أحدث المقالات

د. أحد فرامرز قراملكي(*)

ترجمة: د. الشيخ عبد الله الأسعد

الخلاصة

يُعَدّ الكلام حول البناء والنظام المعرفي مسألة من مسائل علم المعرفة.

للعلم مقامان: مقام التعريف؛ ومقام التحقُّق التاريخي. والمراد من الأوّل هو وضعية العلم في مقام ما ينبغي أن يكون، وأما وضعيته في مقام التحقُّق فهو عبارةٌ عن العلم في مقام ما هو كائنٌ؛ وذلك لأن العلم ليس شيئاً وراء المسائل التي تطرح تدريجاً، وتوجد تباعاً، وفق تصنيفٍ وبناءٍ منظّم. ولهذا يكون مقام تحقُّق العلم متقدِّماً على مقام تعريفه.

العلوم لا تنشأ وفق دواعٍ منطقية، وإنما تكون نشأة العلم رَهْنَ توالد وتطوُّر المسائل في البين، ثمّ لاحقاً يتمّ البحث، اعتماداً على الأدوات المنطقيّة، في شؤون المنهج والموضوع وبِنْيته.

هذه الدراسة تبحث في معرفة البناء المنطقي في مقام تحقُّقه في العصر الإسلامي، وهو إنما يكون من خلال التحليل البنيوي للآثار المنطقيّة لتلك المرحلة.

يتوفَّر لدى العلماء المسلمين أربعة مناهج في علم المعرفة: علم المعرفة المنطقيّ؛ علم المعرفة المقارن؛ علم المعرفة التاريخيّ؛ علم المعرفة مورد التحقيق([2]).

يتمّ البحث في معرفة العلم عن ثلاثة أركان: الموضوع؛ المسائل؛ المبادئ. ولا يبحث عن ترتيب الأبواب والفصول في هكذا دراسةٍ، لكنْ يقع البحث عنهما في مناهج وفصول أخرى في علم المعرفة، كما في مورد تحقيق «الرؤوس الثمانية».

لقد كان لهيكل الأثر وبنائه أهمّيةٌ بالغة لدى القدماء، إلى درجة أن بيان وترتيب الأبواب يُعَدّ أحد الرؤوس الثمانية في تعريف العلم([3]).

ولذلك فإن إبراز البناء والهيكل الجديد للعلم يُعَدّ واحداً من أوجه الإبداع في العلم([4]).

مورد هذا التحقيق هو التحقيق في إبداعات وإنجازات ابن سينا على مستوى البناء المنطقيّ وصورته وهيكليّته.

فهل أظهر الشيخ في تدوينه لآثاره المنطقية بناءً جديداً؟

واذا كان للشيخ ذلك، فهل أوجد الأرضيّة الصالحة للتأثير التاريخي في العصور الإسلاميّة اللاحقة؟

سابقة التحقيق

لقد كان لعلماء ومؤرِّخي العلم كلامٌ حول التطوُّر البنيوي الصوري للمنطق المدوَّن في العصر الإسلامي. وهذا ما يمكن الوقوف عليه من خلال إشارات بعضهم:

يستعرض ابن خلدون (732 ـ 808هـ) تطوُّر البناء المنطقي عند المسلمين، وينسبه إلى المتأخِّرين، فالفخر الرازي ـ على حدّ زعمه ـ هو مَنْ بدأ هكذا تحوُّلٍ. وقد واصل فضل الدين الأبهري طريقه في ذلك.

لقد أشار بعض محقِّقي المنطق الى وجود نحوَيْن من التعاطي لدى المتقدِّمين والمتأخِّرين:

1ـ حذف بعض المباحث.

2ـ تغيير موضع بعض المباحث، ونقلها من مكانٍ إلى آخر.

وأما الأنصاري (في القرن الحادي عشر) فهو يسعى، في تحفة السلاطين، إلى التلفيق بين النحوَيْن المذكورين.

ويرى الدكتور «دانش پژوه» أن الالتفات الى النحوَيْن المذكورين إنما كان لـ «واتيه»، مترجم منطق النجاة الى اللاتينية، وذلك في القرن السابع عشر الميلادي([5]).

لكنّ عدّةً اعتبروا إشارات أبي عليّ هي بداية المنطق ذي البابين([6]).

أظهرت الدراساتُ المتعلِّقة بالتطوُّر البنيوي للمنطق في العصر الإسلاميّ هذه النظرة الكلِّية، بأن هناك تمايزاً بين إشارات ابن سينا وشفائه على مستوى البِنْية والهيكل. وقد جاءت أغلب الآثار المنطقية متأثِّرةً بطريقة سَبْك وبناء الإشارات، كما في تراث كلٍّ من: الغزالي (405 ـ 505هـ)؛ الفخر الرازي؛ شيخ الإشراق (550 ـ 587هـ)؛ الأبهري (597 ـ 665هـ)؛ الخونجي (590 ـ 646هـ)، التفتازاني (689 ـ 767هـ)؛ الكاتبي القزويني (616 ـ 675هـ)؛ والملاّ صدرا (979 ـ 1050هـ).

ومع أن هذا كان مؤثِّراً في طرح المسائل الدقيقة، ووصول المحقِّقين إلى فرضيّاتٍ جديدة، لكنه لم يَخْلُ من جهات نقصٍ وضعف؛ فهو لم يقُمْ على دراسةٍ مقارنة بين كلّ آثار ابن سينا؛ كما أنه لم يتمّ بيان موضوع التحوُّل البنيوي المزعوم في آثاره؛ وكذلك لم يتمّ الوقوف على تأثير ذلك التحوُّل على المتأخِّرين.

اكتفَتْ بعض الدراسات بتناول التحوُّل على مستوى المضمون والمحتوى، وجديد أبي عليّ في ذلك، كما في دراسة ريتشر([7])، وهي تمتاز عن دراستنا الحاضرة هذه، التي تتناول المنطق من جهة هيكله وطريقة عرضه.

آثار ابن سينا المنطقيّة

لابن سينا آثار منطقية متعدِّدة:

1ـ بعضها عبارةٌ عن شرحٍ مفصَّل للأُرغانون، لأرسطو، وذلك وفق الترجمات العربية.

2ـ بعضها الآخر يشتمل على ابتكاراتٍ وإبداعات.

3ـ بعض الآثار جامعةٌ للعلوم الحكميّة المختلفة، التي من جملتها: المنطق والطبيعيات والرياضيات والإلهيات، وذلك كالشفاء، والنجاة، ودانش نامه علايي.

 4ـ آثاره الجامعة المتأخِّرة لا تشتمل على الرياضيات، وذلك مثل: عيون الحكمة، الإشارات، والهداية.

 5ـ آثاره التي تشتمل على العلوم الثلاثة: علم المنطق، الطبيعيات، الإلهيّات بعنوان ما قبل الطبيعة، وقد كان لها رواجٌ عند المتأخِّرين. وهذا الترتيب يُعَدّ مصداقاً من مصاديق تأثير ابن سينا في المتأخِّرين ممَّنْ جاء بعده.

 6ـ ومن آثاره دراساتٌ مختصّة بالمنطق، ومن جملتها: مكاتباته مع أبي سعيد أبي الخير في القياس، والمسائل العشرين، وتعقيب موضع الجَدَل، القصيدة المزدوجة، منطق المشرقيّين، نكت المنطق، المهجة، بيان ذوات الجهة، التعاليق، المختصر الأوسط، مفاتيح الخزائن، الموجزة في أصول المنطق.

لقد كان للدراسة المعرفية لآثار ابن سينا أهمّيةٌ بالغة؛ لما لفكره من تأثيرٍ عميق وواسع لدى الغرب، وكذلك في منطق العصر الإسلاميّ. ولهذا فإن تحديد كلّ آثاره المنطقية، والتعرُّف على التي تُنْسَب إليه، بحاجةٍ إلى تحقيقٍ مركَّز ومنظَّم.

وآخر دراسة انتشرَتْ في هذا الخصوص ـ وهي قابلةٌ للاعتماد، وتمّ نشرها 2009م ـ هي مقالة «نقد عرض ريتشر للآثار المنطقيّة لابن سينا»، للدكتورة زينب برخورداري([8]).

أهمِّية التحقيق وضرورته

توجد مهمّتان لا بُدَّ من إنجازهما بحذق عند التعاطي مع الآثار المنطقية لابن سينا:

الأولى: استقصاء جميع آثاره، ومعرفة الآثار المنسوبة إليه.

الثانية: تحديد الترتيب التاريخي لكلٍّ من تلك الآثار.

والذي يقال هاهنا عادةً لا يعدو الحَدْس والتخمين.

إن الضبط الدقيق للتحوُّل البنيويّ في آثار ابن سينا يمهِّد الأرضية لتعيين التموضع التاريخي لتلك الآثار.

ويمكن لهذه الدراسة أن تكون فرضيّةً في مسألة الترتيب التاريخي المذكور.

اذن هناك رابطةٌ وثيقة بين مسألة التحوُّل البنيوي المذكور والترتيب التاريخي، فاذا ما تمّ الوقوف على الثاني بشكلٍ علميّ مقنع سَهُل بحث المسألة الأولى، وإلاّ فسوف يكون الأمر شائكاً ومعقَّداً، لكنه ليس محالاً.

هذه الدراسة تعمل على تيسير فهم التطوُّر التاريخي للمنطق في العصر الإسلامي بعد ابن سينا؛ إذ يمكن عدّ المنطق في العصر الإسلامي ـ إلى حدٍّ ما ـ عبارةً عن تلخيص الشفاء أو شرح وبسط الإشارة. ومن هنا يمكن عدّ التطوُّر من الشفاء إلى الاشارات ـ على فرض وجوده ـ كاشفاً عن تطوُّرٍ وتجدُّدٍ في بِنْية منطق تلك الفترة.

منهج التحقيق

للوقوف على التطوُّر البنيوي في منطق ابن سينا، وتأثيره في الحقبة الإسلامية، لا بُدَّ من دراسةٍ مقارنة، بمعنى التوصيف وبيان مواضع الخلاف والاتّفاق في آثاره المنطقية، وذلك وفق ترتيب المباحث.

وهذا الوقوف ينبغي أن يشمل المقارنة بين الأضلاع الثلاثة التالية:

1ـ المقارنة بين آثار ابن سينا نفسها.

2ـ المقارنة بين آثاره وبين الميراث اليوناني.

3ـ المقارنة بين آثاره والآثار المنطقيّة بعده.

والمقصود من الميراث اليوناني هو أُرغانون أرسطو (384 ـ 323ق.م)، مع ضميمة إيساغوجي لفرفوريوس (323 ـ 301ق.م)، علماً أن أرسطو لم يدوِّن كتاباً له هيكلية معينة، ذات فصول متناسقة، كما هو التصوُّر الرائج في المصادر المنطقية في الحقبة الإسلامية، وإنما يمكن القول بأن ذلك الذي سُمِّي بـ (الأُرغانون) كان مجرّد مجموعةٍ من الرسائل تمّ ضمّ بعضها إلى بعضٍ، ثمّ تمّ جمع الأُرغانون في بداية العصر البيزنطي، حدود (390 ـ 330ق.م)، مع ستّ رسائل: المقولات، القضايا، القياس، البرهان، الجَدَل، والمغالطة.

وقد كان هناك رسالتان في مدرسة الإسكندرية في الشعر والخطابة، قيل: إن الإسكندر الإفروديسي كان لا يعتقد بكونهما منطقيّتين، وقد أُضفيتا إلى الأُرغانون، ثمّ أضاف فرفوريوس الصوري مقدّمة على مجموع الرسائل الثمانية.

وبهذا يكون الميراث اليوناني للمنطق الأرسطي عند العلماء المسلمين عبارةً عن سبع أبواب، يبدأ من إيساغوجي وينتهي بالمغالطة، مع الخلاف في التموضع والترتيب بين المغالطة من جهةٍ والشعر والخطابة من جهةٍ أخرى، وهو ما يُشاهَد وفق أنماط مختلفة في المجموعات المنطقية المختلفة.

ولقد نسب بعضٌ الترتيب وفق الأبواب التسعة إلى أرسطو نفسه([9]).

نقطة البدء في تحقيقنا المقارن هذا هو من التراث اليوناني ذي الأبواب التسعة. كما سوف ننخرط، وفي موارد نادرةٍ، في المقارنة بين سَبْك ابن سينا والفارابي وإخوان الصفا.

لقد تمَّتْ ـ ضمن تحقيقنا للآثار المنطقية لأبي عليّ ـ دراسة كلّ رسائله المعروفة، كالشفاء، والنجاة، وعيون الحكمة، ودانشنامه علايي، والقصيدة المزدوجة، ومنطق المشرقيّين، والهداية، والمنطق الموجز، والموجزة في أصول المنطق، والمهجة، ومفاتيح الخزائن، والإشارات.

أما التحقيق في تأثير ابن سينا على المتأخِّرين فقد كان من خلال مقايسة آثاره مع آثار المناطقة المؤثِّرين في تاريخ الحقبة الإسلامية، وهم: بهمنيار (442 ـ 380هـ)، ابن حزم (384 ـ 457هـ)، الوكري (حدود القرنين الخامس والسادس الهجريّين)، الغزالي (450 ـ 505هـ)، ابو البركات البغدادي (486 ـ 566هـ)، السهروردي (550 ـ حدود 587هـ)، أفضل الدين الكاشي (576 ـ حدود 667هـ)، الخونجي (590 ـ 646هـ)، الأورموي (594 ـ 682هـ)، الأبهري (579 ـ 664هـ)، نصير الدين الطوسي (598 ـ 672هـ)، الكاتبي القزويني (617 ـ 675هـ)، ابن كمّونة (622 ـ حدود 683هـ)، قطب الدين الشيرازي (648 ـ 710هـ)، العلاّمة الحلّي (648 ـ 726هـ)، التفتازاني (722 ـ 794هـ)، صائن الدين بن تركة (؟ ـ 836هـ)، غياث الدين الدشتكي (870 ـ 994هـ)، الاخضري (920 ـ حدود 953هـ)، صدر الدين الشيرازي (979 ـ 1050هـ)، السبزواري (1212 ـ 1289هـ)، الكلنبوي (؟ ـ 1205هـ)، محمود الشهابي (؟ ـ 1406هـ).

والتحقيق الحاضر إنما هو حول التطوُّر والتحوُّل البنيوي في آثار أبي عليّ، وذلك من خلال الموارد الخمسة التالية: 1ـ مباحث الألفاظ؛ 2ـ المقولات؛ 3ـ التعريف؛ 4ـ موادّ الأقيسة؛ 5ـ العكس.

1ـ موقع بحث الألفاظ في الآثار المنطقية

أـ التحقيق إلى زمان ابن سينا

لقد بدأ كتاب العبارة في الأُرغانون بمباحث الألفاظ، وتقسيم اللفظ إلى: المفرد؛ والمركَّب، وتمايز الاسم عن الفعل، والمحصل وغير المحصّل. بينما خلَتْ رسالة إيساغوجي من مباحث الألفاظ. وبناءً على ذلك فإن مباحث الألفاظ، التي جاءَتْ أوّل العبارة، هي التي وصلَتْ إلأى أيدي العلماء المسلمين من المنطقيّات. وهو ما كان سائداً مشهوداً إلى زمان الفارابي.

في رسالة الفصول، للفارابي([10])، طُرح بحث الألفاظ في الفصل الخامس منها. وإذا اعتبرنا هذه الرسالة كمقدّمةٍ للمدخل فانه لا بُدَّ أن نقرّ بأن الفارابي هو أوّل مَنْ طرح بحث الألفاظ في بداية المدخل، وكذلك فعل إخوان الصفا (360 ـ حدود 421هـ)، وكذلك فعل إيساغوجي، حيث بدأ بالبحث عن اللفظ وأقسامه([11]).

وبناءً عليه فإن مبحث الألفاظ انتقل مكانه إلى بدايات المنطق قبل ابن سينا.

ب ـ التحقيق في آثار أبي عليّ

لقد جاء مبحث الألفاظ في مدخل الشفاء مختصراً، بينما كان التفصيل في بداية كتاب العبارة([12]).

كذلك كان البدء بمباحث الألفاظ في عيون الحكمة، حيث وردت المقولات العشر والكلِّيات الخمسة بمنزلة أقسام اللفظ. أما البحث عن القضايا فلا يوجد فيه مقدّمةٌ عن الألفاظ([13]).

لكنّ الشيخ في النجاة يبحث في الألفاظ بعد تقسيمه للعلم إلى: تصوُّرٍ؛ وتصديقٍ، وبيان منفعة علم المنطق([14]). لكنّه يبحث عنها بعد الكلِّيات الخمسة كمقدّمةٍ لمباحث القضية، حيث يتعرَّض للبحث عن الدلالة وأقسام اللفظ([15]).

هيكلُ كلٍّ من: النجاة؛ والهداية؛ ودانشنامه علايى، ومنطق المشرقيّين، والمنطق الموجز، كلّها مثل الشفاء من هذه الجهة.

أما القصيدة المزدوجة فهي بهذا اللحاظ مثل عيون الحكمة.

وكذلك الإشارات جاءَتْ وفق سَبْك هيكل العيون وبنائه.

إذن فإن الآثار المتقدّمة لأبي عليّ قد تمَّتْ صياغتها وفق هيكليّة كتب القدامى، وذلك في موضعين: المدخل، وبداية العبارة. وأمّا آثاره المتأخِّرة فقد جاءَتْ في بداية المنطق حَصْراً.

بيان التطوُّر

لقد جاء بحث الألفاظ في ميراث اليونان في أوّل كتاب العبارة، وفي عصر ابن سينا جاء في المدخل أيضاً.

لستُ أدري هل كان طرح مباحث الألفاظ فيه جديداً قبل الفارابي؟

آثار أبي عليّ على قسمين:

1ـ آثارٍ بُحثَتْ فيها الألفاظ في كلٍّ من: المدخل، وكذلك في بداية بحث القضية، مثل: (الشفاء، النجاة، دانشنامه علايي،منطق المشرقيّين).

2ـ آثارٍ أخرى بُحثَتْ فيها الألفاظ في موضعٍ واحد، وذلك في بداية المدخل، مثل: (عيون الحكمة، القصيدة المزدوجة، الإشارات).

علّة هذا التحوُّل

في الواقع البحث عن الألفاظ هو عبارةٌ عن الدلالة المعرفية في علم المنطق، وموضعه الطبيعيّ المنطقيّ في بداية العلم.

لقد جاءت مباحث الألفاظ في الأُرغانون بدايةَ كتاب العبارة. وعلى أساس رؤية أبي عليّ في هذه المجموعة فإنّ العبارة هي في مقدّمة الرسائل المنطقية. ولأجل هذا سيتّضح لاحقاً انّ ابن سينا يعتقد أنّ أول رسالةٍ في مجموعة الأُرغانون ـ وهي المقولات ـ ليست برسالةٍ منطقية، بمعنى أنّها ليست من مسائل علم المنطق، وهو ما سيتأكَّد لاحقاً.

لقد توصّل ابن سينا إلى جمع مباحث الألفاظ تدريجاً في موضعٍ واحد، وهو بداية المنطق، لكنه بقي مقيّداً بسنّة الأُرغانون؛ حيث يبحث مباحث الألفاظ في موضعين. لكنّه فعلها أواخر حياته؛ فعمد إلى جعل مباحث الألفاظ في موضعٍ واحد، وهو بداية المنطق وأوّله. وبهذا يكون بحثُ الألفاظ قد جاء في مكانه المناسب. ولذا أيضاً يكون قد وجد إلى حدٍّ ما تناسبٌ ما في الآثار المنطقيّة بين حذف المقولات ووضع مباحث الألفاظ في الصدارة.

التأثير التاريخيّ

يمكن تقسيم المتأخِّرين بالنسبة إلى موقع مباحث الألفاظ إلى مجموعتين:

المجموعة الأولى: وهم الذين كانوا إلى حدٍّ ما أتباع الشفاء، مثل: ابن حزم في التقريب لحدّ المنطق، وبهمنيار في التحصيل، وأبو العباس اللوكري في بيان الحقّ، والخواجه الطوسي في كلٍّ من أثرَيْه: أساس الاقتباس؛ وتجريد المنطق، وغياث الدين الدشتكي في أثرَيْه: معيار العرفان؛ وتعديل الميزان، وعلى ذلك جرى شيخ الإشراق في المشارع واللمحات والتلويحات فقط، وقد كان بحثه عن الألفاظ في بداية الترتيب الخبري، وعلى نحو الإشارة المقتضبة إلى أنحاء الوجودات: العيني، الذهني، اللفظي والكتبي، وكذلك الشجرة الإلهية للشهرزوري كانت وفق سبك المشارع للسهروردي.

المجموعة الثانية: وهي ذات المساحة الأوسع في تاريخ المنطق في العصر الإسلامي، حيث جاء البحث عن الألفاظ كما في الآثار المتأخِّرة لابن سينا، وخاصّة الإشارات.

ويؤكِّد أبو البركات البغدادي في بداية المعتبر ـ مع نقده للتحوُّل البنيويّ للمتأخِّرين ـ على وفائه لترتيب الأقسام والمباحث على أساس ترتيب أرسطو، لكنّه في ما يخصّ موقع بحث الألفاظ جرى وفق سَبْك الإشارات، لا وفق ما عليه الأُرغانون من صيغةٍ وسَبْك.

والغزالي في معيار العلم ومقاصد الفلاسفة ومحكّ النظر؛ وابن سهلان الساوي في التبصرة؛ وفخر الدين الرازي في الملخّص والرسالة الكمالية؛ وشيخ الإشراق السهروردي في حكمة الإشراق؛ والأبهري في آثاره كلِّها؛ والقطب الرازي في درّة التاج؛ والأورموي والخونجي والكاتبي في آثارهم؛ والحلّي في الأسرار الخفيّة؛ والريزي في حياة النفوس؛ والملاّ صدرا في التنقيح؛ والأخضري في السلم المنورق؛ والكلنبوي في البرهان؛ وفرصت الشيرازي في ميزان الإشكال، كلُّهم كانوا أتباع الإشارات.

يطرح الغزالي في منطق المستصفى من علم الأصول بحثَ الألفاظ بعد مباحث إيساغوجي والتعريف، وقبلَ بحث القضايا. ولهذا فقد كان هذا الأثر شبيهاً بمجموعة المنطقيات الواصلة إلينا من ميراث اليونان.

ويدلِّل التحقيق في الإحصاء الآنف على أن انتقال البحث عن الألفاظ من كتاب العبارة إلى بداية المنطق، وتبديله إلى تحليل معرفة الدلالة، إنما أخذ شكله في الآثار المتأخّرة لأبي عليّ، ثمّ من بعده، وبتوسُّط علماء المنطق ذي البابين، صار سنّةً حاكمةً في تاريخ المنطق.

2ـ موقع المقولات في علم المنطق

أـ تحقيقٌ تاريخيّ إلى زمان ابن سينا

أوّل رسالةٍ في منطق الأُرغانون في العصر البيزنطيّ هي المقولات. كذلك يرى الفارابي في الرؤوس الثمانية للمنطق([16])، وكذلك في إحصاء العلوم([17])، أن المقولات بابٌ من أبواب المنطق، أي هي من مسائله، لا من مبادئه. وكذلك المتون المنطقيّة للفارابي حاويةٌ على المقولات. وكذلك أوردها إخوان الصفا ضمن المباحث المنطقية.

ب ـ عرضٌ مقارن لآثار أبي عليّ

لقد جاءت المقولات بعد المدخل من الشفاء لأبي عليّ، وقبل القضايا. وكذلك في عيون الحكمة، والقصيدة المزدوجة، والمنطق الموجز، والمهجة، يبحث عن المقولات إلى حدٍّ يشبه البحث في الشفاء. لكنّ التفاوت الأوّل الذي يمكن عدُّه مؤشِّراً على التحوُّل الفكري لأبي عليّ يمكن الوقوف عليه في مفاتيح الخزائن، حيث يبحث في هذه الرسالة عن المقولات، لكنْ ليس على نحوٍ مستقلّ، وفي بابٍ خاصّ، وإنما ضمن مباحث الكلِّيات الخمسة، ويشير إليها تحديداً عند تعداد الأجناس العالية. وقد أصبحَتْ في النجاة عنواناً من كتاب البرهان([18]).

هذا الأمر يؤشِّر إلى أنّ الخطوة الأولى لأبي عليّ كانت في تحويل المقولات من بحثٍ مستقلّ إلى بحثٍ طفيليّ استطراديّ، ويزيلها عن محلّ الصدارة. ثمّ يحذف البحث عن المقولات من الآثار التالية: منطق المشرقين، نكت المنطق، ودانشنامه علايي. ففي الإشارات، مضافاً إلى حذف المقولات، يصرِّح بأنّ البحث فيها تكلُّفٌ وخروجٌ عن المنطق: «وأما أن يتعاطى النظر في كمّية أجناس الأجناس وماهيّتها، دون المتوسِّطة والسافلة، كأنّ ذلك مهمٌّ وهذا غير مهمٍّ، فخروجٌ عن الواجب، وكثيراً ما أَلْهَمَ الأذهان زَيْغاً عن الجادّة»([19]).

تبيين التحوُّل

يتّبع ابن سينا في بناء كتاب الشفاء ـ الذي يُعَدّ شرحاً مفصّلاً للأُرغانون ـ الهيكليّةَ المعتمدة في الأُرغانون، كما أنه ينظِّم بعض رسائله القديمة طِبْقَ ذلك الترتيب في الأُرغانون. غير أنّه حذف المقولات من المنطق تدريجاً. فالخطوة الأولى كانت عبارةً عن تبديل المقولات من موقعٍ مستقلّ إلى استطراديّ، بينما كانت الثانية عبارةً عن حذف المقولات، وأمّا الثالثة فعبارةٌ عن الاستدلال على وجه وعلّة حذف المقولات من المنطق.

تدلِّل آثار ابن سينا على أنه يرى امتياز المسائل عن المبادئ أصلاً مهمّاً، فهو يصرِّح في الشفاء ـ الذي يُعَدّ أثراً اتَّبع فيه سنّةَ أرسطو في البحث عن المقولات ـ بهذا الأمر، فقال: «وقد جَرَت العادة بأن تطوّل مبادئ المنطق بأشياء ليست منطقيّةً»([20]).

أمّا الذين يخالفون ابن سينا في رؤيته للحذف فقد كانوا في صدد بيان أهمّية المقولات ودَوْرها في علم المنطق([21]).

لم يكن الحذف لقلّة أهمّية المقولات؛ فالشيخ يصرِّح بأنه لا ينبغي القول بأن الأهمّية وعدمها هو السبب الوحيد في طرح البحث وعدمه، والعناية به أو إهماله.

السّر في حذف المقولات من المنطق هو كونها من المبادئ، وهي خارجةٌ عن صُلْب العلم. وقد عَدَّ أبو عليّ طرح المقولات في المنطق من باب «خروج عن الواجب»([22])، والمراد من الواجب هو مسائل العلم التي يجب أن تبحث في ذلك العلم([23]).

المنطق الأرسطي (التعريف والحجّة) كلّه قائمٌ على نظريّة المقولات، لكنْ بما هي مبادئ، وليست من مسائل هذا العلم. وهنا تكمن المشكلة عند الشيخ.

يحذف أبو عليّ المقولات؛ نظراً للأصل المذكور آنفاً، وهو ضرورة الامتياز ما بين المبادئ والمسائل، ليكون المنطق خالصاً لمسائله.

وبعض الذين لم يحذفوا المقولات من آثارهم صرَّحوا بعدم تعلُّقها بعلم المنطق.

يرى اللوكري، في كتابه بيان الحقّ ولسان الصدق، دليلاً على حقّانية هذه الرؤية بأن هذه المباحث الموجودة في كتابٍ يكون أصلاً في المنطق لا وجود لها. وليس معلوماً مراده من الكتاب الأصل.

ويصرِّح ابن سهلان الساوي أيضاً بأن البحث عن المقولات في علم المنطق إنما كان عن طريق المقلِّدة، وليس عن عرضها للتحقيق؛ وذلك لأن التحقيق في هذه المباحث إنما يكون في العلم الكلّي في علوم ما بعد الطبيعة([24]).

وكذلك يقول الكاتبي في المنصّص، في مسألة وجود الكلّي: الكلّي المنطقي نوعٌ من الإضافة التي هي جنسٌ من الأجناس العشرة. فهل لها وجودٌ في الخارج أم لا؟ وهي خارجةٌ عن مباحث علم المنطق، وإنّما هي من مباحث الحكم([25]). بناءً على هذا فإنّ الداعي للشيخ على حذف المقولات من المنطق هو الاجتناب عن الخطأ المنهجيّ في توهُّم كون المقولات من المبادئ.

المقولات مبادئ تصوُّرية لعلم المنطق، وتحليل المنطق أرسطيّ المشرب للقضية قائمٌ على المقولات.

التأثير التاريخيّ

تنقسم الآثار المنطقية بعد ابن سينا، من حيث طرح المقولات، إلى مجموعتين:

 المجموعة الأولى: عبارةٌ عن الآثار التي تطرح هذا البحث كآثار أرسطو والشفاء، وذلك كالتحصيل لبهمنيار، وبيان الحق للّوكري، والبصائر النصيرية والتبصرة لابن سهلان الساوي، والتقريب لحدّ المنطق لابن حزم، والمنهاج المبين لأفضل الدين الكاشاني، وأساس الاقتباس وتجريد المنطق للطوسي، ومعيار العرفان وتعديل الميزان لغياث الدين الدشتكي، وتحفة السلاطين لمحمد بن جابر الأنصاري، ورهبر خرد «دليل العقل» للشهابي.

ونجد في هذه السلسلة أن ابن سهلان الساوي يعتقد صراحةً بأن المقولات لا علاقة لها بعلم المنطق، لكنه إنّما أتى بها في كتابَيْه المذكورين لمجرّد الاتّباع والجَرْي وفق سنّة القدماء. كما أنّ الذي طرحه كمسألةٍ من مسائل المنطق هو «…إنّما يهمّنا من البحث هو أنّ الموجود هل يعمّ العشرة عموم الجنس؟ والعرض هل يعمّ التسعة عموم الجنس أيضاً؟»([26]).

المجموعة الثانية: حيث إنّ عدداً كبيراً من المناطقة اخذوا بنظريّة ابن سينا في حذف المقولات، أمثال: البغدادي في المعتبر، والغزالي في أغلب آثاره، ما عدا: معيار العلم، حيث أورد الغزالي بحث المقولات في آخره، وذلك تحت عنوان: كتاب في أقسام الوجود وأحكامه، لكنْ لا على أنّها مسألةٌ من مسائل العلم، وإنّما على نحو المتعلِّق به، لم يبحث كلٌّ من: الفخر الرازي، وشيخ الإشراق، والأبهري، والأورموي، والخونجي، والكاتبي، في أيٍّ من آثارهم عن المقولات. كما أنّه يمكن إضافة الاسماء التالية إلى الإحصاء السابق: درّة التاج لقطب الدين الشيرازي، والأسرار الخفيّة للعلاّمة الحلّي، والشجرة الإلهية للشهرزوري، وتهذيب المنطق للتفتازاني، والتنقيح للملاّ صدرا، ونقد الأصول ليوسف الطهراني، والبرهان للكلنبوي، وكذلك هناك رسالة جدّ مختصرة لابن باجه في تعداد أبواب المنطق، حيث لم توجد المقولات في الفهرست([27]).

إن تحليل الإحصاء الآنف يظهر لنا أنّ حذف المقولات إنّما هو ابتكار أبي عليّ، كما أنه جعل، وبشكلٍ تدريجيّ، وعلى أيدي المناطقة ممَّنْ جاء بعده، المنطقَ ذا البابين سنّةً حاكمةً على علم المنطق في الحضارة الاسلامية.

 

3ـ منطق التعريف

أـ تحقيقٌ تاريخيّ إلى زمان ابن سينا

البحث الآخر هو البحث عن الحدّ والرسم، وهو القول الشارح؛ إذ لا يوجد في الأُرغانون بحثٌ مستقلّ عنهما.

لقد بحث أرسطو عن الحدّ والرسم في مقامين:

ـ الحدّ والرسم بحَسَب الحقيقة، وذلك في كتاب البرهان([28]).

ـ الحد والرسم بحَسَب الشهرة، وذلك في كتاب الجَدَل([29]).

كذلك لا يوجد بحثٌ عن الرسم في إيساغوجي، لفرفوريوس.

والفارابي، في رسالة التوطئة في المنطق في عدّه لأبواب المنطق، وفي إحصاء العلوم في استعراضه لأقسام علم المنطق، لم يبحث عن الحدّ والرسم في بابٍ مستقلّ، لكنْ في ختام رسالة المدخل كان له كلامٌ عن بناء الحدّ والرسم، لكنه كان مختصراً.

وفي منطقيّات إخوان الصفا لم يوجد بحثٌ مستقلّ عنهما، وإنما كان البحث عن الحدّ في كتاب البرهان.

ب ـ عرض التطوُّرات في آثار أبي عليّ

لقد انخرط ابن سينا في التحليل المفهومي للمقول في جواب ما هو؟ وأصنافه الثلاثة: الجنس، النوع، والحدّ، وذلك في مدخل الشفاء([30]). وكذلك في البرهان أخذ يحلِّل ـ كما فعل أرسطو ـ كلاًّ من الحدّ والرسم، وموضع كلّ واحدٍ منهما. وإذا أرَدْنا عرض الفوارق بين آثار ابن سينا والمنطق الموروث فمن خلال التالي:

الفارق الأوّل

يُعَدّ الفارق الأوّل بين الآثار المنطقية لابن سينا وبين الميراث اليوناني هو تحليل المقول في جواب ما هو؟ في مقامين: مقام المفهوم؛ ومقام المصداق. وهو ما كان في مدخل الشفاء. وقد تعرَّضنا لهذا الفرق بصورةٍ أخرى في رسالة المدخل، للفارابي. أما عيون الحكمة فقد خلَتْ عن البحث في الحدّ والرسم، بينما جاء البحث عنهما في النجاة في مقدّمة المدخل، حيث كان عن المقول في جواب ما هو؟ والمقول في جواب أيّ شيءٍ هو؟ لكنّه خصّ البحث عنهما وعن المنهج بعدّة فصولٍ في كتاب البرهان.

ابن سينا في الرسائل التالية: القصيدة المزدوجة، المنطق الموجز، المهجة، والمختصر الأوسط، أورد البحث عن الحدّ والرسم مستقلاًّ، لكنْ في ختام الرسالة.

الفارق الثاني

الفارق الثاني لآثار أبي عليّ عن المتقدِّمين هو البحث في موضعٍ مستقلّ عنهما. ويُعَدّ هذا الفارق بمثابة التحوُّل البنيوي الأوّل في هذا المقام. كما أنه جاء البحث عن الحدّ وحده مستقلاًّ في منطق المشرقيّين، لكنْ ضمن مباحث الكلِّيات الخمسة، حيث تمّ البحث حول أصناف التعريف، وتحقيق شرح الاسم. كما قد جاء البحث عن الحدّ والرسم، في الهداية، آخر بحث الكلِّيات الخمسة، وقبل المقولات([31]).

كما يُعَدّ تقديم مباحث الحدّ على القضيّة والقياس تحوُّلاً ثانياً في النظام المنطقيّ لابن سينا. تقدُّم البحث عن الحدّ والرسم في دانشنامه علايي، ومفاتيح الخزائن، والإشارات، واستقلالُه، كغيره عن المباحث، حيث صار باباً من أبواب المنطق، يتموضع بعد بحث الكلِّيات، وقبل القضايا، حيث عمد الشيخ إلى أمرَيْن:

ـ تعريف الحدّ والرسم، وبيان شرائط كلٍّ منهما.

ـ التحقيق المفصَّل في مواضع الخطأ في التعريف.

عرض التحوُّل وتوضيحه

لقد ربط ابن سينا ما بين الحدّ والرسم من جهةٍ وبين القياس والاستقراء من جهةٍ أخرى؛ وذلك لأن هناك أمرَيْن قبل ابن سينا، وهما: تقسيم العلم إلى التصوُّر والتصديق. والتصوُّر هو الذي يأتي من التصوُّر، كما أنّ التصديق يتولَّد من التصديق، وذلك من خلال نحوَيْن من عملية التفكير: التفكير الموصل إلى التصوُّر المجهول، والتفكير الموصل إلى المجهول التصديقي. ولهذا فالمنطق الذي له تعلُّق بالفكر له موضوعان: المعرِّف؛ والحجّة. هذا هو السبب الذي أدّى إلى استقلال البحث عن الحدّ والرسم، وإخراجه عن مباحث البرهان والجَدَل.

تقدُّم التصوُّر على التصديق ـ وفق مباني وأدلّة مختلفة ـ تحوَّل إلى أصلٍ مستقلّ، وهذا ما يوضِّح تقدُّم القول الشارح على القول الجازم والقياس.

وبما تقدّم من بيانٍ تصل آثار أبي عليّ تدريجاً إلى بناء وهيكليّة الإشارات.

التأثير التاريخيّ

للآثار المنطقيّة بعد ابن سينا بلحاظ البحث عن التعريف واستقلاله وتقدُّمه على القضايا والقياس أنحاء مختلفة:

أمّا بهمنيار في التحصيل فقد جرى وَفْقَ الشفاء، لكنّه لم يذكر الحدّ والرسم في الجَدَل؛ ولعلّ ذلك لاختصار الجَدَل. وقد فعل ذلك صدر الدين الدشتكي، مؤلِّف نقد الأصول.

أما الخواجه نصير الدين الطوسي فهو يبحث عن الحدّ والرسم في كتابَيْ البرهان والجَدَل، وذلك في كلٍّ من: أساس الاقتباس؛ وتجريد المنطق، وهو شبيهٌ بمجموعة المنطقيّات الواصلة من إرث اليونان.

أمّا الغزالي في أثرَيْه: معيار العلم؛ ومحكّ النظر، فهو يرى امتياز الحدّ والرسم عن القياس، كما أنه يقسِّم المنطق إلى قسمين: منطق التعريف؛ منطق الحجّة([32]). لكنّه أورد التعريف بعد القياس. كما أنّه منسجمٌ مع الإشارات، لكنّه بلحاظ الترتيب يعمل على عكسه.

بعض الآثار، كما يبحث فيها عن الحدّ والرسم قبل القضايا، يُشار فيها كذلك إلى بعض مسائل الحدّ في كتاب البرهان. وقد عمل وفقَ هذا كلٌّ من: اللُّوكري في بيان الحقّ، وشيخ الإشراق في التلويحات، واللمحات، والمشارع. وكذلك الشهرزوري في الشجرة الإلهية.

أمّا الأنصاري في تحفة السلاطين فقد جاء بالبحث عن أحوال واقسام المعرِّف في الخاتمة المتعلِّقة بنهاية المقولات.

ورغم أنّ هذا المنهج يلقي بظلاله على استقلال الحدّ والرسم، إلاّ أنّه يحافظ بكلّ وجهٍ على تقدُّم الحدّ على القياس، كما هو الحال في الإشارات.

وبعض الآثارِ فاقدٌ للبحث عن الحدّ والرسم أصلاً، وذلك كما في القسطاس المستقيم، للغزالي، الذي يُعَدّ من المتقدِّمين.

كما أن أكثر الآثار المنطقيّة اقتفَتْ في العصر الإسلامي أثَرَ بناء الإشارات، كما فعل: ابن حزم في التقريب لحدّ المنطق، والغزالي في مقاصد الفلسفة وفي المستصفى من علم الأصول، وأبو البركات البغدادي في المعتبر في الحكمة، وابن سهلان الساوي في البصائر النصيرية والتبصرة، والفخر الرازي في الملخّص والرسالة الكمالية، وشيخ الإشراق في حكمة الإشراق، وأفضل الدين الكاشاني في المنهاج المبين، وقطب الدين الشيرازي في درّة التاج، والريزي في حياة النفوس، وابن كمّونة في المطالب المهمّة، وشمس الدين محمد السمرقندي في القسطاس، والخونجي والأورموي والأبهري والكاتبي في جميع آثارهم. والتفتازاني، وصائن الدين بن تركة، والملاّ صدرا، والكلنبوي، والملاّ هادي السبزواري، والشهابي مؤلِّف «رهبر خرد» (دليل العقل)، كلّهم على هذه السنّة.

هذا السرد يؤشِّر إلى أنّ رسالتي ابن سينا في موضع الحدّ والرسم جذبَتْ المتأخِّرين إليه، وهما: استقلال الحدّ والرسم، وتقدُّمهما على الحجّة. وقد كانا مورد عناية وتوجُّه المناطقة من القرن السابع إلى اليوم، باستثناء بعض الموارد الخاصّة في تدوين الآثار المنطقية. وهو مما يؤسِّس ليصبح هذا التطوُّر سنّةً حاكمةً في القرون اللاحقة على صعيد تدوين الآثار المنطقيّة.

4ـ موادّ الأقيسة

لابن سينا في ما يخصّ موقع البحث عن القضية نحوان من التطوُّر الفكريّ:

1ـ جمع مباحث القضايا من رسالتي العبارة والقياس، وجعلهما في مكانٍ واحد.

 2ـ تقديم البحث عن موادّ الأقيسة على القياس.

أمّا أرسطو، فبالإضافة إلى جعله كتاب العبارة قبل بداية التحليل الأوّل ـ القياس ـ، فإنّه يبحث عن القضية، حيث جاء تقسيم أرسطو للقضايا في الرسالة الثانية. وكذلك ترى هذه الحال في الرسائل المنسوبة إلى الفارابي. والشيخ أبو علي يجري عليها في الشفاء، لكنه يُخرج تدريجاً مباحثَ القضيّة من كتاب القياس، ويجمعها في مبحث القضايا. وقد جرى على ذلك المناطقة بعد ابن سينا، ما عدا موارد استثنائيّة.

وبهذا الترتيب تُخطى خطوةٌ أخرى في طريق انسجام الآثار المنطقيّة، وتتحوَّل مجموعة الرسائل إلى متنٍ واحدٍ منظّم.

التطوُّر الآخر في مجال النقل من موضعٍ لآخر هو البحث في موادّ الأقيسة، حيث نجد أن أرسطو يبحثها في كتاب التحليل الثاني ـ البرهان ـ، وكذلك أبو عليّ على نفس المنوال، ما عدا أثرَيْه المتأخِّرين: مفاتيح الخزائن؛ والإشارات، فقد قدَّمه وبحث فيه قبل القياس.

سرّ النقل من موضعٍ لآخر هو أنّ البحث عن موادّ الأقيسة هو البحث عن القضايا واقعاً. ولمعرفة القضية اعتباران:

ـ تحليل الحيثية التأليفية والصورية.

ـ تحليل المحتوى، أي صدق القضية، والبحث عن المرتبة المعرفية لموقعها.

يأتي ابن سينا بهذين البحثين قبل القياس، وعلى الترتيب الآنف.

والغالب هو اتّفاق المتأخِّرين في هذا الخصوص مع أبي عليّ، حيث كانوا أوفياءَ لمبناه في دانشنامه علايي، في أن البحث عن موادّ الأقيسة إنما هو في الواقع تحليلها من الحيثية المادّية([33]). ومن هنا لا بُدَّ من أن يأتي بعد التحليل الصوري للقياس (الأشكال وشرائطها). لقد صار تحليل الحيثية التأليفية والبناء المنطقي للقضايا عند ابن سينا بدايةَ التطوُّر في المنطق في القرون اللاحقة. فهو في بداية كتاب القياس من الشفاء، وكذلك في مواضع ثلاثة من الإشارات، يبحث في تحليل القضية عن تحليل المحمولي بدايةً، وكذلك تحليل السَّلْب والإيجاب، وتحليل القضايا المطلقة والموجّهة. ولقد طرحت هذه التحليلات في كتب الفخر الرازي والمناطقة أهلِ البابين في القرن السابع بصورةِ فصلٍ مستقلٍّ، تحت عنوان: «تحقيق في المحصورات». وقد نقل أغلب المناطقة في هذا المقام عينَ عبارات الشيخ في الإشارات وشروحها.

5ـ موقع بحث العكس

أـ تحقيقٌ تاريخيّ إلى زمان ابن سينا

يورد أرسطو بحث التناقض، بل التقابل، في الأُرغانون، نهايةَ قسم العبارة. كما يورد أيضاً بحث العكس في التحليل الأوّل (القياس).

والذي يبدو أنّ سرّ طَرْح أرسطو للعكس والقياس يكمن في استخدامه في إثبات الشكلين الثاني والثالث، وذلك من خلال تبديلهما إلى الشكل الأوّل. والحقّ أن العلاقة ما بين العكس والقياس أعمق من ذلك، على ما سوف يأتي لاحقاً.

طرح العكس في القياس سنّةٌ متداولةٌ في الشروح على أرسطو، وهي ما يلحظ في متون الفارابي أيضاً.

ب ـ التحقيق في آثار أبي عليّ

أمّا في الشفاء فيصرِّح الشيخ في بدايته على رعاية ترتيب كتب أرسطو([34])، فهو ـ مثل أرسطو ـ يطرح بحث العكس في القياس. أمّا في آثاره الأخرى فهو يُخْرِج بحثَ العكس من مبحث القياس، ليبحث عنه مع التقابل.

النكتة المهمّة هاهنا هي استقلال مباحث التقابل والعكس في قسمٍ مستقلّ، لكنّ عدداً من الرسائل خلَتْ من الإشارة إلى الاستقلال وعدمه.

ففي النجاة مثلاً نجد المسائل المنطقية قد طُرحَتْ في فصول مرتَّبة، لكنْ دون أن تصنّف الفصول ضمن أقسام أوسع.

كذلك كان الحال في كلٍّ من: الهداية، وعيون الحكمة، والقصيدة المزدوجة، ودانشنامه علايي، حيث جاء العكس متقدِّماً على القياس، لكنْ من دون وجود ما يشير إلى استقلال هذا البحث وعدمه. ويأتي البحث عن العكس في المنطق الموجز ضمن المقالة الأولى في مقدّمات المنطق، وأمّا في المهجة ففي جزءٍ من الـ «باري أرميناس».

كما نجد في تصنيف أثرين ما يشير إلى استقلال بحث التقابل والعكس، حيث يأتي هذا البحث في مفاتيح الخزائن بعد القضايا ضمن فصلٍ مستقلّ، تحت عنوان: «أحوال مضافة للقضايا»؛ وفي الإشارات نصل إلى بحث العكس بعد نهجين خاصّين بتحليل القضايا وبيان الموجّهات.

تبيين التحوُّل

ابن سينا، وفي أكثر آثاره، يُخرِج العكسَ من كتاب القياس، ليطرحه ضمن مباحث القضايا، لكنّه قد لحظ في آثاره المتأخِّرة استقلالَ مباحث التقابل والعكس. الأغلب القريب من الإجماع هو مع ابن سينا في تقديم العكس على القياس، وقصّة الاستقلال غالباً ما تذكر كأحوال ولوازم القضايا.

وقد أصبح هذا الأمر السنّةَ الحاكمة على الآثار المنطقية في القرن السابع وما تلاه. لكنْ لِمَ برز في آثار ابن سينا المنطقية هذا التنوُّعُ والاختلافُ لدى طرحها لموضع مبحث العكس؟ إن جواب هذا السؤال منوطٌ بسؤالٍ آخر عن طبيعة استعمال العكس.

هل يلحظ كلٌّ من التقابل والعكس بمنزلة أحكام للقضايا، كما هو حال أكثر المتأخِّرين بعد ابن سينا، أم يلحظان بحَسَب الاستعمال مع القياس؟

أيّ نسبةٍ بين التقابل والعكس وبين القضية؟ وأيّ قرابةٍ وعلاقةٍ لهما مع القياس؟

قلنا: انما التقابل والعكس في كتاب القياس لاستعمالهما في إثبات الأشكال الثاني والثالث والرابع. والتأمُّل في هذا الاستعمال لا يخلو من فائدةٍ. يمكن عدُّ كلٍّ من التضادّ والتناقض والتداخل والدخول تحت التضادّ، وكذلك العكس المستوي وعكس النقيض، قواعد للاستنتاج، القواعد التي من شأنها تصديق أو تكذيب قضيّةٍ من خلال صدق أو كذب قضيّةٍ أخرى، وبالتالي فلا تفاوت بين العكس والقياس من هذه الجهة، وإنْ كان من فرقٍ بينهما فإنّما هو في وحدة أو تعدُّد مقدّمات الاستنتاج. وبهذا التحليل، كما يكون استعمال القياس والعكس واحداً، كذلك يكون موقعهما واحداً. ولهذا فقد أدرج بعض المعاصرين البحث عن التقابل والعكس تحت عنوان الاستدلال المباشر، وذلك في مقابل القياس ولواحقه، حيث تمّ إدراجهما تحت الاستدلال غير المباشر([35]). وقد أفاد ذلك ابن كمّونة (622 ـ 683هـ) لتعبيرٍ دقيقٍ جدير بالالتفات، حيث رأى أنّ التقابل والعكس تحت عنوان (لوازم القضايا عند انفرادها)، والقياس والاستقراء عبارةٌ عن (لوازم القضايا عند انضمامها)([36])، وهذا التعبير كما أنّه يشير إلى الاستعمال الواحد لكلٍّ من العكس والقياس، فإنّه يشير أيضاً إلى الموضع الواحد؛ فإن تعبيره ذلك يفيد بأنّه إذا كان العكسُ من أحكام ولوازم القضية فالقياس يكون كذلك. لكنه ـ أي ابن كمّونة ـ لا يريد القولَ بأنّ العكس لازمٌ وخاصّةٌ للقضية، وإنّما هو يرى أنّ صدق العكس لازمٌ لصدق الأصل، كما هو الحال بالنسبة لصدق النتيجة، فإنّه لازمٌ لصدق المقدّمات.

 إنّ هذه النظرة للعكس والتقابل لا نراها في آثار ابن سينا. رغم أنّه يمكن بذلك البيان رؤية استقلالية هذا البحث في بعض الآثار. وهذا التحليل الدقيق لم يصبح بصورة السنّة الحاكمة في القرون اللاحقة؛ وذلك لأنه لم يَرِدْ في آثار أبي عليّ.

6ـ القياس الاقترانيّ والقياس الاستثنائيّ

يصرِّح أبو عليّ في الإشارات بأن تقسيم القياس إلى: اقترانيّ واستثنائيّ إنّما هو وليد تحقيقه وتدقيقه. أما قبله فقد كان البحث غالباً عن القياس الحمليّ والشرطيّ. والقول بأنّ القياس إمّا اقتراني أو استثنائي ـ والاقتراني يمكن أن يكون مؤلَّفاً من مقدّمة شرطية أو مقدّمتين ـ له دَوْرٌ أصيل في مباحث القياس.

لقد كان التقسيم الآنف محطّ نقدٍ من جهاتٍ عديدة؛ إذ كان بناؤه على التمايز بين كلٍّ من منطق المحمولات ومنطق القضايا موردَ التفاتةٍ، وأنّه يكشف عن توقُّف الثاني على الأوّل، فإنه قد يوجد تحوُّلاً عظيماً في الجهة البنيوية للمنطق. هذه المسألة؛ ولأنها لم تُطْرَح في آثار أبي عليّ لم تكن سنّةً حاكمةً في علم المنطق في الحضارة الإسلامية.

تحليلاتٌ عديدة

هناك ارتباطٌ معنويّ بين حذف المقولات وتقديم بحث الألفاظ، واستقلال وتقديم بحث التعريف، وكذلك تقديم بحث العكس.

التحقيق المقارن لآثار ابن سينا يُري أنّ التحوُّلات الثلاثة مترابطةٌ نشوءاً، والتي جاءت في آثار المتأخِّرين، كالإشارات، كلّها أصبحت متوافقةً ومنسجمةً، لتشكِّل بناءً جديداً لعلم المنطق. وهذا البناء هو الذي يُدْعَى بالمنطق ذي البابين. لقد عمل المتأخِّرون على تقليد آثار أبي عليّ بطرق مختلفة:

ـ فعدّةٌ اتّبعوا الآثار المتقدِّمة لابن سينا، وذلك مثل: الشفاء.

ـ وعدّة آخرون اتَّبعوا الآثار الوسطى، حيث حذفوا المقولات، بينما قدَّموا البحث عن الحدّ والرسم، وذلك مثل: آثار ابن سهلان الساوي من المتقدِّمين؛ و«رهبر خرد» (مرشد العقل) للشهابي من الآثار المعاصرة.

ـ ومجموعاتٌ كثيرة بقيَتْ وفيّةً لسَبْك الإشارات، كما أنهم اجتهدوا في إصلاح وتكميل البناء المنطقي القائم على البابين. لقد أصبح سبك هذه المجموعة في القرن السابع وما تلاه هو الحاكم. ويمكن ذكر النماذج الأربعة التالية:

1ـ المنطق ذو الأبواب التسعة.

2ـ المنطق ذو البابين.

3ـ المنطق التلفيقي.

4ـ المنطق الالتقاطي.

النظامان الأخيران في تركيب بِنْية آثار المتقدِّمين والمتأخِّرين عن ابن سينا أحدهما عين الآخر، وإنّما التمايز يرجع إلى نحو التركيب، حيث إنّنا في التلفيق نصل من خلال ملاحظة تمايز البِنَى وكيفيّة الطَّرْح والعَرْض إلى تركيبٍ منظّمٍ ومنسجم، وهذا بخلاف المنطق الالتقاطي.

كما أنه يوجد في النظامين الأوّلين من هذه الأنظمة الأربعة، مضافاً إلى التمايز البنيوي، تمايز الرؤية، لهذا كان كلٌّ منهما عنواناً لمذهبٍ منطقيٍّ في التاريخ الإسلامي.

ولهذا أصبح المنطق ذو البابين، السنّةُ الحاكمة إلاّ على بعض المسائل، كالقضيّة الطبيعية، هو حاصلُ إبداع وابتكار أبي عليّ.

والذي لا يكون مشمولاً لهذه السنّة فلا لشيءٍ، إلاّ لغَيْبته وعدم حضوره في آثار أبي عليّ.

فوائد التحقيق ونتيجته

لابن سينا آثارٌ كثيرة في المنطق، وهي ذات تطوُّرات بنيوية هيكلية:

أـ انتقال مبحثٍ من مكانٍ إلى آخر.

ب ـ حذف مباحث.

 ج ـ استقلال مباحث. وهذا ما يوجد في التالي:

1ـ التقليل من تكرار المباحث في رسائل الأُرغانون المختلفة.

2ـ حذف المقولات من الآثار المنطقيّة.

3ـ جعل مبحث الحدّ والرسم في قسمٍ مستقلّ.

4ـ تقديم الحدّ والرسم على القضيّة والقياس.

5ـ استقلال التقابل والعكس، والجَمْع بينهما.

6ـ تقديم بحث موادّ الأقيسة على القياس.

7ـ تبديل تقسيم القياس إلى: الحملي والشرطي إلى تقسيمها إلى: الاقتراني والاستثنائي.

لقد تلقَّف كثيرٌ من المتأخِّرين الموارد المذكورة آنفاً، ما عدا تقديم موادّ الأقيسة على القياس. لقد استطاع ابن سينا أن يُخْضِع مجموعةَ الرسائل المكوِّنة للأُرغانون لنظامٍ معرفي مُتْقَنٍ ومنسجمٍ، وَفْقَ بناءٍ وترتيب منطقيّ، أدّى إلى طَرْحٍ جديدٍ في النظام المنطقيّ، وهو المنطق ذو البابين.

الهوامش

(*) أستاذٌ جامعيّ، وعضو الهيئة العلميّة في جامعة طهران، وأحد وجوه الثقافة والفكر في إيران. له مؤلَّفاتٌ عديدة في المنطق والحكمة والكلام ومناهج البحث والأخلاق الحرفيّة.

([1]) هذا البحث هو أحد بحوث الكتاب القيِّم (قيد الطبع) «جستار در ميراث منطق دانان مسلمان» (تحقيق في التراث المنطقي لمناطقة المسلمين).

([2]) مصطفى الزين، علم شناسي نزد حكمايي مسلمان ـ علم المعرفة عند الحكماء المسلمين (رسالة ماجستير بإشراف الدكتور قراملكي): 35 ـ 156.

([3]) كياني فريد، رؤوس ثمانية علوم (الرؤوس الثمانية للعلوم): 94 ـ 95.

([4]) رشاد، منطق فهم دين: 159.

([5]) انظر: مقدّمة دانش پژوه على التبصرة لابن سهلان الساوي.

([6]) فرامرز قراملكي، أرمغان نقد: 87.

([7]) انظر: تطوُّر المنطق العربيّ ودراسات في تاريخ منطق العرب.

([8]) برخورد داري، نقد گزارش رشر أز آثار منطقي ابن سينا: 33.

([9]) الأنصاري، إرشاد الطالبين: 197.

([10]) المنطقيات 1: 27 ـ 22.

([11]) الرسائل 1: 394.

([12]) ابن سينا، المدخل: 32 ـ 22؛ ابن سينا، العبارة: 1 ـ 30.

([13]) المصدر السابق: 15 ـ 20.

([14]) المصدر السابق: 7 ـ 10.

([15]) المصدر السابق: 17 ـ 19.

([16]) المنطقيات: 447.

([17]) إحصاء العلوم: 69.

([18]) البرهان: 153.

([19]) الإشارات 1: 83.

([20]) الشفاء، المدخل 1: 10.

([21]) الطوسي، أساس الاقتباس: 34؛ كذلك الإشارات 1 : 83 ـ 84.

([22]) الإشارات 1: 83.

([23]) الأنصاري، تحفة السلاطين: 138.

([24]) ابن سهلان الساوي، البصائر النصيرية: 18.

([25]) الكاتبي، المنصّص: 67.

([26]) البصائر النصيرية: 23.

([27]) الفارابي، المنطقيّات 3: 334.

([28]) أرسطو، الأرغانون: 35 ـ 96.

([29]) أرسطو، الأرغانون: 10 ـ 24؛ 139 ـ 154.

([30]) الشفاء، المدخل: 21، 32، 37، 42.

([31]) الهداية: 68 ـ 70.

([32]) الغزالي، محكّ النظر: 9 ـ 10.

([33]) دانشنامه علايي: 106.

([34]) الشفاء، المدخل 1: 11.

([35]) فرامرز قراملكي، منطق 1: 165 ـ 180.

([36]) المطالب المهمة: 68 ـ 69.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً