوامش
(*) أستاذٌ مساعِد في مجموعة الفلسفة والكلام الإسلاميّ في جامعة إصفهان.
(**) باحثةٌ في مجال فلسفة الدين في الجامعة الإسلاميّة الحرّة، قسم العلوم والتحقيقات، إصفهان.
([1]) المرتضى، الذخيرة في علم الكلام: 186، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، 1433هـ ـ 2012م.
([2]) أبو إسحاق إبراهيم النوبختي، الياقوت في علم الكلام: 55، تحقيق وتقديم: علي أكبر ضيائي، مكتبة المرعشي النجفي، قم، 1413هـ.
([3]) ميثم بن علي البحراني، قواعد المرام في علم الكلام: 117، مكتبة المرعشي النجفي، ط2، قم، 1406هـ.
([4]) العلامة الحلّي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: 324 ـ 325، 1413هـ.
([5]) الجرجاني، شرح المواقف 4: 321، الشريف الرضي، قم، 1325هـ.
([6]) السبحاني، فرهنگ عقايد ومذاهب إسلامي 4: 130 ـ 132، مؤسسة تحقيقاتي إمام صادق×، ط2، قم، 1383هـ.ش (مصدر فارسي).
([7]) الصدوق، تمهيد الأصول: 447، 1385هـ.
([8]) السيد محمد تقي النقوي القائني، مفتاح السعادة في شرح نهج البلاغة 2: 198، مكتبة المصطفى، طهران.
([9]) العلامة الحلي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: 325.
([13]) العلامة الحلّي، أنوار الملكوت في شرح الياقوت: 155، الشريف الرضي، ط2، قم، 1363هـ.ش.
([14]) العلامة الحلّي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: 328.
([15]) العلامة الحلّي، أنوار الملكوت في شرح الياقوت: 155 ـ 156.
([16]) العلامة الحلّي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: 325.
([17]) العلامة الحلّي، أنوار الملكوت في شرح الياقوت: 154.
([20]) المفيد، أوائل المقالات: 59، المؤتمر العالمي للشيخ المفيد، قم، 1413هـ.
([21]) المرتضى، الذخيرة في علم الكلام: 193، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1411هـ.
([22]) القاضي عبد الجبّار المعتزلي الهمداني المعتزلي، المغني في أبواب التوحيد والعدل 13: 116، الدار المصرية، القاهرة، 1965م.
([24]) انظر: المصدر السابق: 353.
([26]) المصدر السابق: 345 ـ 355.
([27]) أحمد بن محمد بن صلاح الشرفي، شرح الأساس الكبير (شفاء صدور الناس بشرح الأساس) 2: 284، دار الحكمة اليمانية، صنعاء، 1411هـ.
([30]) الرازي، مفاتيح الغيب (التفسير الكبير) 23: 348، دار إحياء التراث العربي، ط3، بيروت، 1420هـ.
([31]) الرازي، محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين: 481 ـ 482، دار الرازي، عمان، 1411هـ.
([32]) الخواجة نصير الدين الطوسي، نقد المحصل: 342، دار الأضواء، ط2، بيروت، 1405هـ.
([34]) العلامة الحلّي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: 326.
([40]) التفتازاني، شرح المقاصد 4: 323، الشريف الرضي، قم، 1409هـ.