أحدث المقالات

الشيخ خالد الغفوري(*)

تمهيد

هذه الدراسة تستهدف معالجة ظاهرة اجتماعية في عالمنا المعاصر، تهمّ المجتمع بصورة عامّةً، والمرأة بصورة خاصّة. كما أنّ هذه الدراسة تدور حول أحد العناوين التي وردت في الآيات القرآنية، وهو (اتخاذ الأخدان)، الذي يمثّل إقامة العلاقة بين الجنسين. ولا يخفى أنّ هذه الظاهرة قد أصبحت في واقعنا الراهن إحدى المسائل التي هي محلٌّ للابتلاء في أكثر المجتمعات في العالم، وقد ألبسوه عنواناً بريئاً إنسانياً، ألا وهو عنوان (الصداقة). وقد خضنا في هذا البحث من أجل بيان موقف القرآن تجاه هذه القضية المعاصرة والمستحدثة، وقد سلكنا المنهج الفقهي، ولم نتعرّض إلى بحث هذه الظاهرة من الناحية الاجتماعية، والأخلاقية، وغير ذلك.

ويمتاز هذا البحث بكونه إثارة جديدة في المجال الفقهي أصلاً وفروعاً. وقد اشتمل ـ في أقلّ التقادير ـ على ما يربو على عشرة فروع فقهية، والعديد من الإثارات العلمية، وربما الثقافية أحياناً.

وننبّه على أنّه لو لم يكن هذا البحث جديداً ومن المسائل المستحدثة لارتفع عدد المصادر والمراجع والهوامش إلى أكثر ممّا هو عليه أضعافاً مضاعفة، وإلا فليس هناك قلّة في التتبّع.

مقدّمة

1ـ إنّ الهدف الأساس لعلم الفقه هو تقديم صياغة للحياة الإنسانية على الصعيد الفردي والمجتمعي، مهما اختلفت الأزمنة وتباينت الأمكنة وتغيّرت الظروف. ولا يخفى أن الحياة الجديدة قد أفرزت موضوعات وظواهر سلوكية عديدة، منها: كثرة الاختلاط بين الجنسين، إلى الحدّ الذي تمظهر بصورة الصداقة والعلاقة الثابتة والمستمرّة بينهما. والمنشأ الأوّل لهذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة هو الغرب، لكنها أخذت تستفحل شيئاً فشيئاً، وباتت تهدّد مجتمعاتنا الإسلامية. وقد تصدّى الغيارى من المسلمين، علماء ومثقّفين، لهذا الخطر، لكن لم تعالج هذه المشكلة من الزاوية الفقهية بشكل واضح وبصورة دقيقة، ولم يُفرد الفقهاء لها فصلاً مستقلاًّ، ولا عنواناً خاصّاً بها، ممّا اقتضى أن نعقد هذه الدراسة.

2ـ والسؤال الذي دارت حوله هذه الدراسة: ما هو موقف القرآن الكريم تجاه ظاهرة الصداقة بين الجنسين؟

والمراد بيان حكم العلاقة بين الجنسين من حيث هي، وبعنوانها الأوّلي مع قطع النظر عن العناوين الثانوية الطارئة عليها، من قبيل: خوف الفتنة والوقوع في الحرام، أو اقتران العلاقة ببعض المحرّمات، أو تأدية ذلك إلى الفساد، ونحو ذلك، فإنّ كلّ تلك الحيثيات ليست مقصودة لنا في هذه الدراسة.

3ـ لا تخفى ضرورة مثل هذا البحث، الذي هو ظاهرة شائعة في أكثر المجتمعات، ولا سيما الغربية، والذي بات خطراً يُهدّد مجتمعاتنا الإسلامية، ولا سيما الطبقة الشابّة.

4ـ المنهج المتّبع في هذه الدراسة هو المنهج الفقهي. وقد آثرنا طرح البحث في ضوء القرآن الكريم، الذي هو شفاء من كلّ داء، وهو الذي تعرّض لهذه الظاهرة، واتخذ تجاهها موقفاً صريحاً وواضحاً.

موقف القرآن تجاه ظاهرة الصداقة بين الجنسين

إنّ النصّ القرآني الذي يُعالج هذا الموضوع هو مقطعان من آيتين، وهما:

1ــ قوله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (النساء: 25).

2ــ وقوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (المائدة: 5).

ومن المناسب قبل الخوض في تفاصيل هذه الدراسة أن نبيّن بعض الأمور؛ من أجل أن تحصل لدى الباحث إحاطة بالنصّ القرآني مورد البحث من جوانبه المختلفة، وهي:

الأمر الأوّل: البيان الإجمالي

النص الأول بيان لإباحة الزواج من الإماء المؤمنات لمن لا يتمكّن من الرجال من الزواج من الحرائر، وعدم مشروعية السفاح، واتخاذهنّ الرجال أخداناً.

والنص الثاني بيانٌ لإباحة نكاح العفيفات من المؤمنات والكتابيات، وعدم مشروعية السفاح، واتّخاذ الرجال النساء أخداناً.

والوصف في النص الأول متعلّق بالإناث، وفي النص الثاني متعلّق بالذكور، والحاصل أنّ السفاح واتّخاذ الأخدان منهيٌّ عنه مطلقاً.

الأمر الثاني: فلسفة موقف القرآن في هذا التشريع

1ـ تستهدف الشريعة تنـزيه المجتمع وتطهيره من الرذائل، ولا سيما ما يرتبط بالممارسة الجنسية، والعلاقة بين الجنسين، حيث قنّنت ذلك في طريقين مشروعين حصراً([1]): الأول: الزواج الدائم والمنقطع؛ والثاني: ملك اليمين. ومنعت إيجاد العلاقة الجنسية خارج هذا الإطار، كالسفاح، واتخاذ العشيق والخليل، ممّا يهدم المجتمع والأسرة، ويقضي على العفّة، ولا سيما أنّ النفس لا تقف على حدٍّ إذا تبعت الهوى. فمَنْ يتخذ صديقاً للفحشاء لا يقنع بالواحد والاثنين، ولذا قيل: وإنّما أتى به بصيغة الجمع >أَخْدَان< للدلالة على الكثرة نصّاً([2]).

2ـ ثمّ إنّ هذا المرض الأخلاقي ينشأ في المجتمعات غير الملتزمة بأحكام الإسلام وتعاليمه، ولكن تختلف درجة استفحاله، وكذلك مقدار إغضاء الكيان الاجتماعي من مجتمعٍ لآخر، ويبدأ ينخر في المجتمع، ويأخذ في تلويثه شيئاً فشيئاً، وهذا ما نراه متفشّياً في المجتمعات الغربية بوضوح.

3ـ ومن الخطأ أن نتصوَّر أنّ هناك علاقة بريئة تنشأ بين الطرفين خالية من كلّ ميل جنسي؛ فإنّ الطبيعة البشرية تقتضي وجود تجاذب بين القطبين الجنسيين الموجب والسالب.

ولو فرضنا جدلاً نشوء علاقة بين رجل وامرأة خالية من الميل الجنسي ـ فإنّ فرض المحال ليس بمحال، فضلاً عن فرض الفرد النادر ـ فمثل هذه الحالة سوف تكون مشمولة للحكم بالمنع؛ وذلك للإطلاق، فإنّ الأحكام الكلّية والتشريعات العامّة تشمل جميع الحالات التي يتحقّق فيها الموضوع، فمتى ما صدق العنوان المأخوذ في دليل الحكم فإنّ ذلك الحكم يترتّب لا محالة. وهنا (عنوان اتخاذ الخدن) يصدق في مثل هذه الحالة، ففرقٌ بين هذا العنوان المأخوذ في هذه الآية وبين عنوان (حفظ الفرج) أو عنوان (إبداء الزينة)، ونحوهما من العناوين التي أخذت في آية ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الاِْرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (النور: 30 ـ 31)؛ ففي هذا النصّ أمرٌ بغضّ البصر، وحفظ الفرج من النظر، واتخاذ الستر، ونهي عن إبداء الزينة والإثارة الجنسية، في حين أنّ النهي في آية اتخاذ الخدن منصبّة على الصداقة. مضافاً إلى أنّ التشريعات تنصبّ على الموضوع الكلّي، ولا تدور مدار الحالات، ولا تتنوّع بحسب المصاديق.

صحيحٌ أنّ فلسفة الحكم هي الحيلولة دون وقوع ما هو خلاف العفّة، لكن هذه حيثية تعليلية، لا تقييدية.

4ـ كما أنّه من الخطأ تصوُّر أنّ وجود العلاقة يزيد من التجربة الحياتية، فإنّ التجربة إنّما تُجرى لجلب المنفعة، لا لجلب الخسارة غير القابلة للتعويض. فمن لديه مالٌ نفيسٌ لا يدعه أمام أعين السرّاق لكي يكتسب خبرة في كيفية حفظه، ولا يقدم على مثل هذا إلا مَنْ كان سفيهاً، فكذلك ما نحن فيه، فإنّ ذهاب العفّة والحياء ـ التي هي قوام الحياة الزوجية وركن في الشخصية الأخلاقية ـ غير قابل للتدارك عادة.

5ـ ولو كان هناك إصرار على جدوى التجربة في هذا المجال فلابدّ من تهيئة الأجواء والظروف المناسبة لكلّ تجربة، فلكلّ تجربة ظروفها، وحينئذٍ يمكن توفير ضمانات قانونية وأخلاقية لمثل هذه التجربة، من خلال إجراء عقد الزواج المؤقّت، يمارس فيه كلا الطرفين مجالات مفتوحة للتعرّف والتعارف.

الأمر الثالث: مناسبات وأسباب نزول النصّ

1ــ كانت ظاهرة اتخاذ الأخدان موجودة في الجاهلية، وكان بعض أهل الجاهلية لا يحرّم إلا الزنا المعلن، أمّا إذا كان سرّاً فلا، ويحتمل أنّهم ساكتون عن ذلك. فبيّنت هذه النصوص الشريفة أنّ قبح الفاحشة لا ينتفي بالإسرار بها، قيل([3]): لذا نزل قوله تعالى: >وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ< (الأنعام: 151).

2ــ وقيل: كان الزنا في الجاهلية على قسمين: سرّي؛ وعلني، وعامّ؛ وخاصّ. فالخاصّ السرّي هو أن يكون للمرأة خدن يزني بها سرّاً فلا تبذل نفسها لكلّ أحد؛ والعامّ الجهري هو المراد بالسفاح، كما قال ابن عباس، وهو البغاء، وكانت البغايا من الإماء، وكنّ ينصبن الرايات الحمر لتعرف منازلهنّ.

3ــ وروي عن ابن عباس أنّ أهل الجاهلية كانوا يحرّمون ما ظهر من الزنا، ويقولون: إنّه لؤم، ويستحلّون ما خفي، ويقولون: لا بأس به([4]).

الأمر الرابع: التحليل اللفظي

1ــ >أَخْدَان< جمع خِدْن، وهو الصديق([5])، يستوي فيه المذكّر والمؤنّث، والمفرد والجمع، كترب وأتراب([6]).

وقال الراغب: «وأكثر ذلك يستعمل في مَنْ يصاحب [غيره] بشهوة [نفسانية]، يقال: خدن المرأة وخدينها». ثمّ قال: «وأمّا قول الشاعر في المدح: (خدين العلى) فاستعارة، كقولهم: يعشق العلى، ويُشبّب بالندى، ويُنسب بالمكارم»([7]).

وقال ابن حجر: «والنكتة فيه أنّه جعله يشتهي معالي الأمور كما يشتهي غيره الصورة الجميلة، فجعله خديناً لها»([8]).

وقيل: الصديق في السرّ خاصّة([9]).

أقول: أولاً: إنّ كلام الراغب صريح في بيان الاستعمال، لا بيان المعنى الموضوع له اللفظ، وأنّه حقيقة فيه، فلا يكون مخالفاً لكونه موضوعاً لمطلق الصديق. ولعلّ كثرة الاستعمال في مَنْ يصاحب بشهوة لكثرة مصاديقه ووقوعه بين الرجل والمرأة على هذا النحو.

ثانياً: وأمّا تفسيره بخصوص الصديق في السرّ فهو ناظر إلى بعض المصاديق الخارجية.

فيتعيّن الترادف بين الخدن والصديق، وليس النسبة بينها نسبة العموم والخصوص المطلق.

2ــ >وَلاَ مُتَّخِذَاتِ<: في إعرابها احتمالان:

الأول: الجرّ، عطفاً على >مُسَافِحَات<، و>لا< للتأكيد.

الثاني: النصب، عطفاً على >غَيْرَ<([10]).

وكذا الكلام في >مُتَّخِذِي< في الآية الثانية.

المعالجة الفقهية للنصين القرآنيين

ونفصّل البحث في عدّة نقاط:

أولاً: ما هو المراد باتخاذ الخِدن؟

يحتمل في ذلك عدّة احتمالات([11]):

الأول: إنّه الزنا سرّاً، في مقابل السفاح، وهو الزنا علانية([12]).

وإنّما صُرّح في هذا النصّ بنفي هذا الفرد من الزنا، مع أنّه منفيّ قبل ذلك، من أجل التأكيد على تركه؛ نظراً لشيوعه في الجاهلية. لذا أفرد سبحانه كلّ واحد من قسمي الزنا: المعلن؛ والخفيّ، ونصّ على حرمتهما معاً، وحرّم الزنا بجميع صوره([13]).

أقول: ونحو هذا التوجيه يتأتّى في الاحتمالين الثاني والثالث الآتيين.

المناقشة

إنّ جعل اتّخاذ الأخدان في مقابل السفاح أمر صحيح، كما سنبيّنه لاحقاً، لكن تفسير السفاح بالزنا المعلن، واتخاذ الأخدان بالزنا الخفيّ، محض ادّعاءٍ لا دليل عليه. ونظير هذه المناقشة ترد على الاحتمالين الآتيين، الثاني والثالث.

الثاني: إنّه الزنا مجّاناً، في مقابل من تُكري وتُؤجر نفسها لذلك.

الثالث: إنّه الزنا مع الواحد أو الواحدة، في مقابل المبذولة والزاني بأكثر من بغيّة([14]). ولا ينافي ذلك الإتيان بصيغة الجمع >أَخْدَان< ما دام مضافاً إليه الجمع: >مُتَّخِذَاتِ< و>مُتَّخِذِي<، ولأنّ المراد به الجنس.

الرابع: إنّه مطلق الصداقة بين الجنسين والعلاقة الجنسية، وهو ما يؤدّي غالباً إلى الزنا وغيره من الفواحش.

وهذا هو الظاهر من لفظ (الخِدْن) في اللغة، الذي فسّر في كلمات اللغويين بالصديق والخليل مطلقاً. ويشهد له موارد الاستعمال.

وأمّا ما ذكر من المعاني فهي من باب ذكر المصداق، لا التقييد للمعنى وحصره([15]).

وبناءً على الاحتمال الرابع لا يكون ذكر اتخاذ الأخدان من باب التأكيد، بل ذكر موضوع مختلف عن السفاح، ومقابل له، وإنْ اشتركا في المبغوضية والقبح.

ثانياً: حرمة اتخاذ الخدن

 قد بيّن كلا النصّين مبغوضية اتّخاذ الأخدان وقبحه، بل قد يُستفاد عدم مشروعيته.

وبيان ذلك: أمّا على الاحتمالات الثلاثة الأولى التي فُسرّ فيها بالزنا يكون الأمر في غاية الوضوح، فيدلّ النصّان حينئذٍ على حرمة الزنا، وإنْ كان في السرّ أو في الرضا أو في حالة الاختصاص بالواحد. وهذا في الحقيقة تأكيد أو زيادة إيضاح للآيات الكثيرة التي نهت عن الزنا، ويكون اتخاذ الأخدان هو أحد مصاديق الزنا.

وأمّا على الاحتمال الأخير ــ الذي رجّحناه ــ فيثبت عدم مشروعية العلاقة بين الجنسين في نفسها، ما لم تُبنَ على أساس مشروع، وهو منحصر في الزواج أو ملك اليمين. وممّا يدلّ على ذلك العطف على السفاح.

ودعوى أنّ اتخاذ الخدن في الجاهلية كان من أجل الزنا لا يكون سبباً لتقييد إطلاق اللفظ، ولا يحصر عدم المشروعية في صورة اتخاذه للزنا فقط.

ثالثاً: تحديد المراد بـ (الخدن)

لم تتعرّض الآية لبيان مفهوم الخدن، فضلاً عن بيان مصاديقه. ومن هنا لابدّ من الرجوع إلى العرف في تحديد الموضوع، كما هو الحال في سائر الموضوعات. وقد فُسّر (الخدن) لغةً بـ (الصديق). والذي يفهمه العرف من هذا العنوان هو الشخص الذي له ارتباط وعلاقة خاصّة بآخر، لا مطلقاً. والذي نتصوّره من خصائص وشروط هذه العلاقة بحسب الفهم العرفي ما يلي:

1ـ كونها علاقة ذات طابع إنساني واجتماعي، فلا تصدق على العلاقة ذات الطابع الاقتصادي، فلا يُقال للأجير: صديق وخدن.

2ـ كونها علاقة ذات طابع عاطفي، وكون تلك العواطف متبادلة من الطرفين.

3ـ كونها علاقة من أجل المعاشرة بحسب الصورة والظاهر، وتتمثّل خارجاً بتعدّد اللقاءات، وتكرّرها، والأنس والمودّة المتبادلة، والانفتاح، وعدم إخفاء السرّ، وعدم الاحتشام في الكلام والتصرّفات، والصراحة، والمحبّة المتبادلة، ونحو ذلك.

4ـ كونها مبتنية على أساس الصدق في المودّة، ومنه أخذ لفظ الصداقة.

5ـ قد تختلف وسائل الارتباط وأساليبه وتجسيد هذه العلاقة، فربما تكون من خلال اللقاءات المباشرة، وربما تكون من خلال المكاتبة، وربما تكون من خلال المكالمة التلفونية، وربما تكون من خلال وسائل الارتباط الحديثة، كالإنترنت، ولا تنحصر بالشكل الأوّل فقط، كما قد يُتوهّم.

6ـ قد تقارن هذه العلاقة أمورٌ خارجة عن ماهيتها، فتُؤثّر سلباً أو إيجاباً، فلا ينبغي الخلط، وتصوّر أنّها دخيلة فيها، كالعلاقة المشوبة بالشهوة الجنسية الفعلية، أو النفع المالي الفعلي. كما أنّها قد تكون ناشئة عن دواعٍ مختلفة، كالتوصّل إلى غاية ما مستقبلاً. فهذه حيثيات خارجة عن حقيقة عنوان (الخدن)، وعنوان (الصديق)، والعرف يحكم على ظاهر العلاقة، دون دواعيها الخفيّة والمضمرة.

من هنا يتضح أنّ عنوان (الخدن) لا يلازم تلك المقارنات أو الدواعي، فسواءٌ وجدت أم انتفت يصدق العنوان، فإنّ شيوع اقتران العلاقة بين الجنسين بالشهوة الجنسية لا يجعلها مقوّمة لعنوان (الخدن)، وأنّها تدور مدارها وجوداً وعدماً، ومتى تحقّق العنوان تحقّق الحكم.

رابعاً: النهي عن اتخاذ الأخدان مطلقاً

1ـ إنّ عدم مشروعية اتخاذ الأخدان ثابت للطرفين، الرجل والمرأة، كما يُستفاد من النصّين؛ فإنّ النصّ الأول ورد فيه عنوان (اتخاذ الأخدان) متعلّقاً بالنساء، وفي النصّ الثاني ورد متعلّقاً بالرجال. وهذا التكرار للتأكيد، ولتفصيل الحكم، فربما يتصوّر العرف أنّ المحذور والقبيح هو اتّخاذ الخدن من قِبل المرأة، دون الرجل، وإلاّ فإنّ كلّ واحد من النصّين كان يكفي للدلالة على كلا الطرفين؛ لأنّ الصداقة ذات طرفين.

2ـ إنّ عدم المشروعية مطلق، فيشمل ما تحقّق معه الزنا وما خلا منه؛ وذلك لإطلاق النصّ.

3ـ ويشمل النهي ما إذا كانت العلاقة مع الشهوة، كما هو المعتاد، كما يشمل ما إذا لم تكن العلاقة مع الشهوة، ولو كان تحقّق هذا الفرد نادراً؛ وذلك للسبب ذاته، وهو إطلاق النصّ.

4ـ كما يمكن أن يستفاد من النصّ أنّ اتّخاذ الأخدان مبغوض للشارع مطلقاً، وإنْ كان بين غير البالغين؛ لصدق العنوان حينئذٍ، فإنّ عنوان (اتخاذ الخدن) من الأمور الوضعية المأخوذة وصفاً لحالة معيّنة، فلا داعي لجعله خاصّاً بالبالغين؛ إذ لم يرِدْ في النصّين حكمٌ تكليفي حتى يُقال باختصاصه بالبالغ أو بالمكلّف فقط، بل الوارد هو حكم وضعيّ، وهو إباحة النكاح ومشروعيته، وعدم مشروعيّة السفاح، واتّخاذ الأخدان.

إذاً فإنّ ظاهرة اختلاط الجنسين غير مشروعة مطلقاً، ومنها: المدارس المختلطة بكلّ مراحلها؛ لأنّها توفّر الأرضية لنشوء علاقات الصداقة بين الجنسين.

دعوى

ويحتمل القول بالإباحة بالنسبة للأطفال قبل سنّ التمييز؛ لعدم بروز الميل الجنسي لديهم بعد؛ لكونهم >لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء< (النور: 31). ولذا أُبيح للمرأة إبداء زينتها أمامهم.

المناقشة

ويمكن المناقشة فيه بأنّ جواز إبداء الزينة أمامه حكم آخر لا علاقة له بالمقام؛ فإنّ اتخاذ الخدن والصداقة بين الجنسين عنوان آخر مستقلّ، مبغوض للشارع مطلقاً، كالزنا؛ بقرينة العطف عليه في النصّين.

وعليه فعلى الأولياء تجنيب غير البالغ الاختلاط، وعدم تهيئة الأجواء المساعدة عليه.

خامساً: الاختلاط والتعايش بين الجنسين

ثمّة ظاهرة منحرفة في المجتمعات الجاهلية الحديثة، وباتت أمراً عادياً، هو إقامة الصداقة بين الجنسين، شباباً وشابات، صغاراً وكباراً؛ نتيجةً للاختلاط. وهذا غير مشروع، كما هو واضح.

بل أسبغوا على بعض صور العلاقات غير المشروعة عنوان التعايش بين الجنسين، وعدّوه عقداً مدنيّاً يتمّ باتفاق الطرفين ورضاهما.

وهذا وإنْ سمّوه عقداً واتفاقاً، إلا أنّه لا يُعدّ نكاحاً بنظر العقلاء ولدى جميع الأعراف، وحينئذٍ فلا يكون مشمولاً للقاعدة القائلة بأنّ لكلّ قوم نكاحاً.

ولا يفيد ورود التعبير عن اتّخاذ الأخدان من قبل البعض بـ (نكاح الخدن)([16])؛ فإنّه من الواضح أنّ هذه التسمية مبنيّة على المسامحة، ولا يُراد بها المعنى الحقيقي للنكاح، وخصوصاً أنّه ليس بنكاح حتى لدى أهل الجاهلية الأولى، فليس هو من قبيل: نكاح الشغار المنهيّ عنه شرعاً؛ إذ إنّ نكاح الشغار نكاح عندهم.

سادساً: الزواج المؤقّت واتخاذ الخدن

لقد ذكرنا بأنّ النصّ جعل اتّخاذ الأخدان في مقابل المشروع، وهو الزواج ـ بقسمَيْه: الدائم؛ والمنقطع ـ وملك اليمين. وعليه فلا مجال لتوهّم انطباق عنوان (اتخاذ الخدن) على الزواج المؤقّت([17]).

سابعاً: استفادة الحرمة من نصوص أخرى

ويمكن استفادة تحريم إقامة العلاقة بين الجنسين غير المبتنية على الزواج أو ملك اليمين أيضاً من قوله تعالى: >وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلاَّ أَن تَقُولُوا قَوْلاً مَّعْرُوفاً< (البقرة: 235)؛ فإذا كان محض المواعدة سرّاً ـ ولو مرّة ـ منهيّاً عنه فكيف إذا كان الأمر على مستوى لقاءات متكرّرة يتبادل فيها الطرفان كلمات الغرام؟!

ثامناً: استفادة الحرمة من الأدلّة اللبّية

وإلى جانب الأدلّة اللفظية يمكن التمسّك بالأدلّة اللبّية أيضاً، وتتمثّل بأربعة أدلّة، وهي:

1ـ سيرة المتشرّعة وارتكازهم: لا ريب في قيام سيرة المتشرّعة على عدم اتخاذ الأخدان. وهذه سيرة ثابتة تتّصل بزمان المعصوم×، بل إنّ هذه السيرة ثابتة بين جميع المتديّنين من المسلمين، بمختلف مذاهبهم واتجاهاتهم.

لا يُقال: إنّ الترك يدلّ على عدم الوجوب لا أكثر، وعدم الوجوب كما ينسجم مع الحرمة يمكن أن ينسجم كذلك مع الكراهة، بل ومع الإباحة، فلا معيّن للأوّل.

فإنّه يُقال: إنّ هذه السيرة ليست سيرة محضة حتى تُبتلى بهذا الإبهام، وإنّما هي سيرة مشوبة بالارتكاز المتشرّعي القاطع، وعليه فلا مجال للتشكيك في دلالتها على الحرمة.

2ـ الضرورة الدينية: إنّ الارتكاز ثابتٌ وواضحٌ غاية الوضوح، بحيث لم يعد يقتصر على المتديّنين فحسب، بل بات واضحاً في أذهان المسلمين كافّة، حتى غير المتديّنين منهم. ومعنى ذلك أنّه واصل إلى مستوى الضرورة الدينية.

3ـ سيرة العقلاء وارتكازهم: إنّنا لو تخطّينا دائرة المجتمع الإسلامي زمانياً ومكانياً، وتابعنا السلوك العامّ في سائر المجتمعات، للاحظنا أنّ سيرة العقلاء، وكذا ارتكازهم، قائمٌ على التنزّه عن اتخاذ الأخدان. ولا يُمارس هذا النوع من السلوك إلا السفلة والسقطة من الناس. بل إن المجتمع الجاهلي ـ بالرغم من بُعْده عن التحضّر ـ لم تكن ظاهرة اتخاذ الأخدان ظاهرة مألوفة ومقبولة فيه. ومن هنا كان بعضهم يتعاطونها في السرّ، وبعيداً عن أعين الناس.

وحيث كانت هذه السيرة العامّة على مرأى من الشارع، ولم يردع عنها، فيدلّ ذلك على إمضائها.

لا يُقال: إنّ هذه الظاهرة باتت اليوم شائعة في المجتمعات الغربية، ولم تعد عندهم أمراً مُشيناً، وعليه فلا تتمّ الدعوى المتقدمة.

فإنّه يُقال: إنّ شيوع ممارسة معيّنة مخالفة لسيرة العقلاء وارتكازهم في مقطع زماني أو مكاني معيّن، تحت ظروف خاصّة، لا يقدح في المدّعى؛ فإنّه قد يتفق إشاعة بعض الممارسات المخالفة حتى للفطرة الإنسانية في بعض الحالات، كما في حالات التهتّك والإباحة الجنسية، والظلم، وانتهاك حقوق الإنسان الطبيعية في المجتمعات الغربية. بل قد تُسنّ بعض القوانين من أجل تكريس وإشاعة مثل ذلك. فإنّ هذا كلّه لا ينفي أصل الدعوى؛ إذ إنّ المعيار في سيرة العقلاء وارتكازهم هو النوع، لا العدد والكمّ. فالشذوذ عن السيرة العقلائية والارتكاز العقلائي، بل والشذوذ عن الفطرة السليمة، ليس بعزيزٍ في حياة البشر، ولا سيما مع ضغط الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسات الإعلامية والتثقيفية المنحرفة.

4ـ اختلال النظام: من الحقائق الجليّة أنّ للشريعة الإسلامية قوانينها الخاصّة بها، وأنّها تهدف إلى صياغة الإنسان ـ فرداً ومجتمعاً ـ في ضوء هذه الرؤية، ولا سيما في ما يتعلّق بالجوانب الأخلاقية، وتعميق ظاهرة العفّة، والحيلولة دون رواج الإباحية والفساد. وممّا لا شكّ فيه أنّ انتشار الصداقة بين الجنسين يتعارض نوعاً مع أهداف الشريعة، ويؤدي إلى اختلال النظام الديني في المجتمع، مضافاً إلى ما يجرّه من المفاسد والأضرار التي تهدّد أمن الأسر والعوائل، وبالتالي تهدّد الأمن الاجتماعي، وتهدم كيانه من الأساس، ويتعذّر حينئذٍ حفظ الأعراض وصيانتها، ويصعب إقامة أحكام الله. وهذا ما لا يرضي به العقل، ولا الشرع.

تاسعاً: النهي عن نكاح الزاني والزانية

قد يُدّعى دلالة كلٍّ من النصّين على النهي عن نكاح الزاني والزانية. فهل المراد بالنهي الحرمة؟ فيه قولان:

الأول: حرمة نكاح الزاني والزانية، ولو كان الزنا سرّاً، إلا بعد التوبة، ونسب إلى أحمد بن حنبل([18]).

ويدعمه إطلاق النصّ.

إنّ النصّ المذكور لم يُسَقْ لبيان حكم نكاح المسافحين والمسافحات ومتّخذي ومتّخذات الأخدان، بل النصّ ورد لبيان مشروعية النكاح والإحصان، في مقابل عنوان (السفاح)، وعنوان (اتخاذ الأخدان).

وبعبارة أخرى: إنّ ما ورد في النصّ القرآني الشريف، من قوله تعالى: >وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الُْمحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِمّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ… مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَات وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَان<، وقوله تعالى: >الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ… وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَان<، لم يذكر عنوان (السفاح) و(اتّخاذ الأخدان) وصفاً للرجل الناكح، ولا وصفاً للمرأة المنكوحة، حتّى يكون قيداً أو شرطاً للموضوع، أي يكون المعنى: يُباح لكم نكاح غير المسافحة وغير ذوات الأخدان، أو يُباح لكم نكاح غير التي تُسافحونها وغير التي اتّخذتموها خدناً، وعليه قد يُدّعى استفادة النهي عن نكاح الزانية.

بل إنّ العنوانين المتقدمين ذُكرا حالاً، ومقتضاه تقييد مشروعية النكاح بذلك، أي يكون المعنى: يُباح لكم النكاح والإحصان، ولا يُباح لكم السفاح واتّخاذ الأخدان.

إذاً فالنصّ ساكت عن أوصاف المنكوحة، وإنّما هو في صدد بيان مشروعية النكاح والإحصان.

الثاني: وهو ما ذهب إليه بعضٌ، من كون الآية في مقام الترغيب في الزواج من غير المسافحة وذات الأخدان، لا عدم الزواج بالمتَّصفة بذلك([19]). ونُسب إلى الأكثر الجواز، فتكون هذه الآية محمولة على الندب والاستحباب([20])، أي استحباب ترك نكاح المرأة المسافحة وذات الأخدان.

نحن وإنْ كنّا نتفق مع هذا القول في الجواز، ولكن لا نوافق على استفادة الاستحباب من هذا النصّ؛ لعدم كونه في صدد البيان من هذه الجهة بالمرّة، لا على نحو الإلزام، ولا على نحو الترخيص، بل هي في مقام بيان مشروعية النكاح، كما قلنا.

نتيجة البحث

أهمّ النتائج التي توصّلنا إليها من خلال هذا البحث ما يلي:

1ـ إنّ (اتخاذ الخدن) المذكور في النصّ القرآني عنوان في مقابل الزنا. والمراد به الصداقة بين الجنسين. كما تذهب اللغة إلى ذلك.

2ـ إنّ اتخاذ الخدن [الصديق] منهيّ عنه شرعاً، وعقلائياً، وعقلاً.

3ـ إنّ هذا النهي مطلق يشمل جميع الحالات، وإنْ خلت من الشهوة الجنسية، وتشمل حتى غير البالغين.

4ـ إنّ ما يُسمّى بعقد التعايش بين الجنسين مرفوضٌ شرعاً.

الهوامش

___________________-

(*) أستاذ في الحوزة العلمية، ورئيس تحرير مجلّة فقه أهل البيت^، من العراق.

([1]) الجصاص، أحكام القرآن 2: 211.

([2]) الطباطبائي، الميزان 5: 278.

([3]) السيوطي، الدر المنثور 2: 142.

([4]) النووي، المجموع 20: 4.

([5]) الزبيدي، تاج العروس 18: 175؛ ابن الأثير، النهاية 2: 15؛ ابن منظور، لسان العرب 13: 139.

([6]) الطبرسي، مجمع البيان 3: 63؛ الميزان 5: 278؛ الزمخشري، الكشاف 1: 596.

([7]) الراغب، المفردات: 277. ولعلّ مراده الاستشهاد بقول أبي تمّام الطائي، والبيت هو:

خدينُ العلى أبقى له البذلُ والنهى         عــواقبَ مـــن عـــرفٍ كفتهُ العواقبــا

([8]) ابن حجر، فتح الباري 12: 143.

([9]) الطبرسي، جوامع الجامع 1: 390.

([10]) تفسير أبي السعود 2: 167، 3: 9.

([11]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 5: 143.

([12]) الأردبيلي، زبدة البيان: 657.

([13]) السبزواري، مواهب الرحمن 8: 62.

([14]) الرازي، التفسير الكبير 10: 63.

([15]) انظر : مواهب الرحمن 8: 61.

([16]) الشوكاني، نيل الأوطار 6: 301؛ سيد سابق، فقه السنة 2: 8.

([17]) مكارم الشيرازي، الأمثل 3: 613؛ جعفر مرتضى، الزواج المؤقّت 3: 280.

([18]) تفسير ابن كثير 2: 22، 3: 273؛ الشنقيطي، أضواء البيان 5: 422.

([19]) زبدة البيان: 657 .

([20]) التفسير الكبير 10: 63.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً