أحدث المقالات

د. الشيخ عصري الباني(*)

تمهيدٌ

مَنْ يُراجِع ما كُتُب عن الإمام الحسين× من الكُتُب، والأشعار التي نُظمَتْ، إلى فترة ما قبل الخمسينيّات من القرن الماضي، لا يرى تصريحاً أو تلميحاً يتحدّث عن أنَّ الامام الحسين× انتصر بحَسَب الفَهْم الشائع والمعروف لدى عموم الشيعة اليوم، في أنّه تغلَّب على خَصْمه.

فالكتابات والأشعار قبل هذه المرحلة كانت تتحدَّث عن شجاعته، وعن عُلُوّ هِمَّته، وجُرأته، ووضوحه، وإقدامه، وعزِّه، وشموخه، وأنّهُ بنى لنفسه ولقومه مَجْداً عظيماً عبر التأريخ، في سُوح القتال؛ باعتبار هذه المفاخر من المفاخر الإلهيّة والدينيّة.

فاذا راجعنا الكُتُب التي سبقَتْ هذا التأريخ فهي أبعدُ ما تكون عن الحديث في مثل هذا الموضوع، ككتاب (الخصائص الحسينيّة)، للشيخ جعفر التُّستري، وهو لخطيبٍ حُسينيٍّ ومرجعٍ معروف، فلا نجده يتحدَّث عن هذا الموضوع. وكذلك الحال مع الذين جاؤوا مِن بعده، مثل: الشيخ مهدي المازندراني؛ فإن كُتُبهم خاليةٌ من هذا المعنى. وكذا سائر الكُتُب التي جمعَتْ المجالس الحسينيّة لكبار العلماء وكبار الخطباء ما قبل الخمسينيّات من القرن الماضي.

فهذا القول انتشر في الثقافة الشيعيّة من بعد الخمسينيّات. وأوّل ظهوره كان في تفسير سيّد قُطب (في ظلال القرآن)، في ذيل قوله تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾ (غافر: 51).

يقول سيّد قُطب: «والحسين ـ رضوان الله عليه ـ وهو يُستشهَد في تلك الصورة، العظيمة من جانبٍ، المُفْجِعة من جانبٍ، أَكانَتْ هذه نَصْراً أم هزيمةً؟ في الصورة الظاهرة، وبالمقياس الصغير، كانَتْ هزيمةً؛ وأمّا في الحقيقة الخالصة، وبالمقياس الكبير، فقد كانَتْ نَصْراً. فما من شهيدٍ في الأرض تهتزُّ له الجوانح بالحبّ والعطف، وتهفو له القلوب، وتجيشُ بالغَيْرة والفداء، كالحسين رضوان الله عليه. يستوي في هذا المتشيِّعون وغير المتشيِّعين من المسلمين، وكثير من غير المسلمين…».

فخلاصةُ كلامه أن الحسين× قُتل، ولكنه انتصر؛ لأنه يقول: «والناس كذلك يقصرون معنى النصر على صورٍ معيَّنة معهودةٍ لهم، قريبةِ الرؤية لأعينهم. ولكنّ صور النصر شتّى…»([1]).

وشاع هذا الفكر في الوَسَط العراقي، وفي الوَسَط الإيراني، وفي الوَسَط الباكستاني، وفي الوَسَط الخليجي، وفي الوَسَط اللبناني. وصار هذا الفكر هو الفكر المتزعِّم في الإعلام، وفي الفضائيات، وعلى الإنترنت، من أن الإمام الحسين× قد قُتل، وأنه انتصر بعد قتله، وأن أهدافه قد تحقَّقَتْ، وانتهى الموضوع. فصارت مجالس الإمام الحسين× متمسّكةً بهذا الطرح. وهكذا بدأ الشعراء ينظمون([2])، والرواديد يقرؤون، وتؤلَّف الكتب، فانتشرَتْ هذه الفكرة.

فهم يستعملون النصر بالمعنى المحرَّف، الذي حرِّف عن أصله الموجود في كتب اللّغة والأدب. ثمّ يطبِّقونه على المشروع الحسيني.

ثمرة البحث

هنا يأتي السؤال عن الثمرة التي ستترتَّب على كلا الفهمين؟

فنقول: إننا حينما نفهم مشروع الإمام الحسين× بالفَهْم الأوّل، من أن المشروع حقَّق بعضاً من أهدافه، أما الأهداف العظمى فلم يحقِّقها حتّى الآن، فهذا سيجعل الشيعة تتحرَّك باتّجاهها، وستتبرمج عقولهم باتّجاه أن يتحرّكوا ويعملوا وينشطوا.

 بخلاف ما لو قلنا: إن الحسين× قد انتصر، وحقَّق أهدافه، وتمّ الإصلاح، وأُصلحت أوضاع الأمّة، فيقتصر الشيعة على إقامة الشعائر الحسينيّة، ويتصوّرون أنهم يفتحون الفتوح.

فالإشكال ليس الشعائر الحسينية، ولكنّنا نقول: إن هذه الشعائر لا قيمة لها من دون المعرفة. ولذا حين تحدَّث أئمّتنا عن أهمّ شعيرةٍ، وهي الزيارة، كما في صحيحة([3]) عتيبة بيّاع القصب، عن أبي عبد الله× قال: «مَنْ أتى قبر الحسين× عارفاً بحقِّه كتبه الله في أعلى عليّين»([4]). فعلى الناس أن يقيموا الشعائر، ولكنْ بوعيٍ ومعرفةٍ. فهؤلاء الذين يقولون: إن الحسين انتصر، وإن الحسين حقَّق أهدافه، وإن الأمة قد أصلحت، يفرِّغون مشروع الإمام الحسين× من مضمونه.

ونحن في هذا المقال سنناقش هذه الفكرة، من خلال اللغة في أصلها، والاستعمال القرآنيّ، وحديث أهل البيت^، وبحَسَب الواقع التأريخي، من خلال بعض الأمثلة، وبعض النصوص، التي تركِّز هذا الموضوع وتوضِّحه.

أوّلاً: في النصّ القرآني

1ـ في صحيحة جميل، عن أبي عبد الله×، قال: قلتُ قول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾؟ قال: «ذلك والله في الرَّجْعة. أما علمْتَ أن أنبياء كثيرة لم يُنْصَروا في الدنيا، وقُتلوا. والأئمّة بعدهم، قُتلوا، ولم يُنْصَروا. ذلك في الرجعة»([5]).

فالإمام× لم يقُلْ: إنهم بعد قتلهم انتصروا؛ إذ كيف ينتصرون وقد قُتلوا؟!

نعم، يمكنننا أن نقول: إن أهدافهم تحقَّقَتْ لو كان هناك مَنْ يسعى في تحقيق أهدافهم، ولكنّ تحقيق الأهداف شيءٌ وهذا المصطلح (النصر) شيءٌ آخر.

فهذا هو مفهوم الأئمّة للنصر، لا النصر السياسي، أو الإعلامي، أو…

وهذا هو معنى النصر في اللغة، وفي القرآن.

أما الاستعمال بالمعنى الثاني فهو لغةٌ محرَّفة، حرَّفتها الحكومات التي تسلَّطت على مقادير الأمّة بعد النبيّ|، ومَنْ جاء بعدهم، وتابعهم بعضُ الشيعة، فنشأَتْ هذه الثقافة، فكتب الكتاب، ونظم الشعراء، وأنشد الرواديد.

2ـ في موثَّقة([6]) أبي بصير، عن أبي جعفر×، قال: تلا هذه الآية: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾ (غافر: 51)، قال: «الحسين بن عليٍّ منهم، ولم يُنْصَر بعدُ»، ثمّ قال: «والله، لقد قتل قتلة الحسين×، ولم يُطْلَب بدمه بعدُ»([7]).

فقتل قتلة الإمام الحسين× هذا ليس نصراً للحسين×، بل النصر يتحقَّق عند غلبة المظلوم على الظالم، بشكلٍ حسّيٍّ وظاهرٍ ومباشرٍ.

ثانياً: في أدعية أهل البيت (عليهم السلام)

1ـ عن عمرو بن خالد، عن أبي جعفر× قال: «كان رسول الله| يصوم شعبان ورمضان، يَصِلُهما، وكان يقول: هما شهرا الله، وهما كفّارةٌ لما قبلهما وما بعدهما من الذنوب. اليوم الثالث فيه وُلد الحسين بن عليّ’. خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني، وكيل أبي محمد×، أن مولانا الحسين× وُلد يوم الخميس لثلاث خَلَوْن من شعبان، فصُمْه، وادْعُ فيه بهذا الدعاء: (اللهمّ، إني أسألك بحقّ المولود في هذا اليوم، الموعود بشهادته قبل استهلاله وولادته، بَكَتْه السماء ومَنْ فيها، والأرض ومَنْ عليها، ولمّا يطأ لابتَيْها، قتيل العبرة، وسيّد الأسرة، الممدود بالنصرة يوم الكرّة، المعوض من قتله أن الأئمّة من نسله، والشفاء في تربته، والفوز معه في أوبته، والأوصياء من عترته، بعد قائمهم وغيبته، حتّى يُدركوا الأوتار، ويثأروا الثار، ويرضوا الجبّار، ويكونوا خير أنصار (صلى الله عليهم)، مع اختلاف الليل والنهار. اللهمّ، فبحقِّهم إليك أتوسَّل، وأسأل، سؤال مقترفٍ معترفٍ، مسيءٍ إلى نفسه ممّا فرط في يومه وأمسه، يسألك العصمة إلى محلّ رمسه. اللهمّ، فصلِّ على محمد وعترته، واحشُرْنا في زمرته، وبوِّئنا معه دار الكرامة، ومحلّ الإقامة. اللهمّ، وكما أكرمتنا بمعرفته فأكرِمْنا بزلفته، وارزقنا مرافقته وسابقته، واجعَلْنا ممَّنْ يسلِّم لأمره، ويكثر الصلاة عليه عند ذكره، وعلى جميع أوصيائه، وأهل أصفيائه، الممدودين منك بالعدد الاثني عشر، النجوم الزهر، والحجج على جميع البشر. اللهمّ، وهَبْ لنا في هذا اليوم خيرَ موهبةٍ، وأنجح لنا فيه كلّ طلبةٍ، كما وهَبْتَ الحسين لمحمّدٍ جدَّه، وعاذ فطرس بمَهْده، فنحن عائذون بقبره من بعده، نشهد تربته، وننتظر أوبته، آمين ربّ العالمين»([8]).

ونجد أن المعاني التي ذُكرَتْ في هذه العبارات تنطبق انطباقاً كاملاً على الذي ذكرناه آنفاً؛ فالدعاء كأنّه خلاصةٌ كاملةٌ لكلّ الذي مرَّ وتقرَّر. ونضيف إلى ذلك أننا لم نجِدْ في كلّ الزيارات والأدعية والتوسُّلات والمناجيات للإمام الحسين× أنهم تحدَّثوا عن نصرٍ قبل الرَّجْعة. فمشروع الإمام الحسين× يتحرَّك باتّجاه الانتصار.

ثالثاً: في الواقع التأريخي

عند استعراض النصوص التي تحدِّثنا عن واقع الأمّة بعد عاشوراء واستشهاد الإمام الحسين× نلاحظ أنه ينطبق على منطق آل محمد^. وهو مخالفٌ للرأي الثاني بشكلٍ واضح:

1ـ وصف وحلَّل الإمام المهدي# ما جرى بعد استشهاد الإمام الحسين× بقوله: «…فالويل للعُصاة الفُسّاق؛ لقد قتلوا بقتلك الإسلام، وعطَّلوا الصلاة والصيام، ونقضوا السنن والأحكام، وهدموا قواعد الإيمان، وحرَّفوا آيات القرآن، وهم لجّوا في البَغْي والعدوان. لقد أصبح رسول الله| موتوراً، وعاد كتاب الله عزَّ وجلَّ مهجوراً، وغودر الحقّ إذ قُهِرْتَ مقهوراً، وفُقِدَ بفقدك التكبير والتهليل، والتحريم والتحليل، والتنزيل والتأويل، وظهر بعدك التغيير والتبديل، والإلحاد والتعطيل، والأهواء والأضاليل، والفتن والأباطيل…»([9]).

فهذا هو حال الأمّة بعد عاشوراء. فأيُّ إصلاحٍ هذا الذي يتحدَّثون عنه، والإمام الحجة يقول: (لقد قتلوا بقتلك الإسلام)؟! فمشروع الإمام الحسين× لا زال يتحرَّك. وهؤلاء قتلوا الإسلام من حيث إن عامّة الأمّة ركضَتْ وراءهم. والإمام الحسين× فضح مشروع السقيفة بكلّ تفاصيله، ووضع خطّاً مائزاً بين النهج العلويّ ونهج السقيفة.

فالهدف الأوّل لمشروع الإمام الحسين× تحقَّق، ولكنّ مشروع الإمام الحسين× لم يحقِّق النصر إلى هذه اللحظة. إنه يتحرَّك، وعلينا أن نتحرَّك معه، لا أن نذعن لما يريده الشيطان، عبر القول: إن مشروع الإمام الحسين× حقَّق النصر، والأمّة أصلحت.

وأما قوله#: «وظهر بعدك التغيير والتبديل، والإلحاد والتعطيل» فهو ليس ما يطلق عليه الإلحاد في أيّامنا هذه، وهو إنكار وجود الله سبحانه وتعالى، بل المراد من الإلحاد هنا هو الإلحاد الذي تحدَّث عنه القرآن والأحاديث، وهو الإلحاد بحقّ محمّدٍ وآل محمد^.

2ـ عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب× أنه قال يوماً لحذيفة بن اليمان: «يا حذيفة…، فوالذي نفسُ عليٍّ بيده، لا تزال هذه الأمّة بعد قتل الحسين ابني في ضلالٍ وظلمة، وعسف وجَوْرٍ، واختلافٍ في الدين، وتغييرٍ وتبديل لما أنزل الله في كتابه، وإظهار البِدَع، وإبطال السُّنَن، واختلال وقياس مشتبهات، وترك محكماتٍ، حتى تنسلخ من الإسلام، وتدخل في العمى والتلدُّد والتسكُّع…»([10]).

فهذا هو حال الأمّة بعد استشهاد الامام الحسين×، بحَسَب أمير المؤمنين×.

3ـ عن رزين قال: قال أبو عبد الله×: «لمّا ضُرب الحسين بن عليّ’ بالسيف، فسقط رأسه، ثم ابتدر ليقطع رأسه، نادى منادٍ من بطنان العرش: ألا أيتها الأمّة المتحيِّرة، الضالّة بعد نبيِّها، لا وفَّقكم الله لأضحىً ولا لفطرٍ». قال: ثم ّقال أبو عبد الله×: «فلا جَرَم، واللهِ، ما وُفِّقوا ولا يوفَّقون حتّى يثأر ثائرُ الحسين×»([11]).

والإمام× بقوله: «لما ضُرب الحسين بن عليّ بالسيف، فسقط، ثمّ ابتدر ليقطع رأسه» يتحدَّث عن هذه الحادثة التي يرويها الطبري: «وحَمَل عليه في تلك الحال سنان بن أنس بن عمرو النخعيّ، فطعنه بالرمح، فوقع»([12]).

وأما قوله: «لا وفَّقكم الله لأضحىٍ ولا لفطرٍ» فالأضحى إشارةٌ إلى الحجّ، والفطر إشارةٌ إلى الصيام، وكلاهما يشيران إلى الصلاة، وإلى طقوس وتفاصيل الدِّين. وهذا هو الواقع حتّى يومنا هذا، فلا الحج حجٌّ في مواعيده، ولا الصيام صيامٌ في أيّامه، ولا العيد عيدٌ.

4ـ قال محمد بن أبي قرّة: نقلتُ من كتاب أبي جعفر محمد بن الحسين بن سفيان البزوفري(رضي الله عنه) هذا الدعاء، وذكر فيه أنه دعاءٌ لصاحب الزمان (صلوات الله عليه وعجَّل فرجه وفرجنا به)، ويستحبّ أن يُدْعَى به في الأعياد الأربعة: «…أين المُعَدّ لقطع دابر الظلمة؟ أين المنتظر لإقامة الأَمْت والعوج؟ أين المرتجى لإزالة الجَوْر والعدوان؟ أين المدَّخر لتجديد الفرائض والسُّنَن؟ أين المتخيَّر لإعادة الملّة والشريعة؟ أين المؤمَّل لإحياء الكتاب وحدوده؟ أين محيي معالم الدِّين وأهله؟ أين قاصم شوكة المعتدين؟ أين هادم أبنية الشرك والنِّفاق؟ أين مبيد أهل الفسق والعصيان؟ أين حاصد فروع الغيّ والشقاق؟ أين طامس آثار الزَّيْغ والأهواء؟ أين قاطع حبائل الكذب والافتراء؟ أين مبيد أهل العناد والمَرَدة؟ أين معزّ الأولياء ومذلّ الأعداء؟ أين جامع الكلمة على التقوى؟ أين باب الله الذي منه يؤتى؟ أين وجه الله الذي إليه تتوجَّه الأولياء؟ أين السبب المتَّصل بين الأرض والسماء؟ أين صاحب يوم الفتح وناشر راية الهدى؟ أين مؤلِّف شمل الصلاح والرضا؟ أين الطالب بذحول الأنبياء وأبناء الأنبياء؟ أين الطالب بدم المقتول بكربلاء…»([13])

فهذه الجُمَل ترسم لنا صورةً واضحةً عن الواقع السيِّئ. وهي منذ زمن استشهاد الإمام الحسين×، واستمر الحال السيِّئ، ولا زال الحال هو الحال. فأين الإصلاح الذي يتحدَّث عن أن الامام الحسين× قد انتصر، وقد حقَّق النصر، وتحقَّقت أهدافه، وأن الأمّة قد أصلح حالها؟!

5ـ من حديثٍ دار بين إمامنا السجّاد× وعمّته زينب÷، وهي تحدِّث عن أمير المؤمنين×، وأمير المؤمنين× يحدِّث عن رسول الله|، في اللحظات الأخيرة من حياته، يقول×: «…ولقد قال لنا رسول الله|، حين أخبرنا بهذا الخبر: إن إبليس في ذلك اليوم يطير فرحاً، فيجول الأرض كلَّها في شياطينه وعفاريته، فيقول: يا معشر الشياطين، قد أدرَكْنا من ذرِّية آدم الطلبة، وبلغنا في هلاكهم الغاية، وأورثناهم السوء إلاّ مَن ْاعتصم بهذه العصابة، فاجْعَلوا شغلكم بتشكيك الناس فيهم، وحملهم على عداوتهم، وإغرائهم بهم وبأوليائهم؛ حتّى تستحكم ضلالة الخلق وكفرهم، ولا ينجو منهم ناجٍ. ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ﴾، وهو كذوبٌ. إنه لا ينفع مع عداوتكم عملٌ صالح، ولا يضرّ مع محبتكم وموالاتكم ذنبٌ غير الكبائر». قال زائدة: ثمّ قال عليّ بن الحسين’، بعد أن حدَّثني بهذا الحديث: «خُذْه إليك. أما لو ضُربَتْ في طلبه آباط الإبل حَوْلاً لكان قليلاً…»([14]).

 وقوله: «أما لو ضربت في طلبه آباط الإبل حَوْلاً لكان قليلاً» أي إنك لو ضرَبْتَ آباط الإبل حَوْلاً كاملاً؛ كي تسرع بك لطلب هذا الحديث، لكان ذلك قليلاً.

وقول إبليس: «إلاّ مَنْ اعتصم بهذه العصابة» هؤلاء الذين سيكونون في سفينة الإمام الحسين×، والذين استُنْقِذوا بمشروع الإمام الحسين× من الضلالة وحَيْرة الجهالة، فاعتصموا بالعِتْرة؛ لأن مَنْ اعتصم بهم فقد اعتصم بالله عزَّ وجلَّ. والعصابة مجموعةٌ من الناس تتَّفق في آرائها، وتتَّحد في همومها وأفراحها وأتراحها، وتضرب بيدٍ واحدة.

وقول إبليس: «فاجعلوا شغلكم بتشكيك الناس فيهم، وحملهم على عداوتهم»، أي بتشكيك الناس في هذه المجموعة، التي تكون في سفينة الإمام الحسين×.

6ـ عن زرارة، عن أبي جعفر× قال: كتب الحسين بن عليٍّ من مكّة إلى محمد بن عليّ: «بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن عليٍّ إلى محمد بن عليٍّ ومَنْ قِبَله من بني هاشم، أما بعدُ فإن مَنْ لحق بي استشهد، ومَنْ لم يلحق بي لم يُدْرِك الفتح، والسلام»([15]).

والرسالة واضحةٌ، فهي تقول: إن مَنْ لحق بالإمام الحسين× يُستشهد، ولا يبقى على وجه الأرض؛ وإنّ مَنْ لم يلحق بالإمام الحسين× لم يدرك الفتح. فهناك فتحٌ، ولكنّ هذا الفتح يتحقَّق بعد الاستشهاد. وهذا الفتح هو الفتح في عصر الإمام المهديّ#؛ فإن الفتح إنْ لم يكن بمعنى النصر فهو أعلى رتبةً من النصر. قد يُطلق الفتح على النصر، ولكنْ لا يطلق النصر على الفتح؛ لأن الفتح أعلى رتبةً من النصر.

فالاستشهاد مع الامام الحسين× مقدّمةٌ للفتح. والإمام هنا ذكر كلمة «الفتح» معرَّفةً بالألف واللام، فهي عهديّةٌ، يعني هناك شيءٌ معهود في أذهان الذين اطَّلعوا على مبادئ وفكر أتباع مدرسة أهل البيت^، وهذا الفتح هو الفتح الذي يتحقَّق عمليّاً في ظهور الإمام المهديّ#.

وقد يقول قائلٌ: إن الفتح هنا يُراد منه الفتح المعنوي.

وجوابه: إن الفتح ليس معنويّاً، وإنما تأتي المعنويّات مع الفتح الواقعيّ الحسّي الملموس المرئيّ المسموع. فكما أن النصر هو أمرٌ واقعي ملموسٌ محسوسٌ مسموعٌ مرئيّ كذلك الفتح؛ فهو أعلى درجةً ورتبةً من النصر.

وسورة النصر واضحةٌ صريحةٌ في هذا المعنى؛ إذ يقول تعالى: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً﴾ (النصر: 1 ـ 3). فالنصر ذُكِرَ قبل الفتح. وهذا الترتيب يُشْعِر بأن الفتح أعلى رتبةً.

مع الإشارة إلى أنه ليس من الضروريّ دائماً أن يكون في الترتيب في الذكر في الكلام دلالةٌ على أن الذي ذُكِر أوّلاً هو أدنى رتبةً؛ فقد يكون بالعكس. ولكنْ هنا إذا نظَرْنا إلى بنية سورة النصر بالكامل فإنّ هذا الترتيب يُشْعِرُنا بهذه الحقيقة، وهي أن الفتح أعلى رتبةً من النصر.

وقوله: ﴿وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً﴾ يعني: وأنت حيٌّ ترزق رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً. فهناك أمرٌ محسوسٌ ملموسٌ مسموعٌ مرئيٌ متجسّدٌ في الواقع الخارجي، والذي يترتَّب على هذا: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ﴾.

فهذه عمليّةٌ محسوسةٌ ملموسةٌ، يختلط فيها الجانب المعنوي والمحسوس. ومن خلال كلّ هذه التفاصيل فإن النصر يكون أدنى رتبةً من الفتح إذا ما فهمنا السورة بهذا الفهم، وتعاملنا معها بالطريقة التي تعاملت بها مع السورة.

ويؤيِّد ذلك ما جاء عن أمير المؤمنين×: «وأما ما تأويله بعد تنزيله فالأمور التي حدثَتْ في عصر النبيّ| وبعده من غصبِ آل محمّدٍ حقَّهم، وما وعدهم الله به من النصر على أعدائهم، وما أخبر الله به من أخبار القائم وخروجه، وأخبار الرَّجْعة والساعة، في قوله ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ﴾ (المائدة: 6)؛ وقوله: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾ (النور: 55)، نزلت في القائم من آل محمد|، وقوله: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ﴾ (القصص: 5). «ومثلُه كثيرٌ، ممّا تأويله بعد تنزيله»([16]).

فرسالة النبيّ الاعظم| هي لجميع الناس كافّةً، وقوله: ﴿وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً﴾ يعني جميع الناس يدخلون في دين الله أفواجاً، من دون نفاقٍ. وهذا الأمر لم يتحقَّق في زمان رسول الله|، ولا في الأزمنة التي تلَتْ زمانه.

وعن محمد بن عمر بن عليّ، عن أبيه، عن جدّه× قال: «لمّا نزلت على النبيّ|: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ﴾ قال لي: يا عليّ، إنه قد جاء نصر الله والفتح، فإذا رأيْتَ الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبِّح بحمد ربِّك واستغفِرْه إنّه كان توّاباً. يا عليّ، إن الله قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي، كما كتب عليهم جهاد المشركين معي، فقلتُ: يا رسول الله، وما الفتنة التي كُتِبَ علينا فيها الجهاد؟ قال: فتنةُ قومٍ يشهدون أن لا إله إلاّ الله، وأني رسول الله، وهم مخالفون لسُنَّتي، وطاعنون في ديني. فقلتُ: فعلامَ نقاتلهم، يا رسول الله، وهم يشهدون أن لا إله إلاّ الله وأنك رسولُ الله؟ فقال: على إحداثهم في دينهم، وفراقهم لأمري، واستحلالهم دماء عترتي، قال: فقلتُ: يا رسول الله، إنك كنْتَ وعَدْتَني الشهادة، فسَلْ الله تعالى أن يعجِّلَها لي، فقال: أجل، قد كنْتُ وعَدْتُك الشهادة، فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذا، وأومى إلى رأسي ولحيتي؟ فقلتُ: يا رسول الله، أما إذا بيَّنت لي ما بيَّنت فليس بموطن صبرٍ، ولكنّه موطن بشرى وشكرٍ، فقال: أجل، فأعِدَّ للخصومة، فإنك مخاصِمٌ أمتي، قلتُ: يا رسول الله، أرشدني الفَلَج، قال: إذا رأيْتَ قوماً قد عدلوا عن الهدى إلى الضلال فخاصمهم؛ فإن الهدى من الله، والضلال من الشيطان. يا عليّ، إن الهدى هو اتّباع أمر الله، دون الهوى والرأي. وكأنّك بقومٍ قد تأوَّلوا القرآن، وأخذوا بالشبهات، واستحلّوا الخمر بالنبيذ، والبخس بالزكاة، والسُّحْت بالهديّة، قلتُ: يا رسول الله، فما هم إذا فعلوا ذلك، أهُمْ أهل ردّةٍ أم أهل فتنةٍ؟ قال: هم أهل فتنةٍ، يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل، فقلتُ: يا رسول الله، العدل منّا أم من غيرنا؟ فقال: بل منّا، بنا يفتح الله، وبنا يختم، وبنا ألَّف الله بين القلوب بعد الشرك، وبنا يؤلِّف الله بين القلوب بعد الفتنة، فقلتُ: الحمد لله على ما وَهَبَ لنا من فضله»([17]).

فالحديث عن عصر الإمام المهديّ#.

وقال×: «﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ﴾ قال: نزلت بمِنَى في حجّة الوداع إذا جاء نصر الله والفتح، فلمّا نزلت قال رسول الله|: نُعِيَتْ إليَّ نفسي، فجاء إلى مسجد الخيف، فجمع الناس، ثمّ قال: نصر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها، وبلَّغها مَنْ لم يسمعها؛ فرُبَّ حامل فقهٍ غير فقيهٍ، ورُبَّ حاملِ فقهٍ إلى مَنْ هو أفقه منه. ثلاث لا يغلّ عليه قلب امرئٍ مسلمٍ، إخلاص العمل لله؛ والنصيحة لأئمّة المسلمين؛ واللزوم لجماعتهم؛ فإن دعوتهم محيطةٌ من ورائهم. أيّها الناس، إني تاركٌ فيكم ثقلين، ما إنْ تمسَّكْتُم بهما لن تضلّوا، ولن تزلّوا: كتاب الله؛ وعترتي أهل بيتي؛ فإنه قد نبّأني اللطيف الخبير أنهما لن يتفرَّقا حتّى يَرِدَا عليَّ الحَوْض، كإصبعَيّ هاتين، وجمع بين سبّابتَيْه، ولا أقول: كهاتين، وجمع بين سبّابته والوسطى، فيفضل هذه على هذه»([18]).

فالسورة نزلَتْ في آخر أيّام حياة رسول الله|، في حجّة الوداع، ولم يكن هناك قتالٌ ولا حربٌ. إذن فالسورة تتحدَّث عن مرحلةٍ مستقبليّة.

فالناس لم يدخلوا جميعاً في دين محمّدٍ|، وهناك الكثير من المنافقين. ويحدِّثنا عن هذه الحقيقة قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ (المائدة: 67)؛ وما ذلك إلاّ لكثرة المنافقين. فالمنافقون الكُثُر، الذين لم يذعنوا لبيعة الغدير، وإنما بايعوا ظاهراً، وكانوا يخطِّطون لقتل رسول الله|، ولقتل عليٍّ أمير المؤمنين×، كما صرَّح بذلك القرآن الكريم([19])، والتفاصيل ذكَرَتْها لنا الروايات والأحاديث([20]).

 وأدلّ دليلٍ على ذلك ما حدث بعد وفاة رسول الله|، وكيف خالفت الأمّة نبيَّها؛ فإن هذا الأمر لم يكن هكذا ابتداءً بعد وفاة رسول الله|، بل كان له مقدّماتٌ كانت موجودةً في أيّام رسول الله|، وجاء هذا البرنامج تطبيقاً لصحيفةٍ كُتبَتْ أيّام النبيّ|. فعن أبي عبد الله× في قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (المجادلة: 7)، قال: «نزلت هذه الآية في فلان وفلان وأبي عبيدة الجرّاح وعبد الرحمن بن عوف وسالم مولى أبي حذيفة والمغيرة بن شعبة؛ حيث كتبوا الكتاب بينهم، وتعاهدوا وتوافقوا: لئن مضى محمّدٌ لا تكون الخلافة في بني هاشم، ولا النبوّة أبداً، فأنزل الله عزَّ وجلَّ فيهم هذه الآية. قال: قلتُ: قوله عزَّ وجلَّ: ﴿أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ (الزخرف: 79 ـ 80)؟ قال: وهاتان الآيتان نزلتا فيهم ذلك اليوم. قال أبو عبد الله×: لعلّك ترى أنه كان يومٌ يشبه يوم كُتب الكتاب، إلاّ يوم قتل الحسين×. وهكذا كان في سابق علم الله عزَّ وجلَّ، الذي أعلمه رسول الله|، أن إذا كُتب الكتاب قتل الحسين، وخرج المُلْكُ من بني هاشم، فقد كان ذلك كلّه»([21]).

فنحن إذا دقَّقْنا النظر في ألفاظ السورة ـ حتى من دون الرجوع إلى الأحاديث ـ نجد أن السورة ليس لها من تطبيقٍ على أرض الواقع، لا في زمان رسول الله|، ولا في الزمن الذي جاء بعد رسول الله|، وإلى يومنا هذا. وليس بالإمكان أن يتحقَّق هذا، بحَسَب المعطيات الموجودة على الأرض، إلاّ في عصر ظهور الإمام المهديّ# وما بعده.

فسورة النصر ترتبط بعصر ظهور الإمام المهديّ#؛ فهناك سيكون الفتح الأعظم، سيكون في الرجعة، ولذا سيكون لقب الإمام الحسين× «المنتصر»، وهو ما تشير إليه رواية جابر الجعفي قال: سمعتُ أبا جعفر× يقول: «واللهِ، ليملكَنَّ أهل البيت رجلٌ بعد موته ثلاثمائة سنةٍ ويزداد تسعاً، قلتُ: متى يكون ذلك؟ قال: بعد القائم×، قلتُ: وكم يقوم القائم في عالمه؟ قال: تسع عشرة سنة، ثم يخرج المنتصر إلى الدنيا، وهو الحسين×، فيطلب بدمه ودم أصحابه…، الخبر»([22]).

وإلى هذا يُشير رسول الله| في كلامه لأمير المؤمنين×، حين سأله أمير المؤمنين×، «فقلتُ: يا رسول الله، العدل منّا أم من غيرنا؟ فقال: بل منّا، بنا يفتح الله، وبنا يختم، وبنا ألَّف الله بين القلوب بعد الشرك، وبنا يؤلِّف الله بين القلوب بعد الفتنة، فقلتُ: الحمد لله على ما وَهَبَ لنا من فضله»([23]).

فالظنّ بأن السورة في فتح مكّة ضعيفٌ جداً. نعم، فتح مكّة فيه دلالةٌ سياسيةٌ عميقة، وفيه دلالةٌ اجتماعيةٌ عظيمةٌ في وقتها، وفيه ما فيه من الحَشْد الوجداني، وفيه ما فيه من الواقع المعنويّ الدينيّ. هناك مجموعةٌ كبيرة من المعطيات تحقَّقت وترسَّخت وظهرَتْ في فتح مكّة. ولكنّه فتحٌ محدود، كما تشير إلى ذلك جملةٌ من آيات الكتاب الكريم، وعلى سبيل المثال: قوله تعالى: ﴿وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾ (الصف: 13).

فنلاحظ عدّة أمور:

1ـ هناك فارقٌ في التعبير، وعنايةٌ بلاغيةٌ في التمييز بين هذه الآية وبين ما جاء في سورة النصر؛ ففي هذه الآية جاء هذا التعبير: ﴿نَصْرٌ مِنَ اللهِ﴾، يعني عطاءٌ من عطاء الله؛ بينما في سورة النصر جاءت هذه الصيغة: ﴿نَصْرُ اللهِ﴾، فالنصر هنا بالكامل منسوبٌ إلى الله.

2ـ إن الفتح في سورة الصفّ جاءَت منكَّرة، من دون تعريفٍ، ومنوَّنة، وموصوفة بصفة القرب. وهذا القرب قد يكون زمانيّاً؛ قد يكون مكانيّاً. قد يكون في ظروفٍ وملابساتٍ بسببها يُوصَف بهذا الوصف.

فهناك فارقٌ كبير ما بين ما جاء في سورة النصر وبين ما جاء في سورة الصفّ؛ ففي سورة النصر هناك قضيّةٌ عميقةٌ واسعةٌ قويّةٌ جدّاً؛ أما التعبير في سورة الصفّ فهو في مرتبةٍ أدنى.

نعم، يمكننا أن نطبِّق الصيغة التي جاءَتْ في سورة الصفّ: ﴿نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾ على زمان ظهور الإمام المهديّ#؛ فإن ظهور الإمام قريبٌ بمنظار أهل البيت^؛ لأننا حين نتعبَّد بانتظار الفرج فهذا يعني أن الفرج قريبٌ. وهذا هو معنى انتظار الفرج؛ إذ رُبَما نرى ـ وجدانيّاً ونفسيّاً ـ أن الفَرَج بعيدٌ، ولكنّ القلوب المخلصة، التي تكون عندها الغَيْبة بمنزلة المشاهدة، فإنها ترى الفَرَج قريباً. وأعظم الفَرَج انتظار الفَرَج؛ «فإن النبيّ| أوصى عليّاً×، فقال: يا عليّ، عليك بصلاة الليل (ثلاث مرّات). ومَنْ استخفّ بصلاة الليل فليس منّا. فاعمَلْ بوصيّتي، وَأْمُرْ جميع شيعتي حتّى يعملوا عليه. وعليك بالصبر وانتظار الفَرَج؛ فإن النبيّ| قال: أفضل أعمال أمّتي انتظار الفَرَج، ولا يزال شيعتنا في حزنٍ حتّى يظهر ولدي، الذي بشَّر به النبيّ| أنه يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما مُلئَتْ ظلماً وجَوْراً»([24]).

وتشير إلى ذلك رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر×، في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، فقالوا: لو نعلم ما هي لبذلنا فيها الأموال والأنفس والأولاد، فقال الله: ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾ (الصفّ: 11 ـ 13)، يعني في الدنيا بفتح القائم»([25]).

فالآية تتحدَّث عن نصرٍ وفتحٍ من الله بنحوٍ عامّ، لا بخصوصيّةٍ يتميَّز بها النصر والفتح، كالذي تحدَّثَتْ عنه سورة النصر. فكلُّ نصرٍ هو من الله، وكلُّ فتحٍ هو من الله.

فما كان في بدرٍ هو نصرٌ وفتحٌ، وما كان في خيبر هو نصرٌ وفتحٌ، وما كان في فتح مكّة هو نصرٌ وفتحٌ، ولكنْ بحيثيات وبلحاظات وبدرجات. وما سيكون عند ظهور الإمام المهديّ# هو ﴿نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾ أيضاً، ولكنْ إذا تكاملت المعاني فهناك يتكامل النصر، ويتكامل الفتح، في كلّ مراتبه. وهذا الفتح هو الذي يتحدَّث عنه الإمام الحسين× حين يقول: «أما بعدُ، فإنّ مَنْ لحق بي استُشهد، ومَنْ لم يلحق بي لم يدرك الفتح».

فليس هناك من نصرٍ على أرض الواقع، وإنّما هي بداياتٌ ومقدّماتٌ لتحقيق أهدافٍ قريبةٍ ومتوسطةٍ، حتّى يتحقَّق الهدف البعيد بنصرٍ وفتحٍ، وحتّى تتكامل المراحل بكلّها.

7ـ عن ميسر بن عبد العزيز، عن أبي جعفر× قال: «كتب الحسين بن عليٍّ’ إلى محمد بن عليٍّ×، من كربلاء: بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن عليٍّ’ إلى محمد بن عليٍّ ومَنْ قِبَله من بني هاشم، أما بعدُ، فكأنَّ الدنيا لم تكُنْ، وكأنَّ الآخرة لم تَزَلْ، والسلام»([26]).

الكتاب السابق كان من مكّة؛ لانها تمثِّل بداية عصر ظهور الإمام المهديّ#. وكربلاء نقطةٌ محوريةٌ في مراحل الظهور. فهذه الكتب لم تكتب هكذا من دون دقّةٍ. فنحن نتحدَّث عن الإمام الحسين×، صاحب المشروع الإلهيّ الأعظم، وعليه فإن اختيار الأزمنة والأمكنة لم يكُنْ جزافاً.

فالإمام الحسين× في هذا المقطع الزماني يقول: إننا لم نخطِّط لدنيا باقيةٍ، فلا الواقع السياسي، ولا الاجتماعي، ولا الديني، يعين على ذلك. وعليه، فإنّ هدفنا هو الهدف الأعظم لرسول الله|، والذي يتحقَّق في حصول مشروع الإمام المهديّ# الأعظم، ولا بُدَّ أن تكون لذلك مقدّمةٌ، وهي ما عبَّر عنها الإمام الحسين× في هذه الرواية، فبرنامجه هو برنامج الشهادة، فهو ومَنْ لحق به راحلون عن هذه الدنيا.

فنصرُ الإمام الحسين× لم يتحقَّق إلى الآن، وإنما مشروع الحسين يتحرَّك باتّجاه النصر، وطلائعُ نصره تكون عند ظهور الإمام المهديّ#؛ اذ المنتصر هو الذي يستردّ حقَّه وظلامته. علماً أننا هنا لا نتحدَّث عن حقٍّ شخصيّ، رغم وجوده. ولا نتحدَّث عن ظلامةٍ شخصيّةٍ، مع وجودها. إننا نتحدَّث عن مشروع الله. الله سبحانه وتعالى له مشروعٌ، وهو مشروع الخلافة الإلهيّة على الأرض. وهذا المشروع أُنيط بالإمام المهديّ#، بعدما انحرفت الأمّة، فصار المشروع الأوّل والأخير هو مشروع الإمام المهديّ#. ولكننا لا نستطيع تحقيقه إلاّ من خلال هذا المشروع العملاق، وهو مشروع الإمام الحسين×. فمشروع الإمام الحسين× له هَدَفٌ قريب، وهدفٌ متوسِّط، وهدفٌ بعيد. والهدفُ البعيد هو الهدف الأصل، وهو تحقيق مشروع الإمام المهديّ# على أرض الواقع.

خلاصةٌ واستنتاج

إن ما يطرح في أجواء الثقافة الحسينيّة المعاصرة، من شعار: «انتصار الدم على السيف»؛ أو «يظلم الإنسان كي ينتصر»، هذا الكلام إنْ أُريد منه المعنى الحقيقي التامّ الكامل فلا صحّة له، لا على أرض الواقع، ولا يتطابق ولا يتوافق مع منطق الكتاب والعترة في فهم مشروع الإمام الحسين×.

لكنْ إنْ أُريد من شعار «إن الدم ينتصر على السيف» تحقُّق بعض الأهداف، لا كلّ الأهداف التي لأجلها سُفكت الدماء؛ أو أن الشخص أو المجتمع حين يتَّخذ المظلومية سبيلاً لتحقيق أهدافه فإنه سينجح في بعضها أو في كلّها، فتتحقَّق الأهداف بنحوٍ جزئيّ أو بنحوٍ كلِّي، ويطلق على هذا النصر والانتصار، ويكون الإطلاق مجازيّاً، فحينئذٍ لا إشكال في الأمر.

وتأريخ البشرية حافلٌ بهذه الحقيقة، قبل الإسلام وبعد الإسلام. فلطالما تسفك الدماء في أيّ اتجاهٍ من الاتّجاهات. ولطالما تكون هناك مظلوميّاتٌ. وبسبب تلك الدماء أو بسبب تلك المظلوميّات قد تتحقَّق أهداف الذين سُفكَتْ دماؤهم، كلاًّ أو جزءاً، ولكنْ قَطْعاً من دون وجودهم. ولو كانوا موجودين فإنّ إدارتهم لتحقيق الأهداف قَطْعاً ستكون مختلفةً عن إدارة الذين يحقِّقون الأهداف بعد ذلك. وحينئذٍ فإن النصر بالمعنى الحقيقي لم يتحقَّق لهم. وكذلك إدارة الأهداف مثلما رسموا، ومثلما خطَّطوا، لم تتحقَّق. هي تحقَّقت بنحوٍ وبطريقةٍ أخرى، تنسجم مع الذي كانوا يتحدَّثون عنه، أو مع شعاراتهم التي رفعوها بحَسَب فَهْم الذين يحقِّقون أهدافهم على أرض الواقع.

فهذا المضمون الموجود في هذه المقولة: «انتصار الدم على السيف» إذا كان المراد منه هذا الفهم، وهو تحقيق بعض الأهداف أو كلّ الأهداف، وإطلاق النصر والانتصار من هذه الحيثية المجازيّة، فلا إشكال في ذلك. وهذا الكلام يكون صحيحاً، وقد يكون أيضاً في جملة آثار مشروع الإمام الحسين× على الواقع الإنسانيّ بشكلٍ عامّ، بغضّ النظر عن الانتماء الديني أو القومي أو العِرْقي، أو غير ذلك من العناوين التي يختلف فيها وحولها وعليها الناس.

قطعاً مشروع الإمام الحسين× كانت له العديد من الآثار والتأثيرات والترددات الكبيرة التي سبَّبها. فهناك تردُّداتٌ وانعكاساتٌ كثيرة. لكنّ هذا الكلام سيبقى في الحاشية. أما متن الحقيقة فهو الذي ذكَرْناه، وبيَّنته آيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، بتلك الحقيقة الناصعة البيِّنة، التي تقدَّم ذِكْرُها.

الهوامش

(*) أستاذُ التاريخ في مجمع الإمام الخمينيّ للدراسات العليا في قم. من العراق.

([1]) سيد قطب، في ظلال القرآن 6: 262 ـ 263، موقع التفاسير:

http://www.altafsir.com

([2]) يقول المرحوم الدكتور الشيخ أحمد الوائلي، مؤكِّداً على هذا الفهم:

يوم طلعت على الزمان وليدا *** سيظل ملء فم الزمان نشيدا

يمّمت يومك كالظماء *** بلفحة الصحراء تلتمس الغدير ورودا

فرأيتُ بين شروقه وغروبه *** صوراً تعزّ على النعوت حدودا

مثلت خيرها ومثل شرّها *** نفرٌ فكنتَ سماً وكان صعيدا

وإذا أراق اليوم زاكية الدما *** فغداً سترفعها الشعوب بنودا

فرأيتُكَ العملاق جيداً متلعاً *** ينعى على الأقزام تهطع جيدا

ورأيتُكَ الفكر الحصيف يشقّ *** أستار الغيوب ويستشفّ بعيدا

ورأيتُكَ النفس الكبيرة لم تكُنْ *** حتّى على مَنْ قاتلوك حقودا

فعلمْتُ أنك نائلٌ ما تبتغي *** حتماً وإن يك شلوك المقدودا

وبأن مَنْ قتلوك ودّوا عكسَ ما *** قد كان لو علموا المَدَى المقصودا

ظنّوا بأن قتل الحسينَ يزيدُهم *** لكنّما قتل الحسينُ يزيدا

https://forums.alkafeel.net/showthread.php?t=80081

وقال الأستاذ عبد الجليل الرفاعي:

ظنّوا بأن قتل الحسينَ يزيدُهم *** إن ابنَ آوى لن يكون هَصُورا

لكنّما قتل الحسينُ يزيدَهم *** ذِكْرُ ابن هندٍ قد غدا مبتورا

http://arabic.irib.ir/programs/item/10227

ويقول الشاعر المسيحي بولس سلامة:

مأتم القاتلين لا مأتم الـ *** قتلى يسيرون للخلود عجالا

http://www.alwasatnews.com/news/455651.html

([3]) حمزة بن محمد العلوي (إمامي ثقة)، عن عليّ بن إبراهيم (إمامي ثقة)، عن أبيه (إمامي ثقة)، عن محمد بن أبي عمير (إمامي ثقة)، عن عتيبة بيّاع القصب (إمامي ثقة).

([4]) جعفر بن محمد بن قولويه، كامل الزيارات: 279، تحقيق: الشيخ جواد القيومي، مؤسّسة النشر الإسلامي ـ مؤسّسة نشر الفقاهة، ط1، عيد الغدير 1417هـ.

([5]) تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي 2: 259، تحقيق وتصحيح وتعليق وتقديم: السيد طيب الموسوي الجزائري، منشورات مكتبة الهدى، 1387.

([6]) سعد بن عبد الله (إمامي ثقة)، عن أحمد بن محمد بن عيسى (إمامي ثقة)، عن محمد بن سنان (إمامي ثقة)، عن عليّ بن أبي حمزة (واقفي ثقة)، عن أبي بصير (إمامي ثقة).

([7]) كامل الزيارات: 134.

([8]) الشيخ الطوسي، مصباح المتهجِّد: 827، مؤسّسة فقه الشيعة، بيروت ـ لبنان، ط1، 1411هـ ـ 1991م.

([9]) محمد بن جعفر المشهدي، المزار: 505، تحقيق: جواد القيّومي الإصفهاني، مؤسّسة النشر الإسلامي ـ نشر القيوم، قم ـ إيران، ط1، رمضان المبارك 1419هـ.

([10]) ابن أبي زينب النعماني، الغيبة: 146، تحقيق: فارس حسّون كريم، منشورات أنوار الهدى، قم، ط1، 1422.

([11]) الشيخ الكليني، الكافي 4: 170، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية، طهران، ط3، 1367هـ.ش.

([12]) محمد بن جرير الطبري، تاريخ الطبري 4: 346، مراجعة وتصحيح وضبط: نخبة من العلماء الأجلاء، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان.

([13]) محمد بن جعفر المشهدي، المزار: 579.

([14]) كامل الزيارات: 444.

([15]) المصدر السابق: 158.

([16]) تفسير القمّي 1: 15.

([17]) الشيخ المفيد، الأمالي: 290، تحقيق: حسين الأستاد ولي وعلي أكبر الغفاري، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، ط2، 1414هـ ـ 1993م،.

([18]) تفسير القمّي 2: 447.

([19]) قوله تعالى: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾ (التوبة: 74).

([20]) عن مجاهد: كلمة الكفر قال أحدهم: لئن كان ما يقول محمد حقّاً لنحن شرٌّ من الحمير، فقال له رجلٌ من المؤمنين: إن ما قال لحقٌّ، ولأنت شرٌّ من حمارٍ، قال: فهَمَّ المنافقون بقتله، فذلك قوله: ﴿وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا﴾. محمد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن 10: 236، تقديم: الشيخ خليل الميس، ضبط وتوثيق وتخريج: صدقي جميل العطار، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1415هـ ـ 1995م،.

([21]) الكافي 8: 180.

([22]) حسن بن سليمان الحلّي، مختصر بصائر الدرجات: 49، منشورات المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف، ط1، 1370هـ ـ 1950م.

([23]) الشيخ المفيد، الأمالي: 290.

([24]) علي ابن بابويه القمّي، الإمامة والتبصرة: 21، تحقيق ونشر: مدرسة الإمام المهديّ×، قم المقدّسة، ط1، 1404هـ ـ 1363هـ.ش.

([25]) تفسير القمّي 2: 366.

([26]) كامل الزيارات: 158.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً