أحدث المقالات

د. السيد زين العابدين المقدَّس الغريفي(*)

الخلاصة

يسعى الباحث في هذا المقال إلى المساهمة في تهديم أُسُس وقواعد التطرُّف في المجتمع، وذلك من خلال مناقشة المباني الدينية التي تستند عليها الجماعات والتنظيمات المتطرِّفة؛ لأجل دفع تهمة التطرُّف عن التشريع الإسلامي، وإبراز جوانب الرحمة والإنسانيّة في التعامل مع مطلق المخالف في العقيدة والفكر والمنهج. فلا يوجد ما يدلّ على استضعاف المخالف أو قتله؛ لمجرّد الكفر، بل القتل عنوانٌ يحصل لأسباب موضوعيّة، كردّ العدوان، أو الدفاع عن المستضعفين. ويستوي في ذلك المسلم والكافر.

وقد قام الباحث بدراسة «حديث المقاتَلة»، الذي يدلّ بظاهره على كون الكفر سبباً لوجوب القتال، من جهتَيْ السند والدلالة؛ فناقش جميع أسانيد هذا الخبر عند الشيعة الإمامية وغيرهم من المذاهب الإسلامية.

كما ناقش في دلالته، بعد أن عرضه على الكتاب الشريف والسنّة المعتبرة والسيرة القطعيّة للمعصوم×، وتوصَّل إلى اختصاص المقاتلة بحالة ردّ العدوان، والدفاع عن بيضة الإسلام أو المستضعفين في الأرض، ولا يمكن تعميمه لكلّ كافرٍ في جميع بقاع الأرض.

 

تمهيدٌ

لا شبهة في أن القاعدة الأساس في التعاملات الإنسانية مع الآخر في الدين الإسلامي مبنيّة على الرحمة والمحبّة والتسامح، ولا يُصار إلى الحرب والقتال إلاّ في حالات ردّ الاعتداء والظلم أو الدفاع عن المستضعفين في البلاد الأخرى، ونحو ذلك ممّا يحسِّنه العقل، ويرشد ويدعو إليه العقلاء.

بَيْدَ أنه برزَتْ طوائف تدّعي الانتماء للدين الإسلامي، وتتحدّث بلغة القرآن والسنّة، قد حفظوا قشوراً، وغاب عنهم روح الدِّين وأهدافه ومقاصده، أسَّسوا لفقه التطرُّف والتكفير، وبُنيَتْ منظومتهم التشريعية على مجموعةٍ من الأحاديث والأخبار، التي تمثِّل القاعدة الأساس لهم في إثبات القتل لكلّ كافرٍ ومخالفٍ، بل لكافّة الأمم والملل، بحيث لا يخرج عن هذه الدائرة إلاّ خصوص مَنْ يدين بمذهبهم، ويعتقد بجميع اعتقاداتهم.

وهذا مخالفٌ لضرورة العقل، وسيرة العقلاء؛ إذ لا يمكن أن يصدر من عاقلٍ الحكم بوجوب قتل جميع مَنْ في الأرض، إلاّ هو وأتباعه، الذين لا يمثِّلون في عصر صدور هذه النصوص إلاّ 1 أو 2%، فضلاً عن صدوره عن نبيٍّ معصومٍ مسدَّد من الله تعالى الحكيم العادل. ولو تتبَّعنا نصوص القرآن وسيرة الرسول| وأخلاقيات المعصومين^، التي تتعارض وظاهر نصوص التطرُّف، لأمكن الحكم ببطلان هذا الفَهْم، وقُبْح هذا السلوك.

ويمكن تقسيم هذه الأخبار والأحاديث إلى قسمين:

القسم الأوّل: ما كانت ضعيفةً، بل موضوعةً على لسان الرسول الأكرم|، أمثال: «جئتُكم بالذبح»([1])، ولها دواعٍ وأسبابٌ معروفة، عقديّةٌ، كتشويه صورة الإسلام السمحة؛ أو سياسيّةٌ، لتوسيع نفوذ الحاكم والسيطرة على أكبر عددٍ ممكن من الأراضي والبلدان؛ بدواعٍ دينية.

القسم الثاني: ما كانت صحيحة السند، إلاّ أن الخطأ واقعٌ في فَهْمهم لها، بحيث لو لوحظَتْ ضمن أجواء الصدور والقرائن المحيطة بالنصّ لقُطِعَ بخطأ الفهم وسُقْمه.

ومن هذه الأخبار «حديث المقاتَلة»: «أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتّى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله».

وقد بنَوْا عليه وجوب مقاتلة أهل الأرض كافّةً ممَّنْ يخالفهم في المعتقد، حتّى وإنْ كان يدين بنفس دينهم، ورتَّبوا على ذلك مجموعةً من الثمرات التي تؤسِّس للتطرُّف الديني، ممّا سنتطرَّق إلى بعضه في طيّات البحث.

ولهذا سوف نقوم بدراسة هذا الخبر، سنداً ودلالة، عند الفريقين: الشيعة الإمامية وأهل السنّة؛ لنرى هل يصحّ سنده أوّلاً؟ وإذا فرضنا صحّته فهل ينسجم تفسيرهم له مع روح الإسلام ونصوصه وأخلاقيّاته؟

1ـ مفهوم التطرُّف الديني، وجذوره

لا شَكَّ في وجود أفرادٍ أو جماعاتٍ في كلّ مجتمعٍ أو دينٍ يحملون سِمَة التطرُّف والتعصُّب تجاه معتقداتهم، بما يلغي وجود الآخر ويستضعفه، فينتهج بعضها القتل وسيلةً لإخضاع الآخر لرؤاه، تحت أسبابٍ ودواعٍ متعدّدة، مما ينبئ عن تداعيات وآثار خطيرة تعود على المجتمع.

ولعلّ من أبرز هذه الظواهر هو التطرُّف الديني عند بعض الجماعات التي تنسب نفسها إلى الإسلام، وتدّعي سَعْيها لتطبيق الشريعة وفق فَهْمٍ خاصّ، وقد حازوا على مكانةٍ دينيّة في نفوس بعض الناس؛ بسبب انتمائهم الديني والعَقْدي، حتّى عُدَّ وجودهم في بعض الدول مظهراً لجَلْب الخراب والدمار، وسبباً لعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي فيها، وإيقاف عجلة التطوُّر الاقتصادي والعمراني.

أـ مفهوم التطرُّف

التطرُّف لغةً من الأخذ بالطرف من الشيء، وهو «يدلُّ على حدِّ الشيء وحَرْفهِ»([2])، فيخرج بذلك عن الوَسَطية، ويتجاوز حدّ الاعتدال، وهو الانحراف عن جادّة الصواب، بما يؤول إلى الاضطراب، والاختلال بالمنهج والعمل عند العقلاء.

ويقابله الوَسَطية، التي تمثِّل السلوك المعتدل، حيث الوقوف في الوَسَط، دون الاتجاه يميناً أو شمالاً، من دون غلوٍّ أو تقصيرٍ.

وأما اصطلاحاً فلا يختلف عن معناه اللغوي، حيث يفسَّر بكونه تجاوز الحدود في فَهْم أو تفسير اتجاهٍ فكريّ أو دينيّ أو سياسيّ، والغلوّ في الاعتقاد به، والخروج عن القواعد والأهداف الواقعية المعدّة له، بما يكوّن مجموعةً من الأفكار، التي تمثِّل أُسُساً لمنهجٍ فكريّ جديد، يولِّد سلوكاً غريباً، ويحاول فرضه بالقوّة والاكراه.

ب ـ أشكال التطرُّف

للتطرُّف مصاديق وأنواع وأشكال كثيرة، تبحث من حيثيّاتٍ وجهاتٍ عدّة، تَبَعاً لنوع المضاف إليه؛ فتارةً يلحظ جانب التفكير؛ وأخرى السلوك والعمل. ولذا سنقتصر على أهمِّها:

أـ التطرُّف السياسي: يحدث عندما تتجاوز السلطة الحدود الدستورية والقانونية في التعامل، بما يؤول إلى الاستبداد واستعمال العنف في إقصاء المعارضين، وبالعكس.

ب ـ التطرُّف الفكري: يمثِّل حالة التعصُّب تجاه رأيٍ معين، مع ظهور خطئه وفساد أسسه وقواعده، فيسعى أصحابه إلى إلغاء آراء الآخرين، وإنْ أدّى ذلك إلى القوّة والعنف في بعض الأحيان، محاولين بذلك إنشاء مجتمعاتٍ مغلقةٍ على أفكارٍ ورؤىً خاصّةٍ، تخدم مصالح وأهدافاً معيَّنة.

ولذا فمن أشدّ أنواع التطرُّف خطورةً على المجتمع هو التطرُّف العلماني أو الإلحادي، ونحوها من مناهج التفكير، التي لا تقلّ خطورةً عن التطرُّف الديني؛ حيث سبَّب بعضها مجازر ومذابح للألوف، بل الملايين، عبر حروبٍ عالمية، تبتني على صراع المصالح الشخصية والرؤى الضيقة، فضلاً عن استعباد الشعوب، وسَلْب حرِّياتهم وحقوقهم، عبر وسائل وأساليب وأيديولوجيات ظالمة عند العقلاء.

ج ـ التطرُّف الاجتماعي: يحدث حينما يتّجه أفرادٌ أو جماعاتٌ إلى الاعتقاد بأفكار معيَّنة؛ نتيجةً لقَبْليّات ومسلَّمات ثقافية أو قومية أو عرقية، من دون أن تستند إلى أسس وموازين عقلائيّة، فيبذلوا جميع الوسائل في سبيل تحقيق بُغْيَتهم، والانتصار لأفكارهم.

ومنه: استبداد الأب برأيه داخل الأسرة، من دون مشورة زوجته وأبنائه، في قضايا تخصّ الأسرة كافّةً، حيث يعمد عادةً إلى فرض رؤاه بالقوّة والغَلَبة، مما يستتبع نتائج سلبيّةً على الأسرة أو بعض أفرادها.

د ـ التطرُّف الديني: يحدث حينما يولد تيارٌ ينتمي إلى الدين ظاهراً، ويعتمد على مجموعةٍ من النصوص في الاستدلال على مشروعيّة عمله، سواء ألحق ضَرَراً بالأفراد أم لا، وإنْ لازم العنف في كثير من الأحيان، فيؤدّي إلى إحداث خَلَلٍ في الواقع المجتمعي؛ نتيجةً لحصول فَهْمٍ خاطئٍ للأوامر الشرعية.

وهو ما نراه في عموم العالم، كما عند اليهود تجاه غيرهم من الأمم، أو عند المسيحيين في الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش وغيرها إلى يومنا هذا([3])، أو عند الهندوس في الهند وغيرها تجاه المسلمين، أو بعض الفِرَق والحركات الإسلاميّة ضدّ غيرهم من المذاهب أو الأديان، وغيرها من الحركات المنحرفة التي تتمسّك بالقشور وتترك اللبّ.

وقد يطلق عليه في بعض الأحيان (التعصُّب الديني).

بَيْدَ أنه غيرُ صحيحٍ؛ فالتعصُّب إذا كان بمعنى التشدُّد في الإيمان والعمل، أو السعي لتطبيقه كما يرى الشارع، دون إسقاط رؤىً شخصيّةٍ عليه، فهو محمودٌ قَطْعاً؛ إذ إنه كلما زاد الإنسان إيماناً وتطبيقاً للشريعة كلما حَسُن خلقه وتعامله مع الآخر، فالشريعة في نصوص متضافرة من الكتاب والسنّة تدعو إلى احترام الإنسان، وحفظ حقوقه، والمعاملة بالحسنى.

وإنْ كان بمعنى المَيْل نحو اتجاهٍ معين، ورفض الحقّ، مع ظهور الدليل عليه، واعتماد الفهم الخاطئ، والتعدّي عن الوَسَطية في الشريعة، فهذا قبيحٌ عقلاً وشرعاً؛ إذ الدين قائمٌ على مصالح معيَّنة، لا يعلمها إلاّ المشرِّع الحقيقي، والتعدّي عليها يوجب بطلان العمل أوّلاً، وثبوت المساءلة الدنيوية والأخروية ثانياً.

ج ـ جذور التطرُّف الديني، وأسبابه

من الواضح أنه لا بُدَّ لكلّ اتجاهٍ فكريّ أو دينيّ من جذورٍ ينطلق منها، ويبني عليها قواعده. وهي تارةً تكون واقعية، تحدِّد الأسباب بنحوٍ منطقيّ وعقلائيّ؛ وأخرى ظاهريّة، يتمسّك بها أصحاب الاتجاه نفسه لتبرير آرائهم ومتبنّياتهم.

وعند البحث والتحقيق نجد أن أسباب التطرُّف الديني عند بعض التيارات الإسلامية لا تتَّفق على جهةٍ واحدة:

فبعضها ينطلق من جهة حبِّه للدين ومجاهدته في سبيل إعلاء رايته، فيتمسَّك بكلّ وسيلةٍ بُغْية تحقيق هذه الغاية، وإنْ كانت خاطئةً، أو تبتني على مقدّمات فاسدة؛ لكون الغاية عندهم تبرِّر الوسيلة.

وبعضها ينطلق من أهداف شخصية، حيث إن التطرف يسدّ بعض ما نقص عنه من المال أو الشهرة أو الزعامة والرئاسة، مما لا يستطيع تحصيله في المجتمع بحالاته الطبيعية.

وبعضها ـ وهو الأكثر ـ له جذورٌ سياسية، يخدم فيها أجندات أجنبية، كدول الاستكبار العالمي، التي تهدف إلى تشويه الدين الإسلامي وسماحته وإيجاد الاضطرابات في الدول الإسلامية؛ بُغْية تحقيق مآربهم الاستعمارية، وسلب مقدّرات الشعوب واستضعافها، والمحافظة على الكيان الصهيوني الغاصب.

ولعلّ الفقر وحاجة الناس أهمُّ مدخلٍ للقوى الاستكبارية في السيطرة على عقول البسطاء والسُّذَّج من الناس؛ فالإنسان إذا لم تتوافر له حاجاته الأساسية، من المأكل والمشرب والملبس، سوف لن يتمكن من إنجاز أعماله بصورةٍ طبيعية؛ فالفقر يشلّ عقل الإنسان عن التفكير، فلا يمكنه أن يفكِّر ما دام جائعاً إلاّ في كيفية سدّ جوعه بأيّ صورةٍ، وإنْ أدَّتْ إلى القتل أو السرقة، ولذا ورد عن رسول الله| أنه قال: «كاد الفقر أن يكون كفراً»([4])، فيحمل الإنسان على ارتكاب ما لا يليق بأهل الدين والمروءة، بل على عدم المبالاة في فعل الحرام، والنطق بما يوجب الكفر، صريحاً أو بالملازمة، كالاعتراض على الله تعالى والحَسَد، وقد ورد في الأثر: «لو تمثَّل لي الفقر رجلاً لقَتَلْتُه»([5])؛ لأجل تخليص البشرية من آثاره السلبية.

ولذا كان لا بُدَّ من دراسة المناهج التي يعتمد عليها هؤلاء، والأُسُس التي ينطلقون منها، في إلغاء الآخر الدينيّ أو المذهبيّ. وأكاد أجزم بكون «حديث المقاتَلة» يمثِّل أهمّ الأُسُس والمنطلقات التي بنى الفكر التكفيري عليها بنيانه، في إنتاج خطاب الكراهية وقتل الآخر، أو إخضاعه لمعتقداته بالقَهْر والغَلَبة.

2ـ أسانيد الخبر وطرقه، عرضٌ ونقد

يُعَدّ «حديث المقاتَلة» من الأخبار التي كثر ذكرها في كتب الحديث، والاستدلال بها في كتب الفقه. وقد تعدَّدَتْ طرقه وأسانيده، ممّا يوهم استفاضته وشهرته، فضلاً عن صحّته واعتباره، بل ادُّعي تواتره عند العامّة.

ولهذا ينبغي الرجوع إلى مصادره الأساسية، ودراسة أسانيده وطرقه؛ للوقوف على لفظه الصحيح، وتحقيق سنده؛ لاكتشاف ومعرفة مدى صحّته واعتباره.

أـ سند الحديث عند الإماميّة

ورد هذا الحديث بطرق ستّة، كلّها ضعيفة:

الطريق الأوّل: ما رواه الصدوق بسنده عن عليٍّ× قال: قال النبيّ|: «أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتّى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد حرم عليَّ دماؤهم وأموالهم»([6]).

وفي سنده الحسن بن عبد الله التميمي، وأبوه.

والابن مهملٌ، لم يتعرَّض علماء الرجال لذكره، قال النمازي: «الحسن بن عبد الله بن محمد بن العباس، أبو محمد الرازي التميمي: لم يذكروه. روى الصدوق في الأمالي عن محمد بن عمر بن محمد الجعابي البغدادي، عنه، عن أبيه، عن مولانا الرضا صلوات الله عليه»([7]).

وأبوه مجهولٌ؛ حيث لم يذكر بمدحٍ أو ذمّ، قال عنه النجاشي: «عبد الله بن محمد بن علي بن العباس بن هارون التميمي الرازي: له نسخةٌ عن الرضا×. أخبرنا أبو الحسين محمد بن عثمان النصيبي قال: حدَّثنا أبو بكر محمد بن عمر قال: حدَّثنا أبو محمد الحسن بن عبد الله بن محمد بن العباس قال: حدَّثنا أبي قال: حدَّثنا علي بن موسى الرضا×»([8]).

الطريق الثاني: ما رواه الصدوق أيضاً بسندٍ متّصل، قال: حدَّثني محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثني محمد بن جعفر قال: حدثني موسى بن عمران قال: حدثني عمّي الحسين بن زيد، عن حماد بن عمرو الصيني، عن أبي الحسن الخراساني، عن ميسرة بن عبد الله، عن أبي عبد الله، عن أبي عايشة السعدي، عن يزيد بن عمر بن عبد العزيز، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة وعبد الله بن عبّاس قالا: «خطبنا رسول الله| قبل وفاته، وهي آخر خطبةٍ خطبها بالمدينة…: ألا وإن ربّي أمرني ان أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها اعتصموا مني، دماءهم وأموالهم إلاّ بحقِّها، وحسابهم على الله عزَّ وجلَّ…»([9]).

والطريق مبتلىً بعدّةٍ من المجاهيل، منهم: حماد بن عمرو الصيني، فهو مهملٌ، وإذا كان اللقب هو النصيبي فهو مجهولٌ؛ وميسرة بن عبد الله؛ وأبي عبد الله؛ وأبي عايشة السعدي؛ ويزيد بن عمر بن عبد العزيز؛ وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وهو عامّي مهملٌ عندنا.

الطريق الثالث: ما رواه الطوسي بسندٍ متّصل قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص المقرئ، المعروف بابن الحمامي، قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن الفقيه، قراءةً عليه، قال: حدثنا معاذ بن المثنى قال: حدثنا مسدّد قال: حدثنا أبو عوانة، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله|: «لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، لا يرجع حتّى يفتح الله عليه. قال عمر: ما أحبَبْتُ الإمارة قبل يومئذٍ، فدعا عليّاً× فبعثه، فقال: اذهَبْ فقاتِلْ حتّى يفتح الله عزَّ وجلَّ عليكَ، ولا تلتفِتْ، فمشى ساعةً، أو قال: قليلاً، ثمّ وقف ولم يلتفِتْ، فقال: يا رسول الله، علامَ أقاتل الناس؟ قال: قاتلهم حتّى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلاّ بحقِّها، وحسابهم على الله عزَّ وجلَّ»([10]).

وهذا الخبر ـ بعيداً عن اختصاصه بحال القتال بين طرفين ـ مبتلىً بعددٍ من المجاهيل، والعامّة، حتّى ينتهي بأبي هريرة، وجُلُّهم من الضعاف. فسنده ساقطٌ عن الاعتبار.

الطريق الرابع: ما رواه القمّي، مرسلاً عن النبيّ| أنه قال: «وإنّي أُمرْتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلاّ الله، فإذا قالوها فقد عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلاّ بحقِّها، وحسابُهم على الله…»([11]).

الطريق الخامس: ما رواه القاضي النعمان، مرسلاً عن رسول الله|، أنه خطب الناس يوم النحر بمِنَى فقال: «أيها الناس، لا ترجعوا بعدي كفّاراً، يضرب بعضكم رقاب بعضٍ، فإنما أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتّى يقولوا: لا إله إلاّ الله، فإذا قالوا ذلك فقد عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلى يوم يلقون ربَّهم، فيحاسبهم. ألا هل بلَّغْتُ؟ قالوا: نعم، قال: اللهمَّ اشهَدْ»([12]).

الطريق السادس: ما رواه الأحسائي، مرسلاً عن رسول الله|، أنه قال: «أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتّى يقولوا: لا إله إلا الله، وإني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا قالوها حقنوا منّي دماءهم وأموالهم، وحسابُهم على الله…»([13]).

فيظهر مما تقدَّم ضعف جميع الطرق؛ إما من خلال جهالة بعض رواتها، كما في الأسانيد الثلاثة الأولى؛ أو من خلال الإرسال، كما في الطرق الثلاثة الأخيرة، فيكون الحديث ساقطاً عن الاعتبار عند الإماميّة.

وأضعف هذه الأخبار هو الأخير المرويّ في عوالي اللآلي؛ لاشتماله على زيادة [ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة]، التي لم تَرِدْ في متون المصادر الأخرى.

ويبدو لي أن هذا الخبر مما تسرَّب إلينا من أحاديث العامّة؛ بقرينة أن الراوي في بعض الطرق الثلاثة الأولى هو ابن عبّاس أو أبو هريرة، وفي السند رواةٌ من العامّة، فضلاً عن جهالة أغلب رواتها، كما تقدَّم. ويؤيِّد ما ذكَرْتُه أن الصدوق قد نقل عن العامّة كثيراً في بعض كتبه، ومنها: العيون، وهو مصدر هذا الخبر.

ب ـ سند الحديث عند الجمهور

ورد هذا الحديث بطرق متعدِّدة وأسانيد كثيرة عن النبيّ|، ورُوي عن خمسة عشر صحابيّاً([14])، كأبي هريرة وأنس بن مالك وعمر بن الخطّاب وابنه وغيرهم، وإنْ كان في كثير من الأسانيد نظرٌ إلاّ أن بعضها صحيح الإسناد، وهو متَّفق عليه عندهم؛ لروايته في ما يُسمّى بالصحيحين، وقد ادُّعي تواتره معنىً([15])، ومنها:

1ـ ما أخرجه البخاري بسنده عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِﷺ قَالَ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاّ بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ»([16]).

2ـ ما أخرجه مسلم بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِﷺ قَالَ: «أُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَيُؤْمِنُوا بِي، وَبِمَا جِئْتُ بِهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ»([17]).

وعند تتبُّع المصادر الحديثية عند العامّة، من المصنَّفات والمسانيد والصحاح، نجد بينها اختلافاً واضحاً من حيث الزيادة والنقصان؛ فبعضها يقتصر على ذكر الشهادة بالتوحيد؛ وبعضها يضيف الشهادة بالرسالة؛ وبعضها يضيف إقامة الصلاة وأكل الذبائح ونحوها.

بَيْدَ أن الكثير من كبار الأئمّة والمحدِّثين قد اقتصروا في نقل الحديث على الشهادة بالتوحيد، وأهملوا سائر الإضافات، مما يُشْعِر بضَعْفها ووَهْنها، فقد روى أبو حنيفة عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِﷺ قال: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ عَزَّ وجَلَّ»([18]).

والغريبُ أننا، رغم كثرة تخريجه في المسانيد والمصنَّفات وكتب الصحاح، نجد أن مالك بن أنس إمام المذهب المالكي قد أسقط تخريجه في موطّأه، بعد تهذيبه، فلم يُذْكَر إلاّ في نسخةٍ أو نسختين من أصل أربعة عشر نسخة لـ (الموطّأ)، وهي نسخة ابن وهب أبو محمد عبد الله بن سلمة الفهري المصري، كما يوجد هذا الحديث في موطّأ ابن القاسم.

وهو نفس مقدار ما رواه أبو حنيفة. وهذا المقدار هو الذي يُطْمَأنّ بصدوره، مع كثرة أسانيده وطرقه. وأما الزيادات فإنها قد أُضيفَتْ لأغراض سياسية، وهي تصحيح قتال ما يُسمّى بـ (مانعي الزكاة).

والذي يدلّ على كذب الزيادة أمور عدّة، أهمها:

1ـ إن أبا بكر لما أراد قتال المخالفين له احتجّ عمر بن الخطّاب عليه بأصل الحديث، من دون الزيادات. فمرادُ عمر أن الشهادة بالتوحيد كافيةٌ في عدم قتالهم، ولو كانت الزيادة صحيحةً لما صحّ الاحتجاج، ولكان حجّةً لأبي بكر على عمر وغيره من المعترضين في تصحيح فعله.

فقد أخرج البخاري بسنده عن الزهري: حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا هريرة قال: لما توفي رسول الله|، وكان أبو بكر، وكفر مَنْ كفر من العرب، فقال عمر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله|: «أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتّى يقولوا: لا إله إلاّ الله، فمَنْ قالها فقد عصم منّي ماله ونفسه إلاّ بحقِّه، وحسابُه على الله»؟! فقال: واللهِ، لأقاتلنّ مَنْ فرَّق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حقّ المال. واللهِ، لو منعوني عناقاً كانوا يؤدّونها إلى رسول الله| لقاتلتُهم على منعها. قال عمر: فواللهِ، ما هو إلاّ أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال، فعرَفْتُ أنه الحقّ»([19]).

2ـ إن المتن الأصلي مرويٌّ في كثير من الكتب من دون هذه الزيادات، وإنما جاءت الزيادة لتصحيح فعل أبي بكر؛ تَبَعاً لعملية وضع الأخبار الممنهجة في سبيل الانتصار للآراء والمباني الكلامية للمذاهب والفِرَق. وهذا الفعل مهما كان مُحْكَماً فلا يخلو من ثغراتٍ تكشف واقعه، وتبطل زيفه، فهُمْ بفعلهم هذا نسبوا الجَهْل بالسنّة إلى الشيخين أبي بكر وعمر؛ فمن جهةٍ إن عمر قام ببَتْر الحديث والتلاعب به؛ ومن جهةٍ إن أبا بكر لم يلتفت إلى هذا البَتْر، رغم أهمّيته في إثبات مشروعية تصرُّفاته وأفعاله.

3ـ دلالة الحديث، دراسةٌ تحليليّة ونقديّة

مَنْ يقرأ هذه الرواية لأوّل وَهْلةٍ يفهم من ظاهرها وجوب مقاتلة جميع الكفّار؛ لأجل إجبارهم على النطق بالشهادتين ودخول الإسلام، من دون فرق بين المحارب والمسالم. وهو بإطلاقه يشمل أهل الكتاب وغيرهم من المشركين والملحدين. ولا يتحقَّق ذلك إلاّ بعرض الإسلام عليهم أوّلاً، فإذا قبلوه حقنَتْ دماؤهم وأموالهم، وإلاّ فيجب قتالهم. وقد استند إلى هذا الفهم في إثبات مشروعية ما يُسمّى بـ (الفتوحات الإسلامية).

فمنطوق الحديث يجعل سبب القتال هو الكفر، وغاية حَقْن الدماء هو الإسلام([20])، فمَنْ ينطق الشهادتين، ويعلن التوبة، ولو ظاهراً، يحكم بإسلامه، وتطبق عليه أحكام الإسلام، ويحوز حقوق المسلم، فلا يجوز التعدّي على دمه أو ماله، إلاّ إذا صدر منه ما يوجب ذلك، كحدٍّ أو تعزيرٍ أو قصاصٍ.

فإنْ قيل: إن دخولهم للإسلام لا يعني حصول الاعتقاد بصحّة هذا الدين والإيمان بصحّته، فلا يتحقَّق منه الغرض، ويكون فعلهم لَغْوياً؟

أُجيب: إن معرفة السرائر والحساب على الضمائر موكولٌ إلى الله تعالى؛ لقوله: «وحسابهم على الله»، وإنما يجب عليهم إظهار الإسلام؛ لحقن دمائهم.

والغريب أن بعض فقهاء العامّة قد فرض عقوبة القتل على تارك الصلاة والزكاة، حتّى مع إيمانه بوجوبها؛ لاشتراطها في بعض متون الحديث. فالعاصي يُستتاب، فإذا لم يؤدِّ قُتل. وهذا التطرُّف في فهم النصوص، والتمسُّك بما هو محلّ خلاف في سنده ودلالته، يخالف الاحتياط في الدماء، والمرتكز في أذهان المتشرِّعة من حرمة القتل بغير وجه حقٍّ، فإذا كانت الحدود المنصوص عليها في الكتاب العزيز تُدْرَأ بالشُّبُهات فكيف بغيرها؟!

بَيْدَ أن هذا الفهم سقيمٌ، لا يتناسب مع روح الإسلام وسيرة الرسول| وأهل بيته الأطهار^ على طول التاريخ؛ لأسباب كثيرة، منها:

أوّلاً: مخالفته للنصّ القرآني في بيان حرِّية المعتقد، وهي كثيرةٌ، منها: قوله تعالى: ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انْفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (البقرة: 256)، وقوله تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً﴾ (الكهف: 29)، وقوله تعالى: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ (الكافرون: 6).

ثانياً: مخالفته لوظيفة الأنبياء في التبليغ والبيان، لا الجَبْر والإكراه، فقد حدَّد القرآن وظيفة الانبياء في نصوص كثيرة، منها: قوله تعالى: ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ (آل عمران: 20)، وقوله تعالى: ﴿مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ﴾ (المائدة: 99)، وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ﴾ (النحل: 82)، وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ﴾ (العنكبوت: 18)، وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاَغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإِنْسَانَ كَفُورٌ﴾ (الشورى: 48)، وقوله تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ﴾ (الغاشية: 21 ـ 22)، وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ (يونس: 41).

ثالثاً: مخالفته للنصّ القرآني في بيان كيفية الدعوة والتبليغ، كقوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ (النحل: 125)، وقوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ (آل عمران: 64).

رابعاً: مخالفته للنصّ القرآني في ترجيح السِّلْم والسلام، كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (الأنفال: 61)، وقوله تعالى: ﴿فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً﴾ (النساء: 90)، وقوله تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (الحجّ: 39 ـ 40)، وقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ (البقرة: 190).

وجوه الحمل على غير الظاهر

وبالتالي فإن ظاهر هذا الخبر ممّا يتنافى مع قطعيّ الكتاب العزيز، فيسقط ظاهره عن الاعتبار، ولذا حمل بعضهم الخبر على غير ظاهره؛ لوجوه:

1ـ تخصيص كلمة «الناس»

فإن عبارة «الناس» الواردة في الخبر إمّا خطأٌ من الراوي؛ أو عامٌّ يُراد منه خاصٌّ، وهم خصوص المحاربين من المشركين أو مشركي العرب أو مشركي مكّة، كما جاء في بعض طُرُقه؛ حيث إن وظيفة الحاكم تجاههم هي القتال، حتّى يقرّوا بالتوحيد، ويعلنوا التوبة عن شركهم.

ولهذا نظائر في استعمالات الكتاب والسنّة، منها: قوله تعالى: ﴿وَأَذِّنْ فِي النََّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً﴾ (الحجّ: 27)، فالناس عامٌّ ويُراد منه خاصٌّ، وهم المسلمون.

والقرينةُ على ما تقدَّم أن قتال المحاربين من أهل الكتاب ينتهي بإعطاء الجِزْية، ولا يشترط إعلانهم التوبة ودخولهم الإسلام، وإلا كان هذا الخبر ناسخاً للقرآن، وهو بعيدٌ؛ لكونه خبر آحادٍ، ظنّي الصدور، بل ظنّي الدلالة، ولا ينسخ القطعيّ بالظنّي.

 

2ـ تحديد المراد من «أقاتل»

إن المقاتَلة على وزن مفاعَلة، التي تدلّ على مشاركة بين طرفين، كمبادلةٍ ومشافهةٍ، فمتى حصل اعتداءٌ من الكفّار لزم قتالهم، إلاّ إذا أسلموا، فتحقن حينئذٍ دماؤهم وأموالهم، ولا يجوز الاعتداء عليهم؛ لأن الإسلام يجبّ ما كان قبله. وبذلك يكون الخبر أجنبيّاً عن قتل كلّ كافرٍ، وإنْ لم يكن محارباً. ولو أريد غير هذا المعنى لكان الصحيح أن يُقال: «أُمِرْتُ أن أقتل الناس…».

فيكون معنى الحديث موافقاً لقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ (البقرة: 193)، وقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (الأنفال: 39).

وما ورد في الحديث، عن أبي هريرة، أن رسول اللهﷺ قال يوم خيبر: «لأعطينّ هذه الراية رجلاً، يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، ويفتح الله عليه، قال عمر بن الخطّاب: ما أحبَبْتُ الإمارة إلاّ يومئذٍ، فدعا رسول اللهﷺ عليَّ بن أبي طالب، فأعطاه إيّاها، وقال: امْشِ، ولا تلتفِتْ حتّى يفتح الله عليك، فسار عليٌّ ثم توقَّف، فصرخ: يا رسول اللهﷺ، عَلامَ أقاتل الناس؟ قال: قاتلهم حتّى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله وأني رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا مني دماءهم وأموالهم إلاّ بحقِّها، وحسابُهم على الله»([21]).

ومنه يُعْلَم عدم جواز قتل كلّ كافرٍ، ما لم تحصل منه مبادرةٌ بالقتال والحرب، فيجب حينئذٍ ردّ العدوان؛ دفاعاً عن النفس.

وقد يُقال: إن لصيغة المفاعلة معاني متعدِّدةً بحَسَب الاستعمال اللغوي، كإيجاد مادة الفعل خارجاً، كقولك: راسَلْتُ محمداً أي بعثتُ له، فالمقاتَلة كما تصلح لردّ العدوان كذلك تصلح للبدء به.

بَيْدَ أن القرائن الخارجية قد دلَّتْ على استعمالها في خصوص المشاركة، التي تقتضي ردّ العدوان، حيث علمنا طبيعة تعامل الشريعة الإسلامية مع الكافر، سواء كان من أهل الكتاب أم من غيره، ومع عدمها تبقى دلالة الخبر مجملةً من حيث تحديد الجهة التي شرعت بالقتال، فلا يمكن التمسُّك به في المقام لإثبات مشروعية قتل كلّ كافرٍ، وإنْ لم يكن محارباً، فتأمَّلْ.

3ـ استشهاد النبيّ(صلى الله عليه وآله) بآياتٍ تنفي الإكراه

ورد في ذيل بعض النصوص أن النبي| قرأ قوله تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ﴾ (الغاشية: 21 ـ 22)، وهي بظاهرها تنافي الفهم السقيم بقتال جميع الناس؛ إذ معناها: إنما وظيفتك الوَعْظ والتذكير، لا السيطرة عليهم وإجبارهم على معتقدٍ معين.

فقد أخرج مسلم بسنده عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِﷺ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، فَإِذَا قَالُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ»، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ([22]).

فيلزم حملها على حالةٍ خاصة، لا يكون مقتضاها الإكراه على دخول الإسلام، وهي كون الإسلام من مسقطات القتل وموجبات حقن الدماء في حال حصول مقاتلة مع المشركين والكفّار.

4ـ سيرة النبيّ(صلى الله عليه وآله) مع الكفّار

ثبت أن النبيّ| لم يقُمْ بقتل أحدٍ لأجل الكفر طوال مسيرة دعوته، سواء قبل تشريع حكم الجهاد أم بعده، رغم قدرته على مهاجمة القبائل الصغيرة والمشتَّتة في الأراضي العربية، بل إن جميع الحروب النبويّة كانت لأغراض دفاعية، وأسباب موضوعية دعَتْه إلى القتال، ولم يكن الكفر أحدها، من قبيل: ردّ العدوان أو تحرير المستضعفين والدفاع عنهم، فلم يبدأ أحداً بقتالٍ، فكان ذلك منبِّهاً وجدانياً على عدم صدور الحديث، أو تفسيره على غير الوجه الذي يتلاءم وسماحة الدين الحنيف.

ووفقاً لما تقدَّم يكون معنى الحديث: إن الشارع يأمر بمقاتلة المحاربين دفاعاً عن بيضة الدين والمستضعفين في الأرض، فإذا حصل الظَّفَر بهم فلا بُدَّ من قتلهم ما لم يعلنوا الاستسلام، وذلك بإعلان دخولهم للإسلام، ولو ظاهراً، وهي الغاية التي ينتهي معها القتال. وبهذا ينتفي إشكال نَقْض الغرض بحصول العلم بعدم الإيمان القلبي للمحارب، فالمشرِّع لا يريد الإيمان في هذه الحالة بقدر ما يريد منهم إبراز الولاء للدولة الإسلامية.

ولا يوجد في الشريعة دليلٌ واحد يمكن الاستناد إليه في قتال كلّ كافرٍ، بل النصوص الصريحة من الكتاب والسنّة واضحة الدلالة في عصمة دم الإنسان إلاّ بحقٍّ، وبهذا يرتفع الفَهْم السقيم للخبر النبويّ. فالثابت أن الكفر ليس سبباً موجباً للقتل.

خاتمةٌ وخلاصة

لكلّ بحث نتائج وثمار تستوجب بذل الجُهْد وإفراغ الوسع لأجل تحصيلها، وإلا كان لَغْواً وعَبَثاً يوجب تضييع الوقت وهَدْر الطاقة بما لا فائدة منه. وقد تلخَّص مما تقدَّم مجموعة من النتائج، التي تمثِّل خلاصة البحث، وأهمّ مضامينه، وهي:

1ـ إن التطرُّف الديني لدى الجماعات التي تنتهج القوّة كسبيلٍ لتحقيق غاياتها له أسبابٌ متعدِّدة؛ فبعضها ـ وهو الأكثر ـ يعمل لخدمة أجنداتٍ أجنبيّة تخدم دول الاستكبار العالمي؛ وبعضها يستند في تبرير أفعاله وتصرُّفاته إلى نصوصٍ من الكتاب والسنّة.

2ـ يمثِّل «حديث المقاتَلة»، بظاهره الذي يدلّ على كون الكفر سبباً لوجوب القتال، أحد أبرز الأُسُس التي يُستَنَد إليها في تأسيس التطرُّف الديني لدى الجماعات الإرهابيّة.

2ـ إن دراسة السند يظهر ضعف جميع أسانيد هذا الخبر عند الشيعة الإمامية، ما يجعله ساقطاً عن الاعتبار؛ في حين ثبت اعتباره ـ ولو في الجملة ـ عند جمهور المذاهب الإسلامية الأخرى؛ إذ المناقشة في بعض أسانيده غير مُجْدِية بعد استفاضته وكثرة طرقه.

3ـ إن متن الحديث مضطربٌ من حيث الزيادة والنقصان؛ حيث أُضيف إليه عددٌ من القيود، كوجوب إقامة الصلاة ودفع الزكاة واستحلال الذبائح ونحوها، ولم تثبت عند التحقيق، فيقتصر فيه على القدر المتيقَّن، وهو: القتال على التوحيد.

4ـ إن دلالة الخبر، بعد عرضه على الكتاب الشريف والسنّة المعتبرة والسيرة القطعيّة للمعصوم×، تختصّ بحالة ردّ العدوان والدفاع عن بيضة الإسلام أو المستضعفين في الأرض، ولا يمكن تعميمه لكلّ كافرٍ في جميع بقاع الأرض. وفي ما عدا ذلك يكون ساقطاً عن الاعتبار.

هذه أبرز النتائج والثمرات التي تساهم في إرجاع الحديث إلى المنظومة التشريعية الصحيحة للدين الإسلامي، بحيث تدفع عنه تهمة التطرُّف، الذي يدعو إلى استضعاف المخالف وقتله لمجرّد الكفر، وتؤدّي إلى تهديم أُسُس وقواعد التطرُّف في المجتمع.

الهوامش

(*) أستاذٌ وباحثٌ في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف.

([1]) أحمد بن حنبل الشيباني، مسند الإمام أحمد 2: 218، تحقيق: شعيب الأرناؤوط وعادل مرشد، وآخرين، مؤسسة الرسالة، ط1، 1421هـ ـ 2001م.

([2]) أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة 3: 447 (مادة طرف)، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، 1399هـ ـ 1979م.

([3]) انظر: أبو الحسن حميد المقدَّس الغريفي، جذور الإساءة للإسلام وللرسول الاعظم|: 163 ـ 189، منشورات مكتب أنصار الحجّة# الإسلامي، بيروت، ط2، 1435هـ ـ 2014م.

([4]) محمد بن علي (الصدوق)، الخصال: 12، ح40.

([5]) هو من الأخبار المشهورة على الألسن نسبتُها إلى أمير المؤمنين عليّ×، ولكنها لم تصحّ، فلم يذكر في مصدرٍ حديثيّ معتبر، بل هو مذكورٌ عند بعض الأدباء المصريين المعاصرين وغيره، فلا يعلم مصدره، فليتأمَّل.

([6]) محمد بن علي (الصدوق)، عيون أخبار الرضا×: 70، ح280، تحقيق: الشيخ حسين الأعلمي، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، ط1، 1984م.

([7]) علي النمازي، مستدركات علم الرجال 2:  ٤٢٤، رقم 3648، طهران، ط1، 1415هـ.

([8]) أحمد بن علي النجاشي، رجال النجاشي: 228، رقم 603، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، ط8، 1427هـ.

([9]) محمد بن علي (الصدوق)، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: 280 ـ 294 [عقاب مجمع عقوبات الأعمال]، تقديم: محمد مهدي الخرسان، منشورات الشريف الرضي، ط2، قم، 1368هـ.

([10]) محمد بن الحسن الطوسي، الأمالي: 380 ـ 381، رقم 817، دار الثقافة، قم، 1414هـ.

([11]) عليّ بن إبراهيم القمّي، تفسير القمّي: 171، تعليق: السيد طيب الجزائري، دار الكتاب للطباعة والنشر، قم.

([12]) القاضي النعمان المغربي، دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام والقضايا والأحكام عن أهل بيت رسول الله عليه وعليهم أفضل السلام 2: 402، رقم 1409، تحقيق: آصف بن علي أصغر فيضي، دار المعارف، القاهرة، 1383هـ ـ 1963م.

([13]) ابن أبي جمهور الأحسائي، عوالي اللآلئ العزيزية في الاحاديث الدينية 1: 153، رقم 118، تحقيق: مجتبى العراقي، مطبعة سيد الشهداء، ط1، قم، 1403هـ ـ‍ 1983م.

([14]) الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني، التنوير شرح الجامع الصغير 3: 244، ح1624، تحقيق: د. محمد إسحاق محمد إبراهيم، مكتبة دار السلام، ط1، الرياض، 1432هـ ـ 2011م.

([15]) المصدر السابق 3: 244 ح1624؛ محمد بن أبي الفيض جعفر الإدريسي الكتّاني، نظم المتناثر من الحديث المتواتر، كتاب الإيمان، ح9، تحقيق: شرف حجازي، دار الكتب السلفية، ط2، مصر.

([16]) محمد بن إسماعيل البخاري، صحيح البخاري 1: 11 ـ 12، باب فإن تابو وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم، ح25، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1430هـ ـ 2009م.

([17]) مسلم بن الحجّاج النيسابوري، صحيح مسلم 1: 39، بَابُ الأَمْرِ بِقِتَالِ النَّاسِ حَتَّى يَقُولُوا: لا إِلَهَ إِلاّ اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، ح34، دار السلام للنشر والتوزيع، الرياض، ط2، 1421هـ.

([18]) النعمان بن ثابت أبو حنيفة، مسند أبي حنيفة برواية الحصكفي: 5، كِتَابُ الإِيمَانِ وَالإِسْلامِ وَالْقَدَرِ وَالشَّفَاعَةِ، ح6، تحقيق: عبد الرحمن حسن محمود، منشورات الآداب، مصر.

([19]) صحيح البخاري 8: 141، باب وجوب الزكاة، رقم 1335.

([20]) انظر: محمد بن أحمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 2: 353، في ذيل الآية 193 من سورة البقرة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط2، 1985م.

([21]) أحمد بن شعيب النسائي، السنن الكبرى 5: 110، ح8405، تحقيق: حسن عبد المنعم، مؤسّسة الرسالة، بيروت، ط1، 1421هـ ـ 2001م؛ وقريبٌ منه: الطوسي، الأمالي: 380 ـ 381.

([22]) النيسابوري، صحيح مسلم 1: 52، بَابُ الأَمْرِ بِقِتَالِ النَّاسِ حَتَّى يَقُولُوا: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، ح35.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً