أحدث المقالات

د. الشيخ عصري الباني([1])

كان الناس في الفترات الاولى من حياة الانسان لا يعرفون حاكما ولا محكوما، ولا شيئا من الحقوق العامة، وبعد أن انتقال الانسان من حياة الانفراد إلى حياة الجماعة ,خضع الفرد لشعورها وآمن بضرورة الخضوع للرئيس والحاكم ولكنه كان شعورا خاطئا ادى به الى الاعتقاد بضرورة تعظيم وتقديس الحاكم دون أي مقابل, وهذا ما نجده في الحضارات القديمة ما قبل الاسلام فقد خضع أهل الصين للأباطرة أبناء السماء، وخضع أهل مصر للفراعنة أبناء الشمس, وخضع الفرس لكسرى والروم لقيصر, وهكذا عند جميع الشعوب.

الاختلاف بين منهج اهل البيت(عم) وغيرهم في النظرة الحاكم والمحكوم

يتصور كثير من الناس بان الاختلاف بين مدرسة اهل البيت(عم) والمناهج والمدارس الاخرى ينحصر في موضوع الامامة والخلافة وانها من حق علي(ع) او غيره, او ان كلمة (مولاه) هل تفيد الحكومة والامامة ام انها تعني المحبة والمودة , من المسائل الجدلية التي تقع بين العلماء وبين عامة الناس.

وهذا تسطيح خطير جدا للموضوع فنحن مع ايماننا بان النص هو احد اهم الادلة على امامة علي(ع) بشكل خاص والائمة(عم) بشكل عام, ولكنه ليس هو السبب الحصري للخلاف كما يصوره البعض عن قصد او غير قصد.

ان اساس الخلاف بين مدرسة اهل البيت(عم) والمناهج والمدارس الاخرى يدور حول نظرة الاسلام للانسان هل هو عبد ام حر؟, وهل له حقوق يطالب بها ام لا؟, وهل له كرامة يجب ان تراعى ام انه مسلوب الكرامة؟, وهل ان لماله وعرضه ونفسه قيمة او لا؟, وهل له حرية فكرية وسياسية وشخصية ام لا؟…الخ.

هنا تختلف مدرسة اهل البيت(عم) ـ والتي جسدها الامام علي(ع) في ايام حكمه القصيرة ـ مع المدارس الاخرى والفهم الاخر للاسلام, فالمنهج العلوي يرى ان الانسان حر له كرامة مصون ماله ونفسه وعرضه حر في ابداء فكره وعقيدته لانه (انسان) فاذا جردناه من كل هذا فما الفرق حينئذ بينه وبين البهيمة؟!.

بخلاف المناهج الاخرى التي لا ترى لهذا الكائن اي من هذه الحقوق فليس عليه الا الامتثال والطاعة وجميع الحقوق للحاكم فهو يستطيع ان يفعل ما يريد كيف يريد ساعة يريد بلا حسيب ولا رقيب ولا يحكمه القانون بل هو يحكم القانون وقد طبق هذا الامر بنسب متفاوته في الحكم الذي جاء بعد رسول الله(ع).

أن الدعوة للأخذ بالأحكام السلطانية واتباع الحاكم والتي نسبوها ظلما الى رسول الله(ص) بانه قال: (تسمع وتطيع للأمير وان ضرب ظهرك واخذ مالك فاسمع وأطع)([2]). هي دعوة سلطوية بذرت نواتها في ايام حكومة السقيفة من 11 ـ 35هـ، ثم طبقت بشكل كامل في العهد الأموي فالعباسي وما زالت مطبقة فی الحكومات الاسلامية الى يوم الناس هذا الا ما ندر.

من هنا تصدى الامام(ع) ـ ومن بعده الائمة الهداة(عم) ـ لهذه النظرية التي تسلب الاسلام روحه ورسالته الانسانية العظيمة فبين للناس ان الذي رايتموه وسوف تروه بعدي لا يمت للاسلام الحق الذي جاء به محمد(ص) بصلة بل هي اهواء واجتهادات لاشخاص يمثلون انفسهم وسوف يحاسبون عليها.

العلاقة بين الحاكم والمحكوم في عهد النبي(ص)

عندما جاء الاسلام دعا الى القضاء على هذه الفكرة الخاطئة واكد على ان الحقوق العامة هي حقوق متبادلة بين الحاكم والمحكوم، وطبق هذا الامر في حياة رسول الله(ص) ابان حكومته في المدينة المنورة التي استمرت لمدة 10 سنين([3]).

العلاقة بين الحاكم والمحكوم بعد النبي(ص)

بعد وفاة النبي(ص) نحت الامور منحا اخر فبدانا نجد ظواهر تشير الى توجه المسلمين الى ماكان عليه الامر قبل الاسلام والحكومة المطلقة الامر الذي ادى في النهاية الى قيام الثورة على الخليفة الثالث وقتله سنة 35هـ([4]). وهو ما بينه الامام علي(ع) بقوله: (وَأَنَا جَامِعٌ لَكُمْ أَمْرَهُ اسْتَأْثَرَ فَأَسَاءَ الْأَثَرَةَ)([5]).

لخّص(ع) لهم وبعبارة موجزة قضيته وقصته أما هو فإنه استبد بالأمور وأخذ لنفسه ولعشيرته ما هو للمسلمين وجنى سيوفهم فأساء بهذا التقديم لنفسه وأهله على عامة المسلمين إساءة بالغة وأما المسلمون فقد جزعوا وضاقت صدورهم ولم يتحملوا ويصبروا فأساءوا بقتله، فهو أساء بالاستئثار لأنه تجاوز حده وهم أساءوا بالجزع لأنهم تجاوزوا حده.. هذا هو رأي الإمام وما يجري عليه في الدنيا وأما عند اللّه فإن لكل منهما حكم خاص به للقاتل والمقتول هو يعلمه وسوف يلحق مستحقه لا محالة.

فاستاثر هنا يعني اصبح حاكما مطلقا لا يعتقد بالنظرية الاسلامية في الحكم التي تقوم على اساس ان الحقوق العامة هي حقوق متبادلة بين الحاكم والمحكوم.

العلاقة بين الحاكم والمحكوم في العهد العلوي(ع)

عند استلام الامام علي(ع) للسلطة سعى الى ارجاع المفهوم الصحيح للاسلام حول العلاقة بين الحاكم والمحكوم وانها حقوق متبادلة فان اللَّه سبحانه شرّع أحكاما حدد فيها حق الراعي على الرعية وحقها عليه, وذلك من خلال مجموعة من الأمور:

الاول: تبيين حقوق الحاكم والمحكوم

وقد بين ذلك في مجموعة من النصوص:

النص الاول: رواية جابر، عن أبي جعفر(ع) قال: خطب أمير المؤمنين(ع) الناس بصفين فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد النبي (صلى الله عليه وآله) ثم قال: (أما بعد فقد جعل الله تعالى لي عليكم حقا بولاية أمركم ومنزلتي التي أنزلني الله (عز ذكره) بها منكم ولكم علي من الحق مثل الذي لي عليكم والحق أجمل الأشياء في التواصف وأوسعها في التناصف لا يجري لاحد إلا جرى عليه ولا يجري عليه إلا جرى له ولو كان لاحد أن يجري ذلك له ولا يجري عليه لكان ذلك لله (عز وجل) خالصا دون خلقه لقدرته على عباده ولعدله في كل ما جرت عليه ضروب قضائه ولكن جعل حقه على العباد أن يطيعوه وجعل كفارتهم عليه بحسن الثواب تفضلا منه وتطولا بكرمه وتوسعا بما هو من المزيد له أهلا، ثم جعل من حقوقه حقوقا فرضها لبعض الناس على بعض فجعلها تتكافى في وجوهها ويوجب بعضها بعضا ولا يستوجب بعضها إلا ببعض)([6]).

بين(ع) في هذا النص مجموعة من الأمور:

1ـ ذكر القاعدة الكلية من أن الحقوق متكافئة بين الراعي والرعية فله على الرعية حق الطاعة والتزام أمره وعدم عصيانه ولهم عليه العدل بينهم في قسمة فيئهم وتوفير الأمن لهم وتوفير الفرص لسعادتهم ماديا ومعنويا.

2ـ اشار أنهم لا يعطون الحق من أنفسهم له فقال: إذا أراد الناس أن يوصفوا الحق لبعضهم أجادوا وأبدعوا وأتوا بما لا مزيد عليه ولكنهم إذا أرادوا ممارسته والعمل به عجزوا عن ذلك وتوقفوا ولم ينفذوا منه شيئا فالوصف سهل يسير والعمل صعب عسير.

3ـ اكد أن هذا الحق لا يكون لأحد إلا يكون عليه ولا يجري عليه إلا جرى له فكل واحد يجري عليه الحق ويجب أن يتقبله ويقبل به لأن المصلحة العامة تقتضي ذلك.

4ـ بين أن الحق يجري على كل أحد دون استثناء وذكر أنه لو كان الحق يجري لأحد ولا يجري عليه لكان ذلك للَّه (عز وجل) وذكر لذلك سببين: ـ

 ـ أنه القادر المطلق فلا يعجزه شي‏ء يستطيع أن يقهر عباده على حقوقه ويحملهم عليها ولا يعطيهم شيئا وأما غيره من الناس فلا يملك ذلك.

 ـ إنه لو لم يجزهم بأعمالهم ومع ذلك كلفهم بها لكان عادلا لأن له من النعم على العباد ما لو عبدوه مدى الدهر لم يوفوه حق نعمة واحدة منها فيكون إعطاؤه لهم الحقوق عليه تفضلا منه ورحمة.

5ـ بيّن أن اللَّه الذي يجري في حقه أن يكون له الحق ولا يجري عليه الحق لم يعط لنفسه ذلك بل أجرى الحق له وأجراه عليه حيث جعل حقه على العباد أن يطيعوه فيما أمر ونهى ولا يخالفوه في حكمه وتشريعه وجعل لهم عليه الحق أن يضاعف لهم الثواب تفضلا منه فإن اللَّه أهل التفضل والعطاء.

6ـ اشار الى ان الحقوق بين الناس وعلى بعضهم البعض متفرعة عن حق اللَّه باعتبار تشريعه لها وأمره بها فهي منه وبهذا الاعتبار ترجع إليه وهي واجبة باعتبار أمر اللَّه فيكون الالتزام بها طاعة للَّه ويكون ذلك بالتالي متفرعا على حق اللَّه العام.

7ـ بين ان اللَّه سبحانه جعل لبعض الناس حقوقا على البعض الآخر وجعلها تتساوى فيما بينها فمن له حق كان عليه في مقابله حق فإذا وجب على الزوج النفقة وجب على الزوجة الطاعة وعليها أن لا تعصيه كما أن بعضها يستوجب البعض الآخر فإذا لم يتوفر سقط ذلك الواجب فلا يكون الحق واجبا من طرف دون أن يجب من الطرف الآخر فلا يجب على الرعية الطاعة للوالي إلا إذا قام الوالي بالعدل والقسط من طرفه.

النص الثاني: عن أبي جعفر(ع) قال: خطب أمير المؤمنين(ع) الناس بصفين فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد النبي ( صلى الله عليه وآله) ثم قال: (…فأعظم مما افترض الله تبارك وتعالى من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية وحق الرعية على الوالي فريضة فرضها الله (عز وجل) لكل على كل فجعلها نظام ألفتهم وعزا لدينهم وقواما لسنن الحق فيهم، فليست تصلح الرعية إلا بصلاح الولاة ولا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعية، فإذا أدت الرعية إلى الوالي حقه وأدى إليها الوالي كذلك عز الحق بينهم فقامت مناهج الدين واعتدلت معالم العدل وجرت على أذلالها السنن فصلح بذلك الزمان وطاب به العيش وطمع في بقاء الدولة ويئست مطامع الأعداء وإذا غلبت الرعية واليهم وعلا الوالي الرعية اختلفت هنالك الكلمة وظهرت مطامع الجور وكثر الأدغال في الدين وتركت معالم السنن فعمل بالهواء وعطلت الآثار وكثرت علل النفوس ولا يستوحش لجسيم حد عطل ولا لعظيم باطل اثل فهنالك تذل الأبرار وتعز الأشرار وتخرب البلاد وتعظم تبعات الله (عز وجل) عند العباد فهلم أيها الناس إلى التعاون على طاعة الله (عز وجل) والقيام بعدله والوفاء بعهده والانصاف له في جميع حقه، فإنه ليس العباد إلى شئ أحوج منهم إلى التناصح في ذلك وحسن التعاون عليه وليس أحد وإن اشتد على رضى الله حرصه وطال في العمل اجتهاده ببالغ حقيقة ما أعطى الله من الحق أهله ولكن من واجب حقوق الله (عز وجل) على العباد النصيحة له بمبلغ جهدهم والتعاون على إقامة الحق فيهم، ثم ليس امرء وإن عظمت في الحق منزلته وجسمت في الحق فضيلته بمستغن عن أن يعان على ما حمله الله (عز وجل) من حقه ولا لامرئ مع ذلك خسئت به الأمور واقتحمته العيون بدون ما أن يعين على ذلك ويعان عليه وأهل الفضيلة في الحال وأهل النعم العظام أكثر في ذلك حاجة وكل في الحاجة إلى الله (عز وجل) شرع سواء)([7]).

بيّن(ع) ان للّه على عباده حقوق:

الاولى: ما كانت له وحده لا صلة لها بغيره على الإطلاق، منها الإيمان به وبكتبه وملائكته ورسله، والتعبد له دون غيره.

الثانية: حقوق للناس، ولكن لا على سبيل الانفراد والاستقلال، بل على سبيل التكافؤ والتضامن بين الناس بعضهم مع بعض بحيث يكون أحد الواجبين بالنسبة للآخر كالجزء المتمم له، أي يجبان معا ويسقطان معا، ومن هذا النوع التعاون على البر والصالح العام. وهذا ينقسسم بدوره الى قسمين: ـ

1ـ الولاء للسلطة الشرعية المتمثلة في شخص الوالي العادل لا الولاء لشخصه بالذات، لأنه وكيل لا أصيل.

2ـ حق الرعية على الوالي والمتمثل في تأمين حاجات الرعية وتحقيق أهدافها، وهذه الحقوق الانسانية المتكافئة المتبادلة بين الراعي والرعية وهي فريضة فرضها اللّه فهي حقوق اللّه وحقوق الناس في آن واحد.

وبهذا التضامن والترابط بين الحاكم والمحكوم تستقيم الأمور، ويعيش الجميع اخوانا متحابين، ومن أجل هذا جعله سبحانه دستور الحكم وأساسه. والانحراف عنه فساد وضلال يؤول بالمجتمع الى الهلاك.

ثم اشار الى قاعدة كلية مفادها: ان الأوضاع لا تصلح، والاستقرار لا يتم إلا من خلال امرين: ـ

 ـ ان يكون الوالي كفؤا للقيام بأعباء الحكم ومخلصا يساوي نفسه وأهله بأضعف ضعيف من رعيته.

 ـ استقامة الرعية من خلال الولاء للسلطة القوية العادلة، والتعاون معها على أساس مصلحة الجميع وتأمين حقوقهم.

فمهما اجتهدت القيادة وأخلصت في عملها ومقاصدها فإنها لا تأتي بخير إلا بمعونة الجماعة، تلك تخطط، وهذه تنفذ، ومتى تم التعاون بين الطرفين تحققت الأهداف واستقام الناس على الطريق القويم وقام العدل وسارت سنّة رسول اللّه(ص) في مجراها الطبيعي بلا تحريف وتزييف من أرباب الأهواء والأغراض. فصيانة الحق المتبادل بين الراعي والرعية يؤدي الى صلاح الزمان وثبات الدولة واستمرارها، لأنها تقوم على الحق والعدل.

وفي المقابل اذا تجاوز الراعي حقه المقرر انتهى الى الاستبداد، وان تجاوزت الرعية الحدود عمت الفوضى، وانشقت الصفوف، وأميتت السنة، وكثرت البدع، ولا زاجر عن منكر وآمر بمعروف فيكثر الفساد تبعا للأوضاع القائمة, وينزل العقاب الالهي فهناك ترابط بين الجرائم والعقاب كما وكيفا.

ثم أشار الإمام(ع) الى الطريق السليم لعلاج الأوضاع الفاسدة، وهو التناصح والتعاون بين العقلاء وأولي الشأن، وذلك بأن يبحثوا عن السبب والمصدر، فإن كان التقصير من الحاكم نصحوه وقوموه، فإن استقام وإلا عزلوه، وان كان من بعض الرعية وفئاتها تعاونوا مع الحاكم على إصلاحها، فإن فاءت وإلا قاتلوها حتى تفي‏ء الى أمر اللّه.

ثم بين ان ما من أحد بالغا ما بلغ من العلم والعمل إلا وهو في حاجة الى النصيحة والتعاون، لأنه إنسان غير معصوم، وهذا الانسان لا يعرف اخطاءه وعيوب نفسه، لأنها تخدعه عن حقيقتها وغيره أعرف منه بها، وإذن فعليه أن يتعاون معه لمعرفتها فهو دائما في حاجة الى العون والمساعدة. وأيضا ما من أحد وان قل شانه في المجتمع إلا وفيه جهة ايجابية ينتفع بها الآخرون. والخلاصة ان الانسان، أي انسان، لا يستطيع أن يصنع نفسه بنفسه، وانه بحاجة الى معونة الآخرين من أبناء نوعه حتى ولو كانوا دونه بمراتب.

الثاني: نهي الناس عن مدح الحاكم وإطرائه

من الامور المتعارف عليها بين الحكام قبل الاسلام اقامة النصب التي تؤرخ لانجازاتهم ومفاخرهم وهذا ما نراه في الحضارات الفرعونية والهندية والصينية وما بين النهرين وينفقون في انجازها اموال الدول وطاقات شعوبها.

وعندما جاء الدين الخاتم اكد على ان هذا الامر غير صحيح وان الحاكم الاسلامي ـ معصوما كان او غير معصوم ـ هو موظف حكومي كاي موظف ليس له اي من الامتيازات التي تميزه عن غيره من ابناء الامة وعليه فلا يجوز ان يقام له نصب ولا هرم ولا مسلة ولا صرح لقبره لان في ذلك تعدي على اموال المستضعفين وهدر لحقوقهم. وهو ما طبقه النبي الاعظم(ص) فلم نجده يشيد هرما ولا مسلة ولا صرحا يمجده, ولا رايناه يغدق باموال المسلمين على الشعراء لكي يمدحوه.

وقد سار امير المؤمنين(ع) على هذا المنهج وتلك السيرة ايام حكومته فنهى الناس عن مدحه واطراءه لانها ظاهرة تؤدي الى ضرر المجتمع , وهو ما جاء عن جابر، عن أبي جعفر(ع) قال: (…قام رجل من عسكر امير المؤمنين(ع) ايام صفين لا يدرى من هو فأحسن الثناء على الله (عز وجل) بما أبلاهم وأعطاهم من واجب حقه عليهم والاقرار بكل ما ذكر من تصرف الحالات به وبهم.ثم قال: أنت أميرنا ونحن رعيتك بك أخرجنا الله (عز وجل) من الذل وباعزازك أطلق عباده من الغل. فاختر علينا وامض اختيارك وائتمر فأمض ائتمارك فإنك القائل المصدق والحاكم الموفق والملك المخول، لا نستحل في شئ معصيتك ولا نقيس علما بعلمك، يعظم عندنا في ذلك خطرك ويجل عنه في أنفسنا فضلك.فأجابه أمير المؤمنين(ع) فقال: (إن من حق من عظم جلال الله في نفسه وجل موضعه من قبله أن يصغر عنده لعظم ذلك كل ما سواه وإن أحق من كان كذلك لمن عظمت نعمة الله عليه ولطف إحسانه إليه فإنه لم تعظم نعمة الله على أحد إلا زاد حق الله عليه عظما وإن من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس أن يظن بهم حب الفخر ويوضع أمرهم على الكبر وقد كرهت أن يكون جال في ظنكم أني أحب الاطراء واستماع الثناء ولست بحمد الله كذلك ولو كنت أحب أن يقال ذلك لتركته انحطاطا لله سبحانه عن تناول ما هو أحق به من العظمة والكبرياء وربما استحلى الناس الثناء بعد البلاء، فلا تثنوا علي بجميل ثناء لاخراجي نفسي إلى الله وإليكم من البقية في حقوق لم أفرغ من أدائها وفرائض لا بد من إمضائها)([8]).

اشار(ع) في هذا النص الى مجموعة من المفاهيم: ـ

1ـ بين(ع) ان السبب الذي دعاه الى منعهم من مدحه هو جلال اللَّه وعظمته التي تمنع أن يكون لأحد من الناس في قلب المؤمن محل أو مكان. فالأشياء تصغر، وتحتقر إلى درجة الاهمال واللامبالاة أمام القلوب الطاهرة التي عاش اللَّه فيها. وكل ما سوى اللَّه يصغر حتى يضمحل ويفنى في القلب الذي عاش اللَّه فيه. وهذه الحالة تتاكد في من كثرت نعم اللَّه عليه من مال وشرف وصحة وأمان وإيمان وعز وكرامة وسلطان فكلما ازدادت نعم اللَّه على العبد ازداد عليه تعظيم حق اللَّه وهكذا يزداد الشكر والتعظيم بزيادتها.

2ـ اشار الى ان من أسخف ما يعيشه الولاة في نظر الناس الصالحين هو حب الفخر والمباهاة والتكبر والاستعلاء لأن ذلك ضعف في شخصيتهم ينعكس على الدولة وتوجهاتها فالحاكم الذي ينتفخ للمدح والثناء عليه ولانجازاته الكبيرة يعيش في حدود هذا المدح ولا يخرج عنه ويعيش الزهو في نفسه فيعطله ذلك عن العمل الجاد.

3ـ أراد أن ينفي عن نفسه مثل تلك الصفات التي انكرها في حق الولاة فقال: إني أخاف أن تحدثكم نفوسكم وتقودكم ظنونكم إلى أنني أعيش هذه الحالات من حب المدح والاطراء والثناء فإنني لست كذلك ولا أحبه ولو فرضنا فرضا أنني أحب أن يقال في ذلك لتركته تواضعا للَّه الذي هو أحق بذلك وأولى من كل أحد لعظمته وكبريائه وعلو مقامه.

4ـ مهد واعتذر لمن مدحه وأثنى عليه بأن الإنسان إذا قدم شيئا من التضحيات وأنجز بعض المهمات استحسن الثناء وأحب المدح والاطراء جزاء عما قدم إنه يحب كلمة شكر على عمله وما قام به.

5ـ نهاهم أن يثنوا عليه ويمدحوه ويجلوه وعلل ذلك بأنه قد أخرج نفسه للَّه وأراد أن يؤدي حقه ويقوم بواجبه وواجب أمره ونهيه لأنه عند ما يقوم بذلك يقوم بواجب النعمة ومن يقوم بذلك لا يطلب مدحا ولا يريد اطراء وكذلك يريد أن يخرج نفسه من خدمتهم الواجبة عليه وما هو مطلوب منه من الحقوق نحوهم فهو في كلا الأمرين يقوم بما هو واجب عليه ولا شكر على واجب.

واما حكام المسلمين بعد علي(ع) والى يومنا هذا فرجعوا الى ما كانت عليه الحال ما قبل الاسلام فهم يشيدون الصروح والتماثيل التي تحكي امجادهم ويحبون الاطراء لهم وانشاد الاناشيد التي تتغنى بمناقبهم وفضائلهم وانجازاتهم ـ التي لا وجود خارجي لها بل هي اوهام في مخيلة الحاكم المريضة ـ. فيتوهمون ان الامور على خير مايرام فيهملون امور الناس والدولة ونتيجة ذلك ستكون خراب البلاد وهو ما رايناه ونراه الى الان في سقوط الحكومات الدكتاتورية في البلاد الاسلامية.

وَ مَدَحَهُ قَوْمٌ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ: (اَللَّهُمَّ إِنَّكَ أَعْلَمُ بِي مِنْ نَفْسِي وأَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْهُمْ اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنَا خَيْراً مِمَّا يَظُنُّونَ واِغْفِرْ لَنَا مَا لاَ يَعْلَمُونَ)([9]).

يستصغر الإمام كل شي ء في جنب اللّه، وليس نفسه فقط، وهذه هي نظرة العارفين ولغتهم، وهذا دأبهم وطبعهم، ولذا لا يثني الإمام على نفسه إلا لضرورة كما قال يوسف: (إني حفيظ عليم) (يوسف: 55). وأيضا يكره الإمام الثناء من غيره. ولذا دعا بهذا الدعاء حين سمع المديح والإطراء.

الثالث: تبيين طريقة تعامل الموظف الحكومي مع المواطن

هناك جماعة من الجهلة ببديهيات التاريخ من (الزنادقة الجدد) يشكلون على الاسلام فيقولون: ما هو الجديد الذي جاء به هذا الدين حتى نتبعه ونجعله دينا لنا نعبد الله من خلاله؟.

والجواب يتضح من خلال النصوص التي جعلها النبي واهل بيته (صلوات الله عليهم), ومن خلال الممارسات الانسانية التي قاموا بها ايام حكمهم, فلو كان هذا المستشكل قد قرا كتيبا صغيرا تاريخيا لعرف الفرق بين الدين المحمدي الحق والحضارات السابقة له والايدلوجيات اللاحقة والمعاصرة.

فاما السابقة فقد قتل الفرس المجوس من اهل انطاكيا 70 الفاً في حربهم مع الروم واحرقوا المدينة بالكامل. واما الاسكندر المقدوني فقد دمر برسوبوليس عاصمة الفرس واحرقها بالكامل وقتل اهلها. واما الرومان فكانت هوايتهم القاء البشر في الملاعب ليقتل بعضهم بعضا او ليتصارعوا مع الحيوانات المفترسة وهم يهللون ويصفقون وما زالت ملاعبهم حاضرة تشهد لهذه الجرائم.

واما المعاصرة فاستالين الشيوعي قتل ـ على الاقل ـ 5 ملايين فلاح لانهم عارضوا سياساته, وهتلر القومي الاشتراكي قتل 6 ملايين يهودي لمجرد انهم يهود, وصدام العربي الاشتراكي قتل 15 الف عراقي يحملون الجنسية العراقية لا لذنب فعلوه الا لان اجدادهم ايرانيون, والحلفاء الليبراليون الامريكان قصفوا مدينتين امنتين بالقنابل الذرية…الخ.

واما محمد(ص) فحرر جزيرة العرب بكاملها ولم يبلغ عدد من قتلوا في حروبه الالف, وكانوا هم المعتدين عليه اذ لم يكن هو البادي في اي حرب من الحروب, لم يحرق مدينة ولم يقتل معارضا سياسيا او يعذبه وفي اخر حياته ناداهم فقال: ( إن ربي (عز وجل) حكم وأقسم أن لا يجوزه ظلم ظالم، فناشدتكم بالله أي رجل منكم كانت له قبل محمد مظلمة إلا قام فليقتص منه، فالقصاص في دار الدنيا أحب إلي من القصاص في دار الآخرة على رؤوس الملائكة والأنبياء).فقام إليه رجل من أقصى القوم يقال له سوادة بن قيس، فقال له: فداك أبي وأمي يا رسول الله، إنك لما أقبلت من الطائف استقبلتك وأنت على ناقتك العضباء وبيدك القضيب الممشوق، فرفعت القضيب وأنت تريد الراحلة فأصاب بطني، فلا أدري عمدا أو خطأ. فقال (معاذ الله أن أكون تعمدت). ثم قال: (يا بلال، قم إلى منزل فاطمة فأتني بالقضيب الممشوق). فخرج بلال وهو ينادي في سكك المدينة: معاشر الناس، من ذا الذي يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة ؟ فهذا محمد(ص) يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة! وطرق بلال الباب على فاطمة(عا) وهو يقول: يا فاطمة، قومي فوالدك يريد القضيب الممشوق. فأقبلت فاطمة(عا) وهي تقول: يا بلال، وما يصنع والدي بالقضيب، وليس هذا يوم القضيب ؟ فقال بلال: يا فاطمة، أما علمت أن والدك قد صعد المنبر وهو يودع أهل الدين والدنيا ! فصاحت فاطمة(عا) وهي تقول:وا غماه لغمك يا أبتاه، من للفقراء والمساكين وابن السبيل يا حبيب الله وحبيب القلوب ؟ ثم ناولت بلالا القضيب، فخرج حتى ناوله رسول الله(ص)، فقال رسول الله(ص): (أين الشيخ ؟) فقال الشيخ: ها أنا ذا يا رسول الله، بأبي أنت وأمي ؟ فقال: (تعال فاقتص مني حتى ترضى). فقال الشيخ: فاكشف لي عن بطنك يا رسول الله، فكشف(ص) عن بطنه، فقال الشيخ: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أتأذن لي أن أضع فمي على بطنك ؟ فأذن له، فقال: أعوذ بموضع القصاص من بطن رسول الله من النار يوم النار. فقال رسول الله(ص): (يا سوادة بن قيس، أتعفو أم تقتص ؟) فقال: بل أعفو يا رسول الله. فقال(ص): (اللهم اعف عن سوادة بن قيس كما عفا عن نبيك محمد)([10]).

وهذه سيرة وصيه علي(ع) نتلوها عليكم ابحثوا في كتبكم الايدلوجية عسى ان تجدوا ما يشابهها او يقترب منها ولن تجدوا ولو كان بعظكم لبعض نصيرا.

ففي السنوات القليلة التي تولى الامام علي(ع) السلطة كان يقيم الحق، ويضرب أمثلة العدل، في صغير الأمور وكبيرها, وهذا تجلى في مواقف كثيرة نشير الى احدها, نذكره هنا عسى ان يرتدع مرتدع او يتعظ متعظ ممن يعملون في دوائر الدولة فيتركوا ما هم عليه من غلظة وفجاجة في تعاملهم مع المواطنين.

فمن كتاب عممه على من كان يستعمله على الصدقات قال: (انطلق على تقوى اللَّه وحده لا شريك له، ولا تروّعنّ مسلما ولا تجتازنّ عليه كارها، ولا تأخذنّ منه أكثر من حقّ اللَّه في ماله، فإذا قدمت على الحيّ فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثمّ امض إليهم بالسّكينة والوقار، حتّى تقوم بينهم فتسلّم عليهم، ولا تخدج بالتّحيّة لهم، ثمّ تقول: عباد اللَّه، أرسلني إليكم وليّ اللَّه وخليفته، لآخذ منكم حقّ اللَّه في أموالكم، فهل للَّه في أموالكم من حقّ فتؤدّوه إلى وليّه)([11]).

تتضمن هذه الوصية، وصية للجابي بحق نفسه ووصية له في حق الناس والثالث وصية له بحق المال الذي يأخذه.

1ـ وصيته بحق نفسه: ليكن مسيرك وانطلاقتك من أولها مزودا بتقوى اللَّه فلا تفارقها في كل حركة تقوم بها فإنه وحده‏ لا شريك له. فاعتمد عليه ولا تتوكل على سواه وخشاه في كل حركاتك وراقبه في كل أعمالك.

2ـ وصيته له في حق الناس: ويتمثل ذلك في أمور:

 ـ لا تخيفن مسلما أو تفزعه فإن إخافة المسلم حرام, وهذا نهي له عما يفعله أعوان السلاطين وولاتهم الظالمين عندما يريدون من الرعية أمرا فإنهم يستعملون الترهيب والتخويف ظنا منهم أن ذلك يحفظ هيبة الحاكم وقوة شوكته.

 ـ لا تمر في أرض مسلم أو بساتينه إذا كان يكره مرورك بها لأن ذلك لا يجوز لحرمة دخول أرض المسلم بدون رضاه.

 ـ لا تاخذ أكثر من حق اللَّه المفروض عليه.

 ـ يجب أن تكون مؤدبا بأداب الأسلام وأخلاقياته ولا يجوز أبدا إذا كنت موكلا من قبل السلطة أن تتخلى عن آدابه وأخلاقه, وهذا يتم من خلال مراعاة امور عدة وهي:

أـ إذا دخلت محلة قوم تقصدهم لجمع الصدقات فانزل على مائهم ومن عادة المياه أن تكون خارج المحلة والحي التي يقطنون، فلا تدخل عليهم الحي مباشرة إذ لعلهم يكرهون للغريب أن يخالطهم ويقف على بعض أمورهم التي لا يرغبون كشفها واطلاع أحد عليها. فينزل على مائهم ويكون ذلك توطئة للدخول إلى حيهم.

ب ـ ان يمضي إليهم بهدوء ودعة وعلى رزانة ورصانة لا في رتل عسكري والاسلحة مشهورة والوجوه مقنعة بالاقنعة السوداء.

ج ـ إذا أصبحت بينهم سلم عليهم بتحية الإسلام تحية كاملة تامة ليس مشوبة بالعبوس أو الشدة أو أي أمر آخر مقترن بها ينم عن التكبر والجبروت.

د ـ ان تكون مخاطبتك لهم بالصيغة الطيبة والعبارة الندية الطرية التي تحمل العطف والرقة والحنان فتقول: (عباد اللَّه) ما أجمله من نداء فهو يردهم إلى اللَّه الذي أعطاهم وخولهم هذا الخير. ارسلني ولي اللَّه وخليفته الذي يتولى تنفيذ أمر اللَّه لآخذ منكم حق اللَّه المفروض في كتابه عليكم: (وَ آتُوا الزَّكاةَ). فهل للَّه في أموالكم من حق أي هل وجبت الزكاة في أموالكم فتؤدوها إلى ولي اللَّه ليؤديها إلى أربابها والمستحقين لها. بهذه البساطة والسهولة وبدون ترديد أو استقصاء أخبار.

إن هذه التعاليم وأجملها عن عمق الشعور مع المسلمين وتحكي أدب المسلم مع المسلمين.

3ـ وصيته له بحق المال الذي يأخذه. واكد فيه على مجموعة أمور:

أـ إن قال قائل: لا ليس في أموالنا حق فلا تراجعوه. لا تقل له لماذا وكيف ولا تبحث بعد أن نفي وجوب الصدقة في ماله لان الزكاة عبادة يتقرب بها الانسان الى ربه كالصلاة والصوم والحج فكما ان الاسلام لايجبر الناس على تلك لا يجبره على هذه ايضا. فلا تبحث عن صحة نفيه وكذبه بل اقبل قوله وتجاوز عنه.

ب ـ إذا قال لك أحدهم نعم إن في أموالي حق للَّه فانطلق معه بدون أن تخيفه عليها أو على نفسه أو على أمر متعلق به ولا تتوعده بشر أو بسوء أو تأخذه بشدة وعنف أو أمر فيه إرهاق أو ما لا يطيق فإذا كان المال ذهبا أو فضة فخذ ما أعطاك واقبضه منه لسهولة القبض من العين النقدية.

ج ـ إن كان له ماشية أو إبل فلا تدخلها إلا بإذنه فإن أكثرها له فإذا اتيتها فلا تدخل عليها دخول متسلط عليه ولا عنيف به ولا تنفرنّ من بهيمة ولا تفزعنها ولا تسوءن صاحبها فيها, وقد علل الإمام(ع) سبب ذلك بأن أكثرها له لأن الحق الشرعي ـ الزكاة ـ جزء من المجموع وهو قليل من كثير قال ابن أبي الحديد: ” كلام لا مزيد عليه في الفصاحة والرياسة والدين، وذلك لان الصدقة المستحقة جزء يسير من النصاب، والشريك إذا كان له الأكثر حرم عليه أن يدخل ويتصرف إلا بإذن شريكه، فكيف إذا كان له الأقل”([12]).

د ـ نبه إلى مراعاة شئون هذه الماشية بحيث لا يؤذي صاحبها بها فإن صاحبها يتعهدها ويرعاها ويحفظها ولا يؤذيها فهو(ع) يقول لهذا الجابي إذا دخلت بإذن صاحبها فلا تدخل عليها دخول متسلط كما يدخل الجبابرة الظالمين الذين يستقلون بالتصرف فيأخذون ما يشاؤن قهرا عن أصحابها مع الشدة عليهم والعنف بهم وكذلك لا تصرخ بها لتنفرها وتهيجها لانتقاء الأفضل كما هي عادة الظالمين ولا تؤذي صاحبها فيها كأن تضربها فتؤذي صاحبها بضربك لها.

هـ ـ بين(ع) له كيفية تعيين حق اللَّه في المال وهذه طريقة عادلة حكيمة لا تظلم المالك ولا تبخس الحق الشرعي حقه وهو أن يقسم المال إلى قسمين ويخير المالك في الحصة التي يختارها له ثم ما لم يختاره يقسّم إلى قسمين ويخير أيضا المالك وهكذا حتى يبقى بمقدار الحق الشرعي الواجب فيأخذه الجابي.

و ـ عالج قضية يمكن أن تحدث في بعض الحالات وعند بعض الناس كأن يندم ويرى الغبن في تعيين الصدقة التي تعينت فهنا الإمام(ع) لا يقول للجابي خذ الحق وانصرف بل يقول له عدّ من جديد إلى القسمة فاخلط الماشية وأقسمها كما قسمتها أولا وعين الحق الشرعي كما عينته وطيّب خاطر الرجل بإعادة التعيين للحق الشرعي.

ز ـ اوصى بان لا يقبض المعيبة بان تكون هرمة او معيبة في قوائمها ولا الضعيفة الهزيلة ولا ذات العيب فإن ذلك يقلل قيمتها ولا يجبر قلب آخذها من أرباب الصدقات المستحقين لها.

وفي عهده لمالك الاشتر يقول: (وأشعر قلبك الرّحمة للرّعيّة، والمحبّة لهم، واللّطف بهم، ولا تكوننّ عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنّهم صنفان: إمّا أخ لك في الدّين، أو نظير لك في الخلق، يفرط منهم الزّلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الّذي تحبّ وترضى أن يعطيك اللّه من عفوه وصفحه، فإنّك فوقهم، ووالي الأمر عليك فوقك، واللّه فوق من ولاَّك وقد استكفاك أمرهم، وابتلاك بهم. ولا تنصبنّ نفسك لحرب اللّه فإنّه لا يد لك بنقمته، ولا غنى بك عن عفوه ورحمته. ولا تندمنّ على عفو، ولا تبجحنّ بعقوبة، ولا تسرعنّ إلى بادرة وجدت منها مندوحة، ولا تقولنّ: إنّي مؤمّر آمر فأطاع، فإنّ ذلك إدغال في القلب، ومنهكة للدّين، وتقرّب من الغير. وإذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبّهة أو مخيلة، فانظر إلى عظم ملك اللّه فوقك، وقدرته منك على ما لا تقدر عليه من نفسك، فإنّ ذلك يطامن إليك من طماحك، ويكفّ عنك من غربك، ويفي‏ء إليك بما عزب عنك من عقلك)([13]).

 يؤكد الامام(ع) على ان الوالي كالأب الرحيم، يعطف على الضعيف، يعين العاجز، يوفر ظروف السعادة لرعيته لأنه يمثل القدوة والأسوة فعند ما يتخذ هذا السلوك سيرة له مع الناس ينعكس هذا الأمر فيما بين الناس أنفسهم فيتبادلون الحب والعطف والرحمة واللطف وبذلك يسن طريقة تجمع القلوب وتوحد الأيدي وتلم شمل الناس على مائدة الوئام والسلام وقد مثل الإمام علي وهو في سدة الخلافة أروع صور العطف والحنان على رعيته وهذه صورة مشرقة من تلك الصور الفذة.

فالوالي يجب أن يكون صاحب القلب الكبير ينظر بعطف ورحمة إلى رعيته ولا يكونن عليهم سبعا ضاريا يتحين الفرص لينقض على أنفسهم فيذيقها العذاب وعلى أموالهم فيتسلط عليها ظلما وعدوانا وعلى أعراضهم فينالهم بالهتك والمهانة… ويعلل الإمام ذلك بأجل عبارة وأخصرها وأروع بيان وأكمله حيث يقول: «فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق» فهي عبارة على قصرها تتحدى ما توصل إليه الإنسان في القرن العشرين، إنها عبارة انطلقت قبل أربعة عشر قرنا واخترقت كل هذا الزمن لتتحدى فكر الإنسان في القرن العشرين الذي لم يستطع أن يأتي بصياغة أجمل منها يحتوي على نفس المضمون العميق فهو إما أخ لك في الدين تربطه معك العقيدة والمبدأ وهذا له حق عليك بل حقوق وهناك أخ لك في الخلق تجمعه معك أصل الخلقة والتكوين وهذا المعنى المشترك يفرض حقا لكل فرد من الناس على الآخرين, وكلا الرجلين يستحق الشفقة والرقة والحنان فإذا صدر من أحدهما زلة أو عثرة أو تجاوز ما هو مرسوم له عمدا أو خطأ فإن ذلك شيئا يمكن أن يصدر من إنسان يدخل تحت الإمكان ولا تحوطه العصمة أو ترشده يد اللّه، فإذا صدر شي‏ء من ذلك وأمكن للوالي أن يغفرها لهم أو يسترها عليهم أو يجنبهم جرائرها وآثارها فهذا شي‏ء مطلوب ومرغوب فيه ولينظر الوالي نفسه كيف أنه لو أخطأ أو عثر يتمنى في قرارة نفسه أن يعفو عنه اللّه بعفوه وكذلك من هو فوقه فليكن هذا الوالي مع أمنيات رعيته في عفوه عنهم, وطبعا هذا إنما يكون في الأمور التي يمكن أن يتساهل فيها أو يعفى عنها، أما إذا كان من الحدود التي لا يجوز التهاون فيها، أو الحقوق التي يجب تحصيلها فليس لأحد أن يسترها أو يعفو عنها.

 ثم إن اللّه فوق الجميع وبيده الأمور كلها وهو الذي ولىّ القادر على تحمل المسئولية وجعله المسئول الذي يتولى أزمة الأمور فيسوس الرعية ويصلح الحياة ويوفر للناس الدعة والصلاح والأمان.

ثم نبهه على أمر خطير جدا وهو أن لا يكون الإنسان مناصبا عدائه للّه فإن مناصبة العداء إن جرت فإنما تجري بين المتكافئين اللذين يملكان القدرة لقهر كل منهما الآخر وأما مناصبة العداء بين ضعيف صغير مخلوق فقير وبين قوي كبير خالق غني مناصبة ظاهرة النتائج لا تحتاج إلى فكر طويل اذ كيف يستطيع هذا المخلوق الضعيف الذي استمد أصل وجوده واستمراريته من خالقه الغني كيف يقوم بمناصبة العداء لمن أفاض عليه الوجود وأغدق عليه النعم والخيرات.

فاللّه سبحانه بيده أزمة الأمور وهو القادر المعطي المبدى‏ء المعيد المحيي المميت على هذا يحيا المسلم وعليه يموت فلذا لا يخرج عن طاعة اللّه إلى معصيته وكل معاصيه تعد من إعلان الحرب عليه فالمسلم لا يعمل بالمعاصي لأن اعتقاده باللّه جميل فهو يعبده ويطيعه لأنه أهل أن يعبد ويطاع وتلك عبادة الأحرار أو يعبده ويطيعه خوفا من عذابه أو يعبده ويطيعه طمعا في جنته على حد مقولة أمير المؤمنين علي(ع).

 ثم إن العفو باعتباره مرغوبا فيه مدفوعا إليه من الشارع فلا يندمن مسلم على عفو قد صدر منه وكيف يندم على فعل أراده اللّه ورغب فيه وكذلك الوالي إذا مارس عقوبة على إنسان استحقها فلا يتبجح بها ويتحدث بزهوه وقدرته على ذلك لأنه لم يقمها إلا للّه وقد استوفاها في وقتها وكذلك يجب على الوالي إذا غضب أن لا يدخله غضبه في مخالفة الشرع بل يجب أن ينصرف عن ذلك إلى ما لا حرمة فيه.

كما نبهه الى ان للحكم لذة لا توصف، تفوق لذاذات الحياة جميعا عند بعض الناس، إن لهذا الكرسي سكرة تنسي صاحبها اللّه، والدار الآخرة وهنا يكمن الخطر فتزل الأقدام‏ وتتحطم كل المقاييس ليعيش مقياس المحافظة على ركوب الكرسي, ومن أجل الحكم تقطع الأرحام , ومن أجل الحكم تحصل الانقلابات والمنازعات ومن أجل الحكم يقوم الابن بالانقلاب على أبيه ومن أجل الحكم تدور المعارك بين الأصدقاء وتحصل التصفيات بين رفاق السلاح من أجل الحكم يتنكر كثير من الناس للحق فيدخلون النار.

 فإن الإنسان إذا رأى قعقعة السلاح وخفق النعال ووجد نفسه أنه الآمر الناهي الذي يملك تصريف الأمور وتحريكها، إذا رأى أن حاجات الناس لديه وهو يملك قضاءها ومنعها تغره نفسه ويقوده هواه إلى أن يبقى في منصبه ومقامه ولو على حساب دماء الناس وأشلائهم ودموعهم وراحتهم.

ثم نبهه الى إن لذة الحكم قد تطغى بالحاكم إلى أن يقول: (أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى) (النازعات: 24) ‏ كما قال فرعون وإن هذه اللذة إذا طغت فإنها تفسد الدين والضمير وتجعل الثورة على أبواب الملك لتدق عظمه وتعيده إلى حجمه الطبيعي الصغير إن هذا الملك أو السلطان إذا تخيل أنه يملك كل شي‏ء ووقف موقف الإعجاب بنفسه فعليه أن يلتفت لفتة بسيطة قليلة إلى قدرة اللّه العظيمة، عليه أن يلتفت إلى ربه وقدرته عليه وعلى سائر المخلوقات ليعرف أن اللّه الذي هو فوقه يملك من القدرة في حق هذا الإنسان أكثر مما يملكه الإنسان من نفسه فاللّه يملك أن يميته فهل يملك هذا الإنسان أن يتحدى ذلك فلا يموت اللّه يملك القدرة أن يمرضه فهل يملك هذا الإنسان القدرة على الشفاء اللّه يملك القدرة أن يسلبه أمنه وراحته, فإذا مر هذا الشريط من قدرة اللّه وعظمتها وأنها فوق قدرة الملك وسلطانه يطأطى‏ء رأسه حياء ويخفف من كبريائه وارتفاع نفسه ليضعها موضعها اللائق بها فلا يرتفع تكبرا وتجبرا ولا يتيه غطرسة وعنادا ولا يخرج عن سمة العقلاء غضبا وحدة، بل تلك الصورة العظيمة لقدرة اللّه تخفف من كل ذلك وتجعله يرجع إلى عقله ويعود إلى رشده.

فإن من يتشبه باللّه ويفرض نفسه في ذلك المحل الرفيع، فيتجبر ويتكبر ويقوده ذلك إلى الفرعنة الكافرة والنمردة الملحدة، إن مثل هذا الإنسان يذله اللّه ويهينه ولا يدعه في كبره وصلفه بل ربما سلط عليه أحقر خلقه وأقلها شأنا كي يذيقه هو ان الدنيا وخزيها.

الرابع: تبيين طريقة تعامل المواطن مع الحاكم

فلا تكون هذه العلاقة علاقة السید وعبده كما فعل يزيد([14]) كما كان وما زال یفعل الطغاة بل ان الحاكم هو موظف حكومي يقوم بواجبه فهم يتعاملون معه معاملة الند والند ولا يجوز لهم التذلل والخنوع له ولا يجوز له ان يطلب ذلك وان فعلوا فينبغي على الحاكم ان ينهاهم عن هذه الافعال وقد جسد ذلك امير المؤمنين ابان خلافته وهذا ما تشير إليه مجموعة من الوقائع نشير إلى ذكرها:

1ـ قَالَ(ع) وقَدْ لَقِيَهُ عِنْدَ مَسِيرِهِ إِلَى الشَّامِ دَهَاقِينُ الْأَنْبَارِ فَتَرَجَّلُوا لَهُ واشْتَدُّوا بَيْنَ يَدَيْهِ ـ فَقَالَ(ع): (مَا هَذَا الَّذِي صَنَعْتُمُوهُ), فَقَالُوا خُلُقٌ مِنَّا نُعَظِّمُ بِهِ أُمَرَاءَنَا فَقَالَ(ع): (وَاللَّهِ مَا يَنْتَفِعُ بِهَذَا أُمَرَاؤُكُمْ وإِنَّكُمْ لَتَشُقُّونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ فِي دُنْيَاكُمْ وتَشْقَوْنَ بِهِ فِي آخِرَتِكُمْ ومَا أَخْسَرَ الْمَشَقَّةَ وَرَاءَهَا الْعِقَابُ وأَرْبَحَ الدَّعَةَ مَعَهَا الْأَمَانُ مِنَ النَّارِ)([15]).

ورواه نصر بن مزاحم في (صفينه) هكذا، فقال: وجاء علي عليه السلام حتّى مرّ بالأنبار فاستقبله بنو خشنوشك دهاقنتها. قال سليمان «خش» طيب «نوشك» راض، يعني «بني الطيّب الراضي» بالفارسية، فلما استقبلوه نزلوا ثم جاءوا يشتدّون معه، قال: ما هذه الدوابّ التي معكم وما أردتم بهذا الذي صنعتم قالوا: أمّا هذا الذي صنعنا فهو خلق منّا نعظّم به الأمراء، وأما هذه البراذين فهديّة لك وقد صنعنا لك وللمسلمين طعاما وهيّأنا لدوابّكم علفا كثيرا. فقال عليه السلام: امّا هذا الذي زعمتم أنّه منكم خلق تعظّمون به الامراء فو اللّه ما ينفع هذا الأمراء، وإنّكم لتشقّون به على أنفسكم وأبدانكم فلا تعودوا له، واما دوابّكم هذه فان أحببتم أن نأخذها منكم فنحسبها من خراجكم أخذناها منكم، وأما طعامكم الذي صنعتم لنا فإنّا نكره أن نأكل من أموالكم شيئا إلّا بثمن. قالوا: نقوّمه ثمّ نقبل ثمنه. قال: إذن لا تقوّمونه قيمته، نحن نكتفي بما هو دونه. قالوا: يا أمير المؤمنين فإنّ لنا من العرب موالي ومعارف فتمنعنا أن نهدي لهم وتمنعهم أن يقبلوا منّا قال: كلّ العرب لكم موال وليس ينبغي لأحد من المسلمين أن يقبل هديّتكم، وإن غصبكم أحد فأعلمونا، قالوا: يا أمير المؤمنين انّا نحبّ أن تقبل هديتنا وكرامتنا. قال لهم: ويحكم، نحن أغنى منكم فتركهم ثم سار([16]).

هذه حالة يراها الإمام فلا يرتضيها فينبه أهلها للكف عنها… يمر الإمام بزعماء الفلاحين من العجم في بلدة الأنبار وهو يقصد الشام فيخرج إليه هؤلاء ينزلون عن دوابهم ويسرعون إليه فيستفهم الإمام(ع) عن ذلك فيقولون عادة نكرم بها أمراءنا. فأجابهم الإمام.

أولا: إن أمراءكم لا ينتفعون بذلك.

ثانيا: إن فيما تقومون به مشقة على أنفسكم في الدنيا وهي مشقة غير مطلوبة.

ثالثا: إنكم بعملكم هذا تعذبون وعليه تعاقبون لأنه أمر لغير اللَّه ولم يشرع في الدين ونفّر عنه أن الإنسان يحتمل المشقة والعذاب في الدنيا ومع ذلك يعاقب في الآخرة فيجمع مشقة الدنيا وعذاب الآخرة.

ورغب في ضده وهي الدعة والراحة في الدنيا التي تكون بدون هذا العمل ومع ذلك ينجو الإنسان من النار فيعيش الراحة في الدنيا والأمان من العذاب في الآخرة.

 الإمام الصادق(ع): خرج أمير المؤمنين(ع) على أصحابه وهو راكب، فمشوا خلفه، فالتفت إليهم، فقال: لكم حاجة؟ فقالوا: لا، يا أمير المؤمنين، ولكنا نحب أن نمشي معك، فقال لهم: انصرفوا؛ فإن مشي الماشي مع الراكب مفسدة للراكب، ومذلة للماشي، انصرفوا.

قال: وركب مرة أخرى فمشوا خلفه، فقال: انصرفوا؛ فإن خفق النعال خلف أعقاب الرجال مفسدة لقلوب النوكى([17])([18]).

فان غرضه(ع) تعليمهم ونهيهم عن فعل ذلك مع غيره(ع) من أئمة الجور.

([1]) أستاذ التاريخ في مجمع الامام الخمينيّ للدراسات العليا في قم المقدّسة.

([2]) صحيح مسلم، مسلم النيسابوري، ج6، ص20، دار الفكر، بيروت ـ لبنان.

([3]) السيرة النبوية، ابن هشام، دار الفكر، دمشق، د. ت.

([4]) كان مقتل عثمان على رأس إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرا وثمانية عشر يوما من مقتل عمر بن الخطَّاب رضي الله تعالى عنه، وقتل صلاة العصر، وبايع الناس عليّا يوم السبت لتسع عشرة ليلة خلت من ذي الحجّة سنة خمس وثلاثين. أنساب الأشراف. أحمد بن يحيى بن جابر (البلاذري)، ج5، ص578، تحقيق: إحسان عباس، جمعية المستشرقين الألمانية، بيروت، 1400هـ ـ 1979م.

([5]) نهج البلاغة، الخطبة 29، خطب الإمام علي(ع)، شرح: الشيخ محمد عبده، دار الذخائر، قم ـ ايران، ط1، 1412هـ ـ 1370هـ.ش.

([6]) الكافي، الكليني، ج8، ص353، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية، طهران، ط3، 1367هـ.ش.

([7]) المصدر السابق، ج8 ص358.

([8]) الكافي، ج8 ص356.

([9]) الحكمة 100.

([10]) الأمالي، الشيخ الصدوق، ص734، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية ـ مؤسسة البعثة ـ قم، مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة، ط1، 1417.

([11]) نهج البلاغة، الكتاب 25.

([12]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج15، ص154، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية ـ عيسى البابي الحلبي وشركاه، ط1، 1378 ـ 1959م.

([13]) نهج البلاغة، الكتاب 53.

([14]) قال ابن حزم: (وأكره الناسَ على أن يبايعوا يزيد بن معاوية على أنهم عبيد له، إن شاء باع، وإن شاء أعتق؛ وذكر له بعضهم البَيْعَةَ على حكم القرآن وسُنَّة رسول الله(ص)، فأمر بقتله فضرب عنقه صبراً). أسماء الخلفاء والولاة وذكر مددهم، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، ج2، ص140، تحقيق: د. إحسان عباس، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت ـ لبنان، ط2، 1987م.

([15]) الحكمة 37.

([16]) ﻭﻗﻌﺔ ﺻﻔﻴﻦ، ﻨﺼﺮ ﺑﻦ ﻣﺰﺍﺣﻢ ﺍﻟﻤﻨﻘﺮﻱ، ص143 ـ 144، ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻭﺷﺮﺡ: ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻣﺤﻤﺪ ﻫﺎﺭﻭﻥ، ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ، ط2، ١٣٨٢هـ.

([17]) جمع أنوك: أي الحمقى؛، النهاية في غريب الحديث والأثر، مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير، ج٥، ص١٢٩، تحقيق: طاهر أحمد الزاوى ومحمود محمد الطناحي، المكتبة العلمية، بيروت، 1399هـ ـ 1979م.

([18]) المحاسن، البرقي، ج٢، ص٤٧٠، تصحيح وتعليق: السيد جلال الدين الحسيني (المحدث)، ١٣٧٠ ـ ١٣٣٠هـ.ش؛ الكافي، ج٦، ص٥٤٠.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً