أحدث المقالات

يعتبر الدكتور احمد الوائلي مؤسس لمدرسة نموذجية للمنبر الحسيني في طرحها للأفكار وللمفاهيم وللتصورات عن الإسلام وقد شكل منهجه وأسلوبه هذا في تبني جملة من الخطباء وكان هناك ثلة مؤمنة استطاعت ان تقدم تصورات ومفاهيم وأفكار واقعية عن مباني الإسلام فكان طرحها واقعيا الا انه قد نجد في نفس الوقت هناك من الخطباء لم يكن طرحهم بمستوى الطموح وذلك لاختلاف المستويات الفكرية والثقافية وطبيعة توجهاتهم الفكرية والثقافية مما يجعل مستوى الخطاب قاصرا ولا يمثل المستوى المطلوب في كثير من الأحيان وسوف نذكر جملة من الملاحظات على ذلك.
الملاحظة الأولى: قد نجد البعض من الخطباء يركزون على ثقافة الخلاف ويجعلونها جل اهتمامهم حيث يعتبرون مسالة الإمامة والخلافة من المرتكزات الأساسية في طرحهم ويكون اهتمامهم بالمناهج الأخلاقية والتربوية والفكرية والاقتصادية ضعيفا بصورة لا تذكر غالبا ومثل هكذا أسلوب يجعل المتلقي الأولوية في نقاشته هو الخلاف حول الامامة والخلافة فتبنى ثقافة خاصة مبنية على اساس ثقافة الخلاف والاختلاف مما يخلق جيل لا يعير أهمية للبناء التربوي والثقافي والأخلاقي لذلك يقع كثيرا من التناقض في سلوكيات وتصرفات هؤلاء فهم من جهة متمسكون بمسالة الإمامة والخلافة الا انه في نفس الوقت نفسه هناك قد يقع الكثير من التصرفات السلبية والأخطاء الواضحة تخالف هذا الادعاء.
الملاحظة الثانية: قد نجد بعض الخطباء يركزون على مسالة الكرامات لأهل البيت عليهم السلام وان جل اهتمامهم في محاضراتهم هو التركيز على كرامات الائمة فيختزل ويهمش دورهم في الحياة الاجتماعية والفكرية والثقافية والتربوية وهناك البسطاء من الناس من المتلقين يفرحون بذكر هذه الكرامات وكأن دور أئمة أهل البيت يقتصر على الكرامات.
الملاحظة الثالثة: هناك من الخطباء قد يحملون أهل البيت عليهم السلام أكثر مما هو محدد في الشرع الإلهي فيسردون في خطابهم كثير من الاستشهادات على كرامات الائمة وهي تعبر عن نوع من الغلو بحق أهل البيت عليهم السلام وهناك مجموعة من الروايات مشحونة بهذا النوع من الخطاب وقد تصدى أئمة أهل البيت لمثل هذه الحالات من الغلو بحقهم وهناك خطب معروفة ومشهورة فيها كثير من حالات الغلو منها الخطبة الافتخارية او خطبة البيان وهناك فرق محسوبة على المدرسة الشيعية تملك أموال هائلة تشجع على مثل هكذا نوع من الخطاب وهم ينتمون الى جماعة احمد الاحسائي وكاظم الرشتي والاحقاقي والشيرازية.
الملاحظة الرابعة: هناك من الخطباء قد يذكرون الروايات الضعيفة فلا تكون للخطاء القدرة على اختيار الروايات التي تتفق مع العقل والعقلاء والوجدان فتجد نوع من التهافت في انتخاب هذه الروايات بينما أصحاب المدرسة الواقعية من الخطباء يحاولون تجنب كثير من هذه الروايات لئلا يقعون في إشكالية اتجاه العقل والعقلاء والوجدان الإنساني وهذا شيء مهم جدا لأنه لا يمكن ان يكون كلام المعصوم مخالفا للعقل والعقلاء والوجدان بتاتا.
الملاحظة الخامسة: هناك من الخطباء قد يطرحون موضوعا علميا بعض الأحيان فيقومون بتناول القضية او الموضوع العلمي الا انه نجد التهافت في طرحهم العلمي فيذكرون معلومات ناقصة عن هذه القضية العلمية او تلك لأنهم لا يملكون الأهلية العلمية التي تسمح لهم ببيان هذه المسالة لذلك فاذا ما كان هناك صاحب اختصاص قد يتهكم على هكذا خطيب.
الملاحظة السادسة: قد نجد بعض الخطباء يسلطون الأضواء كثيرا على قضية الإمام المهدي علي ع فيختزلون قضية الإمام المهدي بقضية جزئية كأن يحاولون ان يسلطوا الاضواء على كرامات الامام المهدي كثيرا او ذكر اسمه كثيرا باسلوب فيه نوع من الرياء بسبب المبالغة الكثيرة او ذكر علامات الظهور بصورة خاطئة ومبالغ فيها وغير دقيقة غالبا ويتركون القضايا الضرورية لفكرة الظهور.
الملاحظة السابعة: قد نجد بعض الخطباء يتناولون شرح الآيات القرآنية المباركة الا طرحهم يحتاج أكثر عمقا فيركزون كثيرا على بعض الأخبار لأنها تؤيد توجهاتهم الفكرية ويتركون كثيرا من التفاسير المهمة فهل يعقل ان تكون دابة الأرض التي تظهر قبل يوم القيامة هي تدل على الإمام علي ع والذي هي تجاوز صريح على الامام علي ع الا ان الحب الاعمى قد يجعل البعض لا يرى الحق واضحا ؟ ويعتمد البعض على مثل هكذا أخبار ليدعمون توجهاتهم الفكرية والبعض الأخر يحملون الآيات القرآنية أكثر مما تتحمل فيسمحون بذكر دلالات غير واقعية بالاعتماد على تفسير العياشي وغيره من التفاسير التي تعتمد على الاخبار وقد يركز بعض الخطباء على الاعتماد على هكذا تفاسير ويتركون تفاسير مهمة للغاية وبذلك يبتعدون عن المراد الحقيقي والواقعي للقران الكريم.
الملاحظة التاسعة: ضعف الاهتمام بالجوانب التربوية في المحاضرات علما ان التنمية البشرية لا بد من ان تكون من الضروريات الملحة في تنشئة الجيل الا ان أكثر الخطباء يجهلون الشيء الكثير عن الجوانب التربوية ومدى تقدم علم النفس في شتى أنواع الحقول في مجالات علم النفس والذي له الدور المهم في بناء الإنسان بل يقتصر الخطباء على ذكر بعض روايات أهل البيت وإهمال الجوانب المعرفية في التربية الإنسانية.
الملاحظة العاشرة: باختصار ان كثير من الخطباء يركزون على القضايا الشكلية فيكون طرحهم جزئيا وغير معمق والمفروض على الخطباء ان يكونوا ملمين بكل جوانب الفكر الإسلامي من علم الأصول والفقه وعلم الكلام وشتى الحقول المعرفية في الفكر الإسلامي والإطلاع على المعارف المعاصرة بشتى جوابها كي يمكن ان يكون خطابهم يتصف بالمضامين الفكرية العميقة والا سوف يكون خطابا لا يصل لمستوى المطلوب في كثير من الأحيان والصفة الغالبة للخطباء عدم محاولة الإطلاع على المصادر الحديثة من النتاج الفكري واقتصاره على معلوماته القديمة ويتكرر كثيرا لذلك قد نجد البعض يشعر بالملل من سماعه لبعض الخطباء لأنه يشعر ان وقته يذهب هدرا وعدم إضافة معلومة حديثة او تصور جيد او فكرة نافعة او توضيح لمفهوم فيه لبس وحلا لمشكلة او بيان لازمة واقعة.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً