أحدث المقالات

أ. كاظم أستادي(*)

ترجمة: حسن علي مطر

يمكن للكتب المنسوبة إلى سُلَيْم بن قيس أن تكون مهمّةً لمختلف الأسباب، وسوف تتضاعف هذه الأهمية فيما لو أمكن إثبات أصل وجود سُلَيْم والكتب المنسوبة إليه.

لقد ورد في بعض الكتب والمقالات ذكر بعض عناصر أهمية الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم، ومن بينها: 1ـ الجذور التاريخية للكتاب؛ 2ـ اعتبار سُلَيْم من خاصّة الصحابة؛ 3ـ النقل المباشر لبعض مرويات سُلَيْم؛ 4ـ تأييد الأئمة المعصومين لنُسَخ كتب سُلَيْم؛ 5ـ الاشتمال على المطالب الخاصة (الفريدة والشاذّة). من الخصائص البارزة لكتاب سُلَيْم رواية أحداثٍ كانت على الدوام مادّةً للاختلاف والجدل بين الشيعة والسنة، من قبيل: تأكيد النبيّ الأكرم على مفهوم الإمامة والولاية، وقضية فَدَك، والهجوم على دار فاطمة÷.

وعلى أيّ حال فإن الملحوظ من قِبَل الباحثين في المرحلة الحديثة هو أن التراث الإسلامي المكتوب لم يحْظَ بالدقة والاهتمام العميق، ورُبَما يعود السبب في ذلك إلى قلة الإمكانات التحقيقية؛ أو لأسبابٍ اعتقادية؛ ورُبَما لمجرّد التهاون.

يمكن العمل على تقييم وتحليل كلّ أثرٍ روائيّ في الحدّ الأدنى من عدّة جهات:

1ـ دراسة الهويّة التاريخيّة للمؤلِّف.

2ـ دراسة نسبة الكتاب إلى المؤلِّف.

3ـ دراسة أسانيد الأحاديث والروايات.

4ـ دراسة تحريف الآثار الروائية وتصحيفها.

5ـ دراسة مضمون الأثر.

وبالنظر إلى ما تقدّم، وحيث إن الكتاب المنسوب إلى سُلَيْم بن قيس كتابٌ روائي متقدّم، يجب بحث جميع الأبعاد المشار إليها بشأن هذا الكتاب.

هناك الكثير من الأعمال التي صدرت بشأن سُلَيْم بن قيس والكتاب المنسوب له، وقد تناول كلّ واحد منها مسألةً حوله. ومن أهمّ الآثار التي تناولت شخصية سُلَيْم بن قيس من مختلف الأبعاد على نطاقٍ واسع، وبلغت عدّة مجلدات، «موسوعة سُلَيْم بن قيس»([1]). وقد بلغ عدد مجلّدات هذه الموسوعة اثني عشر مجلداً، في ستّة آلاف صفحة تقريباً:

المجلد الأوّل: حول شخصية سُلَيْم وكتبه.

المجلد الثاني: حول رواة سُلَيْم.

المجلد الثالث: حول أسناد سُلَيْم بن قيس.

المجلد الرابع: نسبة المصادر الأولى إلى سُلَيْم.

المجلد الخامس: حول إشكالات وتناقضات كتاب سُلَيْم بن قيس.

المجلد السادس: روايات سُلَيْم بن قيس في القرون الأولى.

المجلد السابع: حول مخطوطات سُلَيْم بن قيس.

المجلدان الثامن والتاسع: حول النُّسَخ المخطوطة لكتب سُلَيْم.

المجلد العاشر: مصادر سُلَيْم بن قيس.

المجلد الحادي عشر: مجموع مقالات الآخرين حول سُلَيْم.

المجلد الثاني عشر: فهرست الأعلام.

ولكنْ كان من الضروري التدقيق في المسائل المتعدّدة (الشكلية والمضمونية) حول سُلَيْم بن قيس والكتب المنسوبة إليه ضمن دراسةٍ مختصرة، ليتمكَّن الراغبون من الحصول على رؤيةٍ إجمالية حول أبعاد شخصية سُلَيْم والكتاب المنسوب إليه. وهذا ما تكفَّلَتْ به هذه المقالة، وهي تحتوي على الفصول التالية:

1ـ الهويّة التاريخية لشخصية سُلَيْم.

2ـ أنواع الأحاديث المنسوبة إلى سُلَيْم.

3ـ أسانيد وطرق الرواية المنتهية إلى سُلَيْم.

4ـ الرواة وسُلَيْم.

5ـ المخطوطات المنسوبة إلى سُلَيْم ونماذجها.

6ـ أصالة وانتساب روايات النُّسَخ الحالية.

الفصل الأوّل: الهويّة التاريخيّة والوضعيّة الشخصيّة لسُلَيْم

عندما نقول: إن شخصاً ـ اسمه زيد مثلاً ـ قد ألَّف كتاباً روائياً أو تاريخياً في القرن الهجري الأول حول أحداث صدر الإسلام مباشرةً نكون قد افترضنا في هذا الشأن عدداً من الفرضيات البديهية، من قبيل: «الوجود الحقيقي للراوي»، و«معاصرة الراوي للأحداث»، و«تمكُّن الراوي من الكتابة»، وكذلك «مبادرته إلى التأليف». هذا في حين أن هذه الفرضيات قد لا تكون بديهيّةً بالضرورة، ولا بُدَّ من العمل على بحثها والتأمُّل فيها بشكلٍ دقيق.

وعلى هذا الأساس يمكن لدراسة الحالة الشخصية لسُلَيْم بن قيس وطبيعة هويّته التاريخية أن تفتح أمامنا أفقاً واسعاً للاستفادة المضمونية «الكلامية والتاريخية والأخلاقية» من الروايات والكتاب المنسوب إليه.

1ـ تحقيقٌ في الوجود التاريخيّ لسُلَيْم

عندما نقول: «إن شخصاً اسمه سُلَيْم بن قيس قد ألّف كتاباً في القرن الهجري الأول حول بعض الأحداث التي وقعَتْ في صدر الإسلام» نكون قد افترضنا هذه الأمور بداهةً، وهي: إن سُلَيْم بن قيس شخصيةٌ حقيقيةٌ غيرُ وَهْمية، وأنه كان يعيش في القرن الأوّل وعاصر أحداث صدر الإسلام. وعليه ينبغي العمل في ما يلي على تسليط المزيد من الضوء على هذه الفرضيات.

عندما يَرِدُ اسم شخصٍ في مدوّنة متقدّمة، بوصفه مؤلفاً أو جزءاً من مضمونٍ لأثرٍ ما، تكون أمامنا حالتان: إحداهما: أن تكون المعطيات التاريخية عن وجوده متوفرة في غير تلك المدوّنة. والأخرى: أن لا يكون هناك معطى منفصلٌ عن متن تلك المدوّنة. ومن ذلك مثلاً: لو ورد اسم النبيّ محمد| وبعض المعلومات عن حياته في القرآن الكريم، فإننا بغضّ النظر عن القرآن نستطيع العثور على آثار لوجود النبيّ محمد وهويته التاريخية وسيرته الذاتية في المصادر التاريخية والمعطيات الآثارية. وبذلك فإن الوجود والهوية التاريخية للنبيّ الأكرم لا تكون مرهونةً لمعطيات القرآن، بل إن وجوده التاريخي ثابتٌ بشكلٍ مستقلّ عن وجود القرآن. وعليه يمكن بيان ذات هذه التأمُّلات والتساؤلات بشأن سُلَيْم بن قيس أيضاً.

أـ بين الواقعيّة والاختلاق

إن السؤال المهمّ الذي يجب طرحه حول شخصيّة سُلَيْم هو: هل هناك معطياتٌ تاريخية تثبت الوجود التاريخي لسُلَيْم بن قيس بشكلٍ مستقلّ عن الروايات والكتاب المنسوب إليه؟

من خلال البحث الموسَّع يتَّضح عدم إمكان العثور على مؤشِّرٍ للوجود التاريخي لسُلَيْم بن قيس بمعزل عن الكتاب والروايات المنسوبة إليه؛ فلم تَرِدْ الإشارة إلى وجود سُلَيْم في أيّ مصدرٍ متقدِّم، بعد غضّ النظر عن كتابه([2]). وباختصارٍ: إذا غضَضْنا النظر عن المعلومات الواردة بشأنه في الكتاب والروايات المنسوبة إليه فليس هناك من وجودٍ خارجي لسُلَيْم بن قيس الهلالي.

ب ـ احتمالاتٌ قائمة

وبالنظر إلى الحالة المُبْهَمة التي تحيط بالهويّة التاريخية لسُلَيْم بن قيس نكون أمام الاحتمالات التالية:

أـ أن يكون سُلَيْم بن قيس شخصيةً مختَلَقة، لا وجود لها في الخارج؛ بمعنى أن هناك أشخاصاً ألَّفوا هذا الكتاب أو الروايات، واختلقوا لها مؤلِّفاً بهذا الاسم.

ب ـ أن يكون سُلَيْم بن قيس اسماً مستعاراً، اختاره الراوي أو الكاتب أو أشخاصٌ آخرون؛ ليكونوا في مأمنٍ من تداعيات نشر هذه المعلومات الخاصة.

ج ـ أن يكون سُلَيْم بن قيس اسماً لشخصيّةٍ حقيقيّة، ولكنْ تعرَّض اسمه للتحريف أو التصحيف، أو أنه اسمٌ مختلف وقد تمّ ذكره من باب الخطأ.

كأنْ يكون اسم «سليم بن قيس الحضرمي» أو «سليم بن قيس الحنظلي» أو «سليم بن قيس الشامي» أو غير ذلك من الأسماء المشابهة قد تمّ تحريفها في القرنين الثاني والثالث الهجريين بوصفها أسماء تعود إلى شخصيّةٍ من القرن الأول الهجريّ، ونسبوا إليه بعض الروايات المختَلَقة؛ أو أن يكون هناك كتابٌ ألَّفه شخص وضمّنه روايات، وكانت الرواية الأولى فيه مرويّةً عن راوٍ اسمه سُلَيْم، وفي النُّسَخ اللاحقة تمَّتْ تسمية الكتاب بأجمعه والروايات الموجودة فيه باسم سُلَيْم.

وإليك في ما يلي قائمةٌ بأسماء سليم ونظائره على ما ورد في المصادر الروائية والتاريخية:

وعلى أيّ حال لو قلنا بواقعية شخصية سُلَيْم، وعدم كونه شخصاً مختلقاً، فسوف يكون دعم ذلك في الافتراضين الآخرين (ب، ج)، وإقامة الشواهد والأدلة على اعتبار سُلَيْم اسماً مستعاراً لشخصيةٍ تاريخية حقيقية، أو تحريفاً لاسمه الحقيقي، أمراً في غاية التعقيد، بل أمراً مستَبْعَداً؛ وذلك لأن المعلومات المتوفرة لدينا حالياً عن سُلَيْم بن قيس إنما هي من معطيات الروايات والكتاب المنسوب إليه. وبعبارةٍ أخرى: إن الروايات المنسوبة إلى سُلَيْم في المصادر الأولى شحيحةٌ، وإن حجم المعلومات الشخصية الحاصلة منها في غاية الندرة؛ ومن ناحيةٍ أخرى: إن النُّسَخ المتوفِّرة عن كتب سُلَيْم في غاية التشويش، وعلى أشكال مختلفة؛ بحيث لا يمكن تحديد النواة الأصلية لهذا الكتاب من بينها، وأيّ واحد من تلك الكتب يشتمل على المضمون الأصيل، لكي نتمكَّن في ضوئه من تطبيق شخصيّةٍ تاريخية أخرى على الخصائص المشابهة والروايات المتناغمة؛ للكشف عن شخصية مؤلِّف كتاب سُلَيْم ورواياته.

وقد سعى بعض الباحثين ـ من خلال الاستفادة من معطيات النسخ المطبوعة وهذه المخطوطات المشوَّشة، وتقديم بعض الشواهد الخارجية المتناغمة معها ـ إلى تطبيقها على أشخاصٍ بوصفهم يمثِّلون الشخصية الحقيقية لسُلَيْم بن قيس([3]).

2ـ تحديد الرقعة الجغرافيّة لحياة سُلَيْم

عندما نتكلَّم عن شخصٍ «اسمه سُلَيْم بن قيس، وأنه قد روى بعض الأمور عن بعض أحداث صدر الإسلام بشكلٍ مباشر»، نكون قد افترضنا هذه الأمور البديهية، وهي أن سُلَيْم بن قيس كان يعيش في شبه الجزيرة العربية والعراق، وكان شاهداً ـ مباشراً أو غيرَ مباشرٍ ـ على أحداث تلك الحقبة. فإذا علمنا أن مؤلِّف الكتاب كان يعيش في بلاد الصين دلّ ذلك على أنه لم يكن بمقدوره أن يروي في كتابه أحداث صدر الإسلام مباشرةً أو عبر واسطةٍ واحدة.

إن مضمون الكثير من روايات سُلَيْم ـ ولا سيَّما الروايات الموجودة في الكتب المنسوبة إليه ـ يثبت أن سُلَيْم بن قيس كان شاهداً مباشراً على الأحداث الإسلاميّة، بل ومشاركاً في بعض وقائع صدر الإسلام أيضاً. إن هذه الحالة الخاصّة لسُلَيْم تحملنا على التدقيق في الرقعة الجغرافية لحياته؛ كي نتمكَّن من إثبات إمكان الواقعيّة التاريخية لمضمون الروايات المنقولة عن سُلَيْم (بالنسبة إلى الرقعة الجغرافية لحياته)، أو أنها تثير أمامنا هالةً من الغموض بشأن تطابق هذه الأحداث والوقائع.

أـ مكان الولادة، والنشأة، والأسفار

إن سُلَيْم بن قيس ـ طبقاً لبعض الروايات المتوفِّرة في الكتب المنسوبة إليه ـ كان في بداية عام 37هـ ـ أي في ليلة الهرير من واقعة صفين ـ كان يبلغ من العمر أربعين سنة، وعليه يكون قد وُلد قبل الهجرة بثلاث سنوات، ويبدو أنه وُلد في الكوفة.

وكذلك في ضوء المعطيات الأخرى الواردة في قصص روايات سُلَيْم في النُّسَخ المتوفرة فقد حجّ سُلَيْم إلى مكّة عندما كان له من العمر 24 سنة، وعاد بعدها إلى المدينة المنوَّرة. كما كانت له سفرةٌ إلى الربذة، ولكنْ لم يتَّضح ما إذا كانت هذه سفرةً مستقلّة، أو وقعَتْ في طريق سفرٍ آخر. وفي عام 35هـ، بالتزامن مع بداية خلافة الإمام عليّ، انتقل من المدينة إلى الكوفة، ومنها إلى المدائن، ولم يتضح ما إذا كانت هذه رحلةً مستقلّةً أم وقعَتْ في طريق رحلةٍ أخرى أيضاً، ثمّ سافر إلى صفين، ليسكن بعدها في الكوفة. وفي رحلةٍ أخرى، في حدود عام 50هـ، ذهب إلى المدينة، واتجه إلى مكّة برفقة معاوية، ثمّ عاد من مكة إلى الكوفة. وكانت له رحلةٌ من الكوفة إلى البصرة، وكذلك لم يتَّضح ما إذا كان هذا السفر مستقلاًّ أو وقع في طريق رحلةٍ أخرى، وفي نهاية المطاف هرب سنة 75هـ من الكوفة إلى نوبندجان في بلاد فارس، وتوفي هناك([4]).

وعليه يكون سُلَيْم ـ طبقاً لما ورد في كتابه ـ قد سافر إلى ما يقرب من عشرة بلدان مهمّة أو تاريخية. فقد ذهب إلى المدينة المنورة ثلاث مرّات في الحدّ الأدنى، وقد تشرَّف بالحجّ إلى مكّة المكرّمة مرّتين. كما سافر إلى المدائن والبصرة ونوبندجان والربذة وصفين.

ب ـ إثاراتٌ وتساؤلات

أـ إذا كان مكان ولادة سُلَيْم بن قيس ونشأته الأولى إلى فترة الشباب هو الكوفة أو ضواحيها ـ كما يبدو ذلك من لقبه ـ فيجب توضيح كيفيّة إسلامه وهجرته إلى المدينة المنورة؛ إذ بالنظر إلى أن المسلمين لم يتَّجهوا إلى فتح العراق إلاّ في عام 14هـ، ولم يتمّ تأسيس الكوفة كمعسكرٍ لمواصلة الفتوح داخل إيران إلاّ في عام 17هـ، يبدو أن هذه المرحلة هي التي شهدَتْ اعتناق أهل العراق والكوفة للإسلام طَوْعاً أو كَرْهاً؛ وعلى هذا الأساس لم تتّضح لنا طبيعة حياة سُلَيْم بن قيس عندما كان عمره يتراوح ما بين 17 و20 عاماً، وكيف ورد المدينة وابتدأ رواية الحديث؟

ب ـ بالنظر إلى عدد أسفار سُلَيْم بن قيس، وكذلك المناطق التي اجتاز بها، يبدو أنه قطع مسافة لا تقل عن عشرة آلاف كيلومتر، وتوقف في ما لا يقلّ عن 330 منزلاً في هذه الطرق، ومع ذلك، وعلى الرغم من حمله لأدوات الكتابة، إلاّ أنه لم يَأْتِ على ذكر هذه المناطق في كتابه، ولم يُشِرْ إلى ما يحيط بها من الشواهد والقرائن. ولم يتَّضح سبب اكتفاء سُلَيْم ـ وهو الكاتب والمحقِّق ـ بذكر مطالب قليلة ومحدودة عن هذه المساحة الواسعة من أسفاره إلى جميع هذه البلدان والمناطق!

وكذلك يتّضح من قرائن الأسفار أنه قد سافر أيضاً إلى موضع كربلاء وغدير خمّ أيضاً، ومع ذلك لا يوجد في كتابه والروايات المنسوبة إليه أيّ تقريرٍ حول هذه المناطق.

ج ـ والسؤال المهمّ للغاية حول الأسفار والرقعة الجغرافية لسُلَيْم بن قيس هو: لماذا لم يَرِدْ ذكر اسم شخصيّةٍ بمثل هذا النشاط الواسع في المصادر التاريخية أو مرويّات أصحاب أهل البيت^ والشخصيات التاريخية، رغم حضوره الصارخ في أمكنة وأحداث متعدّدة؟ ولماذا لم يتحدَّث أيّ شخصٍ عن هويّة سُلَيْم وحضوره في الأحداث المختلفة والمواقع الجغرافية؟

وعليه، لو اعتبرنا اسم سُلَيْم ـ لتصحيح هويّته التاريخية ـ اسماً مستعاراً، أو تصحيفاً عن مثل: سليمان بن قيس اليشكري، فهل يمكن العثور لهذا الاسم البديل، أو الشخصيات التاريخية البديلة الأخرى المماثلة لها، على شخصٍ بهذه الخصائص القصصية وسيرة الحياة، بحيث يتطابق مع المعطيات والمعلومات الوارد في الكتب المتوفِّرة والمنسوبة إلى سُلَيْم؟

3ـ هل كان سُلَيْم صحابيّاً أو تابعيّاً؟

في ضوء ما ورد من المعلومات في الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم بن قيس يتَّضح أن عمره عند رحيل النبيّ الأكرم كان 14 عاماً تقريباً، وحيث لم يكن متواجداً في المدينة المنوّرة لم يكن بمقدوره أن يكون صحابيّاً. كما لا يوجد تقريرٌ مباشر عن سُلَيْم بشأن لقائه أو تحاوره مع النبيّ الأكرم أو النقل عنه، الأمر الذي يؤيِّد القول بعدم كون سُلَيْم صحابيّاً.

وعليه يجب العمل على بيان تابعيّة سُلَيْم، وكذلك صحبته لأهل البيت؛ بمعنى أنه لو اتَّضح أن سُلَيْم بن قيس لم يكن على صلةٍ بأصحاب رسول الله فإن التقريرات الموجودة في روايته وكتبه سوف تكون موضع إشكالٍ وتأمُّل.

أـ حقيقة علاقة سُلَيْم بن قيس بأصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله)

يمكن بيان تابعيّة سُلَيْم بن قيس ضمن العناوين التالية:

1ـ الخاصّة من أصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله)

بغضّ النظر عن بعض التقريرات المباشرة لسُلَيْم عن أحداث صدر الإسلام، نجد أن الحجم الأكبر لرواياته تَرِدُ عن أربعةٍ من صحابة النبيّ|، وهم: سلمان، وأبو ذرّ، والمقداد، وابن عبّاس([5]). ومن ذلك مثلاً: كانت هناك علاقةٌ وثيقة بين سُلَيْم وسلمان الفارسي، وقد ألقى على سلمان أسئلةً متنوّعة، وحفظ أجوبته، وعمل على ضبطها وروايتها.

2ـ الإمام عليّ (عليه السلام)

إن الادّعاء المهم في الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم هو القول بأنه كان من خاصّة أصحاب الإمام عليّ، حيث نرى الكثير من الروايات والأحداث التي تدور حول الإمام عليّ تروى في هذه الكتب على لسان سُلَيْم. وحتّى في كتاب سُلَيْم هناك الكثير من الموارد التي تؤكِّد الارتباط الوثيق بين سُلَيْم والإمام عليّ([6])؛ بحيث كان لسُلَيْم حضورٌ حتّى في ساعات احتضار أمير المؤمنين وقراءة وصيّته.

وكذلك لو لم نقُلْ: إن جميع الروايات الموجودة في الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم تدور حول الإمام عليّ، فلا أقلّ من القول بأن 70% من الروايات الموجودة في المخطوطات ترتبط مباشرةً بالإمام عليّ والأحداث التي تدور حوله.

3ـ بنو هاشم وأبناء الإمام عليّ (عليه السلام)

إن ارتباط سُلَيْم بعموم بني هاشم، ولا سيَّما ابن عبّاس، جديرٌ بالملاحظة، حتّى لكأنّ بني هاشم كانوا يعتبرون سُلَيْماً واحداً منهم([7])، بل وفق بعض الروايات الموجودة في الكتب الحالية لسُلَيْم كان هناك لقاءٌ وتحاورٌ بين سُلَيْم وجميع أولاد الإمام عليّ. ومن ذلك مثلاً: إنه بعد استشهاد الإمام عليّ× أعاد نقل الحديث الذي سمعه منه إلى ولدَيْه الحسن والحسين’ في المدينة المنوّرة؛ ويذكر تأييدهما له في ختام الحديث. وكذلك بعد عقود من ذلك يلتقي بالإمام زين العابدين×، بحضور نجله الإمام الباقر×، وأعاد عليه ما سمعه من «جدّه وأبيه وعمّه»، وقد أيَّد الإمام الباقر أقوال سُلَيْم وكلام أبيه([8]).

ب ـ تأمُّلٌ وتحليل

أـ إن وضع ارتباط وتعامل سُلَيْم بن قيس مع أصحاب النبيّ الأربعة ـ الذين كان لهم النصيب الأوفر في نقل مرويات سُلَيْم ـ مُبْهَمٌ وغامض، وليس من الواضح ما إذا كان سُلَيْم قد التقى بهم حقّاً.

فمثلاً: يمكن طرح بعض الأسئلة حول ارتباط سُلَيْم بسلمان الفارسي، ومن تلك الأسئلة: إن سلمان قد تمّ تنصيبه عاملاً على المدائن في حدود عام 16هـ، وبقي هناك إلى آخر حياته، وعليه نقول: متى وأين أمكن لسُلَيْم أن يلتقي بسلمان؟! وهل يمكن التوفيق من الناحية المنطقية بين كيفية دخول سُلَيْم إلى المدينة المنوّرة وعمره وبين هذا اللقاء؟ ولو قيل: إن سُلَيْماً قد التقى بسلمان في المدائن فهل هناك شواهد تثبت أن سلمان الفارسي كان على قيد الحياة عند زيارة سُلَيْم للمدائن؛ ليكون هناك إمكانٌ لعقد هذا اللقاء؟

وبغضّ النظر عن هذه النقطة بالغة الأهمية، ليس هناك أيّ تقرير في المصادر الأخرى وأقوال أصحاب النبيّ الأكرم أو أهل البيت يثبت أن سُلَيْم بن قيس كان على صلةٍ بأصحاب رسول الله أو الإمام عليّ.

ب ـ على الرغم من أن تواصل سُلَيْم مع الإمام عليّ ملحوظٌ في كتاب سُلَيْم على نطاقٍ واسع جدّاً، لكننا لا نجِدُ ذكراً لاسم سُلَيْم بن قيس في أيّ كلامٍ أو روايةٍ للإمام عليّ. ومن ناحيةٍ أخرى فإن مختلف أصحاب الإمام لم يُشيروا بدَوْرهم إلى وجود سُلَيْم أو دَوْره في أحداث صدر الإسلام. وبعبارةٍ أوضح: إن وجود شخصية سُلَيْم بن قيس مفقودٌ في تاريخ أحداث وسيرة الإمام عليّ، ولا نرى له أيّ أثرٍ في البين؛ ليدعم كونه واحداً من الصحابة.

بل لا نرى اسمَ سُلَيْم بن قيس حتّى في المصادر التاريخية التي تمّ تأليفها حول الأحداث والوقائع والحروب التي حدثَتْ في عصر الإمام عليّ، وكأنّه لم يكن هناك من وجودٍ خارجيّ لشخص باسم سُلَيْم بن قيس (سواء أكان اسماً حقيقيّاً أو مستعاراً) في تاريخ حياة الإمام عليّ وأبنائه وبني هاشم([9]).

4ـ تعامل سُلَيْم مع الوقائع

قد يكون لشخصٍ وجودٌ حقيقيٌّ في التاريخ، وتكون مراحل حياته منسجمةً مع وقائع صدر الإسلام من الناحيتين الزمانيّة والمكانيّة، ويكون صحابيّاً أو تابعيّاً أيضاً، ومع ذلك لا تكون له مساهمةٌ أو مشاركةٌ في أحداث صدر الإسلام. ومن هذه الناحية، ومع افتراض المسائل المتقدّمة حول شخص سُلَيْم بن قيس، يجب العمل على بحث حضور سُلَيْم وتعامله مع أحداث صدر الإسلام.

أـ التقرير المباشر للوقائع المهمّة

يكفي مجرّد نظرةٍ إجمالية إلى محتوى روايات الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم لندرك بوضوحٍ كبير أن سُلَيْم بن قيس كان له حضورٌ كبير في وقائع عصر الإمام عليّ.

وبالإضافة إلى التقريرات الصادرة عن سُلَيْم بالواسطة حول الوقائع المهمّة، من قبيل: «غدير خمّ، والسقيفة، والهجوم على بيت الوَحْي، وإحراق دار فاطمة÷»، هناك لسُلَيْم تقريراتٌ مباشرة عن بعض خطب وكتب الإمام عليّ، وحتّى وصيته أيضاً.

والأهمّ من ذلك كلّه أن سُلَيْم بن قيس كان له حضورٌ في الحروب الثلاثة في عهد الإمام عليّ، وهي: الجمل؛ وصفّين؛ والنهروان، وروى تقريرات دقيقة وتفصيلية عن حوارات وأحداث هذه الحروب بشكلٍ مباشر.

كما أن حضور سُلَيْم في الوقائع الأخرى ملحوظٌ أيضاً؛ فقد روى «خطبة عمرو بن العاص، وأحداث أهل الشام في المطالبة بالثأر لعثمان»، بل روى «محتوى بعض الرسائل السرّية لمعاوية» بشكلٍ مباشر، حتّى كأنّ سُلَيْم بن قيس كان له حضورٌ مباشر في الجناحين المتخاصمين، ولذلك كان بمقدوره أن يطَّلع بسهولة على بعض المطالب والمواقع السياسية والقتالية في وقتٍ واحد.

ب ـ الإيراد العامّ

ما تقدَّم من مواطن الغموض والإشكال في العنوان السابق يمكن بيانه في هذا الموضع أيضاً، ومن أهمّ هذه الإشكالات: لماذا لا نجد في المصادر التاريخية المتقدّمة ـ حول وقائع وأحداث وحروب عصر الإمام عليّ، وأحداث صدر الإسلام ـ أيّ ذكر لسُلَيْم بن قيس أو حضور شخصٍ بهذه المواصفات (الموجودة في الكتب المنسوبة إليه)؟

5ـ الوضع العلميّ والثقافيّ لسُلَيْم

لو غضَضْنا الطرف عن جميع الإشكالات السابقة، وسلَّمْنا بأن سُلَيْم بن قيس شخصيّةٌ حقيقيّة، وأنه كان من أصحاب الإمام عليّ، وكان له حضور في الأحداث المهمة في خلافته، فسوف تحظى هذه المسألة بأهمِّية بالغة، وهي: كيف تمّ تدوين تقريرات سُلَيْم؟

أـ كيفيّة تدوين كتاب سُلَيْم

هنا أمامنا حالتان حول تأليف روايات سُلَيْم، وهما:

أ ـ أن يكون سُلَيْم بن قيس هو الذي قام بكتابة الوقائع والتقارير حول صدر الإسلام، وفي هذه الحالة يجب أن يكون سُلَيْم شخصاً متعلِّماً، ويتقن القراءة والكتابة.

ب ـ أن يكون سُلَيْم بن قيس قد نقل هذه التقريرات إلى شخصٍ آخر مشافهةً، وقام هذا الشخص بتدوين هذه الوقائع المنقولة من قِبَل سُلَيْم.

إن ما ورد في ديباجة الكتاب المنسوب إلى سُلَيْم يثبت أن سُلَيْم بن قيس قد أعطى أبان بن أبي عيّاش كتاباً جاهزاً سبق له أن أتمّ تأليفه. وقد جاء في هذه الديباجة: «يا أبان… إن عندي كتباً، سمعتُها عن الثقات، وكتبتُها بيدي… وإني همَمْتُ حين مرضْتُ أن أحرقها، فتأثَّمْتُ من ذلك، وقطعْتُ به. فإنْ جعلْتَ لي عهد الله ـ عزَّ وجلَّ ـ وميثاقه أن لا تخبر بها أحداً ما دُمْتُ حيّاً… وإنْ حدث بك حَدَثٌ أن تدفعها إلى مَنْ تثق به من شيعة عليّ… فضمنْتُ ذلك له، فدفعها إليّ وقرأها كلّها عليّ… فنظرت فيها بعده فقطعْتُ بها».

ب ـ ملاحظاتٌ وإشكالات

بغضّ النظر عن هذه النقطة المهمّة، وهي أن جميع مراحل حياة سُلَيْم بن قيس قد تزامَنَتْ مع مرحلة منع رواية وكتابة الحديث من قِبَل عُمَر([10])، هناك عدّة إشكالات حول كتابة الحديث من قِبَل سُلَيْم:

أـ لم يُعْلَم في الأساس ما إذا كان سُلَيْم بن قيس قادراً على القراءة والكتابة أم لا؟ أو أين تعلَّم القراءة والكتابة؟ هل كان ذلك في الكوفة أيّام صباه، أو في المدينة المنوّرة عندما كان في عمر الشباب؟ إذ كان عدد الأشخاص الذين يعرفون القراءة والكتابة في صدر الإسلام محدوداً جدّاً([11])؛ وإن أغلب الأشخاص الذين كانوا يتمكَّنون من القراءة والكتابة كان يتمّ توظيفهم في أعمال التدوين ومؤسّسات الحكم والدولة.

وكذلك لم يتّضح ما إذا كان سُلَيْم قادراً على قراءة وكتابة الخطّ العربي أو كان يتقن الخطّ الفارسي الساساني الوسيط (في منطقة ولادته) فقط؟

وذلك لأن لغة وخطّ السكّان في العراق إلى ما قبل مجيء الحجّاج بن يوسف الثقفي سنة 75هـ لم يكن عربياً، وإن الحجاج هو الذي استبدل اللغة الفارسية الوسيطة ـ التي كانت هي اللغة الرسميّة في العراق ـ باللغة والخطّ العربي، وحَوَّل لغة الدواوين في العراق من الفارسية إلى العربية أيضاً.

وأما الأهمّ من النقطة السابقة فهو: هل كان سُلَيْم يمتلك إمكانية تدوين وكتابة الأحاديث الطويلة جدّاً في المرحلة الإسلامية الأولى، أي في عصر النبيّ (حيث كانت إمكانات الكتابة بدائيّةً ومحدودةً جدّاً)؟ وهل كان بمقدوره أن يحمل أدوات الكتابة في أسفاره المتعدِّدة؟

ب ـ بغضّ النظر عن هذه المسألة، فحتى على الاحتمال الآخر (وهو أن يكون شخصٌ آخر هو الذي تولّى كتابة روايات سُلَيْم) يجب أن يتمّ تحديد ذلك الشخص، والفترة الزمنية التي تمّ فيها تدوين الأقوال التي حصل عليها من سُلَيْم مشافهةً، ثمّ وصلَتْ هذه المكتوبات إلى أبان بن أبي عيّاش.

6ـ انتقال آثار سُلَيْم والتماهي فيما بينها

لو افترَضْنا أن سُلَيْم بن قيس كان يمتلك جميع المؤهِّلات الآنف ذكرُها، وأنه بالإضافة إلى ذلك قد ألَّف كتاباً روائياً أو تأريخياً في القرن الهجريّ الأول، يجب العمل بعد ذلك على بيان كيفيّة انتقاله واستنساخه.

أـ التاريخ المضطرب للانتقال الأوّلي للكتاب

طبقاً لحكاية الديباجة الواردة في النسخ المسندة للكتب المنسوبة إلى سُلَيْم، نجد كيفية الانتقال الأولي لكتاب سُلَيْم على نوعين؛ بمعنى أنه ورد في بعض النسخ أن نسخة الكتاب قد انتقلت من أبان بن أبي عياش إلى عمر بن أُذَيْنة؛ وفي بعض النسخ أن هذا الانتقال كان إلى معمّر بن راشد؛ وفي بعض النسخ ورد اسم معمّر بن راشد في بداية الحكاية، واسم عمر بن أُذَيْنة في نهايتها.

ب ـ التماهي بين النُّسَخ الموجودة وبين كتاب سُلَيْم

وبغضّ النظر عن الملاحظات الواردة على الانتقال الأوّلي لكتاب سُلَيْم، يجب إيضاح حالة «التماهي» بين الروايات الموجودة لسُلَيْم والمخطوطات المتوفّرة للكتاب المنسوب إلى سُلَيْم وبين الروايات والكتاب الحقيقي لسُلَيْم في القرن الهجري الأوّل. وبعبارةٍ أخرى: لو افترضنا أنه كان لسُلَيْم روايات وكتاب في القرن الهجري الأول فمن أين وكيف لنا أن نعلم الآن أن هذا المتن والمضمون الموجود بين أيدينا هو ذات ذلك المتن والمحتوى الحقيقي لكتاب سُلَيْم في القرن الأوّل؟! أي إنه من الممكن أن سُلَيْم بن قيس كانت لديه رواياتٌ، وكان له كتابٌ قد تلف، ثمّ قام الآخرون في القرون اللاحقة بتأليف رواياتٍ وكتابٍ جديد باسم سُلَيْم، وقاموا بنشره وتعميمه.

وعلى هذا الأساس، تجب الإجابة عن هذا السؤال بوضوحٍ: كيف نعلم أن الروايات المتوفِّرة لدينا أو الروايات الموجودة عن سُلَيْم في مصادر القرن الهجريّ الرابع هي ذات روايات أو كتاب سُلَيْم بن قيس التي تنتمي إلى القرن الأوّل؟!

ج ـ نظراتٌ وإشارات

أـ في البداية علينا أن نعلم مَنْ هو الشخص الذي حصل على نسخة كتاب سُلَيْم من أبان؛ إذ إن تاريخ انتقال الكتاب في المخطوطات مشوَّشٌ، وإن محتوى القصة على ما هو عليه من التناقض في توجيه الخطاب إلى الشخصين المتلقّيين موضع تأمُّلٍ وإشكال.

وبغضّ النظر عن هذا الأمر، إذا لم نستطع إثبات أن أبان بن أبي عياش قد أعطى كتاب سُلَيْم لشخصين ـ وهما: معمّر بن راشد؛ وعمر بن أُذَيْنة ـ بأدلّةٍ متقنة فهذا يعني أن روايات كتاب سُلَيْم كانت في ثلاث طبقات منها ـ في الحدّ الأدنى ـ من أخبار الآحاد.

ب ـ حيث لا يوجد لروايات سُلَيْم وكتابه حضورٌ صارخ وملحوظ في المصادر الأخرى، وهناك القليل من الروايات المنسوبة إلى سُلَيْم في المصادر الأولى، لا يمكن لنا تطبيق الكمّ الكبير للروايات المنسوبة إلى سُلَيْم مع متن ومضمون الروايات المنسوبة إليه في المصادر الأولى؛ لكي يتمّ تشخيص التماهي بينها بشكلٍ دقيق؛ أي إن 80% من متن روايات النسخ المتوفّرة لسُلَيْم لا توجد في متن روايات سُلَيْم في المصادر الأولى.

ج ـ وبغضّ النظر عن هذا كلّه، وحيث إن ما يتوفّر حالياً من المخطوطات المنسوبة إلى سُلَيْم زاخرةٌ بالاضطراب والتشويش، وتحتوي على نماذج مختلفة (بحيث إنها لا تحتوي حتّى على حديثٍ واحد مشترك)، لا يمكن بحث وتأييد «التماهي» بين متن الروايات المتوفِّرة وبين الروايات الحقيقية والأصلية في القرن الأول بسهولةٍ.

7ـ المطالعة النهائيّة

أمامنا الآن سلسلةٌ من الإشكالات وموارد الغموض الجادّة حول حقيقة «الوجود والهويّة التاريخية، والرقعة الجغرافية لحياة سُلَيْم، وكونه صحابيّاً، وتعامل سُلَيْم بن قيس مع الأحداث»، وكذلك «كيفيّة الكتابة، وانتقال وتماهي الروايات والكتب المنسوبة إلى سُلَيْم». وبذلك يتعيَّن على الباحثين أن يدرسوا هذه المسائل بشكلٍ دقيق، أو يجب القيام في الحدّ الأدنى بتحقيقاتٍ جادّة حول التعريف بالمؤلِّف والجذور التاريخية للكتب المنسوبة إلى سُلَيْم.

ولكنْ يمكن القول في هذا الشأن على نحو الإجمال:

أـ بالنظر إلى الشواهد الآثارية، والعلامات الشكليّة والفيزيقيّة، يمكن إرجاع تاريخ تأليف الكتب المتوفّرة حالياً والمنسوبة إلى سُلَيْم إلى ما يقرب من عام 343هـ (تاريخ أحوال الرواة المتأخِّرين) وإلى عام 577هـ (عام توفّر مخطوطة كتاب الغيبة المشتملة على روايات سُلَيْم)، أي إنه لا يوجد لدينا حالياً دليلٌ ملموس يثبت أن الكتب المتوفِّرة لسُلَيْم تعود إلى ما بين عامي 343 و577هـ، إلاّ إذا عثرنا على شواهد جديدة.

ب ـ ومن ناحيةٍ أخرى، فإن شواهد، من قبيل: الرقعة الجغرافية للرواة المتأخّرين للكتاب المنسوب إلى سُلَيْم، ونقل ونشر أحاديثهم في منطقة الشام، وموقع سلمان عند النصيرية، والفِرَق المماثلة لها، وتضخيم دَوْر سلمان في الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم؛ وكذلك تناغم موضوعات كتاب سُلَيْم مع مشارب النصيرية والفِرَق المماثلة لها؛ وكذلك تزامن مرحلة تأليف كتاب سُلَيْم مع مرحلة ازدهار النصيرية والفِرَق المشابهة لها؛ وبطبيعة الحال الارتباط بين النعماني والنصيرية بتأليف كتاب الغيبة وحواشي أحاديث سُلَيْم؛ وكذلك شواهد عن ارتباط النصيرية والفِرَق المماثلة لها بالعبّاسيين؛ ومن ناحيةٍ أخرى تأييد العباسيين في الروايات المنسوبة إلى سُلَيْم، يمكن لها بأجمعها أن تثبت أن الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم تنتمي إلى منطقة الشام، والقول بأنها من تراث النصيرية أو الفِرَق المشابهة لها.

ج ـ وكذلك، حيث كانت هناك جهودٌ كبيرة في العصر الصفوي في إطار الإعداد للمصادر الشيعية الروائية، وأدّى توفُّر الإمكانات المالية والسياسية وسهولة عمليات الشحن والنقل وطرق التواصل بين المجتمعات الشيعيّة في إيران والعراق والشام إلى إعداد وجمع المزيد من المخطوطات الشيعية، فقد شكّل هذا الأمر أرضيّةً جديدة لتعرُّف علماء الإمامية على بعض التراث المهجور في الأقطار الأخرى. ومن هنا يبدو أن العلماء الإمامية في إيران قد حصلوا على نسخٍ من الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم في هذه المرحلة من الحقبة الصفوية.

وبعبارةٍ أخرى: رُبَما كانت هناك نُسَخ من هذه الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم في مناطق الشام عند علماء جبل عامل، وانتقلَتْ بواسطتهم إلى إيران والعراق، وأصبحت في متناول علماء الشيعة في المرحلة الصفوية، وظهرَتْ في كتبهم (من قبيل: بحار الأنوار وغيره). وسوف تقوى هذه النظرية عندما ندرك أن النسخ القديمة لكتب سُلَيْم، والتي تمّ تحريرها قبل العصر الصفوي، لم يَعُدْ لها من وجودٍ. ومن ناحيةٍ أخرى، حيث لم يكن العلماء في العصر الصفوي على معرفةٍ كاملة بالفِرَق الغالية وآثارهم، فإنهم على الرغم من عثورهم على الكثير من الأحاديث والروايات في هذه الكتب، ولم تكن أسانيد الكثير منها معروفةً لهم، ولكنْ بالنظر إلى أنهم قد رأوا مضامين بعض هذه الروايات في الكتب الأخرى للمتقدِّمين من علماء الشيعة؛ وكذلك شغفهم بالترويج للروايات الولائية، فقد عملوا على رعاية ونشر هذه الآثار الغالية، ومن بينها: الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم([12]).

الفصل الثاني: تبويب وتصنيف الروايات المنسوبة إلى سُلَيْم

إن الروايات المنقولة عن سُلَيْم بن قيس ـ سواء من حيث المتن والموضوع أو الإسناد ـ ليست على وتيرةٍ واحدة، وإذا لم يتمّ الالتفات إلى هذا الأمر المهم فإن نتائج دراسة شخصية سُلَيْم، وكذلك دراسة كتابه وما يحيط بحياته، سوف تتعرّض لانحرافٍ كبير. وعليه من المناسب أن نضع نصب أعيننا بعض المعلومات حول اختلاف وتنوّع روايات سُلَيْم، على نحو الإجمال.

1ـ روايات المصادر الأولى

نهدف في هذا القسم إلى بيان أعداد ومعرفة المصادر المتقدّمة التي يُحتَمَل العثور فيها على روايات لسُلَيْم بن قيس أو بعض المعلومات الخاصّة به. وعلى هذا الأساس، وعلى نحو الإجمال، وبغضّ النظر عن إمكان البحث في جميع الكتب الروائية حول سُلَيْم، يبدو؛ بالنظر إلى موضوعات الكتاب الراهن لسُلَيْم، أن من الأفضل أن نبحث عن الروايات المنسوبة إلى سُلَيْم في الكتب التاريخيّة والكلاميّة وكتب الفضائل والمطاعن وما شاكل ذلك.

أـ روايات المصادر الكلاميّة والتاريخيّة حتّى القرن السادس الهجريّ

في مجموعةٍ من ستّين عنواناً من الكتب التي تنتمي إلى القرون الثالث والرابع والخامس الهجريّة (في الموضوعات الكلامية والتاريخية للمؤلفين الشيعة) لم نجِدْ سوى خمسة عشر كتاباً (أصليّاً أو مستصلحاً) يشتمل على نقلٍ عن سُلَيْم بن قيس؛ وهي: الغارات، وبصائر الدرجات، والمسترشد في الإمامة، ومناقب الإمام أمير المؤمنين، والإمامة والتبصرة من الحيرة، وفضائل أمير المؤمنين، وكتاب الغيبة، وشرح الأخبار، والاعتقادات، وكمال الدين، وكفاية الأثر، ومئة منقبة، والشافي في الإمامة، وتقريب المعارف، وكتاب الغيبة، وعيون المعجزات.

جدول الوضع الإجمالي للكتب التاريخية والكلامية في القرون 3 و4 و5هـ بالنسبة إلى سُلَيْم

كما توجد شبه رواية مقتضبة برواية سُلَيْم في كتاب الغارات، ولم يتضح بالتحديد أيّ سليمٍ رواها، وإنْ أمكن اعتباره سُلَيْم بن قيس؛ بالنظر إلى بعض القرائن. ويوجد هناك حديث عن سليم الشامي في كتاب بصائر الدرجات والاختصاص (وقد يكون نقله عن البصائر)؛ حيث متن الحديث يشبه بعض روايات سُلَيْم بن قيس؛ بَيْدَ أن إسناد الحديث فيه يختلف عن سائر الأسانيد الأخرى لسُلَيْم بن قيس.

وعلى هذا الأساس، لو اعتبرنا جميع الروايات الموجودة في هذه المصادر هي لسُلَيْم بن قيس فإنها سوف تشتمل على ما مجموعه 37 + 2 (39) حديثاً مكرّراً وغير مكرّر عن خمسة عشر عنواناً لكتاب من القرون الثالث والرابع والخامس الهجريّة، نقلاً عن سُلَيْم بن قيس؛ ويبقى هناك 44 كتاباً لا يشتمل على أيّ إشارةٍ إلى سُلَيْم وكتابه.+

وكذلك هناك من بين 37 + 2 حديثاً منقولاً عن سُلَيْم (مع احتساب حديث سليم الشامي وسليم مجرّداً)، في هذه العناوين الخمسة عشر للكتب الكلامية والتاريخية للشيعة من القرن الثالث إلى القرن الخامس الهجريّ، والتي تختص بموضوع كتاب سُلَيْم، يوجد ما مجموعه 22 + 1 حديثاً غير مكرّر من القرون الثالث والرابع والخامس الهجريّة، أي إنه في الكتب المرتبطة بموضوع الكتاب الراهن لسُلَيْم لم يُنْقَل عن سُلَيْم طوال خمسة قرون سوى 23 حديثاً، وأكثرها لا صلة له بكتاب سُلَيْم([14]).

ب ـ إحالات محقِّق النُّسخة المطبوعة لكتاب سُلَيْم إلى المصادر الأولى

إذا ما استثنينا دراسات الكتب التاريخية والكلامية التي تقدَّم ذكرها، فقد عمد فضيلة الأستاذ محمد باقر الأنصاري ـ محقِّق طبعة كتاب سُلَيْم بثلاثة مجلدات ـ إلى القيام بهذه الإحالات لروايات طبعة سُلَيْم إلى المصادر الأولى، التي تشمل الكتب الروائية غير الكلامية والتاريخية أيضاً:

وبطبيعة الحال فإن هذه الإحالات في تحقيق الأستاذ الأنصاري كانت بحيث لو أن عدّة أسطر من حديثٍ يستغرق ـ مثلاً ـ عشرين صفحة من الكتاب الراهن لسُلَيْم بن قيس كانت موجودةً في مصدرٍ ما فإنه يحيل الحديث بأجمعه إلى ذلك المصدر، وبذلك فقد وقع نوعٌ من التدليس في إحالاته، وإن المتون المحالة لا تدعم جميع متون ومضامين الروايات الموجودة في الكتب الراهنة لسُلَيْم.

2ـ إشكالاتٌ  على روايات المصادر الأولى

إن بعض النقاط الجديرة بالملاحظة حول روايات سُلَيْم في المصادر المتقدِّمة هي:

أـ هناك القليل من الأحاديث المنسوبة إلى سُلَيْم في المصادر المتقدّمة، الأمر الذي من شأنه أن يثبت أن الروايات المنسوبة إلى سُلَيْم إمّا لم تحْظَ باهتمام علماء الشيعة، أو أن هذه الروايات لم تكن متوفّرةً لديهم من الأساس.

ب ـ إن للروايات المنسوبة إلى سُلَيْم في الغالب حضورٌ في المصادر التي تقع مورداً للنقاش؛ أي إن هذه المصادر ـ مثلاً ـ موضع بحثٍ ونقاش في ما يتعلَّق بانتساب الأثر إلى المؤلِّف، وتاريخ الأثر، أو مذهب المؤلِّف، وما إلى ذلك.

ج ـ إن أكثر روايات سُلَيْم في الكتب المذكورة في هذه القرون تدور حول محور الأخلاق والفضائل، أو عدد الأئمّة وإمامتهم، والفقه. وإن مطاعن ومثالب الخلفاء أو تاريخ الأحداث الخاصّة (من قبيل: السقيفة وما إلى ذلك) ـ التي نشاهدها في الكتب الراهنة لسُلَيْم بكثرةٍ ـ لا توجد في كتب هذه القرون، على الرغم من أن الكثير من مطالب وموضوعات الكتب التاريخية والكلامية المذكورة ترتبط بموضوعات الكتب الراهنة لسُلَيْم.

د ـ من زاوية التطابق المتني بين أحاديث سُلَيْم في المصادر المتقدّمة والكتب الراهنة لسُلَيْم لا يخلو الأمر من عدّة حالاتٍ أيضاً؛ فإن بعض الأحاديث الموجودة في المصادر الأولى لا توجد في الكتاب الراهن لسُلَيْم؛ وفي بعضٍ آخر يوجد قسمٌ من مضمون هذه الروايات، مع اختلافٍ كبير في العبارات في أجزاء من الأحاديث الراهنة لكتب سُلَيْم؛ إذ إن روايات كتب سُلَيْم طويلة جداً وتفصيلية، بحيث قد تستغرق ما بين عشر صفحات إلى عشرين صفحة، ومن ذلك مثلاً أن هذه الأحاديث قد وردت في كتاب بصائر الدرجات والمسترشد في حدود بضعة أسطر مقتضبة أو قصيرة، وإن حديث المسترشد هو وحده الذي يستغرق ما بين صفحتين إلى ثلاث صفحات. وعليه فإن الأحاديث الراهنة في كتب سُلَيْم تشتمل على إضافات كثيرة جدّاً بالقياس إلى هذه المضامين الموجودة في المصادر الأولى.

هـ ـ من خلال التحقيقات المبذولة في أسناد سُلَيْم بن قيس في المصادر المتقدّمة (بغضّ النظر عن الروايات الخمسة لمعمّر عن سُلَيْم في كتاب الغيبة للنعماني، التي هي ليست من المؤلِّف، وإنما تسلَّلت في المراحل اللاحقة من الهامش إلى المتن)، يبدو أن أسناد وطرق سُلَيْم بن قيس في المصادر الأولى منقولةٌ بأجمعها بواسطة شخص عمر بن أُذَيْنة؛ وإن الإسناد الذي يبدو في ظاهره عن شخصٍ غير ابن أُذَيْنة يعاني بأجمعه من سقطٍ في السند (ومن ذلك مثلاً: أسناد سُلَيْم في كتاب الكافي، حيث سقط اسم عمر بن أُذَيْنة من بين بعض الأسانيد).

3ـ الأحاديث الموجودة في نماذج النُّسَخ المخطوطة الراهنة

سوف نتحدَّث لاحقاً حول أنواع نماذج النسخ المخطوطة لكتاب سُلَيْم؛ ولكن يجدر بنا القول هنا على نحو الإجمال: إن هذه الأحاديث في الكتب الراهنة المنسوبة إلى سُلَيْم، الموجودة في النسخة المطبوعة للأنصاري، تشتمل من الروايات في الحدّ الأدنى على ستّة نماذج من النماذج الثمانية في النسخ المخطوطة المنسوبة إلى سُلَيْم؛ أي حوالي ثمانية أحاديث في النموذج 1، وحوالي 32 حديثاً في النموذج 2، وحوالي 22 حديثاً في النموذج 3، وحوالي 42 حديثاً في النموذج 4، وحوالي 47 حديثاً في النموذج 5، و48 حديثاً في النموذج 7، ومع حذف المتكرِّر هناك ما يقرب من سبعين رواية في النُّسَخ المخطوطة للكتب المنسوبة إلى سُلَيْم، وقد تمّ جمعها مرّةً واحدة في طبعة الأنصاري.

أـ حجم روايات النُّسَخ المخطوطة

إن الأحاديث الموجودة في النُسَخ المخطوطة الراهنة، كلها ـ بغض النظر عن بعض الاستثناءات القليلة ـ من الأحاديث الطويلة؛ حيث تقدّم حجماً كبيراً للمتن، انظر على سبيل المثال: إلى حجم بعض الروايات في النموذج أدناه:

الحجم التقريبي لروايات مخطوطات الكتب الراهنة لسُلَيْم

ب ـ فهرسة موضوعات روايات النُّسَخ المخطوطة

إن الفهرسة الغالبة على الموضوعات الكلية للكتب المنسوبة إلى سُلَيْم هي: ردّة أصحاب النبي| بعد رحيله (باستثناء سلمان وأبي ذرّ والمقداد والزبير)، ونبوءة النبيّ والإمام عليّ بشأن الحكم والجَوْر الأموي على الشيعة، والتأكيد على أفضلية أهل البيت على سائر الصحابة، ووصية النبي بأهل بيته، والتأكيد على مسألة الصحيفة الملعونة، وقضية العقبة، وحديث التابوت، وتدوين وجمع القرآن من قِبَل الإمام عليّ، وموقف الإمام عليّ من جمع القرآن من قِبَل عمر وعثمان، وبيان مبتدعات الخلفاء الثلاثة، وبعض أحداث خلافة عمر وعثمان، وكذلك وقائع حكم الإمام عليّ، من قبيل: حرب صفين، وتصريح النبيّ بعدد الأئمة والتعريف بهم، وتوصيف الإيمان والإسلام، وبيان اعتصام بني هاشم وأصحاب الإمام عليّ في منزله، وحادثة حرق باب السيدة فاطمة الزهراء وضربها، وطريقة أخذ الإمام عليّ إلى المسجد وأخذ البيعة منه، واعتبار كتاب سُلَيْم وتأييده من قِبَل أهل البيت، وأمر أبي بكر لخالد بن الوليد بقتل الإمام عليّ، وبيان تفاصيل سقيفة بني ساعدة، وموقف أصحاب الإمام عليّ، وكفر الشيخين، وبقائهما على الوثنية، وتقرير بعض كلمات وخطب الإمام عليّ، وأحاديث النبيّ في الوصيّة والولاية للإمام عليّ بعده مباشرةً، والتعريف بالإمام المهديّ، وأنه التاسع من ذرِّية الإمام الحسين([15]).

4ـ نظراتٌ نقديّة في روايات النُّسَخ المخطوطة

إن الروايات الموجودة في النُّسَخ المخطوطة المنسوبة إلى سُلَيْم يمكن دراستها أو نقدها من جهاتٍ متعدّدة. وفي ما يلي نُشير إلى بعض الأمثلة:

أـ في الشكل والعَدَد

ـ لا يخلو أمر الروايات الطويلة من أن تكون تجميعاً لعددٍ من الروايات الأصغر حجماً؛ أو أن تكون مختلقةً من الأساس.

ـ إن عدد الروايات في النُّسَخ المخطوطة ليس على نَسَقٍ واحد، وهي تتراوح في تغيُّرها ما بين سبعة إلى ثمانية وأربعين رواية. وسيأتي شرح ذلك في الفصول القادمة.

ـ بالإضافة إلى الاختلاف في عدد وترتيب الروايات الموجودة في النُّسَخ المخطوطة المنسوبة إلى سُلَيْم، فإن متن الروايات المتماثلة في النُّسَخ يحتوي بدَوْره على الكثير من الاختلافات الجزئية والكليّة. وعلى سبيل المثال: إن هذه الفقرة التاريخية المهمّة والمصيرية للغاية من الحديث الرابع (طبقاً لترقيم النسخة المطبوعة) لا توجد في النسخة المخطوطة الأقدم (918هـ): «… فغضب عمر وقال: ما لنا وللنساء، ثم أمر أناساً حوله فحملوا حزم الحطب، وحمل عمر معهم، فجعلوه حول منزله، وفيه علي وفاطمة وابناهما، ثمّ نادى عمر (حتى أسمع علياً وفاطمة’): والله لتخرجنّ، يا عليّ، ولتبايعنّ خليفة رسول الله، وإلا أضرمتُ عليك بيتك النار، فقالت فاطمة÷: يا عمر، ما لنا ولك؟ فقال: افتحي الباب، وإلا أحرقنا عليكم بيتكم، فقالت: يا عمر، أما تتّقي الله، تدخل عليَّ بيتي؟! فأبى أن ينصرف، ودعا عمر بالنار، فأضرمها في الباب، ثم دفعه، فدخل…»([16]).

ـ إن روايات النُّسَخ المخطوطة المتوفِّرة لم تقع مورداً لاستفادة العلماء والمؤلِّفين بشكلٍ مباشر من هذه المخطوطات لما يقرب من ستّة قرون في الحدّ الأدنى، ولم يتمّ الاهتمام بها إلاّ في عصر المجلسي، ومنذ ذلك الحين تقريباً أخذَتْ تجد طريقها إلى الكتب المتأخِّرة.

ـ كما ذكَرْنا في العنوان السابق، هناك اختلافٌ كبير بين روايات النُّسَخ المخطوطة وبين الروايات الموجودة في المصادر الأولى.

ب ـ في المتن والمضمون

يمكن النظر إلى ما تفرَّد به كتاب سُلَيْم من عدّة زوايا، ومن ذلك، على سبيل المثال: أوّلاً: هناك مفردات تشتمل على مطالب لم يتمّ نقلها أوّل مرّةٍ إلا في كتاب سُلَيْم، ولكنْ توجد لها نظائر في الكتب الروائية والتاريخية الأخرى المتقدّمة أو المعاصرة أيضاً. وثانياً: المفردات التي لا توجد إلاّ في كتاب سُلَيْم، ولم يتمّ نقلها حتى الآن في غير كتاب سُلَيْم، وغير النقل عن هذا الكتاب. وبطبيعة الحال يمكن لكلٍّ من هذين النموذجين أن يكون شاملاً لروايات كاملة أو قضايا موجودة في رواية واحدة.

في بحث روايات الكتاب الراهن والجديد لسُلَيْم (المشتمل على سبعين حديثاً) لا تقع المفردات من النوع الأوّل مورداً للبحث والنقاش، ومقدارها قليل جداً. إنما الذي وقع مورداً لاهتمام العلماء والمحقِّقين هو المفردات الخاصّة لسُلَيْم، وهي كثيرة بالقياس إلى حجم الكتاب، وبغضّ النظر عن الروايات الكاملة فهي تشمل القضايا المبثوثة ضمن الأحاديث أيضاً.

وبمعزلٍ عن الروايات المفردة عن سُلَيْم، والتي لم يتمكَّن محقِّق طبعة سُلَيْم (ذات المجلدات الثلاثة) من العثور على مصادر متقدّمة لها، فاضطر إلى إحالتها إلى المصادر المتأخِّرة، مثل: بحار الأنوار، فإن فهرسة القليل من مفردات الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم كما يلي:

«1ـ روايات الأئمة الاثني عشر (والتي لم يذكر فيها ـ بطبيعة الحال ـ سوى أسماء خمسة من الأئمّة فقط).

2ـ البراءة من الشيخين وبعض الصحابة الذين يحتمل فيهم أن يكونوا قد شاركوا في إعداد الصحيفة الملعونة، تبعاً لمنهجهم الفكري.

3ـ الروايات الخاصّة بحرق بيت السيدة فاطمة الزهراء.

4ـ رواية (ارتدّ الناس إلاّ ثلاث).

5ـ عدم إيمان الشيخين.

6ـ حضور إبليس في السقيفة على شكل شيخٍ نجديّ، بوصفه أول رجلٍ يبايع أبا بكر.

7ـ بعض مسائل المهدوية.

8ـ جزئيات السقيفة.

9ـ قضيّة اعتصام بني هاشم.

10ـ مؤامرة قتل الإمام عليّ على يد خالد بن الوليد.

11ـ بيان حكاية في بيان مثالب الخلفاء (من قبيل: إعطاء عمر لأبي موسى الأشعري ـ والي البصرة ـ حبلاً بطول خمسة أشبار؛ ليقيس بها طول الفرس، فمَنْ زاد طوله على هذا الحبل عمد إلى تقصيره بما يتناسب وطول الحبل)([17]).

12ـ نصيحة محمد بن أبي بكر أباه، ولم يتجاوز عمره سنتين.

13ـ دولة الخلفاء الضالّين الاثني عشر بعد رسول الله|، وبداية دولة العدل بعدهم.

14ـ أفضلية النبيّ الأكرم، والسيدة فاطمة، والإمام عليّ، والإمام الحسن، والإمام الحسين، والإمام المهديّ، وحمزة، وجعفر (الأمر الذي يشير إلى عدم ذكر أسماء وأفضلية جميع الأئمّة في تلك الحقبة).

15ـ ادّعاء رؤية وتأييد كتاب سُلَيْم من قِبَل الأئمّة زين العابدين والباقر والصادق، في مقدّمته.

16ـ ذكر محاسن كتاب سُلَيْم»([18]).

«17ـ أوائل المبايعين لأبي بكر.

18ـ تلقيب أبي بكر بـ (أمير المؤمنين).

19ـ عمر بن الخطّاب بابٌ من أبواب جهنم.

20ـ إخبار عثمان بارتداد وقتل الزبير.

21ـ دَوْر عثمان في تسميم وقتل عبد الرحمن بن عوف.

22ـ فرقة السامرة.

23ـ استثناء قنفذ من دفع الغرامة.

24ـ كتاب عمر إلى جميع عمّاله بشأن حكم الجُنُب.

25ـ تعامل عمر مع ابن وبرة على خلاف السنّة.

26ـ قتل المسجع على يد رسول الله|.

27ـ خطبة أمير المؤمنين قبل حرب صفّين.

28ـ لقاء أمير المؤمنين بالراهب النصراني بعد صفّين.

29ـ السلام على الإمام عليّ بوصفه «أمير المؤمنين» قبل حجّة الوداع.

30ـ رُسُل معاوية إلى أمير المؤمنين في صفّين.

31ـ حجّ وخطبة الإمام الحسين قبل سنة من موت معاوية.

32ـ زمن صدور رواية الدواة والقلم.

33ـ عدد جيش أمير المؤمنين وعائشة في حرب الجمل.

34ـ سهر رسول الله| على الإمام عليّ وتطبيبه.

35ـ سعد بن أبي وقّاص إمام الضالّين والمذبذبين.

36ـ بنو أميّة مصداقٌ للآية 6 من سورة البيّنة.

37ـ مناظرة عبد الله بن جعفر وابن عبّاس مع معاوية([19]).

39ـ أمر رسول الله| لأمير المؤمنين بقتل عمر.

40ـ تتمّة حديث الدواة والقلم.

41ـ صفات زعيم الخوارج.

42ـ تحاور أبان والحسن البصري.

43ـ تشيُّع إبراهيم النخعي.

44ـ تفسير الآية 7 من سورة الحشر.

45ـ حديث أقسام العلم.

46ـ تعويذة لتسهيل ولادة الحبلى.

47ـ التصريح بالمطاعن الشنيعة للخلفاء»([20]).

5ـ العَرْض الأخير

إن الروايات المنسوبة إلى سُلَيْم على طائفتين، وهما: أـ الروايات الموجودة في المصادر الأولى (المنسوبة إلى عمر بن أُذَيْنة). ب ـ الروايات الموجود في النُّسَخ المخطوطة المتوفِّرة لكتاب سُلَيْم (المنسوبة إلى معمّر بن راشد).

من بين المصادر الكلامية ـ التاريخية ذات الصلة بموضوعات الكتاب الراهن لسُلَيْم في القرون الخمسة الأولى لا يوجد سوى خمسة عشر كتاباً (وهي في الغالب موضع نقاشٍ)، وهناك ما يقرب من 23 رواية إما تحتوي على إشارات إلى سُلَيْم، وأكثرها لا صلة لها بكتاب سُلَيْم. نجد أن أكثر روايات سُلَيْم في كتب هذه القرون تدور حول الأخلاق والفضائل، أو عدد الأئمّة وإمامتهم، والفقه، ولا أثر فيها لمطاعن ومثالب الخلفاء أو تاريخ الوقائع الخاصّة (مثل: السقيفة، وغير ذلك)، ممّا نراه بكثرة في الكتب الراهنة لسُلَيْم.

إن عدد الروايات في النُّسَخ المخطوطة ليس واحداً، وهي تتراوح في تغيُّرها من سبعة إلى ثمانية وأربعين حديثاً؛ وبغضّ النظر عن اختلاف روايات النُّسَخ المخطوطة للكتب المنسوبة إلى سُلَيْم من حيث العدد والترتيب، هناك الكثير من الاختلافات الجزئية والكلّية في متون الأحاديث المتشابهة في النُّسَخ أيضاً. وكذلك بغضّ النظر عن أن أغلب روايات النُّسَخ الراهنة لسُلَيْم تُعَدّ من حيث المتن والمحتوى من المفردات الروائية، من الجدير بالتأمُّل أن روايات هذه المخطوطات لم تكن معتمدةً من قِبَل العلماء والمؤلفين بشكلٍ مباشر لما يقرب من ستّة قرون في الحدّ الأدنى، وقد شاعَت الإحالة إليها منذ عصر المجلسي تقريباً. ومن الجدير ذكره أيضاً أن الروايات الموجودة في المخطوطات الراهنة ـ بغضّ النظر عن بعض الاستثناءات ـ كلّها من الأحاديث الطوال، والأحاديث الطوال في معرض التُّهمة بالجَعْل والاختلاق.

الفصل الثالث: أسناد وطرق روايات سُلَيْم

انطلاقاً من كون الروايات المنسوبة لسُلَيْم بن قيس قد جُمعَتْ في كتابٍ حديثي، كما أشَرْنا سابقاً، من المهمّ مراعاة جميع الأبعاد المذكورة في المقدّمة حول هذه الشخصية، ويجب البحث والتحقيق في رواياته. لذلك من المفترض أن تقدِّم هذه المقالة تقريراً عن أسانيد روايات سليم بن قيس في قسمين:

1ـ الأسانيد في المصادر الأولى.

2ـ الأسانيد في النُّسَخ المخطوطة المتوفِّرة.

1ـ أسانيد المصادر الأولى

لقد عمَدْنا في تقرير جميع أسانيد روايات سُلَيْم في المصادر الشيعية والسنّية إلى الاستفادة من برامج البحث الروائي، وكذلك البحث الحاسوبي، في متن الآثار، واستفَدْنا كذلك من مراجع وفهارس مختلف الكتب أيضاً.

أـ الآثار المشتملة على روايات سُلَيْم، ومؤلِّفوها

لقد تمّ العثور من بين 26 أثراً لثمانية عشر شخصاً من المؤلِّفين على روايات وطرقاً لسُلَيْم بن قيس؛ وإن أسماء مؤلِّفي هذه الآثار بترتيب التاريخ التقريبيّ لحياتهم هي:

1ـ حسين بن سعيد الأهوازي(254هـ) في كتاب الزهد.

2ـ أبو جعفر محمد بن حسن بن فرّوخ الصفّار القمّي(390هـ) في بصائر الدرجات.

3ـ محمد بن جرير بن رستم الطبري(300هـ) في المسترشد في الإمامة.

4ـ محمد بن محمد بن سليمان الكوفي(322هـ)، في مناقب الإمام أمير المؤمنين.

5ـ محمد بن يعقوب الكليني(329هـ) في أصول الكافي.

6ـ علي بن الحسين بن بابويه القمي(329هـ) في الإمامة والتبصرة من الحيرة.

7ـ ابن بسطام(350هـ) في طبّ الأئمة.

8ـ فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي(352هـ) في تفسير فرات الكوفي.

9ـ محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني(360هـ) في الغيبة.

10ـ محمد بن علي بن بابويه القمي [الشيخ الصدوق](381هـ) في كمال الدين وتمام النعمة، والخصال، وعلل الشرائع، ومعاني الأخبار، وعيون أخبار الرضا×.

11ـ علي بن محمد بن علي الخزّاز القمّي الرازي(400هـ) في كفاية الأثر في النصّ على الأئمة الاثني عشر.

12ـ محمد بن محمد بن النعمان [الشيخ المفيد](413هـ) في الاختصاص.

13ـ محمد بن أحمد بن علي [ابن شاذان القمّي](420هـ) في مئة منقبة.

14ـ محمد بن الحسن بن علي بن الحسن [الشيخ الطوسي](460هـ) في الأمالي، والفهرست، والتهذيب، والغيبة، واختيار معرفة الرجال.

15ـ الحاكم الحسكاني(490هـ) في شواهد التنزيل.

16ـ موفق بن أحمد الخوارزمي(568هـ) في مقتل الحسين.

17ـ السيد ابن طاووس(664هـ) في اليقين.

18ـ السيد شرف الدين الإسترآبادي(965هـ) في تأويل الآيات([21]).

وهناك من هذه العناوين ما هو منسوبٌ إلى هؤلاء الأعلام، وإنّ انتسابها إليهم وتاريخ تأليفها موضعُ إشكالٍ، من قبيل: المسترشد، والاختصاص، والمناقب([22]).

ب ـ الجدول التطبيقيّ لأسناد سُلَيْم في المصادر

لتطبيق ومقارنة الأسناد بشكلٍ أفضل، واكتشاف بعض أنواع السقط والأخطاء في ثبت الاسم أو الطبقة، من المناسب أن نعمل على إعداد وملاحظة مجموع هذه الأسانيد في الجدول أدناه. وكذلك فقد تمّ السعي في تنظيم هذا الجدول إلى وضع الأسانيد المتشابهة قريباً من بعضها، ليغدو بالإمكان بحثها وتجزئتها وتحليلها بشكلٍ أفضل.

ج ـ استنتاجاتٌ من وَحْي هذه الأسناد

عندما نقوم بتنظيم جميع الأسانيد المنسوبة إلى سُلَيْم بن قيس إلى جوار بعضها في جدولٍ يمكن استعراض بعض النقاط من تبويب هذه الأسانيد، كما يلي:

أ ـ إن جميع الأسماء الأخيرة تنتهي بسُلَيْم بن قيس، باستثناء بعض الموارد التي وقع فيها التصحيف والتحريف.

ب ـ لو غضَضْنا الطرف عن الطرق التي سقط فيها اسم أبان بن أبي عيّاش (بالنسبة إلى الأسانيد الموازية إلى بعضها) نجد أن جميع أسانيد سُلَيْم بن قيس تنتهي إلى أبان بن أبي عيّاش، باستثناء بعض الموارد ذات الأسانيد المشوّشة.

ج ـ وكذلك لو غضَضْنا الطرف عن الطرق التي سقط فيها اسم عمر بن أُذَيْنة (بالنسبة إلى الأسانيد الموازية إلى بعضها) فإن جميع أسانيد سُلَيْم بعد أبان بن أبي عيّاش تنتهي إلى «عمر بن أُذَيْنة»، باستثناء ثلاثة أسانيد من بعض روايات غيبة النعماني(360هـ)، التي تعود إلى معمّر بن راشد.

بالنظر إلى أسانيد سُلَيْم، وبغضّ النظر عن الأسانيد والطرق القليلة للعامّة، يبدو أن المصادر الأوّلية لسُلَيْم ـ باستثناء بعض الموارد القليلة ـ لا تعدو الكتابين، وهما: كتاب إبراهيم بن عمر؛ وكتاب همام بن نافع. وكذلك يبدو أن الموضع الأوّلي لانتشار روايات سُلَيْم هو المنطقة الجغرافية لليمن وصنعاء.

2ـ ملاحظاتٌ في الأسانيد الأولى

إن أسانيد وطرق سُلَيْم المبحوثة في المصادر الأولى تُعَدّ بحوالي أربعة وخمسين إسناداً وطريقاً، ولو عمَدْنا إلى حذف وتجميع الأسانيد ذات السقط أو التصحيف والتحريف فإن الأسانيد والطرق المنسوبة إلى سُلَيْم سوف تنخفض إلى حدود الثلث.

ويمكن بيان الكثير من الإشكالات على أسانيد سُلَيْم في المصادر الأولى، من قبيل:

أـ إن روايات سُلَيْم ـ في طبقتين في الحدّ الأدنى ـ من أخبار الآحاد.

ب ـ في بعض الأسانيد المنسوبة إلى سُلَيْم هناك «إرسالٌ طويل»، وفي أغلب هذه الأسانيد يكون الإرسال الصغير في حدّ إسقاط راوٍ واحد، وبغضّ النظر عن ذلك فإن الإسناد يشمل إرسال نسخة أيضاً.

ج ـ إن أغلب الرواة الذين يتوسطون أسانيد الأحاديث المنسوبة إلى سُلَيْم هم أشخاص مهملون ومجاهيل وضعاف، وكذلك بينهم مَنْ هم من غلاة الشيعة. كما أن إعادة النظر في انتساب وأصالة بعض أسانيد وروايات سُلَيْم بن قيس جديرةٌ بالبحث والبيان أيضاً.

3ـ أسانيد المخطوطات الراهنة

لقد تمّ التعرُّف ـ من خلال البحث الجديد الذي قُمْنا به ـ على تسعةٍ وأربعين نسخةً من نماذج الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم، وأصبحت المعلومات المكتبيّة عنها متاحة. وبطبيعة الحال فإن خمس عشرة نسخة منها تشمل نموذجين من الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم، ولو عمَدْنا إلى حسابها بشكلٍ منفصل فسوف نحصل على أربعة وستين «نسخة نموذجية» منسوبة إلى سُلَيْم.

إن وضع أسانيد هذه النسخ، بعضها من سندٍ واحد، وبعضها من سندين أو أكثر تمّ إدراجها ضمن بعضها؛ وبذلك تكون أنواع أسانيد هذه النُّسَخ كما يلي:

1ـ نُسَخ خالية من السند.

2ـ نُسَخ بسند الحسن الدينوري (السند الابتدائي للنسخة + السند في بداية الأحاديث).

3ـ نُسَخ بسند محمد بن صبيح (السند الابتدائي للنسخة + السند في بداية الأحاديث).

4ـ نُسَخ بسند محمد بن صبيح، وكذلك السند الابتدائي للحسن الدينوري.

5ـ نُسَخ بسند محمد بن صبيح، وكذلك سند الحسن الدينوري، الابتدائي والداخلي.

6ـ نُسَخ بسند محمد بن صبيح، بالإضافة إلى سندٍ منسوب إلى الشيخ الطوسي.

7ـ نُسَخ بسند محمد بن صبيح، بالإضافة إلى سندٍ منسوب إلى الشيخ الطوسي، وكذلك الإسناد الداخلي الابتدائي لبعض الروايات عن الحسن الدينوري.

8ـ نُسَخ بسندٍ منسوب إلى الشيخ الطوسي، من دون إسنادٍ آخر.

9ـ نسخة بسند صبيح، وكذلك سند الدينوري، بالإضافة إلى سندٍ منسوب إلى الشيخ الطوسي.

وفي ما يلي نستعرض تقرير أسانيد نسخ المخطوطات، بحَسَب ترتيب قدمها وظهورها:

أـ سند الحسن الدينوري (بداية النُّسْخة)

إن متن سند الحسن الدينوري عبارةٌ عن: حدَّثنا الحسن بن أبي يعقوب الدينوري قال: حدَّثنا إبراهيم بن عمر اليماني قال: حدَّثني عمّي عبد الرزّاق بن همام الصنعاني، عن أبيه، عن أبان بن أبي عيّاش قال:…

إن هذا السند في الواقع ليس سند كتابٍ أو نسخة، وإنما هو سند بداية الأحاديث. ويمكن أن يكون إسناد الحسن الدينوري، في بعض المواضع وفي بعض النُّسَخ المخطوطة أو في بداية بعض الروايات، قد ذُكِرَ مع شيءٍ من الاختلاف أو السقط. ولو غضَضْنا الطرف عن بعض حالات السقط فإن السند في بداية نسخة الدينوري كما يلي:

ب ـ الإسناد الداخلي في بداية بعض روايات (الحسن الدينوري)

نرى أنه بغضّ النظر عن السند الكلّي في بداية الكتاب، هناك كذلك أسانيد تمّ إدراجها في بداية بعض الروايات الداخلية في الكتاب، وهي تختلف عن السند الابتدائي والكلّي للنسخة.

ولو صرَفْنا النظر عن بعض حالات السقط يكون سند الدينوري كما يلي:

ج ـ سند محمد بن صبيح

إن هذا السند بوصفه سنداً كلّياً يدعم الكتاب، وهو كما يلي: «حدّثني أبو طالب محمد بن صبيح بن رجاء، بدمشق، سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، قال: أخبرني أبو عمرو عصمة بن أبي عصمة البخاري قال: حدَّثنا أبو بكر أحمد بن المنذر بن أحمد الصنعاني، بصنعاء، شيخ صالح مأمون، جار إسحاق بن إبراهيم الدبري، قال: حدَّثنا أبو بكر عبد الرزّاق بن همام بن نافع الصنعاني الحميري قال: حدَّثنا أبو عروة معمر بن راشد البصري قال: دعاني أبان بن أبي عيّاش…».

لقد تمّ إدراج السند المتقدِّم في أكثر النُّسَخ المخطوطة، وفي حالاتٍ مختلفة؛ سواء لوحده؛ أو مقروناً بالإسناد الداخلي؛ أو في الأوراق المكتوبة حديثاً والمضافة إلى النُّسَخ المخطوطة المنسوبة إلى سُلَيْم. وقد تمّ حذف هذا الإسناد غالباً، إذا ما استثنَيْنا النُّسَخ المتأخِّرة؛ أي نُسَخ عصر العلاّمة المجلسي، ولاحقاً، حيث أصبح سندها منسوباً إلى الشيخ الطوسي.

د ـ الإسناد الداخلي في بداية بعض روايات (عصمة والمنذر)

عند دراسة بعض النُّسَخ نرى أنه بغضّ النظر عن السند الكلّي في بداية الكتاب، هناك كذلك أسانيد تمّ إدراجها في بداية بعض الروايات الداخلية في الكتاب، وهي في أكثر الموارد تختلف عن السند الابتدائي والكلّي للنسخة، وتعاني من أنواع السقط.

ولو غضَضْنا الطرف عن بعض حالات السقط يكون السند النهائي لعصمة والمنذر كما يلي:

هـ ـ السند المنسوب إلى الشيخ الطوسي (بلا واسطة)

لا بُدَّ من الالتفات إلى أن ما يقرب من 15 نسخة من بين 49 مخطوطة لسُلَيْم تخلو من السند. ومن بين النُّسَخ المشتملة على سندٍ هناك مجرّد سبع مخطوطات تشتمل على إسنادٍ منسوب إلى الشيخ الطوسي، وهي بأجمعها مستنسخةٌ من نسخة الشيخ الحُرّ العاملي؛ وإن نسخة الشيخ الحُرّ بدَوْرها قد تمّ تأليفها عن نسخة عام 1081هـ (المهمَّشة من قِبَل العلاّمة المجلسي).

إن هذه النسخة الجديدة تختلف عن النسخ السابقة، سواء من حيث شكل وترتيب الأحاديث أو من حيث الإسناد في بداية نسخة الكتاب أيضاً، كما تمّ حذف الإسناد الداخلي للروايات ـ والذي كان موجوداً في النُّسَخ المُسْنَدة السابقة ـ أيضاً.

إن المخطوطة الأولى التي تحتوى على هذا النوع من السند هي مخطوطة مكتبة المرعشي النجفي (برقم: 15612)، والتي يعود تاريخها إلى 1081هـ؛ وقد أضيف لها سندان جديدان في بداية النسخة على شكل كتابةٍ جديدة وغير أصيلةٍ من المتن الأصلي؛ وأحدهما: سند طريق الطوسي في كتاب الفهرست؛ والآخر: سندٌ لم نعثر عليه في موضعٍ آخر. وقد أضيف كلا السندين إلى هذه النسخة (ليتسلَّلا بعد ذلك إلى النُّسَخ اللاحقة أيضاً):

[أ] حدّثنا ابن أبي جيّد، عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ومحمد بن أبي القاسم الملقَّب بماجيلويه، عن محمد بن علي الصيرفي، عن حمّاد بن عيسى، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سُلَيْم.

[ب] قال الشيخ أبو جعفر: وأخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري قال: أخبرنا هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري قال: أخبرنا أبو عليّ بن همام بن سهيل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن يعقوب بن يزيد ومحمد بن الحسين بن أبي الخطّاب وأحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عُمَيْر، عن عمر بن أُذَيْنة، عن أبان، عن سُلَيْم.

إن هذين السندين لم يَرِدَا قبل هذه النسخة في أيّ واحدٍ من الكتب السابقة المنسوبة إلى سُلَيْم (وإنْ وردا فهما غير أصيلين، بمعنى أنهما وردا على شكل كتابة جديدة مضافة إلى النسخة).

و ـ سندٌ غيرُ مباشر منسوبٌ إلى الشيخ الطوسي

في النسخ التالية لتاريخ 1081هـ، التي هي من طائفة (أ) من النسخ ذات الثمانية والأربعين حديثاً (النموذج 7)، باستثناء السندين الآنفين المنسوبين إلى الشيخ الطوسي، تمَّتْ إضافة أسناد الرواة إلى الشيخ الطوسي أيضاً، حيث إن مخطوطتها الأولى هي نسخة الشيخ الحُرّ العاملي في مكتبة الحكيم (برقم: 6 / 316) بتاريخ: 1087هـ، وهي كما يلي([23]): «أخبرني الرئيس العفيف أبو التقى هبة الله بن نما بن علي بن حمدون رضي الله عنه، قراءةً عليه [بداره]([24])، بحلّة الجامعيين، في جمادى الأولى سنة خمس وستين وخمسمائة، قال: حدَّثني الشيخ الأمين العالم أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طحّال المقدادي المجاور، قراءةً عليه بمشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه، سنة عشرين وخمسمائة، قال: حدَّثنا الشيخ المفيد أبو عليّ الحسن بن محمد الطوسي رضي الله عنه، في رجب سنة تسعين وأربعمائة.

وأخبرني الشيخ الفقيه أبو عبد الله الحسن بن هبة الله بن رطبة، عن الشيخ المفيد أبي عليّ، عن والده، في ما سمعتُه يقرأ عليه بمشهد مولانا السبط الشهيد أبي عبد الله الحسين بن عليّ صلوات الله عليه، في المحرّم من سنة ستين وخمسمائة.

وأخبرني الشيخ المقرئ أبو عبد الله محمد بن الكال، عن الشريف الجليل نظام الشرف أبي الحسن العريضي([25])، عن ابن شهريار الخازن، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي.

وأخبرني الشيخ الفقيه أبو عبد الله محمد بن عليّ بن شهرآشوب، قراءةً عليه، بحلّة الجامعيين، في شهور سنة سبع وستين وخمسمائة، عن جدّه شهرآشوب، عن الشيخ السعيد أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي رضي الله عنه، قال… [ثمّ ذكر السندين السابقين، نعرض عن ذكرهما تجنُّباً لمحذور التكرار]».

ز ـ خلاصة أسناد المخطوطات

لو غضَضْنا الطرف عن بعض أنواع السقط في طرق الإسناد فإن خلاصة كلّ أسانيد مخطوطات الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم على النحو التالي:

مجموع أسانيد مخطوطات سُلَيْم

وعليه تكون جميع مخطوطات الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم منقولةً عن «معمر بن راشد»، باستثناء بعض النُّسَخ المعدودة والمتأخِّرة، ذات الأسانيد المستَحْدَثة والمنسوبة إلى الشيخ الطوسي، نقلاً عن «عمر بن أُذَيْنة» عن أبان وسُلَيْم بن قيس.

وكذلك في مخطوطات الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم 23 مخطوطة تشتمل على إسناد محمد بن صبيح، وهي الأكثر اشتمالاً على أسانيد تلك المخطوطات.

وكذلك فإن أحدث سندٍ تمّ إيجاده للكتب المنسوبة إلى سُلَيْم هو الإسناد المنسوب إلى الشيخ الطوسي (من دون رواةٍ متَّصلين إلى الشيخ الطوسي وبواسطة الرواة إلى الشيخ)، والتي بدأَتْ من مخطوطة الشيخ الحُرّ العاملي، واستمرَّتْ في بعض النُّسَخ اللاحقة؛ وإن النُّسَخ المطبوعة لكتاب سُلَيْم هي الأخرى قد استفادت من هذا الإسناد، إلا طبعة محمد باقر الأنصاري، الذي أدرج في مقدمته أسانيد أخرى، بالإضافة إلى هذا الإسناد([26]).

4ـ تساؤلاتٌ حول أسناد المخطوطات

في الدراسات حول سُلَيْم لم يتمّ الاهتمام كثيراً بمشاكل وأبحاث أسانيد مخطوطات كتب سُلَيْم؛ وعليه يجدر بنا الاهتمام هنا بهذا البُعْد ضمن قراءةٍ جديدة:

فهل تحظى مخطوطات الكتاب الراهن لسُلَيْم بن قيس بالأصالة؟

وهل هذه النُّسَخ متناغمة فيما بينها؟

وكيف هو شكل الإسناد في بداية النُّسَخ، وكذلك الإسناد الداخلي لروايات هذه المخطوطات؟

وهل هذا الإسناد في المخطوطات أصيلٌ، ويمكن التعويل عليه؟

أـ دراسة الإسناد القديم للمخطوطات

أشَرْنا إلى أن النسخة الأقدم من بين النسخ المتوفِّرة للكتب المنسوبة إلى سُلَيْم هي نسخة مكتبة المرعشي (برقم: 1 / 13252)، والتي يعود تاريخها إلى عام 918هـ، بسند «الحسن الدينوري».

وكذلك هناك ممّا يقرب من 34 مخطوطة مسندة 23 مخطوطة تحتوي على إسناد «محمد بن صبيح»، وهي الأكثر اشتمالاً على أسانيد مخطوطات الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم. وإن هذين النوعين من السند يُعدّان من الأسانيد المتقدمة للمخطوطات المنسوبة إلى سُلَيْم.

1ـ الإشكالات على إسناد الحسن بن أبي يعقوب الدينوري

إن السند في بداية النُّسَخ التي تنتهي إلى الحسن الدينوري يحتوي على الكثير من الإشكالات، ونشير في ما يلي إلى بعضها:

1ـ إن الحسن الدينوري شخصٌ مجهول، ولكنْ يُحتَمَل أن يعود تاريخ حياته (بالنظر إلى الرواة المتقدِّمين عليه والذين ينتهون إليه) إلى القرن الثالث أو بداية القرن الرابع؛ وعلى هذا الأساس لا يوجد حتّى القرن الثالث الهجريّ أيّ راوٍ في إسناد هذا النموذج من الأسانيد؛ وإن هذا الإسناد في المخطوطات يشمل الإرسال الطويل إلى شخص الدينوري.

2ـ هناك في جميع أنواع الأسانيد المنسوبة إلى الحسن الدينوري سقطٌ في إثبات الرواة بين الإسناد؛ أي إنه لا شيء من أنواع الأسانيد الخمسة للدينوري الموجودة في المخطوطات يشتمل على اتصالٍ كاملٍ للرواة بين طبقاتهم.

ترتيب الإسناد الصحيح (احتمالاً) الذي لا يوجد في النسخ المتوفِّرة

أنواع الإسناد الموجود في مخطوطة عن الحسن بن أبي يعقوب الدينوري

3ـ في أربعة أنواع من الأنواع الخمسة لأسانيد الدينوري يقع إبراهيم بن عمر اليماني بين الحسن الدينوري والراوي الثالث، وهو من الناحية التاريخية لا يمكن أن يكون في ذلك الموضع؛ إذ طبقاً لإسنادٍ آخر يجب أن تكون طبقة إبراهيم بن عمر اليماني تصل إلى أبان بن أبي عيّاش بفاصلةٍ واحدة؛ وعليه فإن هذه الأسانيد تعاني من تشويشٍ في مواقع الرواة.

4ـ إن بعض رواة هذا الإسناد في المخطوطات مجهولون، ومن ذلك مثلاً: إن الحسن الدينوري وهمام بن نافع مجهولان بالكامل، وبالنسبة إلى أمثال: إبراهيم بن عمر اليماني أو معمّر بن راشد لا نمتلك الكثير من المعلومات المهمّة.

5ـ بغضّ النظر عن الرواة المجهولين (من أمثال: إبراهيم بن عمر اليماني وهمام بن نافع)، هناك الكثير من مواضع الإبهام والغموض في انتساب بعض الرواة الآخرين المرتبطين بسُلَيْم (مثل: معمر بن راشد وابن همام)، ومن ذلك مثلاً: إنه لم يتمّ العثور لعبد الرزاق بن همام على أيّ سندٍ منقول عن سُلَيْم، سواء في آثاره المتوفِّرة عنه أو في الآثار الروائية الأخرى لدى الشيعة والسنّة (باستثناء كتاب غيبة النعماني، الذي يحتوي على خمسة أحاديث لسُلَيْم، وهي بدَوْرها من إضافات النُّسَخ الراهنة لسُلَيْم). وبعبارةٍ أخرى: يبدو أن عبد الرزّاق لم ينقل أيّ حديثٍ عن سُلَيْم بن قيس، باستثناء حديثٍ واحد منقول عن سليمان بن قيس([27]).

2ـ الإشكالات على إسناد محمد بن صبيح

بغضّ النظر عن الغموض المحيط بانتساب بعض الرواة، على ما مرَّ بيانه في القسم السابق، هناك إشكالاتٌ شبيهة بتلك المذكورة حول إسناد الدينوري، تَرِدُ على إسناد محمد بن صبيح أيضاً، من قبيل:

1ـ إن الغموض الأوّل في إسناد محمد بن صبيح هو عدم تناغم هذا الإسناد مع الإسناد الداخلي لروايات الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم؛ أي إن الإسناد الداخلي المدرج للروايات هو من نوع سند الحسن الدينوري، وأما إسناد بداية الكتاب الذي ينبغي أن يدعم كلّ الكتاب هو السند المنسوب إلى محمد بن صبيح.

2ـ إن محمد بن صبيح شخصٌ مجهول، ولكنْ يُحتَمَل أن يعود تاريخ حياته إلى سنة 334هـ؛ وعلى هذا الأساس لا يكون لهذا النوع من الأسانيد رواةٌ حتى القرن الهجري الرابع، وبذلك فإن هذا الإسناد في المخطوطات يشتمل على إرسالٍ طويل وصولاً إلى شخص محمد بن صبيح.

3ـ هناك سقطٌ في سلسلة الرواة في جميع أنواع الأسانيد المنسوبة إلى محمد بن صبيح، أي إنه ليس هناك اتصالٌ كامل بين الرواة في طبقاتهم في أيّ واحد من أنواع الأسانيد الثلاثة لمحمد بن صبيح الموجودة في المخطوطات.

4ـ إن أبا طالب محمد بن صبيح بن رجاء، وأبا عمرو عصمة بن أبي عصمة البخاري، وأبا بكر أحمد بن المنذر بن أحمد الصنعاني، هم من المجاهيل بالكامل، وبالنسبة إلى بعضٍ آخر، مثل: معمّر بن راشد، لا نمتلك معلوماتٍ وافية.

5ـ بغضّ النظر عن الرواة المجهولين (من أمثال: أحمد بن المنذر، وهمام بن نافع)، هناك غموضٌ كبير في انتساب بعضٍ آخر من الرواة المرتبطين والناقلين عن سُلَيْم (مثل: معمّر بن راشد، وابن همام) أيضاً. ومن ذلك مثلاً أن نتائج البحث في أنواع الروايات السبعين لمعمّر بن راشد في مصادر الشيعة ـ (بغضّ النظر عن الأحاديث المختلقة لسُلَيْم بن قيس في كتاب الغيبة للنعماني، والتي تمَّتْ إضافتها إليه من الكتاب الراهن لسُلَيْم) ـ تثبت عدم وجود أيّ رواية لمعمّر بن راشد عن سُلَيْم بن قيس، أو عن أبان بن أبي عيّاش، في مصادر الشيعة. وكذلك فإن روايات معمّر بن راشد عن أبان بن أبي عيّاش في مصادر أهل السنّة هي الأخرى لا تتجاوز عدد الأصابع، وكلّها من المسائل الفقهية.

ب ـ التحقيق في الإسناد الجديد المنسوب إلى الشيخ الطوسي

أشَرْنا في تقرير أسانيد النسخ إلى أن السند الأحدث الذي تمّ إيجاده للكتب المنسوبة إلى سُلَيْم هو الإسناد المنسوب إلى الشيخ الطوسي (من دون الرواة المتَّصلين إلى الشيخ الطوسي ومع واسطة الرواة إلى الشيخ)، والذي يبدأ من مخطوطة الشيخ الحُرّ العاملي، ويتواصل في بعض النُّسَخ الأخرى.

وبالنظر إلى أن الإسناد المنسوب إلى الشيخ الطوسي ليس له نسخةٌ مخطوطة متقدّمة، وهو من الناحية الشكلية أيضاً قد أُضيف إلى المخطوطة الأمّ على نحو الكتابة الحديثة، وإن السند الوسيط إلى الشيخ الطوسي في الاستنساخ الأوّل عن النسخة الأمّ، على ما هو واضحٌ جداً بالقياس إلى مخطوطته الأمّ، مضافٌ وملحق، فعلى هذا الأساس يبدو أن الإسناد المنسوب إلى الشيخ الطوسي عبارةٌ عن كتابة مستَحْدَثة ومختَلَقة بالكامل، وعليه يكون من اللازم بيان سابقة هذا الإسناد، وكذلك أدلّة استبدال وإضافة السند الجديد إلى النُّسَخ.

1ـ التعريف بجذور الإسناد المستَبْدَل الجديد

حيث إن الإسناد المنسوب إلى الشيخ الطوسي في النسخة الأمّ (المرعشي، رقم: 15612) من دون واسطة إلى الشيخ الطوسي، وفي النسخة المستنسخة للشيخ الحُرّ العاملي (الحكيم، رقم: 6 / 316) بواسطةٍ إلى الشيخ الطوسي، سوف نعمل على تقييم كلٍّ من هذين الإسنادين بشكلٍ مستقلّ.

إن الإسناد المباشر للشيخ الطوسي في مخطوطته الأولى يشتمل على طريقين إلى سُلَيْم:

الطريق الأوّل: هو في الواقع سند طريق الطوسي في كتاب الفهرست([28]). وقد حدث تصحيفٌ بطبيعة الحال في المخطوطة؛ إذ جاء فيها «أبان بن أبي العبّاس» بَدَلاً من «أبان بن أبي عيّاش»، ثمّ تمّ تصحيح هذا الخطأ لاحقاً من قِبَل كاتبٍ آخر، على شكل كتابةٍ جديدة، وبخطّ منفصلٍ في المخطوطة المصحَّحة([29]).

الطريق الثاني: الإسناد المنسوب إلى الشيخ الطوسي في المخطوطة الأمّ، عن «أبي عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري». ولم نعثر على سابقةٍ لهذا الطريق والسند في أيّ مصدرٍ. ويبدو بالنظر إلى ترجمة بعض الرواة وطبقاتهم أن يكون هذا الإسناد مختَلَقاً.

ومن ناحيةٍ أخرى، يبدو أن سند الاتصال إلى الشيخ الطوسي، الذي أُلحق وأُضيف إلى مخطوطة الحُرّ العاملي، إنما هو في الواقع سندٌ عن كتاب المزار، لابن المشهدي أو «محمد بن جعفر المشهدي»، وقد تمَّت الاستفادة منه وإضافته إلى سند الشيخ الطوسي في المخطوطة الجديدة لكتاب سُلَيْم. وقد ورد في كتاب المزار الكبير لابن المشهدي(610هـ) في موضعين:

1ـ أخبرني الشيخان الأجلاّن العالمان الفقيهان أبو محمد عربي بن مسافر العبادي و… أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي&…

2ـ حدَّثنا الشيخ الأجل الفقيه العالم أبو محمد عربي بن مسافر العبادي… أبو علي الحسن بن محمد الطوسي ـ رضي الله عنه ـ، بالمشهد المذكور، في العشر الأواخر من ذي القعدة سنة تسع وخمسمائة…

2ـ أسباب استبدال وإضافة السند الجديد إلى النُّسَخ

إن الإسناد الجديد المنسوب إلى الشيخ الطوسي لكتاب سُلَيْم قد ظهر منذ ما يقرب من عصر العلاّمة المجلسي. وعليه يَرِدُ هذا السؤال المهمّ والجوهري: لماذا تمّ اختلاق وإضافة الإسناد الجديد المنسوب إلى الشيخ الطوسي إلى كتاب ومخطوطات سُلَيْم، واستبداله بالإسناد القديم؟

بغضّ النظر عن خلوّ الكثير من المخطوطات من السند، هناك أسبابٌ متعدّدة يمكن بيانها في إطار الجواب عن هذا السؤال، ومنها:

1ـ المشاكل الشكلية التي يعاني منها الإسناد القديم.

2ـ مذهب رواة الإسناد القديم.

3ـ عدم وجود روايةٍ عن سُلَيْم بنقلٍ عن معمّر في مصادر الشيعة.

4ـ عدم تناغم إسناد النُّسَخ مع إسناد روايات المصادر المتقدّمة([30]).

5ـ زبدة القول

بغضّ النظر عن الخَلَل الشكلي في أسناد مخطوطات سُلَيْم، نجد أن جميع الأسناد والطرق المنتهية إلى سُلَيْم، سواء في المصادر الأولى أو في المخطوطات المسندة، تعاني في الكثير من الجهات، من قبيل: السقط في إسناد الرواة، ومجهولية الكثير من الرواة، وإبهامات عدم انتساب الروايات إلى الرواة. وبذلك فإنها تكون موضع إشكالٍ.

الفصل الرابع: الرواة في كتاب سُلَيْم

في ما يتعلَّق بروايات سُلَيْم بن قيس وأحاديث الكتب المنسوبة إليه يمكن بيان بعض التأمُّلات والمسائل من زاويتين: «روايات سُلَيْم عن الأصحاب»؛ و«روايات الآخرين عن سُلَيْم».

1ـ رواة الأحاديث المعروضة على سُلَيْم

إن الروايات المنسوبة إلى سُلَيْم بن قيس تحتوي على مجموعتين من المطالب:

1ـ التقريرات المنقولة، والتي تدَّعي أن شخص سُلَيْم كان هو الناظر والسامع لها مباشرةً. ومن ذلك مثلاً أن الروايات الموجودة في المخطوطات المنسوبة إلى سُلَيْم قد اتَّضح بعد دراستها أن التقريرات والوقائع التي ينقلها سُلَيْم بشكلٍ مباشر لا تتجاوز أربعة وعشرين تقريراً([31])؛ وكذلك فإن التقريرات والروايات المباشرة لسُلَيْم عن أمير المؤمنين× لا تتجاوز ثماني عشرة رواية([32]).

2ـ المسائل التي يُدَّعى أن سُلَيْم بن قيس قد سمعها من الصحابة، ونقلها في كتابه، حيث نذكرها في ما يلي:

أـ الروايات الشفوية لسُلَيْم

إن المنشأ الأوّلي للروايات التي ينقلها سُلَيْم بن قيس بواسطةٍ، في مخطوطات المجموعة (أ) و(ب) من الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم، هم عشرة أشخاص تقريباً، وفي المخطوطة (ج) منها هناك حوالي عشرة أشخاص أيضاً؛ وإن خمسة منهم لا يشتركون مع الأشخاص السابقين (أربعة منهم معروفون([33])؛ وواحد مجهول)؛ وعلى هذا الأساس يكون المنشأ الأوّلي للروايات في المخطوطات الراهنة للكتب المنسوبة إلى سُلَيْم، مع احتساب أمير المؤمنين×، حوالي خمسة عشر شخصاً، كما يلي:

جدول مناشئ روايات أربعة نُسخ لسُلَيْم (ما مجموعه 70 حديثاً)

وبغضّ النظر عن هذه الموارد، هناك رواياتٌ منقولة مباشرة عن أبان بن أبي عيّاش وغيره، هي في الأساس غير منقولة عن سُلَيْم بن قيس.

ب ـ إشكالاتٌ متعدِّدة

في ما يتعلَّق بمنشأ روايات كتاب سُلَيْم هناك إشكالاتٌ وأسئلةٌ متعدِّدة جديرةٌ بالذكر. وفي ما يلي نشير إلى بعضها:

1ـ بالنظر إلى صغر سنّ سُلَيْم بن قيس في فترة أخذه الكثير من الروايات يَمْثُل أمامنا هذا الغموض حول ما إذا كان لسُلَيْم ارتباطٌ مباشر حقّاً مع بعض الصحابة (من أمثال: سلمان وغيره) أم لا؟

2ـ بالنظر إلى الشواهد المدَّعاة من قِبَل سُلَيْم بن قيس في كتابه لاكتشاف وقائع وأحداث صدر الإسلام، يطرح هذا السؤال نفسه: لماذا لم يَرْوِ سُلَيْم بن قيس ـ طوال نشاطه التوثيقي والتحقيقي المتواصل على المستوى الشخصيّ لأحداث صدر الإسلام لما يربو على أربعين سنة ـ سوى عن عددٍ محدودٍ من الصحابة لا يزيد عددهم على خمسة عشر شخصاً؟

3ـ بالنظر إلى حجم الروايات الموجودة في الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم من الواضح أنّه ـ بعد الإمام عليّ× والنبيّ الأكرم| ـ فإن الكمّ الأكبر من الحضور والاضطلاع بالأدوار في الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم يتعلَّق بسلمان الفارسي. إن لسلمان حضوراً صارخاً في هذا الكتاب بمختلف الأشكال، من قبيل: الرواية المباشرة أو ورود اسمه في الروايات؛ حيث نجده ناقلاً للحديث مباشرة (الأحاديث رقم: 1 و4 و21 و45 و47 و49 و58 و62 بترقيم النسخة المطبوعة)؛ وفي أربعة أحاديث هو الراوي المشترك (مع أبي ذرّ والمقداد مثلاً) والمباشر للحديث (الأحاديث رقم: 6 و24 و38 و44)؛ وفي خمسة عشر حديثاً يُعَدّ واحداً من الشخصيات ذات الدَّوْر الرئيس والمخاطبين داخل الرواية (الأحاديث رقم: 3 و7 و10 و11 و12 و14 و19 و25 و27 و29 و42 و48 و52 و61 و67)، بحيث إن هناك 27 رواية ممّا مجموعه سبعون حديثاً من مختلف نُسَخ الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم بن قيس؛ أي إن لسلمان حضوراً ودَوْراً فاعلاً في ما يقارب 183 صفحة من 290 صفحة من أعداد الصفحات التقريبية للكتاب (أي ما يقرب من 64% من حجم أحاديث النسخة).

فما هي أسباب وملاكات اختيار منشأ الروايات من قِبَل سُلَيْم؟ ألم يكن الأشخاص الآخرون الحاضرون في تلك الأحداث التاريخيّة وحقائق عصر النبيّ|، وخواصّ أصحاب الأئمّة المعصومين^، موضع ثقة سُلَيْم، أم أنه لم يكن بمقدوره الوصول إلى غير هذا العدد المحدود من الصحابة؟

وعلى هذا الأساس يتجلّى هذا الغموض، والقول بأن الشخص الذي ألَّف هذا الكتاب وما فيه من الأحاديث لم يكن بمقدوره الوصول على ما يبدو بشكلٍ حضوري إلى منشأ الرواة الأصليين لحقائق وأحداث ما بعد النبيّ| وعصر الإمام عليّ×؛ أي إن الكاتب إنما استخرج من بين تضاعيف الكتب الموجودة في عصره خصوص تلك الروايات التي تتناسب مع موضوعه المنشود، فعمد إلى جمعها وتدوينها بخصوصها.

2ـ الرواة المباشرون عن سُلَيْم

بالنظر إلى مشاكل أخبار الآحاد، من المهمّ جدّاً أن يتَّضح مَنْ هم الذين أخذوا الكتاب أو الروايات المنسوبة إلى سُلَيْم وتحمَّلوها عنه بشكلٍ مباشر؟

يمكن الحصول على جواب هذا السؤال من إسناد روايات سُلَيْم في المصادر الأولى، وكذلك إسناد المخطوطات المسندة للكتب الراهنة.

أـ التعريف بالراوي أو الرواة المباشرين عن سُلَيْم

طبقاً لأسناد المخطوطات المُسْنَدة والمنسوبة إلى سُلَيْم ليس هناك من راوٍ لسُلَيْم سوى شخص أبان بن أبي عيّاش فقط.

وأما في إسناد بعض روايات سُلَيْم في المصادر الأولى فنحن نواجه شخصين يرويان عن سُلَيْم مباشرةً: أحدهما: أبان؛ والآخر: إبراهيم بن عمر اليماني.

وقد ذهب بعض المؤلِّفين ـ بالنظر إلى وجود بعض الروايات عن إبراهيم بن عمر اليماني عن سُلَيْم في بعض أسانيد المصادر الأولى ـ إلى القول بأن روايات سُلَيْم ليست خبراً واحداً عن أبان.

ولكنْ من خلال البحث حول إسناد سُلَيْم بن قيس في المصادر المتقدّمة يبدو أن أسانيدَ وطرق سُلَيْم بن قيس منقولةٌ بأجمعها عن شخص أبان بن أبي عيّاش؛ وإن الأسانيد التي تبدو في ظاهرها عن شخصٍ آخر غير أبان تعاني من إسقاط في السند.

وبعبارةٍ أخرى: إن روايات سُلَيْم ـ سواء في المخطوطات أو في روايات المصادر الأولى ـ منقولةٌ بأجمعها عن شخص أبان بن أبي عيّاش.

انظر ـ على سبيل المثال ـ إسناد سُلَيْم في كتاب الكافي عبر الجدول التالي؛ حيث هناك إسقاطٌ حدث لاسم أبان بن أبي عيّاش، وكذلك عمر بن أُذَيْنة، من بعض الأسانيد:

ب ـ التعريف بأبان بن أبي عيّاش

إن الاسم الكامل لأبان هو: «أبان بن أبي عيّاش فيروز البصري دينار الزاهد»، وكنيته «أبو إسماعيل»، وهو من موالي عبد القيس العبدي. وقبيلة عبد القيس من القبائل العربية القديمة من تهامة في شبه جزيرة العرب. وقد ورد ذكر اسمه في المصادر وكتب التراجم وغيرها بـ «أبان بن أبي عيّاش»، و«أبان بن فيروز».

لم يذكر أصحاب التواريخ والتراجم شيئاً حول تاريخ ولادة أبان. وقد أرَّخوا وفاته في الأول من رجب حوالي عام 138هـ، وهناك مَنْ قال: إن وفاته كانت سنة 128هـ. وحيث سكن البصرة فقد أصبح البصريّ لقباً له([34]).

ج ـ تساؤلاتٌ حول أبان وعلاقته بسُلَيْم

هناك الكثير من الغموض والإبهام حول شخصيّة أبان بن أبي عيّاش ونسبته إلى الروايات المنسوبة إلى سُلَيْم، ومن ذلك:

1ـ أبان في نظر علماء الرجال

لم يصدر أيّ توثيقٍ لابن أبي عيّاش من قِبَل علماء الرجال من الشيعة والسنّة، المتقدِّمين منهم والمتأخِّرين([35]). وقد سعى شخصان من علماء الرجال الشيعة إلى «توثيقه»، وهما: الميرزا النوري([36])؛ والمامقاني([37]). فقد ذهب الميرزا حسين النوري إلى الاعتقاد بأن تضعيف المخالفين لأبان وتركهم إيّاه يعود إلى تشيُّعه؛ بَيْدَ أن هذا الكلام ـ بغضّ النظر عن عدم تشيُّع أبان ـ لا ينسجم مع تضعيفه في كتب الرجال عند الشيعة أيضاً. والأهمّ من ذلك أن هناك المئات من الروايات عن أبان في مصادر العامة، في حين لا نجد له في مصادر الشيعة ـ إذا ما استثنَيْنا (كتاب سُلَيْم) ـ سوى بضع روايات لا تتجاوز عدد الأصابع. وعلى هذا الأساس، وطبقاً للكثير من الشواهد والقرائن، لا تبدو أدلّة هذين العَلَمين مقبولة في هذه الشأن.

وقد ذهب مشاهير المحدِّثين من أهل السنّة في المجموع إلى عدم توثيق أبان بن أبي عيّاش([38]). وقد ذكر بعض علماء الرجال من أهل السنّة في بيان سبب تضعيف ابن أبي عيّاش وعدم الاعتماد عليه أنه كان ضعيفَ الحفظ للرواية([39])، وأنه كان ينسى في نقل الحديث ورواته([40]).

وقد ذكر بعض المحقِّقين المعاصرين أدلة عدم اعتبار أبان بالتفصيل، وعلى مَنْ أراد الحصول على المزيد من المعلومات في هذا الشأن مراجعة المصادر ذات الصلة في هذا الشأن([41]).

2ـ كيفيّة وصول أبان إلى روايات سُلَيْم

ورد في ديباجة الكتاب المنسوب إلى سُلَيْم أنه سلَّم كتابه إلى أبان (وله من العمر أربعة عشر عاماً)، عندما كان يقطن في بيت والده في بلدة نوبندجان من بلاد فارس([42]). ولم يتَّضح ما الذي كان يفعله أبان البصري في بلدة نوبندجان من بلاد فارس؟ وهل كان يعيش هناك أساساً أم لا؟ يلوح من ديباجة كتاب سُلَيْم، التي تبين القصة على لسان أبان، أنه بعد أخذ الكتاب من سُلَيْم ذهب إلى البصرة؛ ليدرك مجلس الحسن البصري، وعليه لم يتَّضح ما إذا كان في نوبندجان مسافراً ثم عاد إلى موطنه الأصلي، أو أنه كان مقيماً في نوبندجان وسافر إلى البصرة([43]). لذلك يجب توضيح ولادة وسكن أبان، أو في الحدّ الأدنى سفره وإقامته في بلدة نوبندجان؛ ليتضح كيف أمكن لأبان أن يصل إلى روايات سُلَيْم؟

3ـ اختلاق وتغيير كتاب سُلَيْم من قِبَل أبان

يذهب بعض المتقدِّمين والمتأخِّرين من علماء الرجال، من أمثال: ابن الغضائري ومشايخه([44])، إلى الاعتقاد بأن الكتاب المنسوب إلى سُلَيْم إنما هو من اختلاق شخص أبان، بغضّ النظر عن الكتاب الراهن لسُلَيْم بن قيس وما يحتوي عليه بوضوحٍ من إضافات باسم شخص «أبان بن عياش» أو غيره، على ما سيَرِدُ ذكره في الفصول القادمة.

3ـ الرواة الأوائل لكتاب وأحاديث سُلَيْم

يَرِدُ الحديث ـ في إسناد بعض المصادر المتقدّمة، وكذلك في إسناد بعض المخطوطات المنسوبة إلى سُلَيْم، وكذلك في كيفية انتقال كتاب سُلَيْم المنقولة في بداية بعض المخطوطات ـ عن شخصين بوصفهما راويين لأحاديث سُلَيْم عن ابن أبي عيّاش، وهما: عمر بن أُذَيْنة؛ ومعمّر بن راشد.

إن حكايةَ نقل كتاب سُلَيْم من أبان إلى الشخص التالي لأبان في مخطوطات سُلَيْم نقلاً مجملةٌ ومخدوشةٌ؛ أي إن بداية المخطوطات الأقدم كانت تحتوي على اسم معمّر بن راشد بوصفه آخذاً للكتاب عن أبان، وفي بعض النسخ المتأخِّرة تمّ استبدال معمّر بن راشد بعمر بن أُذَيْنة. والأنكى من ذلك أن بعض النُّسَخ قد اشتملت على ذكر الاسمين معاً؛ أي إن بداية الحكاية تقول: إن الكتاب قد انتقل من أبان إلى معمّر، ونهاية الحكاية تقول: إن الكتاب قد انتقل إلى عمر بن أُذَيْنة. ولا يخفى أن هذه الثنائية إنما نشأَتْ بسبب التلاعب في أسانيد المخطوطات المتقدِّمة، واختلاق إسناد الشيخ الطوسي وإضافته إلى هذه المخطوطات.

وبغضّ النظر عمّا إذا كان الناقل لكتاب سُلَيْم عن أبان هو عمر أو معمّر، فإن التعرُّف على نوعية روايات عمر بن أُذَيْنة ومعمّر بن راشد توقعنا في بعض الإبهام حول صلة هذين الشخصين بكتاب سُلَيْم.

وعلى أيّ حالٍ هناك بعض المقالات المتوفِّرة حول هذين الشخصين، ويمكن للراغبين أن يرجعوا إليها إنْ أرادوا ذلك. وعليه سوف نكتفي هنا بذكر تعريفٍ إجماليّ بهما، مع التركيز في معرفة نوع أحاديث هذين الراويين على فهم الغموض المحيط بهما وبكتاب سُلَيْم.

أـ التعريف بعمر بن أُذَيْنة

إن ابن أُذَيْنة اسمٌ مشهور لراوٍ، نقل الكثير من الروايات، حتى تكرَّر اسمه في سلسلة الأسانيد 482 مرّة؛ ومع ذلك لا يُعَدّ شخصيّةً معروفة بين علماء الرجال، بل طبقاً لبعض الشواهد يمكن بيان هذا الاسم لشخصين وهويتين تاريخيتين.

وبغضّ النظر عن الكتب الراهنة لسُلَيْم، هناك في جميع المصادر الأولى وصولاً إلى القرن الثامن الهجريّ، هناك ما يقرب من 360 حديثاً (مع المتكرِّر) عن عمر بن أُذَيْنة أو ابن أُذَيْنة، وهناك من هذا العدد مجموعةٌ من الأحاديث يجب أن تكون ـ بالنظر إلى الرواة السابقين واللاحقين في الأسانيد المماثلة ـ بحَسَب القاعدة منقولةً عن ابن أُذَيْنة، ولكنْ حدث إسقاطٌ لاسمه بين الرواة([45]).

ب ـ التحقيق في روايات عمر بن أُذَيْنة

حيث إن أغلب الروايات المنقولة عن عمر بن أُذَيْنة موجودةٌ في كتاب الكافي للكليني، وإن هذا الكتاب يحتوي على العدد الأكبر لأحاديث عمر بن أُذَيْنة، فإنه يجب أن يكون مشتملاً على جميع روايات ابن أُذَيْنة تقريباً. ويمكن لدراسة طبيعة مرويات ابن أُذَيْنة في هذا الكتاب أن تعكس الطبيعة العامّة لرواياته؛ لأن أحاديثه في غير الكافي من المصادر الأخرى إنما هي في الغالب تكرارٌ لرواياته في الكافي.

إن الروايات التي تشتمل على «عمر بن أُذَيْنة» في الكافي على طائفتين: إحداهما: رواياته الفقهية، وهي بأجمعها منقولةٌ عن ابن أبي عُمَيْر؛ والأخرى: رواياته عن غير ابن أبي عُمَيْر، وهي تشتمل على ما يقرب من واحد وعشرين حديثاً (باسم عمر بن أُذَيْنة أو مع إسقاط اسمه)، حيث يبلغ عدد المنقول منها عن سُلَيْم 12 حديثاً. ومن بين هذه الأحاديث الاثني عشر هناك ثلاثة لا صلة لها بموضوعات الكتب الراهنة لسُلَيْم، فهي ما بين فقهية أو أخلاقية، وتسعة منها تنسجم من حيث الموضوع مع موضوعات الكتب الراهنة المنسوبة إلى سُلَيْم.

إن جميعَ روايات عمر بن أُذَيْنة عن سُلَيْم المرتبطة بموضوعات الكتب الراهنة المنسوبة إلى سُلَيْم منقولةٌ عن شخصٍ مجهول اسمه «إبراهيم بن عمر اليماني»، وإن جميع الروايات التسعة لإبراهيم بن عمر، عن عمر بن أُذَيْنة، غير موجودةٍ في مصادر العامّة، وإن خمسة منها لم تَرِدْ في المصادر الأولى لدى الشيعة.

إن من بين مجموع الروايات التسعة ـ الطويلة في الغالب ـ لإبراهيم بن عمر، عن عمر بن أُذَيْنة، هناك حديثٌ واحد لا يوجد في الكتب الراهنة لسُلَيْم، وإن ثلاثةً منها موجودةٌ في قسمٍ من الكتب الراهنة لسُلَيْم، مع شيءٍ من الإضافات. وكذلك فإن خمسةً منها موجودةٌ مع اختلافاتٍ وإضافاتٍ كثيرة في بعض نماذج الكتب الراهنة المنسوبة لسُلَيْم أيضاً.

وعليه، بالنظر إلى ما ذُكر من الموارد المتقدِّمة يمكن بيان احتمالات ثلاثة:

1ـ أن يكون عمر بن أُذَيْنة اسماً لشخصيّةٍ وهوية تاريخية واحدة تحتوي على اتجاهين روائيين؛ أي أن يكون قد نقلت عنه روايات فقهية، وكذلك القليل من الروايات الكلامية، من طريقين مختلفين.

2ـ أن يكون عمر بن أُذَيْنة اسماً لشخصيتين وهويتين تاريخيتين، كان لكلٍّ منهما توجّهٌ روائيّ مختلف؛ أي إن أحدهما قد نقل الكثير من الروايات الفقهية، والآخر قد نقل القليل من الروايات الكلامية. وهذا الاحتمال ينسجم مع القول بفصل هذين الشخصين من قِبَل الشيح الطوسي؛ حيث قال بأن أحدهما كان بصرياً، والآخر كان كوفياً، هرب من حكم المهديّ العباسي إلى اليمن، ومات هناك.

3ـ الاحتمال المهمّ الآخر هو أن يكون عمر بن أُذَيْنة اسماً لشخصية وهوية تاريخية واحدة، وقد كان لهذه الشخصية توجهٌ فقهيّ واحد، وإن الأحاديث ذات المضامين التاريخية / الكلامية قد أضيفَتْ إلى متن كتاب الكافي على شكل كتابةٍ مستَحْدَثة بعد القرن السادس الهجريّ مثلاً، ولم تكن من قِبَل الشيخ الكليني. ولهذا الاحتمال ثلاثةُ مؤيِّدات في الحدّ الأدنى([46]).

وعلى أيّ حالٍ فإنه بعد دراسة روايات ابن أُذَيْنة يتَّضح أن عمر بن أُذَيْنة لو كان اسماً لشخصيةٍ تاريخية واحدة فإن هذا الأمر يشير إلى هذه الحقيقة المهمّة، وهي أن ما يقرب من 93.5% من رواياته فقهية، وهي منقولة في الغالب عن زرارة، ولا صلة لها بموضوعات الكتب الراهنة المنسوبة إلى سُلَيْم، وإن ما يقرب من 6.5% من رواياته الأخرى المرتبطة في مضمونها بموضوعات الكتب الراهنة لسُلَيْم يجب العمل على دراستها؛ ليتبيّن ما إذا كان يمكن لهذا العدد القليل من روايات عمر بن أُذَيْنة أن يثبت ارتباطه بروايات المخطوطات الراهنة المنسوبة إلى سُلَيْم أم لا؟ وكذلك لا بُدَّ من معرفة سبب نقل تسع روايات عن عمر بن أُذَيْنة بواسطة إبراهيم بن عمر اليماني، ومَنْ يكون هذا الشخص يا تُرى؟

ومن ناحيةٍ أخرى، لو كان اسم عمر بن أُذَيْنة اسماً لشخصيتين تاريخيتين فإن هذا الأمر سوف يثبت أن الاتجاه الروائي لهاتين الشخصيتين كان مختلفاً، وأن أحدهما كان يحمل توجّهاً فقهيّاً، والآخر يحمل توجّهاً كلامياً ـ تاريخياً([47]).

ج ـ التعريف بمعمّر بن راشد

أبو عروة معمّر بن راشد الأزدي الحداني البصري(153هـ)، نقل الحديث عن أكثر التابعين([48])، وروى عنه الكثير من كبار علماء الرواية، ولا سيَّما الصنعانيون منهم. وهو من رواة أهل السنّة، وكان موثَّقاً من قِبَل الشيعة([49])، وأهل السنّة([50]).

د ـ مطارحاتٌ في روايات معمّر بن راشد

هناك ما يقرب من ثلاثين مصدراً من مصادر الشيعة تشتمل على روايات عن معمّر بن راشد. لم يتمّ العثور في مصادر القرن الأوّل إلى القرن الرابع الهجريّين على رواية لمعمّر بن راشد، رغم وجود القليل من المصادر المنسوبة إلى تلك المرحلة. وأما في المصادر الشيعية المتوفِّرة من القرن الرابع إلى القرن الثامن الهجريّين، التي تمّ البحث فيها، فقد تمّ العثور على ما يقرب من 75 رواية غير مكرّرة، عن تسعة عشر شخصاً.

وبالنظر إلى أن روايات «معمّر بن راشد، عن سُلَيْم» في كتاب الغَيْبة، للنعماني(360هـ)([51])، مختلقةٌ وحديثة الكتابة، وقد أُضيفت إلى كتاب الغَيْبة بعد القرن السادس([52])، سوف يصل عدد الروايات غير المكرّرة عن معمّر بن راشد، في مجموع مصادر الشيعة إلى القرن الثامن، إلى حوالي السبعين رواية، عن ثمانية عشر شخصاً تقريباً.

إن ما يقرب من نصف روايات معمّر بن راشد ـ وهي خاصّة بفضائل أهل البيت^ ـ موجودةٌ في مصادر غير ثابتة من حيث الأصالة أو الانتساب إلى المؤلِّف أو إلى زمان تأليفها، من قبيل: كتاب المناقب، المنسوب إلى سليمان الكوفي([53])؛ والمسترشد، المنسوب إلى الطبري([54])؛ والاختصاص، المنسوب إلى الشيخ المفيد([55])؛ وغيرها من المصادر الأخرى.

إن نتائج دراسة الروايات السبعين لمعمّر بن راشد في مصادر الشيعة، من مختلف الأبعاد، هي:

1ـ (بغضّ النظر عن الأحاديث المختلقة لسُلَيْم في كتاب الغَيْبة، للنعماني، المضافة إليه من الكتاب الراهن لسُلَيْم)، لا يوجد في المصادر الموجودة أيّ حديثٍ لمعمّر بن راشد نقلاً عن سُلَيْم بن قيس. وكذلك لا يوجد في مصادر الشيعة أيّ حديثٍ عن معمّر بن راشد نقلاً عن أبان بن أبي عيّاش. وإن روايات سُلَيْم وأبان في مصادر الشيعة منقولةٌ بأجمعها عن عمر بن أُذَيْنة، وهي بطبيعة الحال لا صلة لها بالكتاب الراهن لسُلَيْم([56]). وإن روايات معمّر بن راشد عن أبان بن أبي عيّاش في مصادر العامّة تندرج بأجمعها ـ إلاّ في بعض الموارد المعدودة جدّاً ـ في مجال المسائل والموضوعات الفقهية.

2ـ على الرغم من تسنُّن معمّر بن راشد، وكونه من كبار رواة العامّة، إلاّ أن ما نسبته 40% من رواياته المنقولة في مصادر الشيعة ليس لها وجودٌ في مصادر أهل السنّة. وكذلك فإن ما نسبته 28% من الروايات الأخرى لا وجود لمتنها في مصادر أهل السنّة، ولكنْ توجد روايات مشابهة لها أو تختلف عنها كثيراً. وعلى هذا الأساس، لا وجود إلاّ لما نسبته 32% من روايات معمّر في مصادر الشيعة في القرون الأولى أو المصادر اللاحقة.

3ـ إن ما يقرب من 50% من روايات معمّر بن راشد الموجودة في بعض المصادر لا وجود لها في مصادر الشيعة الأولى حتّى القرنين الحادي والثاني عشر؛ بمعنى أنها كانت تعدّ ممّا انفرد به. وكذلك هناك ما نسبته 18% من روايات معمّر لا وجود لها في المصادر الأولى إلى القرن السابع، وإنما تمّ إدراجها في الكتب بعد القرن السابع. وهناك ما نسبته 12% من روايات معمّر موجودة في مصادر الشيعة بشكلٍ مشابه أو مع الاختلاف أيضاً. وعلى هذا الأساس، فإن 20% من روايات معمّر بن راشد فقط لها جذورٌ في المصادر الشيعية الأخرى، وما يبقى منها يُعَدّ من مفردات الأحاديث.

4ـ إن ما يقرب من 45.5% من روايات معمّر بن راشد في مصادر الشيعة تدور حول فضائل الإمام عليّ× وأهل البيت^، و16% في الإمامة، و2.75% حول الإمام المهديّ#. وإن ما يقرب من 33% من روايات معمّر تدور حول موضوعات متفرّقة. وليس هناك وجود لسوى 2.75%، أي حديثان قصيران من روايات معمّر، وهما في موضوع المطاعن، حيث تتحدَّث عن مثالب بني أمية ولعن معاوية.

وعليه، فإنه بالنظر إلى أن أغلب روايات معمر الموجودة في الجامع ومصادر أهل السنّة تدور حول موضوع الفقه، وكذلك لا توجد أيّ رواية عن معمّر بن راشد في مصادر الشيعة والسنّة نقلاً عن أبان بن أبي عيّاش وسُلَيْم بن قيس، يبدو أن أسانيد معمّر لروايات الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم مختلقةٌ وغير صحيحة؛ بمعنى أنه يحتمل أن يكون الشخص الذي قام بتدوين كتاب سُلَيْم قد كتب في مخطوطةٍ حديثاً مفرداً قصيراً بإسناد معمّر في فضائل أهل البيت^، وإن سند هذا الحديث الوحيد تمّ تصوّره في النُّسَخ اللاحقة للكتاب بوصفه إسناداً لكلّ كتاب سُلَيْم، وتمّ تداول هذا الإسناد لاحقاً، في استنساخ الكتاب، بوصفه سنداً لكتاب سُلَيْم([57]).

4ـ الرواة الوسطاء إلى الرواة الأوائل (عمر أو معمّر)

ذكَرْنا سابقاً أنه ليس من الواضح مَنْ هو الراوي للأحاديث المنسوبة إلى سُلَيْم عن أبان بن أبي عيّاش، وما إذا كان هو عمر بن أُذَيْنة أو معمّر بن راشد. ولكنْ على أيّ حالٍ يمكن تصنيف الرواة الوسطاء إليه بالنسبة إلى السلسلة المسندة الموجودة للرواة ضمن طائفتين.

أـ الرواة الوسطاء في أسانيد المخطوطات

بغضّ النظر عن المخطوطات الخالية من السند والمنسوبة إلى سُلَيْم، لو عملنا على تجميع كافّة الأسانيد الابتدائية والداخلية للمخطوطات المسندة (ونأخذ الإسقاطات عن الإسناد الكامل بنظر الاعتبار) أمكن لنا بيان جميع أسانيد المخطوطات ضمن خمسة طرق مشوَّشة (سبق لنا تقريرها).

كما سبق أن ذكَرْنا أن إسناد الشيخ الطوسي للمخطوطات المتأخِّرة المنسوبة إلى سُلَيْم إنما هو إسنادٌ مختلق جاء على نحو الاستبدال. وبغضّ النظر عن هذه المسألة، ومع حذف الأسماء المصحَّفة في إسناد المخطوطات، فإن الرواة الوسطاء في المخطوطات، عبارةٌ عن:

1ـ أحمد بن المنذر بن أحمد الصنعاني (مجهول)؛ 2ـ عبد الله بن عمر اليماني (مجهول)؛ 3ـ عبد الرزّاق بن همام بن نافع الصنعاني(211هـ)؛ 4ـ إبراهيم بن عمر اليماني (مجهول)؛ 5ـ همام بن نافع (مجهول).

ب ـ الرواة الوسطاء في أسانيد المصادر الأولى

عندما يتمّ جمع كافّة أسانيد روايات سُلَيْم في المصادر الأولى فسوف نحصل على أكثر من خمسين طريقاً وسنداً من المصادر المتأخِّرة. وبطبيعة الحال فإن الكثير من الأسانيد والطرق تحتوي على أنواع من الإسقاط والأخطاء في ترتيب الرواة، ومع حذف المتكرّر، ومقارنة بعض الطرق ببعضها، يبقى ما يقرب من ستّة عشر طريقاً عامّاً إلى روايات سُلَيْم، ويشمل ما يقرب من مئة وخمسين راوياً.

ج ـ تأمُّلاتٌ وملاحظات

لو غضَضْنا الطرف عن الأسانيد والطرق المختلقة أو المستبدلة لروايات سُلَيْم (التي تمّ توظيفها لتحسين وضع انتساب الروايات المنسوبة إلى سُلَيْم) سوف نجد أن أكثر الرواة الوسطاء في أسانيد الروايات المنسوبة إلى سُلَيْم هم ما بين مُهْمَل ومجهول وضعيف، أو من غلاة الشيعة.

أما المجهولون فهم: أبو أحمد البصري، وأبو بكر الجرجرائي، وأبو محمد المدني، وأحمد بن الحسن، وأحمد بن المنذر بن أحمد الصنعاني، وأحمد بن نضر بن الربيع، وإسحاق بن إبراهيم بن عمر اليماني، وإسماعيل بن عليّ بن رزين الواسطي، والحسن بن عليّ بن عبد الله العلوي الطبري، والحسن بن محمد الهاشمي، والحكم بن بهلول الأنصاري، وسليمان بن سماعة، وعبد القدوس بن مرداس، وعبد الله، وعبد الله بن المبارك، وعليّ بن محمد الجعفي، وعليّ بن محمد الزهري، وعليّ بن محمد بن مروان [فيرزوان]، وعمران بن قرّة، وعيسى بن يوسف الهمداني، والقاسم بن إسماعيل الأنباري، ومحمد بن القاسم الأكفاني، ومحمد بن عبد الله بن أحمد الصوفي، وهمام بن نافع.

ومن ذلك مثلاً أن أبا سمينة محمد بن عليّ الصيرفي معروفٌ بـ «الكذّاب»، بل ورد التعريف به في ترجمته أنه «من أشهر الكذّابين من أصحابنا الكوفيين»، ثم انتقل إلى قم ليختبئ هناك، حتّى أخرجه أحمد بن محمد بن عيسى من قم([58]).

وقد أجمع علماء الرجال كافّةً على عدم توثيقه؛ فقال النجاشي والكشّي وابن داود وغيرهم بأن أبا سمينة ضعيفٌ جدّاً في الرواية، وأنه فاسدُ العقيدة؛ وقال بعضهم: لا يمكن الاعتماد عليه في شيءٍ، كما أنهم يعرفونه بالكذب والاختلاق([59]).

5ـ آخر الرواة في أسانيد المخطوطات

ذكرنا سابقاً أن السند الأصلي لنُسَخ سليم على النحو التالي:

1ـ حدّثنا الحسن بن أبي يعقوب الدينوري قال: حدّثنا إبراهيم بن عمر اليماني (أو عبد الله بن عبد اليماني) قال: حدّثني عمّي عبد الرزّاق بن همام الصنعاني…».

2ـ «حدّثني أبو طالب محمد بن صبيح بن رجاء، بدمشق، سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، قال: أخبرني أبو عمرو عصمة بن أبي عصمة البخاري…».

وعليه يكون الرواة الثلاثة الأخيرون في مخطوطات سُلَيْم هم كلٌّ من: [الحسن بن أبي يعقوب الدينوري]، ومحمد [بن صبيح بن]([60]) رجاء، وعصمة البخاري.

أـ تعريفٌ وبيان

1ـ الحسن بن أبي يعقوب الدينوري

إن هذا العنوان هو في الأساس، وبشكلٍ كامل، اسمٌ لشخص مجهول وغير معروف، حتّى في الأسماء المشابهة له، من قبيل: الحسن بن أبي يعقوب الدينوري، والحسن بن الدينوري، والحسن الدينوري، والحسين بن أبي يعقوب الدينوري، وأبو يعقوب الدينوري، وأبو الحسن الدينوري، وأبو الحسين الدينوري أيضاً.

2ـ أبو طالب محمد بن صبيح بن رجاء

لم نَرَ في المصادر الشيعية ـ الفارسية والعراقية ـ سوى رواية واحدة عن شخص «محمد بن صبيح السماك»([61])، حيث يوجد في تاريخ دمشق، وقد تسلَّل في السنوات الأخيرة من هذا الكتاب إلى النسخة المعدّلة من كتاب ابن عقدة. وعلى العكس من مصادرنا، فهو معروف في آثار الدمشقيين، ومن ذلك ـ مثلاً ـ أن ابن عساكر قد نقل عن محمد بن صبيح روايات في تاريخ دمشق([62]).

وبالنظر إلى مجهولية محمد بن صبيح بن رجاء في المصادر الشيعية، وفي المدارس الروائية في إيران والعراق، وكذلك التصريح بذكر دمشق في أسانيد روايته، يبدو أنه من أهل الشام.

3ـ عصمة بن أبي عصمة

لقد تمّ نقل بعض الروايات في تاريخ دمشق، لابن عساكر، على النحو التالي: «عصمة بن أبي عصمة»، و«عصمة بن أبي عصمة البعلبكي»، و«عصمة بن أبي عصمة إسرائيل»، و«عصمة بن أبي عصمة البخاري»([63]). ولم نعثر لعصمة بن أبي عصمة إلا على مطلبين في تاريخ دمشق، لابن عساكر، وتَبَعاً له في مختصر تاريخ دمشق، لابن منظور([64]).

ب ـ تقييم الحال

بمعزلٍ عن حال حسن الدينوري، الذي تقدَّم ذكرُه، فإن «محمد بن صبيح» هو الآخر «مجهول» عند علماء الرجال من الشيعة، أو هو بعبارةٍ أدقّ: «مُهْمَلٌ»؛ بمعنى أنه لم يتعرّض له أحدٌ أو مصدر. وبغضّ النظر عن الكتاب الراهن لسُلَيْم، لم يتمّ العثور على أيّ روايةٍ منقولة عنه في روايات ومصادر الشيعة أيضاً. وحتّى هذه الروايات الموجودة في الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم بهذا الإسناد لمحمد بن صبيح لم يتمّ إدراجها في أيٍّ من الكتب الروائية المتقدِّمة والمتأخِّرة لدى الشيعة.

وكذلك فإن عصمة بن أبي عصمة هو الآخر مجهولٌ تماماً في كتب الرجال الشيعية، أو بعبارةٍ أدقّ: هو مُهْمَلٌ، كما لا يوجد له روايةٌ في كتب الشيعة. وحتّى هذه الروايات الموجودة في الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم بهذا الإسناد عن عصمة بن أبي عصمة لم يتمّ إدراجها في أيٍّ من الكتب الروائية المتقدِّمة والمتأخِّرة.

6ـ نتائج ختاميّة

يمكن أن نذكر بعض التأمُّلات والمطالب بشأن روايات سُلَيْم بن قيس وأحاديث الكتب المنسوبة إليه:

1ـ إن دراسة رواة الأحاديث المعروضة على سُلَيْم تثبت أن المنشأ الأوّلي للروايات في المخطوطات الراهنة المنسوبة إلى سُلَيْم، بالإضافة إلى أمير المؤمنين×، في حدود خمسة عشر شخصاً. ويمكن بيان الكثير من الأسئلة بشأن نسبتهم إلى سُلَيْم، ومن ذلك مثلاً: يبدو أن الشخص الذي ألَّف هذا الكتاب لم يكن بمقدوره الوصول بشكلٍ حضوري إلى منشأ الرواة الأصليّين لأحداث ما بعد النبيّ| وعصر الإمام عليّ×، وأن الكاتب إنما استخرج من بين تضاعيف الكتب الموجودة في عصره بعض الروايات المتناسبة مع موضوعه المنشود، فعمد إلى جمعها وتدوينها.

2ـ إن دراسة الرواة المباشرين لسُلَيْم بن قيس في الأسانيد المنسوبة إليه تثبت أن أبان بن أبي عيّاش هو وحده الراوي المباشر لأحاديث سُلَيْم، وأن جميع هذه الأخبار هي من صنف أخبار الآحاد. وكذلك، بغضّ النظر عن أن علماء الرجال من الشيعة والسنّة، المتقدِّمين والمتأخِّرين، لم يوثِّقوا أبان بن أبي عيّاش، هناك غموضٌ حول كيفية وصول أبان إلى روايات سُلَيْم. والأسوأ من ذلك أن هناك مَنْ يرى أن أبان بن أبي عيّاش هو المختَلِق لكتاب سُلَيْم. وحتّى لو لم يكن كتاب سُلَيْم من مختلقات أبان لا شَكَّ في اشتمال هذا الكتاب على إضافاتٍ من قِبَل شخص «أبان بن أبي عيّاش».

3ـ إن أحوال الرواة الأوائل لكتاب وروايات سُلَيْم بن قيس غير واضحة. وبغضّ النظر عمّا إذا كان عمر بن أُذَيْنة أو معمّر بن راشد هو الناقل لكتاب سُلَيْم فإن معرفة رواة ابن أُذَيْنة ومعمّر تثير إبهاماتٍ جادّةً حول ارتباطهما بكتاب سُلَيْم.

4ـ في ما يتعلَّق بالرواة الوسطاء، وصولاً إلى الرواة الأوائل (عمر أو معمّر)، يمكن القول أيضاً: لو غضَضْنا الطرف عن الأسانيد والطرق المختلقة أو المستبدلة لروايات سُلَيْم (التي تمّ توظيفها لتحسين وضع انتساب الروايات المنسوبة إلى سُلَيْم) سوف نجد أن أكثر الرواة الوسطاء في أسانيد الروايات المنسوبة إلى سُلَيْم هم ما بين مُهْمَلٍ ومجهول وضعيف، أو من غُلاة الشيعة أيضاً.

5ـ إن الرواة الأخيرين في المخطوطات، وهم: حسن الدينوري، ومحمد بن صبيح، وعصمة بن أبي عصمة، من «المجاهيل» عند علماء الرجال الشيعة، أو بعبارةٍ أدقّ: هم من المُهْمَلين، ولم يتعرّض أيّ مصدر لذكرهم. وهناك شخصان منهم في الحدّ الأدنى لا يمتلكان أيّ روايةٍ في مصادر الشيعة والسنّة. ومن ناحيةٍ أخرى حتى هذه الأحاديث المنسوبة إلى سُلَيْم بأسانيد هؤلاء الأشخاص الثلاثة لم ترِدْ في أيٍّ من الكتب الروائية المتقدِّمة لدى الشيعة.

الفصل الخامس: تبويب المخطوطات المنسوبة إلى سُلَيْم، ونماذجها

من الواضح أن النُّسَخ المخطوطة للكتب القديمة تشتمل في العادة على بعض الاختلافات القليلة أو الكثيرة، بَيْدَ أن بنيتها في هذه النُّسَخ لا تكون متغيّرة في الغالب. وأما مخطوطات كتاب سُلَيْم فهي في غاية الاختلاف والتعقيد، ولا يمكن تمييز الغثّ والسمين من بينها، ولذلك يجب علينا قبل التعرُّف على النُّسَخ المخطوطة للكتب المنسوبة إلى سُلَيْم أن نعمل على تكوين رؤيةٍ إجمالية عن نماذج هذه النُّسَخ.

1ـ نماذج النُّسَخ المخطوطة

يمكن تقسيم نماذج المخطوطات المنسوبة إلى سُلَيْم بن قيس على أساس مختلف الخصائص، من قبيل: التقسيم على أساس المتن، أو على أساس عدد الروايات، أو على أساس السند، وما إلى ذلك.

إن التبويب الأمثل لنماذج مخطوطات كتب سُلَيْم هو التبويب القائم على أساس البنية وطريقة ترتيب الأحاديث، ولا سيَّما بدايتها ونهايتها، ولا بُدَّ في هذا الأسلوب بطبيعة الحال من الالتفات إلى أنواع السقط في بعض النُّسَخ أيضاً.

وحالياً، يمكن التعرُّف على ما يقرب من ثماني نُسَخ من مخطوطات كتاب سُلَيْم (وتنطوي كلّ واحدةٍ من النُّسَخ في نموذجٍ ما على اختلافات فيما بينها أيضاً).

وتسهيلاً على القرّاء والمحقِّقين، وللتعرُّف على هذه النماذج والمقارنة بينها وبين النماذج التي ذكرها الأنصاري، محقِّق المجلدات الثلاثة لكتاب سُلَيْم، بشكلٍ أفضل، سوف نعمل على بيان النماذج الثمانية الجديدة، اعتماداً على تسمية سماحته لهذه النماذج([65]):

المجموعة (ج)

إن هذه المجموعة تشتمل على نموذجين من المخطوطات، وهما:

1ـ نموذج يحتوي على ما يقرب من سبعة أحاديث. وهذه النُّسَخ تخلو من الأسانيد، ومن دون تاريخ النُّسخة الأمّ، ولكنْ تمّ استنساخها مع النماذج اللاحقة بشكلٍ متوالٍ.

2ـ نموذج يحتوي على ما يقرب من 32 حديثاً، وهي الأخرى عبارةٌ عن نُسَخ تخلو من الأسانيد، بَيْدَ أن نسخةً واحدة منها منسوبة إلى كاتب اسمه محمد الرماني، وتمّ ذكرها بتاريخ تمّ ادّعاؤه بشكلٍ عامّ. بمعنى أنه قد ادّعي أن هذه النُّسَخ قد تمّ استساخها على نسخةٍ قديمة يعود تاريخها إلى سنة 609هـ، للرماني (أو الريحاني).

المجموعة (ب)

إن هذه المجموعة بدَوْرها تشمل ثلاثة نماذج من المخطوطات، وهي:

3ـ نموذج ما يقرب من اثنين وعشرين حديثاً، بسند محمد بن صبيح، حيث تكون بنية ترتيب الأحاديث ونوع الأحاديث فيها خاصّاً بها.

4ـ نموذج ما يقرب من اثنين وأربعين (40 + 2) حديثاً، بسند «الحسن بن أبي يعقوب الدينوري» أو بسند «محمد بن صبيح بن رجاء»، أو كلا السندين، تمّ استنساخه، حيث تختلف بنية وترتيب الأحاديث ونوع رواياته عن النموذج السابق.

5ـ نموذج ما يقرب من سبعة وأربعين (42 + 5) حديثاً، بسند «الحسن بن أبي يعقوب الدينوري»، أو بسند «محمد بن صبيح بن رجاء» أو كلا السندين، تمّ استنساخه، حيث تنسجم بنية وترتيب الأحاديث ونوع رواياته مع النموذج السابق، ولم يُضَفْ إليه سوى خمسة أحاديث من النُّسْخة التي تمّ العثور عليها في محروسة إصفهان.

المجموعة «x» (المجهولة)

إن هذه المجموعة تشتمل على مجرّد الاطّلاع على نموذجٍ خاص:

6ـ لم يتمّ العثور على هذا النموذج؛ بمعنى أنه لا يوجد له أيّ مخطوطة، وإنما على أساس النموذج السابق الذي أُضيف له خمس روايات، وذكَرْنا أنه كان له نسخة في محروسة إصفهان. وإنه بغضّ النظر عن الأحاديث المحتملة الأخرى تكون هذه الأحاديث الخمسة مضافة إلى النُّسَخ والنماذج السابقة، ونفترض أن النُّسَخ التي نتحدّث عنها تحت عنوان «المجهول» كانت موجودةً في عصر المجلسي.

وبعبارةٍ أخرى: هناك في نسخة النموذج الخامس من المجموعة (ب) يوجد قسمان أصليّان، وملحقٌ يشتمل على إضافة خمس روايات، حيث وردت في نهاية القسم الأصلي من النُّسخة: «…الترك وتميد لسان الشام، ويكثر الملوك ويظهر الحقّ والحمد لله أولاً وآخراً وصلّى الله على محمد وآله أجمعين». (إتمام المتن الأصلي لنُسْخة كتاب سُلَيْم).

وقد كتب الناسخ بعد ذلك: هذا آخر كتاب سُلَيْم، كما في نسخةٍ قديمة وفي نسخةٍ أخرى، وهي التي نَسخْتُ نُسْخة الكتاب منها بعد ذلك، ما هذه ألفاظه: هذه صورة نسخةٍ كانت بأيدينا من كتاب سُلَيْم، انتهى. ووجد بعض الأخلاّء نسخة في محروسة إصفهان ذكر أنها نسخة المجلسي المتقدِّمة، وفي آخرها زيادةٌ هذه صورتها…

بداية الروايات؛ من الرواية 43 المطبوعة، وإتمام الروايات الملحقة، والرواية 47 المطبوعة. إن هذه الروايات الخمسة الملحقة بهذه النسخة تشمل الروايات التالية: الرواية: 43، و44، و45، و46، و47، بحَسَب ترقيم الكتاب المطبوع لسُلَيْم.

المجموعة (أ)

إن هذه المجموعة تشتمل على نموذجٍ واحد فقط:

7ـ نموذج ما يقرب من 48 حديثاً، بسندٍ منسوب إلى الشيخ الطوسي (سند بواسطة رواة إلى الشيخ الطوسي، وفي نسخة: سند بلا واسطة الرواة المتّصلين إلى الشيخ الطوسي)، حيث تكون بنية ترتيب الأحاديث ونوع أحاديثها جديداً وخاصّاً؛ بمعنى أن ترتيب الأحاديث ومقدارها وحجمها في النموذج المنسوب إلى الطوسي يختلف عن جميع مخطوطات النماذج الأخرى. (سوف يأتي في المسألة اللاحقة توضيح أن هذا النموذج قد تمّ إيجاده منذ القرن الحادي عشر الهجريّ وعصر العلاّمة المجلسي، ولم يكن لهذا النموذج من النُّسَخ المتداولة حاليّاً من أَثَرٍ يُذْكَر).

المجموعة المختلطة

إن هذه المجموعة بدَوْرها تشتمل على نموذج واحد أيضاً:

8ـ نموذج ما يقرب من تسعة وتسعين حديثاً (48 + 22 + 29)، بسند منسوب إلى الشيخ الطوسي، بالإضافة إلى أسانيد النماذج السابقة.

إن لهذا النموذج من نُسَخ الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم نسخة واحدة فقط، وهي نسخة محمد باقر الأنصاري المكتوبة يدوياً. إن هذه النُسخة سواء أكانت مخطوطة بالقلم أو بواسطة الطابعة، تبقى هي مجرد نسخة طُبع كتاب سُلَيْم على أساسها، وهي تشتمل على نموذج خاصّ عن هذا الكتاب وعدد من الأحاديث الخاصة.

أنواع نماذج المخطوطات (الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم بن قيس)

2ـ إثاراتٌ حول هذه النماذج

ـ لا يوجد حاليّاً أيٌّ من النماذج الثمانية لمخطوطات الكتاب المنسوب إلى سُلَيْم، ولا نمتلك سوى معلومةٍ عن هذا النموذج، وهي أنه يحتوي على إضافات بالنسبة إلى بعض النماذج الأخرى.

ـ إن بنية نُسَخ النماذج الموجودة للكتب المنسوبة إلى سُلَيْم تختلف عن بعضها، وهي في بعض الموارد في غاية التشويش.

ـ إن أدنى عددٍ للأحاديث في نماذج النُّسَخ سبعة أحاديث، وأكثرها ثمانية وأربعون حديثاً.

ـ لا يوجد حتّى حديث واحد مشترك بين جميع نماذج المخطوطات المنسوبة إلى سُلَيْم.

ـ هناك اختلافات كبيرة في متون نماذج النُّسَخ التي تحتوي على أحاديث مشتركة.

ـ لم يتَّضح أيُّ واحدٍ من هذه النماذج للكتب المنسوبة إلى سُلَيْم هو الأصلي، والذي يحتوي على النواة الأوّلية للكتاب المنسوب إلى سُلَيْم.

ـ إن لكلّ واحدٍ من النماذج تقريرات مختلفة في النُّسَخ، وعليه يجب العمل على تصحيح ومقارنة متون كلّ مجموعةٍ من النماذج بشكلٍ مستقلّ؛ لتكون قابلةً للاستناد والبحث المضموني.

3ـ فهرسة مخطوطات الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم

لقد تمّ التعرّف على تسع وأربعين نسخة من الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم، وهي تشتمل على أربع وستين مخطوطة من نماذج نُسَخ سُلَيْم، وهي:

1ـ قم، مكتبة السيد المرعشي (النسخة 1)؛ مفتاح الوصول: 1 / 13252. الكاتب: ؟ + شمس الدين علي بن شمس الدين الطريفي. تاريخ الكتابة: الاثنين 2 رجب 918هـ نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 4.

2ـ طهران، مكتبة مجلس الشورى الإسلامي (النسخة 1)، مفتاح الوصول: 15638. الكاتب: غير معروف. تاريخ الكتابة: بلا تاريخ، يحتمل أن تعود إلى القرن الحادي عشر الهجري (حوالي 1036هـ). نوع النموذج: المجموعة ج، النموذج 1 و2.

3ـ النجف، مكتبة الحسينية التسترية([66])، مفتاح الوصول: 2 / 750 (مكتبة علي محمد النجف آبادي). الكاتب: مير محمد سليمان بن مير معصوم بن مير بهاء الدين حسين النجفي التوني. تاريخ الكتابة: 1048هـ أو شوال 1041هـ. نوع النموذج: المجموعة ج، النموذج 1 و2.

4ـ مشهد، آستان قدس رضوي (النسخة 1)، مفتاح الوصول: 37633 (نسخة الشيخ علي حيدر). الكاتب: محمد مؤمن الگلپايگاني (محمد مؤمن الجربادقاني). تاريخ الكتابة: ربيع الأول 1059هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 3.

5ـ قم، مؤسسة السيد البروجردي([67]) (النسخة 1)، مفتاح الوصول: 439. الكاتب: غير معروف على نحو الاحتمال، (محمد صادق بن محمد يوسف القزويني): تاريخ الكتابة: ذي القعدة 1066هـ. نوع النموذج: المجموعة ج، النموذج 1 و2.

6ـ مشهد، آستان قدس رضوي (النسخة 2)، مفتاح الوصول: 6 / 9719. الكاتب: (ربما) محمد بن محمود الطبسي. تاريخ الكتابة: شعبان 1080هـ. نوع النموذج: المجموعة ج، النموذج 1 و2.

7ـ قم، مكتبة السيد المرعشي (النسخة 2)؛ مفتاح الوصول: 15612. الكاتب: غير معروف. تاريخ الكتابة: رمضان 1081هـ. نوع النموذج: المجموعة أ، النموذج 7.

8ـ مشهد، كلية الإلهيات في جامعة فردوسي، مفتاح الوصول: 1 / 504 (456 قديم). الكاتب: محمد طاهر بن كمال الدين التستري. تاريخ الكتابة: الأحد رمضان 1082هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 3.

9ـ النجف، مكتبة السيد الحكيم العامة (النسخة 1) (نسخة الحرّ العاملي)، مفتاح الوصول: 6 / 36. الكاتب: غير معروف. تاريخ الكتابة: يوم الثلاثاء الرابع من شهر محرم الحرام 1087هـ. نوع النموذج: المجموعة أ، النموذج 7.

10ـ قم، مكتبة السيد المرعشي (النسخة 3؛ كتاب بحار المجلسي، ج 8)؛ مفتاح الوصول: بحار الأنوار، المجلد الثامن: 1867. الكاتب: شرف الدين بن زين الدين النائيني. تاريخ الكتابة: سلخ ذي الحجة 1091هـ. نوع النموذج: المجموعة أ، شبه النموذج.

11ـ قم، مركز إحياء ميراث إسلامي (النسخة 1)، مفتاح الوصول: 3 / 2199. الكاتب: غير معروف. تاريخ الكتابة: 19 ربيع الأول 1093هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 4.

12ـ قم، مكتبة السيد المرعشي (النسخة 4)، مفتاح الوصول: 12047. الكاتب: غير معروف (عدد من الكتّاب، وإن لأنواع السقط كتّاب متعدّدون). تاريخ الكتابة: بلا تاريخ، يحتمل أن تعود كتابتها إلى القرن الحادي عشر الهجري. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 4.

13ـ النجف، مكتبة الإمام الخوئي، مفتاح الوصول: 2 / 76. الكاتب: غير معروف. تاريخ الكتابة: القرن الحادي عشر الهجري. نوع النموذج: المجموعة ج، النموذج 1 و2.

14ـ طهران، مكتبة مجلس الشورى الإسلامي (النسخة 2)، مفتاح الوصول: 3 / 5366. الكاتب: غير معروف. تاريخ الكتابة: غير محدّد، يحتمل أن تعود إلى القرن الحادي عشر الهجري. نوع النموذج: المجموعة ج، النموذج 1 و2.

15ـ مشهد، آستان قدس رضوي (النسخة 3)، مفتاح الوصول: ض 22863. الكاتب: شرف (أو شرفاء) بن محمد الجهرمي. تاريخ الكتابة: 1104هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 4.

16ـ طهران، مكتبة كلية الحقوق في جامعة طهران، مفتاح الوصول: [29 ـ د] ـ 52922. الكاتب: غير معروف. تاريخ الكتابة: قبل ربيع الأول 1107هـ. نوع النموذج: المجموعة ج، النموذج 1 و2.

17ـ غير محدد، مكتبة دراويش شيخية كرمان، مفتاح الوصول: رقم 4 في ـ IRN 020 – 0270. الكاتب: غير معروف. تاريخ الكتابة: 1109هـ.([68]) (لوحظت صورة النسخة، بلا تاريخ. نوع النموذج: المجموعة أ، النموذج 7.

18ـ شيراز، مدرسة إمام العصر×، مفتاح الوصول: 5 / 256. الكاتب: غير معروف. تاريخ الكتابة: 27 محرم 1112هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 3.

19ـ قم، مكتبة آية الله الگلپايگاني، مفتاح الوصول: 2 / 5980 ـ 50 / 30. الكاتب: شمسا بن سليمان الطالقاني. تاريخ الكتابة: 1113هـ. نوع النموذج: المجموعة ج، النموذج 1 و2.

20ـ طهران، مكتبة جامعة طهران (النسخة 1)، مفتاح الوصول: 6 / 575. الكاتب: غير معروف. تاريخ الكتابة: 1160هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 4.

21ـ طهران، مكتبة جامعة طهران (النسخة 2)، مفتاح الوصول: 2200. الكاتب: حبيب الله بن محمد علي (الملقب بالقاءاني). تاريخ الكتابة: 1252هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 3.

22ـ قم: مركز إحياء ميراث إسلامي (النسخة 2)، مفتاح الوصول: 1166. الكاتب: محمد حسن بن محمد علي الموسوي (الإصفهاني). تاريخ الكتابة: الاثنين من شهر جمادى الأولى 1269هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 3.

23ـ طهران، مكتبة ملك، مفتاح الوصول: 729. الكاتب: غير معروف. تاريخ الكتابة: اليوم الرابع من العشرة الثالثة من شهر جمادى الآخرة (1282هـ). نوع النموذج: المجموعة ج، النموذج 1 و2.

24ـ طهران، مكتبة جامعة طهران (النسخة 3)، مفتاح الوصول: 6808. الكاتب: علي بن محمد آزاداني. تاريخ الكتابة: 22 ريع الأول 1282هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 5.

25ـ إصفهان، مكتبة العلامة الروضاتي، مفتاح الوصول: غير موجود (نسخة صاحب الروضات). الكاتب: محمد بن زين العابدين الموسوي (الخوانساري). تاريخ الكتابة: 1288هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 4.

26ـ النجف، مؤسسة كاشف الغطاء العامة (النسخة 2)، مفتاح الوصول: 4378. الكاتب: غير معروف. تاريخ الكتابة: حوالي القرن الثالث عشر الهجري. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 4.

27ـ إصفهان، مكتبة ضياء الدين العلاّمة الفاني، مفتاح الوصول: 1 / 29. الكاتب: محمد بن محمد رفيع الألموتي الشورستاني. تاريخ الكتابة: بلا تاريخ؛ احتمالاً القرن 13هـ. نوع النموذج: المجموعة ج، النموذج 1 و2.

28ـ طهران، مكتبة جامعة طهران (النسخة 4)، مفتاح الوصول: 669. الكاتب: غير معروف. (كتبت النسخة من قبل أكثر من عشرة أشخاص). تاريخ الكتابة: احتمالاً قبل القرن الثالث عشر الهجري (وليس قبل القرن الثاني عشر الهجري قطعاً). نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 5.

29ـ غير محدّد، نسخة السيد المستنبط، مفتاح الوصول: ؟. الكاتب: غير معروف. تاريخ الكتابة: بلا تاريخ. احتمالاً القرن الثالث عشر الهجري. نوع النموذج: المجموعة ج، النموذج 1 و2.

30ـ الكاظمية، مكتبة السيد حسن الصدر. مفتاح الوصول: لا يوجد. الكاتب: غير معروف. تاريخ الكتابة: احتمالاً القرن الثالث عشر الهجري. نوع النموذج: المجموعة ج، النموذج 1 و2.

31ـ النجف، مؤسسة كاشف الغطاء العامة (النسخة 1)، مفتاح الوصول: 3006. الكاتب: حسون بن أحمد بن حسين البراقي النجفي. تاريخ الكتابة: 1298هـ. نوع النموذج: المجموعة ج، النموذج 1 و2.

32ـ طهران، مكتبة مجلس الشورى الإسلامي (النسخة 3)، مفتاح الوصول: 2 / 652 س. الكاتب: أبو محمد الحسن بن علي السجاد الكربلائي الحائري. تاريخ الكتابة: يوم السبت 5 ذي الحجة 1306هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 5.

33ـ طهران، مكتبة مجلس الشورى الإسلامي (النسخة 4)، مفتاح الوصول: 7699. الكاتب: محمد كاظم الخوئيني القزويني. تاريخ الكتابة: 5 جمادى الأولى 1310هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 4.

34ـ زنجان، مكتبة الحسيني (مسجد سيد)، مفتاح الوصول: 1 / 43. الكاتب: غير معروف. تاريخ الكتابة: 1317هـ نوع النموذج: المجموعة أ، النموذج 7.

35ـ طهران، كلية الحقوق في جامعة طهران (النسخة 2)، مفتاح الوصول: 2 / 178، ج ـ حقوق. الكاتب: غير معروف. تاريخ الكتابة: غير محدد. بعد 1320هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 5.

36ـ النجف، مكتبة السيد الحكيم العامة (النسخة 1)، مفتاح الوصول: 444. الكاتب: عبد الرزاق السماوي. تاريخ الكتابة: جمادى الآخرة 1335هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 5.

37ـ مشهد، مكتبة مدرسة السيد الخوئي العامة، مفتاح الوصول: 1 / 87. الكاتب: غير معروف. تاريخ الكتابة: 1337هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 5.

38ـ النجف، مكتبة أمير المؤمنين (النسخة 1)، مفتاح الوصول: 4 / 4 / 497. الكاتب: عبد الحسين الأميني (العلامة الأميني). تاريخ الكتابة: 1340هـ. نوع النموذج: غير محدد.

39ـ النجف، مكتبة أمير المؤمنين (النسخة 2)، مفتاح الوصول: 2 / 3 / 103. الكاتب: شير محمد الهمداني. تاريخ الكتابة: 1346هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 4.

40ـ مشهد، آستان قدس رضوي (النسخة 4)، مفتاح الوصول: 8130. الكاتب: محمد حسين بن زين العابدين الأرموي. تاريخ الكتابة: 12 رمضان 1346هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 5.

41ـ النجف، مكتبة الإمام الخوئي (النسخة 2)، مفتاح الوصول: 1 / 299. الكاتب: السيد عبد الرزاق بن محمد بن عباس الموسوي المقرّم. تاريخ الكتابة: ليلة الأربعاء 17 شوال 1353هـ. نوع النموذج: المجموعة أ، النموذج 7.

42ـ النجف، مكتبة أمير المؤمنين (النسخة 3)، مفتاح الوصول: 3 / 2 / 104. الكاتب: شير محمد الهمداني. تاريخ الكتابة: 1353هـ. نوع النموذج: المجموعة أ، النموذج 7.

43ـ النجف، مؤسسة كاشف الغطاء العامة (النسخة 3)، مفتاح الوصول: 1695. الكاتب: هادي الطباطبائي (هادي بن عباس بن محمد الطباطبائي الإصفهاني). تاريخ الكتابة: 1354هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 5.

44ـ مشهد، آستان قدس رضوي (النسخة 5)، مفتاح الوصول: 2035. الكاتب: محمد تقي. تاريخ الكتابة: قبل شهر بهمن 1316هـ.ش (لو كان التاريخ شمسياً، فيكون ذلك في 1356هـ). نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 4.

45ـ كربلاء، العتبة العباسية، مفتاح الوصول: 1 / 360. الكاتب: عبد الله التفرشي الطالبي (الطالشي) (بطلب من شير محمد الهمداني). تاريخ الكتابة:  1358هـ ـ (1207هـ). نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 5.

46ـ النجف، مكتبة السيد محمد صادق بحر العلوم، مفتاح الوصول: 1 / 88. الكاتب: السيد محمد صادق بحر العلوم. تاريخ الكتابة: رمضان 1359هـ. نوع النموذج: المجموعة أ، النموذج 7.

47ـ قم، مؤسسة السيد البروجردي (النسخة 2)، مفتاح الوصول: 7 / 224. الكاتب: أحمد بن علي أكبر الخادمي البروجردي. تاريخ الكتابة: 1360هـ. نوع النموذج: المجموعة ب، النموذج 5.

48ـ النجف، مكتبة أمير المؤمنين (النسخة 4)، مفتاح الوصول: 2 / 3 / 271. الكاتب: شير محمد الهمداني. تاريخ الكتابة: 1362هـ. نوع النموذج: المجموعة ج، النموذج 1 و2.

49ـ المكان: غير محدد، نسخة السيد الجلالي، مفتاح الوصول: ؟. الكاتب: السيد محمد حسين الحسيني الجلالي. تاريخ الكتابة: 1385هـ. نوع النموذج: المجموعة ج، النموذج 1 و2.

كما يمكن للراغبين في الاطِّلاع على المزيد من المصادر أو بيان أوصاف هذه المصادر، مراجعة الكتب الثلاثة التالية:

1ـ كاظم أستادي، «معرفي نسخه هاي خطي سُلَيْم» (التعريف بمخطوطات سُلَيْم)، مجلة ميراث شهاب، قم، العدد 99، 1399هـ.ش.

2ـ كاظم أستادي، درباره نسخه هاي خطي منسوب به سُلَيْم (مخطوط) (حول المخطوطات المنسوبة إلى سُلَيْم)، قم، مكتبة دار الحديث، 1399هـ.ش.

3ـ كاظم أستادي، نسخه هاي خطي منسوب به سُلَيْم (مخطوط) (المخطوطات المنسوبة إلى سُلَيْم)، قم، مكتبة دار الحديث، 1399هـ.ش.

4ـ ملاحظاتٌ حول هذه المخطوطات

ـ إن الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم لا تحتوي على نسخةٍ أقدم من القرن العاشر، وعلى هذا الأساس فإن متن الكتاب يعاني في نسخته من إرسالٍ طويل. وإن النوع الأقدم بينها هو نموذج: المجموعة ب، النموذج 4؛ نسخة مكتبة السيد المرعشي، رمز: 1 / 13252، ويعود تاريخ كتابتها إلى عام 918هـ. وإن النوع الأقدم لنموذج:    المجموعة ج، النموذج 1 و2، نسخة مكتبة مجلس الشورى، برقم: 15638، ويعود تاريخ كتابتها إلى القرن الحادي عشر الهجري. وإن النوع الأقدم لنموذج: المجموعة ب، النموذج الثالث، نسخة آستان قدس رضوي، برمز: 37633، ويعود تاريخ كتابتها إلى سنة 1059هـ. وإن النوع الأقدم لنموذج: المجموعة أ، النموذج السابع، نسخة مكتبة المرعشي، برمز: 15612، ويعود تاريخ كتابتها إلى عام 1018هـ. وإن النوع الأقدم لنموذج: المجموعة ب، النموذج الخامس، مكتبة جامعة طهران، برمز: 6808، حيث يعود تاريخ كتابتها إلى عام 1282هـ.

ـ إن عدد المخطوطات بالنسبة إلى تاريخ الانتساب إلى مؤلِّف الكتاب قليلٌ جدّاً بالقياس إلى الكتب الأخرى الأكثر تأخُّراً، من قبيل: كمال الدين، للصدوق؛ والاحتجاج، المنسوب إلى الطبرسي، حيث تكون كثيرة النُّسَخ.

ـ بالنظر إلى تاريخ قدم النُّسْخة الأقدم، وكذلك العدد القليل للنُّسَخ، يبدو أن مخطوطات الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم لم تكن موجودةً في المجال الروائي لإيران (الريّ، وقم، وخراسان، وما سواها)، وإنما تسلَّلَتْ إلى إيران من مناطق أخرى، من قبيل: الشام، في العهد الصفويّ، وإنْ كانت أكثر نُسَخ هذا الكتب توجد حاليّاً في إيران.

ـ لا يوجد إنهاء وتأييد ملحوظ ومعتبر للأصالة في النُّسَخ.

ـ التغيير المشهود والمستتر في النُّسَخ ملحوظٌ على أشكالٍ متعددة.

ـ تعاني الكثير من مخطوطات هذه الكتب من الإسقاط في بدايتها ووسطها وآخرها.

5ـ خلاصة الكلام

إن نُسَخ الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم كثيرة التشويش والاضطراب والتشتُّت. وإن عدد المخطوطات المتوفِّرة للكتاب بالنسبة إلى التقدُّم الانتسابي لحياة المؤلِّف قليل جداً. وإن تاريخ كتابة جميع هذه النُّسَخ متأخِّر، ويعود إلى ما بعد القرن العاشر الهجري. وإن متن النماذج المختلفة للنُّسَخ يحتوي على الكثير من الاختلافات في البنية، وكذلك في محتوى وعدد الأحاديث أيضاً. والأسوأ من ذلك كلّه أنه لم يتّضح حالياً أيّ واحد من نماذج النُّسَخ، وكذلك تقرير الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم، هو الذي يمثِّل النواة الأصلية لهذا الكتاب؛ ليكون هو المحور الأصلي لتصحيح النُّسَخ على أساسه.

الفصل السادس: أصالة وانتساب روايات النُّسَخ الراهنة

إن التلاعب والدسّ في المخطوطات ـ ولا سيَّما في القرون الأخيرة ـ يُعَدّ أمراً شائعاً جدّاً، حيث يتمّ اللجوء إليه من أجل أغراض مادّية وأيديولوجية. وبطبيعة الحال فإن أغلب المختلقات الأيديولوجية والمذهبيّة ـ بعكس التحريف المتعمَّد الذي يحدث في الغالب لأغراض «مادّية وربحية ودنيوية وغالية» ـ تقع سَهْواً وبشكلٍ غير مقصود. وفي بعض الموارد المحدودة وقع الاختلاق المذهبي والديني بشكلٍ متعمَّد.

إن مفاهيم «كلّ وجزء» الأثر، و«سهويّة وعمديّة» الحدث، يمكن بيانه والتعريف به ضمن مجموعةٍ من التقسيمات، على النحو التالي:

أـ الاختلاق بمعنى التغيير في الأثر، وهذا يشمل الموارد التالية:

1ـ التغيير في متن الأثر أو الكتاب.

2ـ التغيير في اسم مؤلِّف الكتاب أو الكلام.

3ـ التغيير في عنوان الكتاب أو الأثر.

ب ـ الاختلاق بمعنى إيجاد المتن، وهو يشمل الموردين التاليين:

1ـ اختلاق الأثر باسم شخصيّةٍ حقيقيّة أخرى.

2ـ اختلاق الأثر باسمٍ مستعار.

1ـ الحالات المحتَمَلة للكتب المنسوبة إلى سُلَيْم

لو سلَّمْنا وجودَ سُلَيْم بن قيس، وحقيقة الهويّة التاريخية لصاحب هذا الاسم، هناك ثلاث حالات قابلةٌ للافتراض:

أـ نسبة تمام المتن إلى سُلَيْم

إن من بين الفرضيات أن يكون هناك شخصٌ اسمه سُلَيْم (أو قريب من هذا الاسم) قد ألَّف في القرن الأوّل أو القرون اللاحقة كتاباً تاريخيّاً ـ كلاميّاً، وأن يكون متن مخطوطات الكتب الراهنة صادراً عن سُلَيْم بن قيس.

وهناك حالتان يمكن تصوّرهما لهذا الافتراض، وهما:

1ـ إن جميع المتن الراهن يعود إلى القرن الهجريّ الأوّل؛ بمعنى أن يكون شخص سُلَيْم بن قيس من القرن الهجريّ الأوّل، وكذلك جميع متون النُّسَخ المتوفِّرة حالياً من القرن الهجريّ الأوّل أيضاً.

2ـ أن يكون مجموع متون النُّسَخ المتوفِّرة تعود إلى القرن الثاني الهجريّ فما بعد؛ بمعنى أن شخصيّة سُلَيْم بن قيس وإنْ كان لها وجودٌ خارجي، ولكنّه لا ينتمي إلى القرن الهجريّ الأوّل. وعلى هذا الأساس يكون جميع المتن الراهن لسُلَيْم متناً من القرن الثاني أو الثالث الهجريين.

ب ـ نسبة تمام المتن إلى غير سُلَيْم

حتّى لو افترضنا وجود سُلَيْم بن قيس صاحباً للإمام عليّ× يمكن أن يكون المتن الراهن للكتاب المنسوب إليه منتمياً إلى القرن الثاني الهجريّ فصاعداً؛ بمعنى أن يكون هناك شخصٌ مجهول من القرن الثاني أو ما تلاه هو الذي اختلق كتاباً، ونسبه عَمْداً أو سَهْواً إلى سُلَيْم بن قيس، وعمل على نشره.

ويمكن لهذا الأمر أن يكون على الصور التالية:

1ـ أن يكون متن الكتاب قد تمّ اختلاقه عَمْداً من قِبَل أبان بن أبي عيّاش أو غيره، وعمد إلى نشره باسم سُلَيْم بن قيس.

2ـ أن تكون نسبة الكتاب خاطئةً من الأساس، وأنه قد حدث سَهْوٌ في هذه النسبة؛ بمعنى أن يكون هناك كاتبٌ مجهول قام بتأليف كتابٍ، وفي المراحل اللاحقة تمَّتْ نسبته سَهْواً إلى سُلَيْم بن قيس أو أبان بن أبي عيّاش.

ج ـ نسبة بعض كتاب سُلَيْم إلى غيره

ومن بين الفرضيات المهمّة أن يكون هناك شخصٌ اسمه سُلَيْم (أو قريب من هذا الاسم) من القرن الهجريّ الأول أو القرون اللاحقة، قد ألَّف كتاباً تاريخياً ـ كلامياً؛ بَيْدَ أن كتابه هذا قد تعرَّض للتحريف وإدخال بعض الإضافات، وعلى هذا الأساس لا تكون جميع متون الكتب المتوفِّرة لسُلَيْم بن قيس.

ولهذا الافتراض بدَوْره حالتان متصوَّرتان:

1ـ أن يكون لكتاب سُلَيْم بنيةٌ أصلية، وأنه قد أُدخل عليه إضافاتٌ قليلة أو كثيرة في المراحل اللاحقة؛ بمعنى أنه يمكن لنا أن نقوم بجهود وتحقيقات تمكِّننا من تحديد البنية الأصلية والنواة الأوّلية المنقولة عن سُلَيْم، وأن نتعرَّف على المسائل التي أُضيفت إلى الكتاب في نُسَخه الراهنة.

2ـ إن المتن المشوَّش لسُلَيْم بن قيس دخلت عليه بعض الإضافات القليلة أو الكثيرة في المراحل اللاحقة، وبعبارةٍ أخرى: إن نصوصاً من المتن الأوّلي لكتاب سُلَيْم في المناطق المختلفة (اليمن والشام وإيران مثلاً) قد انتقلَتْ إلى الأجيال اللاحقة، وبعد ذلك بمراحل تمّ إدخال بعض الفقرات والإضافات عليها، وإن مجموع هذه النُّسَخ المشوّشة قد اتَّخذت في القرون المتأخِّرة (في القرن الثامن أو التاسع مثلاً) شكلها الموحَّد، وتمّ نشره تحت عنوان كتاب سُلَيْم.

2ـ كيفيّة الاختلاق أو الإضافات في كتاب سُلَيْم

بالنظر إلى مجهولية سُلَيْم بن قيس، والغموض الشديد المحيط بوضعه التاريخيّ، يتجلّى أمامنا واحدٌ من الافتراضات الجادّة، وهي اختلاق كتاب سُلَيْم؛ بمعنى أن يكون الكتاب بأجمعه قد تمّ اختلاقه من قِبَل راوي الكتاب، أي أبان بن أبي عيّاش(128 أو 138هـ)، أو غيره. وكذلك، في افتراضٍ أدنى من ذلك، أن تكون هناك إضافاتٌ قد أُدخلَتْ من قِبَل أبان أو الآخرين على كتاب سُلَيْم بن قيس.

أـ مع أبان بن أبي عيّاش

رُبَما كانت الفرضيّة الأهمّ حول وجود الكتاب المنسوب إلى سُلَيْم هي القول باختلاقه من قِبَل أبان بن أبي عيّاش؛ أو أن يكون أبان ـ في الحدّ الأدنى ـ قد أدخل عليه بعض الأمور. وهناك من العلماء مَنْ اعتبر كتاب سُلَيْم من مختلقات أبان بن أبي عيّاش. ولكنْ، سواء أكان الكتاب المنسوب إلى سُلَيْم بن قيس من اختلاق أبان أم لا، يمكن مناقشة وبحث نسبة كتاب سُلَيْم إلى راويه الوحيد من زاويتين:

1ـ اختلاق تمام الكتاب

لقد ذهب بعض علماء التراث والرجال من الشيعة، منذ القِدَم إلى اليوم، إلى القول بأن الكتاب المنسوب إلى سُلَيْم بن قيس إنما هو في الأساس من مختلقات أبان بن أبي عيّاش. فمثلاً: ابن الغضائري(قبل عام 450هـ) أشار في موضعين عند ذكر اسم سُلَيْم بن قيس إلى أن الكتاب المنسوب إليه موضوعٌ([69]). وكذلك قال في تعريف أبان بن أبي عيّاش: «تابعيٌّ ضعيف، لا يُلتفت إليه. وينسب أصحابنا وضع كتاب سُلَيْم بن قيس إليه»([70]). وقد عمد الآخرون إلى تقرير هذا الرأي والتحليل من ابن الغضائري، ونقله في المراحل اللاحقة([71]).

2ـ الإضافات الجزئيّة والملحوظة

بغضّ النظر عن فرضية اختلاق مجموع الكتاب من قِبَل أبان بن أبي عيّاش، فإن الكتب الراهنة لسُلَيْم بن قيس تشتمل بوضوحٍ على إضافاتٍ من قِبَل شخص أبان بن أبي عيّاش، وعليه لو لم يكن أساس ومجموع الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم اختلاقاً متأخِّراً عن عصر أبان فلا أقلّ من أن هذا النوع من المطالب المحدّدة يشير إلى أن أبان بن أبي عيّاش كان كاتباً لمواضع من كتاب سُلَيْم، أو في الحدّ الأدنى إن واضعاً مجهولاً هو الذي قام بهذا الأمر باسم أبان.

ومن ذلك مثلاً أن أبان بن أبي عيّاش (أو شخصاً آخر باسم أبان) بعد ذكر روايةٍ من سطرَيْن عن سُلَيْم حول «التبرّك بتراب أقدام أمير المؤمنين×»، في الحديث الثامن والخمسين، أضاف إلى هذا الحديث ما يزيد على عشر صفحات من المطالب التي سمعها بنفسه من الحسن البصري(110هـ)([72]). وفي مطالب الحديث الثامن والخمسين من الكتاب الراهن لسُلَيْم تمّت إضافة العناوين التالية من قِبَل أبان: «فضيلتان لأمير المؤمنين× على لسان الحسن البصري، والأحاديث الكاذبة للحسن البصري في تبرير نفاقه، واعتراف الحسن البصري بالخلافة المباشرة لأمير المؤمنين×، وحُسْن ظنّ الحسن البصري بأبي بكر وعمر، ورويات التقيّة في تبرير نفاق الحسن البصري، ودولة إبليس بعد النبيّ الأكرم|، وكيفيّة بيعة الناس لأمير المؤمنين× بعد مقتل عثمان، ودفاع الحسن البصري عن أبي بكر وعمر، وإن أبا بكر وعمر هما أوّل مَنْ أسَّس لضلال الأمّة، واعتراف جميع الصحابة بالخلافة المباشرة لأمير المؤمنين×، وقضيّة صلاة أبي بكر، وألف باب لعلم أمير المؤمنين×، وإقرار الحسن البصري بشأن حروب أمير المؤمنين×، وخلط النفاق بالتقيّة من وجهة نظر الحسن البصري».

كما توجد في الكتاب المنسوب إلى سُلَيْم الكثير من الإضافات الأخرى باسم أبان بن أبي عيّاش أيضاً([73]). أو الموارد الأُخَر الجديرة بالتأمُّل؛ لاشتمالها على نقلين مختلفين. ومن ذلك مثلاً أنه في الحديثين الخامس والسادس والعشرين من الكتاب الراهن لسُلَيْم تمّ نقل رواية عن شخصين، وهما: أبان، عن سُلَيْم، عن أبي هارون العبدي؛ وفي الرواية الأخرى: أبان، عن سُلَيْم، عن عمر بن أبي سلمة([74]).

ب ـ مع رواةٍ آخرين

إن من بين الفرضيّات الممكنة أن يكون جميع الكتاب المنسوب إلى سُلَيْم من اختلاق أشخاصٍ آخرين غير أبان بن أبي عيّاش، أو لا أقلّ من أن هؤلاء الأشخاص قد أضافوا إليه أشياء من عندهم.

1ـ الاختلاق الكامل

إن اختلاق مجموع كتاب سُلَيْم بن قيس من قِبَل الآخرين يمكن أن يكون بمعنى أن مؤلِّف الكتاب مجهول من الأساس، وأن هذا الكتاب قد نُسب خطأً إلى سُلَيْم أو أبان. أي من الممكن أن يكون قد تمّ التعريف بإسناد روايةٍ في بداية أو ضمن الكتاب بوصفه مؤلّفاً لمجموع الأثر أو الراوي الأخير للأثر، من قبيل: ما حصل لكتاب الاختصاص، حيث كان مؤلِّف الكتاب مجهولاً، ولمّا كانت الرواية الأولى في هذا الأثر للشيخ المفيد فقد ذهب الظنّ ببعضهم إلى نسبة كلّ الكتاب إلى الشيخ المفيد من طريق الخطأ([75]).

2ـ الإضافات الجزئية المهمّة

يمكن رصد بعض الإضافات ـ مجهولة الناقل ـ في متن الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم، ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ: ما جاء في الحديث الثامن والستين من الكتاب الراهن لسُلَيْم: «في كتاب سُلَيْم، عن الأعمش، عن خيثمة قال: لمّا حضرت إبراهيم النخعي الوفاة قال لي: ضمّني إليك…»([76]).

كان إبراهيم النخعي(95 أو 96هـ) من مشاهير الحفّاظ، وقد توفي بعد أربعة أشهر من موت الحجّاج، وتشير بعض التقارير إلى أنه كان يعيش في الخفاء([77]). وعلى هذا الأساس لم يكن بمقدور سُلَيْم ـ الذي قيل عنه: إنه قد توفي سنة 76 أو 90هـ ـ أن ينقل أو يكتب هذه الرواية عن إبراهيم النخعي، وعليه فإن هذه الرواية قد تمَّتْ إضافتها من قِبَل مجهولٍ إلى الكتاب المنسوب إلى سُلَيْم.

3ـ التعريف ببعض مصاديق منشأ روايات الكتاب الراهن لسُلَيْم

بالنظر إلى وجود بعض الإضافات عن أبان بن أبي عيّاش وغيره لا يَسَعنا غضّ الطرف عن اختلاق أصل الكتاب أو بعض أجزائه. وعلى هذا الأساس يجب التحقيق بشكلٍ دقيق حول روايات ومتن كتاب سُلَيْم؛ من أجل بحث الشواهد الإيجابية أو السلبية حول هذه الفرضية.

ومن ذلك مثلاً: نبحث عن جذور متن بعض روايات الكتاب الراهن لسُلَيْم في المصادر؛ ليتضح ما إذا كان لروايات الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم منشأٌ ملحوظ في المصادر المتقدِّمة أم لا؟ ثمّ نقوم بعملية الاستخلاص والاستنتاج.

أـ الشواهد في متن كتاب سُلَيْم من المصادر الأخرى

في ضوء ترقيم روايات النسخة المطبوعة لكتاب سُلَيْم (محمد باقر الأنصاري) تمّ بحث وتطبيق بعض الروايات، ومنها:

1ـ الرواية الثالثة

جاء في كتاب «السقيفة»، لأحمد بن عبد العزيز الجوهري(323هـ)، الأديب والأثري في البصرة وبغداد، جزءٌ من هذه الرواية الثالثة لسُلَيْم، على ما ورد في متن كتاب سُلَيْم. وهي بطبيعة الحال منقولةٌ عن سعد بن مالك بن سنان، المعروف بأبي سعيد الخدري(74هـ). وحيث لم يعُدْ هناك من وجودٍ لكتاب السقيفة فقد وصلنا هذا المتن عبر شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد([78]).

2ـ الرواية الثامنة

ورد مضمون هذه الرواية بعبارةٍ متشابهة تقريباً في الكثير من المصادر على ثلاثة أشكال: «مختصرة؛ ومتوسطة؛ وتفصيلية». وهي بطبيعة الحال ليست نقلاً عن سُلَيْم بن قيس. وقد نقلت عن أشخاصٍ، من أمثال: «الأصبغ بن نباتة المجاشعي(حوالي 64هـ)، والحارث(65هـ)، وقبيصة بن جابر الأسدي(69هـ)، وجابر بن عبد الله الأنصاري(68 إلى 79هـ)، وأبي البختري الطائي(82هـ)، وخلاس بن عمرو البصري(قبل 100هـ)، والعلاء بن عبد الرحمن(132هـ)، أو على نحوٍ مجهول ومن دون إسناد، أو برواةٍ تفصلهم عن منشأ الرواية فاصلةٌ كبيرة، من قبيل: المنقول عن الإمام الباقر×.

وعلى أيّ حالٍ فإن متن الرواية في كتاب أصول الاعتقاد، لمؤلِّفه اللالكائي(418هـ)، الذي ورد عن «قبيصة بن جابر الأسدي»، شبيهٌ بالمتن الموجود في كتاب سُلَيْم([79]). ومن الجدير ذكره أن الشيخ المفيد(412هـ) والشيخ الطوسي قد نقلا الرواية عن قبيصة بن جابر الأسدي([80]).

3ـ الرواية التاسعة

إن هذه الخطبة قد وردَتْ في بعض المصادر بشكلٍ مشابه لمتن الرواية الموجودة في كتاب سُلَيْم، وقد رواها عددٌ من الرواة، ليس منهم سُلَيْم بن قيس. وقد تمّ نقل هذه الرواية في كتاب الكافي، للشيخ الكليني(329هـ) ـ بمعزلٍ عن هذا السند: «يعقوب السرّاج، عن جابر، عن أبي جعفر×» ـ، حيث ورد ذكر هذه الخطبة بإسنادٍ مختلفٍ عن «الأصبغ بن نباتة»([81]).

4ـ الرواية الثانية عشرة

ورد في جزءٍ من هذه الرواية من كتاب سُلَيْم خطبة عن الإمام عليّ×، وراويها في بعض المصادر هو جندب بن عبد الله(حوالي 50هـ)، ومن بينها مثلاً: كتاب الغارات، لإبراهيم الثقفي الكوفي(283هـ)([82]). وقد ذكر الشيخ المفيد(413هـ) ذات هذه الخطبة في أماليه، بهذا الإسناد: «عن أبي صادق، عن جندب بن عبد الله الأزدي قال: سمعتُ أمير المؤمنين»، نقلاً عن مؤلِّف الغارات([83]).

5ـ الرواية الخامسة عشرة

لقد ذكر نصر بن مزاحم المنقري(212هـ) هذا النصّ، في كتابه وقعة صفّين، عن عامر الشعبي(104هـ)([84]). وقد نقله الآخرون، من أمثال: ابن أبي الحديد، عن نصر، عن الشعبي([85]).

6ـ الرواية السابعة عشرة

لقد نقل صاحب كتاب الغارات(283هـ) جزءاً كبيراً من رواية هذا المتن الموجود في كتاب سُلَيْم عن ابن أبي ليلى(83هـ)([86]).

7ـ الرواية الرابعة والثلاثون

تنطوي هذه الرواية على ذكر أمورٍ جرَتْ في الجناح المناوئ للإمام عليّ×، والمسائل التي وقعت بين عمرو بن العاص ومعاوية. ومن الطبيعي أن يكون الناقل لها أحد عناصر جيش معاوية. وقد نقل نصر بن مزاحم(212هـ) ـ مؤلِّف كتاب وقعة صفّين ـ جزءاً من وقائع هذه الرواية عن كلام الأصبغ بن ضرار الأزدي، وهو من أفراد معسكر الشام، على نحو المتن الموجود في كتاب سُلَيْم([87]).

8ـ الرواية الخامسة والثلاثون

وردَتْ هذه الرواية بعينها في كتاب وقعة صفّين، لنصر بن مزاحم(212هـ)، نقلاً عن زيد بن وهب(96هـ)([88]). كما أن نصر بن مزاحم نقل تتمّة هذه الرواية، في كتاب وقعة صفّين، عن عامر الشعبي(104هـ)([89])، وهذا المتن هو الآخر نظير المتن الموجود في كتاب سُلَيْم أيضاً.

9ـ الرواية الثالثة والأربعون

إن هذه الرواية المعروفة بخطبة المتَّقين أو همّام، بالإضافة إلى سُلَيْم بن قيس، قد ورد ذكرها في الكثير من المصادر نقلاً عن العديد من الأشخاص، مثل: ابن عبّاس(68هـ)، ونوف البكّالي(73هـ)، وعليّ بن الحسين زين العابدين×(95هـ)، والحسن البصري(110هـ)، وأبو جعفر(114هـ)، والإمام الباقر×، والعالم، أو على نحو مجهول([90]). وهذه الرواية إنما هي في الأساس متنٌ من التراث الصفويّ، وليست لأمير المؤمنين×([91]).

وعلى أيّ حالٍ فإن متن خطبة همّام في الكتاب الراهن لسُلَيْم شبيهٌ بمتنها في المصادر المختلفة، بَيْدَ أنها أقرب شَبَهاً ودلالةً بمتنها في كتاب التمحيص، المنسوب إلى الإسكافي(336هـ)، أو المنسوب إلى ابن شعبة الحرّاني(حوالي 381هـ)([92]).

10ـ الرواية التاسعة والستون

لو قسَّمنا هذه الرواية إلى قسمين نجد أن القسم الثاني منها عبارةٌ عن الحديث الموجود في كتاب سُلَيْم، وهو عبارةٌ عن روايةٍ مأثورة عن الإمام الباقر×، وهي موجودةٌ في مصدرين متقدِّمين في الحدّ الأدنى([93]). كما أن هذه الرواية الموجودة في كتاب سُلَيْم وردَتْ بشكلٍ مشابه تقريباً في بعض المصادر، مثل: تاريخ الطبري(310هـ)، نقلاً عن جندب بن عبد الله(حوالي 50هـ)([94]).

ب ـ إشاراتٌ وخلاصات

إن هذه المعطيات تشير إلى أن رواة متن الروايات الموجودة في كتاب سُلَيْم هم من الرواة الآخرين، الذين هم في الغالب من أصحاب الإمام عليّ× والتابعين، من أمثال:

1ـ جندب بن عبد الله الأزدي(حوالي 50هـ).

2ـ الأصبغ بن نباتة التميمي الحنظلي المشاجعي الكوفي(حوالي 64هـ).

3ـ قبيصة بن جابر الأسدي(69هـ).

4ـ سعد بن مالك بن سنان، المعروف بأبي سعيد الخدريّ(74هـ).

5ـ أبو عيسى عبد الرحمن يسار الأنصاري الكوفي، الملقب بابن أبي ليلى(83هـ).

6ـ أبو سليمان زيد بن وهب الجهني الكوفي(96هـ).

7ـ أبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبي الحميري الكوفي(104هـ).

وبعض الرواة هم من أسرى الحرب، من أفراد الجيش المعادي للإمام عليّ×، من أمثال: الأصبغ بن ضرار الأزدي.

وكذلك يبدو أن بعض الروايات الموجودة في نماذج النُّسَخ المتنوِّعة لسُلَيْم إنما هي من الإضافات المتأخِّرة إلى هذا الكتاب، من قبيل: خطبة همّام؛ فهي ـ بالإضافة إلى أنها ليست للإمام عليّ× ـ لم يَرِدْ لها ذكرٌ في أكثر نُسَخ الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم.

وعلى هذا الأساس؛ حيث إن مطالب الكتاب المنسوب إلى سُلَيْم هي في الغالب روايات تاريخية؛ ومن ناحيةٍ أخرى فإن الهويّة التاريخية لسُلَيْم بن قيس موضع غموضٍ جادّ، ولا نمتلك معلوماتٍ عنه، يبدو أن كاتباً قد جمع بعض الروايات من المصادر، وأضاف إليها بعض العبارات، ونسب هذا المتن التاريخيّ ـ عَمْداً أو سَهْواً ـ إلى سليم بن قيس، المجهول أو المستعار. وبطبيعة الحال، حتّى لو لم نعتبر مجموع الكتاب منتَحَلاً فلا أقلّ من القول بأن هناك الكثير من الروايات التي تسلَّلت إليه من مصادر أخرى([95]).

الهوامش

(*) باحثٌ ومحقِّقٌ متخصِّصٌ في الدراسات الإسلاميّة والتراث الإسلاميّ.

([1]) عنوان هذه الموسوعة في الأصل الفارسي (دانشنامه سُلَيْم بن قيس)، وهي قَيْد النشر.

([2]) للمزيد من الاطلاع انظر: عبد المهدي جلالي، پژوهشي درباره سليم بن قيس هلالي (دراسة حول سُلَيْم بن قيس الهلالي)، مجلة مطالعات إسلامي، العدد 60: 89 ـ 126. (مصدر فارسي).

([3]) من ذلك ـ على سبيل المثال ـ: لتطبيق «قيس بن عبادة» انظر: علي يحيى، «سُلَيْم بن قيس در كتب ستّه» (سُلَيْم بن قيس في الكتب الستّة)، مقالة مكتوبة يدوياً، 1397هـ.ش؛ ولتطبيق «سليمان بن قيس اليشكري» انظر: محمد قندهاري، بازشناسي هويت تاريخي سُلَيْم بن قيس الهلالي (التعريف بالهوية التاريخية لسُلَيْم بن قيس الهلالي)، أطروحة علمية على مستوى الدكتوراه، من جامعة طهران پرديس فارابي (قم)، 1398هـ ش. (مصدران فارسيان).

([4]) انظر: سُلَيْم بن قيس، أسرار آل محمد: 17 ـ 27، انتشارات دليل ما، قم، 1397هـ.ش؛ كاظم أستادي، أسرار آل محمد وسُلَيْم بن قيس (جدول تقويمي للسيرة الذاتية)، انتشارات بوستان كتاب، قم، 1399هـ.ش.

([5]) انظر على سبيل المثال: النسخة المطبوعة، في ما يتعلَّق بالروايات المرويّة عن سلمان: 1، و4، و6، و21، و24، و38، و44، و45، و47، و49، و58، و62؛ وعن أبي ذرّ: 6، و21، و24، و38، و44، و46؛ وعن المقداد: 6، و21، و24، و36، و38، و44؛ وعن ابن عباس: 30، و33، و48، و61، و66.

([6]) انظر على سبيل المثال: سُلَيْم بن قيس، أسرار آل محمد: 272.

([7]) انظر: سُلَيْم بن قيس، كتاب سُلَيْم (ثلاثة مجلّدات) 1: 43 ـ 58، دار الهادي، قم، 1373هـ.ش.

([8]) انظر: سُلَيْم بن قيس، أسرار آل محمد: 289، ح10.

([9]) على الرغم من وجود روايةٍ واحدة عن انتساب سُلَيْم إلى شرطة الخميس في كتاب الاختصاص المضطرب والمشوَّش، والذي لم يُعْرَف مؤلِّفه، وتاريخ تأليفه، ولكنْ حتّى هذا النقل المشوَّش لا يتطابق مع المصادر التاريخية المهمّة الأخرى، التي تعرّضت للتعريف بشرطة الخميس. ويبدو أن هذه العبارة في كتاب الاختصاص هي من الإضافات اللاحقة من دفتر الملاحظات المتفرِّقة. انظر: المفيد، الاختصاص: 3، دار المفيد، بيروت ـ لبنان، 1414هـ.

([10]) انظر: محمد بن أحمد الذهبي، تذكرة الحفّاظ 1: 9، 1419هـ؛ محمد بن جرير الطبري، تاريخ الطبري 4: 204، دار التراث، بيروت، 1387هـ.

([11]) قال البلاذري: لم يكن هناك مَنْ يستطيع القراءة والكتابة في قريش عند دخول الإسلام سوى سبعة عشر رجلاً. (انظر: أبو الحسن البلاذري، فتوح البلدان: 453). كما يتّضح من قلّة عدد كتّاب الوَحْي أن وضع الكتابة في صدر الإسلام كان محدوداً للغاية؛ والعدد الأكبر الذي تمّ رصده لا يتجاوز ثلاثة وأربعين كاتباً. (انظر: حفني ناصف، تاريخ الأدب أو حياة اللغة العربية: 62، مصر، 1958م).

([12]) انظر: كاظم أستادي، «بازشناسي مؤلف وقدمت تاريخي كتاب هاي منسوب به سُلَيْم بن قيس» (التعريف بالمؤلِّف والسابقة التاريخية المنسوبة إلى سُلَيْم بن قيس)، مجلّة بين المللي مطالعات    إيراني ـ إسلامي، الدورة 11، العدد 3، 1400هـ.ش. (مصدر فارسي).

([13]) حديث 1 موجود، حديث 2 شبه كبير، حديث 3 متوسط، حديث 4 كثير، حديث 5 متوسط، حديث 6 بلا.

([14]) للمزيد من الاطلاع حول روايات سُلَيْم في آثار القرون الأولى انظر: كاظم أستادي، نسبت منابع نخستين وسُلَيْم (نسبة المصادر الأولى إلى سُلَيْم): 542، مكتبة دار الحديث، قم، 1399هـ.ش. (مصدر فارسي).

([15]) للمزيد من الاطلاع، وبالإضافة إلى فهرسة النسخة المطبوعة، انظر: الفهرسة الموضوعية لكتاب سُلَيْم، المجلد الثالث، تحقيق: محمد باقر الأنصاري.

([16]) انظر: كتاب سُلَيْم بن قيس الهلالي: 918.

([17]) هكذا ورد في النصّ، والموجود في كتاب سُلَيْم هو: (مَنْ أخذتموه من الأعاجم فبلغ طول هذا الحبل فاضربوا عنقه)، وفي نصٍّ آخر: (اعرض من قبلك من أهل البصرة، فمَنْ وجدته من الموالي ومَنْ أسلم من الأعاجم قد بلغ خمسة أشبار فقدِّمه فاضرب عنقه). (المعرِّب).

([18]) للمزيد من الاطلاع انظر: رسول قليج، بررسي ديدگاه عالمان شيعه درباره كتاب سليم بن قيس با تأكيد بر نقد ديدگاه هاي معاصر (أطروحة علمية من جامعة الأديان والمذاهب): 64 فما بعد، 1390هـ ش. (مصدر فارسي).

([19]) خللٌ في الترقيم من المصدر. (المعرِّب).

([20]) للمزيد من الاطلاع انظر: السيد محمد سلطاني، بازخواني كهن ترين ميراث مكتوب شيعه: 190 فما بعد، نشر برگ فردوس، قم، 1398هـ ش؛ وانظر أيضاً: مژگان خان بابا ومجيد معارف، «بررسي ونقد أحاديث قرطاس در كتاب سليم بن قيس الهلالي»، مجلة پژوهش نامه قرآن وحديث، العدد 15، خريف وشتاء عام 1393هـ.ش. (مصدران فارسيان).

([21]) انظر: كاظم أستادي، نسبت منابع نخستين وسليم (نسبة المصادر الأولى إلى سُلَيْم)، الفصل الثاني، مكتبة دار الحديث، قم، 1399هـ.ش. (مصدر فارسي).

([22]) انظر: كاظم أستادي، مأخذ شناسي سليم وكتابِ أو (مصادر سُلَيْم وكتابه)، الفصل الرابع، أرزشمند، قم، 1399هـ.ش. (مصدر فارسي).

([23]) وحيث كان الناسخ فارسياً فقد كثر فيها الغلط.

([24]) في النصّ الفارسي (بدان)، بدلاً من (بداره).

([25]) في النصّ الفارسي (القريني)، بدلاً من (العريضي).

([26]) انظر للمزيد من الاطلاع: كاظم أستادي، گزارش وبررسي شكلي أسناد نسخه هاي خطّي كتاب هاي منسوب به سليم بن قيس (التقرير والبحث الشكلي لأسانيد مخطوطات الكتب المنسوبة إلى سُلَيْم بن قيس). (مصدر فارسي).

([27]) انظر: عبد الرزّاق بن همام الصنعاني، المصنّف 3: 75.

([28]) انظر: الطوسي، الفهرست: 143.

([29]) انظر: المرعشي، الرقم: 15612، الورقة 1.

([30]) للمزيد من الاطلاع انظر: كاظم أستادي، أصالت سنجي وبررسي أسناد نسخه هاي خطي منسوب به سليم بن قيس (تقييم أصالة أسانيد المخطوطات المنسوبة إلى سُلَيْم بن قيس). (مصدر فارسي).

([31]) ورد ذكرها في هذه الروايات: 11 و12 و13 و14 و16 و17 و19 و20 و23 و25 و26 و27 و28 و29 و31 و34 و35 و43 و56 و59 و60 و65 و67 و69 (طبقاً لترقيمات النسخة المطبوعة).

([32]) ورد ذكرها في الروايات الآتية: 2 و7 و8 و9 و10 و15 و18 و21 و32 و33 و40 و41 و51 و53 و54 و63 و64 و70.

([33]) وهم: جابر بن عبد الله الأنصاري، الرواية رقم 50؛ ومحمد بن مسلمة، سعد بن مالك، وعبد الله بن عمر، الرواية رقم 57؛ وكذلك: سعد بن أبي وقاص، الروايتان رقم 55 و56. انظر: سُلَيْم بن قيس، أسرار آل محمد.

([34]) انظر: ابن حجر العسقلاني، تقريب التهذيب 1: 31؛ تهذيب التهذيب 1: 99، حيدر آباد دكن، 1326هـ؛ محمد بن أحمد الذهبي، ميزان الاعتدال في نقد الرجال 1: 14، دار الكتب العلمية، 1416هـ.

([35]) انظر: رجال الطوسي: 106، 1380هـ؛ العلاّمة الحلّي، الرجال: 99، 1382هـ.

([36]) انظر: النوري، مستدرك الوسائل 3: 32، طهران.

([37]) انظر: المامقاني، تنقيح المقال 1: 3، 1351هـ.

([38]) انظر: النسائي، الضعفاء والمتروكون: 47؛ الدراقطني، الضعفاء والمتروكون: 285؛ الجوزجاني، أحوال الرجال: 102؛ ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب 1: 98، نقلاً عن أحمد بن حنبل.

([39]) انظر: الحافظ المزي، تهذيب الكمال 2: 22، 1404هـ.

([40]) انظر: الذهبي، ميزان الاعتدال 1: 12، 1382هـ.

([41]) انظر على سبيل المثال: عبد المهدي جلالي، راوي كتاب سُلَيْم بن قيس بر ترازو (راوي كتاب سُلَيْم بن قيس في الميزان)، مجلة علوم حديث، العدد 34، شتاء عام 1383هـ.ش. (مصدر فارسي).

([42]) انظر: سُلَيْم بن قيس، أسرار آل محمد|: 206.

([43]) انظر: المصدر السابق: 208.

([44]) انظر: أحمد بن الحسين ابن الغضائري، رجال ابن الغضائري: 36، إعداد: الحسيني الجلالي، دار الحديث، قم، 1422هـ.

([45]) انظر: كاظم أستادي، «گونه شناسي روايات عمر بن أذينه وسليم در كتاب كافي كليني» (روايات عمر بن أُذَيْنة وسُلَيْم في كتاب الكافي للكليني)، مجلة آموزه هاي حديثي، الدورة 6، العدد 10، ربيع وصيف عام 1401هـ. (مصدر فارسي).

([46]) انظر: المصدر السابق.

([47]) انظر: المصدر السابق.

([48]) انظر: ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب 4: 54.

([49]) انظر: أبو القاسم الخوئي، معجم رجال الحديث 18: 264 ـ 265، 1403هـ.

([50]) انظر: المزي، تهذيب الكمال 28: 303، 1422هـ.

([51]) انظر: النعماني، الغيبة: 57 ـ 110، 1397هـ.

([52]) انظر: كاظم أستادي، نسبت منابع نخستين وسليم (نسبة المصادر الأولى إلى سُلَيْم): 400، 1399هـ.ش؛ كاظم أستادي، مأخذ شناسي سليم وكتاب أو (مصادر سُلَيْم وكتابه)، مجموع النصّ، 1399هـ.ش. (مصدر فارسي).

([53]) انظر: كاظم أستادي، مأخذ شناسي سليم وكتاب أو (مصادر سُلَيْم وكتابه)، مجموع النصّ، 1399هـ.ش.

([54]) انظر: المصدر السابق.

([55]) انظر: محمد علي حيدري مزرعه آخوند، كاوشي در پديدآورنده كتاب الاختصاص (بحث حول مؤلِّف كتاب الاختصاص)، مجموع النصّ، مجلة حديث پژوهي، العدد 20، السنة العاشرة، خريف وشتاء عام 1397هـ.ش. (مصدر فارسي).

([56]) انظر: كاظم أستادي، نسبت منابع نخستين وسليم، 1399هـ.ش. (مصدر فارسي).

([57]) انظر: كاظم أستادي، «گونه شناسی روايات معمر بن راشد در منابع شيعي» (روايات معمر بن راشد في مصادر الشيعة)، مجلة حديث أنديشه، العدد 32، شتاء عام 1400هـ.ش.

([58]) انظر: أبو القاسم الخوئي، معجم رجال الحديث 17: 321.

([59]) انظر: رجال الكشي: 545؛ ابن داوود الحلّي، الرجال: 276؛ رجال النجاشي: 332.

([60]) ما بين المعقوفات إضافاتٌ ضرورية اعتمدناها بالنظر إلى ما سبق ويأتي؛ لاكتمال عدد الرواة الثلاثة، وضبط أسمائهم بشكلٍ دقيق. (المعرِّب).

([61]) انظر: الميرزا حسين النوري، مستدرك الوسائل 10: 376؛ 12: 222، 1382هـ.

([62]) انظر: ابن عساكر، تاريخ دمشق 5: 56؛ 31: 27؛ 40: 351؛ 44: 280؛ 45: 26؛ 46: 349؛ 53: 274 ـ 275، و276، و319؛ 56: 201؛ 71: 19، 1415هـ.

([63]) انظر: ابن عساكر، تاريخ دمشق 40: 341 و351 و353 و354، 1415هـ.

([64]) انظر: المصدر السابق 40: 351.

([65]) إن النموذجين الخامس والسادس من النماذج التي ذكرها فضيلة الأنصاري نموذجان افتراضيان وغير حقيقيين. وعليه؛ لكي لا تختلط نماذجنا من النموذج الخامس إلى الثامن بهما، سوف نستعيض عن تعليم هذه النماذح بالحروف الأبجديّة، ونعلِّمها بالكلمات: المجموعة المجهولة، والمجموعة المختلطة.

([66]) لقد تمّ تجريف هذه الحسينية، وتمّ نقل بعض كتبها إلى دار صدام.

([67]) تمّ نقل كتب مؤسسة السيد البروجردي إلى مكتبة السيد البروجردي (مكتبة المسجد الأعظم في قم).

([68]) تمّ إدراج هذا التاريخ في بعض الفهارس، بَيْدَ أن النسخة ذاتها تخلو من التاريخ.

([69]) انظر: رجال ابن الغضائري: 63 و119.

([70]) انظر: المصدر السابق: 36.

([71]) انظر على سبيل المثال: الحسن بن يوسف الحلّي، خلاصة الأقوال في معرفة الرجال: 162، مؤسسة نشر الفقاهة، قم، 1417هـ.

([72]) انظر: كتاب سُلَيْم بن قيس الهلالي: 619، تحقيق: محمد باقر الأنصاري، دار الهادي، قم، 1415هـ؛ وانظر أيضاً: كتاب سُلَيْم بن قيس الهلالي، انتشارات دليل ما، قم، 1397هـ.ش.

([73]) انظر: كتاب سُلَيْم بن قيس الهلالي: 262 ـ 264، 290 ـ 296، 506، 1397هـ.ش.

([74]) انظر: المصدر السابق: 437 و471، 1397هـ.ش.

([75]) انظر: محمد علي حيدري مزرعه آخوند، كاوشي در پديدآورنده كتاب الاختصاص (بحث حول مؤلِّف كتاب الاختصاص)، مجموع النصّ، مجلة حديث پژوهي، العدد 20، السنة العاشرة، خريف وشتاء عام 1397هـ.ش. (مصدر فارسي).

([76]) انظر: كتاب سُلَيْم بن قيس الهلالي: 665، 1397هـ.ش.

([77]) انظر: خليل بن أيبك الصفدي، الوافي بالوفيات 1: 169، إعداد: ددرينغ، بيروت، 1972م.

([78]) انظر: ابن أبي الحديد المعتزلي، شرح نهج البلاغة 1: 219، مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم، 1404هـ؛ وانظر أيضاً: الجوهري، السقيفة 1: 46، 1401هـ.

([79]) انظر: هبة الله بن الحسن اللالكائي، شرح أصول اعتقاد أهل السنّة والجماعة 4: 924، تحقيق: الغامدي، دار طيبة، السعودية، 1423هـ.

([80]) انظر: محمد بن النعمان المفيد، الأمالي: 275، تحقيق: أستاد ولي وعلي أكبر غفاري، مؤتمر الشيخ المفيد، 1413هـ؛ محمد بن الحسن الطوسي، الأمالي: 37، دار الثقافة، قم، 1414هـ.

([81]) انظر: محمد بن يعقوب الكليني، الكافي 2: 49، تحقيق: علي أكبر غفاري، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1407هـ.

([82]) انظر: إبراهيم بن محمد الثقفي، الغارات 2: 493، تصحيح: جلال الدين محدّث، أنجمن آثار ملّي، طهران، 1395هـ.

([83]) انظر: المفيد، الأمالي: 145.

([84]) انظر: نصر بن مزاحم، وقعة صفّين: 520، مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم، 1404هـ.

([85]) انظر: ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة 2: 239.

([86]) انظر: إبراهيم بن محمد الثقفي، الغارات: 8.

([87]) انظر: نصر بن مزاحم، وقعة صفّين: 470.

([88]) انظر: المصدر السابق: 391.

([89]) انظر: المصدر السابق: 392.

([90]) انظر: كاظم أستادي، شناسايي گوينده خطبه مشهور به متقين، مجلة مطالعات أدبيات شيعي، الدورة ١، العدد ٢: 29، صيف 1401هـ.

([91]) انظر: المصدر السابق: 49.

([92]) انظر: محمد بن همام الإسكافي أو ابن شعبة الحرّاني، التمحيص: 70، مدرسة الإمام المهدي×، قم.

([93]) انظر: ابن أبي الدنيا، المقتل: 46، دار البشائر الإسلامية، بيروت، 1422هـ؛ محمد بن أحمد التميمي المغربي، المحن: 100، دار العلوم، الرياض، 1404هـ.

([94]) انظر: محمد بن جرير الطبري، تاريخ الطبري 5: 146.

([95]) انظر: أستادي، «مشابهت يابي روايات كتاب سليم وبررسي حالات بيش رو»، مجموع المتن، مجلة مطالعات أدبيات شيعي، الدورة 1، العدد 4، شتاء 1401هـ. (مصدر فارسي).

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً