أحدث المقالات

الشيخ محمد اليعقوبي(*)

هذه قضيةٌ مهمّة؛ لما يترتّب على نفي نسب ابن الزنا من آثار قانونية وأخلاقية واجتماعية خطيرة، ويحوِّلهم إلى قنبلةٍ موقوتة في المجتمع، وخصوصاً مع ازدياد عددهم في المجتمعات البعيدة عن الدِّين، أو بسبب بعض الظروف الطارئة، كالاحتلال الأجنبي، وتسلُّط العصابات الإجرامية. وهنا نسأل: هل تترتَّب على ابن الزنا أحكام الوَلَديّة التي قرَّرها الشارع؟

وبتعبيرٍ آخر: هل أن المولود من الزنا يعتبر ابناً شرعاً، وتجري عليه أحكام الوَلَدية، مطلقاً أو جزئياً، أو لا تجري كلّها؛ استثناءً من ضابطة([1]) الأبوّة والأمومة التي قيلَتْ، وهي التولُّد من الماء.

والذي فتح باب هذا الاستثناء الرواياتُ التي دلَّتْ على عدم التوارث بين ابن الزنا ووالدَيْه، ففهم المشهور منها، ومن وجوهٍ أخرى سنذكرها، انتفاء نسب ابن الزنا شرعاً، بل حُكي الإجماع عليه، كما سيأتي في كلمات الأصحاب. لكنّهم جميعاً أجمعوا على حرمة نكاح الرجل من ابنته بالزنا، ونكاح المرأة من ابنها بالزنا، عدا شاذّاً لا يُعْبَأ به، وكلامُه قابلٌ للتوجيه، كما سيأتي إنْ شاء الله تعالى.

وهذا محلّ إجماع فقهاء العامة أيضاً؛ قال ابن قدامة في المغني: «ويحرم على الرجل نكاح بنته من الزنا وأخته وبنت ابنه وبنت بنته وبنت أخيه وأخته من الزنا، وهو قول عامّة الفقهاء.

وقال مالك؛ والشافعي، في المشهور من مذهبه: يجوز ذلك كلّه؛ لأنها أجنبيّةٌ منه، ولا تنسب إليه شرعاً، ولا يجري التوارث بينهما، ولا تعتق عليه إذا ملكها، ولا تلزمه نفقتها، فلم تحرم عليه كسائر الأجانب.

ولنا: قول الله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ﴾، وهذه بنتُه؛ فإنها أنثى مخلوقةٌ من مائه. هذه حقيقةٌ لا تختلف بالحلّ والحرمة ـ إلى أن قال ـ: ولأنها بضعةٌ منه فلم تحلّ له، كبنته من النكاح. وتخلُّف بعض الأحكام لا ينفي كونها بنتاً، كما لو تخلّف لرقٍّ أو اختلاف دينٍ»([2]).

أقول: كما ترى فإنه تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقية؛ لأن افتراض المتولِّدة من الزنا بنتاً له أوّل الكلام، فلا بُدَّ من إقامة الدليل، كأصالة عدم النقل عن المعنى اللغوي والعُرْفي، واعتبار عدم التوارث حكماً خاصاً.

ويمكن تقريب الردّ بناءً على مطلبٍ أصوليّ آخر: وهو عدم جواز إخراج ما زاد عن القدر المتيقَّن من الخاصّ من تحت العامّ إذا كانت فيه شبهةٌ مفهومية على نحو الأقلّ والأكثر. وعندنا هنا عمومات الحلّ، وقد خرج منها حرمة نكاح البنت، التي يدور أمرها بين الأقلّ ـ وهو المعنى الشرعي الذي يشترط لصدق الولد كون الوطء صحيحاً ـ والأكثر ـ وهو المعنى اللغوي الذي يكتفي بالتولُّد من الماء ـ، فتخرج البنت المولودة بالوطء الصحيح خاصّةً. ونتيجة هذا الأصل القول بالجواز، وسيأتي توجيهٌ بعدم منافاة المخالفين في التعليقة الثانية على كلام الشيخ&.

والظاهر أن الحكم جارٍ في مَنْ يتّصل بولد الزنا أيضاً، وإنْ لم يصرِّحوا به، قال المحقق النراقي&: «يثبت تحريم النكاح بالنسب من الزنا أيضاً في جميع الأنسباء المذكورين، وإنْ كان كلام الأكثر مخصوصاً بتحريم البنت الحاصلة من الزنا والابن الحاصل منه. ولكنّ الظاهر أن مرادهم التعميم، ولذا زاد بعضهم  ـ بعد ذكر البنت ـ قيد (مثلاً)»([3]).

ونعود الآن إلى بيان منشأ استثناء ولد الزنا من النَّسَب؛ فقد دلّت الروايات الكثيرة على عدم التوارث بين ابن الزنا ووالدَيْه، كصحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله× قال: «أيّما رجل وقع على وليدة قومٍ حراماً، ثمّ اشتراها، فادّعى ولدها، فإنه لا يورث منه شيء؛ فإن رسول الله| قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر، ولا يورث ولد الزنا إلاّ رجل يدّعي ابن وليدته»([4]).

ومكاتبة محمد بن الحسن الأشعري([5]) قال: «كتب بعضُ أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني×، معي، يسأله عن رجلٍ فجر بامرأة، ثمّ إنه تزوّجها بعد الحمل، فجاءت بولدٍ، وهو أشبه خلق الله به؟ فكتب بخطّه وخاتمه: الولد لغيّه لا يورث»([6])؛ لأنه يقطع بأنه من الزنا، وقد تزوَّجها بعد الحمل به.

ومن هنا انفتح أكثرُ من بابٍ لسؤال المشهور، والإشكال عليه:

1ـ ما وجه عدم جريان أحكام الوَلَدية الأخرى على ابن الزنا، والنصوص حَرَمَتْه من الميراث فقط؟

2ـ وإذا لم يكن ولداً شرعياً فلماذا أجمعوا على حرمة النكاح بين الزاني وبنته والزانية وولدها؟ وما وجه التفصيل حينئذٍ بين الحكم بحرمة النكاح، الذي أجمعوا عليه، وغيره من الأحكام، التي نفوها عن ابن الزنا؟

هذا مع اعتراف المشهور، فضلاً عن المخالفين له، بعدم وجود حقيقة شرعية للأبوّة والأمومة غير المعنى اللغوي والعُرْفي الذي حرَّرناه، والولد المتكوِّن من ماء الزاني والزانية هو ولدٌ لغةً وعُرْفاً، ولم يتصرَّف الشارع المقدَّس في المعنى الموضوع له؛ قال المحقِّق النراقي&: «إن المعتبر هو الأوّل ـ أي تحقُّق النسب بالصدق العُرْفي واللغوي وثبوت سائر الأحكام النَّسَبية ـ، بل لا حقيقة شرعية للنسبة، وأما انتفاء الأحكام الأُخَر ـ غير تحريم النكاح ـ فإنما هو بدليلٍ آخر، من إجماعٍ وغيره»([7]).

ولذا تعدَّدت الأقوال في المسألة:

1ـ انتفاء نسب ابن الزنا شرعاً، فلا تترتَّب عليه جميع الأحكام، ما عدا ما ذكرناه من حرمة النكاح. وهو القول المشهور، الذي ادُّعي عليه الإجماع، بل في كلام صاحب الجواهر الآتي أنه من الأحكام الضرورية المعلومة.

2ـ الإشكال على تفصيل المشهور، والعمل بالاحتياط؛ أو إجراء الأصول في كلّ موردٍ من هذه الأحكام بحَسَبه، كما في جامع المقاصد؛ وكما في العروة الوثقى في منع المتولِّد من زنا الهاشمي من زكاة غير الهاشمي.

3ـ جريان أحكام البنوّة على ابن الزنا، عدا ما خرج بدليلٍ، كالتوارث. وقد ذهب إلى هذا جمعٌ، كالسيد الخوئي والسيد البجنوردي، ويظهر من آخرين، كما سيأتي عند بيان الرأي المختار.

أما عند العامّة فقد حُكي الإجماع على انتفاء نسبه، «فلا يلحق الزاني نسب الولد عند الجمهور من المذاهب الثمانية وإنْ ادّعاه الزاني؛ لقوله|: «الولد للفراش وللعاهر الحجر»، أي إن الزاني لا يستحقّ إلاّ الحدّ، ولا يلحق به ولده؛ ولأن إلحاق الولد بالزاني إعانةٌ له على الزنا، ونحن مطالبون بسدّ الذرائع؛ صيانةً للأنساب»([8]).

لكنّ كلامهم في الميراث يناقض هذا، فقد قالوا: «لا توارث بين ابن الزنا وأبيه وقرابة أبيه بالإجماع، وإنما يرث بجهة الأمّ فقط؛ لأن نسبه من جهة الأب منقطعٌ، فلا يرث به، ومن جهة الأمّ ثابتٌ، فنسبه لأمّه قطعاً؛ لأن الشارع لم يعتبر الزنا طريقاً مشروعاً لإثبات النسب»([9]).

أقول: لو كان نسب ابن الزنا منتفياً لما كان هناك فرقٌ بين الزاني والزانية؛ فيظهر أن نفي النسب عن الأب خاصّةً لعدم العلم بتولُّده من مائه؛ لاحتمال تولُّده من ماء زانٍ آخر؛ أما الزانية فنقطع أنها أمه؛ لأنها حملَتْ به وولدته. فالزنا لا ينفي النسب إلاّ إذا اختلطت المياه. وهذه نظرةٌ دقيقة لما قيل من (انتفاء نسب ولد الزنا).

وما يمكن أن يستدلّ به على المشهور وجوهٌ، نعرضها باختصارٍ، ونَدَع التفاصيل إلى مناقشة كلمات الأصحاب:

1ـ الروايات الدالّة على عدم التوارث مع ابن الزنا.

بتقريب أن هذا الحكم دالٌّ على انتفاء النَّسَب بينهما شرعاً.

ويَرِدُ عليه: إن ابن الزنا ليس الممنوع الوحيد من الميراث، وإنما يُمْنَع القاتل وغيره، ولم يقُلْ أحدٌ بأنه سببٌ لانتفاء النسب. كما أن عدم توارث الزوجين بالمنقطع لا ينفي الزوجية بينهما. وهكذا. فعدم التوارث حكمٌ خاصّ.

نعم، يمكن أن يفرَّق بين المقام وهذه النقوض من جهة حرمان مَنْ يتّصل بابن الزنا من الميراث أيضاً، بينما لا يمنع منه الآخرون، ويختصّ المنع بالمباشر، وهو شاهدٌ على انقطاع النسب, لكنّ هذا لا يخرجه عن كونه حكماً خاصّاً، لا يمكن أن يستفاد منه انتفاء أحكام الوَلَدية، وخصوصاً مع ما سنذكره من الوجوه على اتّصافه بالعنوان.

2ـ قاعدة «الولد للفراش وللعاهر الحجر»، التي تضمَّنها الحديث النبوي الشريف المتواتر؛ فإن جزءها الثاني ينفي لحوق ولد الزنا بالنسب. قال في جامع المقاصد: «الظاهر من قوله|: «وللعاهر الحجر» أن «الزاني لا وَلَد له»([10]).

ويَرِدُ عليه ما ذكرناه عند مناقشة القاعدة في بحثٍ مستقلّ. وملخَّصه أنها واردةٌ لبيان الوظيفة العملية عند الشكّ في كون الولد من الفراش أم من الزنا؛ أما لو تعيَّن كونه من الزنا فإن الحديث لا ينفي نسبه، بل في صحيحة الحلبي([11]) ومكاتبة الأشعري([12]) تصريحٌ بعدم إلحاق الولد بالفراش إذا علم بكونه من الزنا، مع أنه نفس الرجل. وإن صحيحة محمد بن مسلم([13]) في الجارية التي حملت من المساحقة تصرِّح بأن الولد لصاحب الماء، مع عدم كون الجارية فراشاً له، فالفراش ليس شرطاً لإلحاق الولد.

ولو قلنا بأن هذا الجزء من الحديث مستقلٌّ بدلالته على انتفاء نسب ابن الزنا، ويعضده فهم هذا المعنى من روايات حرمانه من الميراث، فإنه يساوق القول بتأسيس حقيقةٍ شرعية، وتترتَّب عليها سائر الأحكام، ومنها: حلّية النكاح بينهما. وقد نفَوْا وجود هذه الحقيقة الشرعية، كما تقدَّم.

وهذا هو منشأ الإشكال الذي أشَرْنا إليه قبل قليلٍ، وسننقل كلماتهم في ذلك. قال الشهيد الثاني&: «ويشكل بأن المعتبر إنْ كان هو صدق الولد لغةً لزم ثبوت باقي الأحكام المترتِّبة على الولد، كإباحة النظر، وعتقه على القريب، وتحريم حليلته، وعدم القود من الوالد بقتله، وغير ذلك؛ وإنْ كان المعتبر لحوقه به شرعاً فاللازم انتفاء الجميع. فالتفصيلُ غيرُ واضحٍ. ولكنْ يظهر من جماعةٍ من علمائنا ـ منهم: العلاّمة في التذكرة، وولده في الشرح، وغيرهما ـ أن التحريم إجماعيٌّ، فيثبت بذلك. وتبقى الأحكام الباقية على أصلها، وحيث لا يلحق نسبه، ولا يسمّى ولداً شرعاً، لا يلحقه تلك الأحكام»([14]).

والخلاصة أن قاعدة الفراش إنما تدلّ على انتفاء نسب ابن الزنا من الزاني إذا كانت المرأة صاحبة زوجٍ، وبينهما فراشٌ يحتمل تكوُّن الولد منه.

3ـ الإجماع الذي حكاه جماعةٌ؛ قال الشيخ في المبسوط: «ولا يلحق الزاني بلا خلافٍ»([15])؛ وقال المحقِّق الكركي&: «وأما الزنا فلا يثبت به النَّسَب إجماعاً»([16]).

وزاد صاحب الجواهر بدعوى ضروريّته ومعلوميّته من النصوص، قال&: «وكيف كان فلا يثبت النسب مع الزنا؛ إجماعاً بقسمَيْه، بل يمكن دعوى ضروريّته، فضلاً عن دعوى معلوميّته من النصوص أو تواترها فيه. فلو زنى فانخلق من مائه ولدٌ على الجزم لم ينسب إليه شرعاً على وجهٍ يلحقه الأحكام، وكذا بالنسبة إلى أمّه»([17]).

ويَرِدُ عليه:

1ـ إنه يلزم منه قبح تخصيص الأكثر، حيث اعترفوا بأن ابن الزنا ولدٌ لغة وعُرْفاً، إلاّ أنهم نفَوْا عنه كلّ أحكام الوَلَدية، غير حرمة النكاح.

2ـ يمكن تصوير الإجماع على خلاف هذا؛ لإجماعهم على حرمة النكاح بين الزاني والزانية وأبنائهما من الزنا، وهذا يعني أنهم أولادٌ، فحَرُم نكاحهم.

3ـ صغروياً بعدم تحقُّقه؛ حيث ناقش الأصحاب في ما هو أَوْلى من هذا المورد بالإجماع، وهو ما ذكره المحقِّق النراقي& في كلامه المتقدِّم آنفاً؛ وقال الشهيد الثاني في المسالك، في ذيل كلامه المتقدِّم، معلِّقاً على تفصيل المشهور: «فتخصيص الحكم بتحريم النكاح ممّا لا وجه له، سوى ادّعاء بعضهم الإجماع عليه، وهو كما ترى»([18]).

4ـ كبروياً باحتمال كونه مَدْركياً، مستنداً إلى النصوص الدالّة على عدم التوارث؛ وبعدم العلم باتّصال هذا الإجماع إلى عصر الإمام×؛ ليكون كاشفاً عن قول المعصوم.

بل قد يُدّعى ارتكاز العكس، أي انتساب ابن الزنا إلى الزاني، لذا احتاج حرمان ابن الزنا من الميراث إلى بيانٍ، ولو وُجد مثل هذا الإجماع أو الارتكاز المتشرِّعي على انتفاء نسب ابن الزنا شرعاً لما احتاج حرمانه من الميراث إلى بيانٍ.

الاستدلال على قول المشهور بأصالة العموم

نعم، يمكن أن نقرِّب قول المشهور بناءً على مطلبٍ أصوليّ، وهو إمكان التمسُّك بأصالة العموم لنفي التخصيص عند دَوَران الأمر بين التخصُّص والتخصيص. ومثاله: لو قال المولى: أكرم العلماء، ثمّ قال: لا تكرم زيداً، وشَكَكْنا بأن خروج زيد تخصُّصٌ؛ لأنه ليس من العلماء، أو تخصيصٌ؛ لأنه من العلماء، ولكنه فاسقٌ مثلاً، والمولى لا يريد تكريم الفسّاق.

وتترتَّب عليه ثمرةٌ حاصلها: إنه بناءً على كون خروجه تخصيصاً فإنه تترتّب عليه سائر أحكام موضوع العامّ، وهم العلماء، عدا وجوب إكرامه؛ أما إذا خرج تخصُّصاً فلا تجري فيه كلُّ أحكام العلماء، وليس فقط وجوب إكرامه.

وتطبيقُ القاعدة في المقام؛ للاستدلال على قول المشهور، بما يلي: عندنا عامٌّ يوجب توريث الأولاد، مثل: ﴿يُوصِيكُمُ اللهُ في أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ﴾، والروايات كثيرةٌ، وورد خاصٌّ: «ابن الزنا لا يورث»، وقد شَكَكْنا في أن خروج ابن الزنا من عموم التوريث بالتخصُّص، ومعناه انتفاء نسبه مطلقاً، وإن حرمانه من الميراث لأنه ليس ابناً أصلاً، فلا تترتَّب عليه كلُّ أحكام البنوّة، كما يذهب إليه المشهور، أو بالتخصيص، أي إنه ابنٌ، وتترتَّب عليه كلُّ أحكام البنوّة، إلا أنه خرج من خصوص حكم التوريث وما ثبت نفيُه بدليلٍ، فهنا نتمسَّك بأصالة العموم؛ لنفي التخصيص، ونقول: لو كان ابنُ الزنا ابناً شرعياً لورث، فما دام محروماً من الميراث فهو ليس بولدٍ.

ويحسُن نقل المثال إلى هذا المطلب في علم الأصول، مضافاً إلى مثالهم المتداول في كتب الأصول، وهو طهارة ماء الاستنجاء([19])، الذي توجد أدلّةٌ على طهارته، والبحث فيه فقهيّ؛ ليساهم كلٌّ من العِلْمين في ترصين وتطوير الآخر.

وقد حكى السيد الحكيم، في الحقائق، عن الشيخ الأنصاري& وبعض مَنْ تأخَّر عنه من المحقِّقين، إمكان التمسُّك بأصالة العموم لنفي التخصيص، «بل قيل: إنه جرى دَيْدَنهم عليه في الاستدلالات الفقهية»([20]). ووصفه السيد الخوئي بأنه «المعروف في الألسنة»([21]). فيمكن في المثال نفي كون زيد من العلماء، ونفي خروجه بالتخصيص، ويثبت التخصُّص، وهو أنه ليس فرد الموضوع أصلاً؛ لأنه لو كان زيدٌ من العلماء لوجب إكرامه ـ بحَسَب تحليل قضية العامّ ـ، فما دام لم يجب إكرامه فهو ليس من العلماء، كما في قولنا: «كلّ ماء سائلٌ»، فإذا وُجد شيءٌ ليس بسائلٍ فلا يمكن أن يكون ماءً؛ لأنه خُلْف القضية الكلّية.

قال الشهيد الصدر& في تقريبه: «إن مقتضى أصالة العموم أو الإطلاق في القضية الكلّية ثبوت عكس نقيضها، وهو انتفاء موضوعها عند انتفاء محمولها، فإذا ثبت بدليلٍ انتفاء المحمول في موردٍ ثبت بالملازمة انتفاء الموضوع، وهو معنى التخصُّص.

وإنْ شئتَ قلتَ: إن كلّ قضيةٍ حقيقية وإنْ كانت حمليةً إلاّ أنها في قوّة قضيةٍ شرطية، مفادها: إنه كلما صدق الموضوع ثبت المحمول، وانتفاء الشرط عند انتفاء الجزاء لازمٌ عقليّ لا محالة، فإذا ثبت بدليلٍ انتفاؤه ثبت انتفاء الموضوع.

وهذا المدلول وإنْ كان التزامياً بالنسبة لظهور العامّ أو المطلق، إلاّ أن المفروض حجِّية مثبتات الظهور؛ لكونه من الأمارات، وعدم اختصاص حجِّيته بالمداليل المطابقية خاصّة»([22]).

أقول: يلزم على هذا التقريب عدّة لوازم لا يقولون بها:

1ـ نفي وجود التخصيص، واعتبار كلّ فردٍ خارج من حكم العامّ هو من باب التخصُّص؛ لأن مقتضى الملازمة التي ذكروها أن كلّ فردٍ غير محكوم بحكم العام فهو خارجٌ من موضوعه مطلقاً، وليس في حالة الشكّ فقط. وهذه النتيجة خلاف ما تبانَوْا عليه من وجود التخصيص.

2ـ جواز التمسُّك بالعامّ قبل الفحص عن المخصِّص؛ لأن حكم العامّ لا يخرج عنه إلاّ ما خرج من عنوانه، فالفحص يكون عن الموضوع وأفراده، لا الحكم وتخصيصه.

وقد أشكل المحقِّق صاحب الكفاية([23]) ومَنْ جاء بعده من المحقِّقين على جواز العمل بهذه القاعدة؛ لأن أصالة العموم من الأصول اللفظية التي يرجع إليها عند الشكّ في مراد المتكلِّم، كما لو علمنا بدخول فردٍ في العامّ، وشَكَكْنا في شمول حكمه له؛ لخروجه بالخاصّ مثلاً، فهنا نأخذ بأصالة العموم، ونحكم على هذا الفرد بحكم العامّ، والمقام ليس من هذا القبيل؛ لأننا نجزم بخروج زيدٍ من وجوب الإكرام، وابن الزنا من حكم التوريث، فلا يصح التمسُّك بأصالة العموم، فلا تكون حجّةً، فضلاً عن مثبتاتها.

لكنّ هذا الردّ لا يكفي؛ إذ يمكن تصوير المسألة على أنها شكٌّ في المراد، باعتبار أننا نشكّ أن العامّ المجعول في عالم الثبوت في مثل: ﴿يُوصِيكُمُ اللهُ في أَوْلاَدِكُمْ﴾ هل هو الابن المتولِّد من ماء الرجل والمرأة عدا ما كان من الزنا، بأن يكون مقيَّداً بقيدٍ يُخرج ابن الزنا عن موضوع العامّ، فيثبت التخصُّص، أم أنه ليس مقيَّداً به، وأن المراد هو المعنى اللغوي والعُرْفي الذي يكتفي بالتولُّد من مائه، فيمكن هنا التمسُّك بأصالة العموم والإطلاق؛ لإثبات إطلاق الجعل وعدم أخذ قيدٍ فيه، ولازمُه العقلي ثبوت التخصيص في ذلك الفرد؟

وبالعودة إلى تقريب الاستدلال على صحّة التمسُّك بأصالة العموم فقد قالوا: بأنه قد بُرْهِن في محلّه على أن صدق عكس النقيض من لوازم صدق القضية، فإذا صحَّ قولنا: «كلّ إنسان حيوان» فلا بُدَّ أن يصحّ «كلّ ما ليس بحيوان فهو ليس إنساناً»؛ لأن الأصول اللفظية من قبيل: الظواهر، وهي داخلةٌ في الأمارات. والأماراتُ حجّةٌ في مداليلها المطابقية، وكذلك هي حجّةٌ في مداليلها الالتزامية، وتثبت بها لوازمها الشرعية والعقلية والعادية، فيكون العموم دائماً دالاًّ بالالتزام على أن كلّ ما لا يكون محكوماً بحكمه ليس من أفراده، فما دام إكرامُ زيدٍ غير واجب فهو ليس من العلماء، وما دام ابن الزنا غير محكومٍ بحكم العامّ، وهو توريث الأولاد، فهو ليس ولداً.

وقد أجاب صاحب الكفاية& عن هذا الإشكال بما بيَّنه بعضُ تلامذته، قائلاً: «إنه وإنْ اشتهر أن المثبت من الأمارات حجّة، بمعنى أن الأمارات تكون حجّةً في المدلول الالتزامي، إلاّ أنه ليس ذلك بنحو الكلّية، بل يختلف باختلاف مقدار دلالة دليل الحجِّية؛ فإذا كان مطلقاً كان مقتضياً للحجِّية على اللازم مطلقاً؛ وإنْ كان مهملاً اقتصر على المتيقَّن من دلالته. وحيث إن دليل حجِّية الظهور بناء العقلاء، الذي هو من الأدلة اللُّبِّية كان اللازم الاقتصار على المتيقَّن من دلالته، ولم يثبت بناء العقلاء على حجِّية الظهور بالإضافة إلى عكس نقيض القضية، فلا يحكم بحجِّيته فيه، بل يرجع إلى أصالة عدم الحجِّية. ونظيره: اليد وأصالة الصحّة، بناءً على أنهما من الأمارات، فإنهما لا يكونان حجّةً على لوازم المِلْكِية والصحّة»([24]).

ويَرِدُ عليه: إن شمول حجّية الظواهر للوازمها من القدر المتيقَّن، وإن العقلاء يبنون على ذلك. فكما أن السيرة ثبتت على ما لو علمنا بدخول زيدٍ في العامّ، إلاّ أننا شَكَكْنا في خروجه منه بالتخصيص، فنتمسَّك هنا بشمول العامّ له، فكذلك إذا تحقَّقت الملازمة في ما نحن فيه فإن حجِّيتها ثابتةٌ، وإلاّ فإن سؤالاً يُثار عن سبب تفريق العقلاء في الحجّة بين الموردين، مع أن بناءهم في حجِّية الأمارات على نكتةٍ واحدة، وهي الكشف والطريقية. «وحينئذٍ تكون كاشفية هذا الدليل عن الموجبة الكلّية وعن عكس النقيض بنفس القوّة، بعد فرض التلازم بينهما»([25]).

ولم يتعرَّض أحدٌ لهذا السؤال وجوابه، إلاّ ما حكاه الشهيد الصدر& عن المحقِّق العراقي([26]). وملخَّصه: إن التمسُّك بأصالة العموم لإثبات التخصُّص يعني أننا نرجع إلى المولى في حلّ شبهةٍ موضوعية ـ حيث نثبت بها جزئية هذا الفرد من عنوان العامّ ـ، وهي ليست من وظائفه، وهي عين نكتة عدم جواز التمسُّك بالعامّ في الشبهة المصداقية.

لكنّ السيد الشهيد الصدر& قال عن هذه النكتة: إنها غيرُ صحيحةٍ، و«إن التبعيض في الحجِّية بالنسبة لبعض المداليل وإنْ كان معقولاً ثبوتاً، لكنْ هو خلاف المرتكز العقلائي؛ فالأمارية نسبتُها إلى كلّ المداليل على حدٍّ واحد»([27]). ثم أفاض في تحقيق ذلك، وذكر صوراً يصحّ كلام المحقِّق العراقي على بعضها.

وأرى أن يُقال بأن حلّ الشبهة الموضوعية وإنْ لم يكن من وظائف المولى، أي لا يجب عليه، إلاّ أنه يجوز له ذلك، ولا مانع منه إذا اقتضت الحاجة، كما في الموضوعات المستنبطة. ونظير ذلك: وظائف الفقيه؛ فإنها لا تشمل الفحص عن الموضوع، إلاّ أنه يقوم بذلك أحياناً؛ لأمرٍ ما، ككونه من أهل الخبرة أو وكيلاً عن المكلَّف؛ لعجزه، ونحو ذلك. ويكون الجواز أوضح في ما لو كان هذا البيان يأتي بدلالةٍ التزامية، وليس من نفس الخطاب.

الرأي المختار

والصحيحُ في الردّ على جواز التمسُّك بأصالة العموم لإثبات التخصُّص أن يُقال: إن القضايا التي بنَوْا عليها برهانهم في الملازمة بالصدق بين الموجبة الكلّية وبين عكس النقيض هي قضايا خارجية واقعية تكوينية، كقضية «كلّ ماء سائل» و«كلّ إنسان حيوان»، وهي تتّصف بالكلّية، لكنّها تختلف في طبيعتها عن قضايا الأحكام الشرعية، التي هي قضايا اعتبارية، وكلِّيتها بيد المعتبر، فتقبل هذه من عدم الملازمة ما لا تقبله تلك.

وبتعبيرٍ آخر: إن صياغة القضايا الشرعية على نحو الكلّية أمرٌ غير صحيح على إطلاقه؛ لاحتمال خروج أفراد منها بالتخصيص، بل إن أكثر الأحكام كذلك، لذا اشتهر عنهم قولهم: «ما من عامٍّ إلاّ وقد خُصَّ». وباختصارٍ: ما دام احتمال التخصيص موجوداً فإن عكس النقيض لا يمكن الجزم بصحّته؛ لاحتمال خروجه بالتخصيص، فلا يصحّ أن نقول: «ما دام إكرامُ زيدٍ غير واجب فهو ليس من العلماء»؛ لاحتمال تخصيصه لأمرٍ ما، فنكتة صدق عكس النقيض غير متحقِّقة.

فلا توجد عندنا في المسألة محلّ البحث كبرى كلّية بعنوان: «كلّ ولدٍ يرث»، حتّى يُقال: إن عكس نقيضها: «كلّ مَنْ لم يرث فهو ليس بولدٍ»؛ لأن عمومات ﴿يُوصِيكُمُ اللهُ في أَوْلاَدِكُمْ﴾ مخصَّصة بعدم المانع من الميراث، كالكفر أو القتل أو الحاجب، كحجب الولد المباشر لولد الولد.

فيُمكن أن يقال هنا: إن الولادة من الزنا مانعٌ من الميراث، كبقية الموانع، فيكون خروج ابن الزنا بالتخصيص.

لذا لو أمكن إثبات أن قضية العامّ كبرى كلّية، وهو العامّ الذي يصفونه بأنه آبٍ عن التخصيص، فإنه يمكن التمسُّك بأصالة العموم؛ لإثبات التخصُّص؛ لأن هذا الظهور يحقِّق صغرى الملازمة، التي هي ثابتةٌ على أيّ حالٍ. فالصحيح القول بالتفصيل، ولا يمكن القول في هذه المسألة بالجواز وعدمه على الإطلاق.

بيانُ ذلك: إنه (تارةً) يمكن استظهار خروج الفرد على نحو التخصُّص، كما لو استعمل المولى لفظاً صريحاً في العموم، قويّ الدلالة على الشمول لتمام أفراده، بحيث يكون آبياً عن التخصيص، كما لو قال: بِعْ جميع كتبي، ثمّ قال: لا تَبِعْ الكتاب الفلاني، فيظهر من ذلك أن هذا الكتاب ليس من كتبه، وإنما هو وقفٌ أو إعارة مثلاً. ووجه الظهور أنه لو كان من كتبه لكان من غير اللائق استعمالُ لفظ (جميع)، إذ يستلزم هذا الاستثناء كذب أحد لوازم صدق القضية؛ لأن لازم بيع جميع الكتب عدم كون ما لا يجب بيعه من كتبه، إلاّ أن يتّصل المخصِّص بالعام، لكنْ لو قال: بِعْ كتبي، واستثنى، فإن المورد يكون قابلاً للتخصيص، ولا تتحقَّق هذه النكتة، التي لم يلتفت إليها السيد الخوئي&، حيث تعاطى مع المثال المذكور كغيره([28])، ولم يُشِرْ إلى هذا التفصيل.

كما يمكن (تارةً أخرى) استظهار خروج الفرد على نحو التخصيص، عندما يكون إطلاق الخاصّ من القوة بحيث إنه حتّى لو كان الفرد المشكوك داخلاً في موضوع العامّ فإنه يخرجه منه. ومقامُنا من هذا القبيل؛ فإن أدلة عدم توريث ابن الزنا من القوّة والوضوح بحيث تمنعه من ذلك، حتّى لو كان ابناً شرعاً، وليس فقط لغةً وعُرْفاً.

لكنّ هاتين النتيجتين من الاستدلال تحتاجان إلى التمسُّك بالظهور في المرتبة السابقة على التمسُّك بأصالة العموم.

فالصحيحُ في ردّ هذا التقريب المذكور لقول المشهور أن يُقال:

إن السبب هو عدم كلّية الكبرى، وليس عدم صدق الملازمة بين صدق القضية وصدق عكس نقيضها.

وبتعبيرٍ آخر: إن عدم صحّة إثبات خروج الفرد بالتخصُّص ليس من جهة عدم صحّة الملازمة، وإنما لأن كلِّية الكبرى غير تامّة.

مضافاً إلى ما قلناه من قوّة إطلاق الخاصّ ـ وهو عدم توريث ابن الزنا ـ، وإخراجه الفرد المشكوك من حكم العامّ بالتخصيص، مطلقاً وعلى أيّ حالٍ.

فائدةٌ

تقدَّمت منّا في بعض الأبحاث السابقة([29]) فكرةٌ، مفادُها: إن كلّ تخصيصٍ يرجع في الحقيقة إلى التخصُّص؛ لأن استثناء الخاصّ ـ كزيدٍ ـ من العامّ ـ كوجوب إكرام كلّ عالمٍ ـ لا بُدَّ أن يكون لنكتةٍ، ككونه ليس متّقياً، وإلاّ لو كان زيدٌ كبقية العلماء، لا يختلف عنهم بشيءٍ، فإن إخراجه من حكم العامّ سيكون عَبَثياً. وحينئذٍ يكشف هذا الاستثناء عن كون موضوع العامّ ليس مطلق العلماء، وإنما بقيد التقوى. ونتيجة ذلك أن موضوع العامّ هم العلماء المتّقون. وفي ضوء هذه النتيجة يكون خروج زيدٍ من هذا الموضوع تخصُّصاً.

 

الهوامش

(*) مرجعٌ دينيّ، وأحد فقهاء حوزة النجف. له مؤلَّفاتٌ عدّة في مجال الدراسات الشرعيّة. من العراق.

([1]) حرَّرنا هذه الضابطة في بحثٍ مستقلّ.

([2]) ابن قدامة، المغني 7: 485، النكاح.

([3]) مستند الشيعة 16: 223.

([4]) وسائل الشيعة 26: 274، أبواب ميراث ولد الملاعنة، باب 8، ح1 و2.

([5]) الأشعري مجهولٌ، إلا أنه يمكن تصحيح الرواية باعتبار أن بعض الرواة عنه، كالحسين بن سعيد وعلي بن مهزيار، من أجلاّء الأصحاب، وهم لا ينقلون عن الأشعري نيل حظوة كتابة الإمام× له بخطّه وخاتمه إلاّ إذا كان عندهم اطمئنانٌ بصدقه.

([6]) وسائل الشيعة 26: 274، أبواب ميراث ولد الملاعنة، باب 8، ح1 و2.

([7]) مستند الشيعة 16: 222.

([8]) موسوعة الفقه الإسلامي والقضايا المعاصرة 13: 607.

([9]) موسوعة الفقه الإسلامي والقضايا المعاصرة 9: 421.

([10]) جامع المقاصد 12: 192.

([11]) صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله× قال: «إذا كان للرجل منكم الجارية يطؤها، فيعتقها، فاعتدّت، ونكحت، فإنْ وضعت لخمسة أشهرٍ فإنه من مولاها الذي أعتقها، وإنْ وضعت بعدما تزوّجت لستّة أشهر فإنه لزوجها الأخير». (وسائل الشيعة 21: 174، أبواب نكاح العبيد، باب 58، ح1).

([12]) مكاتبة محمد بن الحسن الأشعري قال: كتب بعضُ أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني×، معي، يسأله عن رجلٍ فجر بامرأةٍ، ثمّ إنه تزوجها بعد الحمل، فجاءت بولدٍ، وهو أشبه خلق الله به؟ فكتب بخطّه وخاتمه: «الولد لغيّه لا يورث». (وسائل الشيعة 26: 274، أبواب ميراث ولد الملاعنة، باب 8، ح2).

([13]) صحيحة محمد بن مسلم قال: سمعتُ أبا جعفر وأبا عبد الله’ يقولان: «بينما الحسن بن عليّ في مجلس أمير المؤمنين×، إذ أقبل قومٌ، فقالوا: يا أبا محمد، أرَدْنا أمير المؤمنين، قال: وما حاجتكم؟ قالوا: أرَدْنا أن نسأله عن مسألةٍ، قال: وما هي؟ تخبرونا بها؟ قالوا: امرأةٌ جامعها زوجها، فلما قام عنها قامَتْ بحَمْوَته (حموة الشيء شدّته وسورته) فوقعت على جاريةٍ بكر، فساحقتها، فوقعت (فألقت ل خ) النطفة فيها، فحملت، فما تقول في هذا؟ فقال الحسن: معضلة وأبو الحسن لها، وأقول، فإنْ أصبتُ فمن الله ومن أمير المؤمنين، وإنْ أخطأتُ فمن نفسي، فأرجو أن لا أخطئ إنْ شاء الله: يعمد إلى المرأة فيؤخذ منها مهر الجارية البكر في أوّل وهلةٍ؛ لأن الولد لا يخرج منها حتّى تشقّ فتذهب عذرتها، ثمّ ترجم المرأة؛ لأنها محصنةٌ، وينتظر بالجارية حتّى تضع ما في بطنها، ويُرَدّ الولد إلى أبيه صاحب النطفة، ثمّ تجلد الجارية الحدّ. قال: فانصرف القوم من عند الحسن×، فلقوا أمير المؤمنين×، قال: ما قلتُم لأبي محمد؟ وما قال لكم؟ فأخبروه، فقال: لو أنني المسؤول ما كان عندي فيها أكثر ممّا قال ابني». (وسائل الشيعة 28: 168، أبواب حدّ السحق والقيادة، باب 3، ح1. ومثلها عدّة روايات في نفس الباب).

([14]) مسالك الأفهام 7: 202.

([15]) المبسوط 5: 307.

([16]) جامع المقاصد 12: 190.

([17]) جواهر الكلام 29: 256.

([18]) مسالك الأفهام 7: 202.

([19]) موسوعة السيد الخوئي 46: 391.

([20]) السيد الحكيم، حقائق الأصول 1: 514.

([21]) موسوعة السيد الخوئي 46: 391.

([22]) بحوث في علم الأصول 3: 353.

([23]) كفاية الأصول: 225، مؤسّسة آل البيت^، بعنوان: «بقي شيءٌ».

([24]) حقائق الأصول 1: 514.

([25]) الشيخ حسن عبد الساتر، تقريرات الشهيد الصدر 7: 291.

([26]) العراقي، مقالات الأصول 1: 152 ـ 154 (عنه).

([27]) الشيخ حسن عبد الساتر، تقريرات الشهيد الصدر 7: 293.

([28]) موسوعة السيد الخوئي 46: 393؛ السيد محمود الهاشمي، بحوث في علم الأصول (تقريرات الشهيد الصدر) 3: 353.

([29]) فقه الخلاف 5: 322، ط1، مسألة (حكم الصلاة في عرفة لمَنْ أقام بمكّة).

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً