أحدث المقالات

نقد نظرية كديور

أ.  مهدي نصيري(*)

ترجمة: حسن الهاشمي

تمهيد ــــــ

بادرت صحيفة (شرق)، بتاريخ 14 و15 إسفند من عام 1384هـ ش، إلى نشر محاضرة الشيخ محسن كديور تحت عنوان: «إعادة قراءة الإمامة في ضوء الثورة الحسينية». وقد اشتملت على أمور تدعو إلى التأمل حول موضوع الإمامة. وقد وعد الشيخ كديور في تلك المحاضرة بالتوسع في هذه البحوث في المستقبل.

لقد تعرض السيد كديور في محاضرته إلى عقائد التشيع في ما يتعلق بموضوع الإمامة. ودعا إلى تقديم تفسير جديد حولها.

وإني إذ أتجنب الخوض في بعض المسائل السياسية والهامشية التي وردت في هذه المحاضرة أبدأ بذكر خلاصة لأهم المطالب التي ذكرها حول موضوع الإمامة، ومن ثم أتعرض لها بالتوضيح:

1ـ إن تقبل مجتمعنا للإمامة قد خضع لتغيرات جادّة، حيث أخذ مفهوم الإمامة منذ القرن الأول إلى يومنا هذا بالتطور نحو الشدّة والصعود في بعض أبعاده، بينما تعرضت أبعاده الأخرى إلى الفتور والضعف. والذي اشتد هو نوع تقديس في مجال الإمامة، في حين لم يلحظ لهذا التقديس في القرون الأولى إلا خيط ضئيل جدّاً. إن سيرة الإمام علي والأحاديث المعتبرة الواردة عن الأئمة^ تؤكد على بشريتهم. إن الذي أكدوا عليه هو نوع أفضلية في المجال العملي والبصيرة والتهذيب وطهارة النفس وما يتمتعون به من عقل الدراية في قبال عقل الرواية، ولكن لا يحضرنا أن سيد الشهداء أو الإمام علي وسائر الأئمة^ قد استندوا إلى الجهات الميتافيزيقية في التعريف بأنفسهم. ويكفي في ذلك الرجوع إلى نهج البلاغة، وخطب الإمام الحسين×، وأدعية الصحيفة السجادية، وغيرها من المصادر الدينية المعتبرة.

2ـ لم أعثر في كتاب أن الإمام الحسين أجاب عن سؤال: (من هو الإمام؟) قائلاً: «الإمام هو المنصوب من الله، الإمام هو المنصوص من قبل رسول الله، الإمام هو المعصوم، الإمام هو العالم بالغيب». وهي الأمور التي تشكل الأبعاد المرجعية للإمامة في الكلام عندنا، فإن العصمة، وعلم الغيب، والنصب الإلهي، والنص من قبل النبي، هي الركائز الأربع التي بدأ المتكلمون من الشيعة  منذ القرنين الثالث والرابع فما بعد يستندون عليها في استدلالاتهم. وكلما تقدم الزمن أخذت بالاتساع والنضج أكثر.

3ـ إن هذه المفاهيم لم ينطق بها الأئمة في القرون الأولى إلا قليلاً. وإن الشيعة الأوائل، من قبيل: سلمان، وأبي ذر، والمقداد، وعمار، وكميل، ومالك الأشتر، وأبي بصير، وزرارة، ومحمد بن مسلم، وغيرهم، لم يعرفوا الأئمة على الصورة التي رسمها المتكلِّمون لهم. فهل كان المسلمون في صدر الإسلام، والشيعة الأوائل، يتعاملون مع الأئمة طبقاً لهذه المفاهيم، أم طبقاً للمفاهيم القرآنية والمتعارفة؟

4ـ يجب علينا حالياً أن نبحث في تبديل «المعارف الدينية الأصيلة»، وتحولها إلى نظم كلامية ـ  فقهية خاصة، وكيف أن تلك النظم الكلامية الفقهية قد تربَّعت على عرش تلك المباحث الدينية الأصيلة. ففي القرون الأولى والنصوص المعتبرة كانت تطرح مسائل مختلفة حول الإمامة، وكانت تنظر إلى الهداية إلى الله وإقامة الدين وحقوق العباد.

5ـ إنما يمكن للناس التأسي بالأئمة إذا كانت هناك مسانخة ومشابهة بين الإمام والمأموم، وأما إذا كانت صفات الأئمة على النحو الذي يراه المتكلمون فسوف ترتفع عنهم صفة التأسي.

6ـ لا أروم القول بأن هذه المفاهيم خاطئة، إنما الذي أقوله أن محاور الإمامة كانت في بدايتها شيئاً آخر، ثم تحولت تدريجياً إلى التنصيب، والنصّ، والعصمة، وعلم الغيب.

7ـ إن الإمام علي× يعبّر عن نفسه في قوله: «لولا حضور الحاضر، وقيام الحجّة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقارّوا على كظة ظالم، ولا سغب مظلوم» بالعالم، ولم يتمسك بعلمه للغيب، كما يذهب المتكلمون في صفة الأئمة.

8ـ عندما عايش الناس الأئمة^، وشاهدوا طهرهم وعظيم أخلاقهم، عمدوا ـ على الطريقة الشرقية ـ إلى المبالغة في وصفهم، واعتبروهم خلقاً آخر، وبدأوا بالحديث عن مناقبهم وفضائلهم، حتى بلغوا بذلك حدّاً اضطر معه الأئمة إلى التدخل والاعتراض بأن ما يقال فيهم خارج عن حدودهم. وقد عرف هؤلاء بالغلاة. وبادر الإمام علي× إلى مجازاة بعضهم، وإقامة الحد عليهم.

9ـ الشعبة الأخرى من الغلاة هم المفوّضة، القائلين بأن الله قد فوّض خلق العالم، وأمر الدين، والتدبير، ورزق الخلائق، إلى النبي‘، وبعده إلى علي× والأئمة من بعده. ورووا في ذلك أحاديث كثيرة، لا تزال موجودة في مصادرنا الحديثية.

10ـ هناك من المفوِّضة من قال بتفويض خلق العالم إلى الأئمة. وقد صرح بعض العلماء بشركهم، فانفضّوا عن التشيّع تدريجياً، حتى لم يعد بين الشيعة من يحمل هذا النمط من التفكير. وأما مراتب التفويض الأخرى، كالتفويض في أمر الدين، فبقيت على حالها، بمعنى أن الله تعالى قد فوّض أمر دينه إلى النبي‘ والإمام×، فهؤلاء لا يرتضون غير الله، ولكن بإمكانهم تحليل أو تحريم أي شيء تبعاً لما يرونه من المصالح؛ أو بمعنى الاعتقاد بأن شروق الشمس وهطول الأمطار إنما يحصل بإذن الأئمة وبركة وجودهم.

11ـ  هناك في الجزء الخامس والعشرين من كتاب «بحار الأنوار» أكثر من مئة صفحة استوعبت روايات في نفي الغلو والتفويض، حتى بلغت المسألة في القرن الرابع حدّاً قال معه الشيخ الصدوق: «المفوِّضة والغلاة كفار ومشركون، وأضلّ من كافة أهل الضلالة».

12ـ كان علماء قم آنذاك يتشدّدون على الغلاة والمفوِّضة، ويطردون من بلدهم أي شخص يتجاوز الحد في وصف الأئمة^.

13ـ اتجه التفويض نحو الاعتدال، حتى تحول إلى سيادة الفكر الشيعي. ومرادي من التفويض المعتدل هو الذي لا يثبت الألوهية للأئمة، أو تفويض خلق العالم إليهم، إلا أنه مع ذلك يحتفظ بثلاثة محاور من التفويض، وهي: أولاً: تدبير العالم؛ وثانياً: تقسيم أرزاق العباد؛ وثالثاً: في الشريعة والدين. وهذا من البديهيات في مذهب التشيع. وبعد ذلك لم يعُد يعرف القائل بذلك من المفوِّضة، وإنما هو من صميم التشيع. هذه هي معالم المذهب التي تم تضخيمها.

14ـ حينما نجري مقارنة بين الأدعية الشيعية فسوف نجد سنخين من الأدعية والزيارات: السنخ الأول: يعود إلى (التشيع الأول)؛ والسنخ الثاني: يعود إلى (التفويض المعتدل). ومن الأدعية التي هي من السنخ الأول: دعاء كميل، ودعاء أبي حمزة الثمالي، وأدعية الصحيفة السجادية، والمناجاة الشعبانية، ودعاء عرفة، حيث لم يرد في هذه الأدعية كلمةٌ واحدةٌ حول الاعتماد أو التوسل بغير الله.

15ـ هناك تشيع تتحدد معالمه بخطبة سيد الشهداء في يوم عاشوراء، وخطب نهج البلاغة، ودعاء الإمام الحسين× في يوم عرفة؛ وهناك تشيع آخر يتحدَّد بالتوسل والاستشفاع بالأئمة، بدلاً من الذات الربوبية.

وهنا سنتعرض إلى توضيحات بشأن الادّعاءات المتقدمة التي ذكرها الشيخ كديور؛ لنتعرّف على مدى صحتها وقوتها وصدقيتها ومتانتها:

1ـ إن كديور، وإن أعرب عن عدم قصده إلى إنكار وجود خصائص، من قبيل: النصب من قبل الله، والنصّ من قبل رسول الله‘، والعصمة، وعلم الغيب عند الأئمة^، إلا أن السياق العام لبحثه يثبت أن هذه الصفات لم تثبت استناداً إلى أقوال الأئمة أنفسهم، وإنما هي حصيلة تدخل من قبل المتكلمين والفقهاء، وإلا فإن الإمام الحسين× لم يذكر هذه الخصال الأربع في وصف الإمامة.

كما يفهم من كلامه أن وجود تيارات، مثل: الغلو والتفويض، بين الشيعة وأغلب علمائهم كان له دخل في عرض مثل هذا التصوّر. ولا زلنا عرضة لتيارات الغلو والتفويض. ولحسن الحظ فقد استند الشيخ كديور في تأييد أقواله إلى بعض العلماء، ومن بينهم: الصدوق، والمجلسي، وكذلك بعض نصوص نهج البلاغة، والصحيفة السجادية، ودعاء عرفة، ودعاء أبي حمزة الثمالي، وأذعن بأنها بعيدة عن الغلو والتفويض، وأن موقفها من الإمامة يختلف عن الموقف الكلامي والفقهي منها. وقد تحدث طبعاً عن النصوص المعتبرة مراراً. وكنا نتمنى لو أنه أتى على ذكرها؛ لنقف على تفاصيل المسألة بشكل أوضح.

خصائص الإمامة في الكتاب والسنّة ــــــ

سوف نثبت من خلال هذه الكتب التي أشار إليها أن منشأ ما تقدم من الخصال الأربعة للأئمة ليس سوى النبي الأكرم‘ والأئمة^ أنفسهم، وليست من ابتكارات المتكلمين أو الفقهاء، مضافاً إلى أن هناك آيات من القرآن الكريم تشير إلى هذه الخصائص في محل بحثنا.

أ ـ العصمة ــــــ

ذكر الشيخ الصدوق&، في باب (معنى عصمة الإمام)، من كتاب «معاني الأخبار»، ثلاثة أحاديث في إثبات عصمة الأئمة^:

1ـ عن الإمام موسى بن جعفر×، نقلاً عن الإمام الصادق×، عن الإمام الباقر×، عن الإمام السجاد×، أنه قال: «الإمام منا لا يكون إلاّ معصوماً، وليست العصمة في ظاهر الخلقة، فيعرف بها؛ ولذلك لا يكون الإمام إلاّ منصوصاً [بنصّ إلهي أو نبوي أو إمام سابق]، فقيل: يا بن رسول الله، فما معنى المعصوم؟ فقال: هو المعتصم بحبل الله، وحبل الله هو القرآن، لا يفترقان إلى يوم القيامة، والإمام يهدي إلى القرآن، والقرآن يهدي إلى الإمام، وذلك قول الله عز وجل: {إِنَّ هَذَا القُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}([1]).

2ـ وفي الرواية الأخرى: عن حسين الأشقر قال: قلت لهشام بن الحكم: ما معنى قولكم: «إن الإمام لا يكون إلا معصوماً»؟ فقال: سألت أبا عبد الله× عن ذلك، فقال: المعصوم هو الممتنع بالله من جميع محارم الله، وقال الله تبارك وتعالى: {وَمَن يَعْتَصِم بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (آل عمران: 101).

وقال الشيخ الصدوق بعد ذكره لهذه الأحاديث: «الدليل على عصمة الإمام أنه لما كان كلّ كلامٍ ينقل عن قائله يحتمل وجوهاً من التأويل، وكان أكثر القرآن والسنة، مما أجمعت الفرق على أنه صحيح لم يغيّر ولم يبدّل، محتملاً لوجوهٍ كثيرةٍ من التأويل وجب أن يكون مع ذلك مخبرٌ صادقٌ معصومٌ من تعمّد الكذب والغلط، منبئٌ عما عنى الله ورسوله في الكتاب والسنة على حقّ ذلك وصدقه؛ لأن الخلق مختلفون في التأويل، فلو كان الله تبارك وتعالى تركهم بهذه الصفة من غير مخبر عن كتابه، صادق فيه، لكان قد سوّغ الاختلاف في الدين، ودعاهم إليه؛ إذ أنزل كتاباً يحتمل التأويل، فلما استحال ذلك على الله عز وجل وجب أن يكون مع القرآن والسنة في كل عصرٍ من يبيّن المعاني التي عناها الله عز وجل في القرآن بكلامه، ويبيّن المعاني التي عناها رسول الله في سننه وأخباره، دون التأويل الذي تحتمله ألفاظ الأخبار المروية عنه، وإذا وجب أنه لابد من مخبرٍ صادق وجب أن لا يجوز عليه الكذب تعمّداً، ولا الغلط في ما يخبر به»([2]).

وأضاف الصدوق&: «وإذا ثبت ذلك، وأن الإمام يجب أن يكون معصوماً، لم يكن بدّ من أن ينصّ النبيّ‘ عليه؛ لأنّ العصمة ليست في ظاهر الخلقة، فيعرفها الخلقُ بالمشاهدة»([3]).

كما نقل الشيخ الصدوق في «علل الشرائع» الرواية الآتية عن الإمام علي×، حيث قال: «إنما الطاعة لله عز وجل، ولرسوله‘، ولولاة الأمر^، وإنما أمر بطاعة أولي الأمر؛ لأنهم معصومون مطهَّرون، ولا يأمرون بمعصيته»([4]).

وقد نقل العلامة المجلسي في كتاب «بحار الأنوار»، في ذيل باب بعنوان (عصمتهم ولزوم عصمة الإمام×)، ثلاثة وعشرين حديثاً حول عصمة الأئمة^، وختم هذا الباب بذكر كلام للشيخ الصدوق في باب عصمة الأئمة^، حيث يقول: «اعتقادنا في الأنبياء والرسل والأئمة^ أنهم معصومون مطهَّرون من كلّ دنس، وأنهم لا يذنبون ذنباً صغيراً ولا كبيراً، ولا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، ومن نفى العصمة عنهم في شيءٍ من أحوالهم فقد جهلهم»([5]).

ب- النصب الإلهي  ــــــ

وأما الأدلة التي تدل على نصب الأئمة من قبل الله فهي:

1ـ الآيات القرآنية ــــــ

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} (النساء: 59): وقد قام إجماع الشيعة على أن المراد من أولي الأمر هم الأئمة المعصومون^، وقد بلغوا هذه المنزلة بحكم هذه الآية بأمر الله ونصبه لهم، فأصبحت طاعتهم مفروضة.

{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (المائدة: 67): اتفق الشيعة وأجمعوا على أن مفاد هذه الآية والنصب الإلهي ليس سوى التعريف بالإمام× بوصفه خليفة لرسول الله‘ إماماً للمسلمين.

{اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً} (المائدة: 3):  وقد أجمع الشيعة هنا أيضاً على أن إكمال الدين وإتمام النعمة من قبل الله لم يكن إلا بنصب علي× إماماً، وخليفة لرسول الله‘.

{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} (المائدة: 55): اتفقت كلمة المفسِّرين على أن المراد من (الذين آمنوا) في هذه الآية، والذي نصب من قبل الله بوصفه ولي المؤمنين، إلى جانب ولاية الله ورسوله، ليس سوى الإمام علي×؛ إذ لم يتصدق أحد من المسلمين أثناء ركوعه غيره، حيث تصدق ـ وهو في صلاته ـ بخاتمه على فقير.

وقد روى الصدوق عن الإمام الباقر×: «إن رهطاً من اليهود أسلموا، فأتوا النبي‘، فقالوا: يا نبي الله، إن موسى× أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيك يا رسول الله؟ ومن ولينا بعدك؟ فنزلت هذه الآية»([6]).

2ـ السنة الشريفة ــــ

1ـ  روى الشيخ الصدوق في «معاني الأخبار» عن الإمام الباقر×، عن أبيه، عن جده، قال: «لما أنزلت هذه الآية على رسول الله: {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} قام أبو بكر وعمر من مجلسهما، فقالا: يا رسول الله، هو التوراة؟ قال: لا، قالا: فهو الإنجيل؟ قال: لا، قالا: فهو القرآن؟ قال: لا، قال: فأقبل أمير المؤمنين علي×، فقال رسول الله‘: هو هذا، إنه الإمام الذي أحصى الله تبارك وتعالى فيه علم كلّ شيء».

2ـ  روى الشيخ الصدوق في «معاني الأخبار» عن الإمام الرضا× أنه قال: «إن الله عز وجل لم يقبض نبيّه‘ حتى أكمل لهم الدين، وأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كلّ شيء..، فأنزل في حجّة الوداع، وهي آخر عمره‘: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً}، فأمرُ الإمامة من تمام الدين… إن الإمامة أجلّ قدراً، وأعظم شأناً، وأعلى مكاناً، وأمنع جانباً، وأبعد غوراً، من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماماً باختيارهم. إن الإمامة خصّ الله بها إبراهيم الخليل× بعد النبوّة؛ ثمّ أكرمه الله بأن جعلها في ذريّته أهل الصفوة والطهارة، فلم تزل في ذريّته يرثها بعض عن بعض، قرناً فقرناً، حتى ورثها النبي‘، فكانت له خاصّة؛ فقلدها رسول الله‘ علياً× بأمر الله عز وجل، فصارت في ذريّته الأصفياء»([7]).

3ـ عن أبي الجارود، قال: سألت أبا جعفر الباقر×: بمَ يُعرف الإمام؟ فقال: «بخصالٍ: أولها: نصّ من الله تبارك وتعالى عليه، ونصبه علماً للناس، حتى يكون عليهم حجّة؛ لأن رسول الله‘ نصب علياً×، وعرفه الناس باسمه وعينه، وكذلكم الأئمة^، ينصب الأوّل الثاني».

4ـ قال الإمام علي×، في حشد من الأنصار والمهاجرين، في مسجد النبي، في خلافة عثمان: «أنشدكم الله، أتعلمون حيث نزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}، وحيث نزلت: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}، وحيث نزلت: {وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا المُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً}، قال الناس: يا رسول الله، أخاصّة في بعض المؤمنين أم عامّة لجميعهم؟ فأمر الله نبيّه‘ أن يعلمهم ولاة أمرهم، وأن يفسّر لهم من الولاية ما فسّر لهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجّهم؛ فنصبني للناس علماً بغدير خم؛ ثمّ خطب فقال: أيها الناس، أتعلمون أن الله عز وجل مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: قم يا علي، فقمت، فقال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه..، فقام أبو بكر وعمر فقالا: يا رسول الله، هذه الآيات خاصّة في علي؟ فقال‘:  بلى، فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة، قالا: يا رسول الله، بيّنهم لنا، قال: عليّ أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي..، ثمّ ابني الحسن، ثمّ ابني الحسين، ثمّ تسعة من ولد الحسين، واحدٌ بعد واحدٍ. القرآن معهم، وهم مع القرآن، لا يفارقونه، ولا يفارقهم، حتى يردوا عليَّ الحوض»([8]).

5ـ قال الإمام الصادق×: «ثلاثة لا يكلِّمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذابٌ أليمٌ: من أنبت شجرة لم ينبته الله، يعني من نصب إماماً لم ينصبه الله؛ أو جحد من نصبه الله؛ ومن زعم أنّ لهذين سهماً في الإسلام، وقد قال الله: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ} (القصص: 68) ([9]).

6ـ قال أبو بصير: « كنت عند أبي عبد الله، فذكروا الأوصياء، وذكر إسماعيل [ابن الإمام الصادق×] فقال: لا والله يا أبا محمد، ما ذاك إلينا، وما هو إلا إلى الله عز وجل، ينزل واحداً بعد واحد»([10]).

7ـ عن عمرو بن الأشعث، قال: «سمعت أبا عبد الله× يقول: أترون الأمر إلينا نضعه حيث نشاء؟ كلا ولله، إنه [أي عهد الإمامة] لعهد من رسول الله‘ إلى رجل فرجل، حتى ينتهي إلى صاحبه»([11]).

ج- النص ــــــ

  1ـ ذكر المجلسي، في الجزء الثالث والعشرين من كتاب «بحار الأنوار»، خمسة وعشرين حديثاً في باب تحت عنوان (الإمامة لا تكون إلا بالنصّ، ويجب على الإمام النص على مَن بعده).

 2ـ وقد نقل الشيخ الصدوق في كتاب «كمال الدين وتمام النعمة» الكثير من الأحاديث في النص على الإمام الحجة ابن الحسن#، وأنه الإمام الثاني عشر، على النحو التالي:

 1ـ نصّ الله تعالى على الحجة القائم#: أربعة أحاديث.

 2ـ نصّ رسول الله‘ على القائم#: سبعة وثلاثون حديثاً.

 3ـ نصّ أمير المؤمنين× على القائم#: تسعة عشر حديثاً.

 4ـ نصّّ السيدة فاطمة÷ على القائم#: حديث واحد.

 5ـ النص على القائم# في اللوح الذي أهداه الله تعالى لنبيه، وأعطاه النبي إلى فاطمة÷، وأودعته فاطمة الزهراء عند جابر بن عبد الله الأنصاري، ودفعه جابر إلى الإمام الباقر×.

6ـ نصّ الإمام الحسن× على القائم#: حديثان.

7ـ نصّ الإمام الحسين× على القائم#: خمسة أحاديث.

8ـ نصّ الإمام السجاد× على القائم#: ثمانية أحاديث.

9ـ نصّ الإمام الباقر× على القائم#: سبعة عشر حديثاً.

10ـ نصّ الإمام الصادق× على القائم#: سبعة وخمسون حديثاً.

11ـ نصّ الإمام الكاظم× على القائم#: ستة أحاديث.

12ـ نصّ الإمام الرضا× على القائم#: ثمانية أحاديث.

13ـ نصّ الإمام الجواد× على القائم#: ثلاثة أحاديث.

14ـ نصّ الإمام الهادي× على القائم#: عشرة أحاديث.

15ـ نصّ الإمام العسكري× على القائم#: تسعة أحاديث([12]).

ويجدر بنا التذكير بأن أكثر هذه الأحاديث قد تعرضت إلى ذكر أسماء سائر الأئمة، مضافاً إلى ذكر الإمام الحجة ابن الحسن القائم المنتظر#.

3ـ وذكر الكليني في أصول الكافي، في ذيل باب بعنوان (نصّ الله عز وجل ورسوله‘ على الأئمة واحداً فواحداً)، سبعة أحاديث، وفي الأبواب الاثني عشر الأخرى أحاديث في نصّ الإمام السابق على اللاحق([13]).

د- علم الأئمة^ بالغيب  ــــــ

هناك أحاديث كثيرة أكدت على علم الأئمة بالغيب. وقد أعطي لهم هذا العلم بطبيعة الحال من قبل الله تعالى، دون أن يكون لهم أي استقلال في ذلك. وإن علمهم للغيب ليس مطلقاً، فهناك أمور خافية عليهم لا يعلمها إلا الله تعالى، ومنها: قيام الساعة.

قال الإمام علي×: «إن لله علمين: علماً استأثرَ به في غيبه، فلم يُطلع عليه نبيّاً من أنبيائه، ولا ملكاً من ملائكته، وذلك قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}؛ وله علمٌ قد أطلع عليه ملائكته، فما أطلع عليه ملائكته فقد أطلع عليه محمّداً وآله، يعلمه الكبير منا والصغير إلى يوم القيامة»([14]).

وقد ورد في القرآن أنه يخصّ بعض الناس بعلمه للغيب، قال تعالى: {عَالِمُ الغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ} (الجن: 26ـ 27) [أو إمام يجتبيه].

وقد خوطب الأئمة في الزيارة الجامعة الكبيرة بالقول: «وارتضاكم لغيبه، واختاركم لسرّه»([15]).

وأما الروايات الدالة على علم الأئمة بالغيب فهي:

1ـ تنبأ الإمام علي×، في خطبة من نهج البلاغة، بالأحداث المأساوية القادمة، وسطوة الحجاج بن يوسف الثقفي، واصفاً ذلك بعلمه للغيب، حيث قال: «لو تعلمون ما أعلم، مما طوي عنكم غيبه، إذاً لخرجتم إلى الصّعدات، تبكون على أعمالكم، وتلتدمون على أنفسكم، ولتركتم أموالكم لا حارس لها، ولا خالف عليها… أما والله ليسلطنّ عليكم غلامُ ثقيفٍ، الذيَّال الميّال، يأكل خضرتكم، ويُذيب شحمتكم»([16]).

2ـ ذكر الإمام علي× أنه من مصاديق قوله تعالى: { إلاّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ} من الآية المتقدمة، التي تخصّ بعض الناس بعلم الغيب، وقال: «أنا ذلك المرتضى من الرسول الذي أظهره الله عز وجل على غيبه»([17]).

3ـ وقد ذكر الإمام علي في نهج البلاغة كلام رسول الله بشأنه، حيث قال: «إنك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى، إلا أنك لست بنبيّ»([18]).

ويتضح من هذه الرواية أن الإمام× كان يعلم الأخبار الغيبية التي ينزلها جبرائيل× على النبي الأكرم‘.

4ـ دهش رجل من أصحاب الإمام حين سمعه يخبر عن الغيبيات، فقال: «لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب؟!»، فضحك الإمام×، وقال للرجل وكان كلبياً: «يا أخا كلب، ليس هو بعلم غيب [فالغيب يختص الله بعلمه]، وإنما هو تعلُّم من ذي علم، وإنما علم الغيب علم الساعة، وما عدّده الله سبحانه بقوله: {إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}…الآية. فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلا الله، وما سوى ذلك فعلمٌ علَّمه الله نبيّه، فعلَّمنيه، ودعا لي بأن يعيه صدري، وتضطمّ عليه جوانحي»([19]).

  5ـ قال الإمام علي×: «إن رسول الله علَّمني ألف بابٍ من الحلال والحرام، مما كان ومما هو كائن إلى يوم القيامة، كلّ بابٍ منها يفتح ألف باب، حتى علمت علم المنايا والبلايا، وفصل الخطاب»([20]).

 6ـ قال الإمام علي(ع): «والله لو شئت أن أخبر كل رجل منكم بمخرجه ومولجه وجميع شأنه لفعلت، ولكن أخاف أن تكفروا فيّ برسول الله‘»([21]).

 7ـ قال الإمام علي×: «والذي نفسي بيده، إني لأعلم علم النبي‘، وعلم ما كان وما هو كائن في ما بيني وبين قيام الساعة»([22]).

 8ـ قال الإمام علي× في وصف الإمام المعصوم×: «هو روح الله، فمن أعطاه الله هذه الروح علم ما كان وما يكون، وعلم ما في الضمائر والقلوب، وعلم ما في السماوات والأرض»([23]).

9ـ إن مصادرنا الروائية المعتبرة مفعمة بعلم الأئمة بالأمور الغيبية والمستورة، ومنها: الجزء السادس والعشرون من «بحار الأنوار»، من بدايته وحتى الصفحة 226.

10ـ ذكر الشيخ الصدوق في كتاب «عيون أخبار الرضا»، في باب مغيبات وأخبار الإمام الرضا×، أربعة وأربعين حديثاً في الأمور الغيبية.

إلى هنا اتضح أن خصائص الإمامة الأربعة المهمّة: النصب الإلهي، والنصّ من قبل رسول الله‘، وعلم الغيب، والعصمة، ليست من مبتكرات المتكلمين والفقهاء في القرنين الثالث والرابع، وإنما كانت منذ البداية في صلب كلمات وأحاديث الأئمة المعصومين^ أنفسهم.

لقد تجاهل الشيخ كديور في انتقاده بعض الأبعاد الوجودية والشخصية للأئمة المعصومين^، والتي قد تكون صحيحة في بعض الموارد، وهو لم يكن بحاجة إلى التشكيك أو إضعاف أبعادهم الشخصية الأخرى.

2ـ قال: إن الشيعة الأوائل الأصلاء، من قبيل: سلمان، وأبي ذر، والمقداد، وغيرهم، لم يعرفوا الأئمة على الصفة التي ذهب إليها المتكلمون. ويبدو أن السيد كديور قد جانب الصواب في هذا المورد أيضاً، فقد نقل الطبرسي في كتاب «الاحتجاج» رواية عن الإمام الصادق×، عن آبائه، أن سلمان ألقى خطبة في جماعة من الناس بعد ثلاثة أيام من دفن رسول الله‘، وقال فيها: «أيها الناس، اسمعوا قولي، وتدبّروا فيه، قد أعطيت علماً جماً [من قبل رسول الله]، حتى لو أنني ذكرت لكم ما أعلمه من فضائل أمير المؤمنين لرماني بعضكم بالجنون، ولقال بعضكم: رحم الله قاتل سلمان… اعلموا أن عند علي علم المنايا والبلايا، والميراث والوصايا [العلوم الغيبية]، ولو أنكم قبلتم ولاية علي لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم، ولو أنكم دعوتم الطير في السماء لأجابتكم، وخفت إليكم الحيتان في جوف البحار»([24]).

3ـ إن من لوزام كون الأئمة^ أسوة لأتباعهم أن تكون هناك سنخية ومشابهة بين الإمام والمأموم من جميع الجهات، وليس المطلوب هو بلوغ المأموم مرتبة الإمام×، وإنما هو التأسي في الصفات والأخلاق الحسنة وفقاً لسعة الأفراد وظرفيتهم. ويمكن في هذا الإطار ملاحظة كتاب الإمام علي× إلى عامله على البصرة عثمان بن حنيف: «ألا وإن لكل مأموم إماماً يقتدي به، ويستضيء بنور علمه، ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد، وعفة وسداد [بمقدار قدرتكم]»([25]).

4ـ وأما تيار الغلو والتفويض([26]) فهو ـ كما تقدم ـ تيار ظهر في زمن الإمام علي×، حيث أخذ البعض يغلو في مناقب الأئمة^، حتى بلغوا بهم أحياناً إلى درجة الربوبية، ونسبوا إليهم أفعالاً، مثل: الخلق والرزق، على نحو الاستقلال، وقد عرف هؤلاء بالمفوِّضة([27]). وقد عارضهم الأئمة بشدة، ولعنوهم، وكفَّروهم، ونسبوهم إلى الشرك. وقام الإمام علي بإحراق بعض الغلاة الذين أصروا على غيّهم([28]).

الإمامة بين الغلو والتفويض ــــــ

ولكي تتضح أبعاد مسألة الغلو والتفويض لا بد من التذكير بالأمور التالية:

1ـ تقدم أن الأئمة جميعاً كانوا يواجهون الغلو والتفويض بحزم وقوّة، ويلعنون الغلاة، ويبرأون منهم، ويسمّون بعضهم؛ كي لا يقع الشيعة وأصحابهم في شرك حبائلهم. وفي رواية عن الإمام الصادق× ذكر فيها أسماء سبعة من الغلاة: «هم سبعة: المغيرة، وبيان [أو بنان]، وصائد، وحمزة بن عمارة البربري، والحارث الشامي، وعبد الله بن الحارث، وأبو الخطاب»([29]).

إن هذا المنهج من قبل الأئمة كان أولاً: يحول دون وقوع سائر الأصحاب والرواة في محذور الغلو؛ وثانياً: يُحدِّد للرواة طريقة تمييز الروايات الصحيحة من الروايات المشوبة بالغلو.

2ـ مضافاً إلى تعريف الأئمة الغلاة بأسمائهم  وشخوصهم فقد حددوا أيضاً ملاكات الغلو وحقيقته؛ إذ هناك في مقابل الغلوّ خطر الوقوع في إخراج الأئمة عن مراتبهم التي رتبهم الله عليها، فيتمّ إنكار فضائلهم الحقيقية.

ومن هذه الروايات ما يلي:

1ـ عن علي×: «إياكم والغلو فينا، قولوا: إنا عبيد مربوبون، وقولوا في فضلنا ما شئتم»([30]).

2ـ قال الصادق×: «يا كامل، اجعل لنا ربّاً نؤوب إليه، وقولوا فينا ما شئتم»([31]).

3ـ قال الباقر× لأبي حمزة الثمالي: «يا أبا حمزة، لا تضعوا علياً دون ما وصفه الله، ولا ترفعوه فوق ما رفعه الله».

ويفهم من ذلك أن الغلو والتفويض إنما يكون في تأليه الأئمة، أو جعلهم شركاء لله على نحو الاستقلال، وأن تنسب لهم صفات تخرجهم عن حدّ العبودية إلى مستوى الربوبية. وأما إذا جعلت فضائلهم على نحو طولي، وكونها ناشئة عن قدرة وإفاضة الله تعالى، لم تكن من الغلو والتفويض أبداً. وعليه لا تكون لخصالٍ من قبيل: العصمة وعلم الغيب والنصّ والنصب من قبل الله أية صلة بالغلو والتفويض. ولقد عمد بعض العلماء، الذين أقرّ الشيخ كديور بحساسيتهم تجاه الغلو، كالشيخ الصدوق والمجلسي، إلى نقل العديد من الروايات التي تثبت للأئمة^ هذه الخصال الأربعة.

ولا بأس هنا بالإشارة إلى كلمة جامعة قالها العلامة المجلسي، بعد ذكر عشرات الروايات في ذم الغلو والتفويض، وشرح فيها مفهوم وحدود الغلو والتفويض، حيث قال: اعلم أن الغلو في النبي والأئمة^ إنما يكون بالقول بألوهيتهم، أو بكونهم شركاء لله تعالى في المعبودية، أو في الخلق والرزق، أو أن الله تعالى حلّ فيهم أو اتّحد بهم، أو أنهم يعلمون الغيب بغير وحي أو إلهام من الله تعالى، أو بالقول في الأئمة^ أنهم كانوا أنبياء، أو القول بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض، أو القول بأن معرفتهم تغني عن جميع الطاعات، ولا تكليف معها بترك المعاصي.

والقول بكلٍّ منها إلحادٌ وكفرٌ، وخروجٌ عن الدين، كما دلّت عليه الأدلة العقلية والآيات والأخبار السالفة وغيرها. وقد عرفت أن الأئمة^ تبرّأوا منهم، وحكموا بكفرهم، وأمروا بقتلهم، وإن قرع سمعك شيء من الأخبار الموهمة لشيء من ذلك فهي إما مأوّلة؛ أو هي من مفتريات الغلاة.

ولكن أفرط بعض المتكلِّمين والمحدّثين في الغلو؛ لقصورهم عن معرفة الأئمة^، وعجزهم عن إدراك غرائب أحوالهم، وعجائب شؤونهم، فقدحوا في كثير من الرواة الثقات؛ لنقلهم بعض غرائب المعجزات، حتى قال بعضهم: من الغلو نفي السهو عنهم، أو القول بأنهم يعلمون ما كان وما يكون، وغير ذلك، وورد «أن أمرنا صعب مستصعب، لا يحتمله إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان».

فلا بد للمؤمن المتدين أن لا يبادر بردّ ما ورد عنهم من فضائلهم ومعجزاتهم ومعالي أمورهم، إلا إذا ثبت خلافه بضرورة الدين، أو بقواطع البراهين، أو بالآيات المحكمة، أو الأخبار المتواترة.

وأما التفويض فيطلق على معان: بعضها منفي عنهم^؛ وبعضها مثبت لهم.

فالأول: التفويض في الخلق والرزق والتربية والإماتة والإحياء، فإن قوماً قالوا: إن الله تعالى خلقهم، وفوّض إليهم أمر الخلق، فهم يخلقون ويرزقون ويميتون ويحيون. وهذا الكلام يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يقال: إنهم يفعلون جميع ذلك بقدرتهم وإرادتهم، وهم الفاعلون حقيقة.

وهذا كفر صريح، دلّت على استحالته الأدلة العقلية والنقلية، ولا يستريب عاقل في كفر من قال به.

وثانيهما: إن الله تعالى يفعل ذلك مقارناً لإرادتهم، كشقّ القمر، وإحياء الموتى، وقلب العصا حية، وغير ذلك من المعجزات، فإن جميع ذلك إنما يحصل بقدرته تعالى، ومقارناً لإرادتهم؛ لظهور صدقهم، فلا يأبى العقل عن أن يكون الله تعالى خلقهم وأكملهم وألهمهم ما يصلح في نظام العالم، ثم خلق كل شيء مقارناً لإرادتهم ومشيّتهم.

وهذا، وإن كان العقل لا يعارضه، لكن الأخبار السالفة تمنع من القول به، في ما عدا المعجزات، ظاهراً، بل صراحاً، مع أن القول به قولٌ بما لا يعلم؛ إذ لم يرد ذلك في الأخبار المعتبرة في ما نعلم.

وما ورد من الأخبار الدالة على ذلك، كخطبة البيان وأمثالها، فلم يوجد إلا في كتب الغلاة وأشباههم. مع أنه يحتمل أن يكون المراد كونهم علة غائبة لإيجاد جميع المكونات، وأنه تعالى جعلهم مطاعين في الأرضين والسماوات، ويطيعهم بإذن الله تعالى كل شيء، حتى الجمادات، وأنهم إذا شاؤوا أمراً لا يردّ الله مشيّتهم، ولكنهم لا يشاؤون إلا أن يشاء الله.

وأما ما ورد من الأخبار في نزول الملائكة والروح لكل أمر إليهم، وأنه لا ينزل ملك من السماء لأمر إلا بدأ بهم، فليس لمدخليتهم في ذلك، ولا الاستشارة لهم، بل له الخلق والأمر تعالى شأنه، وليس ذلك إلا لتشريفهم، وإكرامهم، وإظهار رفعة مقامهم.

الثاني: التفويض في أمر الدين. وهذا أيضاً يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون الله تعالى فوّض إلى النبي والأئمة^ عموماً أن يُحلّوا ما شاؤوا ويحرموا ما شاؤوا، من غير وحي وإلهام، أو يغيّروا ما أوحى إليهم بآرائهم.

وهذا باطلٌ لا يقول به عاقل، فإن النبي^ كان ينتظر الوحي أياماً كثيرة لجواب سائل، ولا يجيبه من عنده، وقد قال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم: 3 ـ 4).

ثانيهما: أنه تعالى لما أكمل نبيه‘، بحيث لم يكن يختار من الأمور شيئاً إلا ما يوافق الحق والصواب، ولا يحل بباله ما يخالف مشيته تعالى في كل باب، فوّض إليه تعيين بعض الأمور، كالزيادة في الصلاة، وتعيين النوافل في الصلاة، والصوم، وطعمة الجدّ، وغير ذلك، مما مضى وسيأتي؛ إظهاراً لشرفه وكرامته عنده، ولم يكن أصل التعيين إلا بالوحي، ولم يكن الاختيار إلا بإلهام، ثم كان يؤكِّد ما اختاره‘ بالوحي.

ولا فساد في ذلك عقلاً. وقد دلّت النصوص المستفيضة عليه.

ولعل الصدوق& إنما نفى المعنى الأول، حيث قال في «الفقيه»: وقد فوض الله عز وجل إلى نبيه‘ أمر دينه، ولم يفوِّض إليه تعدّي حدوده. وقد روى كثيراً من أخبار التفويض في كتبه، ولم يتعرض لتأويلها.

الثالث: تفويض أمور الخلق إليهم، من سياستهم، وتأديبهم، وتكميلهم، وتعليمهم، وأمر الخلق بإطاعتهم في ما أحبوا وكرهوا، وفي ما علموا جهة المصلحة فيه وما لم يعلموا.

وهذا حقٌّ؛ لقوله تعالى: {مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}،  وغير ذلك من الآيات والأخبار. وعليه يحمل قولهم^: «نحن المحلِّلون حلاله، والمحرمون حرامه»، أي بيانهما علينا، ويجب على الناس الرجوع فيهما إلينا.

الرابع: تفويض بيان العلوم والأحكام بما رأوا المصلحة فيها بسبب اختلاف عقولهم، أو بسبب التقية، فيفتون بعض الناس بالواقع من الأحكام، وبعضهم بالتقية، ويبيّنون تفسير الآيات وتأويلها، وبيان المعارف بحسب ما يحتمل عقل كل سائل، ولهم أن يبيّنوا، ولهم أن يسكتوا.

والتفويض بهذا المعنى أيضاً ثابتٌ حقٌّ؛ بالأخبار المستفيضة.

الخامس: الاختيار في أن يحكموا بظاهر الشريعة، أو بعلمهم وبما يلهمهم الله من الواقع ومن الحق في كل واقعة.

وهذا أيضاً معنى صحيح، وثابتٌ في الأخبار.

5ـ ذهب الشيخ كديور إلى تقسيم الأدعية الشيعية إلى قسمين: التشيع الأصيل؛ والتشيع التفويضي. وعدّ دعاء كميل، ودعاء أبي حمزة الثمالي، وأدعية الصحيفة السجادية، والمناجاة الشعبانية، ودعاء عرفة، من القسم الأول. وقال: لا يوجد في هذه الأدعية كلمةٌ واحدةٌ في التوكل والتوسل بغير الله، وإن كل ما فيها اتصال مباشر مع الله تعالى. وقال أيضاً: إن هناك تشيع يتمثل في أدعية من قبيل: دعاء الإمام الحسين في يوم عرفة، وغيره؛ وتشيع آخر يتمثل في التوسل وشفاعة الأئمة، بدلاً من التوكل على الله.

ولسنا في هذا المقال في معرض البحث في التوسل والشفاعة، وبيان أدلتهما القرآنية والروائية، ولكننا نقول: إن دعوى عدم وجود كلمة واحدة في التوكل والتوسل بغير الله في هذه الأدعية، وأنه لا يوجد فيها توسل واستشفاع بمحمد وآل محمد هي دعوى غير صحيحة. وإليك بعض الأمثلة:

أـ إن الإمام زين العابدين× يعمد في أكثر أدعية الصحيفة السجادية إلى الصلاة على محمد وآل محمد في بداية الدعاء ووسطه ونهايته. ومن باب المثال: إن عشر فقرات من مجموع مئة وثلاث وثلاثين فقرة من دعاء عرفة، للإمام السجاد، تختص بتمجيد وتكريم محمد وآل محمد، وصحبهم، وأوليائهم، والثناء عليهم. وإليك واحدة من تلكم الفقرات: «اللهم وصلِّ على أوليائهم [يعني: أولياء محمد وآل محمد^]، المعترفين بمقامهم، المتبعين منهجهم، المقتفين آثارهم، المستمسكين بعروتهم، المتمسكين بولايتهم..».

وجاء في الفقرة السادسة والخمسين من دعاء عرفة: «وجعلتهم الوسيلة إليك».

وجاء في نهاية الدعاء الثاني من الصحيفة السجادية، الخاصّ بالصلاة على رسول الله‘: «وعرِّفه [أي: محمداً‘] في أهله الطاهرين، وأمته المؤمنين، من حسن الشفاعة أجلّ ما وعدته».

وجاء في الفقرة ما قبل الأخيرة من الدعاء الثالث عشر من الصحيفة السجادية، والخاص بطلب الحوائج: «وصلّ على محمد وآل محمد صلاةً دائمةً ناميةً، لا انقطاع لأبدها، ولا منتهى لأمدها، واجعل ذلك عوناً لي، وسبباً لنجاح طلبتي».

وإن الفقرة الأخيرة منها، والتي تقرأ حال السجود كالتالي: «فضلك آنسني، وإحسانك دلني، فأسألك بك، وبمحمد وآله صلواتك عليهم، أن لا تردّني خائباً».

وجاء في الفقرة الأخيرة من الدعاء الحادي والثلاثين: «اللهم صلّ على محمد وآله كما هديتنا به، وصلّ على محمد وآله كما استنقذتنا به، وصلّ على محمد وآله صلاةً تشفع لنا يوم القيامة، ويوم الفاقة إليك».

وجاء في الفقرة ما قبل الأخيرة من الدعاء التاسع والأربعين:  «اللهم فإني أتقرّب إليك بالمحمدية الرفيعة، والعلوية البيضاء، وأتوجَّه إليك بهما».

ب ـ قال الإمام الحسين في فقرة من دعاء عرفة: «اللهم إنا نتوجه إليك في هذه العشية، التي شرفتها وعظمتها بمحمد نبيك ورسولك، وخيرتك من خلقك، وأمينك على وحيك، البشير النذير، السراج المنير، الذي أنعمت به على المسلمين، وجعلته رحمة للعالمين، اللهم فصلّ على محمد وآل محمد كما محمّد أهلٌ لذلك منك، يا عظيم، فصلّ عليه وعلى آله المنتجبين الطاهرين أجمعين، وتغمّدنا بعفوك عنا».

ج ـ إن المناجاة الشعبانية تبدأ بالصلاة على محمد وآل محمد، وتنتهي بها، مما يعني التوسل بأهل البيت^.، وقد ورد في جملة أعمال شعبان، ضمن المناجاة الشعبانية، الصلوات المروية عن الإمام السجاد×، وهي تحتوي على مضامين سامية في وصف الأئمة^، ويبدأ بهذه الكلمات: «اللهم صلّ على محمد وآل محمد، شجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومعدن العلم، وأهل بيت الوحي».

دـ في دعاء أبي حمزة الثمالي يسأل العبد ربَّه في موضعين أن يرزقه زيارة قبر نبيه‘، وفي موضع واحد زيارة قبور الأئمة^. وقد ورد فيه أيضاً: «وبحبّي النبي الأميّ القرشي الهاشمي العربي التهامي المكي المدني أرجو الزلفة لديك».

6ـ وأما ما قيل بشأن تشدُّد مشايخ قم على من يقول بالغلو والتفويض، وأن الذين يغلون في حقّ الأئمة^ يطردون وينفون من المدينة، فهو، وإن كان صحيحاً، إلا أنه لا يعكس إلا جزءاً من الحقيقة، وليس الحقيقة كلها. وأما واقع المسألة فهي أن أحمد بن محمد بن عيسى القمي، أحد المشايخ والرواة الكبار في قم، كان قد أساء الظن بأحمد بن محمد بن خالد البرقي، صاحب كتاب «المحاسن»، واتهمه بالرواية عن الغلاة، وتبنيه للغلو؛ فأبعده من قم، إلا أنه وقف على خطئه فيما بعد، وعلم أن نسبة الغلو إليه لم تكن صحيحة، فبادر إلى إعادته إلى قم، واعتذر له. ولما توفي البرقي خرج أحمد بن محمد بن عيسى القمي إلى تشييع جنازته حافياً حاسراً؛ ليبرِّئ نفسه ممّا قذفه به([32]).

إن حقيقة الأمر في ما يتعلق بالقميين لدى أكثر علماء الشيعة، ومنهم: المفيد، والمجلسي، أنهم قد بالغوا في معارضتهم للغلو والتفويض، ومالوا إلى التقصير. ومن هنا فقد ردّ جمع غفير من علماء الشيعة وفقهائهم نظرية الصدوق وأستاذه في مسألة سهو النبي‘، واستدلالهما بأنه لو لم نقل بسهو النبي (وذلك طبعاً في مورد خاص يرى الصدوق أنه لحكمة من قبل الله) سندخل في دائرة الغلاة، وأنكروها بشدة.

وأما النقطة المهمة فهي أن الشيخ الصدوق والقميين لم يتعرضوا إلى أمور، مثل: العصمة، وعلم الغيب، مما أثار حفيظة الشيخ كديور. ومن هنا فقد عمد الشيخ الصدوق إلى إثبات الزيارة الجامعة الكبيرة في كتابه «من لا يحضره الفقيه»، دون أن ينكر شيئاً من مضامينها السامية في التعريف بمقامات الأئمة^ ومراتبهم. في حين ذهب أحد المستنيرين في الآونة الأخيرة إلى اعتبار هذه الزيارة دستور غلاة الشيعة.

وفي الختام لا بد من الإشارة إلى أن إشكال الشيخ كديور حول ما نراه حالياً من نسبة بعض الأمور المبالغ بها إلى الأئمة^ في بعض التعزيات والمجالس الحسينية، أو إغفال بعض الأبعاد الوجودية للأئمة^، واردٌ وصحيحٌ. وقد صدرت مؤخَّراً من مراجع الدين والخطباء ردود فعل شديدة بإزائها. ولكن لم تكن هناك ضرورة في الاعتراض على بعض الكلمات الخاطئة إلى التشكيك بكمٍّ هائلٍ من الأحاديث الصحيحة والمتقنة.

الهوامش

_______________________

(*) باحث إسلامي.

([1]) الصدوق، معاني الأخبار: 132، انتشارات جامعة المدرسين، 1361هـ ش.

([2]) معاني الأخبار: 134.

([3]) المصدر السابق: 136.

([4]) علل الشرائع: 123.

([5]) بحار الأنوار 25: 211، نقلاً عن اعتقادات الصدوق: 108 ـ 109.

([6]) أمالي الصدوق: 186.

([7]) معاني الأخبار: 102.

([8]) الطبرسي، الاحتجاج 1: 344.

([9]) تحف العقول: 329.

([10]) الكافي 1: 276؛ بحار الأنوار 48: 25.

([11]) الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة: 222.

([12]) كمال الدين وتمام النعمة: 250 ـ 284.

([13]) ردَّ الشيخ المفيد نسبة العلم المطلق بالغيب إلى الأئمة، قائلاً: إن هذا ما عليه جميع الإمامية، عدا ما شذ منهم من الداخلين في زمرة المفوّضة (أوائل المقالات).

([14]) بحار الأنوار 26: 102.

([15]) من لا يحضره الفقيه؛ بحار الأنوار 99: 129.

([16]) نهج البلاغة، الخطبة 116.

([17]) بحار الأنوار 42: 53.

([18]) نهج البلاغة، الخطبة: 192.

([19]) المصدر السابق، الخطبة 128.

([20]) بحار الأنوار 26: 30.

([21]) نهج البلاغة، الخطبة 175.

([22]) بحار الأنوار 26: 110.

([23]) المصدر السابق: 5.

([24]) الاحتجاج: 151.

([25]) نهج البلاغة، الكتاب 45.

([26]) الغلو لغةً يعني تجاوز الحد. والتفويض يعني تخويل الآخر حرية التصرف في الأمور. وهو هنا بمعنى نسبة أفعال الله إلى الأئمة^.

([27]) كما يعرف المعتزلة بالمفوَّضة؛ لقولهم أن الله فوض الأمور إلى العباد بعد أن خلقهم، ولم يعد له أي دور في أعمالهم.

([28]) وفقاً لبعض التقريرات في الكتب الروائية: ورد على عليّ بعد حرب البصرة سبعون شخصاً من الزط (قوم من نسل نَوَر الهند، ممَّن هاجر إلى إيران والعراق)، فسلَّموا عليه، فأجابهم الإمام بلغتهم، وحاورهم، فعرضوا عليه تأليهه؛ فعارضهم بشدّة، وقال لهم: إنما أنا عبد الله، إلا أنهم أصروا على تأليهه، فلما عجز الإمام عن استتابتهم هددهم بالقتل، فلم ينفع معهم، فقام بحرقهم (دانشنامه إمام علي 3: 409).

([29]) بحار الأنوار 25: 270.

([30]) الخصال؛ بحار الأنوار 25: 270.

([31]) بحار الأنوار 25: 283.

([32]) المحاسن 1: 12، من المقدمة.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً