أحدث المقالات

أ. حسين خليفة(*)

د. السيد رضا مؤدّب(**)

ترجمة: السيد حسن علي الهاشمي

مقدّمةٌ

إن عصمة الإمام من أهمّ العقائد التي يؤمن بها المتكلِّمون الشيعة، إلى الحدّ الذي اعتبروا معها أن شرعيّة الإمام متوقِّفةٌ على العصمة([1]). وهناك مَنْ عَدَّ هذه الصفة صفةً مشتركة بين الأنبياء والملائكة والأئمّة؛ حيث يجب أن لا يصدر عن هذه الأصناف الثلاثة شيءٌ من الكبائر، ولا من الصغائر([2]). ومن هنا كانت هذه العقيدة عقيدةً راسخة وشائعة بين الشيعة في مسألة الإمامة.

وفي مقابل هذه الرؤية هناك تيّارٌ يرفض اتّصاف الأئمّة بالعصمة. ويذهب القائلون بهذا الرأي تارةً إلى الاعتقاد بأن القول بالعصمة مفهومٌ دخيل على الإسلام من الخارج، وأنه مقتبسٌ من التعاليم الإيرانية القديمة؛ حيث تسلَّلَتْ من الفرس إلى المجتمع الشيعيّ([3])؛ وتارةً أخرى يقولون: إن مفهوم العصمة من صنع أذهان الشيعة.

ومن ذلك، على سبيل المثال، أن پول ووكر([4]) يرى أن هذا المفهوم لا مكان له في القرآن والروايات، وأن المسلمين الأوائل لم يكونوا يقولون بعصمة الأنبياء، وأن الشيعة هم الذين روَّجوا لهذه الفكرة لاحقاً، ومن خلال العمل على توسيع دائرة هذا المفهوم جعلوا العصمة شاملةً للأئمّة أيضاً([5]).

كما ذهب ويلفرد مادلونغ([6]) إلى تأييد كلام ووكر في هذا الشأن، وقال بأن انتشار نظريّة كمال العصمة ـ التي لا يمكن العثور على لفظها في القرآن، من وجهة نظره ـ بين الشيعة يعود إلى النصف الأوّل من القرن الثاني([7]).

وقد ذهب دوايت دونالدسن([8]) بدَوْره إلى القول بأن الشيعة هم منشأ هذه الرؤية، وقال بأنها قد بلغَتْ ذروتها في عصر الشيخ الكليني، والشيخ الصدوق، والشيخ المفيد([9]).

وفي نهاية المطاف ذهب إجناتس جولدتسيهر([10]) ـ وهو من المؤسِّسين للدراسات الإسلامية الحديثة، وقد تركَتْ أفكاره تأثيراً عميقاً على آراء سائر المستشرقين ـ إلى القول بأن عصمة الأئمّة من مبالغات الشيعة في هذا الشأن([11]).

وقد انتشرَتْ جبهة التفكير المخالف للعصمة إلى الحدّ الذي جرفَتْ معها بعض الكتّاب من الشيعة أيضاً؛ فقد ذهب السيد حسين المدرسي الطباطبائي ـ تَبَعاً لهذه الرؤية ـ إلى القول بأن نظرية عصمة الأئمّة تعود إلى القرن الهجري الثاني، وأنها من مقترحات المتكلِّم الشيعي الكبير هشام بن الحكم([12]).

كما ذهب مقصود فراستخواه بدَوْره إلى اتّهام الشيعة بتضخيم هذا المقام، وطالب بإعادة النظر في القول بمفهوم عصمة المعصومين. وقال في تحليل له: «في ما يتعلَّق بمسألة العصمة كان اعتقاد المتكلِّمين من الشيعة أكثر مبالغةً وغلوّاً من الآخرين؛ ورُبَما كان ذلك منهم لأنهم أرادوا أن يرسموا لأئمّة مذهبهم صورةً ما فوق بشرية وأسطورية، ترتفع بهم إلى مستوى الأنبياء»([13]).

هناك الكثير من الأبحاث والدراسات التي صدرَتْ بشأن العصمة على طول التاريخ. بَيْدَ أننا حتّى كتابة هذه المقالة لم نعثر على كتابٍ أو مقالةٍ تبحث حول جذور مفهوم عصمة الإمام في القرن الهجريّ الأول.

وبطبيعة الحال فإن مقالة «إطلالةٌ على نظريّة عصمة الإمام، من البداية إلى القرن الهجري الخامس»([14])، لكاتبها: محمد حسين فارياب، قد تناولَتْ مسار العصمة في القرون الخمسة الأولى، إلاّ أنه قد ركَّز فيها على خصوص المسار التاريخي للعصمة، ومراتبها، وبراهينها العقلية، مكتفياً بنقل بعض التقارير المحدودة عن القرن الأوّل، دون تحليلها أو البرهنة عليها.

وقد أورد الدكتور مهدي فرمانيان في مقالةٍ له بعنوان: «المستشرقون وعصمة الأئمّة»([15]) بحثاً قريباً من هذه المقالة. ولكنه بطبيعة الحال لم يعمل فيها على بيان وتحليل ومناقشة رأي الصحابة والتابعين بهذا الشكل.

وقد ذكر أحمد حسين شريفي وحسن يوسفيان بدَوْرهما، في كتاب «بحثٌ في عصمة المعصومين»([16])، أبحاثاً من قبيل: مفهوم وحقيقة العصمة، وإمكان العصمة، والعصمة والاختيار، والعصمة والموهبة، والعصمة في مرحلة الطفولة، وتاريخ العصمة في مختلف الأديان وبين المسلمين. بَيْدَ أن أبحاثهم لم تركِّز على القرن الهجري الأوّل.

لقد تعرَّضنا في هذا المقال إلى أقوال وأفعال الصحابة والتابعين وتابعيهم، ممّا هو مذكورٌ في كتب التاريخ والكلام والرجال والتفسير والحديث؛ لكي نعمل ـ من خلال تحليل النصوص والتقارير المدرجة فيها، والاستناد إلى المنقولات الروائية والتاريخية والموضوعية والكلامية في مجال التفكير الشيعي ـ على إثبات مسألة الإمامة.

ومن الجدير ذكره أننا قد استنَدْنا في هذه المقالة إلى المصادر المتأخِّرة عن القرن الهجري الأوّل؛ إذ لا شَكَّ في أنه لم يصِلْنا كتابٌ مستقلّ في هذا الشأن من القرن الهجري الأوّل. والادّعاء الوحيد الموجود في هذا الشأن يرتبط بكتاب «سُلَيْم بن قيس»، وقد وقع التشكيك فيه من قِبَل الباحثين. بَيْدَ أن الكتب التي تمّ تأليفها في القرون اللاحقة تحتوي بشكلٍ وآخر تقريراتٍ عن الأحداث والنصوص الروائية المنقولة عن القرن الأوّل، والتي تنطوي على أحداث ووقائع هذا القرن. ومن خلال التدقيق في هذه التقارير التاريخية يمكن وضع مرآةٍ أمام الحقائق الموجودة في القرن الهجري الأوّل؛ فإنْ لم يكن هذا المنهج في البحث مقبولاً، وتمّ اتّهامه بعدم العلميّة، لن يعود بالإمكان إثبات أيّ مطلبٍ أو حادثةٍ إسلاميّة مرتبطة بالقرن الأوّل.

 

مفهوم العصمة

إن العصمة من ناحية البنية اللفظية اسم مصدر مشتقّ من مادّة (ع ص م)، وتعني لغةً المنع([17]). وهناك مَنْ قال بأن معنى العصمة هو «الإمساك»([18]). وهناك من علماء اللغة مَنْ قال في تعريف العصمة: «العصمة: أن يعصمك الله من الشرّ، أي يدفع عنك»([19]).

إن للمتكلِّمين الإسلاميين في بيان المعنى الاصطلاحي للعصمة عباراتٍ متقاربة من بعضها، ويمكن بيان حصيلتها في هذه العبارة: «إن العصمة لطفٌ إلهيّ يمنحه الله لبعض الأشخاص؛ حتّى يتمكَّنوا في ضوئها من اكتساب العصمة من ارتكاب الذنوب، والعمل على ترك المعاصي، رغم قدرتهم على ارتكابها»([20]).

عصمة الإمام في الآيات والروايات

إن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي اتّفقَتْ كلمة الأمّة الإسلامية ـ رغم جميع الاختلافات الداخليّة فيما بينها ـ على الوثوق بصدوره، واعتباره أهمّ مصدر لاستخراج التعاليم الإسلامية الأصيلة.

وقد تمّ تأييد سنّة النبيّ الأكرم| في بعض الآيات القرآنية([21])، واعتبر القرآن رسول الله| قدوةً وأسوةً للمؤمنين([22]).

وعلى هذا الأساس، فإنه للعثور على أصالة وصوابية أيّ مفهومٍ إسلاميّ يجب الرجوع أوّلاً إلى القرآن الكريم والسنّة النبويّة المطهَّرة، ثمّ الانتقال بعد ذلك إلى الأدلّة الأخرى.

وعليه لا بُدَّ لتصحيح الاعتقاد بعصمة الإمام من الرجوع إلى القرآن الكريم والسنّة النبويّة؛ بوصفهما مصدرَيْن من القرن الهجريّ الأوّل، والبحث في هذين المصدرَيْن العظيمين عن جذور هذا المفهوم. ولذلك سوف نقيم شاهداً من كلٍّ من هذين المصدرَيْن على هذا المدّعى، اختصاراً؛ لكي تتّضح أصالة هذا المفهوم ووجوده في صدر الإسلام.

 

أـ آية التطهير

قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ (الأحزاب: 33).

وللاستدلال بهذه الآية من الضروريّ الالتفات إلى ثلاث نقاط هامّة، وهي:

1ـ إن المراد من الإرادة في هذه الآية هي الإرادة التكوينيّة([23]). والإرادة التكوينيّة تعني الخلق، الذي لا يقبل التخلُّف([24])، ويتعلَّق بفعل المريد (الله)، بمعنى خلق الشيء وإيجاده([25]).

2ـ إن الرِّجْس يعني لغةً الخَبَث([26]). واستعماله في القرآن الكريم شاملٌ لثلاث صور من الخَبَث، وهي: الخَبَث المعنوي، والخَبَث الظاهري، والخَبَث المعنوي والظاهري معاً([27]). وحيث ورد استعمال «الرِّجْس» في هذه الآية بشكلٍ مطلق، ومن دون قيدٍ أو شرطٍ، يكون شاملاً لجميع أنواع الخَبَث.

3ـ هناك الكثير من الآراء المطروحة بشأن بيان المراد من أهل البيت في هذه الآية، ولا سيَّما من قِبَل المحقِّقين غير الشيعة([28])، بَيْدَ أن القدر الجامع بين هذه الآراء والنظريات هو شخص النبيّ الأكرم|، والإمام عليّ×، والسيّدة فاطمة الزهراء÷، والإمامان الحسن والحسين’. إن هذا الرأي موضع إجماعٍ من قِبَل المفسِّرين والعلماء الشيعة. وقد ذكر كبار العلماء من أهل السنّة بدَوْرهم الكثير من الروايات في هذا المعنى([29]). وقال الفخر الرازي بعد نقل حديث الكساء، الذي يحصر مفهوم أهل البيت بهؤلاء الخمسة: «واعلَمْ أن هذه الرواية كالمتَّفق على صحّتها بين أهل التفسير والحديث»([30]).

كيفيّة الاستدلال

ذهب علماء الشيعة ـ في ضوء الالتفات إلى النقاط الثلاثة التي تقدَّم ذكرها ـ إلى الاستدلال بهذه الآية الكريمة على إثبات عصمة أهل البيت^، وذلك على النحو التالي: لقد تعلَّقت إرادةُ الله بأن يُذهب الرِّجْس بلُطْفه عن أهل البيت^ (بالإرادة التكوينيّة)، ومن الواضح جدّاً أن الإرادة التشريعيّة لا يمكن أن تكون هي المقصودة؛ وذلك لوجود هذه الإرادة بالنسبة إلى جميع المكلَّفين([31]). وبالنظر إلى كلمة «إنما»، وهي من أدوات الحَصْر([32])، يتَّضح أن هذه الآية تريد أن تخصّ أهل البيت بشيءٍ لا يشاركهم فيه أحدٌ. وهذا يُعَدّ امتيازاً خاصّاً بأهل البيت^. ويتلخَّص هذا الامتياز بإذهاب الرِّجْس عنهم بالإرادة الإلهيّة التكوينيّة، وهذا هو معنى العصمة.

قال الشيخ الطوسي في تفسيره، بعد بيانه استدلالاً شبيهاً بالاستدلال المتقدِّم ذكره: «وذلك يدلّ على عصمتهم»([33]).

وعلى هذا الأساس، فإن العصمة مسألةٌ تُفْهَم من هذه الآية بأدنى تأمُّلٍ. وإن هذا الاعتقاد بالعصمة، الذي يدّعي الشيعة حاليّاً أنهم يؤمنون به، هو من المفاهيم النابعة من المصدر الوَحْياني، ويُعَدّ لذلك عقيدةً إسلامية أصيلة. وتُعَدّ هذه الآية الكريمة سَنَداً مُحْكَماً للتفكير الشيعيّ الأصيل.

ب ـ حديث الثقلين

إن هذا الحديث من الروايات المذكورة في مصادر الفريقين (الشيعة والسنّة)؛ حيث روَوْه بأجمعهم في كتبهم الروائية والتاريخية والتفسيرية([34])، وأقرّوا بصحّته([35]). وعلى هذا الأساس، يمكن الادّعاء بأن هذا الحديث من المسائل المُجْمَع عليها من قِبَل الفريقين.

كيفيّة الاستدلال

يمكن الاستدلال بهذه الرواية لإثبات العصمة بعدّة صور:

1ـ لقد جعل النبيّ الأكرم| أهل البيت^ في هذه الرواية عِدْلاً للقرآن الكريم، وأمر الناس بالتمسُّك بهما. وحيث إن القرآن الكريم لا يؤدّي إلى الخطأ والضلال؛ فهو معصومٌ من الخطأ، يجب أن يكون أهل البيت^ معصومين من الخطأ أيضاً؛ كي لا يكون التمسُّك بهم موجباً للضلال.

2ـ قال النبيّ الأكرم| في فقرةٍ من هذا الحديث: «وإنهما لن يفترقا حتّى يردا عَلَيَّ الحوض». فلو كان أهل البيت^ يسلكون الخطأ لحصل الافتراق بينهم وبين القرآن؛ لأن القرآن الكريم لا يدعو إلى الذنوب والأخطاء أبداً، وإن المذنب والخاطئ سوف يكون مفترقاً عن القرآن. وعليه فإن عدم افتراق أهل البيت عن القرآن دليلٌ واضح على عصمتهم.

وعلى هذا الأساس، فإن هذه الرواية تثبت تناغم عقيدة الشيعة بعصمة الإمام مع التعاليم الإسلاميّة الخالصة والنابعة من معين السنّة النبوية.

مفهوم العصمة عند الصحابة

إن أفعال الصحابة إذا لم تكن مخالفةً للقرآن الكريم والسنّة القطعيّة للنبيّ الأكرم| يمكن أن تكون مصداقاً عينيّاً للتعاليم التي أخذوها من شخص رسول الله|. إن الصحابة الصالحين؛ بوصفهم قد تتلمذوا على يد رسول الله| مباشرةً، كانوا على الدوام من الدعاة إلى المفاهيم والتعاليم الإسلامية الأصيلة، وكانوا في الأفعال والأقوال بمنزلة المرآة التي تعكس التعاليم الوَحْيانية. ولهذه الغاية سوف نستند ـ لإثبات وجود وانتشار مفهوم عصمة الإمام ضمن التعاليم الدينيّة ـ إلى بعض الشواهد المنقولة لنا عن أقوال وأفعال الصحابة:

1ـ الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)

إن الإمام عليّاً× هو الإمام الأوّل للشيعة. وكان بإقرار كبار أهل السنّة أوّل الناس إسلاماً، وأوّل مَنْ صلّى مع النبيّ الأكرم|([36]).

قال أمير المؤمنين× في خطبةٍ له: «وما وجد لي كذبةً في قَوْلٍ، ولا خطلةً في فعلٍ»([37]). لقد عرَّف الإمام عليّ× نفسه في هذا الكلام بالعصمة من الخطأ؛ لأن العصمة تعني أن يكون المرء معصوماً من الخطأ في القول والعمل. وقال الشيخ محمد جواد مغنيّة في شرح هذه الكلمة من الإمام عليّ: «هذا معنى العصمة عند الشيعة، لا كذب في قولٍ، ولا زلّة في فعلٍ»([38]).

والملفت أن الشيخ محمد عبده ـ وهو يُعَدّ من مشاهير علماء أهل السنّة، وينشط في الجبهة المقابلة لأهل البيت^ ـ قال في شرح معنى «الخطلة»: «الخطلة مفرد خطل، مثل: فرحة مفرد فرح، والخطل هو الخطأ الذي يكون عن سَهْوٍ»([39]).

وعلى هذا الأساس، فقد نفى أمير المؤمنين× عن نفسه حتّى الخطأ السَّهْويّ أيضاً. وهذا هو معنى العصمة الذي تقول به الشيعة؛ حيث يقولون: إن الإمام لا يرتكب حتّى الذنوب والأخطاء السَّهْويّة أيضاً.

وفي روايةٍ أخرى، نقل الكليني عن سُلَيْم قال: قال أمير المؤمنين×: «إن الله ـ تبارك وتعالى ـ طهَّرنا وعصمنا، وجعلنا شهداء على خلقه، وحجّته في أرضه، وجعلنا مع القرآن، وجعل القرآن معنا، لا نفارقه ولا يفارقنا»([40]).

إن هذا الكلام من أمير المؤمنين× يدلّ من أوّله إلى منتهاه على عصمة أهل البيت والأئمّة^.

فقد قال الإمام في البداية: «إن الله ـ تبارك وتعالى ـ طهَّرنا». إن إطلاق الكلام هنا يشمل جميع أنواع الأرجاس والأدناس. وعليه فإن أهل البيت^ لا يصدر عنهم أيّ نوعٍ من أنواع الذنوب، التي هي من أعظم الأرجاس؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى قد طهَّرهم. وفيما لو صدر عنهم الذنب والخطأ فهذا يعني أن الإرادة الإلهيّة سوف تنتقض بخصوصهم.

ثمّ عاد الإمام ليبيِّن هذا المعنى مرّةً أخرى ببيانٍ أوضح؛ حيث قال: «عصمنا». وهذه العبارة، بالإضافة إلى التصريح بعصمة أهل البيت^، تحتوي على إطلاقٍ، وتعني أن الله قد عصمنا من ارتكاب جميع أنواع الأخطاء.

ثمّ قال الإمام× في نهاية كلامه: «وجعلنا مع القرآن، وجعل القرآن معنا، لا نفارقه ولا يفارقنا». إن هذه الفقرة من كلام أمير المؤمنين× تدلّ بدَوْرها على عصمتهم؛ وذلك لقيام إجماع الأمّة الإسلامية على أن القرآن لا يهدي إلى الخطأ، وأن القرآن الكريم معصومٌ أبداً. وعليه إذا أمكن أن يصدر الخطأ والذنب عن أهل البيت^ فهل يصحّ من الله أن يقرنهم بالقرآن أو يقرن القرآن بهم؟! ففي حالة صدور الذنب عن أهل البيت^ لن تكون لهم مزيّةٌ على سائر أفراد الأمّة، لينفردوا من دونهم بالاقتران بالقرآن. إذن يجب أن يكون أهل البيت^ على الطريق الصواب، وأن يكونوا بعيدين عن أيّ انحرافٍ؛ ليكون القرآن معهم ويكونوا مع القرآن؛ وإلاّ لو صدر عنهم أدنى خطأ فسوف يكون افتراقهم عن القرآن أمراً مسلَّماً وضروريّاً.

وبهذا البيان المتقدِّم يتّضح أن أمير المؤمنين×، وهو أحد الصحابة الأوائل، كان يؤمن بعصمة الإمام، بل وقد صرَّح بذلك في بعض الموارد أيضاً.

والنقطة الجديرة بالتأمُّل أن الإمام عليّاً× لم يتعرَّض ـ في أيٍّ من هذه المواطن التي صرَّح فيها بعصمته ـ لإنكار كلامه من قِبَل سائر الصحابة. وهذا يمثِّل دليلاً قويّاً على أن المسلمين الأوائل قد تلقَّوْا مفهوم عصمة الإمام بالقبول والتسليم.

2ـ السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)

كانت السيّدة فاطمة الزهراء÷ سيّدة نساء العالمين([41])، وبنت النبيّ الأكرم|، وأحبّ النساء إلى قلبه([42]).

رُوي عن السيّدة فاطمة الزهراء÷ أنها قالت في الخطبة الفَدَكية: «أيها الناس، اعلموا أني فاطمة، وأبي محمّد، أقول عَوْداً وبَدْءاً، ولا أقول ما أقول غَلَطاً، ولا أفعل ما أفعل شَطَطاً»([43]).

تتحدَّث السيّدة الزهراء في هذه الكلمة ـ بعد التعريف بنفسها ـ عن صفاتٍ تعبِّر عن عصمتها:

1ـ بقولها: «لا أقول ما أقول غَلَطاً» نفَتْ عن نفسها الخطأ في الأقوال، وقالت: إنه لا يقع في كلامها خطأٌ أبداً.

2ـ وبقولها: «لا أفعل ما أفعل شَطَطاً» ذكرَتْ أن سلوكها وفعلها لا ينطوي بدَوْره على أيّ زللٍ أو خطأ أيضاً.

وهذا هو ما يدَّعيه الشيعة في خصوص العصمة أيضاً؛ حيث يقولون بأن العصمة تعني أن لا يصدر الخطأ عن الشخص المعصوم في القول والعمل.

والنقطة الجديرة بالتأمُّل أن هذا الكلام قالته السيّدة فاطمة الزهراء÷ على الملأ، ولم يصدر عن الأصحاب أيُّ إنكارٍ في هذا الشأن، وهذا دليلٌ على أُنْس المسلمين والمجتمع في ذلك العصر بهذا المعنى وهذا المفهوم الإسلاميّ من العصمة.

 

3ـ سلمان الفارسي

إن سلمان الفارسيّ من خيار أصحاب رسول الله|([44])، وهو الركن الأوّل من الأركان الأربعة([45]).

روى القاضي أبو حنيفة النعمان أن سلمان الفارسي قال مخاطباً جماعةً: «قلتم: كان ألف نبيٍّ وألف وصيٍّ؛ فاهتدَتْ الأنبياء والأوصياء، وضلّ وصيُّ نبيِّنا من بينهم؟ كذبتم، واللهِ، ما ضلّ، ولكنّه كان هادياً مهديّاً»([46]).

إن سلمان الفارسي بقوله: «واللهِ، ما ضلّ» ينفي الضلالة عن الإمام عليّ بن أبي طالب×. ولا شَكَّ في أن المراد من الضلالة هنا هي مخالفة الأوامر الإلهيّة. وعليه فإن سلمان الفارسي يرى أن الإمام عليّاً× لم يعْصِ الأوامر الإلهية أبداً، وأنه لم يُخالِف التعاليم الإلهية في أيّ مسألةٍ من المسائل، وهذا هو معنى العصمة.

لو لم يكن الإمام عليٌّ× معصوماً، وكان احتمال الخطأ وارداً في حقّه، فإنه ـ بالإضافة إلى سقوطه في الضلال على المستوى الشخصيّ ـ سوف يعرِّض الآخرين إلى خطر الضلال والانحراف أيضاً. بَيْدَ أن سلمان الفارسي قال بعد ذلك: «كان هادياً مهديّاً»، حيث نفى بذلك الأخطاء الفرديّة عن الإمام عليّ×، كما نفى عنه الأخطاء الاجتماعية المرتبطة بمجال الإمامة أيضاً. وعرَّف الإمام بوصفه شخصاً هادياً ومهديّاً. وعليه يجب اعتبار سلمان الفارسي ضمن المعتقدين بعصمة الإمام أيضاً.

4ـ أبو ذرّ الغفاري

كان أبو ذرّ الغفاري من كبار أصحاب رسول الله|، ويُعَدّ واحداً من الأركان الأربعة([47]).

قال أبو ذرّ الغفاري لعددٍ من الصحابة الذين التقَوْا به في الربذة: «إنْ كانت بعدي فتنةٌ ـ وهي كائنةٌ ـ فعليكم بكتاب الله والشيخ عليّ بن أبي طالب×؛ فإني سمعْتُ رسول الله| وهو يقول: عليٌّ أوّل مَنْ آمن بي وصدَّقني، وهو أوّل مَنْ يُصافحني يوم القيامة، وهو الصدِّيق الأكبر، وهو الفاروق بعدي، يفرق بين الحقّ والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة»([48]).

إن جميع مواضع هذا الكلام من أبي ذرّ الغفاري تشتمل على دلالةٍ بشأن عصمة الإمام عليّ×. وفي ما يلي نشير إلى هذه المواضع:

1ـ نصح أبو ذرّ الناس بالتوجُّه إلى الإمام عليّ× عند وقوع الفتنة بقوله: «فعليكم بكتاب الله والشيخ عليّ بن أبي طالب×». لقد وصف أبو ذرّ الإمام عليّاً× بأنه عِدْل القرآن، ونصح لذلك بضرورة التمسُّك بهما معاً. إن تكافؤ الإمام عليّ× مع القرآن دليلٌ واضح على عصمته×؛ إذ كما أن القرآن معصومٌ، ولا يصدر عنه الخطأ أبداً، يجب أن يتّصف عِدْله [الإمام عليّ×] بهذه الصفة أيضاً؛ لكي لا تؤدّي إطاعته إلى الضلال والضياع.

2ـ لقد ذكر أبو ذرّ الرجوع إلى الإمام عليّ× بشكلٍ مطلق، ولو أنه كان قد رصد أدنى ذنبٍ أو خطأ عند الإمام عليّ×، ولم يكن لديه اعتقادٌ بعدم انحراف الإمام ـ وهذا هو معنى العصمة ـ، لكان إطلاق كلامه مشكلاً، ولما أمكنه بيان الرجوع إلى الإمام عليّ× على غرار الرجوع إلى القرآن الكريم، دون قيدٍ أو شرطٍ.

3ـ ينقل أبو ذرّ الغفاري روايةً عن النبيّ الأكرم|، يقول فيها: «وهو [الإمام عليّ×] أوّل مَنْ يصافحني يوم القيامة». فلو كان الإمام عليّ× خاطئاً، أو لا يهدي الناس في موارد الفتن، فهل يصحّ أن يكون هو أوّل مَنْ يصافح النبيّ الأكرم| يوم القيامة؟! إن هذه الرواية إنما يكتب لها التحقُّق إذا كان الإمام عليّ× معصوماً من جميع أنواع الذنوب والأخطاء. وعليه فإن أبا ذرّ من خلال روايته لهذا الحديث إنما يتكلَّم في الواقع عن عصمة الإمام عليّ×.

4ـ ثمّ استطرد أبو ذرّ في بيان تتمّة هذه الرواية عن النبيّ الأكرم|، قائلاً: «وهو الصدِّيق الأكبر، وهو الفاروق بعدي، يفرق بين الحقّ والباطل». فإذا كان الإمام عليّ× مذنباً وخاطئاً كيف يمكن الاطمئنان إلى كونه فارقاً بين الحقّ والباطل واقعاً، وإن الذي يعرِّفه بوصفه حقّاً هو حقٌّ في الواقع، وما يقول: إنه باطلٌ هو باطلٌ حقّاً؟ إن الفصل بين الحقّ والباطل في الفتن لا يكون إلاّ من قِبَل الشخص المعصوم من الانحراف في القول والعمل.

إن هذا التقرير يثبت أن أبا ذرّ الغفاري كان من المعتقدين بالعصمة في مسألة الإمامة، ويرى أن الإمام عليّاً× كان معصوماً من جميع أنواع الأخطاء والذنوب والمعاصي.

5ـ عمّار بن ياسر

لقد كان عمّار بن ياسر من أوائل المسلمين من الصحابة([49])، ويُعَدّ من نجباء أصحاب رسول الله|([50])، وأصفياء أصحاب الإمام عليّ×([51]).

في حوارٍ دار بين عمّار بن ياسر والزبير بن العوّام قال عمّار للزبير: «والله، يا أبا عبد الله، لو لم يبْقَ أحدٌ إلاّ خالف عليّ بن أبي طالب× لما خالفتُه، ولا زالَتْ يدي مع يده؛ وذلك لأن عليّاً لم يزَلْ مع الحقّ منذ بعث الله نبيَّه|»([52]).

يقرّ عمار بن ياسر في هذا الكلام، الذي دعمه وأيَّده بقَسَمٍ مغلَّظ، بالقول: «لو لم يبْقَ أحدٌ إلاّ خالف عليّ بن أبي طالب× لما خالفتُه، ولا زالَتْ يدي مع يده». ولا يكون ذلك إلاّ لاعتباره الإمام عليّاً× معصوماً من الخطأ، وإلاّ فإنه لو لم يكن يعتبر الإمام× معصوماً لما كان هناك معنىً لترجيحه البقاء معه على جميع الخلق.

ثمّ استطرد عمّار بن ياسر يقول، ضمن تعليله لهذا الاعتقاد: «لأن عليّاً لم يزَلْ مع الحقّ منذ بعث الله نبيَّه|، ولم ينفصل عنه أبداً». إن اعتبار الإمام عليّ× مع الحقّ دليلٌ آخر على اعتقاد عمّار بن ياسر بعصمته؛ لأن الحقّ لا يمتزج بالباطل، ولا يختلط به أبداً، وإن كون الإمام عليّ× على الحقّ يعني في الحقيقة أن هذا الإمام لا يقترف الباطل، ممثَّلاً بالذنوب والمعاصي والأخطاء، على الإطلاق.

وعلى هذا الأساس، يجب أن يكون عمّار بن ياسر من المعتقدين حقّاً بالعصمة في مسألة الإمامة.

6ـ جابر بن عبد الله الأنصاريّ

كان جابر بن عبد الله الأنصاريّ من مشاهير الصحابة، ومن أجلّة وفضلاء أصحاب النبيّ الأكرم|([53]).

وقد روى جابر حديثاً عن رسول الله|، قال فيه: «إن مَلَكَيْ عليّ بن أبي طالب× ليفتخران على سائر الأملاك؛ لكونهما مع عليّ بن أبي طالب×؛ لأنهما لم يصعدا قطّ بشيءٍ إلى الله تعالى يُسخطه»([54]).

إن نقل روايةٍ يمثِّل في الحقيقة إعلاناً وإقراراً بأن مفادها كان مطروحاً في عصر الراوي بوصفه مفهوماً إسلاميّاً. وإن جابر بن عبد الله من خلال نقله لهذه الرواية يقرِّر حديثاً يثبت عصمة الإمام عليّ×. إن هذا الحديث في الواقع هو نصٌّ في العصمة؛ لأن ارتكاب الذنب والمعصية يستجلب سخط الله وغضبه، وإن عدم كتابة المَلَكين الكاتبين لأعمال الإمام عليّ× ما يُسخط الله يعني أن الإمام عليّاً لم يرتكب معصيةً أبداً، وليست العصمة في الواقع شيئاً سوى ذلك. وهذا ما فهمه بعض العلماء أيضاً، وقال في هامش هذه الرواية: «هذا نصٌّ في العصمة»([55]).

وعلى هذا الأساس، يجب اعتبار جابر بن عبد الله الأنصاريّ من المعتقدين بالعصمة في مسألة الإمامة.

مفهوم العصمة بين التابعين وتابعي التابعين

إن الذين جاؤوا بعد عصر الصحابة من المسلمين قد عمدوا إلى تنظيم علومهم الدينيّة من خلال ما بلغهم من الصحابة. إن التابعين وتابعيهم؛ بسبب انتمائهم إلى القرن الهجريّ الأوّل؛ حيث يعتبرون من الناشرين للأفكار التي كانت موجودةً في هذا القرن، تُعَدّ أفعالهم وأقوالهم هامّةً للغاية؛ إذ في حال انتشار رؤيةٍ بينهم يُعَدّ وجود هذا التفكير بينهم في القرن الأوّل أمراً ثابتاً، ولن يؤدّي ادّعاء اختلاقه في القرون اللاحقة إلى نتيجةٍ.

1ـ الإمام عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)

هو الإمام الرابع للشيعة. وقد تمّ التعريف به في بعض مصادر أهل السنّة بوصفه أحد الأئمّة الاثني عشر، وكبار وأشراف التابعين([56]).

قال الإمام زين العابدين× في المأثور عنه: «الإمام منّا لا يكون إلاّ معصوماً، وليست العصمة في ظاهر الخلقة، فيُعْرَف بها، ولذلك لا يكون إلاّ منصوصاً». فقيل له: يا بن رسول الله، فما معنى المعصوم؟ فقال: «هو المعتصم بحبل الله، وحبل الله هو القرآن، لا يفترقان إلى يوم القيامة. والإمام يهدي إلى القرآن، والقرآن يهدي إلى الإمام، وذلك قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ (الإسراء: 9)»([57]).

بالإضافة إلى التصريح الوارد في كلام الإمام زين العابدين× بعصمة الإمام، يمكن إثبات عصمة الإمام بهذه الرواية من عدّة وجوهٍ أيضاً:

1ـ يؤكِّد الإمام زين العابدين في هذه الرواية على عدم افتراق الإمام عن القرآن إلى يوم القيامة. وهذا دليلٌ واضح على عصمة الإمام؛ إذ لو لم يكن الإمام معصوماً فسوف يكون انفصاله عن القرآن أمراً ثابتاً. إذن يجب أن يكون الإمام معصوماً وبعيداً كلّ البُعْد عن الانحراف، ليستمرّ اقترانه بالقرآن الكريم إلى يوم القيامة.

2ـ وفي إشارةٍ منه إلى الآية 9 من سورة الإسراء، قال الإمام زين العابدين في الحديث المتقدِّم: «والقرآن يهدي إلى الإمام». فلو لم يكن الإمام معصوماً، واحتمل في حقِّه الخطأ، لما كان هناك معنىً لكي يهدينا القرآن إلى شخصٍ يُحتَمَل في حقّه الخطأ مثلنا. إذن يجب أن يكون الإمام معصوماً؛ لكي تكون هداية القرآن ودعوته إليه أمراً معقولاً.

وعليه يجب اعتبار الإمام زين العابدين× ـ وهو أحد أجلاّء التابعين ـ من المعتقدين والناشرين لمفهوم عصمة الإمام.

2ـ مالك الأشتر النخعي

مالك الأشتر من كبار التابعين، ومن أشراف العرب وأبطالهم. وقد عَدَّه بعضهم ملك العرب([58]).

وبعد حادثة التحكيم قال مالك الأشتر، على الرغم من عدم رضاه بنتيجة التحكيم: «قد رضيتُ بما صنع عليٌّ أمير المؤمنين، ودخلتُ في ما دخل فيه، وخرجتُ ممّا خرج منه؛ فإنه لا يدخل إلاّ في هدىً وصوابٍ»([59]).

بالنظر إلى سابقة مالك الأشتر في الاعتراض على الخلفاء السابقين، ووقوفه بوجه انحرافاتهم([60])، يجب اعتباره صاحب رأيٍ مستقلّ، وأنه في المواضع الحسّاسة والمصيرية لم يكن يلوذ بالصمت، بل كان يُجاهِر بالاعتراض، ويبيِّن رأيه بكلّ شجاعةٍ. وأما في حادثة التحكيم، وعلى الرغم من اعتراضه على نتائجها، قال: «دخلتُ في ما دخل فيه، وخرجتُ ممّا خرج منه»، وأعلن بذلك عن إطاعته التامّة للإمام عليّ×. واستدلّ لهذه التَّبَعية بقوله: «فإنه لا يدخل إلاّ في هدىً وصوابٍ»، وهذا يعني أن الإمام عليّاً× يسير على طريق الهداية والصلاح إطلاقاً، وأنه لا يودي بالناس إلى طريق الخطأ والرذيلة أبداً. وهذا الكلام يؤكِّد الاعتقاد بعصمة الإمام عليّ×.

وعلى هذا الأساس؛ وبالنظر إلى هذه التقارير، يجب اعتبار مالك الأشتر من القائلين بعصمة الإمام عليّ×.

3ـ كُردوس بن هانئ البكري

كان كُردوس من شيوخ قبيلة ربيعة([61])، ومن أصحاب أمير المؤمنين×([62]). وفي حرب صفّين، حيث تمّ رفع المصاحف من قِبَل جيش معاوية على رؤوس الرماح، دبَّ الخلاف في جيش أمير المؤمنين×، وأخذ رؤساء القبائل يخطبون في الناس، فقام كُردوس بن هانئ ممثِّلاً قبيلته، وخطب قائلاً: «أيها الناس، إنا والله ما تولَّيْنا معاوية منذ تبرَّأْنا منه، ولا تبرَّأْنا من عليٍّ منذ تولَّيْناه، وإن قتلانا لشهداء، وإن أحياءنا لأبرار، وإن عليّاً لعلى بيِّنةٍ من ربّه، ما أحدث إلاّ الإنصاف، وكلُّ محقٍّ منصفٌ، فمَنْ سلَّم له نجا، ومَنْ خالفه هلك»([63]).

لقد تحدّث كُردوس في هذه الكلمة عن عصمة الإمام عليّ× بمختلف العبارات:

1ـ فقال في فقرةٍ منها: «إن علياً لعلى بيّنةٍ من ربّه، ما أحدث إلاّ الإنصاف». وهذه العبارة شبيهةٌ ببعض آيات القرآن الكريم التي ورد فيها ذكر البيِّنة([64]).

إن البيّنة تعني ظهور الشيء عند اتّضاحه([65])، والهداية ببيانٍ واضح بحيث يمكن بواسطته تمييز الحقّ من الباطل بيُسْرٍ، ومن دون مشقّةٍ([66]). وهناك من المحقِّقين في الحوزة العلميّة مَنْ فسَّر البيّنة في هذا المقام بأنها مطلق البصيرة الإلهيّة([67]). وعليه فإن مقارنة البيِّنة تعني امتلاك البصيرة الإلهية في الأمور، حيث يتمكَّن الشخص بواسطتها من التمييز بين الحقّ والباطل. وكل مَنْ امتلك مثل هذه الحجّة من قِبَل الله سبحانه وتعالى لن يخرج أبداً عن مسار الإنصاف والعدالة. وإن عدم الخروج عن الطريق الصحيح المقرون باللطف الإلهيّ هو عبارة أخرى عن العصمة المصطلحة.

وعليه فإن الإمام عليّاً× في رؤية كُردوس بن هانئ يتّصف بصفةٍ تتطابق مع القول بعصمته.

2ـ لقد ختم كُردوس بن هانئ عبارته بالقول: «مَنْ خالفه [أي الإمام عليّ بن أبي طالب×] هلك». إن الهلاك في الأصل يعني الضياع والفناء([68])؛ وهناك مَنْ قال بأن معناه العَطَب والسقوط([69]). ويُستفاد من بعض الآيات([70])، ومن بعض عبارات المحقِّقين، أن الهلاك أمرٌ يعود إلى سوء اختيار الشخص، وأن ذمّ الهالك والانتقاص منه مستترٌ فيه([71]).

وعلى هذا الأساس، فإن الهلاك نوعٌ من الضياع والسقوط بسوء اختيار العبد، وسوف يرى آثار ذلك في يوم القيامة. وعليه فإن مخالفة الإمام عليّ× والخروج عليه إنما يكون ملازماً للهلاك والضياع والفناء، إذا كان معصوماً من الأخطاء والذنوب؛ إذ لو لم يكن الإمام معصوماً، واحتمل في حقّه الخطأ والمعصية، فرُبَما كان الذي يخالفه من الناجين في واقع الأمر.

وعليه فإن كُردوس بن هانئ قد تحدَّث في هذه العبارة عن عصمة أمير المؤمنين×، فيجب لذلك اعتباره من القائلين بعصمة الإمام في مسألة الإمامة.

النتيجة

بعد الأبحاث المتقدِّمة في هذا المقال يتّضح لكل محقِّقٍ منصف أن مفهوم عصمة الإمام من المسائل والمفاهيم الأصيلة، وأنها ـ بالإضافة إلى التأكيد عليها في القرآن الكريم والسنّة المطهّرة ـ كانت جاريةً في ذات القرن الأوّل للهجرة بين الصحابة والتابعين وتابعي التابعين. وإن عبارات بعضهم تثبت اعتقادهم الراسخ بهذه العقيدة.

وإن دعوى المخالفين وقولهم بعدم العثور على أثرٍ لمفهوم عصمة الإمام في القرن الهجريّ الأوّل، وأن هذا المفهوم يعود ظهوره إلى القرون اللاحقة، حيث تمّ التأسيس له من قِبَل المتكلِّمين والعلماء الشيعة، وأنه قد ازدهر في المذهب الشيعيّ، وتمّ تقديمه بعد ذلك للمجتمع الإسلاميّ، ادّعاءٌ باطل، ولا ينسجم مع السنّة القطعية والتاريخ الحَتْميّ.

وعليه يجب اعتبار مسألة عصمة الإمام ضمن تلك المجموعة من التعاليم الإسلاميّة الخالصة؛ حيث تعود بجذورها إلى وَحْي السماء والتعاليم الإلهيّة النازلة، وإنها ليست من وضع البشر. ومن هنا فإنها لا تكون منفصلةً عن سائر التعاليم النورانيّة للدين الإسلامي الحنيف.

الهوامش

(*) باحثٌ وطالبٌ في المركز التخصُّصي للدراسات الشيعيّة.

(**) أستاذٌ مساعِدٌ، وعضو الهيئة العلميّة، في جامعة قم.

([1]) انظر: العلاّمة الحلّي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: 340 ـ 341، منشورات الأعلمي للمطبوعات، بيروت.

([2]) انظر: الشيخ الصدوق، الاعتقادات: 304، تحقيق: مؤسّسة الإمام الهادي، نشر پيام إمام هادي، ط2، قم، 1432هـ؛ الشيخ المفيد، أوائل المقالات في المذاهب والمختارات: 19، إعداد: الدكتور مهدي محقّق، مؤسّسة مطالعات إسلامي دانشگاه طهران، طهران، 1382هـ.ش.

([3]) انظر: محمد نبيه حجاب، مظاهر الشعوبية في الأدب العربي حتّى نهاية القرن الثالث الهجري: 492، مكتبة نهضة مصر، القاهرة، 1961م.

([4]) پول إرنست ووكر (Paul Ernest Walker): أستاذٌ أوّل في معهد اللغات وحضارت الشرق الأدنى، ونائب رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط، في جامعة شيكاغو.

http://www.sokhanetarikh.com/index.aspx?fkeyid=&siteid=60&pageid=31939&newsview=72338.

([5]) See: The Encyclopaedia of the Quran, General Editor: Jane Dammen, Brill, Leiden-Boston, 2002, Walker, Impeccability, Vol. 2, P. 506.

([6]) ويلفرد مادلونغ (Wilferd Madelung) (1930 ـ …م): مستشرقٌ ألماني، مختصّ بالإسلام والتشيُّع، صدر عنه ما يقرب من مئتي كتاب ومقالة في مجال الدراسات الإسلامية الخاصّة بالشيعة. ويُعَدّ كتابه (خلافة النبيّ محمد) من أعماله الهامّة، حيث عمد فيه إلى تقوية وتعزيز رؤية الشيعة بشأن الخلافة بعد النبيّ الأكرم. وقد كان لمادلونغ دَوْرٌ مؤثِّر في تعريف التشيُّع إلى العالم الغربي.

http://fa.wikishia.net/view/%D9%88%DB%8C%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%AF_%D9%85%D8%A7%D8%AF%D9%88%D9%86%DA%AF.

([7]) See: The Encyclopedia of Islam, B.Lewis and CH.Pellat, Forth Impression, Brill, Leiden, Netherlands, 1991, Madelung, Isma, Vol. 4, p. 182.

([8]) دوايت إم. دونالدسون (Dwight Donaldson) (1884 ـ 1976م): مستشرقٌ أمريكي، ومبشِّر مسيحي، تابع للكنيسة المشيخانية. سافر إلى الهند، وأقام في لاهور الباكستانية؛ ليباشر التبشير فيها على مدى ثلاث سنوات. ثمّ انتقل إلى مشهد، وأقام بها لما يقرب من عقدَيْن من الزمن، يحقِّق حول مذهب الشيعة وتاريخ التشيُّع في إيران. وقد ألَّف العديد من الكتب، ولكنّها لا تخرج ـ من وجهة نظر السيد حسين نصر ـ عن الانحياز وعدم الموضوعية في ما يتعلَّق بالإسلام. ألَّف كتاب (عقيدة الشيعة) باللغة الإنجليزية، وقد صدرت نسخته العربية في كلٍّ من: مصر والعراق.

http://mahdipedia.com/%D8%B4%D8%AE%D8%B5%DB%8C%D8%AA%D9%87%D8%A7%D9%85%D8%AE%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D9%86%D8%AF%D9%88%D8%A7%DB%8C%D8%AA%D8%AF%D9%88%D9%8%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B3%D9%86-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B5.

([9]) انظر: دوايت إم. دونالدسن، عقيدة الشيعة: 328 ـ 329، مكتبة الخانجي ومطبعتها، مصر، 1365هـ.

([10]) إجناتس جولدتسيهر (Ignác Goldziher) (1850 ـ 1921م): مستشرقٌ يهودي مَجَري. عُرف بنقده للإسلام. اشتهر بغزارة إنتاجه عن الإسلام، حتّى عُدّ من أهمّ المستشرقين لكثرة كتاباته عن الإسلام ورجاله، ورُبَما كان في ذلك متأثِّراً بيهوديّته. (المعرِّب).

([11]) انظر: إجناتس جولدتسيهر، درس هايي درباره إسلام 2: 466، ترجمه إلى اللغة الفارسية: علي نقي منـزوي، انتشارات كمانگير، ط2، 1357هـ.ش.

([12]) انظر: سيد حسين مدرسي طباطبائي، مكتب در فرايند تكامل در سه قرن نخست: 39، ترجمه إلى اللغة الفارسية: هاشم إيزدپناه، نشر كوير، ط8، طهران، 1389هـ.ش.

([13]) انظر: مقصود فراستخواه، دين وجامعه (سلسلة من المقالات): 499، شركت سهامي انتشار، ط1، طهران، 1377هـ.ش. (مصدر فارسي).

([14]) عنوان المقالة في أصلها الفارسي: (سيري بر نظريه عصمت إمام أز آغاز تا سده پنجم هجري).

([15]) عنوانه في الأصل الفارسي: (خاورشناسان وعصمت إمام).

([16]) عنوانه في الأصل الفارسي: (بجوهشي در عصمت معصومان).

([17]) انظر: الزبيدي، شرح تاج العروس من جواهر القاموس 4: 399، دار إحياء التراث العربي، مصر، 1306هـ.

([18]) انظر: الراغب الإصفهاني، المفردات في ألفاظ القرآن: 569، تحقيق: صفوان عدنان داوودي، منشورات طليعة النور، ط2، قم، 1427هـ.

([19]) الخليل بن أحمد الفراهيدي، كتاب العين: 646، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1426هـ ـ 2005م.

([20]) انظر: القاضي عبد الجبّار، شرح الأصول الخمسة 1: 780، تعليق: أحمد بن الحسن بن أبي هاشم، مكتبة وهبة، ط1، 1384هـ؛ الشيخ المفيد، النكت الاعتقادية: 37، تحقيق: رضا مختاري، المؤتمر العالميّ لألفيّة الشيخ المفيد، ط1، 1413هـ؛ العلاّمة الحلّي، الباب الحادي عشر: 37، تحقيق: الدكتور مهدي محقق، الشرّاح: المقداد بن عبد الله السيوري وأبو الفتح بن مخدوم الحسيني، آستان قدس رضوي، مشهد، 1368هـ.ش.

([21]) الحشر: 7.

([22]) الأحزاب: 21.

([23]) انظر: جعفر السبحاني، منشور عقايد إماميه (العقائد الإمامية): 169، مؤسّسة الإمام الصادق×، ط2، 1391هـ.ش؛ أحمد الوائلي، هوية التشيّع: 147، مؤسّسة دار الكتاب الإسلامي، ط2، إيران، 1423هـ ـ 2002م.

([24]) انظر: ناصر مكارم الشيرازي، آيات ولايت در قرآن (آيات الولاية في القرآن): 157، إعداد وتنظيم: أبو القاسم عليان نجادي، نسل جوان، ط2، قم، 1382هـ.ش. (مصدر فارسي).

([25]) انظر: السيد جعفر مرتضى العاملي، أهل البيت في آية التطهير: 74، المركز الإسلامي للدراسات، ط2، بيروت، 1423هـ ـ 2003م.

([26]) انظر: علي أكبر دهخدا، لغت نامه 7: 10505، جامعة طهران، ط1 من الدورة الجديدة، طهران، 1372هـ.ش. (مصدر فارسي).

([27]) انظر: ناصر مكارم الشيرازي، آيات ولايت در قرآن (آيات الولاية في القرآن): 160 ـ 161، 1382هـ.ش. (مصدر فارسي).

([28]) انظر: فخر الدين الرازي، التفسير الكبير 25: 209، دار الكتب العلمية، طهران؛ محمد بن عليّ الشوكاني، فتح القدير 4: 271، طبع بمطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ط1، مصر، 1350هـ؛ السيد محمود الآلوسي، روح المعاني 22: 12، نشر جهان، طهران.

([29]) انظر: جلال الدين السيوطي، الدرّ المنثور 5: 198، المكتبة الإسلامية، طهران، 1377هـ.

([30]) الرازي، التفسير الكبير 8: 80.

([31]) انظر: المائدة: 6.

([32]) انظر: عبد الله بن عبد الرحمن العقيلي الهمداني المصري، شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك 2: 234، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار التراث، ط20، القاهرة، 1400هـ ـ 1980م؛ عليّ بن محمد بن عيسى الأشموني، شرح الأشموني على ألفيّة ابن مالك 1: 93، دار الكتب العلمية، ط1، بيروت، 1419هـ ـ 1998م.

([33]) الشيخ الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 8: 340، دار الثقافة ـ مؤسّسة النشر الإسلامي، ط1، قم، 1417هـ.

([34]) انظر: أبو الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري النيسابوري، صحيح مسلم: 682، ح 2408، ترقيم وترتيب: محمد فؤاد عبد الباقي، ط1، القاهرة، 1429هـ ـ 2008م؛ أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، سنن الترمذي: 1079، تحقيق: صدقي جميل العطّار، دار الفكر، ط1، بيروت، 1422هـ ـ 2002 م؛ مسند الإمام أحمد بن حنبل 4: 30 ـ 37، الرواية رقم 11104 و11131، دار إحياء التراث العربي، ط3، بيروت، 1415هـ ـ 1994م؛ أبو الحسن علي بن حمد الواسطي الجلابي الشافعي (ابن المغازلي)، مناقب عليّ بن أبي طالب: 234 ـ 236، ح 281 ـ 284، المكتبة الإسلامية، ط2، طهران، 1402هـ؛ أبو الفداء (ابن كثير)، البداية والنهاية 5: 209؛ 7: 350، مكتبة المعارف، بيروت؛ ومكتبة النصر، الرياض، ط1، 1966م؛ الآلوسي، روح المعاني 22: 15 ـ 16؛ أبو جعفر محمد بن الحسن بن فروخ الصفّار، بصائر الدرجات: 456، شركة الأعلمي للمطبوعات، ط1، بيروت، 1431هـ ـ 2010م.

([35]) انظر: علي بن أحمد علي سالوس، مع الاثني عشرية في الأصول والفروع 1: 129، دار الفضيلة، الرياض، ط7، الرياض، 1424هـ ـ 2003م.

([36]) انظر: ابن عبد البرّ القرطبي، الاستيعاب في أسماء الأصحاب 2: 45، دار الفكر، بيروت، 1434هـ ـ 2012 م؛ ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب 5: 699، دار الفكر، ط1، بيروت، 1415هـ.

([37]) نهج البلاغة، الخطبة رقم 192.

([38]) الشيخ محمد جواد مغنيّة، الشيعة في الميزان: 82، تحقيق وتعليق: سامي الغريري، مؤسّسة دار الكتاب الإسلامي، ط4، قم، 1429هـ ـ 2008م.

([39]) الشيخ محمد عبده، شرح نهج البلاغة 2: 157، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت.

([40]) الشيخ محمد بن يعقوب الكليني، الكافي 1: 470، دار الحديث للطباعة والنشر، ط1، قم، 1430هـ ـ 1388هـ.ش.

([41]) انظر: ابن عبد البرّ القرطبي، الاستيعاب في أسماء الأصحاب 2: 553.

([42]) انظر: سنن الترمذي: 1097.

([43]) العلاّمة محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار 29: 223، تحقيق: الشيخ عبد الزهراء العلوي، دار الرضا، بيروت.

([44]) انظر: ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة 2: 286، دار الفكر، ط1، بيروت، 1425هـ ـ 2005م.

([45]) انظر: الشيخ الطوسي، رجال الطوسي: 65، تحقيق: جواد القيومي، مؤسّسة النشر الإسلامي، ط3، قم، 1427هـ.

([46]) القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي، شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار 1: 124، مؤسّسة النشر الإسلامي، ط1، 1409هـ.

([47]) انظر: الشيخ الطوسي، الفهرست: 95، تحقيق: جواد القيومي، مؤسّسة نشر الفقاهة، ط2، 1422هـ.

([48]) الشيخ الطوسي، اختيار معرفة الرجال (المعروف برجال الكشّي): 26، تحقيق: حسن مصطفوي، طبعة جامعة مشهد، مشهد، 1348هـ.ش.

([49]) انظر: ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة 3: 625.

([50]) انظر: ابن عبد البرّ القرطبي، الاستيعاب في أسماء الأصحاب 2: 72.

([51]) انظر: أحمد بن محمد بن خالد البرقي، رجال البرقي: 33، تحقيق: جواد القيّومي الأصفهاني، ط1، قم، مؤسّسة النشر الإسلامي (نشر القيّوم)، 1419هـ.

([52]) الشيخ الطوسي، الأمالي: 731، تحقيق: قسم الدراسات الإسلاميّة في مؤسّسة البعثة، دار الثقافة، ط1، قم، 1414هـ.

([53]) انظر: عبد الباقي بن قانع البغدادي، معجم الصحابة 3: 1006، تحقيق: خليل إبراهيم قوتلاي، دار الفكر، ط1، بيروت، 1424هـ ـ 2004م.

([54]) ابن المغازلي، مناقب عليّ بن أبي طالب: 127.

([55]) انظر: محمد بن الحسن الحُرّ العاملي، إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 3: 241، تقديم: السيد المرعشي النجفي، تحقيق: علاء الدين العاملي، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، ط1، بيروت، 1425هـ ـ 2004م.

([56]) انظر: ابن خلّكان، وفيات الأعيان وأبناء الزمان 2: 429، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، مكتبة النهضة المصرية، مصر، 1367هـ؛ محمد سعيد مبيّض، موسوعة حياة التابعين وتابعيهم 2: 1092، مكتبة دار الفتح، ط1، قطر، 1423هـ ـ 2003م.

([57]) الشيخ الصدوق، معاني الأخبار: 132، تصحيح: علي أكبر الغفاري، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، 1361هـ.ش.

([58]) انظر: أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، سير أعلام النبلاء 5: 79، دار الفكر، ط1، بيروت، 1417هـ ـ 1997م.

([59]) نصر بن مزاحم المنقري، وقعة صفّين: 512، تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون، كتابفروشي بصيرتي، قم، 1382هـ.ش.

([60]) انظر: أحمد بن يحيى البلاذري، أنساب الأشراف 5: 535، تحقيق: سهيل زكّار ورياض الزركلي، دار الفكر، ط1، بيروت، 1417هـ ـ 1996 م؛ عبد الحسين الأميني، الغدير في الكتاب والسنّة والأدب 9: 204 ـ 205، مركز الغدير للدراسات الإسلامية، ط1، قم، 1416هـ ـ 1995م.

([61]) انظر: السيد محسن الأمين، أعيان الشيعة 9: 28، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، 1403هـ ـ 1983م.

([62]) انظر: الشيخ الطوسي، رجال الطوسي: 80، تحقيق: جواد القيومي، 1427هـ.

([63]) ابن مزاحم المنقري، وقعة صفّين: 512.

([64]) انظر: الأنعام: 57؛ هود: 17؛ محمد: 14.

([65]) انظر: أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 2: 299، تحقيق: هشام سمير البخاري، دار العالم للكتب، الرياض، 1423هـ ـ 2003م.

([66]) انظر: العلاّمة الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 7: 115، دار الكتب الإسلامية، ط7، طهران، 1384هـ.ش.

([67]) انظر: المصدر السابق 10: 188.

([68]) انظر: أمين الإسلام أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن 2: 34، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، ط1، بيروت، 1415هـ ـ 1995م.

([69]) انظر: أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، معجم مقاييس اللغة 6: 62، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، 1399هـ ـ 1979م.

([70]) انظر: البقرة: 195.

([71]) انظر: العلاّمة الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 9: 153، 1384هـ.ش؛ محمد بن مكرم الأفريقي المصري (ابن منظور)، لسان العرب 4: 4150، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، ط1، بيروت، 1426هـ ـ 2005م.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً